الطاقة المتجددة... مسعى الانسان الى ترميم ما كان

 

شبكة النبأ: تمثل الطاقة البديلة عامل مهم لتحقيق النمو والرخاء من خلال صنع وقود حيوي صديق للبيئة يخفض الانبعاثات السامة ويساعد على احتواء مخاطر الاحتباس الحراري المتزايدة، حيث ان الطاقة المتجددة المستمدة، تنتج من الموارد الطبيعية التي تتجدد أو التي لا يمكن ان تنفذ كالرياح والمياه والشمس, كما يمكن إنتاجها من حركة الأمواج والمد والجزر أو من طاقة حرارة أرضية وكذلك من المحاصيل الزراعية والأشجار المنتجة للزيوت، وتعتمد على نطاق واسع البلدان المتقدمة وبعض البلدان النامية في استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية مثلاً في الاونة الاخيرة، لذا تمتاز الطاقة البديلة بعدة منافع منها اقتصادية وبيئية وغيرها، قد تساعد الانسان في بناء حياة سهلة ومرفهة في المستقبل القريب .

الطاقات المتجددة في آسيا

وعلى رغم من أن بعض الدول الأسيوية مثل الصين والهند لجأت إلى الاعتماد على الطاقة النووية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، يرى خبراء أن الحاجة إلى الطاقة ستدفع هذه الدول إلى الاعتماد بشكل أكبر على مصادر الطاقة المتجددة. 

يتزايد الطلب العالمي بشكل متنامي على الطاقة ومصادر الوقود الأحفوري، على رأسها النفط والغاز والفحم. وهذا هو الحال في الصين أيضا التي تنتج أكثر من 70 في المائة من حاجتها من الطاقة الكهربائية من الفحم. ويترتب على هذا انبعاث كميات ضخمة من غاز ثاني أكسيد الكربون المضر بالمناخ والمسبب للاحتباس الحراري، وتفوق النسبة هنا مثيلتها في بلدان العالم الأخرى.

ووفقا لتقديرات هانس غونتر هيلبرت، الباحث المتخصص في الشؤون الآسيوية لدى المعهد الألماني للدراسات الأمنية والسياسية (SWP)، فإن استهلاك الفحم سيزداد بنسبة أكبر مما هو عليه الحال الآن. لذلك يبدو من الصعب تحقيق الهدف المعلن بشأن الحد بشكل ملموس من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050 والذي يهدف إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض في حدود درجتين مئويتين.

إن الحاجة المتعاظمة للطاقة تبدو بجلاء في دول آسيوية أخرى بخلاف الصين كما هو الحال على سبيل المثال في الهند. وبحسب أحد التقارير الحكومية الصادرة هناك، فإن حاجة البلاد المتزايدة للطاقة ستدفع الحكومة إلى زيادة الكهرباء المولدة في السنوات المقبلة بمعدل يبلغ خمسة أضعاف المعدل الحالي. وكما هو الحال في الصين، يمثل الفحم المصدر الرئيسي للطاقة في الهند أيضا، إذ يوجد في هذا البلد أكبر احتياطي للفحم في العالم. وبالرغم من انخفاض أهمية الفحم في جميع بلدان العالم الأخرى، إلا أن استهلاكه في هذين البلدين وحدهما، أي الهند والصين، أدى إلى زيادة الطلب عليه، كما يوضح سفين تيسكا، رئيس القسم الدولي للطاقات المتجددة في منظمة السلام الأخضر .

المدن التي تتوسع بإستمرار تستهلك الكثير من الطاقة النمو الهائل يخلق مشاكل في الدول الآسيوية الصاعدة، وكما يوضح هانس غونتر هيلبرت من المعهد الألماني للدراسات السياسية والأمنية SWP، فإن تلك الدول"تستهلك قدرا كبيرا من الطاقة خلال مرحلة توسيع البنية التحتية، وينبغي الآن أن تبحث عن حلول لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة".

ولهذا السبب أيضا تسعى كل من الصين والهند حاليا لبناء محطات جديدة لإنتاج الطاقة النووية. ففي الصين على سبيل المثال، هناك حوالي اثني عشر محطة نووية تعمل بطاقة عشرة غيغاواط. وبحلول عام 2020 ستعمل تلك المحطات بطاقة 70 غيغاواط، وذلك وفقا للجمعية الصينية للطاقة النووية. وتشير تقديرات أخرى إلى أن هذه المحطات ستعمل بطاقة تفوق مائة غيغاواط. وفي الهند أيضا أعلنت هيئة الطاقة الذرية العام الماضي عن بناء محطات نووية جديدة لإنتاج الطاقة بالإضافة إلى بناء المئات من محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، وذلك بهدف استغلال الموارد الطبيعية الموجودة في البلاد.

ومع ذلك، فإن الطلب المتزايد على الطاقة في آسيا يوفر أيضا فرصا للحصول على ما أصبح يعرف الآن بالطاقة الخضراء أو الطاقة النظيفة. وكما يقول سفين تيسكا من  منظمة السلام الأخضر "من الممكن سلوك الطريق منذ البداية في الاتجاه الصحيح، وبذا يمكن الاستغناء عن الخطوات التي قامت بها الدول الغربية في وقت لاحق، إذ إن التكاليف المرتبطة بتغيير البنية التحتية تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، يمكن لسكان المناطق النائية سد احتياجاتهم من الطاقة من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة ويدعو الخبير في المنظمة إلى التركيز على بناء محطات الطاقة الصغيرة، مثل المحطات الصغيرة لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أو محطات الطاقة الهجين الصغيرة. وكما في اندونيسيا تم بناء هذه المحطات الصغيرة في فترة وجيزة، حيث يبلغ عددها في تلك الجزر حوالي  14 ألف محطة، في حين لا يحصل نصف السكان في ذلك البلد على إمدادات  الكهرباء. وفي الهند هناك حوالي 70 ألف قرية لا تصل إليها إمدادات الكهرباء، وكما يرى تيسكا، فإن توليد الطاقة يتم في عين المكان في المناطق التي تفتقر للكهرباء، وهذا بدوره يأتي في مصلحة السكان المحليين لأنه يوفر فرصا للعمل في تلك القرى، ويعتمد نوع التكنولوجيا المستخدمة لتوليد الطاقة النظيفة على الظروف المناخية في كل منطقة من المناطق المعنية، حيث أنها تلعب دورا في اختيار النوع الملائم لمصادر الطاقة التي ينبغي الاعتماد عليها. ففي الصين والهند على سبيل المثال، تتوفر الظروف المثلى لبناء توربينات الرياح الكبيرة. أما في الفلبين فيمكن توليد طاقة الرياح بالإضافة إلى الطاقة الحرارية الأرضية. وفي المناطق الجبلية يمكن توليد الطاقة الكهرومائية بشكل كاف، كما هو الحال في جنوب تايوان، حيث يتم توليد الكهرباء من المحطات الصغيرة التي أقيمت على سدين مائيين هناك. ويجري التخطيط هناك لبناء المزيد من المحطات لتوليد كهرباء.

إلا أن تنفيذ خطط من هذا القبيل يجب أن يتم بعناية كبيرة، وإلا قد تنتج عن مشاكل، إذ إن خطا رفيعا فقط يفصل بين المنفعة والضرر فيما يتعلق ببناء محطات توليد الطاقة الكهرومائية. ويأتي في هذا السياق تهجير مئات الآلاف السكان قسرا من ديارهم، لدى بناء أكبر سد في العالم، وهو سد الأخاديد الثلاثة في الصين. ويخشى الناشطون في مجال حماية البيئة من الآثار التي قد تنعكس على المدى الطويل على الآلاف من الأنواع النباتية والحيوانية.

لكن الصين التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، لا تمثل أكبر الدول المتسببة في التلوث كما يتم تصويرها غالبا. وهذا هو أيضا رأي الخبير في منظمة السلام الأخضر، سفين تيسكا. فلدى إجراء مقارنة على المستوى الدولي فسنجد أن استهلاك الطاقة في الصين هو في حدود متوسطة. ومع ذلك، فإن السبب الكامن وراء ذلك، يرجع بالأساس إلى أن نسبة كبيرة من السكان لا تستفيد من النمو الذي تشهده البلاد، بحسب تيسكا. ومن هنا فإن بذل الجهود للحصول على الطاقة النظيفة يصبح أمرا ضروريا، وكما يعبر الخبير الألماني فإنه "لا بد من سد حاجة الصين من الطاقة، فهذا البلد يستهلك كل الكميات التي يمكنه الحصول عليها حاليا. بحسب البي بي سي.

إلا أن هانس غونتر هيلبرت من المعهد الألماني للدراسات السياسية والأمنية SWP، على قناعة تامة بأن "القيادة السياسية في الصين، أدركت الضرورة الملحة لحماية البيئة." ومع ذلك، يعترف هيلبرت بصعوبة الالتزام بتنفيذ ذلك، ويعتبر أن سعي القيادات القديمة إلى تحقيق النمو والربح، عقبة تقف في طريق التجديد. لكن وبالرغم من ذلك، هناك مؤشرات عديدة تدل على أن الرغبة في إعادة التقييم والتفكير بأسلوب جديد، موجودة في هذا البلد الضخم. وبالإضافة إلى التوسع في مجال إنتاج الطاقات المتجددة، تضع الخطة الخمسية الجديدة في الاعتبار كذلك زيادة كفاءة الطاقة ووضع حد أقصى لاستهلاك الطاقة.

طائرات المستقبل

وقد يبدو الحديث عن فكرة تسيير الطائرات اعتمادا على الطاقة الشمسية مجرد شطحة من شطحات الخيال العلمي وفرط التفاؤل في مستقبل الطاقة البديلة، إذ تحتاج الطائرة الواحدة نظرياً إلى ألواح طاقة بمساحة عدة ملاعب كرة قدم، لكن إنجازات مهمة توصل إليها العلماء أخيراً على صعيد تحويل أشعة الشمس إلى وقود سائل عن طريق عملية التوليد الضوئي الاصطناعي ربما تفتح الباب لجعل هذا الأمر ممكناً بالفعل في يوم من الأيام، ما حدث فوق سلسلة جبال جورا السويسرية ربما يعتبر يوماً ما لحظة تاريخية حاسمة لعصر "استدامة الطاقة". فلقد تم رفع طائرة إلى السماء بواسطة أربع مراوح شبه صامتة. وتمت تغطية أجنحة الطائرة العريضة جداً بالنسبة لحجمها بخلايا ضوئية تحول ضوء الشمس إلى كهرباء، لتزود الطاقة إلى محركات الطائرة فضلاً عن شحن البطارية. حلقت الساعة لمدة 26 ساعة متواصلة، حيث وفرت لها البطارية المشحونة بضوء الشمس في النهار الطاقة للتحليق أثناء الليل، وتعتبر هذه الطائرة السويسرية المطورة بتمويل خاص والتي أطلق عليها اسم "سولار إمبالس" إنجازاً غير مسبوق بين سلسلة من الطائرات الشمسية التي بم بناؤها على مدار العقود الماضية، لكنها تسلط في الوقت نفسه الضوء على فجوة خطيرة في الطاقة المتجددة. فبرغم أن عرض جناحي الطائرة يقارب عرض جناحي طائرة بوينغ 747، فإنها لم تحمل سوى راكبين وحلقت بسرعة بطيئة للغاية لم تتجاوز 45 ميلاً بالساعة، ومن غير المرجح بالطبع أن تحل الطائرات الشمسية محل أساطيل العالم من الطائرات السريعة التي تحلق بواسطة الوقود التقليدي. وحتى لو وجدت مراوح كهربائية قادرة على دفع الطائرة بسرعات تتجاوز 500 ميل بالساعة، فإن الطاقة اللازمة لتشغيلها ستمثل عائقاً أساسياً، إذ تشير التقديرات إلى أن طائرة من طراز بوينغ 400-747 بالحمولة الكاملة تحتاج إلى خلايا طاقة شمسية من أحدث نوع منشورة بمساحة 200 ملعب كرة قدم لكي تحلق. وإذا أرادت التحليق من نيويورك إلى لندن على البطارية، ستحتاج إلى بطارية تزن مليون رطل أي حوالي عشرة أضعاف الوقود الذي تحتاجه مثل تلك الرحلات بطريقة الطيران التقليدية الآن. أي أنه لن يكون هناك أي متسع لحمولات الشحن أو الركاب على متن الطائرة، والمشكلة الأزلية التي تواجه مصادر الطاقة البديلة هي أن الوقود العضوي السائل يختزن من الطاقة أكثر بكثير مما تختزنه البطارية مقابل كل أونصة من وزنهما. وإذا أراد العالم التحول إلى الطاقة المتجددة دون التخلي عن النقل الجوي، فلا بد له من إيجاد طرق جديدة لإنتاج الوقود السائل. ولطالما أدرك الباحثون في الأوساط العلمية هذه الحقيقة منذ زمن بعيد، لكن ارتفاع أسعار الوقود في السنوات الأخيرة لفت إليها انتباه أوساط الأعمال أيضاً وقام ناثان لويس، عالم الكيمياء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، ببناء خلايا ضوئية تقوم بتفكيك جزيئات الماء لتوليد غاز الهيدروجين، وهو شكل من أشكال الوقود. وتقوم تلك الخلايا بتحويل ضوء الشمس إلى طاقة كيميائية بفعالية تزيد بـ 10 إلى 40 مرة عن معظم المحاصيل الزراعية، ويقول لويس أنه يمكن توقع التوصل إلى بناء نموذج أولي لهذه التكنولوجيا خلال خمسة أعوام، ويقول شونشان سونغ، المهندس الكيميائي في جامعة ولاية بنسلفانيا، "ليس هناك عمليات معتمدة تجارياً لفعل ذلك. ولقد مولت صناديق الاستثمار المشتركة نحو 100 شركة للبحث عن طرق أخرى للتوصل إلى أصناف وقود بديلة، ومن بين هذه الشركات "إو بي إكس بيوتكنولوجيز" الأمريكية التي تستخدم ميكروبات مهندسة وراثياً لتحويل غاز التصنيع، الذي يعتبر من المخلفات الصناعية ويحتوي على هيدروجين وأحادي أكسيد الكربون، إلى هيدروكربونات ثقيلة على أمل أن تتمكن الشركة من إعادة تكريرها إلى وقود طائرات، وثمة شركات أخرى تستخدم الهندسة الجينية لتطوير طحالب تنتج زيوت شبيهة بالديزل. ويمكن لتلك الطحالب أن تكبر في المياه المالحة، وهو أمر بغاية الأهمية من أجل عدم المساس بالأراضي الزراعية ومصادر المياه العذبة الضرورية لإنتاج المحاصيل الزراعية.بحسب وكالة الانباء الالمانية.

لكن المشكلة الأساسية هنا هي أن مزارعي الطحالب يجب أن يخفضوا تكلفة إنتاجهم إلى العشر لكي يتمكنوا من إنتاج الوقود بأسعار منافسة. وهذا يعني أن على مثل هذه الشركات أن تبدأ بجني المال قبل أن تصل إلى ذروة أدائها في مجال تطوير أصناف الوقود البديلة. وهذا بالضبط ما تحققه شركة "أو بي إكس" بميكروباتها المنتجة لأسيد الأكريليك، العنصر الكيميائي المستخدم في تصنيع الطلاء والذي يباع بأسعار أعلى من سعر الوقود.

النفايات كمصدر للطاقة

من جانب اخر لا توجد في تركيا جبال من القمامة كتلك التي تتراكم في شوارع مدينة نابولي الإيطالية، فشاحنات القمامة التابعة للبلديات في مختلف المناطق التركية حديثة جدا وتعمل على نقل النفايات بصورة دورية ومنتظمة. إلا أن هذه النفايات تطمر بشكل عشوائي في مناطق تقع بالقرب من المدن والقرى، الأمر الذي يتسبب في انبعاث روائح كريهة نتيجة لتعفن النفايات وخاصة العضوية منها. وتضمنت الخطة البيئية التي وضعتها وزارة البيئة التركية، نوعا من النقد الذاتي، إذ انتقدت "التخلص من النفايات بشكل غير منضبط ومأمن في تركيا، وهو الأمر الذي يعد جزءا من الحياة اليومية. وكما ورد في الخطة، فإن ذلك يشكل "خطرا كبيرا" على البيئة وعلى صحة السكان؟. فمكبات النفايات العشوائية غالبا ما تقع بالقرب من المناطق السكنية.

وقد كانت الحكومة التركية منذ وقت طويل تدرك وجود هذه المشكلة، وبدأت تعمل منذ عدة سنوات على الحد من المخاطر المترتبة عن ذلك على الإنسان والبيئة. وقد قامت الحكومة بعدة إجراءات لتنظيم التخلص من النفايات من بينها زيادة عدد المناطق المصممة لطمر النفايات والخاضعة للرقابة، إلى ما يقرب من 3000 منطقة. و يعادل هذا العدد تقريبا عدد البلديات في تركيا، التي تعد الجهة المسؤولة عادة عن متابعة جمع القمامة. وفي بداية التسعينيات كان عدد مكبات القمامة الخاضعة لرقابة البلديات تبلغ تسعين مكبا فقط في وقت بلغ فيه عدد سكان البلد 70 مليون نسمة. 

اذ تبذل تركيا جهودا حثيثة لتنظيم التخلص من النفايات من خلال زيادة عدد المناطق المصممة لطمر النفايات، إن الإصلاحات التي أدخلت في مجال التعامل مع النفايات في تركيا جاءت جزئيا نتيجة الضغوط الخارجية التي مارسها الاتحاد الأوروبي الذي تسعى تركيا إلى الانضمام، أيضا من قبل منظمة الأمم المتحدة. وبحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن النفايات المتراكمة مسؤولة عن نسبة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة في المائة من ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن نشاطات بشرية، فضلا عن أن النقل الجوي والبحري يساهمان كل على حدة بنحو ثلاثة في المائة من هذه الظاهرة.

ولذلك فإن مكبات القمامة تمثل خطرا كبيرا على البيئة لأنها تتسبب في الاحتباس الحراري الناجم عن تصاعد غاز الميثان الذي يفوق الضرر الذي يلحقه بالمناخ 25 مرة الضرر التي يُسببه غاز ثاني أكسيد الكربون. لذا يحث برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الدول الصاعدة بشكل خاص ومنها تركيا على مكافحة ظاهرة التغير المناخي باستخدام الوسائل الحديثة في معالجة النفايات. 

وقررت المفوضية الأوروبية تنفيذ خطة طموحة بشأن معالجة النفايات والحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري وذلك من خلال دفع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى الحد من كمية النفايات في مكبات القمامة بنسبة الثلثين بحلول عام 2016. ولقياس مدى التطور في خفض معدلات النفايات يتم المقارنة بالرجوع إلى الوضع في كل دولة على حدة في عام 1995 أو الأعوام التي سبقته، وذلك في سجل البيانات الموحدة المتوفرة لدى المكتب الإحصائي الأوروبي.

إلا أن تركيا غير مهيأة بعد لتحقيق هذا الهدف، ولكنها بدأت تحقق بالفعل أولى النجاحات بشأن التحكم في فرز النفايات ومراقبة معالجتها والتخلص منها بشكل رفيق بالبيئة. ووفقا لمكتب الإحصاء التركي فإن هذا يوفر فرصا أكبر لاسترداد المواد القيمة الموجودة ضمن النفايات. وبحسب أحدث البيانات الإحصائية المتاحة، فإن نحو 14 في المائة من النفايات تمت إعادة تدويرها وعلى رأسها الورق والورق المقوى والبلاستيك والمطاط والزجاج والمعادن.

وتفتقر تركيا إلى نظام متكامل لإعادة تدوير النفايات بشكل شامل أو للتخلص من غاز الميثان، إلا أن البلديات تحقق تقدما متزايدا في هذا المجال. ويحصل عدد من تلك البلديات على مساعدات من الاتحاد الأوروبي أو من مصرف إعادة الإعمار الألماني (KfW)، ومنها على سبيل المثال مدينة أضنة في الجنوب الشرقي ومدينة دنيزلي في الجنوب الغربي (يمكن مشاهدة تقريرنا التلفزيوني حول هذا الموضوع). وفي مكب النفايات الجديد في دنيزلي يتم تجميع غاز الميثان الناجم عن تراكم النفايات ومن ثم تحييد أثره الضار بالمناخ. ووفقا لمصرف إعادة الإعمار يمكن بهذه الطريقة تفادي الانبعاثات الغازية الضار بنسبة تبلغ في المتوسط 150 ألف طن سنويا، أما النسبة خلال فترة تنفيذ المشروع فتبلغ ثلاثة ملايين طن. وبهذا يساهم المشروع في مدينة دنيزلي في حماية البيئة والمناخ، وقامت إحدى الشركات التركية بإنشاء محطة تعمل بتقنية عالية لتدوير النفايات وتجميع غاز الميثان منها لاستخدامه في توليد الكهرباء بأسلوب رفيق بالبيئة، بالإضافة إلى أن سكان المدينة والمناطق المحيطة بها التي يسكنها حوالي120 ألف نسمة يستفيدون من مكب النفايات الجديد بشكل مباشر. وكما خلص مصرف إعادة الإعمار ((KfW فإن "دنيزلي تمكنت من السيطرة على مشكلة النفايات إلى درجة أنه المدينة أضحت أنظف وأجمل عما قبل، لذا فهي تصلح لأن تكون مثالا ونموذجا للمدن الأخرى.

ثلاجات موفرة للطاقة

الى ذلك تستضيف البرازيل دورة الألعاب الأولمبية في عام 2016، ومن المفترض أن تتخذ عدد من الخطوات حتى ذلك الحين لجعل العاصمة ريودي جانيرو أكثر نظافة وأمناً، ومن شأن المشروعات البيئية أن تساعد بدورها على انتشال الناس من براثن الفقر.

تروج عشرات الملصقات على جدران البيوت في العاصمة البرازيلية ريودي جانيرو للحدث الكبير الذي ستشهده المدينة عام 2016، ألا وهو الألعاب الأولمبية. وعلى الشاطئ بينما يستلقي بعض المصطافين للاستمتاع بأشعة الشمس، يلعب بعض الأطفال كرة القدم، ربما احتفاء باستضافة بلادهم لفعاليات كأس العالم لكرة القدم عام 2014. وهذا هو الوجه المتناقض لمدينة ريو دي جانيرو، فبجانب المنتجعات الصيفية يسكن الكثير من الفقراء الذين يشكل العنف جزءا من حياتهم اليومية.

رغم ذلك ستستضيف البرازيل إلى جانب كأس العالم عام 2014، أيضا كأول بلد في أمريكا اللاتينية، الألعاب الأولمبية عام 2016. لذا قامت الحكومة البرازيلية بإعداد مشروع ضخم لتطوير البنية التحتية في العاصمة ريو دي جانيرو. كما استثمرت مبلغ 14 مليون دولار أمريكي لتطوير البنية التحتية في المدن التي ستحتضن جانبا من المنافسات الرياضية. ومن المخطط بناء خط جديد للمترو وتوسيع مطاري المدينة فضلا عن توسيع الحي الذي يقع فيه الميناء.

بيد أن 80 في المائة من الأموال تذهب لصالح الأحياء الغنية في ري ودي جانيرو، لذا يعتبر توماس فاتهوير من مؤسسة "بويل Boell " المنافسات الرياضية كسيف ذي حدين، ويقول:"لا تستفيد الأحياء الفقيرة من ذلك، كان سيكون مجديا لو تم استثمار تلك الأموال في مشاريع تترك أثرها على المدى البعيد والتي لا ترتبط فقط بتنظيم الألعاب الأولمبية، كالمشاريع البيئية. على سبيل المثال بناء محطة جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي، ورغم أنه تم التخطيط لاعتماد أساليب جديدة في مجال إعادة التدوير، إلا أنه لم يتم تنفيذ إلا جزء قليل منها حتى الآن.

ومنذ سنوات عديدة اتخذت الحكومة البرازيلية خطوات مختلفة لحماية البيئة، منها إصدارها لقانون عام 2000 لرفع كفاءة استهلاك الطاقة. وألزمت الحكومة في إطار هذا القانون شركات توريد الكهرباء باستثمار نسبة 0.5 في المائة من أرباحها، في مشروعات تصب في تحقيق ذلك الهدف، على أن يستفيد منها الفقراء بالدرجة الأولى. فالفقراء في هذا البلد ينفقون ما يفوق ربع دخلهم لتسديد تكاليف الكهرباء، نظرا لاستخدامهم أجهزة قديمة تستهلك قدرا كبيرا من الطاقة. ومنذ سنوات يتم توزيع مصابيح إنارة موفرة للطاقة إلى جانب ثلاجات جديدة توفر استهلاك الكهرباء بمعدل 50 في المائة بحسب الوكالة الألمانية للتعاون التقني (GTZ). وفي الوقت نفسه يتم التخلص من الثلاجات القديمة بإتباع أسلوب رفيق بالبيئة.

مشاريع حماية البيئة توفر فرص عمل حقيقية وقد تمثل حلا للبطالة المقنعة في البرازيل وتأتي هذه المشروعات لمصلحة الطبقة الفقيرة، وهي لا تساعدهم على توفير المال فحسب، وإنما تمنحهم كذلك الفرصة للحصول على عمل. وكما تقول مصادر الوكالة الألمانية للتعاون التقني GTZ فإن عملية استبدال الثلاجات القديمة بأخرى جديدة هو عمل يقوم به أولئك الذين كانوا يقومون بأعمال هامشية في الماضي، مثل جمع القمامة. أما الآن فبإمكان هؤلاء وغيرهم الحصول على عمل مشروع يخرجهم من دائرة العمل غير القانوني والجريمة.

التحرر من العبودية

من جهته قال مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة ان أزمة النفط تقلق مضاجع الدول المستهلكة والمنظمات الدولية المعنية. والخبراء الدوليون والحكومات الغربية تحديدا تفكر جديا في التقليل من الاعتماد على النفط وإحلال الطاقة البديلة والمتجددة للتحرر من "عبودية" الذهب الأسود، ويجب التفكير جديا في إيجاد حلول يمكن أن تساعد على التقليل من الاعتماد على النفط كمصدر للطاقة. ويعتقد بعض الخبراء أن الارتفاع المتزايد لأسعار النفط سوف ينعكس على النمو الاقتصادي مما قد يقود إلى أزمة اقتصادية على المستوى العالمي، الأمر سيشكل تهديدا جديا لكل من الحكومات والمنظمات الدولية ويتطلب حلولا ناجعة، يرجع الخبراء أسباب ارتفاع أسعار النفط إلى الاستهلاك المتزايد لهذه المادة ودخول مستهلكين جدد إلى السوق أو ارتفاع معدل استهلاك بعض الدول (مثل الصين والهند) وبالتالي تزايد سريع للطلب مع عدم قدرة المعروض في الأسواق العالمية على مواجهة هذا الطلب المرتفع. ويشير الخبراء في هذا المجال إلى عدم استيعاب القدرة الإنتاجية لمصافي ووسائل إنتاج ونقل النفط لهذا الطلب المرتفع. كما يشيرون إلى التوترات السياسية التي تشهدها مناطق الإنتاج بالإضافة إلى الشائعات التي تؤثر بشكل كبير على سوق النفط الحساسة بطبيعتها لأية تنبؤات حتى ولو كانت مجرد شائعات. وشكلت الكوارث الطبيعية ضغطا جديدا على أسواق النفط وبالتالي ارتفاعا قياسيا لاسعاره لمل سببته من اضرار مادية. وفي حين يختلف الخبراء على ثبات أسعار النفط عند المستوى الحالي أو حول ارتفاعها من عدمه، فإنهم يجمعون على أنه ليس متوقعا أن تعود الأسعار إلى ما كانت علية أو إلى مستوى مقارب للمستوى الذي كانت عليه قبل موجة الارتفاع.  

مع التزايد المضطرد لأسعار النفط برزت إلى السطح أهمية التحرر من الاعتماد الكلي على مادة النفط وإحلال وسائل الطاقة البديلة. وفي هذا السياق قال المدير التنفيذي لبرنامج للأمم المتحدة للبيئة، كلاوس توبفر في مقابلة مع إذاعة دويتشلاند فونك الألماني إن المطلوب الآن هو خفض كميات الطاقة المستهلكة ومواصلة تطوير موارد الطاقة المتجددة. ودعا توبفر في تصريحات مماثلة لصحيفة برلينر تسايتونج الألمانية إلى تغييرات جوهرية في سياسة استخدام الطاقة على المستوى العالمي. وقال المسئول إنه يجب أن نكون أكثر تحررا من الاعتماد على النفط، حسب تعبيره. ويعتبر المسئول الدولي هذا الأمر أهم تحد اقتصادي وبيئي على المستوى العالمي. بحسب رويترز.

وطالب توبفر بتطوير الطاقة المتجددة والتنويع في مصادر الطاقة واستخدام التكنولوجيا الاقتصادية في استهلاك الطاقة والتوفير في استخدامها، الأمر الذي سيساعد على التقليل من الاعتماد على النفط من ناحية وتجنيب البيئة كوارث مدمرة من ناحية أخرى. ويعتبر المسئول الدولي ذلك هو الحل الوحيد لمواجهة الارتفاع المتزايد لأسعار النفط الناجم في رأيه عن الارتفاع الكبير للطلب على النفط في الأسواق العالمية. ويستبعد بشدة أن يحصل تراجع مهم في أسعار النفط الخام عن ما هي عليه حاليا.

ودعا الخبير الألماني الدول الأوروبية إلى مساعدة الدول النامية في توظيف تكنولوجيا الطاقة البديلة وغير المضرة بالبيئة. من جانبه كان رئيس وكالة الطاقة الدولية كلاود مانديل قد حث الدول الصناعية على الاهتمام بالبحوث التي من شأنها تقليل الاعتماد على النفط كمصدر للطاقة وإحلال المصادر الأخرى.

حيث تعتبر ألمانيا من الدول الرائدة في استخدام البديلة والمتجددة. كما أنها قطعت في هذا المجال أشواطا مهمة. وتلقى الصناعات والبحوث العلمية التي تقود إلى خلق واستخدام بدائل أخرى للطاقة الدعم من خلال تخفيض الضرائب وغيره من التسهيلات الحكومية. ويلعب الوعي البيئي المرتفع لدى المواطن الألماني دورا هاما في هذا المجال. ويعتبر الحفاظ على البيئة وإحلال الطاقة البديلة جزء من البرامج الانتخابية للأحزاب الألمانية وفي صلب سياساتها. ويلعب حزب الخضر المشارك حاليا في السلطة دورا في سن قوانين وتشريعات من شأنها الحفاظ على البيئة وإحلال الطاقة البديلة. وهناك خطة للحزب أطلق عليها "اترك النفط" وتعتبر بمثابة خطة سيتم بموجبها رفع مستوى إحلال الطاقة البديلة والمتجددة إلى حوالي الربع حتى عام 2020.

للطاقة مصادر أخرى موجودة في الطبيعة غير النفط. ومن مصادر هذه الطاقة توليد الكهرباء عن طريق توربينات الماء أو تيار الرياح أو من الطاقة الشمسية. كما هناك أبحاث وتطبيقات توصلت إلى إمكانية الحصول على الطاقة عن طريق المواد الطبيعية الاخرى مثل الماء بدلا من البنزين للسيارات والمحركات وغيرها. وبدأت بعض الدول تستخدم الديزل والغاز الطبيعي محل البنزين كوقود للسيارات. كما وتتواصل الأبحاث والتجارب لإاستجلاب الطاقة من المصادر الطبيعية غير المضرة بالبيئة من ناحية والاقتصادية من ناحية أخرى والمتجددة من ناحية ثالثة. 

يفترض أن ينعكس الارتفاع الحالي لأسعار النفط إيجابياً على الدول المنتجة والدول العربية في مقدمتها. غير أن واقع الحال يثبت العكس. إذ أن ارتباط صناعة النفط عموما بتكتلات احتكارية عالمية تتحكم بالأسعار وبالعرض والطلب وفشل هذه الدول في توظيف العائدات النفطية في خدمة التنمية، يحد من استفادة هذه الدول من ارتفاع أسعار النفط.

فرن ألماني يحول الى طاقة

على صعيد اخر تحول الحافضات إلى طاقة سيقلل من أعبائها البيئية ويفتح مصدرا جديدا للطاقة يعكف مهندسون وفنيون ألمان على تطبيق اختراع جديد خاص بأول فرن يعمل بالحفاضات المستعملة في أوروبا لتوليد الطاقة بطريقة آمنة بيئيا. الفرن يستهلك 8 ملايين حفاضة سنويا والمؤسسة المشغلة لهذا الفرن تتوقع تحقيق أرباح عالية. 

تجري الاستعدادات على قدم وساق لتطبيق اختراع جديد خاص بأول فرن يعمل بالحفاضات المستعملة في أوروبا يُبنى لحساب مؤسسة ليبيناو، وهي مؤسسة تهتم بالمشاريع الإنتاجية الصديقة للبيئة، التي تقوم بتشغيل مصحات في أقصى جنوب غرب ألمانيا. وتشعر الممرضات والقائمون على رعاية المرضى في تلك المصحات الخاصة بالمعوقين وكبار السن بالفخر من أن كل حفاضة مستعملة يمكن أن توفر طاقة.

ويقول ماركو ناورتس كبير الفنيين والمشرف على حجرة الفرن بالمقر الرئيس للمؤسسة في ميكلينبورن القريبة من بحيرة كونستانس الألمانية: "عندما يبدأ هذا الفرن بالعمل فإننا لن نكون بحاجة لأي غاز أو بترول في المبنى". ويستهلك الفرن (المصنع) الذي يعلو لارتفاع 11 مترا 8 ملايين حفاضة سنويا. ويستطيع هذا المصنع وبصورة مستمرة إزالة مخلفات 12 ألف مريض ممن فقدوا القدرة على التحكم في عملية الإخراج وليس ثمة مخاطر من توقف الإمدادات، كما يقول القائمون على هذا المشروع.

تركز ألمانيا كثيرا على الطاقة البديلة يتم جمع الحفاضات المستعملة في حقائب بلاستيك تصل في شاحنات للقمامة محكمة الإغلاق. يقول ناورتس "لن تشم رائحة أي شئ هنا " شارحا عملية حرق " الوقود"، حيث تقوم مراوح ضخمة بإبعاد أية روائح. ويقول مهندسون إن متوسط نسبة البلل تبلغ 58 في المئة ويمكنها أن تطلق كم من الطاقة يعادل ما ينتجه خشب الشجر الرطب. وعند درجة حرارة 910 درجة فإنها تحترق في ثوان معدودات. وتستخدم المؤسسة الطاقة في تسخين المياه وفي عمليات غسيل المفروشات وعمليات التدفئة، وان الحفاضات من القمامة إلى مصدر للطاقة وبحسب تقديرات ناورتس فان التكلفة الإجمالية للمصنع - مستودع "الوقود" والأنابيب الجديدة - تصل إلي 3 ملايين يورو. والأجمل من كل ذلك أن ليبناو تتوقع أن تحقق أرباحا من وراء الحفاضات، حيث تتقاضي رسوما من الشركات القائمة على إدارة المصحات للتخلص من الفضلات. وهذه الرسوم أقل من تلك التي تتقاضاها المكبات أو الشركات التجارية للتخلص من القمامة. كما تم تصنيع وسائل نقل خاصة لنقل الحفاضات من المكب إلي الفرن. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وعلى الرغم من فكرة هذا المشروع الرائدة إلا أن القائمين على المصنع فوجئوا بصعوبات قانونية في عمليات الترخيص لأن القانون الألماني لا يتضمن بندا لاستخدام الحفاضات كوقود، حيث تم التغلب عليها باعتبار الحفاضات أنها تحتوي على عناصر عضوية يجيز القانون توظيفها كمصدر للطاقة.

العيش دون دفع فاتورة الكهرباء

وفي سياق متصل أصبح بإمكان المواطنين الألمان شراء منازل تزوِّد نفسها بنفسها بشكل كامل بالطاقة اعتماداً على أشعة الشمس، وحول ما إذا كانت قوة الطاقة الشمسية في ألمانيا تكفي لجعل سكان المنازل يكتفون ذاتيا بالطاقة الشمسية ويستقلـّون عن مؤسسات التزويد بالكهرباء والغاز وبالتالي عدم الحاجة لدفع فواتيرها، يقوم الباحثون في معهد بحوث الطاقة الشمسية في مدينة هاملن وسط ألمانيا في ولاية سكسونيا السفلى بدراسة جدوى ذلك وتقييم ما إذا الأمر مجرد تجربة أم توجه موجود على الواقع قد يطغى على منازل ألمانيا في المستقبل القريب.

ويرى الباحث رولان غوسليش من المعهد البحوث أن المسألة أكثر من مجرد تجربة ويضيف قائلاً:" لكن لا يمكن الجزم بأن جميع المنازل في ألمانيا ستكون مكتفية ذاتيا بالطاقة الشمسية على المدى المنظور". لكنه يؤكد أن التقنية متوفرة ومتاحة ويمكن الاعتماد عليها وهي قابلة للتطوير أيضاً.اكتفاء المنازل ذاتيا بالطاقة الشمسية بدأ بالفعل على المستوى التجاري، بمعنى اِدفع مئة ألف يورو وتخلـَّص من فواتير الكهرباء إلى الأبد، وان تسخين مياه الحمام والمطبخ بواسطة الطاقة الشمسية أمر بديهي جدا للمهندس ميشائيل أوبارمان  لأن الشركة التي يعمل فيها تزوِّد المنازل في ألمانيا منذ عشرين عاما بألواح الخلايا الشمسية. والشيء الجديد في الأمر هذه المرة هو أن المنازل يمكنها الاعتماد كليا على الطاقة الشمسية وتوليد الطاقة بنفسها بشكل مستقل وذاتي تماماً ودون الحاجة إلى أي مصدر للطاقة من خارجها.

ومن أراد من المواطنين أن يشتري منزلاً كهذا فيجب أن يدفع تكاليف إضافية على سعر المنزل تبلغ حوالي مئة ألف يورو: هي ثمن تجهيزات الطاقة الشمسية ومنها الخلايا الشمسية التي تُركـَّب على سطح المنزل ومنها أيضاً خزان لحفظ المياه الساخنة والذي يقول عنه ميشائيل أوبارمان: "يتم استخدام الماء الدافئ  على مدار العام لأغراض التدفئة وتسخين مياه الحمام والمطبخ"، ولكن يتم تحويل معظم  الطاقة الشمسية إلى تيار كهربائي يُستخدم لأجهزة الإضاءة وللطبخ والغسيل وغيرها.

 أمر مثير للاهتمام أن يعيش الإنسان في العصر الحديث في منزله دون أن يدفع فاتورة كهرباء الإضاءة أو فاتورة غاز الطبخ كما تقول إحدى زبونات الشركة وتتابع قولها:"من الجيد أن تكون مصادر الطاقة في المنزل مستقلة وغير معتمدة على مؤسسات  التزويد بالطاقة.

وان الثنائيات الكهربائية أو ما تعرف بالديودات هي مصابيح موفرة للطاقة قلب النظام الكهربائي الشمسي في المنزل عبارة عن أربعة وعشرين بطارية من بطاريات الرصاص الحمضية الموجودة خارج المنزل وهي تشبه في شكلها إلى حد ما بطاريات السيارات، ومهمتها هي تخزين الطاقة و تزويد المنزل بها في الليل عندما تكون الشمس قد غربت، كما يقول المهندس ميشائيل أوبارمان موضحاً أنّ:"السعة التخزينية لمجموع هذه البطاريات تبلغ ثمانية وأربعين كيلووات ساعيّ  يتم من خلالها تزويد المنزل بالطاقة عند عدم وجود أشعة الشمس. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وإذا تم في المنزل استخدام الأجهزة الموفرة للكهرباء، كمصابيح الثنائيات أو ما تسمى بالديودات، فإن هذه البطاريات تكون قادرة على تزويد المنزل لمدة ثمانية أيام  بالطاقة. ومن الجدير بالذكر أن المنازل المكتفية ذاتياً بالطاقة الشمسية يمكنها أيضاً تزويد سيارات أصحابها الكهربائية بالطاقة اللازمة أيضاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/أيلول/2011 - 23/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م