الثورة على الفساد.. في النموذج الهندي

زاهر الزبيدي

على الرغم من أن الفساد قد تحول، منذ زمن غير بعيد، الى آفة دولية تنهش في إقتصاديات البلدان التي تعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وضعف في إداء المؤسسات الحكومية التنفيذية والرقابية على حد السواء.. وفي الهند.. ذلك البلد الذي عانى ويعاني من الفساد الذي يطال مرافقه الحكومية حين صنفت منظمة الشفافية الدولية أن شعوب الهند والعراق والصومال وأفغانستان ونيجيريا من أكثر شعوب العالم تأثراً بالفساد.

انه آفة بحق تستنزف الكثير من الموارد المادية لبلدان هي بأشد الحاجة لأصغر عملة نقدية لديها أن تذهب باتجاهها الصحيح بعيداً عن تلك الآفة التي ضعفت أمامها أقوى النظم الرقابية الحكومية.

وما يحدث اليوم في الهند من ثورة على الفساد يقودها الناشط الهندي ضد الفساد آنا هازاري، 74 عاماً، تمثل انموذجاً واضح المعالم يمكن ان يحتذى به فبعدما رفض هازاري ترك سجن نيودلهي تنفيذاً لأمر الشرطة بإطلاق سراحه ومجموعة من المناهضين للفساد في الهند والبالغ عددهم ألف ناشط من اتباعه اعتقلتهم الحكومة الهندية قبل ساعات من بدء اضرابه عن الطعام على خلفية مظاهرات شملت العديد من أقاليم الهند تضامناً معه فقد باشر اضرابه عن الطعام في السجن منذ يوم الأربعاء الماضي في إطار تلك الحملة التي يروج لها..

وبعد مضي عشرة أيام من الاضراب، الذي أضر كثيراً بصحته، بدأ برفع سقف مطالبه ليطالب بإنشاء منصب "أمين المظالم" يمكن من خلاله مقاضاة أي مسؤول حكومي بما في ذلك رئيس الوزراء..

 حملة هازاري مستمرة وكل يوم تحشد تلك الحملة الآلاف من المؤيدين وبدأت تلك الحشود تشكل ضغطاً سياسياً كبيراً على الحزب الحاكم في الهند ورئيس الوزراء.

ونحن في العراق كم هازاري نحتاج لنوقف مسلسل الفساد التي استشرت حلقاته وأضفت على أحلامنا بالمستقبل غشاوة مظلمة. وكم منا يجب أن يضرب عن الطعام أو يحرق نفسه حتى لينردع المفسدون ويرتدوا عن فسادهم وإفسادهم.

اليوم نحن بحاجة الى دعم كبير للمؤسسات الرقابية وتطويرها بالأسلوب التي يتيح لها القابلية على التحكم بحركة السيولة النقدية العراقية عبر النظام المحاسبي الموحد.. او حتى ابدال هذا النظام بما يتطابق وحجم التأثير الذي تحدثه تلك الآفة باقتصادياتنا وبدراسة مستفيضة لأكثر المناطق خرقاً فيه.. وتدعيم النظام بصلاحيات أعلى تمكن المؤسسات الرقابية من السيطرة المطلقة على حركة المواد الأولية وانتقال السلع الحكومية وكلفها فهناك أنواع كثيرة من الفساد منها ما يتم سلبه من مخزونات المخازن الحكومية على أنواعها والتي كلفت الموازنة المبالغ الهائلة لتجد طريقها مرة أخرى الى مخازن تجار الحرام..

وعسى ان تكون لنا في غاندي الهند أسوة حسنة حينما رفضنا أن نتأسى بأشرف البشر !!

zzubaidi@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/آب/2011 - 29/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م