مجزرة النخيب... جرح جديد في خاصرة مدينة كربلاء

استياء شعبي ومطالبات لتعقب المسؤولين

متابعة وتعليق: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لا تزال اصداء الجريمة التي اقدمت بعض المجاميع الارهابية على تنفيذها مؤخرا، والتي سقط ضحيتها عدد من المدنيين الابرياء في محافظة كربلاء المقدسة، لا تزال تلك الاصداء تتفاعل مع حالة الاستياء الشعبي والرسمي المستمرة.

وتصر تلك الاوساط بضرورة تعقب مرتكبي جريمة مجزرة النخيب وأهمية ان تطالهم يد العدالة، حيث جددت الجهات الدينية والرسمية مطالبها بانصاف اهالي مدينة كربلاء، سيما ان الامر تكرر لاكثر من مرة سابقة.

في الوقت الذي اعلنت القيادات الامنية انطلاق عمليات تمشيط واسعة للجيش العراقي في البادية الغربية للعراق، لتتبع الفاعلين والقاء القبض عليهم باسرع وقت، كما تم الاعلان عن القاء القبض على مشتبه به قد يكون على صلة بالمجرمين.

مكتب المرجع الشيرازي

فقد أدان مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في كربلاء المقدسة المجزرة الإرهابية البشعة بمنطقة النخيب التي استهدفت زوار السيدة زينب عليها السلام والتي راح ضحيتها العشرات من الشهداء مطالباً القوى الأمنية بوضع التدابير اللازمة لحفظ دماء المؤمنين واتقان الحماية الأمنية للزائرين والمؤمنين الكرام، وفيما يلي نص البيان:

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز : (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً). سورة النساء الآية 93

إن الحادث الأليم الذي أودى بحياة جمع من المؤمنين والمؤمنات في طريقهم لزيارة السيدة زينب والسيدة رقية عليهما السلام وأداء مناسك العمرة وزيارة قبر الرسول والأئمة عليهم السلام ليس إلاّ حلقة في مسلسل الإجرام التكفيري البعثي، والذي لا يزيد شعبنا المؤمن إلاّ إصراراً ومضياً على طريق أهل البيت عليهم السلام.

ونحن إذ ندين هذه المجزرة النكراء نحمل القوى الأمنية مسؤولية أي حادث من هذا القبيل ونطالب بوضع التدابير اللازمة لحفظ دماء المؤمنين وإتقان الحماية الأمنية للزائرين والمؤمنين الكرام، ونتقدم إلى ذوي الشهداء بأحر آيات التعازي سائلين المولى سبحانه أن يتغمدهم برحمته ويسكنهم فسيح جناته وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان وأن ينعم على الشعب العراقي بالأمن والسلام، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.

اثنان من الفلوجة وواحد سوري و19 كربلائيا

فيما كشف مدير عام صحة كربلاء، عن أن ضحايا مجزرة النخيب هم اثنان من أهالي مدينة الفلوجة وآخر يحمل الجنسية السورية، والبقية كانوا من مدينة كربلاء. وأوضح الدكتور علاء حمودي بدير أن "مستشفيات المدينة استلمت نحو 22 جثة تعود ضحايا المغدورين منفي جريمة النخيب التي حدثت، مساء أمس (الاثنين)"، وأضاف أن "اثنين من الضحايا هم من أهالي الفلوجة، وواحد يحمل الجنسية السورية الذي توقع أن كان سائق الحافلة التي أقلت العراقيين إلى سوريا ومن ثم التوجه إلى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة". وأوضح أن "بقية الضحايا هم من أهالي كربلاء بينهم عدد من الشباب وكبار السن". بحسب اصوات العراق.

وكانت مجموعة مسلحة قامت ليلة امس باختطاف حافلة تقل نحو 30 شخصا قادمة من سوريا في منطقة وادي القذر والتي تبعد نحو 70 كم، عن مركز ناحية النخيب وتم انزال النساء والاطفال قبل قتل 22 مدنيا من الرجال.

وهذه هي المرة الثانية من نوعها التي يستهدف فيها زوار وحجاج في هذا الطريق حيث سبق إن استهدفت جماعات من تنظيم القاعدة حجاجا عائدين من الديار المقدسة عام 2008 وقتل 60 حاجا من الرجال بعد إحراق جثثهم أمام النساء.

مشتبه به

من جهته أفاد نائب رئيس مجلس محافظة كربلاء، أن الاجهزة الامنية في المحافظة تمكنت من اعتقال شخص تشتبه بكونه احد المنفذين لمجزرة ركاب حافلة النخيب، كاشفا عن وجود طفلة على قيد الحياة اجرت اتصالا مع ذويها بعد تنفيذ المجزرة.

وقال نصيف الخطابي إن "الحكومة المحلية توجهت منذ أمس في السابعة مساء إلى مكان الحادث بعد أن تمكنت طفلة من إخفاء جهاز الهاتف النقال ولم تسلمه للإرهابيين الذين انتزعوا الأجهزة من الجميع وقد اتصلت بذويها واتصلوا بنا". وأضاف أن "المسلحين كانوا قد تمكنوا من إيقاف حافلتين الأولى ذاهبة إلى سوريا والأخرى عائدة منها وعزلوا الرجال ومن ثم قتلوهم ومثلوا بجثثهم وتركوا النساء والأطفال في العراء".

وكشف الخطابي أن "الاجهزة الامنية في المحافظة تمكنت من اعتقال احد المشتبه بهم بعد أن عثرت بصحبته على أسلحة وأجهزة اتصال نقالة"، مبينا أن "التحقيقات جارية معه لمعرفة تفاصيل أكثر". وتابع أن "الحكومة الحلية في كربلاء اعلنت الحداد ليوم واحد على أرواح مجزرة النخيب والتي راح ضحيتها نحو 22 شخصا من المعتمرين العراقيين".

الجيش يمشط الصحراء

في السياق ذاته قال مسؤولو أمن ان جنودا عراقيين داهموا مخابيء مسلحين في الصحراء الشاسعة بغرب البلاد والقوا القبض على عدة أشخاص لاستجوابهم. وقال العميد هادي رزيج قائد شرطة الانبار ان تنظيم القاعدة وراء هذه الجريمة وان بصماته يمكن ان تشاهد بوضوح في مسرح الجريمة.

وقال ان الجيش والشرطة تستخدمان عربات في تمشيط الصحراء للبحث عن مخابيء المسلحين وانه تم القاء القبض على بعض المشتبه بهم المتعاطفين مع القاعدة لكن عملية التفتيش مازالت مستمرة ولم يتم القاء القبض على مجرمين حتى الان. وأضاف انهم مصممون على حل لغز هذه الجريمة.

وقال رزيج ان المسلحين أطلقوا النار على 22 رجلا كانوا على متن الحافلة بينهم سائق سوري وأربعة من افراد الشرطة خارج نوبة العمل بينما لم يقتل المسلحون 15 امرأة و12 طفلا ورجلين مسنين.

وفي كربلاء تسلم أقارب جثث ضحايا لدفنها وبعض القتلى تم وضعهم داخل قماش أخضر لم يظهر منه سوى أحذيتهم. وقال كريم الحبوبي قريب أحد الضحايا "عندما وصلنا وجدنا 22 جثة. كانت النساء لا تستطيع الحديث بالطبع فقد ذبح المهاجمون الرجال امام النساء. انها مذبحة."

وأضاف انه لا يوجد أمن على الطريق وتساءل "أين الدولة.. أين الحكومة.. أين الجيش؟"

وعرض زعيم قبلي في الانبار يدعى أحمد أبو ريشة مكافأة بقيمة 50 مليون دينار عراقي (43000 دولار) لمن يدلي بمعلومات تؤدي الى اعتقال المهاجمين.

وتقع محافظة الانبار في قلب المنطقة السنية بالعراق وكانت في وقت من الاوقات معقلا لتنظيم القاعدة. وشهدت الرمادي والفلوجة وهما المدينتان الرئيسيتان بالمحافظة بعضا من أشرس عمليات القتال بعد الغزو الامريكي في عام 2003. وتراجع العنف عندما انضم شيوخ قبائل سنية الى الجيش الامريكي في القتال ضد تنظيم القاعدة. وقال فؤاد الدوركي عضو البرلمان ان الهجوم على الزوار الشيعة أظهر اتجاها طائفيا كريها. وأضاف ان فلول النظام السابق بالتعاون مع القاعدة فعلوا ذلك.

وقال سكان من محافظة الانبار انهم يخشون عودة العنف الطائفي. وقال زياد حسين (39 عاما) أحد سكان الرمادي "هذه العملية جريمة أخشى ان تؤدي الى اعمال طائفية مثلما حدث في 2006 و 2007 . لا أتمنى للعراق العودة الى تلك الفترة."

سياسيون يقفون وراء محرضي ارتكاب جريمة النخيب

من جانبه اتهم النائب عن التحالف الوطني علي كردي، الثلاثاء، بعض السياسيين بالوقوف وراء محرضي ارتكاب جريمة النخيب، بهدف تحقيق مكاسب سياسية.وأوضح علي كردي أن "جريمة النخيب تعد خرقا امنيا، وتتحمل مسؤوليتها الأجهزة الأمنية"، وأضاف" هذا الحادث يقف خلفه محرضون وهم بعض السياسيين الذين يتخذون من دماء العراقيين طريقا لتحقيق أهدافهم ومآربهم الشخصية".

وبحسب كدري فإن "هذا الطريق يعرفه الساسة من انه ربما يكون هدفا لزرع الفتنة والعودة إلى الحرب الأهلية"، واستدرك "فليعرفوا جيدا أنه لا عودة لهذه الحرب، لان الشعب العراقي هو احرص من السياسيين على وحدته وعدم العودة إلى تلك السنوات المريرة" .

ودعا كردي الحكومة العراقية "إلى أخذ زمام الأمور في حماية الطريق في حال عدم قدرة قيادة عمليات الانبار على ذلك".

القوات الأمريكية

في حين حملت النائب عن تيار الأحرار المدعومة من التيار الصدري إيمان الموسوي، القوات الأمريكية مسؤولية جريمة النخيب، داعية أهالي الانبار إلى الخروج في تظاهرات للتعبير عن الوحدة الوطنية.

وقالت الموسوي "ما حصل على الطرق الدولي من عمليات إعدام وقتل لمعتمرين عراقيين من أهالي كربلاء يعد جريمة بحق الإنسانية"، وأضافت" نوجه أصابع الاتهام للقوات المحتلة كونها يحركون اذرعهم إن كانت القاعدة أو المجاميع الإرهابية الأخرى لقتل العراقيين".

وكانت مجموعة مسلحة قامت ليلة امس باختطاف حافلة تقل نحو 30 شخصا قادمة من سوريا في منطقة وادي القذر والتي تبعد نحو 70 كم، عن مركز ناحية النخيب وتم انزال النساء والاطفال قبل قتل 22 مدنيا من الرجال.

وأوضحت الموسوي إن "الجريمة تعد انتهاكا لحق المواطن في دولة تتحكم بها قوات الاحتلال، ولا تريد أن تجعل قواته قوية ومسلحة"، وتساءلت "لماذا لا توجد في الطريق كاميرات وطائرات لحماية طريق دولي يربط العراق بثلاث دول هي السعودية وسوريا والأردن".

وبحسب الموسوي فإن القوات الأمريكية "تعمل على زعزعة الأمن والوحدة العراقية بهدف الاستمرار في احتلالها للعراق" داعية الحكومة العراقية والسياسيين إلى "العمل على إلقاء القبض على المنفذين وإعدامهم علنا، وإذا ما أريد لهذا الأمر أن يتحقق فعلى الشعب أن يحولها إلى قضية رأي عام لكي يكون هناك ضغط على الحكومة وعلى قوات الاحتلال بالكشف عن ملابسات الجريمة".

وطالبت النائبة عن كتلة الاحرار سكان الانبار إلى "الخروج في تظاهرات تكون استنكارية لما حصل وأن يتضامنوا مع إخوانهم الشيعة ليس لأهالي كربلاء بل لكل العراقيين ولكي نرسل رسالة واضحة وقوية إلى المحتل وإذنابه إننا متوحدون".

ضم قضاء النخيب

علي صعيد متصل جدد محافظ كربلاء مطالبته الحكومة الاتحادية بضم قضاء النخيب إلى المحافظة، لتامين طريق قوافل السياح المتوجهة إلى دول الجوار، محملا في الوقت نفسه القوات الأمنية مسؤولية الحادث.

وقال محافظ كربلاء أمال الدين مجيد الهر لوكالة كردستان للأنباء (آكانيوز) أن "مطالبتنا بضم قضاء النخيب إلى محافظة كربلاء من اجل تامين مسيرة قوافل السياح التي تتجه إلى دول الجوار، وخصوصا أن النخيب يعتبر منفذا لدخول الزوار من سوريا والسعودية وقد تكررت حوادث استهدافهم من قبل الجماعات المسلحة ".

وأكد الهر ان "المنطقة تاريخيا تعود لمحافظة كربلاء ومطالبتنا بضمها ليست مطالب غير مشروعة "، محملا القوات الأمنية مسؤولية. ويذكر ان قضاء النخيب الخاضع إداريا إلى محافظة الرمادي استحدث سنة 1961 من القرن الماضي، وكان يتبع إداريا محافظة كربلاء قبل أن يلحق مطلع السبعينيات بمحافظة الأنبار. وتقع محافظة كربلاء على بعد ( 108 كم ) إلى الجنوب الغربي من العاصمة العراقية بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/أيلول/2011 - 16/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م