مستقبل العلاقة بين التعليم الأهلي والتعليم الحكومي

تحقيق: علي العبودي

 

شبكة النبأ: بعد الانفتاح الذي شهده المشهد العراقي ولمختلف المجالات، أدت إلى انتشار الجامعات الأهلية بمختلف الاختصاصات وتوافد اغلب موظفي الدولة بغية الحصول على شهادة البكالوريوس لتعزيز مواقعهم الوظيفية وذوي المعدل المتدني في الإعدادية.

وقد شهد العراق بعد 2003 توسعا كبيرا في مجال التعليم الأهلي ولا سيما في محافظة النجف الاشرف والمعروف عنها كونها مركز ثقافي وعلمي وتاريخي ويتداول البعض من المهتمين بقطاع التعليم العالي في العراق أفكارا للتوسع وعده عنصر اغتناء في مجال التعليم. وهذا ما أكده الدكتور مشكور العوادي عميد كلية الشيخ الطوسي الجامعة قائلا " إن مساحة العلم مفتوحة بين كل جهات التعليم ولما كان العلم مشاعا وزكاته التعليم فالجامعات الحكومية او الأهلية مهمتها سامية وجليلة حين تأخذ على عاتقها رسم المستقبل المنشود. "

بينما يناقض القول الدكتور صلاح شمسه التدريسي في كلية الشيخ الطوسي بقوله " في الوقت الحاضر لا نستطيع القول ان هناك علاقة ايجابية بين التعليميين الحكومي والأهلي فكل في واد،نأمل ان تكون هناك لجان مشتركة حقيقية وليست شكلية بينهما من اجل الارتقاء بالتعليم العالي بصورة عامة والأهلي بصورة خاصة واذا كان هناك ثمة تعاون ارجو ان يكون من خلال فتح مؤسسات ومختبرات الجامعات الحكومية أمام اساتذة وطلبة التعليم العالي والمصلحة ستكون عامة."

مما يتيح لنا تصور على عدم وضوح الرؤيا للعلاقة بين الجامعات الاهلية والحكومية الا ان عميد الكلية الاسلامية الدكتور محمد عظم له رأي آخر: "هنالك تعاون وثيق بين الطرفين،في المجالات العلمية كافة على مستوى المؤتمرات العلمية او الانتفاع من اعضاء الهيئة التدريسية في جامعة الكوفة او على مستوى تبادل المطبوعات والنتاج العلمي."

وكذلك اكد الاستاذ سليم الجصاني التدريسي بكلية الدراسات الاهلية قائلا: " تهدف كلية الدراسات الانسانية الجامعة الى الاسهام في احداث تطور كمي ونوعي في الحركة العلمية والثقافية والتربوية والبحث العلمي في العراق الجديد عن طريق خلق كوادر علمية مستنيرة تتمازج لديها عناصر الحداثة والتراث وتؤسس لمبادئ وافكار ورؤى علمية عصرية بروحية اسلامية تتخذ من الإسلام بجميع مذاهبه منهجا، فضلا عن خلق جيل علمي يمتلك القدرة على التقريب ما بين العلوم الانسانية المعاصرة والشريعة الاسلامية الغراء بعلومها ومفاهيمها معا مما يحقق التلاحم ما بين الفكر العقائدي الديني والطرح العلمي النظري والتطبيقي وما يؤدي إليه من تطور ورفع المستوى العلمي في عراقنا الجديد.

واشار الدكتور عمار السلامي معاون عميد الكلية الاسلامية الى عمق العلاقة قائلا "واقع التعاون جيد والتعاون مشترك في عدة مجالات وكان من أبرزها عقد المؤتمر العلمي للشيخ الدكتور الوائلي بين الجامعة الإسلامية وجامعة الكوفة والذي تكلل بالنجاح وحضره العلماء والأساتذة الأفاضل من اغلب جامعات العراق وخارجه فضلا عن نشاطات مشتركة بين الجامعتين هذا من ناحية إما من ناحية أخرى فهناك تعاون مشترك رسمي بإشراف وزارة التعليم العالي في مسالة ترويج الترقيات العلمية والأساتذة الجامعة الإسلامية بالتعاون مع جامعة الكوفة " واضاف ايضا " إلا إننا نطمح لمزيد من التنسيق والعمل المشترك في مسالة استحداث الأقسام الجديدة الغير موجودة في إحدى الجامعتين بغية التكامل بما يخدم محافظة النجف الاشرف من تنوع الأقسام والكليات والتخصصات للنهوض بواقع العراق الجديد حيث لا حضنا في السنين الماضية واستحداث أقسام جديدة في جامعة الكوفة سبق للجامعة الإسلامية ان استحدثتها ولا سيما قسم العلوم السياسية وقسم الفكر الإسلامي والآن هناك جهود لجامعة الكوفة في استحداث قسم الصحافة وقسم هندسة تقنيات الحاسبات وكذلك بالنسبة لخطط القبول للدراستين الصباحية والمسائية.جامعتنا منفتحة على جميع الجامعات والمؤسسات العلمية من خلال التعاون المشترك وإعداد الكفاءات وخدمة المجتمع للنهوض بالواقع العلمي والثقافي والمعرفي في عراقنا الحبيب."

وأوضح عن مستقبل العلاقة وواقعها الدكتور حيدر نزار رئيس قسم العلوم السياسية الكلية الإسلامية "اعتقد ان العلاقة بين الجامعة الإسلامية وجامعة الكوفة هي علاقة تكامل وتعاون من الباب الاول وهناك تكامل في ترقية الطلبة معرفيا وإعداد جيل متعلم وكفاءات قادرة على العمل والإبداع وبالفعل فقد قدمت كليتنا وخلال عمرها القصير وبتخريج دورتين نخبة طيبة من الاكاديميين في الاختصاصات التي تدرس فيه،بل ان البعض من متفوقي جامعتنا حصلوا على مقاعد في الدراسات العليا في جامعة بغداد والنهرين والكوفة وبابل ومن الناحية التعاونية هناك تعاون على مستوى المؤتمرات والندوات وتبادل الخبرات."واضاف ايضا " ان الكليات مازالت في طور التكوين والتشكل وهي تعد رافدا مهما لاسناد التعليم الحكومي واعتقد انها في مسيرها لتحقيق طموحاتها ولا سيما اذا تم النظر اليها منقبل الحكومة ووزارة التعليم العالي باهتمام اكبر لتأخذ دورها الحضاري والعلمي".

في حين يطالب الدكتور جون العتابي رئيس قسم التبليغ الاسلامي في كلية الشيخ الطوسي الجامعة  "بما ان العلاقة الى الآن لم تحدد بصياغة رسمية في ظل غموض وتأخير بعض قوانين هذه العلاقة وعدم الوضوح شرعنتها من قبل وزارة التعليم العالي اقترح ان تكون علاقتنا وارتباط كليتنا بجامعة القادسية لقربها وعدم وجود كلية او جامعة أهلية أخرى مرتبط بها في الوقت الحاضر على عكس جامعة الكوفة اذ ترتبط فيها اكثر من جامعة او كلية."

ووجدنا تفائلا كبيرا لدى رئيس الجامعة الدكتور عبد الرزاق العيسى قائلا " تعتبر الجامعات الأهلية والكليات الأهلية الموجودة في محافظة النجف الاشرف ضمن مشروع جامعة الكوفة وهي كلها تصب في رافد واحد هي التنمية الاجتماعية والجامعة ترعى وتدعم مشروع الكليات الأهلية لذلك العلاقة حميمة وهناك برامج تقيمها الجامعة باتفاق ومشاركة الكليات الأهلية."

وقد سألناه عن عملية الإعارة فأجاب رئيس الجامعة الدكتور عبد الرزاق العيسى قائلا " هنالك عدم وضوح رؤى في عملية الإعارة للأساتذة من الجامعة الحكومية الى الجامعات الأهلية وإنما هي مؤشرات لبعض الشخصيات وليس حالة عامة وليس هي حالة ضمن الضوابط والقوانين نحن اعرنا وسهلنا عملية الإعارة وتسهيل تدريس أساتذة في الكليات الأهلية." ويوافقه بالرأي الدكتور مشكور العوادي قائلا " الإعارة مفتوحة ومقتصرة على العمداء فقط الآن لان الوزارة لا تريد ان تتدخل في إشكالات تتصل بالجانب القانوني والمالي لو فسحت المجال للتدريسيين تكون عندها اعتبارات غير علمية في ذلك النطاق" بينما لم نجد تفائلا من عميد الكلية الإسلامية اذ صرح قائلا "ان انسيابية عملية الإعارة فاعلة الى حد ما" وقد طالب الدكتور حيدر نزار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي "بإبداء المرونة من قبلها بالنسبة لعملية الإعارة على مستوى العميد ورئيس القسم لأنها من الصعوبات التي تواجها الكليات الأهلية "مضيفا:"ان الجامعات الأهلية ومنها جامعتنا الإسلامية خاضعة لمعايير الجودة والكفاءة والعلمية وقوانين وزارة التعليم العالي وما تخضع له الجامعات الحكومية تخضع له الأهلية ايضا ونحن في الجامعة الإسلامية لنا قسم خاص بالجودة وتطوير الجانب الأكاديمي العلمي والبحثي."

وأكد الدكتور مشكور العوادي الى ان: "كل الجامعات الحكومية والأهلية تسعى الى الارتقاء بالنوع والالتزام بالجودة للوصول الى الاعتماد الأكاديمي لانها تريد اثبات ذاتها في واقع يكاد يكون منظورا عليها اولا فحسب "وسألناه هل تم تشريع او إقرار قانون التعليم الأهلي المقترح من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي:" لم يتم بعد والقوافل العملية الأهلية سائرة بآليات ومنطلقة بأخلاقيات فطرية إنسانية على الحب والخير والتعلم " وعقب على ذلك الدكتور محمد العظم عن ذلك " لعدم وجود قانون يخدم الكليات الأهلية لم تحقق طموحها بشكل كامل لا سيما في فتح بعض الأقسام العلمية التي تهم المجتمع او استبدال قانون التعليم الأهلي لعام 1996 الذي يحد من توسع التعليم الأهلي في البلاد." إذن نجد ان الجامعات الأهلية تسير وفق سياقات تفرضها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وكونها الى حد ما تتقيد بقوانينها وهذا ما أكده الدكتور حيدر نزار " ان الجامعات الأهلية ومنها جامعتنا الإسلامية خاضعة لمعايير الجودة والكفاءة والعلمية وقوانين وزارة التعليم العالي وما تخضع له الجامعات الحكومية تخضع له الأهلية أيضا ونحن في الجامعة الإسلامية لنا قسم خاص بالجودة وتطوير الجانب الأكاديمي العلمي والبحثي." واضاف عميد الكلية الاسلامية الجامعة قائلا: "نعم وبكل تأكيد كون التعليم الاهلي تحت رقابة وزارة التعليم العالي وهذا ما يخص الكليات المعترف بها وفق الاصول القانونية".

ومن ناحية انفتاح الكليات الأهلية على المجتمع واستقطابها من تعذر عليه أكمال دراسته سألنا عميد كلية الشيخ الطوسي هل وجدت الكليات الأهلية تحجيم دورها التعليمي من قبل جامعة الكوفة بعد استقطاب أعداد هائلة من الطلبة؟" على العكس لأن التبادل ألمعلوماتي والخبرات التدريسية تدلل على توسعة مهام الجامعات الأهلية ونحن نعلم ان الجامعة الحكومية قد وضعت من الوزارة مشرفة و (مراقبة) للجامعة الأهلية فكيف ترضى لها أن تحجم أو تنحدر. واوضح كذلك لنا الدكتور محمد حسن الصراف تدريسي بكلية الدراسات الانسانية "وفقاً للقوانين والأنظمة والتعليمات لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي. وتحقيقاً للسياقات العلمية والقانونية التي يشترطها القانون للحصول على شهادة البكالوريوس في الشريعة، أو أصول الدين، أو القانون من جهة، ومن جهة أخرى يتيح تحقيق التراكم العلمي الإسلامي لخريجي أقسام الكلية "وأكد موضحا الدكتور احمد العلياوي التدريسي بكلية الآداب قائلا: "لقد منح التعليم الأهلي الباب واسعا أمام الطلبة الراغبين في الدراسة الجامعية ممن تتوفر لهم الفرصة في الجامعة الحكومية لأسباب مختلفة منها المعدل والموقع الجغرافي او غير ذلك واعتقد ان مستقبل العلاقة سيكون مجالا للتنافس بين الطرفين فالتعلم الأهلي يوفر أحيانا ما لا يوفره التعليم الحكومي وربما العكس أحيانا أخرى ويبقى المهم وهو ان الطالب الجامعي في التعليم الحكومي هو المقدم في قضايا التعيين والبعثات الدراسية مثلما هو المعمول به في الجامعات الأخرى فلا يصح تفضيل الخريج من التعليم الأهلي على الطالب الخريج من التعليم الحكومي."

ثم شاركنا الدكتور محمد الحربي الكلية الإسلامية، "ان واقع ومستقبل العلاقة يبشر بكل مستلزمات العملية التربوية والبحثية الناجحة، لان ليس بينهما من فرق،سوى ان التعليم الاهلي ينهض ماديا بتمويله الذاتي، والتعليم الحكومي بما يرصد له ولهذه الغاية حكومي، ذلك لان المناهج الدراسية اكثر جدية في التعليم الاهلي، ونظرا لاثبات أهليته يلح في الضبط الدقيق تعليما وبحثا."

ومن هنا نجد ان العملية التربوية والتقويمية تسير وفق منهجية عالية المستوى مادام هناك مراقبة مباشرة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبإشراف جامعة الكوفة نوعا م، فان المستقبل يرسم بحروف من ذهب ومادامت النجف تستعد لتتويجها عاصمة للثقافة الإسلامية سألنا الدكتور حيدر نزار السيد سلمان حول ذلك فقال: " الجامعة الإسلامية كانت رائدة في مجال الإعداد والتحضير لاحتفالات النجف واختيارها كعاصمة للثقافة الإسلامية عام 2012 ومن ذلك ان المؤتمر السنوي للجامعة سيكون (اثر النجف في الحضارة الإنسانية) تماشيا وأكثر من ذلك ان أساتذة الكلية فيهم الكثير من المهتمين بهذا الجانب." الا ان عميد كلية الشيخ الطوسي يرى " للأسف ليس للكليات الأهلية دراية للاستعدادات الجارية في المحافظة فلسنا أعضاء في لجان ولم نسأل حتى بمشورة ثم إننا عرضنا خدماتنا أكثر من مرة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14/تموز/2011 - 12/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م