مسؤولية المثقفين والعلماء تجاه الأجيال الصاعدة

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: تعاني الطبقات الأوسع من الشعوب الاسلامية، من قلة الوعي في الغالب، بسبب إنتشار الامية بين صفوف الفقراء، حيث تقف الحكومات النفعية عائقا بينهم وبين العلم والاطلاع والمعرفة، لذلك تسهل عملية تدجينهم من قبل الحكومات، لكي لا يشكلوا تهديدا لعروش الحكام المتسلطين على رقاب العباد، لهذا السبب لابد أن تتصدى النخب المتعلمة لهذه المسؤولية الكبيرة، ونعني بها تنوير الفقراء وغير المتعلمين بمواطن الخير والحق وفرزها عن بؤر الشر والباطل، وهي مهمة صعبة وشاقة، ولكنها تبقى من مسؤولية رجالات العلم والثقافة، وإن أي تردد أو تباطؤ أو خلل منهم في هذا الصدد، يؤدي الى عواقب وخيمة.

من هنا جاء تركيز سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) على هذا الموضوع، حين استقبل سماحته وفدا تكون من مئات العلماء والفضلاء والمبلّغين والمثقّفين وطلاب العلوم الدينية، ممن وفدوا الى بيت المرجع الشيرازي بمدينة قم المقدّسة، للاستفادة من توجيهات سماحته القيّمة فيما يخصّ هذا الشهر الفضيل، وذلك مساء يوم الأربعاء الموافق للخامس والعشرين من شهر شعبان المعظّم، وقد أكد سماحتة قائلا في كلمته بهذا الخصوص: (إذا تهاون العلماء في تعريف الحقّ وبيانه للناس، وفي بيان الباطل، ولم يؤدّوا مسؤوليتهم كما يجدر في هذا المجال، فسيصاب الناس بالحيرة ويضلّوا ويتبعوا الباطل).

وهكذا يتبين لنا حجم الدور الكبير الملقى على عاتق المثقفين، والعلماء، والمصلحين عموما، حيث تترتب عليهم أعباء ضخ الوعي بصورة متواصلة، الى عقول الناس البسطاء، وهذه المهمة تمثل واجبا أخلاقيا لابد من القيام به، حيث يتساءل سماحة المرجع الشيرازي بكلمته نفسها قائلا:

(من يتحمّل مسؤولية تبيين الحقّ للناس وتبيين مصداقه الحقيقي كي يتّبعوه، ومن يتحمّل مسؤولية تبيين الباطل وفضحه، كي لا ينطلي على الناس؟ أليست هي مسؤولية العلماء وطلبة العلوم الدينية والمثقّفين؟ ويالها من مسؤولية خطيرة).

وهكذا يبدو واجب العلماء والمثقفين واضحا ومفهوما، لكنه يتطلب ارادات قادرة على تحويل الطاقات الكامنة لدى العلماء، الى حزم متراصة من الوعي، الذي ينبغي أن يُبث على نحو متواصل للرعية، وهو عمل واجب ولا مناص منه، لذا قال سماحة المرجع الشيرازي في كلمته المذكورة نفسها: (يجب على العلماء والمثقّفين في كل زمان أن يسعوا إلى إزالة الحجب عن وجه الحقّ والحقيقة، وأن يبيّنوا الحقّ ويعرّفونه للناس، فهذا الأمر من أوجب الواجبات، لأنه سبيل هداية الناس وسعادتهم).

ولا ننسى أن هناك فِرَقا مضادة تحاول النيل من المسلمين، من خلال بث المعلومات المغلوطة، وترويج الثقافات المناوئة، هنا يكون الجهد المطلوب مضاعفا من اجل فضح الدساس المعادية، حيث أكد سماحة المرجع الشيرازي قالا بهذا الخصوص: (يسعى الأعداء اليوم إلى ترويج الشبهات في المجتمع، ويحاولون سوق الشباب إلى المفاسد وإلى ارتكاب أن يتصدّوا لهذه المحاولات، ويقوموا بدقّة وحكمة بردّ الشبهات وفضح أصحابها وأصحاب الباطل، وأن يسعوا إلى نشر معارف أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم).

ولن تكون هذه المهمة سهلة بطبيعة الحال، لذلك يؤكد سماحة المرجع الشيرازي قائلا بهذا الصدد: على أهل العلم (أن يتحلّوا بالصبر، وأن يصمدوا ولا يتوانوا أبداً، وأن يبذلوا قصارى جهدهم في هذا المجال، وعليهم أيضاً أن يعطوا الأولوية في ممارسة الهداية إلى جيل الشباب). ويضيف سماحته قائلا: (يجب على العلماء والمثقفين اليوم أن يعرفوا مسؤوليتهم المهمة والخطيرة جيّداً. فمسؤولية أهل العلم هي التمييز بين الحق والباطل، وتبيين ذلك وتعريفه للناس كافّة، وكذلك مسؤوليتهم تعريف الإسلام الحقيقي المتمثّل بإسلام النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين للبشرية كلّها).

ولهذا لابد أن نستثمر جميعا هذا الشهر المبارك، من اجل تطوير النفس وبنائها بما يتلاءم مع وسائل العصر، لكي تتحقق طموحاتنا المشروعة، في بناء النفس وإبعادها عن مهاوي العصيان والرذيلة، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي: (نحن على أعتاب شهر رمضان المبارك، وهذا الشهر هو أفضل فرصة وأفضل مناسبة لتزكية النفس).

ثم يدعو سماحته الجميع من الحاضرين او غيرهم الى ضرورة استثمار شهر رمضان المبارك على الوجه الامثل، لاسيما في قضية أداء الواجبات وتنوير البسطاء من المسلمين وتوضيح الحقوق والحريات التي يستحقونها من اجل تحقيق الحياة الكريمة التي تليق بالانسان، لهذا أكد سماحته قائلا للجميع: (لنسعَ إلى الاستفادة من شهر رمضان المبارك استفادة أكثر وأفضل مما سبق، وإلى القيام بمسؤولياتنا الخطيرة وأدائها بعلمنا وبعملنا وقلمنا).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/آب/2011 - 3/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م