عالمنا والحاجة للعمل الإنساني المبدئي الفعال

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: المخاطر التي ينطوي عليها كوكبنا كثيرة ومتزايدة، وتكاد قدرات الانسان أن تكون محدودة ازاء تلك المخاطر، لكن هذا لا يعني أن يبقى سكان الارض، يتفرجون على الكوارث الطبيعية او البشرية، من دون ان يحركوا ساكنا للتعامل مع الازمات والمخاطر، التي تجتاح الارض من أدناها الى أقصاها وبالعكس.

واذا كانت الطبيعة تنحو نحو الهدوء، والتوقف احيانا عن القذف بمخاطرها على سكان الارض، كما حدث مع تسونامي اندنوسيا، أو اليابان مؤخرا، فإن الانسان نفسه يشعل الكوارث والحروب بمختلف انواعها هنا وهناك، وكل هذه المخاطر غالبا ما يكون ضحيتها الفقراء والضعفاء، او الشريحة الاوسع بين المجتمعات، خاصة الكوارث البشرية، كالحروب التي تكون ضحاياها في الغالب من النساء والاطفال والشيوخ والمرضى، لهذا تكون الحاجة ضرورية، بل وحتمية لتفعيل العمل الانساني المبدئي والفعال، وذلك بغية مساعدة الضعفاء على تجاوز مضاعفات واضرار الكوارث بشقيها الطبيعي والبشري.

ومن اجل تشجيع هذا النوع من اعمال المساعدة، للمناطق والشعوب التي تُصاب بكوارث او حروب أهلية أو غيرها، قامت الامم المتحدة بتخصيص يوم 19 شهر تموز/ يوليو، من كل عام، للاحتفال بالعمل الانساني، واستذكار الابطال الذين سقطوا في هذا المضمار، من اجل أن يتشجع الآخرون لابداء المساعدة للمنكوبين، بغض النظر عن انتماءاتهم القومية او الدينية او اللون وما شابه، فالكل يستحق المساعدة بسبب إنتمائه الانساني الاوسع، وكما تقول الامم المتحدة بشأن الذين تطوعوا لتقديم العمل الانساني الأمثل، فإن الفضل في ذلك (يرجع بشكل كبير، إلى تفاني الآلاف العديدة من العاملين في مجال تقديم المعونة الإنسانية الذين كرسوا حياتهم للعمل الإنساني، مطابقين بذلك بين المثالية والعمل وبين المبادئ والممارسة. ومساعيهم، غير الإنانية وغير السياسية، حيوية في تقبل جميع الأطراف المهتمة بتقديم المعونة للمحتاجين بحياد تام وبدون النظر في اعتبارات الدين أو الجنس أو العرق).

ومع مرور الوقت تزداد الكواث على كوكبنا، ومع زيادة نسبة السكان على نحو متسارع، فإن العمل الانساني لابد أن يواكب هذا التزايد البشري، بالاضافة الى ان مخاطر اليوم، اصبحت اشد عنفا من مخاطر الامس، وما يتمخض عنها من ضحايا بشرية وخسائر مادية، غالبا ما تكون كبيرة، لهذا لابد من ان تتضافر جهود المجتمع الدولي في هذا المضمار، إذ تقول الامم المتحدة أيضا: )تتزايد الاحتياجات الإنسانية بمعدل أسرع من قدرتنا على التعامل معها. فالصراعات المستعصية التي طال أمدها لا تزال تفرض أعباء على المدنيين بصورة لا يقبلها ضمير حي. وتواجه الجهات الدولية العاملة في تقديم المعونة الإنسانية تهديدات جديدة تولدها الآثار المجتمعة للاتجاهات العالمية الكبرى: تغير المناخ والفقر المزمن والأزمات المالية والغذائية وندرة المياه والطاقة والهجرة والنمو السكاني والحضرنة والأوبئة).

ونتيجة للحث المتواصل على ابداء التعاون الجماعي، بصدد مكافحة اضرار الكوارث، فإن الانسان يتقدم في هذا المضمار، بعد أن اصبح اكثر وعيا بأهمية التكافل، والتعاون وابداء العمل الانساني الطوعي، لمن يُصاب من الشعوب بكارثة حرب طاحنة، او كارثة طبيعية، لهذا تم التأكيد وفقا لمصادر من الامم المتحدة، على تحسّن (قدرة الجهات المقدمة للمعونة الإنسانية على الاستجابة للأزمات، سواء كانت طبيعية أو من صنع الإنسان، استجابة سريعة وفعالة كما يتوقع منها وفوق كل تقدير في خلال السنوات العشرين الماضية).

وهو امر يدعو للاعجاب حقا، لكن المطلوب أن تتضاعف أعمال المساعدة الانسانية، خاصة وان المجاعات والحروب والكوارث، لاتزال تشكل خطرا فادحا على سكان الارض، فثمة ملايين يهددهم الجوع في القرن الافريقي، كما أكدت ذلك منظمة العمل ضد الجوع غير الحكومية الفرنسية، حيث أشارت مؤخرا الى (أن المجاعة تهدد حوالى 10 ملايين شخص في القرن الأفريقي، وطالبت باتخاذ إجراءات عاجلة. وأكدت المنظمة في بيانها على أن هذه الأزمة الغذائية هي الأخطر في العالم، وأنها نتجت من الجفاف السائد في المنطقة منذ سنوات. وسبق أن أطلقت منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة –الفاو- في الأسبوع الفائت صرخة إنذار حيال الأزمة التي تتفاقم وتهدد مجمل دول القرن الأفريقي، جيبوتي، أثيوبيا، كينيا والصومال).

لذا فإن الاخطار التي تتهدد سكان الارض كثيرة، وربما تكون اكثر شدة وأكثر ضررا مع مرور الزمن، الامر الذي يتطلب تصاعدا للعمل الانساني، وتصاعدا في القدرات البشرية في هذا المضمار، وهذا يعني أن كل ما تحقق في مجال المساعدة وتقديم العمل الانساني، لايزال بحاجة الى المضاعفة والتطوير، كما تؤكد ذلك المصادر المعنية في الامم المتحدة إذ تقول: (على الرغم من تحقق الكثير من الإنجازات في مجال تقديم وتفعيل العمل الانساني، إلا أن التحديات التي يواجهها الملايين من البشر في جميع أنحاء العالم لا تزال هائلة، وأصبحت هناك حاجة إلى العمل الإنساني المبدئي والفعال أكثر من أي وقت مضى).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/تموز/2011 - 18/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م