أطفال على قارعة الموت

الحروب والجوع ظاهرة تفتك بالبراعم البشرية

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: ليس من المستغرب أن تمر على الإنسان، اليوم، الكثير من المشاكل والاضطرابات وهو يعيش في عصر أصيب بتخمة الحروب والصراعات، والتهالك على المصالح الآنية، دون العودة إلى العقل والتفكر وحساب المنطق السليم، إنما المستغرب "حقاً"  في هذا الأمر، هو جر الأطفال والمراهقين إلى هذه التناحرات العنيفة ومشاركتهم الرجال والبالغين ما يجري في العالم من أحداث دامية، وجعلهم جرءً منه، فبدلاً من اعتبار الأطفال "استثناءً" من دائرة العنف التي تدور رحاها في مختلف بقاع العالم، تجدهم في خطوط القتال الأولى أو وسيلة من وسائل التنظيمات الإرهابية وعصابات الإجرام تارةً، وأول من يموت جوعاً في الأزمات والأكثر عرضة للتحرش والاغتصاب وبيع الأعضاء تارة أخرى، ومن هذا الواقع المرير جاءت التوصيات والتحذيرات الأممية بضرورة عودة الإنسان إلى ذاته ومكافحة هذه الظاهرة البائسة بعزل الصغار عن ويلات الكبار. 

على قارعة خطر

فمن المحتمل أن يتعرض ما لا يقل عن 500،000 طفل يعانون من سوء التغذية في المناطق المتضررة من الجفاف في القرن الإفريقي لخطر الموت إذا لم تصل إليهم مساعدات فورية، كما حذر أنتوني ليك، المدير التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وهؤلاء الأطفال هم الذين يعانون من سوء التغذية الحاد والشديد، وتشمل الأعراض السريرية الظاهرة عليهم تورم في الساقين أو القدمين أو الوجه ناجم عن نقص حاد في البروتين"، ومن المرجح أن تزداد هذه الأزمة حدة خلال الأشهر الستة المقبلة أو نحو ذلك،" كما قال ليك في مؤتمر صحفي عُقد في نيروبي يوم 17 يوليو، في ختام زيارة لمنطقة توركانا التي تقع شمال غرب البلاد، وداداب، موطن الآلاف من اللاجئين الصوماليين في الشمال الشرقي، وأضاف ليك قائلاً "لقد تحدثت إلى أم كانت تطعم طفلها نواة ثمرة النخيل المطحونة، التي لا تحتوي على أية قيمة غذائية على الإطلاق، وتبللها في فمها لأن مياه الآبار المحلية أصبحت مالحة"، وقد تم تسجيل معدل سوء تغذية حاد عام GAM بنسبة 37 بالمائة في توركان، وتعد نسبة سوء التغذية الحاد العام التي تتخطى 10 بالمائة من حالات الطوارئ، وفي جميع أنحاء القرن الإفريقي، يحتاج ما لا يقل عن 10.7 مليون شخص في جيبوتي وكينيا وإثيوبيا والصومال إلى مساعدات إنسانية عاجلة بسبب الجفاف، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وفي الصومال، يستمر الآلاف بالفرار من البلاد أو التوجه إلى العاصمة مقديشو، كما يعبر حوالي 3،200 لاجئ صومالي الحدود إلى كينيا وإثيوبيا يومي، وقال جستين فورسايث، الرئيس التنفيذي لمنظمة إنقاذ الطفولة في المملكة المتحدة "على مدى الأيام القليلة الماضية، رأيت بأم عيني معاناة هائلة يسببها الجفاف في مخيم اللاجئين في داداب وفي جميع أرجاء شمال كيني، لقد كان أفراد الأسر التي قابلتها بحاجة ماسة إلى الغذاء والماء، ونحن نعرف أن الوضع في الصومال أسوأ من هذا".

وقد رحبت المنظمات الإنسانية بالبيان الذي أصدرته مؤخراً حركة الشباب الإسلامية المعارضة في الصومال، حول إتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الجنوبية الوسطى من البلاد، وقال ليك أن هذا "سوف يساعدنا على تكثيف الدعم"، وأضاف أن اليونيسف نقلت جواً في 13 يوليو مساعدات غذائية طارئة وإمدادات المياه إلى بيداوا بجنوب الصومال، لأول مرة منذ أكثر من عامين، وفي مقديشو، يساعد الأطباء المتواجدون مع بعثة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في الصومال (أميسوم) على التصدي لتفشي الحصبة في مخيم للنازحين بسبب الجفاف، كما وصل نحو 9،300 شخص كانوا قد فروا من منازلهم في المناطق الوسطى والجنوبية إلى مقديشو في شهر يونيو، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقال الكولونيل كاموراري كاتويكييري، رئيس التعاون المدني العسكري في بعثة الاتحاد الإفريقي "إن الاحتياجات كبيرة، ونحن لا نملك إلا القيام بتدخلات طارئة صغيرة، نأمل أن تستفيد المنظمات الإنسانية من تحسن الوضع الأمني وتأتي لإغاثة الشعب الصومالي"، إنه لشيء فظيع أن يموت طفل في عالمنا اليوم بسبب نقص الغذاء، وفي كينيا، تشكو المجتمعات المحلية المجاورة لمخيمات اللاجئين من الاهتمام باللاجئين الصوماليين، على الرغم من أنها ليست أفضل حالاً منهم، وقال ليك "إنهم "المتضررون من الجفاف" يعانون مما يشبه عاصفة عاتية بسبب الجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص الإمدادات الغذائية، إن هؤلاء الناس يعيشون على الحافة في جميع الأحوال، هذه المسألة لا تتعلق فقط بمجرد تهديد الحياة، بل بتهديد طريقة العيش"، وقد كان تأثير الجفاف على المجتمعات الرعوية في المناطق القاحلة وشبه القاحلة في إثيوبيا وكينيا والصومال هو الأشد، وتعهد أندرو ميتشل وزير التنمية الدولية البريطاني في 17 يوليو بتقديم 52.25 مليون جنيه استرليني (84 مليون دولار) في صورة مساعدات طارئة لما لا يقل عن مليون شخص في كينيا وإثيوبيا والصومال، وستُضاف هذه المساعدات إلى الدعم السابق المُقدم إلى 1.36 شخص في إثيوبيا، والذي تم الإعلان عنه في 3 يوليو، كما أطلقت الحكومة الإثيوبية نداءً في 11 يوليو قائلة أن هناك ما لا يقل عن 4.56 مليون شخص متضرر من الجفاف بحاجة إلى المساعدة، وسيتم تخصيص المساعدات النقدية البريطانية الجديدة لبرامج الوقاية من حالات سوء التغذية وعلاجها وتحسين رعاية اللاجئين في مخيمات داداب في كينيا ودولو ادو في إثيوبي، ودعا ميتشل لمشاركة دولية أكبر في حل أزمة القرن الإفريقي، قائلاً أن هناك حاجة لمنع تحول هذه المصيبة إلى كارثة، وأوضح بالقول "إنه لشيء فظيع أن يموت طفل في عالمنا اليوم بسبب نقص الغذاء.

العراق بالنسبة للأطفال

الى ذلك حولت عقود من الحرب والعقوبات الدولية العراق إلى أحد أسوأ الأماكن بالنسبة للأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ يعاني نحو 3.5 مليون طفل من الفقر و1.5 مليون طفل تحت سن الخامسة من سوء التغذية بينما يموت 100 رضيع يومياً في البلاد، وفقاً لتحذيرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وقال اسكندر خان، ممثل اليونيسف في العراق المنتهية ولايته، في مقابلة مع بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق يوم 30 يونيو، أن الحكومة قادرة على فعل المزيد من أجل الأطفال ويتوجب عليها القيام بذلك، وأوضح اسكندر قائلاً "تقع على عاتق الحكومة مسؤولية دعم الآباء من خلال الاستثمار في مجالي الصحة والتعليم وغيرهما من الاحتياجات الأساسية لجميع الأطفال، كما يمكن للحكومة المركزية أن تتخذ خطوة هامة عن طريق ضخ استثمارات إضافية لرعاية الأطفال الأكثر حرماناً". وأضاف أنه من غير المرجح أن يحقق العراق معظم الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية، والتي يتعلق ستة منها بالأطفال، حيث قال "لسوء الحظ، وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة، يبقى تحقيق معظم هذه الأهداف في العراق بحلول عام 2015 بعيد المنال"، ومن أجل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، ينبغي أن يحصل أكثر من 400،000 طفل عراقي يعانون من سوء التغذية على الغذاء الكافي، كما ينبغي أن يتم تسجيل ما يقرب من 700،000 طفل في المدارس، بالإضافة إلى ذلك، يتعين على البلاد خفض معدل وفيات الأطفال بمقدار 100،000 طفل، وتوفير مرافق صرف صحي لائقة لنحو ثلاثة ملايين غيرهم، وقال خان "هذه ليست مجرد إحصاءات، فوراء كل احصائية هناك طفل يعاني في صمت،" مضيفاً أن "تحقيق هذه الأهداف ممكن إذا تمكن العراق من التركيز على أكثر من أربعة ملايين طفل هم الأكثر حرماناً".

ويتم استغلال الأطفال العراقيين لأغراض الحرب، حيث يتم تجنيدهم من قبل الجماعات المسلحة للقتال والتجسس والاستكشاف ونقل الإمدادات والمعدات العسكرية وتصوير الهجمات على شرائط فيديو لأغراض الدعاية وزرع المتفجرات، وفقاً لتقرير أعده الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يغطي الفترة من يناير 2008 إلى ديسمبر 2010، كما يتم استخدامهم في عمليات انتحارية لأنهم أقل إثارة للشك ويمكنهم التنقل بسهولة عبر نقاط التفتيش الأمنية، كما أشار التقرير إلى أنه من الصعب التأكد بدقة من عدد للأطفال المشتركين في جميع هذه الأنشطة، وأضاف أن الأطفال يُستخدمون أيضاً لجذب قوات الأمن إلى الكمائن، ففي أغسطس 2010، دخل مسلحون أحد المنازل في السعدية، شمال بغداد، وقتلوا ثلاثة أشخاص، وأرسلوا طفلين يبلغان من العمر 10 و12 عاماً، لإبلاغ قوات الأمن العراقية عن الهجوم، وقبل وصول الجيش والشرطة العراقية، تم زرع متفجرات في المنزل تسببت في مقتل ثمانية جنود وجرح أربعة آخرين، وفي عام 2008، قُتل حوالي 376 طفلاً وجُرح 1،594 آخرين، بينما شهد عام 2009 مقتل 362 طفلاً وإصابة 1،044 غيرهم، وفي عام 2010، قُتل ما لا يقل عن 194 طفلاً وأصيب 232 بجروح خلال الصراع، معظمهم في محافظات بغداد وديالى ونينوى، والتهديد الآخر للأطفال الذي حدده التقرير هو المتفجرات من مختلفات الحرب التي تحصد الأرواح وتتسبب في الإصابة بعد فترة طويلة من انتهاء العمليات القتالية، وتشير التقديرات إلى أنه لا يزال هناك 2.66 مليون قنبلة عنقودية صغيرة و20 مليون لغم على الأراضي العراقية، تلوث مساحة قدرها 1،700 كيلومتر مربع، ويعود العديد منها إلى زمن الصراعات السابقة، مثل الحرب بين إيران والعراق في ثمانينيات القرن الماضي وحرب الخليج الأولى.

أحداث سوريا

من جهتهم ينشغل الجميع في سورية بمتابعة ما يحدث في البلاد بقلق وغضب ونفاذ صبر، وتعيش الشوارع في غير محافظة حركة غير معتادة، شوارع مهجورة وأخرى حاشدة، عائلات ثكلى وأخرى خائفة بينما ينصرف الناس عن متع كثيرة اعتادوا الإدمان عليه، فلا وقت للمطاعم ولا للتسوق، حتى اللافتات الإعلانية التي غالباً ما تعلن عن سهرات غنائية لمناسبات عدة تكاد تكون معدومة، أمور كثيرة تغيرت في الشهور القليلة المنصرمة، ووسط صخب هذا التغيير يتبعثر أطفال الشوارع بكثافة غير مسبوقة ويفترشون طرق العاصمة وغيرها من المحافظات عند إشارات المرور أو في زوايا الحارات، لكنهم يبدون غير آبهين برجال الشرطة ولا بالعقوبة، وهم يعرفون أن الجميع تناساهم، وشهدت الفترة الماضية صدور أكثر من مرسوم عفو عن الجنح والجرائم شملت هذه الفئة من الأطفال، الذين يعاملون كأحداث جانحين وفق القانون السوري، وغالباً ما يحالون على المعاهد الإصلاحية أو دور التسول والتشرد في محاولة لإبعادهم عن الشارع وتزويدهم بمأوى وبرنامج إصلاحي يفترض أن ينتهي بإعادتهم إلى المدرسة، أو تعليمهم حرفة أو صنعة يكسبون منها العيش بما يمكنهم من اللحاق بمستقبلهم الضائع، وعلى ما يبدو شغلت الأزمة الجميع، حتى السلطات المختصة لم تعد تتابع أوضاع هؤلاء الأطفال، فباتوا يواجهون بأجسادهم النحيلة الأخطار في الشوارع، علماً أن كثيرين منهم وجدوا في القدوم إلى العاصمة خياراً أنسب بدل البقاء في المحافظات التي تشهد أحداثاً ساخنة، لكنهم أمعنوا في سلوكهم المرفوض فتراهم إلى جانب تسولهم يتشاجرون بعنف ويقومون بأفعال منافية للأخلاق في الحدائق العامة وعلى مرأى من الجميع، يطمئنهم الإهمال وإنشغال السلطات عنهم، وعلى رغم شيوع مصطلح أطفال الشوارع، لا يوجد بعد إتفاق على تعريف محدد لهؤلاء، وغالباً ما يتناولهم القانون بأوصاف أخرى أقل عمومية وأكثر دقة مثل الأحداث أو المشردين أو المتسولين أو المتسربين من المدرسة، هم في النهاية أطفال يعيشون باستمرار في الشوارع أو يزاولون مهناً هامشية، بعضهم على اتصال بأسرته ويسكن معها وآخرون على علاقة واهية جداً بأسرهم، وقسم ثالث قد يكون يتيماً أو لقيطاً ولم يجد طريقه إلى ميتم أو مأوى أو دار للقطاء، بيته الشارع حيث يعيش ويعمل وينام وينتمي.

ويختص قانون الأحداث الجانحين وقانون العقوبات السوري بتنظيم أمور معظم فئات أطفال الشوارع، إذ يفرض إما تسليم هؤلاء إلى أهلهم أو تطبيق التدابير الإصلاحية عليهم.يعاني الأطفال أوقات الأزمات والنزاعات والحروب ألماً عميقاً ويعـيشون مخاطر عدة لكونهم لا يزالون في طور النمو ومن دون خبرة حـياتـيـة، بل يعتمدون في كثير من شؤونهم على الكبار ولا يستطيعون دائماً التعبير بصـورة دقـيـقة عمـا يدور في دواخلهم بل يخــتزنون الألم ويـجـسـدون القلق والضيق الذي يعيـشونه، جراء أحداث غير مألوفة مثل صوت الرصاص والمشاهد التلفزيونية أو المباشرة للعنف، والأهم أنهم يعانون إهمالاً خطراً قد يفضي إلى نتـائج تـنـال مـن مـستقبلهم وحتى حياتهم، وتبقى فئات أكثر عرضة للخطر والاستغلال، مثل أطفال الشوارع والأيتام واللقطاء والأحداث الجانحين، الذين يحتاجون إلى حماية مضاعفة في مثل هذه الأوقات، إذ غالباً ما تُستغل هشاشة وضعهم والظروف الخطرة وغير المستقرة التي يعيشونها من دون أهل أو بيت أو أي موارد، ليصبحوا بسهولة في زمن الأزمة أو الفوضى ضحايا تحرش جنسي مثلاً أو إتجار منظم، وهنا تبرز ضرورة بناء شبكة لحماية هؤلاء، يؤدي فيها المجتمع المحلي دوراً مهماً في تحديد الحاجات وتنظيم الاستجابات الأفضل للوقاية وإعادة التأهيل، على رغم صعوبة وصول الجمعيات الأهلية والناشطين إلى هذه الفئات في أوقات الأزمات، لكونهم يصبحون خارج دائرة الإهتمام، وقد رصدت أخيراً الصحف المحلية حوادث توثق الإهمال الذي يتعرض له هؤلاء الأطفال مثل «وفاة طفل مشرد دهساً بسيارة مجهولة»، و «طفل شارع يعتدي جنسياً على طفل أصغر قد لا يتجاوز عشر سنوات»، ويذكر أن الأطفال يتمتعون، وفق اتفاقية حقوق الطفل للعام 1989 التي صادقت عليها غالبية بلدان العالم، بالحق بحماية خاصة والنمو الجسمي والعقلي والروحي الطبيعي السليم الآمن في جو عائلي، وتعتبر مصلحة الطفل العليا هي الأساس في التدابير والاجراءات المتخذة على هذا الصعيد، كما تكفل الاتفاقية حق الأطفال بالحماية من كل أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال بما في ذلك الإساءة الجنسية.

العنف في اليمن

من جهة اخرى قد يؤدي استمرار القتال في مناطق مختلفة من اليمن، والذي تسبب في نزوح الآلاف من الأشخاص في الآونة الأخيرة، خصوصاً في محافظة أبين ومديرية أرحب بمحافظة صنعاء، إلى تفاقم الوضع الغذائي للمتضررين، وخاصة منهم الأطفال، وفقاً لتحذيرات صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وأوضحت اليونيسيف أنه من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات الاعتلال والوفيات، خصوصاً بين الأطفال دون سن الخامسة، كما حذر غيرت كابيليري، ممثل لليونيسيف في اليمن، من احتمال تحول "اليمن إلى صومال آخر في المستقبل بسبب معدلات سوء التغذية لدى أطفال اليمن المشابهة لتلك المسجلة في منطقة القرن الأفريقي"، وأوضح أن النزوح زاد من تفاقم حالة سوء التغذية التي كان يعاني منها العديد من الأطفال في اليمن سابق، وفي هذا السياق، توصلت دراسة أجرتها بعض منظمات الإغاثة مؤخراً في مديريات حرض وبكيل المير ومستباء بمحافظة حجة، إلى أن سوء التغذية الحاد الشامل (GAM) بين الأطفال دون سن الخامسة يصل إلى نسبة 39 بالمائة، وأن 8.5 بالمائة من تلك الحالات تعاني من سوء تغذية حاد شديد، ويتم حساب سوء التغذية الحاد الشامل (GAM) بحساب النسبة المئوية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات، والذين يعانون من سوء تغذية يتراوح بين معتدل وحاد. بحسب ايرين.

ويفوق معدل انتشار سوء التغذية بين الذكور نسبة انتشاره بين الإناث، حيث يبلغ انتشاره بين الذكور 44.9 بالمائة مقارنة بـ 32.7 بالمائة بين الفتيات، كما توصل المسح، الذي شمل الأسر النازحة المقيمة داخل وخارج المخيمات بالإضافة إلى المجتمعات المضيفة، إلى أن مستويات سوء التغذية الحاد أعلى بين الأطفال النازحين (39.7 بالمائة) مقارنة بأطفال المجتمعات المضيفة والمناطق المحيطة بها (34.7 بالمائة)، ووفقاً لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في 16 أغسطس عن الوضع في البلاد، فإن "المستويات الأولية التي تم الإبلاغ عنها في ما يخص سوء التغذية الحاد الشامل (GAM) تبعث على القلق وتتجاوز عتبة الطوارئ، مما يدل على أن الوضع يتدهور رغم التدخلات الحالية في حرض منذ ديسمبر 2009"، واشتكت الأسر المحلية التي فرت من محافظة أبين من الصعوبات التي تواجهها لإطعام أطفاله، حيث قالت أم نازحة في إحدى المدارس في مديرية المنصورة بمحافظة عدن (المجاورة لأبين) "يعاني ابني زيد، البالغ من العمر عامين، من تناقص وزنه يوماً بعد يوم منذ أن أُصيب بإسهال قبل أسبوعين، كما أنه يعاني من الجفاف والقيء وفقدان الشهية، ولا يطلب سوى الماء ليروي حلقه"، وكانت أم زيد قد فقدت طفلتها في الشهر الماضي ولم تكن قد تجاوزت الثالثة من عمره، وتعتبر أسرة أم زيد واحدة من عدة مئات من الأسر التي فرت من محافظة أبين، التي تشهد مواجهات في الحرب الدائرة بين القوات الحكومية والمقاتلين الإسلاميين منذ 28 مايو.

وحسب تقرير لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية، بلغ العدد الإجمالي للنازحين من محافظة أبين حتى الآن حوالي 100،000 شخص، من جهتها، أخبرت شيماء خالد، وهي ممرضة متطوعة في المدرسة التي تُستخدم الآن لإيواء النازحين، أن زيداً يعاني من سوء التغذية المزمن، مضيفة أن "والدته تعاني من نقص الوزن وفقر الدم نتيجة لنقص التغذية، فكيف يمكن لأم تعاني من نقص التغذية أن تربي طفلاً سليماً؟"، وأضافت شيماء أنها صادفت خلال عملها التطوعي في المدرسة العديد من الأمهات المصابات بنقص التغذية واللاتي يعاني أطفالهن من سوء التغذية، ويؤكد عمال الإغاثة أنهم يحاولون تقديم المساعدة، حيث قال محمد الإبي، مدير مكتب اليونيسف في عدن، "لقد أسسنا مركزين للتغذية العلاجية في اثنين من المستشفيات التابعة للحكومة، أحدهما مستشفى الوحدة في عدن والثاني مستشفى ابن خلدون في لحج "محافظة مجاورة لأبين"، من أجل علاج الأطفال النازحين الذين يعانون من سوء التغذية، ويتم تقديم غذاء "بلامبي نات" للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بعد التشخيص السليم"، وكان المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI) قد ذكر في ديسمبر 2010، أن معدل انتشار سوء التغذية بين الأطفال في اليمن يعد من أعلى المعدلات في جميع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقي، كما يعاني اليمن أيضاً من أحد أعلى معدلات وفيات الأمهات في العالم، حيث تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 365 من كل 100،000 أم في سن الإنجاب تلقى حتفها أثناء المخاض والولادة، وتزيد المعتقدات التقليدية من تفاقم الوضع، حيث يتم، مثلاً، الاحتفاظ بأفضل الأطعمة للأب في حين تكتفي النساء والأطفال بتناول أغذية ذات قيمة غذائية أقل أو انتظار أن يأكل الجميع لتناول ما تبقى من طعام، وترى حليمة المقطري، أخصائية تغذية لدى الجمعية الخيرية للرعاية الاجتماعية، وهي منظمة غير حكومية محلية في عدن، أن "هذه العادة، بالإضافة إلى الفقر والأمية، هي المسؤولة عن انتشار سوء التغذية بين النساء والأطفال.

اطفال فلسطين

من جانبها انتقدت جماعة "بتسيلم الاسرائيلية" لحقوق الانسان الحكومة الاسرائيلية بسبب اعتقالها اطفالا فلسطينيين احيانا لا يتجاوز عمرهم 12 عام، وتمنع المحاكم المدنية الاسرائيلية اعتقال الاطفال دون سن 14 عاما، الا ان الاطفال الفلسطينيين الذين يقبض عليهم في الضفة الغربية يحاكمون غالبا امام محاكم عسكرية، وتقول بتسيلم ان الاطفال غالبا ما تصدر ضدهم احكام بالسجن لشهرين، ومعظمهم يقبض عليه لالقائه الحجارة على الجنود الاسرائيليين، ويقول الجيش الاسرائيلي ان هؤلاء الاطفال يستغلون من قبل "جماعات ارهابية"، ووصف الجيش تقرير بتسيلم بانه "غير متوازن" ويفتقد الى "تفاصيل حيثيات الاحكام والردع الناجم عنها"، وتحتل اسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ عام 1967، ويقول تقرير بتسيلم ان المحاكم العسكرية الاسرائيلية تنتهك حقوق الصغار الفلسطينيين، ويذكر التقرير انه من بين 835 طفل فلسطيني القي القبض عليهم ما بين 2005 و2010 لم يفرج سوى عن طفل واحد فقط، ويضيف انه في السنوات الست الماضية حكم على 19 طفلا فلسطينيا في سن 12 او 13 عاما باحكام بالسجن لشهرين بعد ادانتهم بالقاء الحجارة على الجنود الاسرائيليين، ويقول التقرير ان كثيرا من الاطفال الفلسطينيين يتعرضون للضغط للاقرار بالذنب كي يحكم عليهم باحكام مخففة، وفي رده على التقرير قال الجيش الاسرائيلي ان القاء الحجارة عمل اجرامي يمكن ان يسبب الاصابة او ضرر الممتلكات، واشار الجيش ايضا الى انشاء محكمة خاصة للاحداث في الضفة الغربية قبل عامين حيث "اولى القضاة اهتماما بقضية حقوق الاحداث.

الفاتيكان متهم بالتمويه

من جانب اخر رفض الفاتيكان الاتهامات التي وجهها له رئيس الوزراء الإيرلندي إندا كيني بإحباط محاولات للإبلاغ عن قساوسة ارتكبوا الإيذاء الجنسي بحق أطفال، ويأتي ذلك بعد نشر تقرير كلوين الدامغ الذي كشف عن كيفية التغطية على اتهامات بالإيذاء الجنسي من قبل قساوسة في مدينة كورك بجمهورية إيرلندة، واتهم كيني في خطاب لها أمام البرلمان الكنيسة بإيلاء سمعتها أولوية على حساب ضحايا الإيذاء الجنسي، وكان الفاتيكان قد أعرب عن "شعوره بالأسف والخزي" إزاء الفضيحة لكنه أضاف أنه "لا أساس من الصحة لتلك الاتهامات"، ونفى الفاتيكان أن يكون البابا قد أعاق أو حاول التدخل في التحقيق في حالات الإيذاء الجنسي لأطفال في أبرشية كلوين كما جاء في التقرير الصادر عن لجنة التحقيق، واضاف في رد تفصيلي على أن الحبر الأعظم لم يسع في أي وقت من الأوقات للتدخل في القانون المدني الإيرلندي أو إعاقة السلطات المدنية عن القيام بواجباته، وكان كيني قد قال أمام البرلمان إن نتائج التحقيق قد أظهرت مدى الحاجة الماسة إلى إحداث تغيير، وأصدر البرلمان الإيرلندي بعد ذلك قرارا ندد فيه بقيام الحبر الأعظم بتقويض "أطر حماية الطفل" بعد إرساله رسالة إلى اساقفة إيرلنديين يبدو وكأنه يقلص الإرشادات الإيرلندية حول الإبلاغ عن حالات الإيذاء الجنسي بالإشارة إليها على أنها "إرشادات دراسية"، وكان تقرير كلوين الصادر في تموز/أيلول الماضي قد توصل إلى أن الأسقف جون ماغيه الذي استقال من منصبه في آذار/مارس عام 2009 كأسقف أبرشية كلوين قد أعلم الحكومة ودوائر الصحة في بلاده كذبا أن أبرشيته تقوم بإبلاغ السلطات عن جميع حالات الإيذاء الجنسي، كما وجدت لجنة التحقيق أن الأسقف قد ضلل عمدا لجنة تحقيق أخرى وعددا من مستشاريه بروايتين مختلفتين عن تفاصيل اجتماع أجراه مع قسيس تم وقفه عن العمل بسبب إيذاء طفل، برواية للفاتيكان وأخرى لأرشيف الأبرشية.

الامراض الجسدية

بدورها أكدت دراسات ألمانية أن العنف ضد الأطفال لا يؤثر بالسلب على نفسيتهم فقط بل يزيد من خطر إصابتهم بأمراض جسدية فيما بعد، وعن ذلك قال البروفيسور الألماني يوهانيز كروزه خلال المنتدى الألماني للطب النفسي إن الطفل الذي يساء معاملته في سن مبكرة أو يتعدى عليه جنسيا يصبح أكثر عرضة فيما بعد للإصابة باضطرابات جسدية مؤلمة وبعض أمراض القلب أو السكر، وفسر الأطباء ارتفاع نسبة خطر الإصابة بأمراض جسدية لدى الأطفال جراء المعاملة السيئة لهم بتغير أسلوب حياتهم سلبا بسبب هذه المعاملة وحدوث ردود فعل هورمونية للطفل المعرض لضغوط نفسية والتهابات مزمنة، وأوضح كروزه أن "الكثير من الأطفال المصابين نفسيا ينتهجون أسلوب حياة يمثل خطرا على حياتهم حيث يلجأ الكثير منهم للتدخين ويتبعون نظاما غذائيا غير صحي ويتحركون أقل"، وأكد كروزه أن التدخين يلعب دورا كبيرا في التغلب على حالات الغضب والاستياء النفسي التي يتعرض لها الأطفال المرضى نفسيا بشكل متكرر عندما تغلبهم الذكريات السيئة التي تعرضوا لها في صغرهم وما يرتبط بهذه الذكريات من مشاعر سيئة مضيف، "إنهم يرون أن التدخين يساعد على تهدئتهم"، كما أظهرت دراسات مشابهة أن ضحايا العنف يقابلون الضغوط النفسية فيما بعد بغضب شديد "حيث يفرز الجسم لدى هؤلاء هورمونات إضافية للتغلب على المشاعر السيئة والإجهاد النفسي وذلك لفترة طويلة"، حسبما أوضح كروزه، نائب رئيس الجمعية الألمانية للطب النفسي الجسدي والعلاج النفسي، وأكد أن دراسات بعيدة المدى أجريت على قدامى المحاربين الأمريكيين والأستراليين في فيتنام أظهرت أن ارتفاع نسبة الوفاة بين هؤلاء الجنود السابقين بواقع 60% بسبب إصابتهم بأمراض في القلب والدورة الدموية. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 2/تشرين الأول/2011 - 4/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م