الهداية والإرشاد من الواجبات الحتمية

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: الارشاد واجب لا تراجع عنه قط، وذلك لأهميته في تقويم المجتمع، ولهذا يركّز المصلحون من رجال الدين والمفكرين وغيرهم، على أولوية هذا الجانب لما ينطوي عليه من قدرة على بث الوعي بين شرائح المجتمع، لاسيما تلك التي تقبع تحت وطأة الجهل والتخلف بفعل فاعل، هو الحكومات القمعية التي تعمل على تجهيل الجميع، لهدف واضح هو الحفاظ على امتيازاتها وعرشها من الاهتزاز والسقوط.

ثمة معادلة يتفق عليها الجميع، يشكل طرفاها، الوعي من جهة، والاستبداد من جهة اخرى، فكلما زاد الوعي وهداية الناس الى الصواب كلما قل الاستبداد وضعف، والعكس يصح، إذ أن قلة الوعي والجهالة تشكل عاملا حاسما في مساندة الاستبداد، لهذا يعد الارشاد من اهم العناصر القادرة على مقارعة الطغاة.

من هنا يتم التأكيد لاسيما على النخب ومنهم رجال الدين، بأن يتخذوا من النصح والارشاد وزيادة وعي العامة هدفا رئيسيا لهم، فكما يقول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في توجهاته السديدة ضمن هذا المجال: (إن الارشاد وهداية أبناء المجتمع من الأمور الواجبة والفرائض المهمة، خاصة في مثل هذه الأعصار، فلا ينبغي للمتدينين من العلماء والمثقفين أن يهملوا هذا الأمر بحجة الاهتمام بالأمور العبادية وسائر النوافل).

هذا يعني أن الارشاد يتقدم على الاكور الاخرى، والسبب دائما هو رفع الجهالة عن عقول الناس، وتفتيت طبقات التخلف التي تحاول إعماء بصائرهم والتي غاليا ما يكون مصدرها الحكام المستبدون، ومن بين الوسائل المهمة لترويج الفكر الصحيح، مراعاة الطقوس والالتزام بها بما يحقق الهدف المرتجى من ذلك، فالحج مثلا يعد من اهم الشعائر التي تقارب بين المسلمين من مختلف ارجاء العالم، لهذا لابد أن يتنبّه المعنيون الى ضرورة ارشاد الناس لاسيما الشباب منهم الى تلبية هذه الشعيرة من اجل زيادة الايمان والوعي في نفوسهم.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الصدد بكلمة توجيهية له: (ينبغي للجميع أن يهتموا بتوجيه وإرشاد الحجيج من الشباب على وجه الخصوص وذلك بأن يوضحوا لهم أصول دينهم ويعمقوا عندهم الاعتقاد بها إذ إن الكثير من التسيبات التي تطفوا على السطح في الوسط الشبابي مرجعها الى ضعف الاعتقاد في هذه الأصول).

وثمة علاقة بين الوعي والالتزام الديني، كما تؤكد على ذلك الشواهد الكثيرة، وهنا يكمن دور المصلح الديني، حيث يتطلب منه بذل جهود مضاعفة لترسيخ الفكر الارشادي السليم في اذهان الشباب، وجل الامر يتعلق بتركيز الايمان ومضاعفته في نفوس الناس لا سيما الشباب لسببين، الاول لانهم في مقتبل العمر وينبغي كسبهم لانهم رصيد الامة، والثاني لأنهم يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع وايمانهم ووعيهم يعني ايمان المجتمع وزيادة وعيه، لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي قائلا في هذا الصدد: (لو تعمّق الايمان في نفسية الانسان المؤمن وشعر بأنه مراقب من قبل الله سبحانه وتعالى في كل حرماته لتجلت عنده حالة الورع والالتزام الديني).

إن شريحة الشباب في المجتمعات الاسلامية لها ثقل كبير بسبب زيادة نسبتها كما سبق ذكر ذلك، لهذا لابد أن تتم عمليات التعامل معهم بما يتفق مع مدركاتهم ومستوياتهم المعرفية والحياتية عموما، وطالما انهم ابناء الحاضنة الاسلامية، فإنهم الاجدر بالايمان ومضاعفته، لذا لابد أن يستثمر المصلحون ورجال الدين هذه الخصيصة، لغرض بث الوعي وتركيز الايمان بين فئة الشباب من اجل كسبهم الى جانب الحق والطريق الصحيح.

في هذا الخصوص يؤكد سماحة المرجع الشيرازي على: (أن الجيل الشاب المعاصر ينطوي على نفسيات صافية وقلوب طيبة الا أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الضاغطة المحيطة بهم، تشوه تفكيرهم الديني وتحطم روحياتهم الايمانية).

إن الارشاد على نحو عام ينبغي أن يكون العمل الاول لرجال الدين والنخب كافة، والسبب كما قلنا يفتح للجميع نوافذ المعرفة، وبالتالي التعامل مع الوقائع السياسية وغيرها من منطلق الفهم ومعرفة الحقوق والحق الذي يعلو ولا يُعلى عليه، وطالما ان فئة الشباب مهمة وينبغي كسبها، فإن المعنيين ينبغي عليهم معرفة نفسية الشاب ودراستها جيدا بما يسهل التعامل معها وكسبها، وهذا ما ينصح ويوجه به سماحة المرجع الشيرازي جميع الذين تقع على عاتقهم مهمة الهداية والارشاد، كسبا للشباب وفوزا بقدراتهم حيث يقول سماحته في هذا الخصوص: (ينبغي أن نتعامل مع الشباب برحابة صدر ولا نواجه أخطاءهم بأساليب عنيفة، بل نعفو عنها ونحتضنهم قدر المستطاع ونقدم لهم أجوبة على تساؤلاتهم الجديدة بأساليب غير معقدة ولو فعلنا ذلك لدخلوا في دين الله بالملايين.. لأنهم لو اطلعوا على حقيقة الاسلام الصافية لأحبوها وانجذبوا اليها.. كما حصل ذلك عندما جاء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى مكة فاتحاً وتعامل مع المشركين من منطلق الرحمة والعفو، فانقادوا نحو الاسلام ودخلوا فيه أفواجا).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/أيلول/2011 - 16/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م