برج للكهرباء وسط شارع في كربلاء يتحول رمزا للسخرية

 

شبكة النبأ: تحول برج كهربائي يتوسط شارعا في مدينة كربلاء جنوب بغداد، الى رمز للسخرية في بلد يعاني من نقص حاد في الطاقة، يقابله فائض في معدلات الفساد وسوء التخطيط العمراني.

وجرى في 14 تموز/يوليو افتتاح شارع جديد في منطقة سيد جودة على بعد كيلومتر واحد جنوبا من العتبات المقدسة، الا ان السلطات المحلية جعلت برج الضغط العالي يتوسط هذا الشارع.

وباتت السيارات التي تمر في الشارع المؤدي الى طريق رئيسي يربط كربلاء بمحافظة النجف، تضطر عند بلوغها البرج الى الانحراف يسارا وسلوك طريق جانبي بموازاته قبل العودة الى المسار الطبيعي للشارع بعد تجاوزه.

ويقول مدير اعلام شرطة مرور كربلاء الرائد نجم عبد الله لوكالة "لا شك انه (البرج) يشكل مصدر خطر على السائقين، ما اضطرنا الى وضع علامات تحذيرية تنبه الى وجود البرج في وسط الشارع". ويضيف "يشكل (البرج) ايضا مصدر خطر في حال تعرضت اسلاكه للانقطاع".

ويحمل البرج الذي يبلغ ارتفاعه ثلاثين مترا وعرض قاعدته خمسة امتار، اسلاكا لنقل الطاقة الكهربائية من محطة كهرباء ابو غرق في الحلة (شرق كربلاء) الى محطة في جنوب كربلاء. بحسب فرانس برس.

وبسبب توسطه الشارع والخطر الذي يشكله على السائقين والمارة، تحول موقع البرج الذي بني في ثمانينات القرن الماضي، الى مدعاة للسخرية بين السكان المحليين. ويقول خضير محمد "كأنه سيجارة كبيرة تعود لاحد العمالقة".

ويرى مواطن آخر رفض الكشف عن اسمه ان الدولة "وبدل ان تزرع اشجارا وسط الشارع لنشر الراحة بين المواطنين، تضع ابراجا كهربائية تزرع الرعب". ويضيف "يا ليت هناك كهرباء اساسا، ففي مقابل كل خمس ساعات انقطاع، نحصل على ساعة تغذية كهربائية واحدة".

ومنذ سقوط النظام السابق عام 2003، يعاني قطاع الكهرباء في العراق من ضعف كبير في الانتاج يترجم على الارض بتقنين يصل الى 20 ساعة يوميا.

ويروي محمد حسين كاظم (50 عاما) الذي يقع البرج امام منزله "تم بناؤه في اواخر الثمانينات في بستاني، وقالوا لي عندها ان هذه مساهمة في تطوير المدينة". وتابع انه "بعد سقوط نظام صدام حسين، جاء الحكام الجدد وأنشأوا هذا الشارع، وابقوا على البرج في وسطه. هذه نتيجة عدم التخطيط".

ويقول ياس جميل ساخرا "الابراج الكهربائية موجودة اولا في وسط الطريق من اجل الزينة". ويتابع "السبب الثاني لوجودها، هو اختصار طول خط الكهرباء وعدم صرف اموال طائلة. وحقيقة، لا تصدق ما تراه، حتى عندما تراه".

ويرى جميل ان "هذه حالة من حالات الفساد المبرمجة، وبقاء البرج هنا بعد افتتاح الشارع يمثل قمة العشوائية وضعف التخطيط والمتابعة من قبل الجهات الحكومية".

الا ان محافظ كربلاء آمال الدين الهر يرمي بالمسؤولية على "سوء التخطيط منذ عهد النظام البائد". ويقول "ورثنا عشوائية في التخطيط تتمثل في عدم وجود طرق حيوية ومهمة تساعد في استيعاب زوار العتبات الذين تصل اعدادهم الى الملايين (...) وقد اضطررنا الى فتح طرقات جديدة، ومنها الطريق حيث يقع البرج". ويشير الهر الى ان "رفع هذا البرج يستوجب قطع الكهرباء لمدة لا تقل عن اربعة ايام عن جميع مناطق كربلاء، وهذا يسبب اذى كبير للمواطنين في ظل هذا الجو الحار، لذا قررنا تأجيل رفع البرج الى تشرين الاول/اكتوبر".

ويذكر ان العراق يعاني من فساد حكومي مستشر، وقد صنفت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي للعام 2010 العراق كرابع اكثر دولة فسادا في العالم.

وفي حزيران/يونيو، اعلنت هيئة النزاهة الحكومية ان 479 شخصا ادينوا بالفساد خلال الاشهر الخمسة الاولى من العام الحالي، وانها ضبطت 49 مليون دولار في قضايا فساد تمكنت من استعادة 218 الف دولار منها فقط.

وقال رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي في شباط/فبراير لوكالة فرانس برس ان الوزراء يفضلون التغطية على الفساد في وزاراتهم بدلا من مكافحته، مؤكدا في الوقت نفسه ان الفساد هو احد الابواب المهمة لتمويل الارهاب، في بلاد لا تزال تشهد اعمال عنف شبه يومية منذ ثماني سنوات.

ويقول الموظف الحكومي كريم جعفر (45 عاما) ان "هناك مفارقات كثيرة نشاهدها في عمليات الاعمار في كربلاء، ويدفع المواطن ثمنها". ويضيف "المواطنون يشكون تباطىء تنفيذ المشاريع، حيث تهمل الحفر وتغلق الطرقات بتأثير بقايا الاتربة التي تمنعنا من الوصول الى منازلنا". ويتابع "رغم كل ذلك، قرأت مرة تصريحا للمحافظ يطلب فيه من المواطنين المتضررين اللجوء الى القضاء، وتقديم شكوى ضد المقاولين".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/آب/2011 - 22/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م