البيئة النظيفة... تبلور مهارات الانسان

 

شبكة النبأ: البيئة هي الاطار الحيوي الذي تتم فيه أنشطة الانسان كافة، ابتداءا من الولادة والنشوء، ثم الترعرع والنمو والتطور المضطرد، ليس في مجال المهارات المادية، كالصناعة والزراعة وسواهما، بل في مجال التفكير والسلوك معا، والنظرة الشاملة الى الكون، والتعامل مع المشتركات التي تجمع بين الانسان والجماعة من جهة، وبين غيرهما من الاطراف الاخرى من جهة ثانية، بغض النظر عن التقارب او الاختلاف في انماط العيش والتفكير والتعامل مع مفردات الحياة كافة.

 فالبيئة بهذا المظور، هي الحيز الذي يتحرك فيه الانسان، فردا او جماعة، وينشط في مجاليّ التفكير والانتاج، حيث تتعلق النتائج نجاحا أو فشلا، بطبيعة البيئة التي تتبلور فيها مهارات الانسان، وانتاجه على الصعيدين المادي والفكري، لهذا يرى المعنيون في هذا المضمار، أن البيئة النظيفة تشكل شرطا حاسما من شروط تطور الافراد والمجتمعات، بمعنى أوضح أن البيئة القاصرة ستنتج فردا ومجتمعا قاصرا في الوعي والانتاج معا، وهذه النتيجة المباشرة، تنتج عن البيئة التي لا تتوافر على مقومات النظافة، في آفاقها الكثيرة والمتعددة، مثل نظافة الجسد والرؤى والافكار.

فالمثل او القول المأثور يؤكد أن العقل السليم يتواجد في الجسد السليم، والاخير يمكن أن ينتج عن سلسلة من الخطوات وأهمها نظافة البيئة، وبهذا تكون البيئة قاسما مشتركا مهما، بل وحاسما للمزاوجة الصحيحة بين العقل والجسد، أي بغياب البيئة الجيدة أو السليمة، يغيب او يضمر الجسد الصحيح، وينتج عن ذلك عقول ضامرة متعبة، نتيجة لفشل الجسد الناتج عن فشل البيئة.

 في بلادنا نفتقد الى البيئة السليمة، وهذه بدورها تقود الى سلسلة من الاخطاء، وربما الكوارث التي تحدث نتيجة للتراكم الزمني والفعلي، للاخطاء، بمعنى أوضح ان افتقادنا للبيئة السليمة، يدعم افتقادنا للجسد السليم من الناحية الصحية، الامر الذي يؤدي الى افتقادنا للعقل السليم، وهكذا تتوالد المشكلات المتنوعة، نتيجة لهذه الدورة السببية الحتمية، وهذا يؤكد بدوره حاجتنا القاطعة للبيئة السليمة، فهي الدافع الاول لانتاج العقول المنتجة للفكر الفاعل، الذي يصبح بمقدوره، صناعة الحياة على أسس صحيحة ومعاصرة.

وفي بحثنا عن الاسباب التي تقف وراء تدهور البيئة، فإن الانسان لدينا هو المسبب الاول لرداءة البيئة، ولابد من التذكير بأن البيئة هنا لا تعني فقط طبيعة الطقس، او الارض، او وفرة المياه وما شابه، بل ما نعنيه البيئة الفكرية والمادية معا، لذا نحن نحتاج الى بيئة التقدم الفكري التحرري، حيث يؤدي الى سلسلة من الخطوات والنتائج التي تقود الى صناعة مجتمع معاصر متطور، له القدرة على مواكبة ما يستجد على الارض على نحو متواصل.

 إذن فالبيئة تعني النظافة أولا (الفكرية والمادية)، وعدم تدخل الانسان في حيثيات الطبيعة نفسها، ثم نظافة الفكر وتحريره من قيود التخلف، وبهذا لابد من العمل الجاد على تأسيس نظام بيئي ناجح، كونه يشكل المفتاح الرئيس لصناعة حياة أرقى، ومن بين الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها بهذا الخصوص، من لدن الجهات المعنية، رسمية أو أهلية، ما يلي:

- نشر الوعي البيئي بين الشرائح الاجتماعية الادنى وعيا، عبر الوسائل المتاحة مثل اقامة الدورات التثقيفية، والاستفادة من وسائل الاعلام بأنواعها.

- تفعيل دور المنظمات المعنية بالتطوير البيئي، والتركيز على أهمية البيئة السليمة في صناعة الحياة، مثل اقامة الندوات الخاصة بهذا الجانب.

- المقارنة الدائمة بالكلمة والصورة، بين بيئتنا والدول المجاورة التي سبقتنا الى صناعة بيئة سليمة، والاستفادة من خبرات هذه الدول في هذا المجال.

- لابد أن يكون هناك دور واضح للنخب المتنوعة، في مجال تطور الوعي البيئي، ويتم ذلك بالوسائل المختلفة، كالمحاضرات، والدورات، وكتابة المقالات، وبث البرامج الاذاعية والتلفازية بهذا الخصوص.

- وضع خطط وبرامج مسبقة، من لجان متخصصة بتطوير الوعي البيئي، وادخال ذلك في مناهج الدراسة، ابتداء من المراحل الادنى صعودا.

- سن التشريعات الواضحة للمحافظة على البيئة، واعتماد مبدأ العقاب للحد من التجاوزات المقصودة او غيرها.

- وأخيرا ضرورة التعاون الشعبي والحكومي في مجال صنع البيئة الملائمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 28/أيلول/2011 - 29/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م