مقدمة:-
في غمرة الربيع العربي المتلاحق والمتسارع، كان ينبغي ان نكتب عن
التغيير والثورة والحكومة الاسلامية في فكر الامام الشيرازي، وسقوط
الرأسمالية الذي تحدث عنه كثيرا في كتابه الاقتصاد غير اني عمدت
لأوراقي القديمة التي لم تنشر لأقدمها للقارئ.. وفاء للذكرى.. هذه
دراسة اعددتها قبل سنوات بغية نشرها في كراس افتراضي، لكن تأخرت في
مراجعتها ونقدها.. حذفت منها المدخل المعنون بكيف نقرأ الامام الشيرازي..
ساترك للقارئ تقييمها ونقدها.. وسوف اعتز بملاحظاته وأراءه.
أدرك الإمام الشيرازي الخطر الصهيوني على العالم الإسلامي فسعى لكشف
الستار عن خططه ومؤامراته وأساليب تفكيره وطرق عمله فكتب عن اليهود عدة
كراسات وذكرهم في العديد من كتبه مثل كتاب السياسة (الطبعة السادسة –
1407 هـ) وفلسفة التاريخ والسبيل إلى إنقاذ المسلمين كما ساهم في نشر
العديد من الكتب التي تفضح الخطط الصهيونية مثل "برتوكولات حكماء صهيون
" والذي قال عنه أن طبعات هذا الكتاب كانت تنفذ من الأسواق والمكتبات
بسرعة وبعد مراقبة الموضوع تبين أن عملاء اليهود كانوا يشترون كميات
الكتاب من الأسواق، وللإمام الشيرازي نظرة ثاقبة حول اليهود وكيف لا
وهو ربيب القرآن الذي ذكرهم في العديد من آياته الشريفة وعدد الكثير من
طغيانهم راسما سماتهم وطبائعهم النفسية والأخلاقية وما انطوت علية. في
هذا الدراسة، حاولت استقراء رؤى الأمام الشيرازي حول اليهود وما هي
الأساليب التي كان يتبعها لتعريف باليهود والصهيونية؟
والدراسة كانت ضمن فصول
الأول: من هم اليهود
الثاني: كيف يعمل اليهود وماهي أفكارهم
الثالث: كيف نواجه الخطر اليهودي الصهيوني
يقول هيثم مولى: لقد كتب السيد الشيرازي قبل أكثر من ثلاثة عقود
كتابه (هؤلاء اليهود) إيمانا منه بأن كشف حقيقة هؤلاء الغاصبين لفلسطين
ولبيان انحرافهم العقائدي وطموحاتهم الاستعمارية جزء لا يتجزء من الحرب
الإعلامية ضدهم لتعريف المسلمين بحقيقتهم وما يضمرون من شر وحقد
للإسلام وأهله " مقال بعنوان من هم اليهود؟ ومن هي إسرائيل؟ "
الفصل الأول
أ- للإمام الشيرازي طرق متعددة للتعريف باليهود فهو تارة يتكلم عن
الأصل الذي أنحدر منه اليهود وتارة أخرى يتكلم عن الأرض التي يعيشون
عليها وفي بعض الأحيان يكون التعريف باسلوب التفكير وطرق العمل،
والإمام الشيرازي إن كان يرى ضرورة التعريف باليهود فهو لكونهم خطرا
يهدد العالم الإسلامي لهذا كان لتعريفه بطرق تفكيرهم وانحرافهم الخطير
عن الفطرة السليمة النصيب الأكبر من الاهتمام فأصل اليهود ليس بأمر ذي
بال عند الشيرازي لهذا نراه يتكلم عن هذه النقطة بشيء من الاختصار بغية
التعريف بانحدارهم النسبي والعرقي والديانة التي كانوا يعتنقونه، مع ان
للامام الشيرازي الاسبقية في التعريف بالاصل الخزري لليهود حيث ان
الدرسات التي كتبت حول الاصل اخزري لليهود لم تتجاوز العشرين عاما في
حين تجاوزت دراسات الامام الشيرازي الثلاثين عاما.
فهو إن تكلم عن الأصل اليهودي القادم من سلاسة اليهود الذين عاشوا
مع نبي الله موسى "ع" نراه يعدد الكثير من جرائمهم وأفعالهم. ، يقول في
كتابه هؤلاء اليهود تحت عنوان اليهود، بعد أن ذكر نبذه بسيطة عن نبي
الله إبراهيم (ع) " وكانت لإبراهيم عليه السلام زوجتان، سارة وهاجر
وولدت سارة من إبراهيم إسحاق وولدت هاجر من إبراهيم إسماعيل، وأما
إسحاق فقد أولد يعقوب وليعقوب (ع) عدة أولاد من جملتهم (يهودا) هذا صار
من نسله عدة من بني إسرائيل وباسمه سمي اليهود وإسرائيل مركب من كلمتين
عبريتين (اسرا) و(ئيل) وتعني الكلمة الأولى عبد وتعني الكلمة الثانية
الله فمعناه عبد الله والمراد به يعقوب عليه السلام، و(صهيون) جبل في
أورشليم عليه بني الهيكل وفيه المسجد الأقصى وفيه الصخرة وقد جاء اسم
هذا الجبل في كتاب العهدين.
فإذا قيل لليهود الساكنين () في فلسطين أو غيرها (إسرائيل) كان من
جهة يعقوب أو قيل (يهود) كان نسبة إلى (يهودا) بن يعقوب أو قيل (صهيون)
كان نسبة إلى ذلك الجبل
وفي حين يرى الإمام الشيرازي أن اليهود اليوم ليسوا هم انحدار ليهود
الأمس الذين حرفوا التوراة ومعالم الدين المقدس وأن الأسماء التي تطلق
عليهم هي مستوحاة من أصولهم الدينية، فهو يرسم حقيقة تاريخية تحمل في
طياتها صوره للتأزم النفسي والاجتماعي التي تعيشها هذه الفئة. فاليهود
كما يرى الامام الشيرازي قد عانوا من التأزم النفسي بسبب عقدة الكبر
التي ترسخت في نفوسهم بانهم شعب الله المختار، وانهم الصفوة التي
اختارها الله، فمنهم الانبياء والرسل والاولياء الصالحين، كما خصهم
الله بالعدد الاكبر من الانبياء والرسل، ورغم ان هذه الكثرة تشير الى
حالة العناد وحالة الاستغراق في الشهوات حيث لم يكتفوا بقتل الانبياء ،
بل وحرفوا الكتب المقدسة، مكرسين حالة من الاستلاب للوعي الديني. بمعني
انهم يمارسون الهوى والانفلات الاخلاقي تحت غطاء ديني رسموه بايديهم
هربا من الضغط النفسي، والاحتقان والشعور بالمهانة جراء ارتكاب المعاصي
ومخالفة رسالة السماء. فكما هو معروف فان الاصطدام بالقيم سبب في
العديد من حالات العصاب و الاضطراب النفسي. ولقد دفعهم الشعور بالكبر (الذي
باطنه الذل والمهانة) على محاربة الامم و الدول التي يعيشون فيها
فنشروا فيها الفساد واستولوا على اقتصادها طلبا للاستعلاء، مما ادء الى
محاربتهم وطردهم وهو ما جعلهم يفكرون بشكل جدي لبناء وطن قومي لهم. و
الامام الشيرازي يعرف بهذه الحقيقة عبر مقارنه لنظرة القران للانبياء
ونظرة اليهود في الكتب المحرفة "يقول ومن خلال اجراء تلك المفارقة
يمكننا معرفة حقيقة الدين اليهودي وطريقة تفكير علماء اليهود وتعاملهم
مع الاديان الاخرى لاسيما الدين الاسلامي الحنيف" وتنتهي المقارنة
بالامام الشيرازي الى هذه الحقيقة " يقول فالمذهب اليهودي – كما
اخترعوه دين المنازعات والاستثمارات، ولهذه الاسباب وقعت القطيعة بين
اليهود وجميع الديانات الاخرى، وانتهى الامر الى طرد اليهود من مختلف
البلدان، والازدراء بهم جزاء بازدرائهم بالناس واستيلائهم على اموالهم
وافساد اعراضهم" فما الفرق بين يهود الامس الذين قتلوا الانبياء وحرفوا
الكتب السماوية – وبين الخزر الذين اعتنقوا الديانة اليهودية لتحقيق
منافع ومصالح دنيوية، بل ان الديانة اليهودية المحرفة اكسبت الغجرية
والبربرية الخزرية الشرعية للممارسات غير الانسانية. لهذا نراه في بعض
كراريسه ينسبهم للأصل الخزري الذي اعتنق الديانة اليهودية لتحقيق أهداف
سياسية. وهذه الحقيقة أكدها العديد من الباحثين.، يقول بنيامين فريدمان
في كتابه "يهود اليوم ليسوا يهودا الدراسة الاولى سنة 1403 هـ إعداد
زهدي الفاتح" " إن الحقائق المحققة المقررة التي لا تقبل الجدل ولا
الاعتراض، تزودنا ببرهان لإشكال فيه على صحة الحقيقة التاريخية بأن من
يزعمون أنفسهم "يهودا" من ذوي الأرومة الأوروبية الشرقية في كل مكان من
عالم اليوم، هم تاريخيا ينحدرون على نحو لا يرقى إليه الشك ولا نزاع
فيه من سلالة الخزر.. ذلك الشعب الوثني القديم –التركي – الفنلندي
المغولاتي (شبيه بالمغول) الغامض الأصول بالنسبة لوجوده التاريخي في
قلب آسيا الذي شق طريق كفاحه بحروب دموية في حوالي القرن الأول قبل
الميلاد نحو أوروبا الشرقية ولسبب خفي تكتنفه الأسرار فإن تاريخ مملكة
الخزر بارز الإنعدام في المدارس والمعاهد في الولايات المتحدة
الأمريكية على المناهج التعليمية لمادة التاريخ، ويقول في مكان أخرى
نقلا عن الموسوعة اليهودية " الخزر شعب تركي الأصل تمتزج حياته وتاريخه
بالبداية الأولى لتاريخ يهود روسيا.. أكرهته القبائل البدوية في السهول
من جهة ودفعه توقه إلى السلب والانتقام من جهة أخرى.. على توطيد أسس
مملكة الخزر في معظم أجزاء روسيا الجنوبية، قبل قيام الفرانجيين (سنة
855 م) بتأسيس المملكة الروسية وفي هذا الوقت كانت مملكة الخزر في أوج
فوتها تخوض عمار حروب دائمة.. وعند نهاية القرن الثامن تحول ملك الخزر
ونبلاؤه وعدد كبير من شعبه الوثنيون إلى الديانة اليهودية.
كان عدد السكان اليهود ضخما في جميع أنحاء مقاطعه الخزر ، خلال
الفترة الواقعة بين القرن السابع والعاشر، بدا حوالي القرن التاسع عشر
، أن جميع الخزر أصبحوا يهودا وأنهم اعتنقوا اليهودية قبل وقت قصير فقط.
ويقول د. رشاد الشامي " وهكذا فإن الافتراض الصهيوني السائد بوجود
صلة مباشرة بين إسرائيل القديمة والدولة الإسرائيلية الحديثة والذي
يتلخص في الاعتقاد بعودة الشعب اليهودي إلى وطنه في أرض إسرائيل
القديمة هو الذي يحدد مسبقا نتيجة البحث التوراتي بحثا عن جذور إسرائيل
القديمة لإضفاء الشرعية على الدولة الحديثة إسكاتا للبحث عن تاريخ أعم
للمنطقة ويقول في مكان آخر " بعد سبعين عاما من الحفائر المكثفة في
فلسطين لم يعم العثور على أدلة تؤكد روايات العهد القديم، بعد سبعين
عاما من الحفائر المكثفة توصل معظم رجال الآثار الإسرائيليين إلى
إستنتاج قاطع وهو أن الفترة التوراتية لم تحدث على الإطلاق" وهذا ما
يؤكد على ان الاصل اليهودي تربى في مملكة الخزر و ليس في فلسطين.
ويقول عبد الرحمن شاكر " ظل ملك الخزر قائما كدولة يهودية كبرى في
القوقاز وتوسع ملكهم حتى وصل إلى نهر الراين في ألمانيا وأطلق عليهم
اليهود السفارديم ، ثم يقول " سلالة هؤلاء الخزر هم الذين شكلوا الحركة
الصهيونية التي تنادت بالهجرة إلى فلسطين بعد أن أشتد اضطهاد القياصرة
الروس لهم خلال القرن التاسع عشر وهم يمثلون تسعة أعشار يهود العلم "
ولم يختلف الباحثين مع الإمام الشيرازي حول أصل اليهود اليوم وأن
التسمية جاءت من الديانة اليهودية التي أعتنقها هؤلاء يقول في صـ9ــ "
الصلح مع اليهود استسلام لا سلام " من الخطاء أن نتصور أن اليهود اليوم
هم أنفسهم قوم موسى (ع) ومن الخطاء أيضا أن نتصور أن بني إسرائيل اليوم
هم الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه العزيز وفضلهم على العالمين –على
بني زمانهم..... ولكن يهود اليوم وإسرائيل اليوم هم من سلالة أولئك
العصاة الذين تكبروا في الأرض فجعلهم الله عز وجل قردة وخنازير "
ويقول في صـ10ـــ بعد نقله لنص تاريخ يثبت أن اليهود من الخزر "
وبذلك فأن يهود العالم اليوم في غالبيتهم الساحقة ينحدرون من هذا الشعب
المغولي خاصة وأن اليهود الأصليين الذين ينتمون إلى القبائل
الإسرائيلية في التاريخ القديم قد ضاعت آثارهم "
يقول عبد الرحمن شاكر " الخزر الأشنكاز اغتصبوا اسم إسرائيل الذي
يقدسه اليهود والمسيحيون والمسلمون وجعلوه علما على دولتهم وجدوا
وراءهم اليهود الشرقيين من البلدان العربية" ولعل الأهم من هذه
الدراسات التي تنسب الأصل اليهودي إلى مملكة الخزر هو أن هذه الشعوب
أتسمت بالانحراف العقائدي حيث كانوا يمارسون عبادة قضيب الرجل كما أنها
شعوب وثنية دموية قامت على النهب والسلب والخداع، يقول بنيامين "....
ذلك الشعب الوثني القديم التركي الغامض الأصول الذي شق طريق كفاحه
بحروب دموية في حوالي القرن الأول قبل الميلاد.
وإذا صدق حدسنا حول هذا الهدف فإن أصل اليهود ليس بالشيء المهم، إذا
أن اليهود الأصليين كانوا يمارسون أبشع أنواع القتل نحو الأنبياء
ويحرفون الكتب المقدسة بغية الوصول إلى مآربهم. كما ان يهود اليوم قد
رسموا ابشع صور القتل والدمار عبر المجازر الجماعية مثل (مجزرة دير
ياسين و قانا...) ولعل في نقل الإمام الشيرازي لكلا الأصلين حقيقية
قرآنية مفادها أن الانتماء العرقي والنسبي ليس هو المعيار في التقييم.
ولكن المعيار التقوى الذي يشير لسلامة الفطرة وسلامة النفس البشرية من
الانفلات الأخلاقي ومدى مطابقتها للمؤشرات الصحيحة من التقوى، لهذا فان
الإمام الشيرازي عند ذكره لليهود المنحدرين من الأقوام الذين عاشوا مع
أنبياء الله "ع" يعدد الكثير من جرائمهم.
فالاله عند اليهود في صورة إنسان وله شعر ولباس وهو يخلف وعده
وأحيانا يندم على بعض أفعاله.... أما الأنبياء فهم يزنون ويخدعون الناس
ليقتلوهم وإما عن طمعهم فيقول " الرب إلهانا كلمنا في حوريب قائلا
كفاكم قعودا في هذا الجبل تحولوا وارحلوا وادخلوا جبل الامويين وكل ما
يليه من التربة والجبل والسهل والجنوب وساحل البحر، أرض الكنعاني ،
ولبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات ويقول عن قسوتهم " وحرموا (أي
اهلكوا) كل ما في المدينة (اريحا) متن رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر
والغنم والحمير...." وبذلك يؤكد الإمام الشيرازي على أن الاختلاف في
الأصل أو التشابه لا يحمل في طياته الكثير اذا كانت الانحرافات الفطرية
والأخلاقية واحده في كلا الأصلين.
ب- يتحدث الإمام الشيرازي عن أرض فلسطين والمسجد الأقصى مستعرضا
الوجود التاريخي لليهود مفندا بذلك الإدعاء الصهيوني بأن أرض فلسطين هي
ارض اليهود المقدسة ، دون أن يقوده الحديث لنفي الوجود اليهودي في أرض
فلسطين لبرهة زمنية كما لا يعني هذا أحقية الشعب اليهودي بهذه الأرض
وإنما كان هذا الإدعاء تنيجة لمؤامرة صهيونية وانحراف عقائدي خطير.
يقول في كتابه الأقصى المبارك، فمعظم الإحصائيات الموثقة تنص على أن
اليهود لم يكن لهم أثر في فلسطين عام 636 م فما بالك بالأعوام التي
قبلها التي كان المسلمون يقطنون فيها في فلسطين ويترددون على بيت
المقدس كرارا ومرارا.
ثم يقول مجملا تاريخ فلسطين في عدة نقاط:
أ- في عام 636 م يوم فتح المسلمون القدس، احصائيات تقول أنه لا
يوجد يهودي واحد فيها.
ب- في عام 1170 – 1171 م زار بنيامين ترولا الأسباني فلسطين وذكر
أن فيها (200) يهودي.
ت- في نفس العام المذكور 1170 -1171 لم يكن في القدس إلا يهودي
واحد
ث- في عام 1267كتب موسى بن نحما جيروندي أن في القدس عائلتين
يهوديتين يعملون في الصباغة ويقول في كتابه هؤلاء اليهود "وحيث أن
فلسطين بقايا آثار (اليهودية) و(المسيحية) والإسلام فهي مورد علاقة
أصحاب الأديان الثلاثة وقد كانت إلى سنة 1363 م في أيدي المسلمين "
ولعل في إبراز معالم فلسطين والقدس من كتب الرحالة العرب والمسلمين
دلالة كبيرة على عربية فلسطين وهويتها الإسلامية إذ أنها محط رجال
العلم لهذا نرى الإمام الشيرازي ينقل كلام الرحالة والجغرافيين مثل
المقدسي وناصر خسرو وابن الفقيه...... ثم ينتقل ليصبغ المسجد الأقصى
بالقداسة عبر ارتباطه بالتاريخ الإسلامي في كونه القبلة الأولى
للمسلمين ومسرى الرسول (ص) ولكونه نقطة تحول كبيرة في العالم عن ظهور
الإمام المهدي وهو ما يعني استمرارية القداسة للمسجد الأقصى حيث أنه لا
يزال يؤسس لدور جديد ومهم في عودة المعالم الإسلامية وهي نقطة جديرة
بالاهتمام إذ أنها نقطة تجديد للوعي بأهمية المسجد الأقصى الشريف يقول
في صـ21ــ من كتابه الأقصى المبارك" المسجد الأقصى المبارك يعد من أهم
البقاع التي يعتقد بها أهل شتى الديانات السماوية فليس المسلمون وحدهم
يقدسون هذا المسجد المبارك بل سائر الديانات الأخرى.
.. يعد المسجد الأقصى من أهم ألاماكن الإسلامية وأقدمها فهو ثاني
مسجد يبنى على الأرض بعد المسجد الحرام وقد إزداد ارتباط المسلمين
بالمسجد الأقصى لما حدثت واقعة الاسراء والمعراج ولم يكتفي الإمام
الشيرازي بالسرد التاريخي للأنبياء والخلفاء حول الأقصى بل نقل العديد
من الآيات والروايات منها "وفي تفسير القمي عن أبي عبد الله (ع) في قول
الله تبارك وتعالى " إلى يوم الوقت المعلوم " قال يوم الوقت المعلوم
يوم يذبحه (أي الشيطان) رسول الله (ص) على الصخرة التي في بيت المقدس "
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص) يخرج رجل من أهل بيتي
ويعمل بسنتي وينزل الله له البركة من السماء وتخرج الأرض بركتها وتملأ
به الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ويعمل على هذه الأمة سبع سنين وينزل
بيت المقدس "
وهذا الأسلوب وأن إكتسب بعض القداسة لكونه سطورا من التاريخ
الإسلامي فهو أسلوب يؤسس ويرسخ الاعتقاد بأن فلسطين إسلامية هوية وتراث،
كتبت هويتها في سطور الآيات والروايات وكتب الرحالة والمؤرخين
والجغرافيين المسلمين. وبهذا اخرج الإمام الشيرازي القضية الفلسطينية
من كونها قضية تخص العرب أو لكونها تخص الشعب الفلسطيني جاعلا من دائرة
الصراع اكبر من المدار الذي يرسمه ويتخيله الإسرائيلي. مكونا بذلك
ارتباطات خطيرة بين المسلمين وارض فلسطين تتفاعل في حالات الشد والجذب
وتستمر نحو المستقبل كونها نقطة استشعار في القلوب والنفوس لأنها جزء
من القداسة الإسلامية. يقول الامام الشيرازي في كتابة السياسه ج1 صفحة
293 بعد الحديث عن القومية العربية ومشاكلها " هذا بالاضافة الى ان
القومية لم تكن تتمكن من مقابلة اسرائيل – اذ الدين اعمق اثرا في
النفوس من القومية، فكانت الدعوة الى القومية العربية مكيدة استعمارية،
لترسيخ اسرائيل في المنطقة اكثر فاكثر" "ويقول محمد الصواف " لقد بدأت
خيوط المؤامرة الكبرى بتحويل قضية فلسطين من قضية إسلامية مقدسة، إلى
قضية عربية صرفة، فالأقصى لم يكن قبلة العرب الأولى بل كان قبلة
المسلمين الأولى ومعاركنا عبر القرون كانت معارك دينية، لم تكن معارك
قبلية آو قومية"
ج- لم يكتفي الإمام الشيرازي بالحديث عن اليهود والمسجد الأقصى
وفلسطين لتعريف بانحراف اليهود والحركة الصهيونية بل ضرب بيده على أصل
عقائدهم وإيديولوجياتهم التي ينطلقون منها مشيرا إلى تأزم نفسي خطير
عند اليهود الذين عانوا من الاضطهاد والمعاناة سنين طويلة ولم يكن هذا
الاضطهاد ناشئ من الفراغ بل كان للممارسات اللااخلاقية ومخالفة
القوانين في البلاد التي يقطنونها الدور الاكبر في طردهم واضطهادهم فهم
كانوا يخفون في طيات نفوسهم عقيدة الكبر والافتخار فهم شعب الله
المختار وهم أبناء الله الذين اصطفاهم على العالمين.
يقول في كتابه الأقصى المبارك صـ38ــ" علاوة على ذلك وجود حالة
الاضطهاد والتغرب المستمر اللذين عاناهما اليهود في شتى أقطار العالم
فضلا عن منبوذيتهم بين الشعوب حداهم وبشكل جدي إلى العمل ليل نهار وبلا
انقطاع من أجل إيجاد كيان مستقل لهم " ويقول في كتابه (هل سيبقى الصلح
بين العرب وإسرائيل) " فالمذهب اليهودي كما اخترعوه دين المنازعات
والاستثمارات ولهذه الأسباب وقعت القطيعة بين اليهود وجميع الديانات
الأخرى وانتهى الامر إلى طرد اليهود من مختلف البلدان والازدراء لهم
جزاء ازدرائهم الناس واستيلائهم على أموالهم وإفساد أعراضهم ".
والإمام الشيرازي يقدم لهذا الغرض نبده من عقائدهم حول الكون
والحياة يبين فيها التأزم النفسي الذي وصل إليه اليهود.
يقول في كتابه (هؤلاء اليهود تحت عنوان ديانة اليهود بعد أن نقل
رحلة نبي الله إبراهيم (ع) إلى مصر من كتبهم وما فيها من تحريف كبير "
وإذا نظر الإنسان إلى هذه القصة وأمثالها يعلم لماذا تحترف إسرائيل
البغاء كمهنة شريفة !! أليس نبيهم العظيم (ابرام) لا نبينا الذي نعترف
به إبراهيم عليه السلام احترف الديانة لأجل غنم وبقر ومال "
وينقل بعض المقتطفات من كتاب التلمود صـ22ـــ:
1) تتميز أرواح اليهود عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله كما أن
الابن جزء من والده وأرواح اليهود عزيزة عند الله بالنسبة لباقي
الأرواح لأن الأرواح غير اليهودية هي أرواح شيطانية وشبيهة بأرواح
الحيوانات.
... أن نطفة غير اليهودي هي كنطفة باقي الحيوانات
2) النعيم مأوى أرواح اليهود ولا يدخل الجنة إلا اليهود أما الجحيم
فمأوى الكفار من المسيحيين والمسلمين ولا نصيب لهم سوى البكاء لما فيه
من الظلام والعفونة والطين، لا يأتي المسيح إلا بعد انقضاء حكم الأشرار
الخارجين على دين بني إسرائيل وحينما يأتي المسيح تطرح الأرض فطيراً
وملابس من الصوف وقمحاً حبه يقدر كالثيران الكبيرة وفي ذلك الزمن ترجع
السلطة لليهود وكل الأمم تخدم ذلك المسيح وتخضع له وفي ذلك الوقت يكون
لكل يهودي ألفان وثمانمائة عبد يخدمونه.
3) الإسرائيلي عند الله معتبر أكثر من الملائكة فإن ضرب أعمى
إسرائيلي فكان ضرب العزة الإلهية ويستحق الموت ولو لم يخلق اليهود
لانعدمت البركة من الأرض ولما خلقت الأمطار والشمس والفرق بين درجة
الإنسان والحيوان كالفرق بين اليهودي وباقي الشعوب والنطفة المخلوق
منها باقي الشعوب هي نطفة الحصان.
الأجانب كالكلاب والأعياد المقدسة لم تخلق للأجانب ولا للكلاب
والكلب أفضل من الأجنبي لأنه مصرح لليهودي في الأعياد أن يطعم الكلب
وليس له أن يطعم الأجنبي أو أن يعطيه لحما بل يعطيه للكلب لأنه أفضل
منه، لا قرابة بين الأمم الخارجة عن دين اليهود لأنهم أشبه بالحمير
ويعتبر اليهود بيوت باقي الأمم نظير زرائب الحيوانات.
الخارجون عن دين اليهودي خنازير نجسة وخلق الله الأجنبي على هيئة
إنسان ليكون لائقا لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا لأجلهم.
يسوع المسيح ارتد عن الدين اليهودي وعبد الأوثان وكل مسيحي لم يتهود
فهو وثني عدو لله ولليهود، ليس من العدل أن يتفق الإنسان على أعدائه
ويرحمهم، يحق لليهودي أن يغش الكفار ومحظور عليه أن يحيي الكفار
بالسلام مالم يخض ضرره أو عدوانه والنفاق جائز في هذه الحالة ولا بأس
من أدعاء محبة الكفار إذا خاف اليهود من أذاه
مصرح لليهودي أن يوجه السلام إلى الكافر على شرط أن يستهزئ به سراً.
وقول الحاخام كوهين " يمكن تقسيم سكان العالم إلى قسمين إسرائيل من
جهة والأمم الأخرى مجتمعة من جهة أخرى، فإسرائيل هي الشعب المختار وهذه
عقيدة أساسية " ويقول " إن الصوت اليهودي الجديد يخرج من فوهات البنادق...
هذه هي التوراة الجديدة لأرض إسرائيل إن جنون القوة المادية يمسك
بتلابيب العالم بأسره وندعو الله أن يحفظنا فلا تنساق اليهودية ومعها
شعب إسرائيل إلى هذا الجنون فهذه اليهودية التي استقطبت جانبا كبيرا من
يهود الشتات يهودية وثنية "
ونخلص من هذا إلى أن الإمام الشيرازي أدرك الإنحراف الخطير التي
قامت عليه الصهيونية العالمية في مبادئها ومعتقداتها يقول في كتابه
الأقصى المبارك صـ39ــ تحت عنوان الصهيونية الحديثة: هي حركة سياسية
استعمارية أسبغت على اليهود صفة القومية والإنتماء العرقي ونادت إلى حل
المشكلة اليهودية، علماً بأن الصهيونية الحديثة هي كذلك عقيدة سياسية
ناجمة عن مورثات أوربية متعددة ومركبة متجذرة في الواقع الاجتماعي
والاقتصادي الذي عاشه اليهود في الجيتوات (الجماعات) بأوربا الشرقية
بالخصوص والمجتمعات الأوروبية بشكل عام في نهاية القرن التاسع عشر
الميلادي وقد أرتبط بهذه الأيديولوجية العديد من الحركات السياسية
كالاشتراكيين والتحريفيين والمحافظين وقد جمع كل هذه الاتجاهات
المتنافرة اعتقادها المشترك أن اليهود عن تاريخهم القديم يشكلون أمة
وشعباً.
ولقد جمع المفكر الإسلامي روجيه غارودي في كتابه الأساطير المؤسسة
للسياسة الإسرائيلية كل الخرافات التي قامت عليها دولة إسرائيل نذكرها
إجمالاً.
1) خرافة الوعد أو الأرض الموعودة لشعب موعود
2) خرافة الشعب المختار
3) خرافة يشوع التطهير العرقي الذي تعرض له اليهود
4) خرافة الصهيونية المعادية للفاشية
5) خرافة عدالة محاكمات نورمبرج
6) خرافة الهولوكوست
7) خرافة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض
ويلخص الدكتور عبد الوهاب المسيري سمات الصهاينة في موسوعته اليهود
والصهيونية بالتعاقدية والعزلة والعزبة والعجز والانفصال عن المكان
والزمان والهوية الوهمية الحركية أو القدرة على النشاط وازدواجية
المعايير والبنية الأخلاقية. و التعريف بهذا المعنى يؤسس للمديات
البعيدة التي يتعامل بها الإسرائيليون تجاه الشعوب الاخري ترتسم فيها
أبشع صور القتل والدمار والتنكيل. ورغم هذه الدلالة لايرى الإمام
الشيرازي في استخدام القوة فقط دون استراتيجية واضحة المعالم مؤشرا
صحيحا لإدارة دفة الصراع، مادام اليهود قادرين على أن يجعلوا من هذه
الأداة قوة للردع بالتنديد عبر إعلامها بأنها ارهاب. بل يجب استخدام
القوة ضمن الضوابط الإسلامية من إعداد القوة الكافية للردع على كافة
المستويات داعيا لخلق التوازن في القوى الاستراتيجية التي يعتمد عليها
كلا طرفي الصراع، فإذا كان اليهود يرتكزون على الاساطير ويسعون لتكون
قوانينها الحاكمة والمهيمنة. فعلينا في المقابل ان نسعى لتكون مبادئ
الإسلام وقوانينه هي الحاكمة وبهذا يدخل الإمام الشيرازي كل مسلم في
دائرة الصراع لان مبادئ الإسلام تؤسس للإخوة الكاملة والتضامن الشامل.
الفصل الثاني
" أنتم الإسرائيليون لا يجب أن تشعروا بالشفقة حتى تقضوا على عدوكم
، لا عطف ولا رثاء حتى تنتهي من إبادة ما يسمى بالحضارة الإسلامية التي
سنبني على أنقاضها حضارتنا " مناحيم بيغن
كيف يعمل اليهود
يسلط الإمام الشيرازي الضوء على المنهج الذي تقوم علية الصهيونية في
حركتها لسيطرة على العالم وذلك بالتعريف بالافكار الاساسية للتحرك وهو
ما يسمى البروتوكولات ، فمعرفة أفكار العدو وطرق تحركه أمر مهم لمواجهة
خطر هذا العدو ، لهذا رأينا الإمام الشيرازي ينقل هذه البروتوكولات
بشكل مبسط في بعض كرارسية، ولم يكتفي بذلك حتى نصح كل مسلم بقراءة هذه
البروتوكولات يقول "بروتوكولات حكماء صهيون "
كتاب من أدهش الكتب السياسية التي رأيتها وقد قرأتها تكرارا فلم
أزدد فيه إلا حيرة ومن العجب أن يرى الإنسان خطوط هذا الكتاب جارية في
العالم كل العالم والكتاب " محاضرة طويلة ألقاها زعيم مرموق المكانة
على جماعة من ذوي الرأي والنفوذ بين اليهود.
ولذا أرى من الضروري أن يقرأ هذا الكتاب كل مسلم ليطلع على خطوط سير
العالم –ضد الإسلام – بسبب أصابع اليهود الخفية في ضمن سير العالم ضد
كل دين وخلق رفيع. أنتقل الإمام الشيرازي بعد البروتوكولات للحديث عن
الماسونية والتقارير السرية لبعض القادة اليهود مثل لورنس العرب الذي
حملت تقاريره الكثير من الأسرار حول سعي إسرائيل للسيطرة على العالم
بأسره والقضاء على الحضارة الإسلامية برمتها ، يقول حول الماسونية "
الماسونية مذهب سري لم تدون معالمها وأكثر أمورها تجري على نهج شفوي ،
الماسونية هي الجمعية التي تعمل في الخفاء للاستيلاء على العالم عن
طريق بث أفكارها.
وبعد التعريف بالحركات و الجمعيات الصهيونية وأفكارها يستخلص الإمام
الشيرازي عدة نقاط أساسية لعمل اليهود مشيرا لخطورة هذه الأفكار التي
قد تكون نقطة دمار للعالم بأسره لأنها تنطوي على ممارسات وأفكار لا
تنسجم مع الضمير الإنساني ويراهن على أن الخطر سوف يطال المسلمين
وغيرهم مستلهما من فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه النتيجة
الحتمية التي رسمتها السماء كما في الرواية التي تحكي عن مجموعة من
الناس ركبوا سفينة، فقام احدهم ليثقب السفينة متعللا بأنه يثقب مكانه.
فان اخذوا بيده نجى ونجوا وان تركوه هلك وهلكوا. واهم هذه الأفكار التي
استخلصها الإمام الشيرازي:
1) السيطرة على التجارة والاقتصاد
2) نشر الفساد والجنس
3) السيطرة على السلطة عبر الماسونية واللوبي الصهيوني
يقول تحت عنوان الخطر اليهودي " لا يقتصر الخطر اليهودي على فلسطين
وما جاورها بل خطرها عام شامل فهو لا يتوجه إلى الذين تصالحوا مع
اليهود في إسرائيل فقط بل خطرهم يتوجه إلى جميع المسلمين بل وغير
المسلمين... "
"لقد استغلت اليهودية منذ مائة سنة تقريبا بلاد الغرب فجعلتها مطية
لرغباتها وأهوائها وهاهي أميركا مركز المال ورجال الأعمال والقوة
المادية الراجحة في دنيا اليوم مقفلة على اليهود " احذروا اليهود
يقول ماجد كيلاني في كتابه الخطر الصهيوني على العالم الإسلامي وقد
أتخذ حكماء البروتوكولات الإنحلال وسيلة في مؤامراتهم الخبيثة على
العالم وهم يهيئون أسباب الترف من طريق شركاتهم المنتجة للكماليات
المختلفة المتجددة بأشكالها وألوانها لتسكب ثروات البشر وتبقيهم في كد
وعناء كذلك يسيطرون على دور الأزياء ويديرون الملاهي والمراقص وبيوت
الدعارة في أكثر بقاع العالم حتى تحول العالم إلى مخمور يعج بالفساد
والدعارة من أقصاه إلى أقصاه "
يقول حكماء صهيون في البروتوكول الأول:
أنظروا إلى هذه الحيوانات المخمورة التي أفسدها الخمر إن الحرية
أتاحت لهم هذا الإفراط والادمان ، إن المسيحيين قد تبلدت أذهانهم تحت
تأثير الخمر وانقلب شبانهم مجانين بالدراسات اليونانية والرومانية
وانغمسوا في الفسق المبكر الذي دفعهم أليه أعواننا من المدرسين....."
ولقد توسع بعض الباحثين والدارسين في محاور عمل الصهيونية إلى
ثمانية محاور هي كالتالي
1. السيطرة على الاقتصاد وتهديم أسسه في المجتمعات الأخرى
2. السيطرة على الصحافة ودور النشر ووسائل التوجيه
3. نشر الفتن والثورات لاستهلاك الطاقات
4. نشر الجاسوسية والخيانة
5. إفساد الثقافة ومسخ الأدب
6. نشر الإلحاد والفلسفات المادية
7. نشر الإنحلال وتحطيم مقومات المجتمعات المعنوية والأخلاقية
8. تزييف معنى الحرية والمساواة
ولعل التعدد والانكماش في هذه المحاور يرجع إلى رؤى الباحث والمفكر
فهذا الدكتور محمد الدواليبي يقتصر على أربعة من المحاور السابقة
لسيطرة اللوبي الصهيوني على مقاليد الأمور في أمريكا.
فالعنصر الأول من عناصر الضغط اليهودي في امريكا وهو أصوات الناخبين
اليهود التي يتطلع إليها المرشحون وهو عنصر ليس من القوة بمكان ، أما
العنصر الثاني وهو إمكانيات اليهود المالية والاقتصادية ، وأما العنصر
الثالث وهو إمتلاكهم لوسائل الإعلام ، ورابعاً امتلاكهم لملفات
المرشحين السرية.
وقد يكون اختيار الإمام الشيرازي لهذه الأبعاد كونها أكثر الأبعاد
ملامسة لحياة البشر ولان فساد هذه الأبعاد يتسبب في انتكاسات خطيره على
المجتمعات والافراد، ولكونها القدرة التي تدار بها المجتمعات " يقول في
كتابه السياسة وعلى هذا فاذا عرفت القدرة بما هي نتمكن من ان نعرف
قوانينه، واذا عرفت قوانينه، امكنت ترويضها بما يوجب استعمالها في
الصلاح والوقوف دون استعمالها في الفساد، فنقف دون هدر القدرة كما نقف
دون طغيان القدرة سواء في علم السياسة حتى لاتظهر الديكتاتوريات او في
علم الاقتصاد حتى لاتظهر الرأسماليات اوفي غيرهما من اشكال القرة"
ولعلى في عهد الإمام علي "ع" للاشتر ما يشير الى ذلك. ففي الجانب
الاقتصادي ترتبط الحياة المادية للناس في شتى مجالات الحياة على
الاقتصاد والتبادل التجاري فبدونه تتوقف الحياة وتؤل إلى الذبول بل
ربما إلى حرب طاحنة وكفر وهو ما تحدثت عنه الرؤى السماوية يقول الإمام
علي علية السلام في عهده " وتفقد امر الخراج بما يصلح اهله فان في
صلاحه وصلاحهم صلاحا لمن سواهم، ولا صلاح لمن سواهم الابهم، لان الناس
كلهم عيال على الخراج واهله وليكن نظرك في عمارة الارض ابلغ من نظرك في
استجلاب الخراج" واما الحكومات الجائرة فهي من اسباب التخلف ومعاناة
الناس يقول الإمام علي عليه السلام " ثم اختر للحكم بين الناس افضل
رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الامور ولاتمحكه الخصوم ولايتمادى في
الزلة... " " ثم انظر في امور عمالك فاستعملهم اختبار ولاتولهم محاباة
واثره." ويقول في كتابة الى اهل مصر " ولكنني اسى ان يلي امر هذه الامة
سفهاؤها وفجارها فيتخذوا مال الله دول، وعباده خول، والصالحين حرب،
والفاسقين حزبا"
يقول جمال أبو طاحون في كتابه اليهود في روسيا " إن اليهود قد
استولوا على 40% من المناصب السياسية (السلطة) رغم أن عدد اليهود
بالنسبة إلى الروس لا تتعدى 1.5% كما سعوا إلى تدمير القاعدة
الاقتصادية للبلاد وتصفية كل تراثها الروحي والثقافي حيث انخفاض
الإنتاج الروسي في عهد جيدار بمعدل 50% بينما لم ينخفض إلا بنسبة 24%
عندما كان الفاشت على أبواب موسكو.
كما أنهم تعاملوا مع النظام الاقتصادي في روسيا على أساس أنه غنائم
حرب.
قام تشوبايس المسؤول عن سياسة الخصخصة في حكومة جيدار ببيع 500 مصنع
روسي تبلغ قيمتها الحقيقية أكثر من 200مليار دولار بمبلغ 7 مليارات
دولار ، وفي هذا الصدد ينقل الإمام الشيرازي العديد من القصص
والاحصائيات التي تدل على سيطرة اليهود على مراكز التجارة أو الإعلام
العالمي.
يقول في صـ50ــ "هؤلاء اليهود
وإليك قائمة أخرى تدل على مدى سيطرة اليهود على أمريكا:
المهنة |
اليهود |
الأمريكيين |
التجارة |
77% |
23% |
موظفو الدولة |
43% |
53% |
ويقول الرئيس بنجامين فرانكلين
" هناك خطر كبير على الولايات المتحدة الامريكية وهذا الخطر هو
اليهود في أي أرض يحلوا يصبح المستوى الخلقي والمعنوي منحطاً
والمعاملات التجارية تجري بصورة غير شريفة ، لقد بقي اليهود منطويين
على أنفسهم وظالمين في معاملاتهم مع الناس وحاولوا خنق مالية الدولة
مثل ما جرى في البرتغال واسبانيا.
يقول الإمام الشيرازي صـ19ــ " وتمكن اليهود بوسائلهم وأساليبهم
اللاإنسانية والملتوية التي استخدموها لتحقيق مآربهم في بناء دولتهم "
اللا شرعية "
ويقول في صــ20ــ " وكما ذكرنا فلليهود طرق كثيرة وأساليب خاصة
وملتوية لتحقيق غاياتهم في امتصاص دماء الآخرين من غير اليهود أما مع
بعضهم فيحرمون هذه الأشياء ، فمثلاً يجب التعامل بالربا مع غير اليهودي
ويحرم مع اليهودي ولما لأساليبهم الخاصة من أثر في جمع المال والثراء
السريع فإنهم يحاولوا بشتى السبل تحطيم اقتصاد البلاد التي يعيشون فيها..
واليهود بالإضافة إلى ذلك فإنهم يقتلون الأخلاق الحسنة في المجتمع
وأن أول أعمالهم التي يقومون بها نشر الخمور والزنا والبغاء فقد أسسوا
في طهران (14000) محل لبيع الخمور وذلك على علم من الشاه ،(الصلح مع
اليهود استسلام لإسلام).
ومن أعمال اليهود المعروفة إثارة الفتن والخلافات والنزاعات وتشجيع
التطاحن بين أبناء المسلمين والنتيجة طبعاً ستكون لصالح اليهود فقد
إستخدموا أساليب كثيرة في الدس بين طيات الكتب والطعن بالمعتقدات
وإثارة النعرات الطائفية "
ويقول في صـ29ــ"وهكذا سعى مفكروا اليهود بشتى الطرق وأخبث الوسائل
لأن يستعيدوا قوتهم ومجدهم وتراثهم (حسبما يدعون) وعملوا من دون كلل
حتى حصلوا على ما يبتغون وتمكنوا من بناء دويلتهم الصهيونية في قلب
المنطقة الاسلامية بالارهاب والقوة وسفك الدماء وحققوا ما كانوا يصبون
إليه بالأمس بهمة شرسة وبدعم مالي واسع وتخطيط دقيق.... وإعلام مكثف....
وهذا الإعلام المكثف إزاء مسكنتهم هذه له دور كبير في بناء دويلتهم
الغاصبة ففي سنة واحدة تطبع إسرائيل وتوزع 15 مليون كتاب ولديها ما
يقارب الألف صحيفة خارج فلسطين.
ولعل الملاحظة الجديرة بالذكر في هذا الموضوع إن الإمام الشيرازي
يعطي للحقيقة التاريخية نصيباً في توضيحه للحقائق والأفكار الصهيونية
حتى تكاد تغلب على الكثير من العناوين ، وهذا المنهج ليس بجديد على
الإمام الشيرازي إذ أنه استوحاه من آيات القرآن الكريم الذي جعل من
النظر في الإمم السالفة نقطة مهمة في السير قدما نحو الأفاق إذ أن هناك
عوامل مشتركة بين الأمم والشعوب ينبغي الاستفادة منها في الحياة تجنباً
للسقوط في مزالق السابقين.
يقول في فلسفة التاريخ " وفي نطاق الحضارات هناك جامع مشترك لجميع
الحضارات وكذلك البداوات لها جامع مشترك....وفائدة دراسة فلسفة التاريخ
والتعمق فيه هي المعرفة....
ومثل هذه المعرفة تفيدنا في تجنب الأسباب الداعية إلى السقوط والأخذ
بأسباب النجاح ونحن ننقل بعض الشواهد ، يقول " في زمن الدولة العثمانية
ومنذ بداية القرن السابع تدفق اليهود القادمين من أوربا الشرقية
ويعرفون بإسم خاص يميزهم عن بقية اليهود في العالم على فلسطين....
وتحت عنوان الحركة الصهيونية " بدأت هذه الحركة منذ القرن السابع
عشر تقريباً إلا أن الاجتماع الأول (للحركة الصهيونية في العالم كان في
عام 1897 في مدينة بازل في سويسرا.
ويقول في مكان آخر " ومن أساليبهم المراوغة التي أتبعها أحد زعمائهم
أنتزاع وعد بلفور من الحكومة البريطانية عام 1917 م ومما يذكر أن
زعيمهم هذا قام بألفي مقابلة للوصول إلى تصريح بلفور وزير خارجية
بريطانيا.
الفصل الثالث
كيف نواجه خطر اليهود :
• الجهاد وقوانين الإسلام (المقاومة واللاعنف)
يعتقد الكثير أن الإمام الشيرازي الذي آمن باللاعنف مبدأ في الحياة
لا يؤمن باستخدام القوة لطرد اليهود الصهاينة من فلسطين رغم كل ما
ارتكبته من جرائم وترتكبه كل يوم بحق الشعب الفلسطيني ، ولعل الإمام
الشيرازي قد نقل بعض جرائمهم يقول " ومن فجائعهم أنهم هجموا على قرية
دير ياسين المسلمة التي كانت في حالها وكانت مطمئنة إلى وعودهم ، ولم
يكن لها أي سلاح... فجمع اليهود سكان القرية صفاً واحدً رجالاً ونساءً
وشيوخاً وأطفالاً ثم رشوهم بالنار وأمعنوا في تعذيبهم أثناء عملية
القتل والذبح.
ورغم ما ذكره وعدده من جرائم وافكار وعقائد منحرفة نراه يقول " من
الخطأ أن نتصور أن زيادة الوعي السياسي للمسلمين معناه أن نلقي إسرائيل
في البحر كما قال الرئيس الأسبق لمصر" فالقوة ليست هي السبيل الوحيد
للانتصار، فقد تتسبب في الكثير من القتل والدمار. ولماذا القوة مادمنا
نملك مقومات النصر عبر الاحتواء والحوار؟ والامام الشيرازي يرى في
السلام مبدأ استراتيجي تقوم عليه اسس النضال لحكومة اسلامية عالمية "
بل يراه ركيزة اسلامية و مبدأ من مبادئ الانبياء لهذا فهو يذكر هذا
المبدأ في الكثير من كتبه ودراساته يقول في كتاب السبيل الى انهاض
المسلمين بعد ذكر الاية الكريمة " ياايها الذين امنوا ادخلوا في السلم
كافة" فالسلام هو القاعدة العامة وانما يكون العنف ضرورة والضرورات
تقدر بقدرها"
ويقول في كتابه هؤلاء اليهود "وأني على علم أن هداية يهودي واحد خير
من كثير من الأعمال التي تقوم بها لتجميد نشاطه فإنه بالهداية ينقطع
خيط يهودي يمكن أن يساهم في تدمير البلاد وإهلاك أناس لو بقي على
اليهودية واللازم أن لا يهول الانسان من هذا النشاط الذي نجده اليوم
عند اليهود فإن ذلك إنما هو بحبل عند الناس –كما قال الله سبحانه-
والحبل لا يتبقى أبداً متصلاً كما يدل على ذلك المنطق والتاريخ وانما
يأتي يوم وينقطع وعند ذلك يرجع اليهود كما كانوا طيلة ثلاثة عشر قرنا
من عمر الإسلام فحملة التبشير الإسلامي بين اليهود يفيدنا عند ذلك أكبر
الفوائد إذ يكون المهتدون هداة بالنسبة إلى قومهم وهذا هو الحجر
الأساسي في كل تبليغ وإرشاد.
ورغم دعوته لهداية اليهود واعتقاده بأن هدايتهم خير من إبادتهم لما
لها من فوائد عديدة فالانحراف الخطير الذي يعيشه اليهود والافكار
المتطرفة التي يمارسونها نابعة أساسا من عقائدهم المنحرفة ولهذا نسعى
لهدايتهم نحو الإسلام سوف يحمينا من دمار شامل يفتك بالامم كما أنه
يؤسس لحالة من الصراع بين اليهود و هو يعني تقليل حالة الانحراف أو
الحد من ممارسة الافكار المتطرفة إذ أن الاحساس بالامتهان عند اليهود
قد يجعلهم يفكرون في الاعداد للاستيلاء أو لإنشاء وطن قومي جديد لهم.
]يقول في كتابة هل سيبقى الصلح بين العرب واسرائيل" ان ما يعانيه
اليهود اليوم من مشاكل فهو بسب تلك الانحرافات التي لاعلاج لاوضاعهم
الا بزوالها والتمسك بحبل الله المتين، بان يسلموا للدين الحق، او
التمسك بحبل من الناس بان يعتمدوا على غيرهم – كما نرى انه حال من بقي
منهم في اليهودية الى هذا اليوم"
ومع ما لهذه الفكرة من أهمية فإن الإمام الشيرازي يرى في القوة
ضرورة لا بد من وجودها بجانب الافكار العقلانية فليس كل اليهود يحملون
مقومات الهداية يقول عن حكام فلسطين ابان الغزو اليهودي " وبدلا من
تشكيل قوة عسكرية لانقاذ فلسطين، اكتفوا بعقد المؤتمرات الخاوية والخطب
الفارغة التي لايمكنها ان تقاوم الاحتلال"
" واني لا أزعم أن اليهود لا يحتاج استئصالهم عن البلاد المغتصبة
كفلسطين إلى السلاح وأعمال سائر النشاطات بل الضروري أن نعد لهم ما
استطعنا من قوة كما قال سبحانه "وأعدوا لهم ما إستطعتم من قوة ومن رباط
الخيل " بل الذي أريد أن أقول: إن هذا اللون من النشاط يجب أن يعاد كما
كان في زمن الرسول (ص) وهو جانب مهم في هدم هذه الثلة التي لم تزل ولا
زال أكبر معاول الهدم للبشر ولحضارته "
وقد يرى فريق آخر أن سبب الانتصار هو السلاح النووي الذي تملكه
إسرائيل ولا يملكه المسلمون وهو رأي واضح الضعف لأن السلاح النووي ليس
هو السلاح الوحيد والحاسم في الصراع ولذا سقط (الاتحاد السوفياتي)
وتلاشت إمبراطوريته وهو يمتلك (300 ألف عالم ذري و(20) ألف قنبلة نووية
! بالإضافة إلى أنه لو تيقظ المسلمون وفهموا الحياة فباستطاعتهم أن
يملكوا السلاح النووي وإن كنت أنا مخالف للعنف مطلقا"
بينما يرى فريق ثالث أن سبب إنتصار إسرائيل هو مساعدة الغرب والشرق
لهم في وقت لا تسند المسلمين جهة قوية كأمريكا والدول الغربية.
وهنا يقال أن المسلمين ليسوا لحاجة إلى دعم ليسندهم وقد بلغوا ذلك
الكم الهائل فضلا عن مبادئهم الصحيحة وثرواتهم الكبيرة ولكن ما أحوجهم
اليوم إلى النضج الفكري والوعي السياسي لمعرفة ما يجري ومتى يقوم الصلح
ومتى تقوم الحرب؟
الإمام الشيرازي يرى في الاستراتيجية السليمة والخطط المدروسة أفضل
الطرق للنصر فهو يرى أن ضياء النصر يكمن في إرادة الأمة وحركتها نحو
مبادئها وهو كعادته يرى في الاصلاح حركه عالمية تشمل كل المسلمين و
ليست حركة نخبوية، ولهذا فانه ير في الإسلام ومبادئه الاستراتيجية
الكبرى التي يجب احيائها في مقابل استراتيجية اليهود القائمة على
الفساد والهدم والدمار.
يقول تحت عنوان " مهازل بسبب البعد عن الإسلام " (فلوا أن بعض
المسلمين أخلصوا النية لله تعالى وجاهدوا في سبيله لما أضلوا السبيل
وما انتصرت عليهم دويلة صغيرة لا تتجاوز نفوسها الثلاثة ملايين.... في
حين أن المسلمين العرب وحدهم يزيدون عن المائة مليون !!
وهنا يجب أن نقول للشعب المسلم: أن النصر من عند الله فإنه لا يكتب
ذلك إلا للذين يجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ويطبقون كافة
القوانين الإلهية من الأخوة الإسلامية والأمة الواحدة والحريات و.....
وإنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ولم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم
وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون.
ويقول " أذن البعد عن الإسلام هو سبب هذه المهازل وإلا فما معنى حرب
(1948م) ثم النكسة عام 1967 م في الخامس من حزيران؟
وما معنى مباركة قرار مجلس الامن القديم (242) عام 1968 م من قبل
(12) دولة عربية، ثم تأتي مجزرة أيلول الاسود عام 1970 م في الأردن؟
حيث سفكت دماء الفلسطينيين على أحد الملوك العرب.. وبعدها تأتي حرب
1973 م خوفاً على التيجان وحفاظا على ماء الوجه (لكن الولادة أجهضت) ثم
استخدام النفط كسلاح للمعركة وفشل ثم يتحول سلاح النفط إلى شبه تأييد
ثم تأييد ثم حداد غير مباشر ثم مباشر ثم زيارات سرية للقدس ثم علنية
تطوع لها السادات بحجة تطبيع العلاقات والحوار المباشر وقد سبقه أقرانه
إلى الخنوع والذل والاستسلام من أمثال بعض الحكام ومن سار في ركبهم في
الخفاء وهكذا ليستمر الحال نحو كثير من المهازل.
لهذا فالعمل الأكيد للنهوض بالامة وأحياء إرادتها العمل بقوانين
الإسلام وسننه وليس بالرجوع إلى شكل الإسلام إذ أن قوانين الاسلام
تلاؤم الاشكال المتعددة للحياة.....
اذ أن قوانين الإسلام تلاؤم أشكال الحياة المتجددة وهو بعد الدقة
البالغة في تشخيص أسباب السقوط والتي أجملها في الابتعاد عن المنهج
الاسلامي نراه يجزم ويصرح بأن الخيار الوحيد للنهوض هو بالعودة إلى
مفاهيم الإسلام والقرآن.
يقول تحت عنوان الإسلام هو العلاج " المهازل السابقة سوف لن يوقفها
إلا الإسلام والعمل له وعند ذلك ستسقط كل الشعارات المزيفة......
ولو تمسكنا بالاسلام.. لا ستطعنا مواجهة كل القوى الكافرة..........
ليس إسرائيل فقط وإنما الشرق والغرب معاً" ، ويقول في كتابه الأقصى
المبارك " الكثير من الناس يعتقد أن تحرير الأقصى المبارك لا يكون إلا
عبر اللجوء إلى العنف والقوة والبطش وما أشبه ذلك..
وقد اشرنا في الفصل السابق إلى أنه إذا توقفت مسألة تحرير الأقصى
المبارك على الجهاد والاعتماد على القوة فإن الجهاد بشرائطه المذكورة
في الفقه مما أكد عليه الاسلام...
ولا يخفى أن الاعتناء بمسألة إعادة القوانين الاسلامية الضائعة
جديرة أن يعتني بها المسلمون ويعكفوا عليها إذ أن بعودة هذه القوانين
ترجع عزتهم ويعود مجدهم الاول ويوفقوا لارجاع حكومتهم الاسلامية العظمى
التي منها فلسطين المسلمة والاقصى المبارك.
والإمام الشيرازي لا يمر على هذا القوانين مرور العابرين دون أن
يذكر جزاءً يسيراً منها ولكن دائم الذكر لها والتذكير بها نصاً وكتابة
بل قلما لا تجدها في كتاب من كتبه وهو أمر يعني صلته الوثيقة بالاسلام
ولقد عد منها الاخوة الاسلامية ، الوحدة الاسلامية ترفع القيود ، إباحة
الاراضي ، قانون السبق، قانون اللاعنف ، قانون الضرائب ، قانون الزواج
، قانون العمل ، قانون السماحة ، قانون الحرية ، قانون الإنتخابات ،
قانون العقوبات. فالاستراتيجية الكبرى للنصر هي الإسلام و الجهاد
القائم على الاعداد القوي والكافي لردع الغاصبين.
الصلح واسرائيل:
في الوقت الذي يرى فيه الإمام الشيرازي أن الصهاينة قد تأمروا مع
الدول الكبرى والاستعمار من أجل تأمين مصالحهم في الدول الاسلامية ومن
أجل مزيد من النهب والسلب " تدافع الصهاينة منذ عام (1902 م) بالضغط
على البريطانيين لدعم برنامجهم وقد أكتش هيرتزل منذ بداية نشاطه حقيقة
بديهية وهي أنه لا بد لتنفيذ المخططات الصهيونية من الاعتماد على دولة
إمبريالية كبيرة تقوم بتوفير الارض للمستوطنين وحمايتهم من السكان
الاصليين والدفاع عنهم في المحافل الدولية لذا توجه هيرتزل إلى جميع
الدول الكبرى ذات المصالح الإمبريالية في الشرق الاوسط ابتداءً بالدولة
العثمانية ومروراً بفرنسا والمانيا وانتهاء بانجلترا " الأقصى المبارك
صـ45ــ ويقول في كتابه هؤلاء اليهود " إذا فاليهود اليوم ليسوا هم
بأنفسهم في مقابل المسلمين بل هم جزء من الغرب بكامله بل والشرق الملحد
بأسره عمن الضروري أن يعرف المسلمون مقدار القوة في ذلك الجانب حتى
يتهيؤوا للمواجهة.. ويقول تحت عنوان إسرائيل ضيعة الاستعمار " إذن
اسرائيل ضيعتهم والخادم المنقذ لمصالحهم وبالفعل حققت لهم إسرائيل كل
مصالحهم..."
ومع وجود التحالف الوثيق بين الصهيونية والدول الاستعمارية التي
تمثل خطوط الضغط على العالم الاسلامي و حكامه البائسين المتولهين
بالمناصب للتطبيع مع العدو آو الصلح معه رغم اختلاف الموازين وعدم
تكافئها حيث تميل الكفة لصالح الغرب القوي وبهذا يكون الصلح مع اليهود
غنيمة يجب الاستفادة منها. إلا أن الإمام الشيرازي لا يرى في الصلح
فائدة للمسلمين بل على العكس إنما هو خطوة في سبيل تحقيق الاهداف
الاسرائيلية.
.. إسرائيل وهي عصابة العنف والارهاب لا تترك مناسبة إلا وتطرح فيها
عروضها للسلام !! وسلامها الذي تنشده، يقوم على أساس الظلم والغصب وذلك
بالاحتفاظ بالأراضي المغصوبة ورفض عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم ومن
دون أن تبدي تنازلا لأصحابها الشرعيين فهي غير مستعدة لان تقدم أية
تنازلات إذا هل هناك وجه للمصالحة معها.. وكيف ستمد يد المصالحة لها؟
!! فهل يجوز لك أن تصالح غاصب بيتك وتسميه صديقاً " الصلح مع اليهود
إستسلام لإسلام "
" ولذا فإن عملية الصلح مرفوضة أساسا جملة وتفصيلا لأن مقدماتها غلط
وقياسها باطل ولا يمكن أن نجني منها سوى النتائج الفاسدة " هل سيبقى
الصلح بين العرب واسرائيل "
ومع أن الإمام الشيرازي يرفض الصلح مع إسرائيل و لا يرى فيه حل جذري
لمسألة الصراع لكنه يؤمن في حال تحققه على أرض الواقع أن لا يتسمر بل
ويرى أن الانتصار الصهيوني لن يدوم لما فيهم من صفات قبيحة ومورثات
سيئة.
"وحال السلام العربي الاسرائيلي يشبه الى حد كبير ذلك الانقطاع
السابق، وهو اشبه بالنافورة التي ترتفع بشدة ثم بعد فتره تعود الى
مكانها الاول، فان السلام من الان اخذ في الهبوط الى ان يرجع الى قراره
الاول.
" إذا كانت إسرائيل حققت انتصارها في فلسطين وفرضت شروطها على
خصومها فهل يبقى لها النصر أبديا أو لفترة طويلة من الزمن؟
الجواب: كلا... فإن الدنيا حسب التجربة دول " وتلك الأيام نداولها
بين الناس " ولأن اليهود مطاردون عبر التاريخ لما فيهم من خصال:
الأولى: حرصهم الشديد على جمع المال والثروة من الدول تستضيفهم أو
التي يقيمون فيها
ثانيا:إلقاء الفتن بين الناس لتشب بينهم المعارك والاختلافات
الثالثة: نشر الفساد الاخلاقي والرذيلة في الشعوب لأهداف يضمرونها
وهذه الخصال هي سبب طرد اليهود من هنا وهناك على مر التاريخ فقد طردهم
الالمان في الحربين واليوم فإن بريطانيا التي كانت تدافع بشدة عن
اليهود –قبل نصف قرن – ليس لها ذلك الموقف والحرص على مصالح اليهود حيث
وقع الخلاف في موقع بريطانيا بشأن النمو الاسرائيلي في المنطقة أما
الشعب الامريكي فهو الآخر لا يحمل قناعة كافية لتبرير أعمال الصهاينة
وجرائمهم الشنيعة في فلسطين ولذا تقلصت أعداد اليهود في المراكز
الحساسة في دولة أمريكا.
اتصور أنه لا يمر عقدان من الزمن إلا ويأخذ الشعب الامريكي في
الابتعاد عنهم ويطالب حكومته بذلك وحينئذ تكون المواجهة فقط بين اليهود
والمسلمين والمعادلة حينئذ واضحة.
هذا من جانب ومن جانب آخر فإن النصر الاسرائيلي لا يكون طويلا إذا
استقل حكام المسلمين من الغرب وتخلصوا من العبودية والتبعية ونالوا
استقلالهم الثقافي والاقتصادي والسياسي ويكون الحفاظ الاسرائيلي على
النصر مستحيلا إذا عودت الحريات الإسلامية والامة الواحدة والاخوة
الاسلامية والشورى في نظام الحكم إلى بلاد المسلمين ، وفي ذلك اليوم
سوف لا يكون لليهود دولة في فلسطين ولا في أي مكان آخر من الدول
الاسلامية الآخرى وإنما يكونوا كاقلية وأن دعم الأمريكيين اليهود
بالمال والسلاح.
ومنطق التاريخ يدل على أن أحد الامرين –ابتعاد امريكا عن إسرائيل أو
استقلال الحكام المسلمين سيادة وثقافة –سيقع بمرور الايام وفي أقل من
ربع قرن وفي الوقت الذي يرى العديد من المحللين السياسيين أن التفوق
الاسرائيلي واختلال موازين القوى بين المسلمين واليهود في التفاوت
العسكري والاقتصادي يرى الإمام الشيرازي هذا التفاوت على منحنى داخلي
وخارجي فعلي المستوى.
الأول يجب تطبيق كل المعايير الاسلامية داخل البلاد الاسلامية وعلى
المستوى الخارجي يجب موازنة القوى صـ79ــ
" في أوائل الثمانينات بعثت برسالة إلى ياسر عرفات قلت فيها ضمن
كلام لي: لا يمكن أن تحصلوا على النصر وتصلوا إلى أهدافكم (إزالة
إسرائيل) وأنتم تتمسكون بأساليبكم هذه وذلك لسبيين:
الأول:العنف
الثاني: ترك كتاب الله وراء ظهوركم
أما محاولة الوصول إلى الهدف بواسطة العنف فهي فاشلة تماما وذلك
لسبب بسيط هو أنكم تحملون السيف بوجه الرشاش الذي يحمله العدو (إسرائيل)
فكيف يمكن لهذا العنف غير المتوازن من إزالة إسرائيل ، وبغض النظر عن
أسلوبكم في إدارة الامور في فلسطين المستند إلى الارهاب والقتل ،
فاسرائيل غالبة بما تمتلك من تقنية عالية في السلاح وهي في ذلك تفوقكم
كمية وكيفية ففي العقد الماضي كانت إسرائيل تصنع بنفسها ستمائة نوع من
السلاح من الرصاص إلى الطائرات الحربية وفي المقابل البلاد الاسلامية
جمعاء لا تصنع من سلاحها ستمائة نوع ولا يجاري سلاحها السلاح
الاسرائيلي في الكيفية.
الخاتمة:
واخيرا لان كان العامل البشري والديموغرافي لليهود هو نقطة الضعف
والكابوس المزعج لاسرائيل، فانها هي عينها نقطة القوة عند المسلمين،
فالعديد من الدراسات اشارات الى ان نسبة الشباب في العالم الاسلامي
تمثل اكثر من اربعين في المئة من السكان. ولقد اشار الامام الشيرازي
الى هذه النقطة في العديد من الكتب والدراسات. يقول " لكن مما يؤسف له
اليوم ان المسلمين منهم مئتان وخمسون مليون من العرب المحيطين (باسرائيل)
وبامكانهم –حتما- الغلبة على اربعة ملايين من اليهود اذا ما سلكوا
الطريق السليم في عملية التحرير والانقاذ".
غير ان ما يوسف له حقا ان هذه النسبة العالية من الشباب ضائعة في
ملذات الهوى، فاقدة للارادة، خائرة العزيمة، لاهيه عن قضياها الكبرى في
جمع فتات العيش، لاهثه وراء القطرات المتساقطة من موائد الغرب. لهذا
يجب ان يكون الرهان الحقيقي للنصر في النهوض بهذه الامة واحياء شبابها
بارشادهم للاسلام، والسير على نهجه والعمل به. وهذا الرهان هو الاداة
التي استخدمها الانبياء في هدم صروح الكفر والطغيان. فالحكومات الجائرة
الظالمة، عملاء الغرب والاستعمار قد راهنوا على القوة الاقتصادية
والمادية لقتل الارادة الحقيقية للامة عبر افشاء حالة الفساد والانحلال
الاخلاقي. وهذا ما كان الامام الشيرازي يراهن عليه في عملية النهوض
الاسلامية، فهو يرى في النهوض حركة جماهيرية وليست حركة نخبوية. لهذا
كانت الدعوة بتطبيق قوانين الاسلام والسعي ما امكن لتطبيقها في كل
البلاد الاسلامية الهدف الاول للامام الراحل "قدس سره".
ولقد حاولت جاهدا ان ارسم صورة من فكر الامام الشيرازي في قراءته
لليهود، بغية الاستفادة منها في عملية الصراع وسبل تحقيق النصر فكانت
في ثلاث عناصر.
1. فضح اليهود والتعريف بهم وبعقائدهم المنحرفة عبر نشر الكتب
والمجلات واستنهاض المسلمين لمواجهة التحدي. وشحذ العزائم لتصدي
للمؤامرة الكبرى للقضاء على الاسلام املا في سرقة ثروات الامة
الاسلامية واستعبادها.
2. معرفة الاساليب التي يعمل بها اليهود، وكيفية ممارستهم للسياسية
بشكل عام. وذلك لنتمكن من مواجهة هذه الاساليب ونحد من خطرها وضررها
على مستقبلنا.
3. العلاج يبدا من انفسن، والاسلام هو العلاج الاول والاخير لكل
مشاكلن، لهذا كان لابد لنا من تطبيق الاسلام على مستوى المدار الذي
نعيش فيه سواء كان دولة او حركة او حزب....
واخيرا اتمنى ان اكون قد وفقت لرسم صورة من رؤى الامام الشيرازي حول،
علما باني ارى ان هناك الكثير الذي لم اتناوله في هذه الدراسة، فكلما
رجعت لبعض الكتب كي اكمل فكرة ناقصة وجدت فكرة جديده لم اتناوله، وهو
ما يعني بالنسبة لي الاستمرار في البحث والتحليل وهو مالا اتمكن من
انجازه في الوقت الحاضر، راجيا من المفكرين والكتاب ان يكملوا هذه
الدراسة وان يسدوا ما فيها من نقص.
..............................................
المصادر
1. اليهود والسلام المستحيل، السيد محمد الحسيني
الشيرازي
2. الصلح مع اليهود استسلام الإسلام، السيد محمد
الحسيني الشيرازي
3. الأقصى المبارك، السيد محمد الحسيني الشيرازي
4. فلسفة التاريخ، السيد محمد الحسيني الشيرازي
5. مجلة الهلال " أيام فلسطين الدامية "
6. مجلة الهلال " اليهود في روسيا "
7. يهود اليوم " ليسوا يهوداً، بنيامين فريدمان
8. الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية، روجيه
جارودي
9. حكومة العالم الخفية، مثيريب سبيريد ومنينش
10. الخطر الصهيوني على العالم الاسلامي، ماجد
كيلاني
11. لورنس العرب، لعى خطر هرتزل زهدي الفاتح
12. أمريكا واسرائيل، د.محمد معرود الدواليبي
13. من هم اليهود؟ ومن هي إسرائيل هيثم مولي
14. نهج البلاغة
15. السبيل الى انهاض، المسلمين الإمام الشيرازي
|