الفيسبوك... مجتمع تسوده أزمات أخلاقية

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: بلا شك إن الموقع الاجتماعي الأبرز "الفيسبوك" قد حققت رواجاً واسعاً وانتشاراً منقطع النظير على الشبكة العنكبوتية بعد أن كسبت الملايين "إذ تجاوز حاجز ثلاثة أرباع المليار" من المستخدمين عبر القارات ووحدهم في حبهم له ولطقوسه الخاصة حتى تحول إلى منقذ وملهم وبطل في أنظارهم بعد أن ساهم في الكثير من الثورات والانتفاضات بعد أن جمع صفوفهم ووحد أصواتهم، إلا إن هذا الحب في التقليد وهذه الرغبة العارمة قد تتحول إلى هوس والى إتباع أعمى، قد يجر إلى العديد من الأزمات الأخلاقية والاجتماعية داخل مجتمع الفيسبوك العملاق، مما يؤدي إلى نتائج سلبية تحدث أضرار كبيرة وهزة اجتماعية كبيرة.

محاكمة أمريكي

فقد سلم رجل أمريكي نفسه إلى السلطات بعد اتهامه بإرسال نحو 27 مليون رسالة إلكترونية غير مرغوب فيها (spam) إلى مستخدمي موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، واستسلم سانفورد والاس المعروف باسم "ملك البريد غير المرغوب فيه" لعملاء جهاز مكتب التحقيقات الاتحادي (الإف بي آي) في كاليفورني، وقال محققون في مكتب الإف بي آي إن والاس طور برنامجا يخرق الأنظمة المصممة لاعتراض البريد غير المرغوب فيه في الفيسبوك وأغرى المستخدمين بكشف تفاصيل حساباتهم، وأضاف المحققون أن البرنامج الذي صممه والاس كان يرسل رسائل إلكترونية غير مرغوب فيها إلى مستخدمي فيسبوك ويوهمهم أنها رسائل بعثها أصدقاء لهم على الموقع، وتابعوا أن هذه الرسائل كانت تحث المستخدمين على زيارة إحدى المواقع حيث كانت تفاصيل حساباتهم تتعرض للقرصنة، وقالوا إن المستخدمين عندما يزورون الموقع يُحولون إلى موقع آخر أتاح لولاس تحقيق "مداخيل هامة" حسب الاتهامات، لكن والاس نفى التهم الموجهة إليه وأفرج عنه مقابل تسديد كفالة مالية بقيمة 100 ألف دولار أمريكي، وتعرضت حسابات 500 ألف مشترك في الفيسبوك إلى الاختراق ما بين نوفمبر/تشرين الثاني 2008 ومارس/آذار 2009 إذ تلقوا أكثر من 27 مليون رسالة غير مرغوب فيه، واتهم والاس بست تهم تخص إرسال بريد تطفلي إلكتروني وثلاث تهم تتعلق بتعمد الإضرار بأجهزة كمبيوتر محمية وتهمتين تخصان "الازدراء الجنائي"، وفي حالة إدانة والاس بالتهم المنسوبة إليه قد يواجه السجن لمدة تصل إلى عشر سنوات، ورفع موقع فيسبوك دعوى قضائية ضد والاس عام 2009 وأمر قاض اتحادي المتهم بعدم الدخول إلى شبكة فيسبوك لكن المحققين يقولون إنه انتهك هذا الأمر مرارا في وقت سابق من السنة الحالية. بحسب البي بي سي.

محتجين على فيسبوك

من جانبهم قال نشطاء حقوق انسان ان محاكم روسيا البيضاء قضت بالسجن على 30 محتجا اعتقلوا في وقت سابق خلال مسيرات مناهضة للرئيس الكسندر لوكاشينكو خرجت في انحاء البلاد، واعتقلت الشرطة عشرات الاشخاص الذين كانوا يحتجون ضد لوكاشينكو وتراجع الاقتصاد في الجمهورية السوفيتية سابقا في عدد من المدن، واصحبت مثل هذه المسيرات معتادة في الاسابيع القليلة الماضية، والمشاركون في هذه الاحتجاجات "التي يعلن عنها وتنظم عبر مواقع الشبكات الاجتماعية بالانترنت" لا يرددون عبارات ضد لوكاشينكو او يرفعون لافتات لكنهم يرددون الاناشيد مع، واصدرت المحاكم عقوبات بالسجن ضد 13 محتجا تتراوح بين ستة اشهر و15 يوما كما قضت بتغريم 17 محتجا بغرامات تتراوح بين 20 و175 دولار، وتنامت مظاهر الاضطرابات في الدولة المحكمة بوليسيا مع بداية ازمة اقتصادية أدت الى تراجع قيمة الروبل بنسبة 26 بالمئة الشهر الماضي وتضخم من المحتمل ان يصبح الاعلى في العالم هذا العام، وسادت الفوضى صفوف المعارضة بعد حملة قمع للشرطة واعتقالات جماعية عقب مسيرة احتجاجية يوم 19 ديسمبر كانون الاول ضد اعادة انتخاب لوكاشينكو لولاية جديدة مدتها اربع سنوات، ويقبع كثير من رموز المعارضة الذين خاضوا الانتخابات ضد لوكاشينكو العام الماضي "والتي قالت مؤسسات مراقبة غربية ان نتائجها مشكوك بها" في السجن منذ ذلك الحين. بحسب رويترز.

تهمة جديدة

على صعيد اخر كثيرة هي التهم الموجهة للإنترنت عموما وللشبكات الاجتماعية على وجه الخصوص، لكن أن يكون الفيسبوك مسؤولا عن حمل المراهقات والزواج المبكر فهذا يبدو أمرا يثير الدهشة خاصة عندما تأتي التهمة من مسؤولة قانونية، وألقت مسئولة في إحدى المحاكم الشرعية في إندونيسيا باللوم على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي عبر الانترنت في تزايد حالات حمل المراهقات والزواج المبكر في البلاد، وذكرت وكالة "أنتارا" الإندونيسية الحكومية للأنباء مؤخراً أن بلدة جونونج كيدول في إقليم يوجياكارتا على جزيرة جاوة الوسطى، شهدت زيادة حادة في عدد الراغبين في الحصول على تصاريح زواج خلال العامين الماضيين، ونقلت الوكالة عن سيتي هاريانتي، الأمينة في محكمة شرعية في جونونج كيدول، القول، "كثيرا ما سألنا القاصرين ما إذا كان التعارف بينهم قد تم عبر الفيسبوك، وأقروا بذلك، وأضافوا أنهم استمروا في العلاقة إلى أن أصبحت الفتاة حاملا"، وقالت هاريانتي إن "الدخول على الفيسبوك بات سهلا، حتى في القرى، ما يؤدي إلى أن تصبح الفتيات حوامل خارج نطاق الزواج"، وقالت هاريانتي ، إن 130 شابا وفتاة تتراوح أعمارهم بين 16 و19 عاما سعوا هذا العام إلى الحصول على تصاريح زواج من المحكمة الشرعية - وهو ما يزيد بنسبة 100% عن العام الماضي، وبموجب القانون الإندونيسي فإن السن القانونية للزواج هي 16 عاما للفتاة و19 عاما للشاب، ويبلغ عدد مستخدمي الفيسبوك في إندونيسيا 35 مليون شخص، ما يجعلها ثاني أكبر سوق لاستخدام الموقع بعد الولايات المتحدة، حسب موقع "جلوبال بوست" الأمريكي على الانترنت. بحسب البي بي سي.

دراسة بريطانية

بدورها وبرغم العمر القصير نسبيا للشبكات الاجتماعية في الانترنت، إلا أن تأثيرها على مستخدميها يحظى باهتمام الباحثين في مختلف المجالات، ومن هؤلاء باحثة بريطانية في المخ والأعصاب لاحظت وجود سلوك "صبياني" لدى مستخدمي فيسبوك وتويتر، وخلقت الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر وما شابهها جيلا مهووسا بذاته، لا يقدر على التركيز سوى لفترات وجيزة فقط ويتصرف كالأطفال الصغار الذين يلحون باستمرار على تلقي رد فعل أو جواب، وهذا بالضبط ما تحذر منه سوزان غرينفيلد، الباحثة في المخ والأعصاب والأستاذة في جامعة أوكسفورد البريطانية، في حديث نشره موقع بريستيكست الألماني حيث قالت، "يتأقلم مخنا بشكل تطوري مع التغيرات في محيطه، بما في ذلك الشبكات الاجتماعية، والاستخدام المفرط للإنترنت في الوقت الراهن يبعث على القلق"، ولا تنكر الباحثة وجود إيجابيات للشبكات الاجتماعية ولكنها ترى أنها مليئة بالكثير من "التفاهات" وخاصة في موقع تويتر وتقول" لا أحد يهمّه حقا ماذا أكل هذا الشخص أو ذاك على وجبة الفطور، مثل هذا النوع من النصوص القصيرة على تويتر تذكّر بطفل صغير يريد دائما مباركة من أمه على ما يقوم به ويقول، أنظري يا أمي ماذا أفعل"، وتعتقد سوزان غرينفيلد أن "أزمة وجود" هي الدافع وراء هذا السلوك الصبياني أو "التبرهيش" كما يقول المغاربة، وتضيف الباحثة البريطانية بأن الهمّ الأكبر لعدد متزايد من مستخدمي فيسبوك يكمن في جذب انتباه الآخرين إلى ما يعملونه أو يكتبونه، وتضيف بأنّ قسما منهم بات يعرّف نفسه فقط من خلال ما يعرفه الآخرون عنه ومن خلال نظرة الآخرين إليه، وهي ترى أن البعض يفقد القدرة على تقييم ذاته بذاته ويصبح همه منحصرا في "ماذا أنشر لكي يليق بمقام الفيسبوك وينال إعجاب الآخرين". بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وما يثير قلق الباحثة البريطانية هو أن حياة بعض الأشخاص أصبحت تتمحور حول عدد "النقرات والأصدقاء"، وتقول إن بنية الجهاز العصبي للمخ تتغير لدى هؤلاء الأشخاص ولدى الذين يبالغون في ألعاب الكمبيوتر، وتضيف "يواجه الشباب خاصة مشكلة في الحفاظ على التواصل بالعينين أثناء المحادثة ويعجزون عن تفسير لغة جسد ونبرة صوت من يُحادثهم، وهذا يؤدي بشكل عام إلى ضعف التعاطف مع الآخرين"، وتشير سوزان غرينفيلد إلى دراستين صدرتا حديثا عن الإدمان على الانترنت وتأثيره على تركيبة المخ، فقد قام باحثون صينيون بمراقبة 18 شابا ووجدوا أن حجم "الخلايا الرمادية" في خَمس مناطق بالمخ قد اضمحل، وأظهرت دراسة أخرى تراجعا شديدا في التقمص العاطفي، أي الشعور بالآخر والتعاطف معه، لدى الطلاب منذ بداية الألفية الجديدة، وتؤكد الباحثة أن المشكلة ليست في الانترنت ولا في الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر، وإنما في الجرعة التي نأخذها منه، وهي وإن كانت تعترف بفوائد هذه المواقع والخدمات التي تقدمها وكمية المعلومات التي يحصل المرء عليها منها، إلا أنها ترى أن هناك فرقا بين المعلومات وبين المعرفة.

تقدير قيمة فيسبوك

الى ذلك قدرت قيمة أسهم موقع "فيسبوك" أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي على الإنترنت في العالم بـ70 مليار دولار حينما انضمت شركة "جي اس في كابيتال" لقطار المستثمرين في الموقع الاجتماعي الشهير، وذكرت شبكة بلومبرج للأخبار الاقتصادية أن فيسبوك باعت لهذا الصندوق الاستثماري في كاليفورنيا أسهم كانت مملوكة سابقا لجهات خاصة بقيمة بلغت نحو 6ر6 مليون دولار، ويعتقد أن فيسبوك يستعد لطرح أسهمه للاكتتاب العام خلال 2012، وقال ميشيل تي موي الرئيس التنفيذي لـ (جي اس في كابيتال) إن "فيسبوك هي شركة فريدة من نوعها خلقت تأثيرا هائلا للتفاعل الاجتماعي"، وأضاف "من خلال وجود ما يزيد عن 650 مليون شخص على منصة "فيسبوك" أي ما يقرب من عشر سكان العالم فإن فيسبوك رسخ مكانته كمنصة للتواصل الاجتماعي لجيل جديد"، ولم تطرح اسهم فيسبوك للتداول العام حتى الآن، لكن السهم يتاح أحيانا أمام المشترين عندما يقدم موظفون على بيع اسهمهم، وحينما استثمرت جولدمان ساكس في فيسبوك في وقت سابق من العام الجاري قدرت قيمة أسهم شبكة التواصل الاجتماعي بـ50 مليار دولار، من جهتها قال منظمة أكوم/نيلسن للقياس ان موقع فيسبوك تفوق على مواقع مايكروسوفت في بريطانيا لاول مرة ليصبح ثاني اكثر المواقع شعبية في بريطانيا بعد جوجل مع اقدام الناس فوق 50 عاما على الشبكات الاجتماعية، وقالت المنظمة ان فيسبوك جذب رقما قياسيا قدره 26.8 مليون زائر في بريطانيا في مايو ايار بزيادة سبعة في المئة على اساس سنوي متوفقا على 26.2 مليون من زوار مواقع مايكروسوفت ام.اس.ان/ويندوز لايف/بينج مجتمعة، وزار جوجل 33.9 مليون شخص، وقفز عدد جمهور موقع تويتر في بريطانيا بواقع الثلث الى 6.1 مليون شخص بعد قيام الالاف من المستخدمين بتبادل رسائل تحوي مزاعم فضائح تخص مشاهير متحدين أوامر بحظر النشر العام لمعلومات منها علاقة خارج اطار الزواج للاعب مانشستر يونايتد الانجليزي ريان جيجز. بحسب رويترز.

وقالت اكوم/نيلسن ان عدد المتقاعدات اللائي يقمن بزيارة الموقع تضاعف بعض الكشف عن قضية جيجز، وقال المدير العام لاكوم/نيلسن جيمس سميثي "ان نمو عدد جمهور هذه الشبكات الاجتماعية مدفوع الان بشكل اساسي بالشريحة العمرية المتجاوزة للخمسين عام، ومنذ اعوام قليلة مضت ربما كانت تجد هذه المجموعة العمرية مثل هذه المواقع غير مناسبة لها"، وقال ان ما فوق الخمسين عاما شكلوا اكثر البالغين الجدد الزائرين للموقع في العامين الماضيين مقارنة بالاشخاص دون الخمسين عام، وكانت المجموعات العمرية الاكبر سنا اكثر زيارة لموقع تويتر عن الماضي مقارنة بالشباب دون سن 18 عاما الذين كانوا اقل زيارة للموقع بخلاف العامين الماضيين لكن الامر لم ينطبق على موقع فيسبوك، وزار شبكة الاعمال لينكدان التي ارتفعت قيمتها السوقية 58 في المئة الى 6.65 مليار دولار منذ تدشينها لاول مرة في بورصة نيويورك الشهر الماضي 3.6 مليون شخص في بريطانيا خلال مايو ايار بزيادة 57 في المئة عن العام السابق، وفي اماكن اخرى جذب فيسبوك 140 مليون زائر في الولايات المتحدة بزيادة 12 في المئة وفي اسبانيا زادت اعداد زائريه بنسبة سبعة في المئة وبنسبة 18 في المئة في فرنسا و26 في المئة في ايطاليا و72 في المئة في الماني، وارتفع عدد زائري تويتر بنسبة 22 في المئة في الولايات المتحدة وبنسبة 48 في المئة في فرنسا و58 في المئة في ايطاليا واكثر من الضعف في اسباني، ولكنها تراجعت بنسبة 11 في الماني، وراقبت اكوم/نيلسن تعامل 50 الف شخص مع الانترنت في بريطانيا واعداد مشابهة في بلدان اخرى.

لعبة أبطالها عرب

من جهة اخرى وفي تجربة فريدة، ابتكر شاب أردني لعبة الكترونية أبطالها الخارقون عرب، وقد تم إطلاق اللعبة كبرنامج على موقع فيسبوك، ويأمل صاحب المشروع، سليمان بخيت، في أن تقدم اللعبة التي منحها اسم "الواحة السعيدة" نماذج إيجابية للأطفال الذين يخشى من أنهم عرضة للتأثر بأفكار متطرفة، وجذبت حتى الآن 50 ألف لاعب، وبخيت، الذي عيّن حديثاً زميلاً زائراً لدى "تيد"، تحدث عن مشروعه في مؤتمر تيد العالمي في ادنبره، وكان بخيت طالباً في جامعة مينيسوتا الأميركية عند وقوع هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وتعرض بعد ذلك بوقت قصير لهجوم من قبل أربعة رجال لكونه عربي، وبدلا من الامتعاض، قرر بخيت الخوض في حملة توعية، وقال "أدركت أنك تحارب التطرف عبر التواصل مع الصغار، والرسالة بسيطة، لسنا إرهابيين"، وبدأ بخيت حملته برواية القصص في مدارس محلية على طريقة حكايات علاء الدين، وقال "سألني طفل مرة إذا كان ثمة رجل خارق (سوبرمان) عربي، عندها أدركت أن لا وجود لرجل مماثل"، وهكذا بدأ مشروع كتاب هزلي بهدف إنشاء مجموعة من الشخصيات القدوة العربية، ومن بينها أنثى جيمس بوند وعميلة سرية أردنية تحارب التطرف، وباع كتاب بخيت الهزلي 300 ألف نسخة في الأردن، ليدرك المؤلف أن السوق يتسع لنسخة إلكترونية من الكتاب، ويقول بخيت ان "المطبوعات بدأت تموت، فيما هناك 30 مليون عربي على فيسبوك، لذا فكرت في صناعة ألعاب اجتماعية تحمل الرسالة ذاتها"، وأراد بخيت التأكد من أن الشخصيات الكرتونية التي ابتكرها ترتبط بالأطفال الذين هدف للوصول إليهم، وحققت شخصيات كتابه شعبية واسعة في صفوف الفتيات في الأردن، وقال "اتخذت نهج الند للند، وأشركت الأطفال للحصول على أفكارهم"، وعبر بخيت عن أمله في أن يصبح كتابه الهزلي نموذجاً يحتذى به في باكستان، حيث تتفاقم مشاكل التطرف. بحسب البي بي سي.

فيسبوك ينفي

في سياق متصل نفي موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، أن عدد مستخدميه آخذ بالتناقص، وأضاف الموقع أنه "راض" عن وتيرة "نمو" أعداد مستخدميه، وتشير أرقام نشرها موقع "انسايد فيسبوك" المتخصص بمراقبة نشاط "فيسبوك" أن الموقع فقد 6 ملايين من زبائنه في الولايات المتحدة و100 ألف في المملكة المتحدة في شهر مايو/ايار الماضي، بيد أن الموقع الاجتماعي، الذي لايعلق عادة على أي احصاءات يتوصل اليها طرف ثالث، تساءل عن الطريقة التي استخدمها موقع إنسايد فيسبوك في الوصول الى هذه الأرقام، وتقول شركات اخرى معنية بمراقبة التذبذب في اعداد مستخدمي المواقع الألكترونية سجلت زيادة في أعداد زائري موقع فيسبوك خلال الفترة ذاته، وقال بيان لموقع فيسبوك، "بين الآونة والاخرى ترد علينا أخبار عن هجرة أعداد من زبائننا في بعض المناطق، ما نود قوله هو أننا راضون عن نمو أعداد مستخدمي شبكتنا، وعن الطريقة التي يتفاعل بها المستخدمون مع الموقع"، ويدعي موقع "إنسايد فيسبوك" مليون ونصف المليون كندي توقفوا عن استخدام موقع التواصل الاجتماعي في شهر مايو/أيار، ومع ذلك أظهر موقع "إنسايد فيسبوك" أن الزيادة العامة في المشتركين في الموقع هي في اضطراد، إذ بلغ عددهم 687 مليون مستخدم في جميع أنحاء العالم، وأن الموقع يشهد انخراط مستخدمين جدد من الهند والفلبين واندونيسيا"، يشار الى أن الارقام الصادرة عن موقع إنسايد فيسبوك عن "النزف" الذي يعانيه موقع فيسبوك لا يتوافق مع احصاءات أخرى نشرتها شركة أخرى هي "كوم سكور"، فقد أبلغت الشركة بي بي سي، "أنها سجلت زيادة بنسبة 21% في وتيرة نمو اعداد مستخدمي فيسبوك في الولايات المتحدة في مايو/أيار، في حين بلغت الزيادة في المملكة المتحدة 368 الف مشترك خلال الفترة من فبراير لغاية مايو"، ووفق كوم سكور، فإن متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدمون خلال تصفحهم في الموقع، شهد هو الآخر ارتفاعا، من 21 دقيقة في اليوم الواحد في ديسمبر/كانون الاول العام 2009 الى 25 دقيقة في اليوم في ديسمبر/كانون الاول العام 2010، ويذكر أن ما اصطلح عليه بعض الخبراء بـ "شعور الملل" من فيسبوك، وذلك بعزوف المستخدمين عن استخدام الموقع بعد فترة من التفاعل معه، حديث ليس بجديد، ولم يأتوا بالدليل عليه. بحسب البي بي سي.

فيسبوك على الظالم

اذ ان "فيسبوك على كل ظالم"، هكذا عنون أحد الشبان اللبنانيين صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والشباب اللبنانيون يتفاعلون بقوة مع الثورات العربية لكنهم منقسمون تبعا للتيارات السياسية التي ينتمون إليه، وأعجب أحد الشباب اللبنانيين بشعار "فيسبوك على كل ظالم"، الذي كان المعتصمون في ميدان التحرير، يرددونه فاتخذ منه عنواناً لصفحته على فيسبوك، لكنه لم يستخدمه أيام الثورة المصرية بل خلال الاحتجاجات الشعبية في سوري، فهذا الشاب يجاهر بتأييده للحركة الاحتجاجية في سوريا لكنه لم يكن متحمسا لثورة الشبان في مصر، وكان له صديق متحمس للثورة المصرية يعيّره بسكوته، لكن هذا الصديق نفسه لاذ بالصمت حين انتقلت الاحتجاجات إلى سوريا وأصبح يروي الشعر وخصوصاً الغزلي منه، قصة هذين الشابين اللبنانيين وانتقائيتهما في تأييد الثورات العربية هي واحدة من آلاف قصص الشباب اللبنانيين الذين تصارعوا على الثورات عبر صفحات فيسبوك وتويتر، وارتبط كل ذلك بالانقسام السياسي اللبناني بين قوى 8 آذار (حزب الله والتيار العوني وحلفاؤهما) وقوى 14 آذار (تيار المستقبل وحلفاؤه)، فمؤيدو 8 آذار وقفوا مع الثورات في دول الاعتدال العربي مثل تونس ومصر، وهللوا لها، وصمتوا حين بدأت الثورات في دول الممانعة كسوريا، فيما وقف مؤيدو 14 آذار مع الثورات في دول الممانعة وكانوا قد صمتوا عن ثورات دول الاعتدال العربي، غداة اندلاع الشرارة الأولى للثورة التونسية تحول "صلاح" إلى مدمن على فيسبوك، يقول صلاح لدويتشه فيله إنه كلبناني أصيب بعدوى الشارع التونسي، وصارت ساحته الافتراضية صديقه الحميم لمؤازرة الشعب التونسي ولكتابة تعليقات يدعم بها الثورة الخضراء، فكتب في اليوم الأول للثورة "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر"، و"محمد البوعزيزي حي فينا" مستعيراً في الأولى شعر أبي القاسم الشابي وفي الثانية شعاراً حزبياً لبناني، وما زال صلاح يكتب لكل الثورات العربية وكأنها في يومها الأول.

الى ذلك فان "البوعزيزي حرق نفسه من أجل مستقبل الشعب التونسي أما القذافي فيحرق شعبه من أجل نفسه"، هذا ما كتبته مدونة لبنانية، أما "عمر" المناصر لقوى 14 آذار فسكت طويلا ولم يعلق على ثورتي تونس ومصر، وما أن انتقلت  الاحتجاجات الشعبية إلى سوريا حتى سارع إلى الكتابة في صفحته على فيسبوك "في لبنان ثورة الأرز، في تونس ثورة الياسمين، في مصر ثورة الجاردينيا، في اليمن ثورة البن، في ليبيا ثورة الكما، وفي دمشق يزهر الربيع كله"، من جهته يرى "ربيع" أن الحماسة المعدية هبت من تونس الخضراء وبلاد الفراعنة إلى بلاد الأرز لتوحد الشباب اللبناني على فيسبوك، وباتت تلوح بوادرها في صفحات المجموعات الشبابية،  لقد تحمس ربيع للثورة المصرية ولم يبتدع شعارات لبنانية خاصة به على فيسبوك، فقد أنتجت الثورة المصرية شعارات تفوقت بها على كل الشعارات اللبنانية، فنقل على صفحته ما نادى به المصريون في ميدان التحرير، "الشعب المصري شو أخبارك، قوم فز شيل مبارك" و"ثورة ثورة حتى النصر ثورة تونس ثورة مصر"، ولكن ربيع، ومنذ انطلاق الانتفاضة في سوريا، صمت عن إطلاق الشعارات لأنه مؤيد لقوى الثامن من آذار (الموالية لسوريا)، وصار يكتب القصائد الشعرية والغزلية للنساء اللواتي يعرفهن، أما صديقه "بلال" فكتب بعد توقيف الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وولديه "ما نقشت معهم آل مبارك، طلعت آخرتهم طرة"، نسبة إلى سجن طرة الذي يسجن فيه نجلا مبارك، ولكن بلال صمت عن الوضع في سوريا أيض، ولم يستفز هؤلاء الشباب المشهدان التونسي والمصري بقدر ما استفز المشهد الليبي "يارا" المحايدة، يارا كتبت بعد أيام من الثورة الليبية وخطاب القذافي الشهير "البوعزيزي حرق نفسه من أجل مستقبل الشعب التونسي أما القذافي فيحرق شعبه من أجل نفسه"، وتستغرب يارا موقف بلال الذي أيد القذافي بعد بدء الحظر الجوي على ليبيا وهجوم طائرات الناتو على كتائب القذافي، وبرأيها أنه كان يجب نجدة الشعب الليبي بأي وسيلة ممكنة، واستمر النقاش بين الصديقين الفيسبوكيين لينتهي فما بعد إلى قطيعة بينهما تؤدي إلى مسح أحدهما للآخر من على لائحة أصدقائه في موقع التواصل الاجتماعي.

طريق التغيير

من جانبه لا ينكر أحد أن شبكة التواصل الاجتماعي على الانترنيت وفي مقدمتها "فيسبوك" كان لها الدور الفعال في حشد الشباب في تونس ومصر للمطالبة بالتغيير، لكن إلى أي مدي يمكن لهذه الوسيلة أن تحاصر الديكتاتوريات وتدفع بالديمقراطية قدما؟، ولم يُسمع الشباب التونسي والمصري صوته الغاضب إلى الأنظمة القمعية التي تحكمه فقط، بل أسمع صوته "التواق للحرية والتغيير" إلى كل سكان المعمورة، وهو ما بدى جليا في تفاعل شباب من دول غربية مع مطالب هذا الجيل الجديد، فالشاب الألماني ماتياس الذي يدرس العلوم السياسة في مدينة كولونيا يقول "أحي شباب مصر وتونس على ما فعلوه من أجل التغيير"، ويعلق على الأحداث الجارية حاليا في العالم العربي بالقول "لابد للشباب العربي أن ينعم بالحرية التي كثيرا ما سمع عنها من أقرانه في الغرب"، وعبرت ألينا، طالبة الثانوية العامة، عن انبهارها بثورة الشباب في العالم العربي وعن طريقة تنظيمها قائلة "من خلال فيسبوك الذي يستخدمه الشباب عادة للتسلية استطاعوا أن يصنعوا ثورة، إنه لشيء رائع"، تفاؤل ماتياس وألينا بمستقبل واعد للشباب العربي كان معاكسا تمام لرأي الشابة الألمانية آنـا التي تدرس علم اللغات، فهي تنظر إلى الأمر بطريقة أخرى، فهي ضد الحكم الديكتاتوري، وترى أن الاحتجاجات ضرورية ولابد للشباب أن يكون لديه الجرأة على المطالبة بالتغيير، إلا أنها تطرح التساؤل التالي، "هل سيتحسن الوضع في تلك البلدان بعد التغيير، أم ستصبح الأمور أكثر تعقيدا لاسيما إذا تمكن الإسلاميون من الوصول إلى الحكم؟ "

العصا السحرية

من جانب اخر فان حظر الحكومات من استخدام الانترنيت وفرض الرقابة على بعض المواقع الاجتماعية لايجدي، "فيسبوك على الظالم" هذا الشعار وغيره حمله الكثير من الشباب في مظاهراتهم المطالبة بالتغيير، مؤكدين على دور هذه الوسيلة في كسر حاجز الخوف لديهم، لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو، هل "فيسبوك" هو السبيل للوصول إلى الديمقراطية وتحقيق المطالب؟"هناك مبالغة بعض الشيء، ربما هو أداة لتأجيج الثورة، ولكنه ليس أداة لتحقيق المطالب"، هكذا أجابت الصحفية اللبنانية جولي مراد، رئيسة مكتب "الجريدة" الكويتية في بيروت، وتؤكد جولي في حديث  لدويتشه فيله أن "ثورات الشباب موجودة من وقت بعيد، وما اختلف الأن هو أشكال التحضير للثورة"، وتذكّر جولي بالثورة التي قادها الشباب في خمسينيات القرن الماضي، وتضيف بالقول، "لعبت إذاعة صوت العرب آنذاك دورا مهما في تأجيج الثورات عبر إرسال رسائل تدعم الشباب المقاوم للاستعمار في تونس والجزائر والمغرب، واليوم انتقل الدور إلى فيسبوك"، وترجع جولي سبب لجوء الشباب إلى شبكات التواصل الاجتماعي إلى كون الرقابة أقل، إضافة إلى سرعة التواصل التي تمنحها هذه الشبكات، أما  الصحفية التونسية رحمة فتؤكد أنه حتى شبكات التواصل الاجتماعي في تونس كانت مراقبة، إلا أن الشباب هناك كان واعيا بالأمر "إذ كان يمرر رسائله بطريقة مشفرة"، وتشيد رحمة بالدور الذي لعبته هذه المواقع الالكترونية في لفت الأنظار إلى الأحداث التي حصلت في تونس وتشير بالقول "حتى القنوات الإعلامية الكبرى اعتمدت في تغطيتها لأحداث ثورة الياسمين على مقاطع الفيديو التي تم نشرها عبر موقع فيسبوك".

التكنولوجيا والشباب

كما اعتمدت الفضائيات في تغطياتها الإعلامية لأحداث مصر وتونس على الكثير من المشاهد التي تم نشرها عبر الفيسبوك، أما الشاب المصري أحمد، وهو ناشط على فيسبوك وقام بتعبئة الشباب تحضيرا للمظاهرات التي اندلعت في 25 يناير الماضي، فيرى أن الشباب المصري قد تعرف على ما يحدث في تونس قبل أن يتم نشره عبر القنوات الفضائية، ويشير إلى أن فتح هذه المواقع وجعلها بعيدة عن الرقابة أمر لا يكفي للتواصل مع الجيل الجديد ومعرفة تطلعاته المستقبلية، ويلقي أحمد باللوم على الحكومة المصرية التي كانت غائبة عن استخدام التكنولوجيا التي تعتبر الوسيلة الأهم في تواصل الشباب بينهم، بل وتعتبر المتنفس الذي يحتضن مطالبهم و تطلعاتهم المستقبلية، ويستطرد قائلاً "حتى الأحزاب السياسية تعد غامضة بالنسبة إلينا، فنحن لا نعلم ما هي أهدافها وبرامجها"، قد تنتقل رياح  الثوارت الشبابية التي انطلقت شرارتها عبر فيسبوك في مصر وتونس  إلى الكثير من البلدان العربية الأخرى، إلا أن ماتياس يرى أن هذه الرياح من الصعب أن تصل آثارها إلى ألماني، "فالفيسبوك في ألمانيا هو منبر للتواصل الاجتماعي فقط" وتبرر جولي رأي ماتياس قائلة "عندما تكون حرية الرأي متاحة للشباب فلا تعود هناك  ضرورة لتحويل هذا المنبر الاجتماعي إلى منبر سياسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/آب/2011 - 16/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م