تفجيرات كربلاء الأخيرة... رسائل سياسية بلغة إرهابية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: شهدت مدينة كربلاء المقدسة لدى المسلمين الشيعة هجمات منسقة خلال احتفالات النصف من شعبان قبل يومين، أسفرت عن سقوط العديد بين قتيل وجريح، ولم تتبنى أي جهة الى الآن مسؤوليتها عن تلك الهجمات.

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت عن استنفار قواتها الأمنية لحماية حشود الزائرين، معلنة عن إحباطها لعدد من الهجمات خلال عمليات استباقية جرت قبل أيام، فيما ألقى العديد من المواطنين باللوم على الأجهزة الأمنية لعجزها عن إجهاض الهجمات الإرهابية التي تستهدف المدنيين بشكل مستمر، على الرغم من التحسن الأمني المشهود.

إلا أن بعض المراقبين شكك بطبيعة الخروقات الأمنية الأخيرة التي جرت في تلك المدينة ذات الأهمية الخاصة، سيما أن التفجيرات وقعت بالتزامن مع الجدل القائم حول تجديد الاتفاقية الأمنية مع القوات الأمريكية المقرر انسحابها نهاية العام الجاري، مما يطرح بعض التساؤلات حول طبيعة الجهات التي تقف وراء ما حدث.

وتضغط الولايات المتحدة الأمريكية على الحكومة العراقية لتجديد الاتفاقية أو إيجاد بديل يمكن لقواتها الاستمرار بالتواجد على الأراضي العراقية، وهو أمر يلقى معارضة شديدة من بعض الكتل السياسية الشيعية المناوئة لواشنطن داخل البرلمان العراقي.

وتعتبر مدينة كربلاء المقدسة رمزا دينيا للشيعة في العالم والعراق على حد سواء، كونها تحتضن مرقد سبط الرسول الاعظم (ص)، الذي استشهد ورفاقه في المعركة التي حملت ذات اسم المدينة، وتحظى بمكانة دينية رفيعة المستوى، فيما يعد استهدافها بهذا الشكل كالضربات في الصميم الشيعي محليا ودوليا.

10 قتلى واكثر من 90 جريحا

فقد قتل شخص وجرح 27 اخرون في تفجير جديد استهدف زوارا شيعة متوجهين الى كربلاء غداة مقتل تسعة وجرح 64 في تفجير سيارات مفخخة قرب المدينة التي يتوجه اليها الالاف لاحياء ذكرى ولادة الامام المهدي والتي تبلغ ذروتها ليل السبت الاحد.

وقال الناطق العسكري باسم عمليات الفرات الاوسط المقدم عدنان عبد الكاظم ان "شخصا واحدا على الاقل قتل واصيب 27 اخرون بجروح اثر انفجار دراجة نارية في حي الملحق (ثلاثة كلم جنوب المدينة)".

واكد ان التفجير وقع عند الساعة 5,30 (2,30 تغ) وجميع الضحايا من الزوار القادمين مشيا على الاقدام. واوضح الضابط العراقي ان "العمليات طبيعية لان هناك تهديدات ارهابية والعدو يحاول ان يحدث خرقا حول محاور مدينة كربلاء مستهدفا الزائرين".

واضاف "نتعامل مع الاعتداءات كما تعاملنا معها في الزيارات السابقة" مؤكدا ان "الذي حصل لا يعد خرقا امنيا لانه خارج القطاع لامني". ومنعت القوات الامنية دخول السيارات منذ ايام واقامت ثلاثة اطواق امنية لمنع التسلل. بحسب فرانس برس.

الى ذلك، ارتفعت حصيلة ضحايا تفجير ثلاثة سيارات مفخخة قرب مدينة كربلاء الجمعة الى تسعة قتلى و64 جريحا. وكانت المصادر الامنية اعلنت مقتل ستة اشخاص في هذا التفجير. واكد مصدر امني ان "الانفجار وقع حوالى الساعة الرابعة من بعد الظهر (13,00 ت غ) عند مرقد الامام عون (حوالى عشرة كلم شمال كربلاء) في داخل مرآب للسيارات التي تقل الزوار القادمين الى كربلاء".

وتوجه الملايين هذه الايام الى كربلاء لاحياء ذكرى مولد الامام المهدي (عليه السلام)، الإمام الثاني عشر لدى الشيعة الاثني عشرية الذين ينتظرون عودته لإقامة العدل والمساواة على الارض.

أحد التفجيرات نفذته امرأة

الى ذلك قال مصدر في قيادة عمليات كربلاء إن التفجير الذي شهدته مدينة كربلاء، وتسبب بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 23 آخرين، نفذته امرأة، مشيرا إلى أن قيادة العمليات قررت نشر عدد من الشرطيات لإخضاع النساء إلى التفتيش في جميع ساحات وقوف السيارات في المدينة.

وأضح المصدر إن التفجير الذي وقع في داخل موقف للسيارات عند مدخل مدينة كربلاء الشمالي "نجم عن انفجار عبوة ناسفة وضعتها امرأة يشتبه بتورطها مع المجاميع المسلحة"، لافتا إلى أن " أبواب هذه الساحات مفتوحة وفيها عمليات تفتيش للرجال، وبسبب سعة مساحة الساحة، تمكنت المرأة من الدخول من احد الاسيجة البعيدة ووضع العبوة تحت إحدى العجلات، قبل أن تفجرها عن بعد. بحسب أصوات العراق.

وبحسب المصدر في قيادة عمليات كربلاء فقد تقرر "نشر عدد من الشرطيات في جميع الساحات الموجودة في محاور المدينة بهدف تفتيش النساء الداخلات إلى هذه الساحات أو التجمعات الأخرى"، مبينا أن  "حجم التجمعات كبير جدا فضلا عن تزايد أعداد الزوار، ما يزيد الحاجة إلى تعاون المواطنين في المراقبة والرصد والأخبار".

من جانب آخر قال عضو مجلس محافظة كربلاء، إن عدد الزوار العرب والأجانب الذين وفدوا إلى كربلاء لأداء زيارة النصف من شعبان بلغ أكثر من 15 ألف زائر من 20 جنسية.

وقال جاسم الفتلاوي إن "الزوار العرب والأجانب الذين وفدوا إلى المدينة وصل عددهم إلى نحو 15 ألف زائر من 20 جنسية بينهم من دول الخليج ومصر ولبنان والباكستان وألمانيا وفرنسا وأمريكا وإيران والهند وماليزيا وتنزانيا".

عمليات غامضة

ولم يكن استهداف الزائرين الحدث الوحيد خلال زيارة النصف من شعبان لهذا العام حيث شهدت كربلاء اعتداءات على ثلاث محطات لتعبئة الوقود أدت إلى اندلاع النيران فيها وسقوط عدد من القتلى والجرحى. فيما حمّلت قيادة العمليات أصحاب هذه المحطات المسؤولية لعدم مراعاتهم شروط السلامة والأمان بحسب قائد عمليات الفرات الأوسط الفريق الركن عثمان الغانمي، والذي تحدث لعدد من وسائل الإعلام.

من جهتها، قالت دائرة المشتقات النفطية بكربلاء إن استهداف محطات الوقود كان يهدف إلى إحداث أزمة وقود في المدينة. لكن مدير الدائرة حسين الخرسان أكد وجود "خزين كاف من المشتقات النفطية مكّن المحافظة من تجاوز آثار استهداف محطات الوقود."

في حين شهدت محطات الوقود في كربلاء، ازدحاما كبيرا للمركبات حيث وقفت السيارات لمسافات طويلة بسبب التفجيرات التي طالت عددا من محطات الوقود.

ويقول عزيز حمزة، وهو احد مسؤولي محطة الحج البري ان "الازدحام شديد وطابور المركبات يمتد لمسافات طويلة، لأن محطتين من المحطات الأربعة الأهلية، طالتها الانفجارات بعبوتين ناسفتين ما أدى الى تدميرهما بشكل كامل".

ويضيف ان "محطتنا طالها انفجار بعبوة ناسفة، إلا إن الانفجار لم يسفر عن شيء لأن الشظايا لم تصل إلى خزانات الوقود"، مشيرا الى ان "في كربلاء أربعة محطات أهلية وواحدة تابعة للدولة وهي جميعا تقع ضمن منطقة القطع التي لا تصلها المركبات بسبب منع دخولها إلى وسط المدينة".

ويوضح حمزة أن "حصة المحطة كانت صهريجين يكفيان لنحو ثلاثة آلاف سيارة، أما الآن فان العمل مستمر ويتم تزويدنا بأكثر من ستة صهاريج لتكفي 12 ألف سيارة، وربما تصلنا صهاريج أكثر إذا ما استمر العمل لساعات اليوم الكاملة".

من جهته، شكا المواطن احمد سوادي، من الانتظار الطويل امام المحطة بعد التفجيرات التي حصلت، وقال: "منذ ساعتين وأنا أقف في الطابور للتزود بالوقود فلم يكن أحد يتوقع أن يحدث انفجار في محطات الوقود، ما نطلبه الآن هو السيطرة على عملية توزيع الوقود في المحطات حتى لا تكون هناك سوق سوداء، فهناك ضعاف النفوس يستغلون ما حصل لزيادة أرباحهم".

أما المواطن حسن ساجد، فتحدث عن بدء انتشار السوق السوداء لبيع الوقود، وقال: "انا انتظر منذ وقت طويل أمام باب محطة الوقود، وارى أن السوق السوداء قد بدأت بالعمل وهذا يؤثر علينا".

وأضاف: "ارتفع سعر اللتر الواحد في السوق السوداء إلى ثلاثة آلاف دينار بعد أن كان ألف دينار في الأيام الاعتيادية"، مبينا أن "الذين يبيعون البنزين لأصحاب المولدات المنزلية أصبحوا يبيعون البنزين على أصحاب السيارات".

وكانت كربلاء قد شهدت مساء أمس ثلاث انفجارات طالت ثلاث محطات للوقود في آن واحد، الأولى في حي النصر (5كم جنوب كربلاء)، والثانية محطة القادسية في ناحية الحر (4 كم غرب كربلاء)، والثالثة محطة الحج البري (كم جنوب غرب كربلاء)، ما أسفر عن سقوط قتيلين وجريحين واحتراق خمس صهاريج وعددا من السيارات المدنية.

نائب يحمل الأجهزة الأمنية

في السياق ذاته حمل عضو مجلس النواب عن التحالف الوطني علي كردي، مسؤولية الخروقات الأمنية الأخيرة في محافظة كربلاء. وقال كردي إن "ما حصل من تفجيرات في كربلاء ربما كان متوقعا لان الزمر الإرهابية تعمل على زعزعة الوضع والاستقرار الأمني وتسعى لبث الفرقة والتناحر"، وتابع "كان على الأجهزة الأمنية أن تكثف من إجراءاتها الاستخباراتية لتفوت الفرصة على الإرهابيين، وما  حصل من تفجيرات يعد خرقا امنيا وتتحمله الأجهزة الامنية". بحسب أصوات العراق.

وأوضح كردي أن الأجهزة الأمنية "كان عليها وضع خطة أخرى بالتوازي مع خططها داخل القطوعات لان الضحية هو واحد هو المواطن العراقي"، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات استباقية ومسح الأرض وخاصة القريبة من القطوعات لأنها تعد المدخل الأول للمدينة"، داعيا الأجهزة الأمنية "إلى اتخاذ المزيد من الحذر واليقظة لتفويت الفرصة أمام أعداء العراق الذين قد ينفذون أعمالا إرهابية مع زيادة توافد أعداد الزوار إلى المدينة".

31 الف عنصر امني

من جهته قال مدير عام شرطة كربلاء الاسبوع الماضي اثناء استعدادات للزيارة المليونية، إن نحو 30 ألف عنصر امني فضلا عن أكثر من 1800 امرأة  يشاركون في تطبيق الخطة الأمنية، مشيرا إلى وجود عمليات بحث وتفتيش واسعة النطاق تشمل جميع محاور المحافظة.

وأوضح اللواء احمد علي زويني أن "الخطة الأمنية الخاصة بزيارة النصف من شعبان تسير وفق ما هو مخطط لها فهناك نحو 30 ألف عنصر امني ينتشرون في جميع الأماكن التي يسلكها الزوار والمؤدية الى المدينة القديمة، كما تم  زج نحو 1820 امرأة بين شرطية ومتطوعة في نقاط التفتيش".

وأضاف ان "أعمال التفتيش والتقصي والمراقبة مستمرة من خلال الطائرات العراقية المزودة بأجهزة حرارية ومن خلال العناصر الأمنية العسكرية والمدنية والاستخبارتية"، مبينا أن "تعزيزات وزارتي الداخلية والجيش وصلت الى المدينة وتم توزيعها بين محاور كربلاء الأربعة وهي تقوم حاليا بعمليات تفتيش لكافة المركبات والمواطنين الوافدين الى المحافظة لأداء مراسم الزيارة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 18/تموز/2011 - 16/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م