![](Images/058.jpg)
شبكة النبأ: أعلن رئيس اتحاد الادباء
العراقيين نفسه مرارا، أن ثمن عودة العراقيين الى حاضنة الادب العربي
لا تتم إلا بثمن غال، وهو أن يعترف اتحاد الادباء العراقيين بأن ما
يجري من هجمات ارهابية تطول الابرياء وليس قوات المحتل، هي هجمات مبررة،
تأتي ضمن العمليات البطولية التي تُشنّ ضد قوات الاحتلال.
ولهذا السبب تأخرت عودة اتحاد ادباء العراق الى اتحاد الادباء العرب،
باعتبار أن أدباء العراق لا يقفون الى جانب المقاومة ضد المحتل، ومع ان
معظم الادباء العراقيين من اقصى العراق الى أقصاه، أعلنوا بالقول
والفعل أنهم مع المقاومة التي تستهدف القوات المحتلة فقط، وأنهم ضد أي
عمل إجرامي يستهدف الابرياء العراقيين، في الاسواق الشعبية، والمدارس،
والساحات العامة، والشوارع المزدحمة وغيرها من الاهداف غير المحمية، مع
ذلك بقي الاخوة العرب طيلة سبع سنوات متواصلة، يضعون الاديب العراقي في
موضع الاتهام بل وتحت طائلة القبول بالاحتلال وتوابعه، في حين كانوا –
هم- أنفسهم يرزحون تحت مطرقة أنظمة دكتاتورية قمعية أذاقت شعوبها الويل،
ولم يعلنوا رفضهم لها، او مقاومتها، ولا مقاطعتها من باب مساندة الشعوب
المغلوبة على امرها، بل معظمهم وربما أولهم اتحاد الادباء العرب سواء (بالخفاء
او العلن)، كان يبارك السلطان، كما كان يحدث مع حسني مبارك وغيره من
الحكام القساة، مع أن الاحداث الراهنة وانتفاضات الشبان الاحرار العرب،
وضعت مبارك وغيره من السلاطين، في قبضة العدالة، وتوضّحت للجميع مدى
خستهم وظلمهم لشعوبهم بالوثائق الدامغة.
لقد عزل الاخوة العرب الثقافة العراقية من دون ضمير ولا مسوّغ حقيقي،
بل لقد تآمروا على الاديب العراقي للنيل من دوره الوطني التأريخي في
مساندة الشعب على التحرر، وحاول (اتحاد الادباء العرب) أن يحجم دور
الادباء العراقيين في تفعيل الثقافة العربية ورفدها بالاصيل دائما،
وليس غريبا أن نقول (أن الحقد والحسد يتصدر أسباب العزل)، فقد عرف
الجميع إمكانية المبدع العراقي في الآداب والفنون والثقافة عموما،
والدليل ذلك اللمعان المتواصل لأسماء عراقية فعّلت مواهبها في المنافي،
وأثبتت قدراتها الابداعية الفذة، ناهيك عن المحاولات المستميتة التي
بذلها أدباء الداخل من اجل أن لا يموتوا تحت ضغوط الاحتلال ومعاول
الحكومات العراقية التي تعاقبت عليهم، وعلى الشعب العراقي بعد 2003،
فكان المثقف والاديب العراقي في الداخل يقاوم على عدة جبهات، فهو معرض
للتهميش والسحق أكثر من غيره، وهو غير مرغوب به من لدن السياسيين قط،
لا لشيء إلا لأنه يعرف ألاعيبهم، ويكشف مخاتلاتهم دائما، ولن تُمرَّر
عليه أفعالهم المبطنة بالدهاء والخداع معا.
الشيء نفسه عانى منه أديب الخارج والمنفى، فهو معزول عن وسطه في
الداخل إلا ما ندر، وهو في معظم الاحيان غير مرحَّب به في المهرجانات
والانشطة الثقافية التي تقام في الداخل، بحجة قلة الاموال المرصودة
لوزارة الثقافة او الجهات المنظِّمة، في وقت تُهدر مليارات الدولارات
في غير محلها كما يعترف القادة السياسيون والمعنيون بهذا الامر قبل
غيرهم، في هذا الوقت، كان أدباء الداخل يعانون من عزلهم عن المحيط
الخارجي، حيث حصرت المؤسسة الثقافية (وزارة الثقافة وغيرها) الإيفادات
وحضور المهرجانات الادبية والفنية الخارجية بموظفيها، أو بأدباء
ومثقفين متزلفين وقناصي فرص، لا دور حقيقي لهم في تفعيل الثقافة، وليس
لهم شأن يُذكَر.
وسط دوامة الصراع هذه، حاول الادباء العراقيون ولا زالوا، أن
يجتهدوا لإثبات الذات، وتقديم المنجز الانساني اللائق، وقد نجحوا في
ذلك فعلا، وأقصد الاصلاء منهم، وأجبروا (مناهضيهم في الخارج والداخل)
على التعامل معهم بطريقة لائقة يستحقونها فعلا.
وهذا تحديدا ما دفع بالمكتب الدائم لاتحاد الادباء العرب على اتخاذ
قرارة (بتعليق التعليق) والتشبث بالأديب العراقي كمبدع وصانع ثقافة
انسانية رصينة يعرفها الادباء العرب قبل غيرهم، فلم يأتهم العراقيون من
فراغ، لدينا المتنبي والسياب والجواهري، ولدينا فؤاد التكرلي وعبد
الخالق الركابي ومحمد خضير، ولدينا حاضر ثقافي ادبي فني يرتكز الى
تأريخه العظيم، فالذي حدث إذاً، أن الادباء الاصلاء من العراقيين،
قاوموا على جبهات عدة، فقد كانت حرب أدبية ثقافية طاحنة كما يبدو
عليها، لذا لم يكفّ الاديب العراقي عن الابداع والتواصل مع جميع
الفضاءات المتاحة، وقد جاءت شبكة الانترنيت والمواقع الالكترونية
كمتنفس مناسب جدا للادب والاديب العراقي، فصال وجال واقتحم الميادين
المتاحة كافة، و أوصل صوته وابداعه الى الجميع رغما عمن حاول خنقه،
وفاز عدد من ادباء العراق بجوائز عالمية وعربية يُشار لها بالترحاب
والتقدير، وهكذا فشلت العزلة في الداخل والخارج، ونجح الادباء
العراقيون في إثبات ارادتهم الانسانية الحرة، على كل من حاول أن يضع
العصي في طريق تفاعلهم وتواصلهم مع العالم.
نعم نجح الادباء العراقيون وأرغموا من حاول أن يخنقهم بالامس على فك
الطوق، لا لشيء إلا لكونهم يستحقون ذلك فعلا، وحسنا فعل احد الادباء
العراقيين حين قال بشأن إلغاء التعليق، إن الصحيح ليس عودة العراق الى
العرب، بل عودة العرب الى العراق. |