التسلح النووي... ضمان سلام أم وسيلة لدمار العالم؟

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: على ما يبدوا إن تسونامي اليابان وما أسفر عنه من كارثة نووية، حذر الدول النووية بأن الجميع تحت مطرقة غضب الطبيعة وإهمال البشر، كما أعطى تنبيهاً مهماً مفاده إن اللعب بالنار النووية لا تمر من دون عواقب، مما حدا بالأمم المتحدة ووكالتها الذرية إلى تحشيد الطاقات وشحذ الهمم من اجل القيام بحملة واسعة من التحسينات النووية لضمان امن وسلامة الجميع وتفادي كارثة أخرى قد تؤدي إلى هلاك الحرث والنسل، ومع تزايد الأصوات الداعية إلى إنهاء التسلح النووي في الدول الأوربية وغيرها والتخلص من برامجه التي لا تسبب سوى الدمار والكوارث، بات أصحاب القرار يدركون شيئاً فشياً إنهم أمام أزمة حقيقية لا ينفع معها الخداع والمماطلة، خصوصاً مع زيادة الوعي لدى فئات واسعة من المجتمعات الإنسانية بضرورة الحفاظ على الطبيعة التي تعرضت إلى الكثير من الحيف والظلم من قبل الإنسان.  

التحقق من السلامة

حيث تجري الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة تفتيشا واحدا على الاقل للسلامة في كل بلد به محطات نووية في السنوات الثلاث المقبلة في اطار مقترحات تهدف الى منع تكرار أزمة اليابان النووية، ومشروع الوثيقة الذي قدمته الوكالة "وهو نسخة منقحة من خطة عرضت على الدول الاعضاء في الوكالة هذا الشهر" وضع الخطوط العريضة لسلسلة من الخطوات للمساعدة في تحسين السلامة النووية في العالم بعد حادث فوكوشيما في مارس اذار، وجاء في مشروع الوثيقة "التنفيذ القوي لخطة العمل هذه بشفافية كاملة ذو أهمية قصوى وسيمثل خطوة كبيرة للامام في تعزيز السلامة النووية"، وقال دبلوماسيون إن الخطة تسعى الى رسم مسار وسط بين البلدان التي دعت الى قواعد دولية أكثر صرامة وملزمة واولئك الذين يريدون الابقاء على السلامة كقضية متروكة للسلطات الوطنية بشكل صارم، وقال دبلوماسي أوروبي عن الوثيقة "هذا حل وسط، لا تزال الوثيقة ليست الاكثر طموحا"، وعن القضية الرئيسية لعمليات التفتيش الدولية للسلامة جرى تعديل النص بعد ردود افعال الدبلوماسيين في الدول الاعضاء لتوضيح أن جميع دول الوكالة التي لها برامج نووية ستستضيف بعثات الخبراء هذه، ولكن في الوقت نفسه استبعد هدف الوكالة الذي يرمي الى مراجعة عشرة بالمئة من المفاعلات في العالم في غضون ثلاث سنوات وستظل مهام الوكالة تتم بناء على دعوة البلد، وقال خبير نووي ان النص خفف الافكار التي طرحها يوكيا أمانو المدير العام للوكالة في يونيو حزيران بأن تقوم الوكالة باجراء عمليات تفتيش عشوائية لمفاعلات العالم البالغ عددها 440 مفاعلا وهذا الاقتراح غير مدرج في مشروع الوثيقة، وقال الخبير الذي رفض نشر اسمه "أضعفت الدول الاعضاء مقترحات أمانو الرامية الى تقوية الوكالة وتعزيز مصداقيتها بشأن السلامة"، ويوجد 29 دولة في العالم بها طاقة نووية لكن معظم المفاعلات موجودة في الولايات المتحدة وفرنسا واليابان وروسيا. بحسب رويترز.

قمة نووية

الى ذلك عقد زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ ايل والرئيس الروسي ديمتري مدفيديف قمة في قاعدة عسكرية في سيبيريا يفترض ان تتناول خصوصا التعاون في مجال الطاقة وبرنامج بيونغ يانغ النووي، وعقدت القمة في مدينة اولان اودي عاصمة جمهورية بورياتيا الروسية التي يشكل البوذيون غالبية سكانها، بالقرب من بحيرة بايكال على بعد 5550 كلم شرق موسكو، كما قال مصدر قريب من الملف، ولم يكشف الكرملين اي تفاصيل حول هذه القمة التي تعقد وسط سرية كبيرة، وكان كيم الى الشرق الاقصى الروسي بقطاره المصفح في ثالث زيارة يقوم بها الى روسيا بعد رحلتيه في 2001 و2002، ويسعى كيم الذي زار قبل شهرين الصين، للحصول على مساعدة اقتصادية من حلفائه لمواجهة نقص في المواد الغذائية والسيول المدمرة التي شهدتها كوريا الشمالية في تموز/يوليو، وستدخل القمة التاريخ لانها تشكل تطورا كبيرا في العلاقات وتتيح الفرصة امام موسكو لتلميع صورتها على انها مفاوض قادر على التعامل مع الانظمة التي تعتبر خارجة عن التوافق الدولي، الا ان المحللين يرون ان المحادثات لن تثمر عن انفراجات كبيرة في السياسة الخارجية او تثمر عن اتفاقيات اقتصادية قوية، ويتوقع ان يسعى كيم للحصول على مساعدة موسكو في محاولة اطلاق المحادثات السداسية المتوقفة بشان نزع اسلحة كوريا الشمالية النووية وسط مؤشرات على ان الدولة المعزولة تسعى الى التواصل مع العالم بسبب معاناتها من نقص الاغذية، وكانت بيونغ يانغ خرجت من المفاوضات السداسية التي تشارك فيها الكوريتان والولايات المتحدة واليابان والصين وروسيا، في نيسان/ابريل 2009، واجرت ثاني تجربة نووية لها بعد ذلك بشهر، الا انها اعربت عن رغبتها في العودة الى المحادثات، وناقش الكرملين الذي يقول انه يجب استغلال اية فرصة لادخال كوريا الشمالية في حوار، مشاريع الطاقة والبنية التحتية الخاصة بالكوريتين، وشملت المحادثات الخطة المتوقفة منذ فترة لاقامة خط لسكك الحديد بين الكوريتين وبناء خط ربط كهربائي بين البلدين والاهم من ذلك مد خط انابيب لنقل الغاز الروسي الى كوريا الجنوبية عبر كوريا الشمالية، وتعود العلاقات بين الدولة الشيوعية وروسيا الى العهد السوفياتي رغم ان العلاقات فترت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. بحسب فرانس برس.

خطر يهــــدّد العالم

في سياق متصل حذر معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام في تقريره السنوي لعام 2011 من ان خطر الاسلحة النووية مازال يهدد العالم، موضحاً ان التخفيضات المعلنة لهذا النوع من الاسلحة عوض عنها تحديثها وتنويع الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية، فيما باتت الموارد الطبيعية مصدر توتر رئيس، وذكر تقرير المعهد انه من اصل ما يزيد على 20 ألفاً و500 رأس نووي تملكها ثماني دول هي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل، فإن «ما يزيد على 5000 سلاح نووي نشرت وهي جاهزة للاستخدام، و2000 منها تبقى في حال تأهب متقدمة للعمليات»، كما لفت المعهد الى ان الدول الخمس المعترف بها رسميا على انها قوى نووية والموقعة على معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية عام 1968 وهي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين «اما تنشر انظمة اسلحة نووية جديدة، أو اعلنت نيتها في القيام بذلك»، وقال مساعد مدير المعهد دانيال نورد، ان «الدول النووية تعمل على تحديث ترسانتها من الاسلحة النووية وتستثمر فيه، وبالتالي يبدو من غير المرجح ان تتم عملية نزع سلاح نووي فعلية في مستقبل منظور»، رغم معاهدة ستارت الاميركية الروسية لخفض الترسانة النووية للبلدين، ورأى التقرير ان اتفاقات ستارت الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في فبراير لن تقود على ما يبدو الى «مفاوضات على المدى القريب حول تخفيضات جديدة للقوى النووية الروسية والاميركية»، وقال نورد في هذا الصدد، ان المخاطر الايرانية «تنجم عن عواقب» برنامجها النووي اكثر منها عن قدرتها على حيازة السلاح النووي في المستقبل، وهو يخشى الوقت الذي «تقرر فيه اسرائيل او الولايات المتحدة ان عليها التدخل» ضد برنامج طهران النووي، وفي مايو 2010 شدد المؤتمر التاسع لمتابعة معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية على ضرورة مواصلة منع الانتشار وأوصى بصورة خاصة بإنشاء منطقة منزوعة السلاح النووي في الشرق الاوسط، غير ان معهد استوكهولم لفت الى ان الخلافات المعلنة بين الدول المشاركة في المؤتمر، وتحديداً بين الدول التي تملك السلاح النووي وتلك التي لا تملك هذا السلاح «تحد من الآمال بتحقيق تقدم في تطبيق القرارات الاكثر تواضعاً» حتى في النص الختامي الذي صادق عليه المؤتمر. بحسب فرانس برس.

كما لفت التقرير الى ان «الهند وباكستان اللتين تعتبران مع اسرائيل قوى نووية بحكم الامر الواقع، ولم توقعا على معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية، تواصلان انتاج الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية»، كما يعمل البلدان المتخاصمان على «زيادة قدراتهما على انتاج المواد الانشطارية للاستخدام العسكري»، وقال نورد إنه «المكان الوحيد في العالم الذي يجري فيه سباق حقيقي على السلاح النووي»، وحذر من ان ما يزيد الوضع خطورة ان باكستان تنشط فيها «اطراف غير حكومية»، وتساءل التقرير «ما الذي سيحصل ان فقدت باكستان السيطرة على قسم من ترسانتها النووية» في اشارة الى مخاطر الارهاب الدولي، واخيراً ذكر المعهد انه «من المعروف ان كوريا الشمالية انتجت ما يكفي من البلوتونيوم لصنع عدد ضئيل من الرؤوس النووية»، غير انه لا يمكن التثبت مما اذا كانت تملك فعليا اسلحة نووية، كما شدد مدير برنامج النزاعات المسلحة وإدارة النزاعات في المعهد نيل ملفين على دور النفط في التوتر القائم في السودان وليبيا، مشيراً الى ان الثروات النفطية أسهمت في اثارة حرب اهلية، وقال ملفين متحدثاً، أن التزايد المفاجئ في الطلب مع وصول الاستهلاك الهندي والصيني الى الاسواق اثار منافسة متزايدة في البحث عن موارد جديدة يمكن استغلالها بما في ذلك في القطب الشمالي، وأدى الى ارتفاع في الاسعار طاول بصورة خاصة المجال الغذائي، وقال ملفين «لدينا توقعات تفيد بأن اسعار المواد الغذائية قد تتضاعفت بحلول 2020 نتيجة النقص والتغيير المناخي».

حلم ليس مستحيل‏

‏بدورها طرحت القوى الكبرى في العالم مبادرة جديدة لحظر أسلحة الدمار الشامل جميعها من الشرق الأوسط، حسبما قال مسؤولون من دول عدة وستكون هذه المبادرة التي تتطلب محادثات مع اسرائيل والدول العربية، قضية أساسية في المؤتمر الذي بدأ في نيويورك والذي يهدف إلى الحد من انتشار السلاح النووي في العالم، وتعمل واشنطن على إعداد هذه المبادرة الدبلوماسية عن طريق المشاورات مع بريطانيا وروسيا وفرنسا، ولكن من غير الواضح تماما ما اذا كانت المبادرة ستنال رضا مصر التي لطالما روجت لهذه الفكرة باعتبارها طريقة لبذل المزيد من الضغوط على اسرائيل، الدولة النووية الوحيدة في المنطقة، ويجمع مؤتمر نيويورك أكثر من 150 دولة في فترة تصل الى نحو شهر بهدف تحديث معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي الموقعة عام 1968، وقال وزير الدفاع البريطاني السابق ديس براون الذي يقود الآن جماعة من السياسيين المخضرمين والجنرالات السابقين الداعين إلى تخليص العالم من السلاح النووي «سيكون هذا المؤتمر هو الاكثر اهمية في حياتنا، في ما يتعلق بنزع السلاح النووي»،  ويحلو لبعض المسؤولين أن يطلق على هذا المؤتمر «كوبنهاغن النووي» استنادا إلى قمة كوبنهاغن للحفاظ على البيئة التي طالبت بوضع نوع من التوازن بين الدول الصناعية والنامية والضعيفة. وربما تكون النتيجة لهذه القمة غير جلية، اذ إن الكثير من النجاح الذي حققته لا يمكن قياسه بصورة واضحة تمام، وكما هي حال قمة كوبنهاغن، فإن الفشل في المؤتمر الحالي لا يمكن ان تشعر به دول العالم إلا بعد سنوات عدة، وفي حقيقة الامر، فإن اتفاقية الحد من السلاح النووي ليست على وشك الانهيار، اذ إن الدول الموقعة عليها والبالغ عددها 189 منحتها تفويضا إلى ما لا نهاية في عام 1995 ولكن فعالية الاتفاقية على الواقع في حالة تآكل مستمر، ولاتزال اسرائيل وباكستان والهند التي تملك جميعها أسلحة نووية، خارج نطاق الاتفاقية، وانسحبت كوريا الشمالية قبل سبع سنوات وتعمل منذ ذلك الوقت على صنع سلاحها النووي الخاص به، وثمة شكوك على نطاق واسع بأن ايران تمارس الخداع، في حين تتعرض الدول الخمس النووية المعترف بها من قبل المعاهدة لانتقادات حادة من قبل الدول غير النووية التي ترى في ممارساتها نوعا من النفاق .

وكان آخر مؤتمر لمعاهدة الحد من انتشار السلاح النووي في عام ،2005 قد شهد نزاعاً حاداً بين ايران وإدارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش، ووقفت دول عدم الانحياز الى جانب ايران في انتقادها للولايات المتحدة والدول النووية الكبرى، وتعتقد إدارة الرئيس باراك اوباما أنها فعلت ما فيه الكفاية لمنع انهيار المؤتمر الجاري، وتعهد الرئيس في العام الماضي بالتخلص من السلاح النووي نهائي، وقامت الولايات المتحدة في الشهر الماضي خلال مراجعتها وضعها النووي بتقليل الاحتمالات التي تستخدم فيها السلاح النووي الى أدنى حد، وفي معاهدة ستارت الجديدة، قامت الولايات المتحدة وروسيا بتخفيض عدد الرؤوس الحربية التي ستنشره، ولكن للتأكد من الحصول على الدعم الحيوي لمصر والتي تترأس حركة عدم الانحياز، طرحت الولايات المتحدة وروسيا اقتراح الشرق الاوسط الخالي من السلاح النووي.وكانت دول نووية كبرى وافقت أولا على تقديم المساعدة اللازمة لإنشاء الشرق الاوسط الخالي من السلاح النووي عام 1995، وكان ذلك جزءاً من ثمن اقناع مصر والعالم الاسلامي بقبول تجديد اتفاقية الحد من انتشار السلاح النووي لأمد غير محدد، وكان من المفروض أن تقوم الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا بإدارة هذه العملية، ولكنها لم تفعل أي شيء مهم إزاء غضب مصر المتواصل، وأوضحت مصر هذا العام انها ستطالب بخطوات صغيرة، ولكنها محسوسة مقابل تعاونه، وسيكون حجم هذه الخطوات هو التركيز على المقايضة في نيويورك. بحسب فرانس برس.

وتريد القاهرة إضافة إلى دول العالم العربي والاسلامي تركيز المبادرة على السلاح النووي فقط، وتدعو مصر إلى أن تفضي المبادرة الى مفاوضات شاملة في العام المقبل، ولكن واشنطن وضعت أهدافا صغيرة، وقالت مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون مراقبة التسلح ايلين توتشر «ان افضل فرصة لإنشاء الشرق الاوسط الخالي من الأسلحة النووية تكمن في التوصل الى سلام شامل ودائم في الشرق الاوسط»، ومن المؤكد أنه في ظل مفاوضات بالشرق الاوسط، ستؤكد اسرائيل على احتفاظها بترسانتها النووية، وهو الامر الذي ترفض الاعتراف به حتى الآن، وقلة من الناس يعتقدون أن اسرائيل ستوافق على التخلي عن هذه الاسلحة في المستقبل المنظور، ولكن اسرائيل قالت إنها مستعدة للانخراط في مفاوضات إقليمية لمراقبة التسلح، اذا تمت معالجة مخاوفها الامنية، واسرائيل ليست موقعة على اتفاقية الحد من السلاح النووي، وهي لن تشارك في مؤتمر نيويورك، ولكنها تراقب عن كثب وبقلق، وستطالب الولايات المتحدة مقابل دعمها الشرق الاوسط الخالي من السلاح النووي بالحصول على دعم مصر والدول الاخرى غير النووية من أجل عزل ايران وفرض عقوبات أشد على من ينسحب من معاهدة الحد من السلاح النووي، وتمنح الامم المتحدة آلية أكثر فاعلية للحد من انتشار السلاح النووي.

طموحات نووية

على صعيد اخر كان الهدف من معاهدة نووية مدنية وقعت عام 2008 بين الولايات المتحدة والهند رفع حظر استمر 34 عاماً على التجارة النووية، على الرغم من امتلاك نيودلهي برنامج تسلح منذ فترة طويلة في خطوة ينظر اليها على أنها تعزيز للبرنامج الهندي كثقل مضاد للصين، كما هدفت ايضا الى فتح سوق الصناعة النووية المتعطش للطاقة بالبلاد، وتقدر حجمها بنحو 150 مليار دولار، في وقت تشهد فيه الطاقة النووية نهضة جديدة على مستوى العالم كبديل أقل تلويثاً للبيئة للوقود الاحفوري، لكن الصين وباكستان تهددان بتعطيل الطموحات النووية الهندية من خلال رفع مستوى التعاون بينهما، وهو احتمال أثار شكوكا دولية وأحيا مخاوف بشأن المنطق وراء جعل الهند حالة استثنائية، ويعد تجدد خطر الانتشار النووي في واحدة من اكثر مناطق العالم اضطراباً أحدث عقبة في طريق شركات من بينها «جي.اي هيتاتشي» ومقرها الولايات المتحدة و«وستنجهاوس اليكتريك» التابعة لـ«توشيبا كورب» اليابانية، تحاول دخول قطاع الطاقة النووية الهندي، وقال المتحدث باسم شركة «جابان ستيلووركس» تاكاهيسا اوكوياما «نود توفير مواد جيدة لكننا لا نستطيع التفكير في هذا ما لم يتسن ضمان الاستخدام السلمي للطاقة النووية»، وقال اوكوياما «إذا أبرم الاتفاق فإن نطاق توفير موادنا الجيدة سيتسع. والهند سوق جذابة»، مشيراً الى محادثات بدأتها حكومتا اليابان والهند مؤخراً لبحث امكانية التجارة النووية، وتتعامل اليابان، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تعرضت للهجوم النووي، بحساسية مع اي تعاملات مع دول تمتلك أسلحة نووية. بحسب رويترز.

ورفضت الهند وباكستان توقيع معاهدة حظر الانتشار النووي التي تحظر التجارة النووية مع الدول التي طورت أسلحة، وكونت كل من الدولتين ترسانة نووية متواضعة، ويعتقد أن الهند تملك نحو 100 رأس حربية، فيما تملك باكستان ما بين 70 و80 رأساً، وفقاً لما ذكرته رابطة مراقبة الاسلحة التي تتخذ من واشنطن مقراً له، لكنه في حين أخرجت واشنطن الهند من عزلتها النووية باتفاق ثنائي ثم أجبرت مجموعة الموردين النوويين التي تتألف من 46 دولة على أن تحذو حذوها، فإنها رفضت طلب باكستان الحصول على الامتيازات نفسه، وتقدم الصين الآن عرضاً لبناء مفاعلين في مجمع تشاشما بباكستان، وهي خطوة قائمة على منطق مفاده أنه اذا كان بوسع الولايات المتحدة توفير اتفاق للهند فإنه يجب السماح للصين بأن تفعل الشيء نفسه مع باكستان، وقال المدير التنفيذي لمركز منتدى المحيط الهادي للدراسات الاستراتيجية والدولية براد جلوسرمان «كلنا كنا نعلم آنذاك أن اتفاقاً مثل ذلك الذي بين الهند والولايات المتحدة ستكون له عواقب على نظام حظر الانتشار، وهذا ما تراه الآن».وفي حين أن 14 من مفاعلات الهند البالغ عددها ،22 فضلاً عن المحطات الجديدة التي تقام لتوليد الطاقة ستفتح أبوابها امام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ستعفى المنشآت العسكرية ومخزونات الوقود النووي التي أنتجتها الهند حتى الآن من عمليات التفتيش او الضمانات، ويقول خبراء ان الهند تستطيع في واقع الامر التمتع بالامتيازات التي يتمتع بها أعضاء معاهدة حظر الانتشار النووي دون قبول الشروط المرتبطة بها، وأبرزها التنازل عن الأسلحة النووية.

قنابل قذرة

من جانبه قال مفتش كبير سابق في الامم المتحدة ان مخزونات من اليورانيوم ومواد أخرى موجودة في مركز أبحاث بالقرب من العاصمة الليبية طرابلس ويمكن استخدامها لصناعة "قنبلة قذرة" ويجب على المعارضين الليبيين تأمين هذا المركز، وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد وافق عام 2003 على التخلي عن سعيه لامتلاك أسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية لاصلاح العلاقات مع الغرب وساعدت هذه الخطوة على انهاء عقود من العزلة التي فرضت على ليبي، وقال اولي هاينونن الذي تولى منصب رئيس عمليات التفتيش النووي في العالم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة حتى منتصف عام 2010 ويدرس الان في جامعة هارفارد ان برنامج ليبيا لتخصيب اليورانيوم تم تفكيكه في وقت لاحق، وأضاف في تعليق على الانترنت أن المعلومات والوثائق الحساسة التي تتراوح بين معلومات عن تصميم الاسلحة النووية الى مكونات أجهزة الطرد المركزي تمت مصادرتها أيض، واستغرق التخلص من اليورانيوم الليبي عالي التخصيب والذي كان يستخدم لتزويد مركز تاجوراء للابحاث على مشارف طرابلس بالوقود وقتا أطول لكن اخر شحنات الوقود المستنفد خرجت من ليبيا في أواخر عام 2009، لكن هاينونن الذي كان نائبا سابقا للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا قال انه "مازالت هناك مخاوف أمنية نووية"، وأضاف أنه مازالت هناك في تاجوراء مخزونات بكميات كبيرة من النظائر المشعة والنفايات المشعة ووقود اليورانيوم منخفض التخصيب بعد ثلاثة عقود من الابحاث النووية وانتاج النظائر المشعة، وقال "يمكن أن نشعر بالامتنان لان مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب لم تعد موجودة في ليبيا الا أن المواد المتبقية في تاجوراء يمكن اذا وقعت في الايدي الخطأ أن تستخدم كمكونات لصنع قنابل قذرة، ويمكن أن تجمع القنابل القذرة بين المتفجرات التقليدية مثل الديناميت والمواد المشعة، وصنع قنبلة الانشطار النووي صعب من الناحية التقنية ويتطلب يورانيوم أو بلوتونيوم يصلح للاستخدام في صنع القنابل والذي يصعب الحصول عليه ويصف خبراء الامر بأنه غير مرجح لكنه سيؤدي الى خسائر كبيرة في الارواح والممتلكات اذا حدث، ومن ناحية أخرى يرجح كثيرا استخدام القنبلة القذرة التي تستخدم فيها المتفجرات التقليدية لنشر الاشعاع من مصدر مشع لكنها تؤدي الى الترويع أكثر من خسارة كبيرة في الارواح، وقال هاينونن ان أعمال نهب لمخزون مواد نووية ومشعة في مركز التويثة للابحاث النووية القريب من بغداد وقعت بعد سقوط صدام عام 2003، وأضاف "لاسباب أهمها الحظ المحض لم يسفر الامر عن كارثة اشعاعية" وأضاف أن المجلس الوطني الانتقالي الليبي يجب أن يكون على دراية بالمواد المخبأة حول تاجوراء، وقال "يجب أن يؤكد للعالم أنه يقبل مسؤوليته وانه سيتخذ الخطوات الضرورية لتأمين هذه المصادر التي قد تكون مصادر مشعة خطيرة" بمجرد انتقال السلطة في ليبيا. بحسب رويترز.

قلق الناتو

‏من جانب اخر وبعد مرور عقدين من انتهائها، لاتزال تبعات الحرب الباردة تلقي بظلالها على العلاقات الدولية، وتثير جهات أوروبية هذه الأيام مسألة القنابل النووية التي تحتفظ بها القوات الأميركية في قواعدها الموجودة في عدد من بلدان القارة الأوروبية منذ الخمسينات، ويوجد في تلك القواعد ما لا يقل عن 200 قنبلة ذرية، يتم تخزين معظمها في ألماني، ويطالب مسؤولون في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بتحديد مصير تلك القنابل قبل نهاية العام الجاري، ولطالما حاول الحلف التكتم على مواقع هذه الأسلحة الفتاكة، إلا أن عواصم أوروبية بدأت تطالب بإيجاد حل لهذه المشكلة نظراً لما تسببه الإشعاعات النووية من ضرر جسيم على صحة الإنسان والبيئة، وعلى الرغم من رغبة خمس دول في الحلف بنقل القنابل إلى الضفة الأخرى من الأطلسي، إلا أن وزراء خارجية طالبوا بأن تكون للحلف سياسة واضحة في المجال النووي، وتقول مصادر في (الناتو) إن الإبقاء على هذه القنابل التي يسميها خبراء الاستراتيجية العسكرية «أسلحة تكتيكية»، كان موضع جدل كبير داخل أروقة الحلف في بروكسل، منذ سنوات، ولا تستطيع كل انواع الطائرات الحربية حمل هذه القنابل، وتقتصر المهمة على طائرات تورنادو الألمانية والإيطالية، ومقاتلات «اف 16» الهولندية والبلجيكية والتركية، ويبدو أن ألمانيا قد أدركت خطر المسؤولية، حيث أعلنت أخيراً أنها لن تتحمل عبئاً بهذه الحجم لوحدها ودعت أعضاء الحلف الى تقاسم المسؤولية، ويقول محللون إن المسألة سياسية أكثر منها أمنية، علماً بأن قنابل الـ«بي 61» أصبحت تكنولوجيا قديمة، والجيل الجديد يختلف كثيراً من حيث الأداء والدقة، وكان هدف واشنطن الرئيس من نشر الأسلحة المدمرة في أوروبا هو حماية «القارة القديمة» من التهديدات الشيوعية القادمة من الشرق، وفي خطوة جديدة، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل أيام عن عزم بلاده خفض الترسانة النووية في إطار الخطة الجديدة للأمن القومي، وعلى صعيد آخر تحاول ألمانيا التحكم في عشرات القنابل التي توجد على أراضيها، بمساعدة خبراء نرويجيين، ويوجد في قاعدة بوتشل نحو 20 قنبلة نووية، تسبب قلقاً لبرلين منذ فترة، وتوجد القاعدة على بعد 100 كيلومتر من الأراضي الفرنسية، وذكرت صحف بريطانية، قبل خمس سنوات، عن تقرير لوكالة البحوث الأميركية أن الولايات المتحدة لديها اكثر من 100 سلاح نووي في قاعدة لاكينهيث في ضواحي سوفولك الانجليزية وأن هذا العدد اكبر بثلاث مرات مما كان يعتقد من قبل، وقالت المصادر إن القنابل التكتيكية البالغ عددها 110 الموجودة في قاعدة ايست انجيليا في بريطانيا حيث تتمركز ايضاً الطائرات الهجومية «اف 15» هي جزء من 480 قنبلة من هذه الأسلحة التي تملكها واشنطن وتنشرها في اماكن متعددة من اوروبا ويمكن القاؤها من الطائرات، ومهما يكن تباين الأرقام التي تعلنها المراكز البحثية فإن خطر الأسلحة النووية بات يشكل تهديداً حقيقياً للسلام العالمي، ويذكر أن أميركا تعهدت في اتفاقات سابقة بتزويد عدد من الدول الأوروبية، من بينها بلدان لا تمتلك التقنية النووية، بعشرات القنابل النووية في حال نشوب حرب، الأمر الذي يشكل خرقاً صارخاً للقانون الدولي لأن معاهدة منع انتشار السلاح النووي تمنع الدول النووية من تحويل السلاح النووي الى دول غير نووية. بحسب وكالة الانباء الروسية.

الجيش الروسي والسلاح النووي

فيما أكد قائد الأركان في الجيش الروسي الجنرال نيكولاي مكاروف، قبل أيام أن القوات الروسية على أتم استعداد لصد هجوم خارجي، بفضل الإصلاحات التي قامت بها القيادة العسكرية، والبنية الدفاعية الحديثة وطرق التدريب الجديدة، إلا أن المشكلات التي واجهت الجيش الروسي في حروبه السابقة تدل على عدم جاهزيته على خوض حروب كبرى ضد قوى عظمى مثل حلف شمال الأطلسي «ناتو»، وفي هذا السياق، يعتقد الخبير العسكري ونائب مدير أكاديمية المشكلات الجيوسياسية، قسطنطين سيفكوف، أن جاهزية القوات المسلحة لصد الهجمات الخارجية، مهما كان نوعها، بعد الإصلاحات الأخيرة «مجرد هراء»، ويعتقد الخبير أن باستطاعة الجيش الروسي حسم الموقف في نزاع محدود، بحيث لا تزيد القوات التي تنفذ المهمة عن 100 ألف جندي، وفي حال كان النزاع واسع النطاق ومعقداً، وبحاجة إلى عدد كبير من الجنود يصل إلى نصف مليون جندي، فإن الجيش الروسي سيكون عاجزاً عن التعامل مع مثل هذه الحروب، وبالطبع لن يكون بوسع القوات الروسية، حسب سيفكوف، الوقوف موقف الند للند أمام قوات الناتو أو الجيش الصيني، وبحسب الخبير العسكري فإن روسيا لن تستطيع أن تتصدى لمثل هذه الهجمات إلا باستخدام السلاح النووي، الأمر الذي جعل خبراء يطالبون بتقليص عديد القوات الروسية، في المقابل، يرى خبراء أن موسكو لن تستخدم هذا النوع من الأسلحة في حال كان الهجوم عليها تم بالأسلحة التقليدية، ويقول سيفكوف إن الجميع يدرك أن استخدام السلاح النووي «يعني الانتحار»، وبالتالي فإن الغرب والصين متأكدان أن الروس لن يستخدموا أسلحة الدمار الشامل، أما بالنسبة للإصلاحات في الجيش الروسي فيرى الخبير الروسي أن كفاءة الجيش تراجعت خلال فترة الإصلاحات، كما أن عدداً من الضباط تم تسريحهم من الخدمة، وتم إنهاء خدمات ثلثي الضباط العاملين البالغ عددهم 300 ألف، خلال عامين، ولم يستفد أحد منهم من امتيازات نهاية الخدمة، وبعد نهاية الإصلاحات نجد أن معظم العسكريين ليس لديهم الحماس للعمل لأنهم لا يجدون مكاناً يعيشون فيه، من جهة أخرى، غيرت المؤسسة العسكرية استراتيجيتها واستعانت بمقاولين مدنيين في مجال الدعم والإمداد، وحول هذه الخطوة يتساءل محللون إن كان رجال الأعمال المتعاونون مع الجيش سيخاطرون بأموالهم وعتادهم لإمداد القوات المسلحة في ساحة المعركة؟، أما بالنسبة لتعداد القوات فروسيا تبدو غير قادرة على مواجهة الصين والحلف الأطلسي، اللذين يمتلكان 2.5 مليون جندي لكل منهما، في حين تمتلك روسيا 85 فرقة جاهزة أو 180 ألف جندي موزعين على مساحة شاسعة. بحسب فرانس برس.

ويمثل السلاح الحديث حالياً 10٪ فقط من أسلحة الجيش الروسي، ويقول وزير الدفاع أناتولي سيرديوكوف، إن صناعة الدفاع لا تستطيع تطوير نفسها من خلال الاعتماد على الذات فقط، وستواصل الحكومة الروسية دعمها لمصنعي الصاروخ الجديد «بولافا» الذي صمم للانطلاق من الغواصات، والذي أظهر اختباره أن عملية تصنيعه لم تكن خالية من أخطاء، ولا يجد الوزير سيرديوكوف مشكلة في شراء نماذج من السلاح والعتاد العسكري في الدول الأخرى، مشيراً إلى أن الهدف من استيراد أصناف السلاح والعتاد العسكري كالطائرات الآلية التي تعمل من دون طيار، إيجاد ما يمكن أن يستفيد منه مصنعو السلاح والعتاد العسكري الروس، ويقول وزير الدفاع إنه يعرف أن هناك من لا يرضون بالإصلاحات التي تخضع لها القوات المسلحة الروسية، خصوصاً قراره بشأن تخفيض عدد وظائف الضباط إلى حد كبير، ويشير إلى أن الهدف من قراراته وأوامره بهذا الشأن حث الضباط على الالتحاق بالوحدات القتالية ورفع مهاراتهم وقدراتهم.والجدير بالذكر في هذا السياق، أن موسكو تنوي شراء أسلحة من دول أجنبية، وهذا يعني، بحسب سيفكوف، أنه «على مصدري السلاح فقط أن يضغطوا على زر لتعطيل تلك الأسلحة في حال نشوب حرب مع الناتو»، ويقول نائب مدير معهد التحليل السياسي والعسكري، الكسندر كرامشيكن إنه في الوقت الحالي، يمكن أن تستعرض روسيا قوتها على دول ضعيفة مثل جورجيا المجاورة، لأنها «لن تستطيع أن تحقق نصراً في حرب ضد الصين أو الحلف الأطلسي»، أما في ما يخص القدرات النووية، يضيف كرامشيكن أن «الناتو» أقوى بكثير من روسيا، وبكين ستمتلك الترسانة الروسية نفسها قريب، أما بالنسبة للعتاد العسكري، فإن الفضل يعود للعهد السوفييتي وكميات الأسلحة الحديثة محدودة، وعلى سبيل المثال، فهناك كتيبتان فقط تشغلان أنظمة مضادة للصواريخ «اس 400»، علماً أنها لا تمتلك صواريخ طويلة المدى، في حين يتساءل مراقبون عن المقاتلات من نوع «سوخوي 35»، التي تصدرها موسكو إلى حلفائه، ويعلق كرامشيكن «الكل يعلم أن الحروب الحديثة تبدأ بغارات جوية مكثفة ضد العدو، وقوات الدفاع الجوي الروسي غير قادرة على مواجهة مثل هذه التهديدات، بوسعها حماية الأماكن الرئيسة في البلاد فقط»، ويقول «لا توجد ولو كتيبة دفاع جوي واحدة بين مدينتي إيركوتسك وخابروفسك اللتين تبعدان 2500 كيلومتر عن بعضهما بعضاً».

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 3/أيلول/2011 - 4/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م