إصدارات جديدة: مصر وفن المقاومة

 

 

 

 

الكتاب: انتفاضات أم ثورات في تاريخ مصر الحديث

الكاتب: محمد حافظ دياب

الناشر: دار الشروق

عدد الصفحات: 236 صفحة كبيرة القطع

عرض: رويترز

 

 

 

 

شبكة النبأ: يرى أستاذ الانثروبولوجيا البارز محمد حافظ دياب أن الحركة الوطنية المصرية بمختلف فئاتها وبيئاتها أبدعت منظومة متنوعة من مقاومة الاستبداد والاحتلال انطلاقا من تراكم خبرات أسهم فيها مفكرون وفنانون وعمال وطلاب ومناضلون وأحزاب وأن الطريق الى الحرية كان محفوفا باحتمالات الفشل والتفاف الاعداء.

ولكنه يستعرض أيضا مناورات قوى تحاول اجهاض حركات الاحتجاج باستخدام الدين في الالعاب السياسية. ويقول في كتابه (انتفاضات أم ثورات في تاريخ مصر الحديث) ان "الخبرة المصرية" تعرضت لمحاولات اجهاض واختراق ولكن الجماعة المصرية واصلت "تفعيل نهضتها" وان المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي (1756-1825) منح هذه الجماعة هويتها بقوله.. "أهل مصر. البلاد المصرية. الديار المصرية. الاقاليم المصرية" بعد أن كانت مصر جزءا مما سمي بدولة الخلافة الاسلامية.

ويضيف أن رفاعة الطهطاوي بلور الهوية المصرية في وقت لاحق حين أتيح له أن يقود النهضة التعليمية في النصف الاول من القرن التاسع عشر.

ويسجل دياب أن الشيخ أحمد الدردير (1715-1786) وكان عالم دين بارزا نادى في يناير كانون الثاني 1786 "لاول مرة في تاريخ مصر الحديث أن تكون مصر للمصريين". ويخلص المؤلف من ذلك الى أن النهضة المصرية كانت سابقة على مجيء الحملة الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر أو حكم محمد علي 1805 .

كما يسجل أيضا أن الجيش منذ عصر محمد علي كان "حجر الزاوية في بناء الدولة والالية الاساسية للسلطة ومجال الاهتمام السياسي الاول وقاطرة التنمية الاجتماعية."

والكتاب الذي يقع في 236 صفحة كبيرة القطع يضم فصولا منها (مقاومة الغزو الفرنسي 1798- 1801) و(الجهادية والوطنيون 1881) و(ثورة كل المصريين 1919) و(انتفاضة الطلبة 1935) و (انتفاضة العمال والطلبة 1946) و(الثورة المجهضة.. يوليو 1952) و(هبة الجياع 1977).

وصدر الكتاب في القاهرة عن دار الشروق في سلسلة (الجانب الاخر.. اعادة قراءة التاريخ المصري) بمقدمة سجلت فيها أستاذة التاريخ الحديث لطيفة محمد سالم أن مصر عرفت أنواعا من الثورات أخذت أشكالا متعددة منها التمرد والعصيان والرفض والاحتجاج والانتفاضات وأن الحركة الوطنية المصرية "شهدت خليطا من الثورات" منذ الغزو الفرنسي حتى 1977 .

وقالت ان "الثورة" تعني التغيير الجذري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا عن طريق نظام جديد بعد اطاحة نظام قديم فشل في تلبية مطالب المجتمع وان هذا المصطلح عرف منذ الثورة الفرنسية.

ويرى المؤلف أن ما حدث في فرنسا عام 1789 كان "أول ثورة شعبية ديمقراطية نتج عنها حكم جديد عرف بالجمهورية... جسدت (الثورة) مفهوم القومية حين صاغت للمرة الاولى كذلك علما قوميا ونشيدا قوميا للبلاد."

ويرصد دياب في فصول الكتب فنونا من مقاومة المصريين للاحتلال والاستبداد منها تكوين جمعية سرية عام 1876 باسم (مصر الفتاة) وأشرف عليها جمال الدين الافغاني ورأسها علي الروبي وانضم اليها من العسكريين أحمد عرابي وعلي فهمي ومن المدنيين عبد الله النديم ويعقوب صنوع.

ويقول ان تلك الجمعية "استهدفت ضرب السيطرة التركية وتحسين وضع المصريين في الجيش واشاعة جو من الحريات العامة ومثلت نواة لاول حزب سياسي في مصر" ثم كان الجيش "قوة أساسية في الثورة" على الاحتلال البريطاني 1882 .

وحين يستعرض انتفاضة العمال والطلبة 1946 يقول ان الحركات الشيوعية كانت القوى الاكثر فاعلية وان العمال الذين شكلوا عام 1945 (لجنة العمال للتحرر القومي) دخلوا المعركة كقوة مستقلة عن القيادات الحزبية القديمة ثم اندمجوا مع لجنة الطلاب وشكلوا (اللجنة الوطنية للعمال والطلبة) وبعد قتل 23 وجرح 123 "حمل المتظاهرون قمصان شهدائهم" وهاجموا المؤسسات العسكرية.

ويضيف أن رئيس الوزراء الملقب بعدو الشعب اسماعيل صدقي حاول ايقاف المظاهرات ونزل يوم 21 فبراير شباط 1946 في سيارة بميدان التحرير الذي كان يسمى ميدان قصر النيل "والى جواره الشيخ حسن البنا المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين ووقف مصطفى مؤمن زعيم هذه الجماعة بالجامعة يدعو الطلبة لاعطاء صدقي فرصة جديدة وأمعن في تضليلهم حين شبه صدقي بالنبي اسماعيل مستشهدا بالاية الكريمة.. واذكر في الكتاب اسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا" ولكن الهتافات تواصلت بسقوط صدقي وعملاء الاستعمار البريطاني.

ويسجل أن صدقي والقصر الملكي والسفارة البريطانية بذلت جهودا لشق صفوف (اللجنة الوطنية للعمال والطلبة) بتشكيل (اللجنة القومية) من شباب الاخوان المسلمين وأحزب الاقلية ومنحها صدقي حق اصدار صحيفة يومية وزودها بالمال ولكن نقابة العمال أصدرت بيانا يندد باللجنة الموازية جاء فيه.. "دأبت جماعة الاخوان المسلمين منذ فجر البعث الوطني الحالي على بث الدسائس وتدبير المؤامرات التي ترمي في مجموعها الى القضاء على الحركة الوطنية أو تحويلها عن أهدافها مما لا يخدم غير الاستعمار... اللجنة الوطنية للعمال والطلبة هي اللجنة الشرعية الممثلة للطلبة والعمال والموظفين."

ويقول انه في الاجتماع التأسيسي لاتحاد الطلبة العالمي في أغسطس اب 1946 والذي شارك فيه طلبة مصريون اتخذ قرار باعتبار يوم 21 فبراير يوما عالميا يرمز للنضال ضد الاستعمار.

وينوه المؤلف بأعمال أدباء وفنانين ومفكرين مهدوا لحركات الاحتجاج والثورات أو واكبوها مثل خطب وكتابات عبد الله النديم خلال الثورة العرابية وأشعار بديع خيري وأغنيات سيد درويش في ثورة 1919 وكتابات شهدي عطية التي مهدت لانتفاضة 1946 وكتابات محمد مندور قبل ثورة 1952 "ناهينا عن منحوتات (محمود) مختار وأشعار صلاح جاهين وأمل دنقل وأغاني عبد الحليم حافظ التي واكبت ثورة يوليو".

وفي السطور الثلاثة الاخيرة من الكتاب يقول دياب ان "طوايا هذه الايام المصرية الحبلى بنذرها وافاقها الملبدة وبما تخفيه أصداؤها من ارتعاش نبض واحتمال دبيب يهجسان بغموضهما وجلالهما. ذلك أن الصوت القادم.. قادم" وكأنه كان يسمع ولادة جنين سيفاجئ كثيرين في الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي أنهت حكم الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 25/أيلول/2011 - 26/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م