الثورات العربية ومرتديات السواد... فصول غير مكتملة من التغيير

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بعد انهيار الستار الحديدية التي كانت تحيط بالحريات في العالم العربي بسبب رياح التغيير السياسي الذي تشهده بعض دولة، تبرز المرأة في تلك المجتمعات كحلقة قوية تسعى لانتزاع حقوقها المنتهكة منذ عدة عقود، معززا من فرص نجاح مسعاها مشاركتها القوية في صنع التغيير والاطاحة بالديكتاتوريات التي كانت تتسلط على مقاليد الامور.

وتشعر الكثير من النساء ان الفرصة باتت مؤاتية لتحقيق احلامهن في تغيير الصورة الذكورية التي تهيمن على مفاصل الشؤون الحياتية والتي لم تترك لهن سوى ادوار هامشية للمشاركة في صنع القرار في ما مضى.

فيما شجعت الثورات الناجحة مؤخرا النساء في بعض الدول التي لاتزال تقاوم رياح التغيير في الدفع للمطالبة ببعض الحقوق الطبيعية التي كانت حتى عهد قريب من المحرمات، ولا يحق لغير الذكور ممارستها.

دور أكبر في الحياة السياسية

فقد جلست امرأتان فقط بين 17 رجلا على منصة بمدينة بنغازي بشرق ليبيا هذا الشهر اثناء تقديم المعارضة الاعضاء الجدد في المجلس الوطني الانتقالي لوسائل الاعلام. وتعتبر النساء اللائي اضطلعن بدور بارز في الانتفاضة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي أن قلة عدد القيادات النسائية مؤشر على كفاح طويل ينتظرهن في المستقبل.

وتقول هناء الجلال التي تخلت عن الاشراف عن قطاع التعليم بالمجلس المحلي كي تشارك في دعم حقوق المرأة "خلال الثورة تحلت النساء بالقوة بالفعل وكن قائدات. يتحدثن أكثر من لغة وكن محل ترحيب." وتابعت "ثمة منافسة الان. وقد عدنا للرأي الداعي لعدم منافسة النساء للرجال وان تكون القوامة للرجل." وتستغل النساء في الشرق الحرية التي نلنها حديثا للتعبير عن ارائهن ومحاولة تغيير اسلوب الخطاب السياسي ورفع سقف طموحهن الاجتماعي.

وفي بداية الانتفاضة اختلطت زغاريد النساء بدوي طلقات الاحتفال بالنصر على قوات القذافي وافلات المنطقة من قبضته في منتصف فبراير شباط.

جلست النساء في مقر قيادة المعارضة يخططن لخطواتهن التالية. وكثيرا ما يتخذن الصدارة لدى التحدث الى وسائل الاعلام ويشاركن قادة المعارضة النقاش حول ليبيا الجديدة.

وبرزت مجموعة من المحاميات في الاجتماعات الاولى الرامية لتنظيم جهود المعارضة والتف الصحفيون حول نساء لبقات يتحدثن لغتين بعد خروجهن من الجلسات المغلقة. ومن بين هؤلاء المحامية سلوى بوقعيقيص التي ابدت عدم رضاها لوجود خمس نساء فقط في عضوية المجلس الوطني الانتقالي الذي يضم نحو 50 شخصا. وقالت "ربما يتطلب تغيير اسلوب التفكير لتولي دور قيادي ومنصب ارفع بعض الوقت."

ولا تزال ليبيا مجتمعا تقليديا يهيمن عليه الرجال وتحتل المرتبة 91 بين 102 دولة من حيث المساواة بين الجنسين حسب مؤشر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2009. بحسب رويترز.

وطرح القذافي رؤيته الرسمية لدور المراة في الكتاب الاخضر الذي يجمع بين نظرياته الاجتماعية ورؤيته للاسلام السياسي وتبدو مستنيرة نسبيا فيما يتعلق بدور المرأة في المجتمع. وفيما يعد تاكيدا لرؤيته يصطحب القذافي في رحلاته الخارجية حاشية من الحارسات فقط.

وساهم مستوى المعيشة الاعلى في تقليص زيجات القاصرات منذ تولي القذافي السلطة وذلك استنادا لتقرير الامم المتحدة لعام 2004 ويتولى عدد كبير من النساء مناصب رفيعة في مؤسسات اكاديمية ومهنية اخرى. ومن النادر ان تسافر المرأة الليبية بمفردها او بدون اذن الزوج أو الاسرة.

ولا يزال الاختلاط بين الجنسين في المحافل الاجتماعية في غياب مرافق محظورا الى حد بعيد كما تقتصر الكثير من المقاهي والمطاعم التي تناقش فيها موضوعات سياسية ودينية على الرواد من الرجال في الغالب. وتقابل النساء القليلات اللائي ترتدن هذه الاماكن بنظرات محدقة وغير لائقة لاسيما القلة التي تكشف رأسها.

وتقول فوزية بريون ممثلة طرابلس في المجلس الانتقالي وهي استاذة لغة عربية في جامعة ميشيجان في الولايات المتحدة "اذا كان الرجال في بلدنا يفتقرون للخبرة السياسية والثقافية نتيجة 41 عاما من القمع والفوضى ... فان النساء اقل خبرة."

وواقع الحياة السياسية في ليبيا حيث حظي القذافي بسلطة مطلقة والدائرة المقربة منه بحصانة قانونية شبه كاملة يعني تجنب معظم النساء العمل السياسي.

وقالت سلوى بوقعيقيص "كي تشغل المرأة منصبا رفيعا جدا في الحكومة كان ينبغي ان تدفع الثمن. عليك ان تسددي الثمن بطرق مختلفة. لذا كان من الافضل ايثار السلامة."

وذكرت هناء الجلال "في حقبة القذافي حاولنا الابتعاد عن الانظار على الساحة السياسة لاننا لم نرد ان نكون جزءا من النظام. لم تكن هناك سيادة للقانون. اذا لفتت المرأة الانظار لم يكن هناك ما يحميها."

وتقول عائشة محمد مدرسة اللغة الانجليزية "في السابق كانت الفتيات يمضين اوقاتهن في التساؤل.. من سأتزوج.. ماذا ارتدي وكيف سيكون حفل عرسي.. الان يتحدثن عما يردن عمله في المستقبل."

وتحلم سمية عادل الطالبة الجامعية التي ترتدي بنطلونا ضيقا من الجينز وتغطي رأسها ان تصبح صحفية بعدما تحررت وسائل الاعلام من قبضة القذافي.

وقالت "كنت اعتقد انني سأتزوج وأسافر للخارج وأفعل ما اريد. ولكني الان اريد ان ابقى هنا وأعمل وأصبح صحفية."

وتقول سلوى بوقعيقيص ان نشاط المراة السياسي زاد كثيرا عن ذي قبل ولكن الطريق امامها لا يزال طويلا. وتابعت "المرأة في هذه الثورة جزء من الحراك السياسي.. في التظاهر وفي المجلات وفي الاعلام وفي مساعدة منظمات المجتمع المدني. لقد استيقظت المرأة وهي تشعر ان الوقت حان للتحرك." وأضافت "اخشى حين تنتهي الثورة ان تتوقف (المرأة). نهاية الثورة برحيل القذافي ليست نهاية الثورة بالنسبة للمرأة."

الملابس السوداء

من جهتها صحيفة الجارديان نشرت تحقيقا طويلا عن دور النساء الذي برز فيما تطلق عيه الصحيفة "الربيع العربي" في اشارة الى موسم الثورات والهبات التي انتشرت أخيرا في عدد من الدول العربية.

يقول التحقيق الذي اشترك في اعداده عدد من الصحفيين والصحفيات من طرابلس وتونس وصنعاء، إنه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة التي شهدت الاضطرابات التي هزت المنطقة، كان بعض المشاهد الأكثر تأثيرا مشهد النساء اللاتي يرتدين الملابس السوداء، بحر من الوجوه النسائية في عواصم بلدان المغرب العربي وشبه الجزيرة العربية، والمناطق الداخلية في سورية، يشاركن في التظاهر من أجل تغيير النظام، وإنهاء القمع، والإفراج عن ذويهم، أو يلقين بالخطابات وسط الجموع، أو يعالجن الجرحى، ويقدمن الطعام الى المعتصمين في القاهرة والمنامة وقوات المعارضة المسلحة في شرق ليبيا.

ويمضي التحقيق ليستدرك بالقول "ولكن وبعد أن توقفت ثورة التوقف أو أصابها الجمود في اليمن مرورا بتونس ومصر وليبيا والبحرين، وسورية، اصبح هناك شيء واضح: انه رغم أن النساء العربيات قد نجحن في تنظيم مسيرات الاحتجاج، والتدوين الالكتروني، والاضراب عن الطعام، بل وتقديم حياتهن أيضا، إلا أنهم لم يقطعن سوى خطوة صغيرة إلى الأمام على الطريق المؤدي إلى حصولهن على قدر أكبر من المساواة مع الرجال.

ويضيف: "ربما تكون المرأة العربية ساندت الربيع العربي، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان الربيع العربي سيساند المرأة".

يقول التحقيق انه كان من الواضح في الثورة التونسية في مطلع هذا العام، أن الصورة القديمة للمرأة العربية الخاضعة، المستلبة، يجب أن تتغير. ومن بين النخبة التي تلقت تعليما عاليا ومن بين أوساط الطبيبات والمحاميات وأساتذة الجامعة إلى الأعداد الكبيرة من الخريجات ​​العاطلات عن العمل، كانت النساء هن اللاعبات الرئيسيات الفاعلات في الانتفاضة التي كانت بداية الربيع العربي. بحسب بي بي سي.

وفي القاهرة، قامت المرأة بدور فعال، ليس فقط في الاحتجاجات ولكن في كثير من الأعمال المنظمة الاساسية التي حولت ميدان التحرير من لحظة إلى حركة حيث تشارك المرأة في ترتيب تسليم المواد الغذائية والبطانيات، وتقديم المساعدات الطبية.

وفي اليمن، كانت امرأة شابة، هي توكل كرمان، التي قادت أول المظاهرات في حرم الجامعة ضد حكم علي عبد الله صالح. وقد ظهرت كرمان باعتبارها واحدة من قادة ثورة لا تزال حتى الآن قائمة.

وفي البحرين، كانت النساء بين الموجة الأولى التي نزلت الى دوار اللؤلؤة في العاصمة - بعضهن مع أطفالهن - للمطالبة بالتغيير. ووجدت الحركة البحرينية شخصية رئيسية في زينب خواجة، التي اضربت عن الطعام احتجاجا على ضرب زوجها وإلقاء القبض عليه.

ويذكر التحقيق ان احدى المتظاهرات المصريات قالت لكاثرين أشتون، المفوضة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، خلال زيارة قامت بها مؤخرا إلى ميدان التحرير: "كان الرجال حريصين على أن أكون هنا عندما كنا نطالب برحيل مبارك، ولكن الآن بعد ان رحل، فإنهم انهم يريدون أن أعود الى البيت".

أما اللوبي النسوي في تونس فيعتبر أن المعركة الحقيقية بدأت الآن فقط، بعد الثورة. علما بأن من بين الشباب التونسي المتعلمن العاطلين عن العمل الذين كانوا وراء الثورة، الثلثان من النساء.

ولا يزال هناك تفاوت صارخ في الأجور وتفضيل الذكور على الاناث في الميراث. لكن المعركة الأولى تتعلق بدور المرأة في السياسة.

ثورة السعوديات

ومع افتتاح مراكز انتخابية في أنحاء السعودية في الثالث والعشرين من إبريل/نيسان أمام الناخبين للتسجيل للاقتراع في الانتخابات البلدية المقبلة، بدأت مجموعات نسائية بالمطالبة بالمشاركة في هذه الانتخابات.

وكما هو متوقع، تم استبعاد النساء، فهن لن يتمكن من التصويت في الانتخابات التي ستجري في سبتمبر/أيلول المقبل، غير أنهن تمكن من إبداء وجهة نظرهن.

تعد هذه المحاولة واحدة من أوائل التحركات العلنية للحركة التي أطلقت على نفسها اسم "ثورة المرأة السعودية" أو Saudi Women Revolution، وهي حركة أنشئت بهدف القيام بتحرك لإنهاء قوانين التمييز ضدهن في السعودية.

وتهدف زعيمة التحرك إلى إنهاء وصاية الذكور على المرأة وإنهاء حاجة المرأة لموافقة الزوج أو الأب أو الأخ أو حتى الابن على أن تعمل أو تسافر أو تدرس أو الزواج أو التوجه إلى مراكز الرعاية الصحية بأنواعها وفقاً لمنظمة "هيومان رايتس ووتش."

كما ترغب المرأة السعودية بالحصول على حق قيادة السيارة. وكانت نهى السلمان قد أنشأت صفحة باسم "ثورة المرأة السعودية" على موقع التواصل الاجتماعي، وكما أنشأت صفحة على موقع تويتر.

وقالت نهى السلمان، وهي في الثامنة والعشرين من عمرها،: "بدأت بكتابة الرسائل على تويتر للسماح للمرأة بالكتابة في أي شأن يعانين منه."

كان الأمر سهلاً، خصوصاً استخدام كلمة "ثورة:، لكنني وصلت إلى مرحلة أن علي القيام بالتحرك بشأن معانتنا اليومية.

وتجاوز عدد الأعضاء في صفحة الحركة على الفيسبوك 3500 عضو، كما تلتقي بعضهن شخصياً في جلسات نقاش. وفي صفحتهن على الفيسبوك، كتبن عن أنفسهن: "نحن نساء سعوديات سنسترد حقوقنا الإنسانية التي حُرٍمنا منها باسم الخصوصية السعودية.

وأكد عدد من رجال الدين والقانون والعاملين في الحقل الفقهي الإسلامي، عدم وجود نص في القرآن أو السنة النبوية، يحرم قيادة المرأة، لكنهم أرجعوا حظر السعودية لقيادة المرأة للسيارة إلى أسباب اجتماعية متعلقة "بالمصالح والمفاسد المترتبة على قيادة النساء لها،" على حد قولهم.

وترى سعوديات شاركن في الحملة، أن المرأة السعودية خرجت للتعليم و"حصلت على أعلى الدرجات العلمية،" وأن قيادة السيارات هي "نقطة بداية لقائمة من المطالب."

وفي هذا السياق، قالت إيمان النفجان، ربة منزل سعودية، وناشطة في مجال حقوق المرأة في حديث خاص بموقع CNN بالعربية: "خرجت لقيادة سيارتي يوم الجمعة، للمطالبة بحق المرأة في قيادة السيارات، فهذا مطلب حقوقي بسيط نريد تحقيقه، وهذه حركة نابعة من نبض الشارع السعودي هدفها سلمي ولا يهدد أمن واستقرار البلاد في شيء."

وأضافت: "عند خروجنا للشارع وجدنا تقبلا كبيرا من المجتمع السعودي باختلاف فئاته، من الرجال والشباب والأطفال، فالمرأة السعودية مصدر ثقة، كما أن الفئة المتشددة في الدولة تشجع قيادة المرأة للسيارات، فلا يوجد نص ديني يمنع المرأة من القيادة."

وعن أسباب تفجير القضية في هذه الفترة تحديداً، قالت النفجان: "هذا المطلب قديم وتطالب به السعوديات منذ زمن طويل، فالمجتمع تغير وتطور، كما أن قلة المواصلات العامة وصعوبة عملية التنقل، زادت من ضرورة حصول المرأة على حق القيادة."

من جانبها، قالت المدونة السعودية، سارة الخالدي، وهي طالبة ماجستير، للموقع عبر الهاتف: "عندما خرجت مع أمي لقيادة السيارة، لم أجد أي تعجب من أصحاب المركبات الأخرى، بل كان الناس من حولنا يشجعوننا في تحضر ورقي، ويلوحون لنا بعلامات النصر، كذلك تعجبت من موقف أفراد العائلة المؤيد لنا."

وعن موقف حركة "أقود سيارتي بنفسي"، أوضحت الخالدي قائلة: " نحن لسنا ضد أحد، ولا نقود حركة عصيان أو تمرد." واشارت إلى انهن سبق وطلبن من العاهل السعودي الملك عبد الله منذ أكثر من 6 سنوات، للحصول على تصريح للقيادة، وقالت: "طلب ( الملك ) منا الصبر، لكن الفترة طالت ووجدنا أن الوقت مناسب لتجديد مطلبنا."

وحول الأسباب وراء حظر قيادة المرأة، قالت الخالدي: "أعتقد أن السبب اجتماعي، وله علاقة بحرص أولياء الأمور في العصور الماضية على المرأة والخوف من تعرضها للمخاطر، لذا حرصنا على القيام بتجربة عملية تثبت قدرتنا على النزول إلى الشارع وقيادة السيارات في أمان، لأن المجتمع تغير وتطور وعلينا مواكبته."

وبدورها، انتقدت الناشطة وداد لوتاه، الموجهة الأسرية بمحاكم دبي بالإمارات العربية المتحدة، المعارضين لقيادة المرأة في السعودية، متسائلة: "لماذا تمنع المرأة السعودية من القيادة؟ ففي عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كانت المرأة تخرج لساحات القتال على ظهر جواد، وتشارك المسلمين القتال، فالحياة تتطور للأفضل."

ولفتت لوتاه إلى "عدم وجود نص ديني في القرآن أو السنة يمنع قيادة المرأة،" وقالت: "معظم فقهاء الإسلام ومفتيه في دول الخليج لا يرون مانعا دينيا في قيادة المرأة للسيارات، وأجازوا الأمر، لكن بعض المتشددين من الفقهاء السعوديين لا يجيزون ذلك، لأمور يخشون حدوثها عند قيادة المرأة للسيارات."

وتحدثت لوتاه عن وجهة نظرها الشخصية في القضية قائلة: " إن أسباب حظر قيادة المرأة في السعودية غير واقعية، فنسبة حوادث الرجال في العالم تفوق نسبة حوادث النساء، كما أن المرأة يمكن أن تتعرض للتحرش في حال استقلت سيارة مع سائق غريب، إضافة إلى خطورة ترك الأطفال بمفردهم مع سائق غريب."

وعن رأي الدين والإقتاء، أكد الشيخ علي حميد قاسم، كبيير المفتين، وعضو لجنة الإفتاء بإمارة دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، عدم وجود نص ديني يحظر قيادة المرأة قائلاً: "لا يوجد نص ديني يحرم قيادة المرأة السيارات.. فالشريعة الإسلامية لا تمنع شيئا مفيدا، لذا تمت إجازة قيادة النساء للسيارات في جميع دول الخليج، لكن هذا الحظر نشأ في السعودية قديماً، نتيجة انتشار الفساد وخوفاً على النساء من الفتنة."

وأضاف الشيخ علي حميد قاسم: "يرى البعض في سهولة تنقل الإناث وتوفير المال والفراغ مفسدة للمرأة، كما يمكن أن تتعرض المرأة للمعاكسات والمضايقات من الشباب في حال قيادة السيارة بمفردها، لكن في رأيي الشخصي إن المرأة الفاضلة لن تفسد بقيادة السيارات، والمرأة الفاسدة أخلاقياً لن يمنعها حظر قيادة السيارات من البغاء."

ولا تزال الحملة قائمة، والسعوديات يخضن تجربة قيادة السيارات يوميا في بعض شوارع المملكة على أمل أن يحصلن على حقهن المطبق في العالم.

مواجهة الاسلاميين

في سياق متصل يحاول المدافعون عن حقوق المرأة الغاضبون من عدم احراز تقدم في قضيتهم حشد جماعات نسائية للدفاع عن حقوق المرأة من تهديدات متصورة مع صعدود التيار الاسلامي وتيارات محافظة أخرى.

وقالت نوال السعداوي المدافعة المخضرمة عن حقوق المرأة في "الجيش سرق الثورة. والحكومة والجماعات المنظمة مثل جماعة الاخوان المسلمين والاحزاب السياسية التقليدية يقودها انتهازيون." واضافت "النساء في حاجة لتوحيد صفوفهن."

ويقول نشطاء ان النساء في مصر يواجهن بعضا من أسوأ أنواع المعاملة في العالم ومنها العنف الاسري والتحرش والتمييز في العمل وفي القانون.

وختان الاناث منتشر في البلاد. ويقول مؤيدوه -خطأ- ان تعاليم الاسلام تنص عليه. كما ان اجبار الفتيات على الزواج مازال سائدا خارج المدن الكبيرة.

ويضع مؤشر فجوة النوع الاجتماعي لعام 2010 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي مصر في المرتبة 125 من بين 134 دولة.

ويقول المدافعون عن حقوق المرأة انه ليس هناك وقت أفضل من الان لتوحيد الصفوف لان السبب الرئيسي الذي كان يشرذم الحركة النسوية وهو هيمنة السيدة الاولى السابقة سوزان مبارك عليها قد زال بالاطاحة بزوجها الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير شباط الماضي.

لكن مع استهداف جماعة الاخوان المسلمين التي كانت محظورة من قبل لنسبة كبيرة من مقاعد البرلمان في الانتخابات المقررة في وقت لاحق هذا العام تقول السعداوي ان النساء يجب أن يتحركن بسرعة لضمان حقوقهن.

وفي الشهر الماضي نشر نشطاء "ميثاق المرأة" الذي وقع عليه نصف مليون مصري يطالبون بدستور جديد يضمن المساواة بين الجنسين وانهاء التحرش الجنسي وتعزيز دور المرأة في الحياة السياسية. وحتى الان هناك وزيرة واحدة في الحكومة الانتقالية وهو اقل من تمثيل المرأة في عهد مبارك.

وقالت السعداوي "يحكمنا نظام ابوي. الجيش جزء منه والحكومة جزء منه... لذلك فان المرأة مستبعدة." وتريد السعداوي احياء "اتحاد نساء مصر" وهو مشروع تقول ان زوجتي الرئيسين السابقين انور السادات ومبارك ألغتاه.

واضافت "كنا نحاول باستمرار تشكيله منذ السبعينات. وقفت جيهان السادات وسوزان مبارك ضد الحركة النسوية لانهما كانتا تريدان للقوة النسائية ان تكون تحت سيطرة الحكومة وليس المرأة."

وقلقا من ان تكون الاطاحة بمبارك قد اطلقت يد التيار الاسلامي في السعي للحصول على السلطة تشكل النساء الان شبكات جديدة للدعوة وتحاول ناشطات مثل هدى بدران ومرفت التلاوي والسعداوي توحيد النساء للدفاع عن حقوقهن.

ويشير مسح أجراه المركز المصري لحقوق المرأة عام 2008 الى أن نحو ثلثي الرجال يعترفون بأنهم يتحرشون بالنساء. واظهر المسح ان اكثر من أربعة اخماس النساء يشكون من التحرش الذي يتراوح من التحديق والتعليق والتعبيرات غير اللائقة الى هجوم اكثر خطورة.

وشاركت النساء في الانتفاضة الشعبية التي استمرت 18 يوما في ميدان التحرير بوسط القاهرة ليلا ونهارا تعالجن الجرحى عندما فتحت الشرطة النار على المتظاهرين. وشكت كثيرات من تحرش بلطجية النظام السابق بهن.

وخرج الالوف الى الشوارع مرة اخرى في اليوم العالمي للمرأة في مارس اذار. وقالت منظمة العفو الدولية ان نساء احتجزهن الجيش بعد المظاهرة أجبرن على أن تجرى لهن اختبارات عذرية وضربن وتعرضن لصدمات كهربائية وتفتيش ذاتي. ونفى الجيش اجراء اختبارات العذرية وسوء المعاملة. بحسب رويترز.

ودافعت السعداوي (79 عاما) عن حقوق المرأة على مدى عشرات السنين. وسجنت بسبب أرائها في سبعينات القرن الماضي وتعرضت لتهديات بالاغتيال من جانب متشددين اسلاميين. ولم يخفف سنها من حدة أرائها.

فقالت "الشريعة كذبة" واضافت "لم يكتبها الله بل كتبها الرجال. تونس منعت تعدد الزوجات رغم انها تتبع الشريعة. هذا من بين اهدافنا الان منع تعدد الزوجات وطرح ميثاق أسري علماني."

وقالت ان مبارك ضمن تحجيم النساء بتعيين رجال دين يروجون لنظام المجتمع الابوي واستمرار تعدد الزوجات.

والان يطالب السلفيون الحكومة بالعدول عن اصلاحات اقرت عام 2000 بصدور قانون الخلع الذي يضمن للزوجة الطلاق اذا ردت لزوجها الصداق وتخلت عن حقوقها الشرعية.

ويهدف اتحاد النساء الى الدفع الى ما هو ابعد من قانون عام 2000 بالغاء الشروط التي تبيح الطلاق ليصبح حق المصرية في الطلاق متمشيا مع حقوق النساء في الغرب.

وقالت السعداوي ان السلفيين "يستخدمون الاسلام لتبرير كل اشكال قمع المرأة." واضافت ان قانون الطلاق "ظالم بالفعل اذ أن المرأة يجب ان تتخلى عن جميع حقوقها الاقتصادية لتترك زوجها." وتابعت "هل سمعنا عن أي حزب سياسي يتحدث عن حقوق المرأة.."

بلقيس .. ثورة مسرحية في القاهرة

وقبل اندلاع الاحتجاجات المصرية الحاشدة كانت ثورة مسرحية في كواليس مسرح (ميامي) بالقاهرة. والى ميدان التحرير على خشبة المسرح حضر ثوار برداء فني ليطالبوا باسقاط الظلم والقهر وتحدوا السلطة وهم ينشدون النصر على استبدادها.

لم تكن ثورة بلقيس ملكة سبأ والضاربة عميقا في التاريخ ما قبل الميلادي مجرد رواية ذكرتها الكتب السماوية لتستعاد وتكتسب ملامح جديدة بعد ألوف السنين لتلون "ثورة 25 يناير" كانون الثاني حيث اندلعت الاحتجاجات الغاضبة المطالبة باسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك.

وليس هناك من روابط مصطنعة أو أحداث مركبة على قياس التغيير في مصر لكن فريق عمل مسرحية (بلقيس) وجدوا إسقاطا وقع بين الحالتين وفي ثورثين متباعدتين في التاريخ وان اقتربتا قليلا في الجغرافيا.

فبلقيس تلك الملكة المتمردة الوارثة تاج والدها كانت سيدة أرض اليمن البلد الواقع اليوم على خط زلزال الثورات العربية. وبلقيس هي الحاضرة اليوم في المجتمع المصري من خلال عرض مسرحي يستعير من التاريخ حكاية تتوافق وروح الثورة ولها أن تنسحب أيضا على الصراع مع اسرائيل من خلال فكرة المقاومة الحاضرة في النص عبر مقاومة بلقيس أسياد السلطة.

وتستند المسرحية الى السرد التاريخي فتحكي قصة امرأة فرض عليها أن تؤخذ عروسا لملك لم يسبق أن رآها. لا مجال لرفض العريس لان الثمن سيكون دمار مملكة أبيها وعندما أدركت أن الدمار والظلم والشرذمة ستحل بشعبها قالت "نموت ولا نقبل ما يفرضونه علينا" بعد أن رأت الذل كامنا في النفوس والملك الغريب سيحتل ويرث ويقرر.

وقبل أن يرسم لها زوجها المفترض نهاية لا تليق بسبأ قالت بلقيس كلمتها وذهبت الى قدر التحدي قاصدة الملك طالب الود وبدهاء المرأة تمكنت منه ورسمت بيدها نهاية له.. قتلته لتحيا سبأ وتشهد أكبر مرحلة من الازدهار وهي بتلك الخطوة غامرت بحياتها واستبقت قدرها لتغير في مجرياته.

ويقول مؤلف المسرحية محفوظ عبد الرحمن لرويترز "أظن أن بلقيس تضحي بحياتها ولا تفرط بذرة من كرامتها فالكبرياء وسام نضعه على صدورنا بأنفسنا ولا يستطيع أحد انتزاعه لانه ملك لنا وحدنا.. بلقيس هذه لم تكن موجودة في التاريخ لو أنها لم تقاتل القهر والاستبداد وأنا أعرف ملايين الناس ممن يتعرضون لمواقف مشابهه."

ويضيف "بلقيس هي واحدة من أعظم ملكات التاريخ مثل كليوباترا وسميراميس وشجرة الدر وكاترين وفيكتوريا.. كانت وستظل إلهاما للكُتاب في كل زمن."

وعبد الرحمن المؤمن بفكرة المقاومة باحث وكاتب قدم أعمالا متنوعة للمسرح والاذاعة ومن أبرز أعماله التلفزيونية مسلسلا (بوابة الحلوني) و(أم كلثوم) وللسينما كتب سيناريو أفلام منها (ناصر 56) و(حليم).

ويقول عبد الرحمن ان العرض كتب قبل سبع سنوات وانه لم يغير فيه حرفا لكن الممثل عهدي صادق الذي قام بدور المسرور أضاف لهجة الزعيم الليبي معمر القذافي في خطابه الشهير "زنجة زنجة. دار دار. ومن أنتم؟".

ويضيف "اخترت بلقيس لانها اسم رنان وهي من الشخصيات الضخمة والمهولة خصوصا عندما يمارس عليها القهر والاستبداد من هذا العدو القاهر والقاسي." وبدأ العرض بالوقوف دقيقة صمت حدادا على "شهداء 25 يناير" على خلفية النشيد الوطني المصري.

وتعتبر مها جاد الحق الاستاذة في جامعة القاهرة أن بلقيس هي مصر "هي فكرة عدم الرضوخ للظلم والاستسلام والايمان بكل قدراتنا وهذا ما حصل معنا فعلا في ثورة 25 يناير".

بلقيس من انتاج المسرح القومي واخراج أحمد عبد الحليم وبطولة الممثلة السورية رغدة والممثلين المصريين أحمد سلامة ومفيد عاشور وأحمد عبد الوارث وشادي سرور وصبري عبد المنعم وزينب وهبي.

وكتب رياض الخولي الرئيس السابق للبيت الفني للمسرح منتج العرض "نأمل أن تكون (المسرحية) معاهدة منا لثورة 25 يناير بألا نستبدل شيئا بالعدل وأن نفتدي وطننا بأنفسنا.

مهرجان السينما الافريقية

كما تشارك مصر في الدورة الـ 14 لمهرجان السينما الافريقية الذي يقام بمدينة خريبكة المغربية في 16 تموز/ يوليو بعرض فيلمي "ميكروفون" لاحمد عبد الله و"678" لمحمد دياب.

وقال رئيس المركز القومي للسينما المصرية خالد عبد الجليل ان "مصر ستشارك ايضا بوفد مميز في فعاليات المهرجان التي تستغرق ثمانية ايام. وتحتفي هذه الدورة بالمرأة والشباب وكذلك بالربيع الثوري العربي من خلال تسليط الضوء على السينما المصرية".

وقد اختار المركز القومي للسينما المصرية فيلمين للمشاركة في المسابقة الرسمية، هما "ميكروفون" لاحمد عبد الله من بطولة خالد ابو النجا ويسرا اللوزي واحمد مجدي بالإضافة إلى اعضاء من فرق غنائية وموسيقية مستقلة من مدينة الاسكندرية شكلت اطارا متمردا على الثقافة الرسمية. أما الفيلم الثاني فهو "678" لمحمد دياب من بطولة باسم ابو سمرا وماجد الكدواني وبشرا. وهو يدور حول التحرش الجنسي الذي كان قد تحول إلى ظاهرة قبيل انطلاق ثورة 25 يناير واصبح من ابرز الموضوعات المؤثرة في الشارع المصري في السنوات الاخيرة.

ويمثل مصر في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية في هذه الدورة، المنتجة والمخرجة ماريان خوري. ويرأس اللجنة الناقد المغربي مصطفى المسناوي كما يشارك في عضويتها السنغالي منصور ويد والفرنسي ديدييه بوجار ومن الكونغو بالوفي باكوبا كاننيندا ومن المغرب كل من نجاة الوافي ومحمد مفتكر.

ويتنافس على جوائز المسابقة الرسمية ايضا افلام "انتظار التصويت" لميسا بيبي و"ثقل القسم" لكمولو دي سانو و"غزوة سامانيانا" لسيدي دياباتي و"الرجل المثالي" لاويل براون و"الطيران الاخير للبجع" لريبيرو جوواو و"خطوة الى الأمام: خبايا الفساد" لسيلفيستر اماسو و"النخيل المجروح" لعبد اللطيف بن عمار و"سفر الى الجزائر" لعبد الكريم بهلول و"لكل حياته" لعلي غانم" و"ماجد" لنسيم عباسي و"الوتر الخامس" لسلمى بركاش.

وعلى هامش المهرجان تقام ندوتين هما "المرأة والابداع على المستوى الافريقي" و"مائة في المائة شباب"، الى جانب أخرى عن السينما الافريقية. وسيتم ايضا الاعلان خلال هذه الدورة عن انشاء المركز الافريقي للسينما وللفنون السمعية البصرية في دكار.

إلى ذلك ينظم المهرجان ثلاث ورش عمل حول المونتاج والسيناريو والصورة، كما سيجري توقيع العديد من الاصدارات ذات الصلة بمجال الفن السابع، من بينها: "التجربة السينمائية للمخرج الجيلالي فرحاتي" الصادر عن جمعية النقاد السينمائيين المغاربة و"سينما المعنوني الانتساب للواقع والبعد الجمالي" عن جمعية القبس في الراشيدية و"التأسيس الثقافي للسينما الوطنية بالمغرب" عن نادي ايموزار للسينما و"رؤى في السينما المغربية" لعز الدين الوافي و"الانسان الايقوني" لمحمد شويكة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 27/تموز/2011 - 25/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م