بسماية.. ليست الأمل المنشود

زاهر الزبيدي

بشغف كبير تابع العراقيون من ذوي الدخل المحدود، والذين لا دخل لهم، خبر بثته الصحف المحلية والوكالات الفضائية عن قرب (البدء) بمشروع مدينة بغداد الحديثة في مدينة بسماية، 10 كيلو متر عن بغداد، أمل كبير كنا نحلم به كثيراً وآن له أن يتحقق إذا سلمت تلك المدينة الحديثة من الفساد والتلاعب بمصائر ابناء الشعب العراقي ممن ينتظرون بفارغ الصبر أن يتم إنجاز المشروع، فعلى الرغم من إعتقادنا الكبير أن المشروع سيسير لا كما خطط له وستحدث انحرافات كبيرة في انجازه إلا أنه أمل.. وسيبقى كذلك حتى يتم تسليم مفاتيح الوحدات السكنية لمن يستحقها بحق من أولئك المحرومون من نعمة السقف الآمن أن يؤويهم وعوائلهم.

ونحن إذ تحدثنا عن هذا المشروع نتحدث عن مبالغ تصل الى الـ 72 مليون دينار عراقي يدفع منها 25.2 مليون كدفعة ابتدائية، 18 مليون منها عند بداية التسجيل عليها لبيت (شقة) بمساحة 100 م2، وقطعاً هذا معناه أن تلك الوحدات السكنية سوف لن يشغلها.. العتالة..والدوارة..والنباشة.. ومن لا يملكون شيئاً البتة..الساكنين في بيوت الشَعَر والخيام في تلك الأيام.. وأصحاب بيوت التنك.. وموظفو الدرجات الثامنة والسابعة والسادسة والخامسة، لكون رواتبهم لا تساعدهم على دفع أقساط الشقة البالغة 350 ألف دينار شهرياً.. وبذلك فهي ليست الحلم الكافي !

 كان الأمل في الحكومة أن تمنح تلك الشقق مجاناً لأولئك الذين لا يملكون مأوى في الوطن أو أن يتم استقطاع مبلغ بسيط جداً، بلا مقدمة، وعلى مدى بعيد ليخفف عن كاهل الشعب هذا الحمل الثقيل فمن يمتلك 18 مليون دينار ليقدمها من أجل منزل العمر في هذه الأيام من أولئك الذين لا يملكون مصدراً ثابتاً للرزق كأن يكون راتب شهري.. أنها مشكلة أخرى وكأننا، كدولة، لا نمتلك المال الكافي لإسكان شعبنا بالمجان.. وكأن الشعب لا يملك تلك الثروة الهائلة في باطن الأرض لتتيح له السكن المجاني فالعراق يمتلك رابع إحتياطي نفط في العالم بـ 200 مليار برميل يتيح له تصدير 6 ملايين برميل يوماً لمدة 50 عاماً..

 في حين هناك الكثير المناطق لم يتم استكشافها لغاية الآن كالهضبة الغربية وعاشر احتياطي غاز في العالم بكمية 112 ترليون قدم مكعب من الغاز وثاني احتياطي في العالم في الفوسفات الذي يصنع منه السماد الفوسفاتي كما و تعتبر حقول كبريت المشراق في العراق الأكبر من نوعها في العالم من ناحية الاحتياطي المثبت مع مصادر أخرى للكبريت وله المرتبة الثانية في احتياطيات الخامات الفوسفاتية على مستوى العالم وتوجد هذه الخامات في منطقة عكاشات، العراق من الدول الغنية جداً بأطيان الكاؤولين الملون والأبيض وتتركز هذه الأطيان في الصحراء الغربية وتستعمل هذه الأطيان في صناعة الاسمنت الابيض والسيراميك والحراريات والعوازل الكهربائية والمرشحات الفخارية وبوادق صهر المعادن، رمال السليكا والكوارتزايت ويكثر في الصحراء الغربية ويستعمل في صناعة الزجاج والسيراميك والحراريات الا انه يستعمل في العراق في انتاج مطحون السيليكا لأغراض الحفر النفطي أما الكوارتزايت فيستعمل حاليا في صنع البطانات الحمضية للمصاهر والأفران، الحصى والرمال: مثل موقع النباعي أهم مواقع وجود الحصى في حين تتركز الرمال في كربلاء وتستعمل في انتاج الخرسانة والقواعد التحتية للطرق في حين يستخدم الرمل لإنتاج الثرمستون والطابوق الجيري والاستخدامات الإنشائية الاخرى..

قد تكون فكرة جيدة أن تمنح الحكومة تلك الشقق مجاناً لمن لا يملكون شبر في ارض العراق وهم عراقيون ولهم حصة واضحة من تلك الثروات التي أسلفنا ذكرها، وهي حصة كبيرة إذا لم يخونني التقدير..

على الحكومة ان تفكر بجدية في هذا الموضوع وترفع من سقف دعمها لهذا المشروع ليكون دعماً كاملاً 100% وتصبح بسماية أملاً مهماً في حياتنا وحياة أولئك الذين يحلمون بأن يقدموا لأبناءهم أرثاً غير أرث الموت والفاقة والسكري وغيرها من الأمراض التي تنهش لحومنا.. لتجعل الحكومة من بسماية أملاً حقيقياً لا مجالاً للانتفاع منها.. لأن الوطن ليس في حاجة مطلقاً لدنانير الفقراء القليلة في هذا الزمن الصعب.

zzubaidi@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 29/أيلول/2011 - 30/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م