إصدارات أدبية... هموم إنسانية ممزوجة بنكهة الإبداع

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: يتواصل البحث من قبل المثقفين والمبدعين عن ضالتهم المنشودة وسط ركام الكلمات وإشكاليات الزمن، حيث "الإبداع" الذي يسطرونه نثراً أو شعر، وقد ساهم التطور التقني والإعلامي كثيراً في إيصال الأصوات الأدبية سواء أكانت من العصور القديمة أم من العصر الحديث وجعلها في متناول الجميع، والتي أعطت بدورها تنوعاً فكرياً وحضاريا واسع النطاق، في وقت ازدهرت فيه الثقافة والمعرفة الإنسانية بكل أشكالها وألوانها ونكهاتها.

الإعلام سيصنعه الجمهور 

حيث ان "انفجار الصحافة، من الإعلام الجماهيري إلى جماهيرية الإعلام"، عنوان الكتاب الذي أصدرته دار "غاليليه" للكاتب والأكاديمي الإعلامي الفرنسي إيناسيو رامونيه، ووفق قراءة حسن ولد المختار بمجلة "وجهات نظر" تواجه مهنة الصحافة الورقية نفسها بأسئلة الاندثار أم الاستمرار؟، وعمل المؤلف أستاذاً لنظرية الاتصال بجامعة باريس، ومديراً للوموند ديبلوماتيك، كما يتولى الآن رئاسة العديد من المنظمات الفرنسية والدولية الفاعلة في مجال الإعلام، وفي كتابه هذا أيضاً استمرار ضمني ونظري لكتابه السابق "طغيان الاتصال والدعاية الصامتة" الذي حقق أرقاماً قياسية على قوائم مبيعات الكتب في فرنس، ويقول المؤلف أن الإعلام المهني يتراجع أمام إعلام الهواية الشخصية، مؤكداً أن مأزق الصحافة عامة، والورقية منها بصفة خاصة، كان من الطبيعي أن يزداد تفاقماً في عالم عنوانه العام اللحظية واللهاث ضد عقارب الساعة، ضمن سياق عام من التنافس المحموم الذي فرضته الثورة الرقمية، والنمو الخارق لسلطة وسطوة مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والتويتر وغيرهم، وفي ضوء هذا الواقع الجديد أصبح البعض يتحدث عن ظهور "صحافة من دون صحفيين"!، وأكثر من هذا يمكن الإشارة إلى الدخول القوي على خط المنافسة، من خلال تحقيق السبق والاختراقات الإعلامية وتبني حرية النشر المتحللة من كافة أشكال الرقابة المؤسسية، أو حتى الذاتية، التي جسدها موقع "ويكيليكس" مثلاً، خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي، ويذهب "رامونيه" إلى أن تقاليد مهنة الصحافة التي ترسخت خلال فترة القرن ونصف القرن الماضية انقلبت الآن رأساً على عقب، تحت سطوة ديكتاتورية السرعة، والسوق، مواكبة مع تسليع وتسريع متناميين لوتيرة تغيير قوانين وتقاليد المهنة الصحفية التقليدية، مؤكدا أن أشكالاً متميزة مثل صحافة الريبورتاج، والصحافة الاستقصائية، أصبحت اليوم على وشك الاختفاء والانقراض، ليس لأسباب مهنية مبررة، كأن يظهر الجمهور عدم الرغبة فيها، وإنما فقط لأن ممولي العملية الإعلامية يصنفونها عادة على أنها "مكلفة" ماديّاً، بحسب المصدر نفسه

الحقيقة الثقافية

الى ذلك أصدر مشروع «كلمة» للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث رواية جديدة بعنوان «ميرنامة، الشاعر والأمير» للروائي جان دوست المقيم في ألمانيا، وهو نفسه من قام بنقلها إلى العربية، وتدور أحداث الرواية في أماكن متعددة من الإمبراطورية العثمانية في القرن السابع عشر وخاصة بلدة بايزيد على الحدود بين الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية، ويصور الكاتب فيها عبر أكثر من عشرين شخصية متباينة الرؤى ومختلفة المشارب والتوجهات العلمية والمستويات العلمية، سيرة حياة شاعر ومتصوف كردي ناهض الظلم بقلمه ودواة حبر فقط، وهو الشاعر أحمد خاني (1709 - 1651) أحد أكبر الشخصيات الأدبية تأثيرا في تاريخ الكرد، ويمتزج الواقعي بالمتخيل الغرائبي في هذه الرواية ويكاد يكون الحبر، الذي يجزم الكثيرون من شخصيات الرواية أنه هطل من السماء على شكل مطر رذاذ صبيحة دفن الشاعر، البطل الصامت في «ميرنامة»، والرواية إذ تعتمد على الحبر كحامل أساسي ورمز للمثقف، تريد أن تصور لنا صراع عوالمها عبر لغة شعرية متماسكة وسرد روائي يعتمد بالدرجة الأولى على تعدد الأصوات، ولد جان دوست في عام 1965، وانتقل إلى حلب بين عامي 1985 و1988 حيث درس العلوم الطبيعية ليتركها في سنته الثالثة متفرغا للأدب والكتابة، بدأ نشاطه الأدبي منذ شبابه وكتب ملحمة شعرية عام 1984 ونشرت عام 1991 في ألمانيا، توالت كتبه ورواياته وحصل على الجائزة الأولى في القصة القصيرة في سوريا عام 1993 وجائزة الشعر الكردي لعام 2010 في سوري، وتحولت إحدى قصصه «حفنة تراب» إلى فيلم سينمائي قصير في ألمانيا كما مثلت قصة أخرى له بعنوان «حلم محترق» على خشبة المسرح في تركيا.

عودة إلى أدب الرحلات

فيما صدر حديثا عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة كتاب «مدائن الريح»، للكاتب الإماراتي عبد العزيز المسلّم، وهو كاتب متخصص في أدب الرحلات، وجاء الكتاب في 156 صفحة، من القطع المتوسط، ضمنها الكاتب مشاهداته وانطباعاته التسجيلية، لمدن كثيرة في العالم، وخلافا للترتيب التقليدي للرحلات، بالتسلسل التاريخي، ابتدع عبد العزيز المسلم طريقته الخاصة، فصنف مدائنه بحسب القارات، افتتحها برحلات لبنان، متوقفا عند محطات (بيروت، صور، طرابلس الشرق)، حيث قدم تعريفا وافيا عن كل تلك المحطات، من ماضيها إلى حاضرها، مستعرضا أهم المعالم، من جامعات، ومتاحف، ومزارات سياحية، وعلى ذلك المنوال سار الكاتب في وقفاته عند بقية المدن التي تناولها الكتاب، ثم ننتقل مع الكاتب إلى عمان عاصمة المملكة الأردنية، ومنها إلى بانكوك عاصمة مملكة تايلاند، وينتقل الكاتب إلى بلاد الهند، ويستعرض في الفصل الخاص بالهند ذكريات ابن بطوطة في الهند، ثم المدن الأفريقية وبداية من (القاهرة) كبرى مدن العالم العربي، ومن القاهرة إلى أقصى شرق أفريقيا (زنجبار) ثم إلى المملكة المغربية، (الدار البيضاء، الرباط، مراكش، الصويرة)، بعدها يأخذ الكاتب قراءه إلى العاصمة الفرنسية باريس ثم إلى لشبونة عاصمة البرتغال، ثم إلى أميركا الشمالية، في زيارة إلى مدينتي أتلانتا وشيكاغو، و«مدائن الريح» موسوعة ثقافية عالمية مصغرة، ومحاولة لإحياء لواحد من أهم فنون السرد في الأدب العربي والآداب العالمية (أدب الرحلات).

مجلة الرافد

في سياق متصل صدر عن قسم الدراسات والنشر بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، عدد جديد من مجلة «الرافد»، الذي جاء حافلا بالكثير من الدراسات العلمية والأدبية، فضلا عن الاستطلاعات والإبداع، وواكب الإصدار اختيار مدينة «تلمسان» عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2011، حيث أضاء عدد المجلة على هذه الحاضرة الإسلامية عبر دراستين، تناولت إحداهما التعريف بها مع رصد تاريخي للتحولات التي مرت بها، فيما ركزت الدراسة الأخرى على أهم المعالم التاريخية بتلمسان، من جوامع وقصور وغيره، وتنوعت المواضيع التي ناقشها العدد وكان من أبرز المواضيع العدد الجديد، حوار مطول مع الشاعر اليمني الدكتور عبد العزيز المقالح، الذي بدا مهموما بحال أمته ومستقبلها.وحمل ملف العدد عنوان «الإحياء الشعري، عتبة استعادة وانطلاقة شاملة»، وتضمن الملف خمس دراسات نقدية، ألقت إضاءة شاملة على الشعر العربي في العصر الحاضر.

مذكرات عربجي

من جهته يسخر كتاب "مذكرت عربجي" الذي نشر قبل أكثر من 90 عاما من انتهازيي الثورات الشعبية وفي مقدمتهم "الشخصيات الجوفاء" على مسرح السياسة كما ينتقد بقسوة نماذج بشرية يود أن ينزل على وجوهها بالسوط، والفصول التي نشرت مسلسلة في مجلة "الكشكول" بعد الثورة الشعبية في مصر عام 1919 صدرت في كتاب عام 1922 وتستعرض المجتمع بعد ثورة 1919 برصد مفارقات تثير استياء المؤلف الذي اتخذ شخصية حوذي يقول "لو أتيح لي أن أستعمل بدلا من القلم كرباجي "السوط" إذا لقدر الله لوجوه كثيرة أن ينزل عليها مفرقعا في الهواء تاركا أثرا أسود على خدود ليس للدم فيها أثر"، ومن أمثلة الانتهازيين السياسيين الذي يتناولهم الكتاب مسؤول دخل عالم السياسة مع المنادين باستقلال مصر عن الاحتلال البريطاني وبدأ حياته رافعا شعار "لا رئيس إلا سعد" إشارة إلى الزعيم سعد زغلول وتحول إلى شعار "عدلي فوق الجميع" يعني عدلي يكن رئيس وزراء مصر الأسبق ثم انتقل إلى مرحلة ثالثة شعارها "لا حياة إلا لثروت" في إشارة إلى عبد الخالق ثروت رئيس وزراء مصر الأسبق، ويرجح أن نهاية هذا المسؤول ستكون بشعار "لا رئيس إلا ما تقتضيه الأحوال"، ويسجل المؤلف الذي تقمص دور الحوذي أن عربته الخشبية كم حملت وسط الصياح أحد المنادين "بالاستقلال التام" إلى موعد بينه وبين "وليفة وطنية" ويأمرانه بالسير بعيدا عن زحام القاهرة "ليتشاكيا الغرام والنواح والألم على حساب القضية"، ويشبه انتهازيي السياسة والثورات بالذين "يتشعبطون في الترام" ويتشدقون بشعارات منها "تحيا الحرية، يحيا الاستقلال التام" وهي شخصيات "تستحق الموت الزؤام" لأن لهم أغراضا أخرى لا علاقة لها بالقضية الوطنية، وأعادت سلسلة "ذاكرة الوطن" التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر نشر الكتاب الذي يقع في 81 صفحة متوسطة القطع، وقال مدير تحرير السلسلة الشاعر طارق هاشم إن الكتاب يسجل صفحة من التاريخ الاجتماعي والسياسي واعتبره جزءا من الذاكرة الشعبية المصرية. بحسب رويترز.

وقال رئيس تحرير السلسلة الشاعر أسامة عفيفي إن مؤلف الكتاب هو الممثل سليمان نجيب "1892-1953" مستشهدا على ذلك بما سمعه من الكاتب المصري الراحل محمود السعدني والمؤرخ الفني الراحل كمال النجمي، وأضاف أن الشاعر الراحل صالح جودت خصص في كتابه "ملوك وصعاليك" فصلا عنوانه "الجنتلمان الذي كتب مذكرات عربجي، سليمان نجيب"، وصدر كتاب جودت عام 1958 في حياة فكري أباظة ولم يحاول أحد آنذاك بمن فيهم أباظة نفسه أن ينسب الكتاب إلا لنجيب، وكتب أباظة مقدمة قصيرة للكتاب في صيغة رسالة إلى الأسطى حنفي الحوذي "أما كرباجك أنت فلا يسيل الدماء ولكن يجرح النفوس، فشكرا لك يا طبيب النفوس"، ويقول الأسطى حنفي أبو محمود إنه صادف عجائب منها أن أحد الوجهاء يستوقفه ويصعد إلى العربة "وأحس بأطراف حذائه في نصف ظهري" وفي الطريق يصطاد هذا "الوجيه" شخصا آخر يبادله الحديث ثم يطلب منه جنيها "سلف الله، وإن اعتذر فنصف "جنيه" فريال فنصف ريال هو أجرتي طبعا"، ويرى أن "المال مبرر لكل جريمة" مستشهدا على ذلك بعمدة إحدى القرى وقد تجاوز الستين ويسخر منه قائلا "اضطرته كثرة الخيرات أن يتزوج مرة ثانية فتزوج" من فتاة عمرها 16 عاما "قضى عليها جمالها الفضاح، وهي ساهمة مفكرة حزينة تركب عربتي إلى منفاها".

كتاب ستيفن رادليت 

من جهة اخرى صدر عن مركز التنمية الشاملة كتاب "إفريقيا الصاعدة" تأليف الباحث ستيفن رادليت، ويقع الكتاب في 169 صفحة من القطع المتوسط، يدرس فيه مؤلفه بوادر النهوض الاقتصادي في 17 بلداً إفريقياً والتي شهدت تبدلات جوهرية منذ أواسط عقد التسعينات الماضي، ووفقاً لصحيفة "البيان" البلدان التي يضمها الكتاب هي، بتسوانا وبوركينا فاسو والرأس الأخضر وأثيوبيا وغانا وليزوتو ومالي وموزمبيق وناميبيا ورواندة وساوتومي وجزر السيشل وجمهورية جنوب إفريقيا وتنزانيا واوغندة وزامبي، وخلال الكتاب يشرح المؤلف النهضة الكبيرة التي شهدتها بلدان إفريقية عديدة، فمنذ عام 1995 أظهر 17 بلدا إفريقيا خطأ النبوءات المفرطة في تشاؤمها حيال القارة الإفريقية، ولكن لم ينتبه لهذه التهضة سوى القلة، ويشير المؤلف إلى أن هذه البلدان سلكت نهجا جديدا ابتعد كثيرا عمّا كان سائدا في عموم بلدان القارة الإفريقية تقريبا، حيث نبذت الحرب بكل أشكالها والجمود، الذي ساد لعقود طويلة بعد نهاية الاستعمار، ودكتاتوريات الماضي، وشرعت بخطوات صغيرة وثابتة في تأسيس مسيرة نهضتها محققة نموا اقتصاديا ثابتا ومستداما تتجاوز نسبته السنوية منذ أكثر من عقد من الزمن نسبة النمو في بلدان منطقة "اليورو"، ويؤكد المؤلف أن الجهود التي بذلها الأفارقة تواكبت مع سياق تاريخي شجّع عليها ودفع باتجاهها.

سيرة "سيلين" المناهض لليهودية 

بينما صدر حديثاً عن دار نشر جاليمار سيرة ذاتية للأديب لويس فرديناند سيلين كتبها الكاتب هنري غودار الأستاذ في جامعة السوربون والمتخصص في الرواية الفرنسية خلال القرن العشرين، ووفقاً لصحيفة "القبس" الكويتية يقول غودار في كتابه الجديد أن "سيلين هو أديب مختلف تماما عن بقية الأدباء، انه شخص مثير له مواقف قوية وصارمة، لكن هناك دوما جزءا من الرأي العام يرفضه تماما"، وقد اشتهر سيلين بمواقفه الصارمة والقوية، وقد واجهت أفكاره بالرفض من قبل العديد من النقاد والأدباء من الساحة الأدبية والذين رفضوا أفكار سيلين ووصفوها بالحمقاء والخطرة مثل الأديب جان بيير مارتان الذي خصص كتابا كاملا لمهاجمة سيلين عنونه بـ "ضد سيلين"، وقد دافع سيلين عن نفسه وكتاباته بعد الحرب العالمية الثانية وأكد أكثر من مرة أنه إنسان تقني ونصوصه لا تحمل أي رسالة ايديولوجية وإنما هي تعبير عن واقع كان يعيه، وقد حرص هنري غودار على إبراز كتابات سيلين وإبداعاته عند كتابة سيرته الذاتية، ويوضح غودار أن الدولة الفرنسية ليست من منع طبع ثلاثة مؤلفات لسيلين، كان قد اتخذ فيها مواقف متشددة من اليهودية العالمية وهي "كلفة بخسة لقتل بالجملة" و"مدرسة الجثث" و"الشراشف الجميلة" وإنما توقف طبع هذه الروايات بعد أن عارضت لوسات ديستوش زوجة سيلين ذلك بناء على طلب الأخير، ويشار إلى أن الجدل بشأن سيلين ظهر حين اعترض الأديب سيرج كلارسفلد على تكريمه خلال الاحتفالات الوطنية الفرنسية لعام 2011 باعتباره معادي للسامية ونشر كتابات كثيرة تصب في محاربة اليهودية العالمية بكل جوانبه، وقد رفضت وزارة الثقافة الفرنسية تكريم الأديب الراحل بسبب مواقفه المناهضة لليهود، ورغم مرور خمسين عاما على وفاته، إلا أن اللوبي اليهودي الفرنسي استطاع الضغط على وزير الثقافة فريديريك ميتيران لحذف اسمه من قائمة الأدباء الفرنسيين المكرمين.

في كتاب سبينس 

من جانب اخر فان "مستقبل النمو الاقتصادي في عالم متعدد السرعات" عنوان الكتاب الجديد الذي صدر عن "فارار، شتراوس وجيرو" للمؤلف مايكل سبينس هذا العام، وبحسب قراءة سعيد كامل في مجلة "وجهات نظر" الإماراتية، يركز "سبينس" في كتابه الجديد على تلك الاحتكاكات التي تظهر عندما يحاول العالم المواءمة بين العمالقة الجدد الصاعدين، مثل الصين والهند، وبين الدول البطيئة النمو مثل أميرك، ويقول المؤلف إن اليابان كانت الدولة الأولى التي حققت نمواً مرتفعاً، ومستداماً، وعالي السرعة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأنها فعلت ذلك وحدها قبل أن تتبعها حفنة من الدول الصغيرة نسبياً والتي أُطلق عليها لقب "النمور الآسيوية"، ويتساءل المؤلف عما إذا كان من الممكن لهذه التركيبة أن تنجح، عندما تحاول 60 في المئة من البشرية بقيادة الصين والهند تحقيق النمو السريع.ويشير في هذا السياق إلى أن العولمة كانت عنصرا لازما للنمو السريع للاقتصادات الصاعدة، لكنها قادت أيضاً إلى تزايد معدلات عدم المساواة بين فئات المجتمع في الدول المتحولة للثراء، والتي استجاب بعضها لمطالب معالجة هذه الظاهرة بإقامة أسيجة اجتماعية واقية لحماية الطبقات الأكثر فقراً في المجتمع بينما تلكأ بعضها عن ذلك.

زنوبيا ملكة الشرق

الى ذلك قدم الباحثان خالد الأسعد والبروفسور الدنماركي فيين أوفه ويدبرغ هانسن في كتابهما زنوبيا ملكة تدمر والشرق دراسة شاملة عن تاريخ مدينة تدمر وحياة ملكتها زنوبيا التي حققت شهرة واسعة ومكانة لائقة لها إلى جانب نساء الشرق القديم الشهيرات مثل الملكة البابلية سميراميس والمصرية كليوباترا وملكات البتراء وغيرهم، وقسم الباحثان الكتاب الذي يقع في 280 صفحة من القطع المتوسط إلى أربعة عشر فصلا وثقت بصور وخرائط لأهم معالم المدينة الأثرية تضمنت تاريخ مدينة تدمر وعلاقاتها التجارية والدولية والعمرانية في ظل حكم الملكة زنوبيا إضافة إلى أوابدها الخالدة التي حافظت على غنى المدينة كمركز يقع بين الإمبراطوريتين فارس وروم، وتضمن الكتاب في الفصول الأولى معظم الدراسات الغربية عن الحضارات الشرقية التي جعلت من مدينة تدمر وأوابدها الخالدة بوابة الحضارة السورية والمدينة والحلم لكل مثقفي العالم وجنة العلماء والباحثين وقبلة لمختلف السياح، كما جعلت من ملكتها زنوبيا أسطورة في روايات ومؤلفات الأدباء المتفتحين على الآداب الكلاسيكية في الغرب بعد عصر النهضة ومنهم الألماني يان غروتر في هايدلبرغ الذي نشر عام 1616 دراسة عن روما بعنوان مجموعة الكتابات الرومانية اعتمد فيها على منحوتة تدمرية تمثل الربين التدمرين عجليبول وملكبل، وقال الباحثان إن زنوبيا وحياتها الدرامية استرعت انتباه كتاب السيرة العرب وشحذت صفاتها كشخصية عسكرية وسياسية قرائح الشعراء الذين افتتنوا بحياتها وفتوحاتها وبنهاياتها الأخيرة في بلاد الغربة. بحسب وكالة الانباء السورية.

وأشار الباحثان في الفصلين الثالث والرابع من الكتاب إلى ان تدمر شكلت خلال فترة حكم أسرة الملك اذينة وزنوبيا ما بين أعوام 235 و273م قوة كبيرة بنفوذها وعلاقاتها التجارية وتطورها العمراني الواسع من خلال شبكة الطرق البرية والبحرية الممتدة من الصين حتى قادس على المحيط الأطلسي حيث كان التدمريون تجارا عالميين استفادوا من أرباح التجارة الدولية التي أقاموها وبنو محطاتها ونظموا قوافلها وحمو طرقها مستفيدين من علاقاتهم مع روما وفارس، وأوضح الباحثان أن تدمر شكلت أيضا نقطة التقاء لجميع الناس كأغنى وأجمل المدن في العالم على طريق الحرير وهذا ما أكدته آثارها التي ما زالت قائمة حتى اليوم لاسيما معبد بل أكبر معابد المدينة والشارع الطويل وما يتضمنه من أبنية أهمها المسرح والمعبد القيصري وحوض عرائس الماء إضافة إلى الحمامات بأعمدتها الغرانيتية الضخمة وقوس النصر ونبع أفقا المقدس وغيره، وأشار الباحثان إلى أن المصادر التي تم اعتمادها في الكتاب اتسمت بالتنوع والشمولية ومن بين أقدم هذه المصادر هي النقوش المكتوبة بالآرامية من تدمر والمناطق المحيطة بها والى حيث وصلت قوافلها وجنودها ثم النقود المسكوكة أيامها إضافة إلى الأعمال التاريخية المكتوبة باللاتينية واليونانية التي تراوحت في درجة مصداقيتها بين الحقيقة والخيال الأمر ذاته ينطبق على الأعمال التاريخية العربية التي تناولت ملكة الصحراء باسم زنوبيا أو الزباء كالرحلات الاستكشافية وأخيرا المكتشفات الأثرية التي تمت بها منذ القرن الثامن عشر وحتى الآن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/أيلول/2011 - 16/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م