تفجيرات أوسلو... الجحيم على الأرض الأوربية

اليمين المتطرف... تنظيم قاعدة مسيحي!

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: قوضت تفجيرات أوسلو الأخيرة والى الأبد ما كان يعرف بعصر البراءة في تلك الدولة الأوربية التي كانت تنعم حتى ساعات خلت باستقرار أمني واجتماعي منقطع النظير منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

فيما يدفع بعض المحللين الأسباب الكامنة وراء تلك المجزرة الى تنامي نفوذ جماعات اليمين المتطرف، وجهوده الرامية الى إشاعة مشاعر التفرقة العنصرية بين مواطني تلك الدولة، على غرار ما يحدث في بعض الدول الأوروبية بشكل عام والدول الاسكندينافية بشكل خاص.

واللافت ان فور إعلان الشرطة وقوف شخصية مسيحية متطرفة وراء الهجمات الإرهابية المنسقة، أبدت الجاليات العربية والإسلامية ارتياحا كبير نظرا لكونها كان محل شبه واتهام من قبل السكان الأصليين وبعض الأحزاب السياسية والتكتلات الدينية المتعصبة.

فيما أشار بعض المراقبين الى الخشية من ظهور تنظيمات يمينية تتبنى العنف منهجا في أوروبا، على غرار تنظيم القاعدة الإسلامي، مما يثير  هواجس القلق بصورة جدية.

تضميد الجراح

فقد قالت الشرطة النروجية انها تستجوب "اصوليا مسيحيا" على خلفية الهجومين اللذين اوديا بحياة 92 شخصا في اوسلو وجزيرة اوتوياه القريبة منها ما احال الجزيرة، حسب وصف رئيس الوزراء النروجي، الى "جحيم على الارض".

وبدأ شهود العيان يتحدثون عن مجزرة تعرض لها عشرات الشباب بينما تحاول النروج استيعاب ما جرى لبلد يعرف بأنه واحة سلام.

وصرح رئيس الوزراء ينس ستولتنبرغ للصحافيين بينما تبحث الشرطة عن مزيد من الجثث في الجزيرة المستهدفة بقوله "لم تتعرض بلدنا منذ الحرب العالمية الثانية لجريمة بها الحجم".

واضاف "الكثيرون من القتلى من الاصدقاء، اعرف اباءهم وامهاتهم وقد وقع الهجوم في مكان امضيت فيه وقتا طويلا كشاب.. لقد كانت (الجزيرة) جنة بالنسبة لي ابان شبابي وقد اصبحت الان جحيما".

وقد بلغت محصلة قتلى الهجوم على الجزيرة حتى الان 85 قتيلا بينما قتل سبعة اشخاص اخرين في انفجار سابق استهدف الابنية الحكومية بوسط اوسلو اكدت الشرطة السبت انه نجم عن سيارة مفخخة.

غير ان محصلة القتلى مرشحة للارتفاع اذ ما زالت الشرطة تبحث عن اربعة الى خمسة اشخاص لم يعثر عليهم في الجزيرة، وتمت الاستعانة بغواصة صغيرة لدعم عمليات البحث اضافة الى غواصين من الصليب الاحمر.

ورغم عدم صدور تأكيد رسمي لهوية المشتبه، الا ان وسائل الاعلام المحلية تناقلت اسما على نطاق واسع حيث قالت انه يدعى اندرس بيرينغ برييفيك. وصرح قائد الشرطة الوطنية سفاينونغ سبونهايم ان المحققين يعملون على التثبت مما اذا كان مهاجم ثان تواجد في الجزيرة حسبما تحدث بعض الشهود.

وكانت المتفجرات التي ضربت وسط اوسلو وضعت في سيارة، كما اوضح المفوض سفينانغ سبونهايم.

وبحسب معلومات وردت على فيسبوك، فان اندرس بيرينغ برييفيك اشقر الشعر وصف نفسه بانه "محافظ" و"مسيحي" وهو عازب ويهتم بالصيد وبالعاب الكترونية مثل "وورلد اوف واركرافت (عالم فنون الحروب)" و"مودرن وارفير 2 (الحرب الحديثة-2)".

المجتمع الدولي يدين هجومي النرويج

وعلى تويتر اكتفى المشتبه برسالة واحدة بتاريخ 17 تموز/يوليو كتبها بالانكليزية مقتبسا عن قول للفيلسوف البريطاني جون ستيوارت ميل قال فيه: "شخص واحد متسلح بقناعة يعادل مئة الف ممن ليس لديهم سوى المصالح".

وقال المتحدث بلسان الشرطة روجر اندرسن ان المشتبه به نروجي الجنسية و"الاصل" ووصفه بانه "مسيحي اصولي" وبان اراءه السياسية "تميل الى اليمين".

من جانبه اكد الحزب التقدمي اليميني ان بيرينغ برييفيك كان عضوا بالحزب في الفترة من 1999 و2006 قبل ان يشطب من سجلاته، وانه كان بين قيادات الحركة الشعبية للحزب لعدة سنوات.

وقالت رئيسة الحزب سيف ينسن في بيان على موقع الحزب على الانترنت "يحزنني اكثر معرفتي ان هذا الشخص كان بين صفوفنا". واضاف البيان ان "الذين كانوا يعرفونه عندما كان عضوا في الحزب يقولون انه بدا خجولا ونادرا ما كان يشارك في المناقشات السياسية".

كما اضاف مراقبون للحركات الفاشية ان بيرينغ برييفيك كان عضوا ايضا في منتدى سويدي للنازيين الجدد على الانترنت يحمل اسم "نوردسك" تدور فيه مناقشات يتراوح مداها بين الموسيقى وقوة العنصر الابيض، واستراتيجيات سياسية لسحق الديموقراطية.

ويعتبر الهجومان الاخيران الاكثر دموية في اوروبا منذ اعتداءات 11 اذار/مارس 2004 في مدريد التي اسفرت عن سقوط 191 قتيلا ونحو الفي جريح وتبنتها خلية اسلامية متطرفة باسم تنظيم القاعدة.

والمجزرة بدات عصر الجمعة بانفجار سيارة مفخخة في وسط حي الوزارات في اوسلو ما ادى الى مقتل سبعة اشخاص واصابة تسعة اخرين بجروح خطرة.

وبعيد ذلك، فتح المهاجم النار على مشاركين في مخيم صيفي للشبيبة تابع للحزب العمالي (الحاكم) في جزيرة اوتوياه على بعد حوالى اربعين كلم من العاصمة. وقد دخل المهاجم الى المخيم مدعيا انه يريد الاطمئان الى سلامة المشاركين بعد انفجار اوسلو واطلق النار عليهم. وكان يرتدي بلوزة صوفية عليها شارة الشرطة عندما تم توقيفه بعد اطلاقه النار من سلاح آلي لنحو ساعة ونصف الساعة.

ووصف شهود العيان مشاهد الرعب بين اكثر من 500 من الشباب ممن حضروا المخيم، اذ حاول البعض السباحة هربا من وابل الرصاص بينما اطلق المهاجم النار عليهم في الماء. وقالت خمشاجيني غوناراتنام، وهي شابة في الثالثة والعشرين تمكنت من السباحة الى البر، انهم ظنوا في البداية ان ما يجري دعابة قبل ان تدرك واصدقاءها الخطر المحدق بهم.

وقالت "ظللنا نركض ونركض وكان اسوأ شيء عندما وجدنا ان المهاجم يرتدي زي الشرطة! بمن نثق؟".

وتمكنت وصديقها ماتي من السباحة حتى البر بينما اطلق المسلح النار في الماء، وبعد فترة انتشلهما قارب من الماء حيث نقلا الى مكان آمن.

واضافت في مدونتها "لسنا سوى اناس عاديين. لدينا اهتمامات سياسية، ونريد ان نرى العالم افضل".

وقالت ستيني هيهايم احدى نواب البرلمان عن حزب العمال والتي كانت في الجزيرة ان المهاجم نفذ عمليات القتل بشكل منهجي.

وقالت "لقد كان هادئا جدا، ولم يكن يركض، بل يتحرك ببطء مطلقا النار على اي شخص تقع عليه عيناه".

وتحدث رئيس الوزراء ينس ستولتنبرغ اثناء تفقده للناجين عن حزنه البالغ ازاء المجزرة التي شهدتها الجزيرة والتي دأب على زيارتها. وكان من المقرر ان يلقي كلمة السبت في المخيم الذي ينظمه حزب العمال الذي ينتمي اليه.

كما اعربت الشرطة النروجية عن مخاوفها من احتمال وجود متفجرات في الجزيرة اذ يعتقد ان المشتبه به اشترى ستة اطنان من الاسمدة الكيميائية في ايار/مايو، والتي يمكن استخدامها لصنع متفجرات.

وقد تعالت الاصوات الدولية المنددة بالهجوم حيث قال الرئيس الاميركي باراك اوباما ان الهجمات "تذكر بضرورة تعاون المجتمع الدولي باسره للحيلولة دون وقوع هذا النوع من الارهاب".

يذكر ان العاصمة النروجية تعد رمزا لجهود السلام والوساطة الدولية كما تستضيف مراسم تسليم جوائز نوبل للسلام.

علامات استفهام

الى ذلك يضع تقرير أفاد بان تفجيرا واطلاق رصاص في النرويج ربما نفذهما يميني متطرف القارة الاوروبية في مواجهة احتمال نشوء خطر أمني جديد بعد عقد من الهجمات التي شنها تنظيم القاعدة في 11 سبتمبر ايلول.

ووصف محلل الهجومين بانهما ربما يكونان النظير الاوروبي لحادثة "اوكلاهوما سيتي" في اشارة لتفجير الامريكي اليميني المتطرف تيموثي مكفاي شاحنة ملغومة عند مبنى اتحادي في اوكلاهوما سيتي في عام 1995 مما أسفر عن مقتل 168 شخصا.

ويقلق الشرطة في الكثير من دول اوروبا الغربية تنامي المشاعر اليمينية المتطرفة ويؤججها خليط قاتل من معاداة الاسلام والهجرة الى جانب تصاعد المشاكل الاقتصادية. ولكن أعمال العنف - الفتاكة في بعض الاحيان - نادرا ما تجاوزت العنف الجماعي واستخدام السكاكين.

وقالت محطة (تي في 2) التلفزيونية النرويجية المستقلة ان رجلا نرويجيا اعتقل عقب الهجومين له صلة بجماعات يمينية متطرفة. وأضافت المحطة أن الشرطة تقوم بتفتيش شقة اقام بها الرجل في اوسلو.

وقال هاجاي سيجال الخبير الامني بجامعة نيويورك في لندن "اذا صح ذلك فانه امر بالغ الاهمية .. مثل هذا الهجوم اليميني المتطرف في اوروبا وبصفة خاصة في الدول الاسكندنافية سيكون غير مسبوق." وتابع "سيكون النظير الاوروبي/الاسكندنافي لاوكلاهوما سيتي -هجوم يشنه فرد (يؤمن بافكار متطرفة مناهضة للحكومة له صلة بجماعات معينة) يستهدف الحكومة بمهاجمة مبانيها ومؤسساتها." وأضاف "السؤال المهم التالي هل عمل بشكل منفرد أو انه ينتمي لجماعة."

وجاء في تقرير للشرطة الاوروبية (يوروبول) عن الامن في عام 2010 انه لا يوجد ارهاب يميني في القارة في تلك الفترة. ولكنه اضاف ان اليمين المتطرف اضحى اكثر حرفية في انتاج دعاية ذات طبيعة معادية للسامية والاجانب على الانترنت واكثر نشاطا على شبكات التواصل الاجتماعي.

وذكر التقرير "رغم انه يبدو ان التهديد الاجمالي من التطرف اليميني يضعف وعدد الجرائم المتطرفة منخفض نسبيا فان حرفية دعايته والتنظيم يبين ان الجماعات اليمينية المتطرفة لديها الرغبة في التوسع ونشر ايديولوجيتها وما زالت تمثل تهديدا للدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي."

وجاء في التقرير انه اذا كانت الاضطرابات في العالم العربي وبصفة خاصة في شمال افريقيا ستقود لتدفق عدد كبير من المهاجرين لاوروبا "فربما يكسب التطرف اليميني والارهاب متنفسا جديدا من خلال توضيح نظرته الاوسع انتشارا عن الهجرة من الدول الاسلامية لاوروبا." بحسب رويترز.

وفي كثير من الاحيان يمكن ان يستفز التعبير العلني عن التطرف اليميني انشطة معادية من جانب جماعات يسارية متطرفة وتقود هذه المواجهات بكل تأكيد لعنف جسدي.

وفي تقرير عن الامن القومي لعام 2011 نشره جهاز الشرطة النرويجية في فبراير شباط من العام الجاري ذكر الجهاز انه يرى ان الصورة تتسم "بعدم وضوح متنام". وتابع ان ذلك يرجع جزئيا لما يطلق عليه تصعيد غير متوقع لمستوى نشاط يمينيين متطرفين في عام 2011.

وقال "اليمينيون المتطرفون في النرويج علي اتصال بيمينيين متطرفين في السويد ويمينيين متطرفين في دول اوروبية اخرى. كما ان ثمة اتصالا بين نرويجيين ويمينيين متطرفين في روسيا.

وتابع "قد يقود تنامي مستوى النشاط بين جماعات معادية للاسلام لزيادة الاستقطاب وعدم الارتياح بصفة خاصة اثناء احتفالات ومظاهرات او تتصل بهما."

وقال الخبير الامني سيجال عن حادثتي التفجير واطلاق الرصاص "يثير اسلوب ودقة الهجومين قدرا كبيرا من الدهشة اذ كان منفذهما ناشط يميني من سكان البلد.. محاولة قتل رئيس وزراء النرويج شيء لا يدعو للاستغراب من جانب اي عناصر متطرفة ولكن قتل مواطنين عاديين بهذا الاسلوب غير عادي الى حد بعيد بالنسبة ليمينيين متطرفين يؤمنون بتفوق الجنس الابيض وبصفة خاصة في اوروبا."

مقر الحكومة

فيما هز انفجار قنبلة مباني حكومية وإعلامية في العاصمة النرويجية اوسلو، ما تسبب في وقوع «قتلى وجرحى» وإحداث اضرار جسيمة في المباني. وذكرت الشرطة ان الانفجار ناجم عن قنبلة، وذكرت وسائل الإعلام النرويجية أن شخصين على الأقل قتلا في التفجير. وأكدت الشرطة في بيان أن «انفجاراً قوياً وقع في الحي الحكومي». وأضاف البيان «نؤكد وقوع قتلى وجرحى في اعقاب الانفجار في المنطقة التي تضم مباني حكومية».

وعرض التلفزيون النرويجي صوراً لمكتب رئيس الوزارء ينس ستولتنبرغ وغيره من المباني، وقد أصيبت بأضرار، فيما غطى الزجاج المكسور الارصفة وارتفعت اعمدة الدخان من المنطقة. وذكرت تقارير الاعلام ان ستولتنبرغ لم يكن في مكتبه وقت الانفجار. وأغلقت الشرطة المنطقة التي تضم مكاتب رئيس الوزراء ووزارة المالية ومبنى صحيفة «فردينز غانغ» (في جي) اكبر صحيفة شعبية في البلاد.

وقال صحافي يعمل مع اذاعة «إن ار كي» العامة في موقع الانفجار «أرى ان بعض نوافذ مبنى صحيفة (في جي) والمقر الحكومي قد تحطمت. بعض الناس ملطخون بالدماء ومستلقون على الشارع». وأضاف أن «شظايا الزجاج تنتشر في كل مكان، والفوضى تعم المشهد. انفجرت نوافذ الابنية كافة في محيط الانفجار»، وقال انه ظن في بادئ الأمر ان ما وقع كان «زلزالاً».

وقالت الشرطة إن رئيس الوزراء كان من المقرر ان ينضم الى الاجتماع. وقال رئيس الوزراء في مقابلة هاتفية إنه لم يصب بأذى في الانفجار الذي وصفه بأنه «خطير». وقال في مقابلة مع محطة تلفزيونية نرويجية «حتى لو كانت الاستعدادات جيدة، فإن وقوع امر مثل هذا دائماً ما يترك اثراً خطيراً».

ودانت الولايات المتحدة على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية هايدي برونك فولتون الانفجار، ووصفته بأنه «مقيت»، معربة عن استعداد واشنطن لتقديم المساعدة اذا طلب منها ذلك.

عصر البراءة

من جهة أخرى لو ثبت أن تفجير القنبلة في أوسلو كان "عملا إرهابيا" فسيسجل لحظة الحادي عشر من سبتمبر بالنسبة للنرويج، إذ لم تتعرض البلاد من قبل لأي "عمل إرهابي كبير". وهذا ليس لأن النرويج كانت ماهرة بشكل خاص في حماية نفسها، وإنما لأنها ظلت بعيدة عن النزاعات وبالتالي فإن سياستها الخارجية لم تخلق لها أعداء كثيرين، حيث كثيرا ما يقول دبلوماسيوها إن صناعة صيد الحيتان لأغراض تجارية هي أشد القضايا المثيرة للجدل التي يتوجب عليهم التعامل معها.

والنرويج مجتمع مفتوح بشكل يصعب على التصديق. فالعائلة المالكة حرة في التنقل بإجراءات أمن محدودة، في المدن الهادئة الصغيرة نسبيا، وعلى الجبال وعلى الشواطئ حيث يقضي أفرادها إجازاتهم.

وقياديو البلاد من السياسيين ورجال الأعمال يتحركون بحرية وسط الناس العاديين بطريقة نادرا ما يمكن مشاهدتها في أي مكان آخر في العالم. بحسب البي بي سي.

قليلون من النرويجيين من يبقون على عناوينهم وأرقام هواتفهم سرية، افتح دليل الهاتف الإلكتروني وستجد روابط، لا لمشاهد جوية لمنازل المواطنين وأماكن إقامتهم فحسب، ولكن تفاصيل أيضا عن عناوينهم الالكترونية وأماكن عملهم.

هذا مجتمع يضع السياسيون والمديرون التنفيذيون وغيرهم من المشاهير أرقام هواتفهم وعناوين سكنهم على بطاقات العمل الخاصة بهم. حتى مرتباتهم وحجم ثروتهم تعلنها مصلحة الضرائب كل عام، لتجدها مشرعة على صفحات الجرائد. كما تقوم الصحف المحلية بذلك مع السياسيين المحليين وأصحاب المحلات والرياضيين الهواة.

وللجمهور مطلق الحرية في البحث إلكترونيا في بيانات الضرائب للتلصص على الشؤون المالية لأصدقائهم وجيرانهم. ثم إن البريد الذي عادة ما يدفع به في دول عديدة عبر فتحة في الباب يوضع في النرويج في صناديق غير مغلقة خارج المنازل، مما يجعل من السهل على أي شخص بنية إجرامية اعتراض بيانات أي شخص من حسابه في البنك إلى سجله الطبي.

وبالنسبة للعالم الخارجي فإن نمط حياة النرويجيين من النخبة أو الناس العاديين قد يكون ساذجا، رغم أنهم لم يجدوا حتى الآن أي سبب يدعوهم إلى حماية أنفسهم.

وكالسويديين قبل مقتل ريس وزرائهم أولف بالم عام 1986، فإن الشعب النرويجي بمجموعه قد قاوم أي دعوة لتعزيز الإجراءات الأمنية في الداخل. فالحياة في مجتمع مفتوح لم تكن بالنسبة له امتيازا، وإنما تدليل لبقية العام على أنه يمكن المعيشة معا بسلام.

وقد تم التعبير عن هذه المشاعر بعد إصابة ويليام بيغارد ناشر ـ كتاب آيات شيطانية لسلمان رشدي ـ بإطلاق النار عليه خارج منزله بأوسلو عام 1993، في أعقاب إصدار آية الله الخميني فتوى ضده.

حينها أكدت النخبة السياسية والثقافية أهمية مقاومة الميل للاستجابة للخوف الذي انتشر بشدة في أوساط الناس وتمثل بإقامة الحواجز وقبول الآخر إزاء القادمين من خارج البلاد. وقد تفعل ذلك ثانية هذه المرة، وإن كانت هذه المرة مختلفة.

فمواقف النرويج إزاء الأخطار قد تتغير الآن بسرعة وحدّة، بتحفظ الأفراد وتشديد السلطات المركزية للإجراءات الأمنية. وإذا ما تم ذلك فقد يكون أحد أهداف المهاجمين قد تحقق، إذا يكون حينها قد سلب النرويج براءتها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/تموز/2011 - 22/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م