الروائي علي حسين عبيد: فن السرد العراقي لم يستطع أن يواكب الأحداث الجسام

شبكة النبأ: أكد المحرر الثقافي لشبكة النبأ المعلوماتية القاص والروائي العراقي علي حسين عبيد على أهمية ان يحمل النتاج الادبي للكاتب كل هموم محيطه، لانه، كما يرى، يفترض ان يكون رسالياً شريطة ان لايفقد النص جماليته، ومن ثم تحقيق القيمة العالية في الشكل والمضمون على حد سواء، ويشير عبيد من خلال متن المقابلة الاتية التي اجراها معه مراسل وكالة كردستان للانباء (أكانيوز) في النجف الى ان السرد العراقي يسير بالاتجاه الصحيح ,لكنه ربما لن يستطيع ان يوازي فداحة ماحدث في الساحة، ولم يستطع ان يواكب فداحة الاحداث الجسيمة التي حدثت في العراق،لكن كل ذلك لايعني ان السرد العراقي دخل منطقة الفشل تماماً.

* متى بدات مع السرد وكيف تقيم تجربتك بعد هذه الصحبة معه؟

- تقييم التجربة الشخصية قد يؤدي الى نوع من التحيز الى الذات, فطبيعة تركيبة الشخصية الانسانية قائمة على حب الذات وتفضيلها،لذا ساحاول ان اضع حاجزا بين قضية تفضيل الذات وبيني انا شخصيا للرحلة الطويلة مع السرد التي بدأتها في النصف الثاني من عام 1975 في بعض الصحف الخليجية حيث نشرت في مجلة المجالس الكويتية اول قصه قصيرة لي كانت تحمل عنوان(بيت الدعارة) ونشرت في وقتها كقصة العدد, بعدها تواصلت مع الكتابة والقراءة ثم نشرت قصتي الاولى في العراق في مجلة الطليعة الادبية التي كانت تمثل الجهة التي تمنح هوية الدخول الى مملكة الادب فحينما تنشر مادة في ذلك الوقت في تلك المجلة يتم الاعتراف بك من قبل الوسط المثقف والوسط الثقافي بانك انتميت لهم.

* متى صدر اول نتاج خاص بك؟

- تواصلت مع النشر في المجلات الادبية العتيدة ولكن،اول نتاج كان مجموعتي القصصية الاولى والتي نشرتها عام 1989 وكانت بعنوان (امراة على الرصيف)ثم اصدرت مجموعتي (كائن الفردوس)عام 2001 وسبقتها بعام روايتي الاولى (طقوس التسامي) واصدرت مجموعة قصصية بعنوان (الاقبية السرية), وعام 2009 سبقتها (رحلة غياب) التي نشرت عدد من فصولها في مجلات مغربية وعربية ومصرية وعراقية ".

* عودة الى تقييم التجربة هل من توضيح ادق لها؟

- لست راضيا عن نفسي في هذا المجال لكن من باب آخر اشعر ان المجال مازال متاحا لكي اكتب لما يلفت الانظار.

* ما السبب وراء عدم الرضا؟

- لا اعرف السبب الحقيقي بالضبط ولكنني , لابد ان اكون صادقا مع نفسي اولا , وشعوري هو انني لم ازل حتى الللحظة لم اكتب ما يلفت الانظار, بسبب اني لست راضيا عن ما قدمته؟

*هل لان النتاج لم يكن يحمل هموم محيطك مثلا؟

- الكاتب بنتاجاته الادبية مهما تنوعت يجب ان يحمل كل هموم محيطه ومن هذا المجال اعتقد اني اكثر من الكتابة في مجال ضغوط الواقع وابتعد كثيرا عن الجماليات ولااعتبر نفسي مثقفاً جمالياً او اديباً جمالياً وانا احاول ان اخلط قضية الاهداف من وراءالرسالة الادبية مع القيمة الجمالية ,من هنا ارى انه يجب على الكاتب ان يكون رسالياً بالدرجة الاولى،على ان لا يهمل الجانب الجمالي الذي يجب توفره في النص، فهناك نوع من المزاوجة في اعمالي بين الهدف الذي يجب ان يتحقق في النص القصصي،اضافة الى ان يكون توصيل الهدف بلغة جمالية تنطوي على الوضوح كي تخرج القصة القصيرة او الرواية بحصيلة تضمن اتجاهين الاول هو الرسالة التي تقدم للقاريء،والثاني ان النص يكون ضمن الشروط الفنية والجمالية لكتابة القصة والرواية وهذا امر مطمئن منه.

* اذن ماذا تعني بالضبط بقولك (لم ارض عن نفسي)؟

- ما قصدته هو ان هناك شعوراً مفاده ,حينما يرضى المبدع ايا كان عن نفسه في أي مجال، هذا يعني بالنسبة لي نقطة توقف عن الابداع،وبهذاولايمكن ان تاتي بجديد تتجاوز فيه ابداعاً سابقاً، وكثير من الاصدقاء يتفقون معي في هذا الامر، واعتقد ان القضية محسومة, فحين تشعر انك اديت ما عليك اذن اركن نفسك جانبا وتوقف, اما اذا كنت تعاني من شعور وهي (معاناة) انك تريد حتى اللحظة بعد 30 عاماً من الكتابة وما يقارب (9 الى 10) كتب بين الرواية والقصه والنقد واخرها كتاب (المثقفون والملاذ الدائم رؤى في الثقافة العراقية) وهي مجموعة مقالات, تحديدا تمارس نقدا حادا على المشهد الثقافي, وعلى السلوك الثقافي للمثقف العراقي، فهذا طبعا امر صعب ويحتاج الى شعور دائم بعدم الرضا لتحرز ابداع يتخطى مراحلك السابقة. في الحقيقة كل المثقفين بنتقدون المشهد الثقافي ولااحد يؤشر على ذاته باعتباره جزءاً من المشهد.

* لماذا برأيك؟

- هذا صحيح وانا حاليا لدي سلسلة من المقالات نشرتها في عمودي الاسبوعي في جريدة المشرق والاتحاد تحاول ان تستغور ماهية المشهد الثقافي, اضافة الى كيفية تعامل المثقف مع هذا المشهد, اين نقاط الضعف اين نقاط القوة ولكن ناخذ المشهد بشكل عام كيف تتحرك الثقافة العراقية بشكل عام، لذا اظن انني قدمت ما يوازي او يقترب من المنجز السردي في هذا المجال بمعنى انه حاولت ان لااحصر نفسي في مجال محدد.

* هل تجد نفسك اليوم اقرب للسرد ام للصحافة باعتبارك خضت تجربة كتابة التحقيقات الصحفية والعمود الصحفي؟

- مسالة الانتماء الى السرد قضية محسومة بالنسبة الي كما هي محسومة لمعظم الاصدقاء الذين يعملون ايضا في الصحافة مثل، حميد المختار، وجمال كريم، وعبد الستار البيضاني، وعبد الزهرة زكي، هؤلاء كلهم، بينهم القاص، والشاعر، والناقد، لكنهم دخلوا في مجال الصحافة وتاتي هذه الحالة تحصيل حاصل لكن معظمهم او غالبيتهم باقون مع الرواية والشعر، والقصة، والنقد، لكن بالمحصلة النهائية بالنسبة لم استطع ان اغادر العمل الابداعي السردي الى العمل الصحفي.

* كيف تقيم الواقع السردي العراقي؟

- السرد العراقي يسير بالاتجاه الصحيح , نعم. هو متلكئ، نعم. قد لن يستطيع ان يوازي فداحة ما حدث في الساحة ولم يستطع ان يواكب فداحة الاحداث الجسيمة التي حدثت في العراق، ولكن هذا لايعني ان السرد العراقي فاشل تماما, لا. فهناك روايات ومجاميع قصصية مهمة جدا عالجت وتصدت لما مامر به العراق من تاريخه المنظور من صدمات قوية اثرت على الواقع الاجتماعي والسياسي".

* طيب كيف تنظر الى العلاقة بين المتلقي،والنص الفاعل او المؤثر الذي ينتجه كاتب يعي المرحلة وما ينتجه؟

- حتى وان كان هناك متلقٍ جيد يتفاعل مع النص واهدافه، وجمالياته, هناك قطيعة واضحة بين القاريء العراقي او العربي وفن السرد، وهذه في الحقيقة مشكلة العراق والعرب بالدرجة الاولى, لذلك يجب ان تعالج هذه الاشكالية التي باتت واضحة جلية في ثقافة التلقي, فعلى سبيل المثال في شهور ليست بعيدة اجري استفتاء في السعودية, طرح سؤال عن المجال الذي تمت قرأته اكثر من غيره وجاءت النتيجة لصالح الرواية،ما كشف ان اكثر قراء السعودية يميلون الى الرواية وهذا شيء جيد وممتاز، لكن تبقى اشكالية العراق في هذا الجانب محصورة في القطيعة بين المتلقي والسرد.

* ما هي الاسباب برايك؟

- الاسباب واضحة ومجملها اقتصادية،وسياسية من حروب،ومجاعات، وماتعرض، لذك ارى ان المواطن العراقي او العائلة العراقية بصورة عامة،تحاول ان تعوض مافاتها، وهذا يعني من المستحيل ان تترك شراء سلعة معمرة لشتري كتباً سردية لتطوير المستوى الثقافي.

* الا تجد ان اغواء القارئ ضروري من جانب منتج النص؟

- هذا بالفعل يحصل ,وما قلناه سلفا لايعني ان هناك عدم قصور من الكاتب سواء كان روائي او قاص او حتى شاعر هناك قصور واضح في مهمة توصيل الرواية والقصة وحتى القصيدة الى القاريء العراقي، وانا عاتبت،وكررت الدعوات الى ان يكون الروائي والقاص كثير الصبر لكي يصل بصوته الى القارئ.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6/أيلول/2011 - 7/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م