باسوورد... الأمن الوطني العراقي والأخ الأكبر القادم

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: اختلاس مليار دولار من صفقة عسكرية لا يعد تكديرا للأمن الوطني. صفقة الزيت الفاسد في وزارة حيوية ليس تكديرا للامن الوطني. رواتب وميزانيات الرئاسات الثلاث التي ترهق الميزانية العراقية المكبلة بالديون والاستحقاقات ليست تكديرا للامن الوطني. الرشاوى التي يقبضها السجانون لتهريب القتلة من السجون لاتعد تكديرا للامن الوطني. العقود الوهمية لوزارة الكهرباء منذ اول عمود ومحطة بعد العام 2003 وهدر مليارات الدولارات على المهفات والمولدات والباخرات المتنفلة للطافة الكهربائية ليست تكديرا للامن الوطتي. الشهادات العلمية المزورة لالاف الموظفين في دوائر الدولة ليست تكديرا للامن الوطني.

بيع العراق لايران لا يكدر الامن الوطني.

بيعه للسعودية لا يكدر الامن الوطني.

بيعه لتركيا لا يكدر الامن الوطني.

بيعه للامارات الخليجية الصغيرة لا يكدر الامن الوطني.

ميناء مبارك الكويتي والسماح بتنفيذه شئنا ام ابينا لاعلاقة له بتكدير الامن الوطني.

المواد الغذائية الفاسدة المنتشرة بالاسواق ليست لها علاقة بالامن الوطني.

ادخال الاطارات والسيارات الملوثة بالاشعاع من اليابان ليست قي وارد تكدير الامن الوطني.

تبليط الشوارع وتزيين الارصفة وصبغها بمواد تالفة تنهار مع اول زخة مطر ليست لها علاقة بتكدير الامن الوطني.

قناة الشرقية ومسلسلاتها التافهة ليست لها شان بتكدير الامن الوطني.

قناة الرافدين وبرامجها على التحريض الطائفي واعمال العنف ليست لها علاقة بتكدير الامن الوطني.

تهريب النفط عبر الاف الدونمات الزراعية الموزعة الى المحاسيب والازلام ليست تكديرا للامن الوطني.

ولكن ما هو مفهوم الامن الوطني؟

نتيجة لقيام الدولة القومية في القرن السادس عشر الميلادي ظهر مصطلح الامن القومي (National Security) وتلته مصطلحات أخرى مثل المصلحة القومية والارادة الوطنية وأول تعريف حديث للامن القومي كقدرة الدولة على حماية أراضيها وقيمها الاساسية والجوهرية من التهديدات الخارجية وبخاصة العسكرية منها بأعتبار أن تأمين أراضي الدولة ضد العدوان الاجنبي وحماية مواطنيها ضد محاولات إيقاع الضرر بهم وبممتلكاتهم ومعتقداتهم وقيمهم ومع تطور مفهوم قدرة الدولة أتسع مفهوم الامن القومي الى (القدرة الشاملة للدولة والمؤثرة على حماية قيمها ومصالحها من التهديدات الخارجية والداخلية)..

من وجهة نظر دائرة المعارف البريطانية يعني "الأمن" "حماية الأمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية".

ومن وجهة نظر هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق يعني أي تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها إلى حفظ حقه في البقاء.

ولعل من أبرز ما كتب عن "الأمن" هو ما أوضحه "روبرت مكنمارا" وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وأحد مفكري الإستراتيجية البارزين في كتابه "جوهر الأمن".. حيث قال: "إن الأمن يعني التطور والتنمية، سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية مضمونة". واستطرد قائلاً: "إن الأمن الحقيقي للدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التي تهدد مختلف قدراتها ومواجهتها؛ لإعطاء الفرصة لتنمية تلك القدرات تنمية حقيقية في كافة المجالات سواء في الحاضر أو المستقبل".

 إن مفهوم الأمن القومي (والذي يسمى في بعض الأحيان الأمن الوطني)،صار ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الوقت الحاضر محط اهتمام أكاديمي وعلمي مكثف ونجم عنه بالضرورة تعدد وتنوع الآراء حول مضمونة ومم الممكن تحديد هذه الآراء بحسب اختلاف فحواها على معنين أساسيين هما:

·المعنى التقليدي: ويقصد به حماية مصالح الدولة الوطنية والقومية من التهديدات الخارجية والتي تحول دون تحقيقها باستخدام القوة العسكرية كوسيلة نهائية لاستئصال مصادر التهديد واستمرارية تحقيق وحماية تلك المصالح ولذلك كان يفهم امن الدولة على انه أمنه العسكري..

·المعنى المعاصر:وهو حصيلة التغير الذي طرأ على الرؤية التقليدية لمفهوم الأمن القومي والذي جاء نتيجة للتغير الذي حصل في خصائص النظام الدولي وانتقال مفهوم الإستراتيجية (السوق) تبعاً لذلك من معناه العسكري الضيق إلى معنى أكثر اتساعا وشمولية أدى بدوره إلى أتساع مدلول الأمن القومي واتخاذه معاني وأبعاد إضافية.

بعد هذه التعريفات ما الذي يمكن ان يكدر الامن الوطني العراقي؟

الكشف عن ملفات الفساد في مؤسسات الدولة العراقية يعد تكديرا للامن الوطني.

الحديث عن عمولة مالية تسلمها قرّاش الوزير الفلاني يعد تكديرا للامن الوطني.

الحديث عن الايفادات والسفرات الحكومية تكدير للامن الوطني.

المطالبة باقالة الوزراء الفاسدين تكدير للامن الوطني.

ما يكتبه محمد حميد الصواف وسرمد الطائي وحيدر الجراح ضد ممارسات الحكومة تكدير للامن الوطني.

ما تنشره شبكة النبأ وجريدة العالم عن الشان العراقي تكدير للامن الوطني.

ما يكتبه صديقي ناظم عودة احيانا على حائط صفحته في الفيس بوك تكدير للامن الوطني.

الكشف عن الفساد في اعمال المدينة الرياضية في البصرة تكدير للامن الوطني.

ما يكتبه صحفيو كردستان ضد الحزبين الحاكمين واستئثارهما بالسلطة في كردستان تكدير للامن الوطني.

ما ينشره صديقي صباح النواب من صور على الفيس بوك ترصد معاناة المواطن العراقي البسيط تكدير للامن الوطني.

مشاركة الاصدقاء علاء حميد وسعد سلوم وسعدون محسن ضمد واحمد السعداوي في مظاهرات ضد الحكومة تكدير للامن الوطني.

ما هي مناسبة هذا الكلام؟

على هامش ندوة نظمتها مؤسسة المدى للثقافة والفنون حول "عقود الدفع الآجل"، انتقد احمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي، التشريعات الخاصة بحرية التعبير والمعلوماتية والعمل الصحفي، والمعروضة على البرلمان حاليا، وقال ان تهمة بعبارة مطاطة مثل "تكدير الامن الوطني" ستكون عقوبتها السجن المؤبد، وقد يقع ضحيتها مواطن تعرضت صفحته على الفيسبوك الى القرصنة على سبيل المثال.

وأعرب الجلبي عن مخاوفه من التشريعات التي قدمتها الحكومة مؤخرا للبرلمان العراقي، في اطار تنظيم العمل الصحفي واستخدام الانترنت وحق التظاهر.

وانتقد الجلبي القوانين المقدمة من قبل مجلس الوزراء والذي ينص على "فقرات خطيرة"، معتبرا أن ذلك يضعنا في نفق مظلم، ويعود بنا الى الوراء.

وقال النائب عن التحالف الوطني "استعمال الامن كذريعة للحد من حرية الصحافة ظاهرة خطيرة"، مضيفا "لا يجوز زج الامن في تلك الموارد".

واستنكر الجلبي قانون جرائم الانترنت الذي قدمه مجلس الوزراء ولم يحظ بموافقة البرلمان، مستعرضا فقرة من فقراته تقول "يعاقب بالسجن المؤبد كل من يتسبب في تكدير الامن الوطني". وقال الجلبي "هذا خطير جدا لان مجرد سرقة الرمز السري لصفحة احد المواطنين على الفيسبوك، واستخدامها لكتابة اشياء تفهم على انها تكدير للامن الوطني، قد يعني تلبيس المواطن تهما خطيرة قد تودي بحياته ومستقبله". ولفت الى انه "لا يوجد اي قانون مشابه لهذا الكلام في دول العالم"، معتبرا انه "مخالف صراحة لعدد من فقرات الدستور التي تنص على حرية التعبير".

مع هذا القانون الجديد المزمع التصويت عليه هل نحن امام مفترق طرق لملاقاة الاخ الاكبر عند اي استدارة لاحد الاتجاهات؟

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/آب/2011 - 9/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م