اعمال نيرة وثقافات متجذرة

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: كما ان للجسد غذاء فان للروح غذاء ايض، ويتجلى غذائها في المعرفة المستدامة والتي يحصل عليها الانسان من خلال المطالعة والاطلاع على الثقافات المختلفة والتي امست سجلاً حافلاً للامم والحضارات على مر العصور واختلاف الازمان، خصوصاً في هذا الزمان الذي قربت فية "التقنية الحديثة والتطور العلمي" الثقافات الى حدً تلاشت معه المسافات والابعاد واصبح كل شيء في متناول الجميع وتكونت مع مرور الزمن تقافة عالمية يتذوق ابداعها الكل ويعرف حلاوتها الجميع، لكن اذا كانت هذه المعرفة هي معرفة حقيقية والثقافة تقافة منطلقة من وجدان الامة ومعبرة عنه والابداع ابداع ينير الظلمة ويحيي الالباب، اما اذا كان العكس فهنا الطامة الكبرى، فكما ان للجسد غذاء يضره، فللروح زاد يفسدها. 

حديث صحافي

فقد أصدر رياض نجيب الريس كتابا طريفا استند فيه إلى مقال قديم كان قد نشره في شكل مقابلة صحافية خيالية وتناول فيه أيامنا الحاضرة ومشكلات العرب والمسلمين، اما عنوان الكتاب فهو "حديث صحافي مع الامام علي بن ابي طالب"، وقد جاء في 91 صفحة متوسطة القطع وصدر عن دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت، واهدى رياض كتابه الى والده الصحافي والمناضل السياسي السوري الراحل نجيب الريس وجاء الاهداء على الشكل التالي، "الى الذي اهدى الي كتاب "نهج البلاغة، الى ذكرى ابي"، وفي مدخل حمل عنوان "زمن الأبواب المغلقة" قال رياض الريس الكاتب والصحافي والذي كتب الشعر ايضا "ليس امام الصحافي خيارات كثيرة في زمان كزماننا الحالي حيث الأبواب كلها موصدة لمن أراد البحث بحرية عن طريق آمن للكتابة يقول فيه ما يشاء ويسأل عما يشاء"، اضغاث احلام، ليس هناك من يجرؤ منا ان يسأل، وليس هناك من مطلع يجرؤ ان يتباسط مع صحافي عن مدلولات الاحداث اليوم واضعا النقاط على حروف الازمات، فالمزالق كثيرة في ايامنا المعاصرة والثقة معدومة بين الصحافي والسياسي وحرية المعلومات متاحة في العالم الا في بلادنا"، لذلك عزمت ان اسلك طريقا مختلفا وغير تقليدي يختصر الزمن ويعود الى التاريخ الذي لم يغير من طبيعة الحكام ولا من عادات النظام ولا حتى من مشاهد تهاوي البلدان واضطراب السكان واهتزاز الاركان، كان ذلك ونحن على ابواب السنة الاخيرة من القرن العشرين". بحسب رويترز.

وروى كيف توصل الى هذا القرار فقال ان في حياته محطات منها محطة نجمت عن "تراكم الايام السياسية التي تلت غزو القوات الاسرائيلية للبنان" واحتلالها لبيروت سنة 1982"اول عاصمة عربية تطأها اقدام الغزاة الاسرائيليين منذ قيام الدولة العبرية الى اليوم، كل ذلك وسط صمت وذهول العالم العربي الذي لم تخرج مظاهرة واحدة في شوارع عواصمه غضبا او احتجاجا على هذا الحدث الجلل"، وأدركت كغيري في حينه اننا دخلنا عصر الذل العربي وان الغزو الاسرائيلي واحتلال بيروت ما هو الا بدايات الزمن العربي الرديء الذي نعيشه منذ ذلك الحين"، وفي تلك الفترة كان الريس يكتب مقالا سياسيا اسبوعيا في مجلة "المستقبل" التي كان يصدرها في باريس الصحافي والكاتب الروائي الراحل نبيل خوري، وتأخر المقال وبناء على الحاح نبيل خوري قال الريس في نفسه في ذلك الزمن الذي وصفه بالرديء "رحت ابحث عمن يقول لي شيئا يمكن ان يشكل موضوعا لمقال، لقد دجنت الافكار وبدأ الناس يخافون قول ما هو مخالف للسائد"، ولجأ الى كتاب نهج البلاغة الذي جمعه الشريف الرضي، ونشر "الحديث الصحافي" في المجلة في 26 فبراير شباط 1983 ولقي استحسانا كبيرا من القراء وأعيد طبعه وصدر في كراس صغير، وقال "وطمحت اثر ذلك الى التوسع في هذه الفكرة الى ان يصبح كتابا معقولا في حجمه، وقررت الاسترسال في الحديث من الامام علي ليشمل اكبر عدد من القضاي، ومرت سنوات والابواب مغلقة والزمن يعاكسني الى ان انجزت ما استطعت ليكون هذا الكتاب"، ومن الاسئلة الكثيرة التي طرحها في خياله على الامام علي ما يلي، "ما زلنا بعد كل هذه الاعوام رعايا في دول سلاطين بعكس ما هو مدون في الدساتير والقوانين، فماذا ينصح خير السلف الضحايا من الخلف خصوصا ان الجامعات الحديثة لا تدرس الرعايا اساليب التصرف من السلاطين".

وجاء الجواب المفترض كلاما للامام علي وفيه "صاحب السلطان كراكب الاسد يغبط بموقعه وهو اعلم بموضعه، واضر الاشياء عليك ان تعلم رئيسك انك اعرف بالرياسة منه، واصبر على سلطانك في حاجاتك فلست اكبر شغله ولا بك قوام امره، اذا قعدت عند سلطان فليكن بينك وبينه مقعد رجل، فلعله ان يأتيه من هو اثر عنده منك فيريد ان تتنحى عن مجلسك، واذا خدمت رئيسا فلا تلبس مثل ثوبه ولا تركب مثل مركوبه ولا تستخدم كخدمه فعساك تسلم منه، وان زادك الملك تأنيسا فزده اجلالا"، سؤال آخر هو "يا امير المؤمنين الشعب العربي مبتل بدوله وحكامه والى الان لم تنفع كل العلاجات فما العمل؟"، وجاء الجواب، "صواب الرأي بالدول، يقبل باقبالها ويذهب بذهابه، ازالة الجبال اسهل من ازالة دولة اقبلت، فاستعينوا بالله واصبروا فان الارض لله يورثها من يشاء، اشرف الملوك من لم يخالطه البطر ولم يحل عن الحق، واصحاب السلطان "في المثل" كقوم رقوا جبلا ثم سقطوا منه فأقربهم الى الهلكة والتلف ابعدهم كان في المرتقى"، ويأتي جواب اخر عن سؤال اذ يقول الامام "الة الرئاسة سعة الصدر، من ضاق عليه العدل فالجور عليه اضيق"، ويسأل الصحافي "ماذا عن العدو؟" فيرد الامام علي بقوله "اذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه"، وكثير غير ذلك من "الاسئلة" ومن "الاجوبة".

النجف عاصمة الثقافة

في سياق متصل أعلن جابر الجابري الوكيل الأقدم لوزارة الثقافة العراقي ان محافظة النجف تستعد لاستقبال 75 وزيرا للثقافة من بلدان العالم الاسلامي مطلع عام 2012 لحضور فعاليات ونشاطات المدينة باعتبارها عاصمة للثقافة الإسلامية على مدى عام كامل، وقال الجابري في تصريحات له "أن العديد من المؤسسات الثقافية العالمية الكبرى ستشارك في هذه الفعاليات بالاضافة الى الوزراء وذلك للاطلاع على معالم وتاريخ واستعداد المدينة لاستقبال هذا المهرجان العالمي"، مشيرا الى انه تجري في محافظة النجف العمل بشكل يومي على انشاء القصور الثقافية ومراكز الاستقبال للوفود المشاركة، وأضاف أن النجف التي فتحت أبوابها الى كل الشعوب والقوميات ستثبت للمشاركين في هذه الفعاليات انها منفتحة على كل الثقافات وليست منغلقة كما يصورها البعض. بحسب فرانس برس.

من جهة اخرى وبنصف مليون كتاب دشنت المكتبةُ المركزيةُ في جامعةِ البصرة مشروع المكتبة الإلكترونية الرقمية الذي يعدُ من بينِ أكبر المشاريع المماثلة في الشرق الأوسط، وقدم فريقُ الإعمار الأمريكي نصف مليون دولارٍ وألفي كتاب هدية للمكتبة.وبلغت كلفةُ الكتب المقدمة 100 ألف دولار لتقفز بذلك وتدخل التصنيف العالمي كإحدى المكتبات المهمة في العالم، في سعيها لتكون بين أفضل مئة جامعة في العالم عن الشرق الأوسط، وذكر أمين عامِ المكتبة المركزية أن المِنحة شمِلت إنشاء مركز دولي لامتحانِ التوفل مجهزٍ بكاميراتِ مراقبة مرتبطةٍ بالعالمِ عبرَ شبكةِ الإنترنت وكذلك مركز للكمبيوتر الذي يُعرفُ بال"IC3"، وقامَ فريقٌ من أساتذةِ الكمبيوتر في الجامعةِ بتطويرِ نظامٍ للفهرسةِ الإلكترونية يُسهِّلُ على الطالبِ تحديدَ الكتابِ الذي يريدُه بكبسةِ زرٍ واحدةٍ بدلَ الأساليب التقليدية البطيئة، وتسعى جامعة البصرة الى الدخول ِللتصنيفِ العالمي ليسَ على مستوى مكتبتِها الكبيرةِ بل على مستوى كلياتِها ومراكزِها البحثيةِ أيضا من خلالِ تطبيقِ سياسةِ الجودةِ الشاملة، جدير بالذكر أن هناك جامعةً عربيةً واحدة وهي جامعةُ الإسكندرية تصنَّفُ من بينِ أفضلِ 100 جامعة في العالمِ عن الشرق الأوسط مقابل سبع جامعات من إسرائيل تصنفُ عن الشرقِ الأوسط أيضا.

حرر خيالك

الى ذلك شارك أكثر من 30 كاتبا من 15 دولة عربية وأجنبية في المهرجان الدولي الثقافي الرابع للآدب وكتاب الشباب الذي افتتح في الجزائر تحت شعار "حرر خيالك"، وقالت ادارة المهرجان في بيان ان المشاركين سيناقشون قضايا منها "الادب بلون افريقي" و "الرواية تكتب التاريخ" و"الانترنت نص العال" و"الثورة والكتابة بوصفهما حياة جديدة للادب" و "أصوات محمومة مسارات هادئة" و"كتاب يقر، كتاب يناقش"، وأضاف البيان أن مدينتي قسنطينة وتلمسان سوف تشهدان جانبا من أنشطة المهرجان الذي يستمر ثمانية أيام ويشمل قراءات أدبية ومعرضا للكتاب وورشا تدريبية على تقنيات الكتابة تهدف الى "تحبيب القراءة للقارئ الصغير واعتبارها محركا للحلم وكائنا حيا مهما في حياته" ومن أجل ذلك دعي للمهرجان "هذه السنة وبشكل استثنائي مشاهير وشخصيات وطنية من عالم السينما والرياضة والفن للمساهمة معنا في لعبة القراءة". بحسب رويترز.

ومن الادباء المشاركين في المهرجان الافغاني عتيق رحيمي والايراني موسى بيدج والفرنسي فرناسو بون والمكسيكي جورج فولبيه والكولومبي أنطوان أنوقار ومن أوروجواي كارلوس ليسكانو ومن هايتي رودنيه سان ايلوا ومن الكونجو جبريال أوكونجي ومن العرب اللبنانيون هدى بركات ويوسف بزي وبيار أبي صعب والفلسطينية نتالي حنظل والسورية خلات أحمد والمصريان خالد البري وسعد القرش والتونسيان خالد النجار ووليد سليمان والبحريني قاسم حداد، ومن الجزائريين مراد جيبال وفضيلة مرابط وبن عودة لابادي وكوثر عظيمي وواسيني لعرج وسليمى رحال وياسين تملالي وزهور ونيسي وميلود حكيم ورابح بلطرش وسعيد بوطاجين ومحمد مقاني وسمير قسيمي ووهيبة شاوي وابراهيم قرصاص وياسين بن عبيد وسمية محنش وأسماء مطر ومريم معوج وخالد بوعلي، وقال البيان ان المهرجان الذي يخصص للشعراء الجزائريين أمسية عنوانها "الشعر في مرح" سوف يختتم "بعرض استثنائي تكريما للكاتب الراحل حميد سكيف" وهو مستوحى من أعماله ويحمل عنوان "جغرافيا الخطر" ويقدمه مصمم الرقصات الجزائري حميد بن باهي".

الاستثمار في صناعة الكتاب

من جانبه يسجل رئيس اتحاد الناشرين المصريين أنه لا توجد أرقام دقيقة حول حجم الاستثمار في النشر العربي ولكنه يرجح أن الرقم السنوي يصل الى خمسة مليارات دولار ليس لكتب الثقافة العامة فيها الا نحو 400 مليون دولار نظرا لتوجيه الجانب الاكبر من هذا المبلغ الى الكتب المدرسية والمطبوعات الحكومية، ويقول محمد رشاد ان العالم العربي "على اتساعه" ينشر سنويا 30 ألف عنوان فقط ولا يزيد عدد كتاب الثقافة العامة من هذه الاصدارات على خمسة الاف عنوان، وشارك رشاد ببحث عنوانه "العلاقة بين دار النشر والمكتبات العامة" في الملتقى الدولي الاول حول الادب والمكتبات والقراءة تحت عنوان "ما هي السبل المثلى لترقية القراءة العمومية؟"، والذي شارك فيه خبراء في علوم المكتبات من الجزائر وتونس ولبنان وفرنسا والسنغال، والملتقى هو أحد أنشطة "المهرجان الثقافي الدولي الرابع للادب وكتاب الشباب" الذي افتتح تحت شعار "حرر خيالك" ويشارك فيه 30 كاتبا من 15 دولة عربية واخرى أجنبية. بحسب رويترز.

ويتضمن المهرجان الذي يستمر أسبوعا معرضا للكتاب تشارك فيه 60 دار نشر جزائرية كما تشهد مدينتا قسنطينة وتلمسان الشماليتان جانبا من أنشطة المهرجان المتنوعة بين الامسيات الشعرية والقراءات الادبية والورش التدريبية على تقنيات الكتابة والرسم، ويقول رشاد ان الناشر العربي "اضطر" الى تقليص عدد النسخ المطبوعة من كتب الثقافة العامة للكبار لتتراوح بين 1000 و2000 نسخة من الكتاب الواحد وفي كتب الاطفال يترواح عدد النسخ بين ثلاثة الاف وخمسة الاف نظرا لضيق حجم الاستهلاك الذي يفترض أن تمثل المكتبات جزءا أساسيا منه، ويضيف أن المعايير الدولية تقول ان المكتبة العامة لكي تقوم بدور ثقافي يفترض أن يكون لكل ستة الاف نسمة من المقيمين مكتبة عامة ولكن عدد المكتبات العامة "في الدول العربية مجتمعة لا يزيد على 4500 مكتبة من كافة الاحجام وربما كان عدد المكتبات العامة ذات الوزن والاهمية في الوطن العربي يدور حول 1000 مكتبة فقط.

اختتام مهرجان رام الله

على صعيد مختلف اسدل الستار على المهرجان السينمائي (انسان) في رام الله بالضفة الغربية بشهادة حية للفلسطينية سميرة الناطور عن احداث مجزرة تل الزعتر قبل عرض فيلم الاختتام (لان الجذور لا تموت، قصة تل الزعتر) للمخرجة اللبنانية نبيهة لطفي، وجلست سميرة "وهي من مواليد مخيم تل الزعتر في لبنان عام 1961 لابوين فلسطينيين لاجئين" امام جمهور المهرجان الذي نظمته الجمعية الفلسطينية للفنون السينمائية في الهواء الطلق في اطار ما يعرف "بسينما الشارع" لتقدم شهادات مؤلمة عما شهده المخيم من حصار طويل امتد اشهر قبل اقتحامه من قبل قوات الكتائب اللبنانية وارتكاب ما وصف "بالمجرزة" فيه، وتصف سميرة الشاهدة على ما جرى في تل الزعتر في شهر اغسطس اب عام 1976 بانه "ابشع مجزرة في التاريخ بحق الشعب الفلسطيني"، وقالت "مخيم تل الزعتر يقع في الجهة الشرقية من بيروت، فيه اكبر تجمع فلسطيني في لبنان، وقت المجزرة هناك من يقول ان عدد سكانه كان 30 الف، هذه المعلومة مغلوطة، العدد كان 60 الف لاجئ تعرضوا لحصار شديد استمر اشهر قبل ارتكاب المجزرة"، وصفت سميرة الناطور نجاتها من تلك المجزرة بالاعجوبة وتحدثت عن حالات قتل بشعة منها اطلاق النار على 60 ممرضا كانوا يقدمون الاسعافات لجرحى المخيم، وقالت "من ابشع عمليات القتل التي جرت انه تم ربط رجل من ساقيه بسيارتين وتحركت كل سيارة باتجاه، عائلات كاملة قتلت في المخيم، معارك بطولية خاضها المدافعون عن المخيم الذين اشتبكوا بالسلاح الابيض بعد نفاد ذخيرتهم"، وتسكن في ذاكرة سميرة مشاهد مؤلمة اخرى منها مشهد لاحد افراد الكتائب "يأخذ طفلا رضعيا من حضن امه ويرميه بكل قوة ولا احد يعرف ماذا حدث له". بحسب رويترز.

وروت سميرة الناطور كيف أن نسوة قضين وهن بانتظار دورهن للحصول على قطرات ماء اسن من حفرة في الارض ليطفئن بها ظمأ ابنائهن وتحدثت عن نقص الطعام والدواء وعن رائحة الموت التي كانت تفوح من كل مكان، واكمل فيلم (لان الجذور لا تموت، قصة تل الزعتر) الذي اختار منظمو المهرجان ان يكون فيلم الختام بعد عرض خمسة افلام روائية عربية واجنبية تتناول موضوع حقوق الانسان روايات الشهود التي لا تقل قسوة عما روته سميرة، يضاف الى ذلك صور من مشاهد الدمار الذي لحق بالمخيم وكثير من الجثث التي كانت تنتشر في ساحاته، وحرصت مخرجة الفيلم على الاستعانة بقصاصات من اخبار الصحف التي كانت تصدر اثناء حرب المخيم منها ما هو مؤيد لسكانه واخرى معارضة اضافة الى صور حية للمعارك التي استخدمت فيها الاسلحة الخفيفة والثقيلة واخرى لكثير من القتلى بينهم نساء قال شهود انهن حملن السلاح وقاتلن الى جانب الرجال الذين توفي عدد كبير منهم لنقص الدواء، وقال يوسف الشايب مدير المهرجان في كلمة له في حفل الختام ان فيلم تل الزعتر "احد الوثائق التاريخية المهمة التي كان لابد ان تقدم في هذا المهرجان"، وافتتح مهرجان (انسان) بالفيلم الهندي (اسمي خان) الذي حقق حضورا عالميا لافتا لمناقشته قضايا هامة مثل العلاقة بين الهندوس والمسلمين والمعاناة التي يعيشها المسلمون في الولايات المتحدة بعد احداث 11 سبتمبر أيلول عام 2001، وتبع ذلك عرض فيلم (نهر لندن) للمخرج رشيد بو شارب والذي يتمحور حول تفجيرات لندن التي وقعت عام 2005 تلاه الفيلم الافغاني (اسامة) للمخرج صديق بارماك ويتحدث عن عمل المرأة في افغانستان، ومن مصر عرض فيلم (بنتين من مصر) للمخرج محمد امين الذي يناقش مشكلة العنوسة، كما قدم المهرجان الفيلم الايراني الامريكي (رجم الثريا) للمخرج الايراني كيروس نورستيه وهو مبني على قصة حقيقية عن رواية للصحافي الفرنسي فريدوني ساهييبجام لرجم ايرانية حتى الموت عام 1980 في احدى القرى الايرانية بتهمة الزن، وقال يوسف الديك رئيس الجمعية الفلسطينية للفنون السينمائية ان الفكرة من تنظيم هذا المهرجان وسط الشارع "حيث اقيم في ساحة بلدية رام الله"، "خلق نوع جديد من ثقافة سينما الشارع، سينما الشعب بكل افكاره، لدعم ثقافتنا الفلسطينية وتعزيز سينما الهوية وسينما المقاومة.

الخطورة على المسلمين

من جهة اخرى يقول الاكاديمي والباحث المصري الدكتور سيد القمني ان الخطورة في هذه الايام ليست على الاسلام فهو كدين لا يموت لكن الخطورة هي على المسلمين انفسهم، وقد ورد ذلك عند سيد القمني في كتابه "انتكاسة المسلمين الى الوثنية، التشخيص قبل الاصلاح"، وفي "توطئة تشخيصية" للكتاب قال الدكتور القمني ان "الخطورة اليوم ليست على دين الاسلام فالدين اي دين لا يموت ولا يندثر ولانه فكرة لانه ثقافة فما زالت الجميلة بين الالهة الرافدية "عشتروت" تحاط بالرعاية والتكريم في كل ثقافات العالم وفي كل متاحف الدني، ومثلها ايزيس المصرية وادونيس الفينيقي والبعل الشامي وقصة الخلق المصرية والبابلية، كلها محل احترام فلم تفن وما زالت من التاريخ، "ليست الخطورة اذن على دين المسلمين فالدين له صاحب كفيل به بل الخطورة الحقيقية هي على المسلمين من الزوال الوجودي من عالم البشرية بالاندثار التام بعد ان غابوا عن هذا الوجود كفكرة وفعل وعطاء وغرقوا في مستنقعات الجهل والخرافة والتخلف والجمود والاستبداد والانحطاط الخلقي والانساني رغم ان المسلمين يشكلون حوالى خمس البشرية على الارض"، هنا الذعر الحقيقي ان تطول الازمة بالمسلمين فيغيبوا وجودا كما غابوا حضورا ثقافيا وهم حسب ما نعتقد كمسلمين المكلفين بالشهادة على الناس بحسبانهم امة وسطا حسبما اخبر القران الكريم بينما هم ما عادوا لا امة وسطا ولا طرفا ولا هم امة اصلا بحالهم هذا ولو قلنا تجاوزا انهم امة فهم امة مريضة تصدر امراضها كراهية وارهابا للعالمين"، وقال "انقسم المفكرون في بلاد المسلمين على اطيافهم من اقصى اليمين الى اقصى اليسار الى فريقين رئيسيين، فريق ارجع الازمة الى عدم التزام خير امة اخرجت للناس بدينها حسب الاصول وهو ما يجعلها تطلب النصرة السماوية فلا تستجيب السماء لها بل تنزل بها النوازل والاهانات والكوارث، في عملية تأديب ربانية للامة كلها وذلك لانها افرطت في فروض دينها وتأثرت بما عند الشعوب الاجنبية من اساليب عيش، لذلك حقت اللعنة الالهية". بحسب رويترز.

واضاف انه يغلب على هذا الفريق "روح التنظيم لتعودهم الطاعة المطلقة فيشكلون جماعات شديدة التنظيم والانضباط والاستجابة الحركية السريعة، تبدو بينها على السطح خلافات في الدرجة لكنها غير نوعية، ويزعم هذا الفريق اننا قد جربنا العلمانية والنظام الجمهوري والنظام الملكي والاشتراكية والرأسمالية وسقطت جميعا وسقطنا معها في المزيد من التخلف والانهيار، "أما الفريق الاخر اي العلماني "فقد ذهب مذهبا هو على النقيض بالمرة من الفريق الاول وهو الاقل انتشارا بين الجماهير لكنه الاكثر قدرة على الوصول الى حلول علمية والاكثر منطقا والاقوى حجة ويستند الى الواقع الملموس في نجاح العلمانية اينما طبقت"، لذلك تتم محاربة هذا التيار وطعنه لدى المسلمين بكونه يناهض الدين ويناوئه، ويعاني هذا الفريق اضافة الى التحريض ضده وتبخيسه وتكفيره وتخوينه خللا شديدا اصيلا في بنيته لان العلمانية او الليبرالية هي حرية فردانية بطبيعتها وبما تتضمنه من مفاهيم فيكون الفرد عصيا على الانضباط والتنظيم الحركي ولا يخضع العلماني الا لقوانين العقل والعلم والاصول الحقوقية والدستورية للمجتمع المدني، لذلك فالليبرالية لا تقوم في مجتمع الا عندما تنتشر بقوتها الذاتية، "الفريق العلماني بالطبع لا يرجع الازمة الى تأثر المسلمين بثقافات غير اسلامية بل يرى انهم ابعد ما يكونون عن هذه الثقافات، ولا يرى ان مصائبنا تبدأ مع الاستعمار الحديث وسقوط الخلافة لان الخلافة كانت قد مرضت وشاخت وكانت تنتظر من يعلن وفاتها فقط، وان الاستعمار لم يكن سبب ضعفنا باحتلاله بلادنا لانها كانت ضعيفة اصلا مما سمح للاخرين بالتعدي عليها فضعفنا اصيل في بنيتنا الثقافية وكان هو سبب الاستعمار وليس نتيجته، "كتاب سيد القمني صدر عن دار (الانتشار العربي) في بيروت وجاء في 414 صفحة اقرب الى القطع الكبير، وتألف الكتاب من توطئة تشخيصية وصلت الى نحو 38 صفحة ومن ثلاثة ابواب بعناوين رئيسية وردت تحتها عدة عناوين فرعية لا يقل كل منها عن ثمانية عناوين، العناوين الرئيسية جاءت كما يلي، "الدولة الاسلامية ومتابعات جديدة"، و"نحو تأسيس ثقافي للقيم" و"جدل ثقافي."

صور التقطها الاطفال

بدورهم يعرض 20 طفلا من قريتي عوريف وعينبوس القريبتين من مدينة نابلس في الضفة الغربية بعض ما التقطته عدسات كاميراتهم التي قدمتها لهم منظمة (أطباء العالم، فرنسا) في المعرض (فلسطين كما تراها عيوني) الذي افتتح مؤخراً في جامعة بيزيت، وقال ستيفان فينهاس المنسق العام لمنظمة أطباء العالم في الاراضي الفلسطينية خلال افتتاح المعرض "ضمن برنامج عملنا في المناطق النائية تحت شعار نقدم رعايتنا لهؤلاء الذين ينساهم العالم شيئا فشيئا نظمنا ورشة عمل لعشرين طفلا تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عاما حول اساليب وفنون التصوير وطلبنا منهم ان يصوروا ما يريدون من حياتهم اليومية"، وأضاف "اذا طرحنا سؤالا اليوم كيف يمكن ان تصف كونك طفلا في فلسطين اليوم لحصلنا على الاجابة من خلال الصور التي يقدمها لنا الاطفال التي تترواح بين الفخر بأنهم فلسطينيون وايجابيون ومتفائلون وأخرى تعبر عن مخاوفهم وعدم توفر بيئة توفر لهم حياة يمكن ان يعيشوا فيها طفولتهم كباقي الاطفال"، ويشتمل المعرض على 87 صورة من اصل 6000 صورة التقطها الاطفال لحياتهم اليومية في قراهم عبروا فيها عن اهتماماتهم ومخاوفهم وحبهم للطبيعة إضافة الى افتخارهم بهويتهم الوطنية، وكتبوا حكاية كل صورة واختيرت جملة واحدة منها وضعت أسفل الصورة التي تعبر عن نفسه، من جهته التقط الطفل احمد زهير (12 عاما) من قرية عوريف صورة لمنزل جيرانهم الذي هدمته سلطات الاحتلال الاسرائيلية وكتب أسفلها "هذا بيت جيرانن، عندما أراه أفكر في بيتنا وينتابني الخوف من حصول نفس الشيء لبيتنا أيضا أرجو من الله ان لا يحدث ذلك لنا"، وقال احمد "لم أكن أعرف التصوير، شاركت في هذه الورشة وتعلمت التقاط الصور، نحن نعيش في خوف دائم من المستوطنين الذين يهاجمون قريتنا دائم، قبل أسبوع حرقوا جرافات للمجلس القروي، عندما نسمع انهم هاجموا القرية نختبئ". بحسب رويترز.

وتظهر صورة أخرى التقطها طفل آخر لمكان فيه ألعاب أطفال يبدو ان أحدا لم يستخدمها منذ مدة وكتب أسفلها "اعتدت اللعب في هذا المكان مع اصدقائي، كان هو المكان الوحيد الذي نستطيع ان نمرح فيه. المتنزه موجود في قرية فلسطينية اسمها حوارة بجانب قريتي لكن لم اعد استطيع الذهاب واللعب هناك لان المستوطنين قاموا بتدميره ومنعونا من الذهاب للعب هناك"، ويوضح طفل من المشاركين في المعرض في صورة أخرى التقطها من نافذة منزلهم في القرية تظهر فيه مستوطنة على سفح الجبل المجاور وكتب أسفلها "أحب قريتي، هذا المنظر من نافذتي، أود العيش على قمة الجبل لكن هناك مستوطنة ولا أستطيع السكن هناك، ويحلم طفل آخر بالتنقل بحرية والتقط صورة تظهر فيها جوازات سفر وسياج وكتب يقول "احلم دائما برؤية ارضي دون هذا السياج الشائك لان رؤيته تؤلمني، اريد ان اشعر بالحرية بالذهاب الى القدس مع اصدقائي وأهلي"، وأوضحت المنظمة في بيان صحفي بمناسبة افتتاح المعرض "87 صورة فوتوغرافية التقطها 20 طفلا من قريتي عوريف وعينبوس سيتم عرضها لزيادة الوعي حول قضية الصعوبات التي تواجه الاطفال الذين يسكنون في محافظة نابلس، بلدة محاطة بنقاط التفتيش العسكرية والمتاريس على الطرقات والمستوطنات"، ويضيف البيان "ورشات عمل التصوير تعتبر احدى الوسائل المبتكرة من قبل (منظمة) اطباء العالم كجزء من مشروع الدعم النفسي الاجتماعي في محافظة نابلس لمساعدة الاطفال للتعبير عن اي مشاعر مكبوتة نتيجة للظروف القاسية التي يواجهون"، واشتمل المعرض على صور للطبيعة الخلابة في القريتين من صور للازهار وأشجار اللوز والبرتقال والليمون وأخرى لاطفال يركبون حمارا كتب اسفلها " هذا نحن" بالاضافة الى صور متعددة لابائهم كتب تحتها "نحن فلسطينيون" وكذلك صور لادوات من التراث والملابس التقليدية الفلسطينية ولالعاب الاطفال، وقال صلاح دراغمة المنسق الميداني في الاراضي الفلسطينية لمنظمة اطباء العالم "اخترنا نابلس لانها كانت الاكثر تضررا خلال الانتفاضة، وهذه القرى التي عملنا فيها مهمشة جدا والاكثر عرضة لاعتداءات المستوطنين وبحاجة الى كثير من المساعدة"، وأضاف "اردنا ان يخاطب الاطفال انفسهم العالم من خلال هذه الصور التي التقطوها والتي تركنا لهم حرية الاختيار في تصوير اي شيء وقمنا معهم باختيار الصور التي تشاهدها في المعرض، لذلك حمل المعرض اسم فلسطين كما تراها عيوني"، وتابع قائلا "سنقوم بوضع هذه الصور على الموقع الرسمي لاطباء العالم على الانترنت بالاضافة الى وجود برنامج في عرض هذه الصور في عدد من الدول الاروبية، ورغم ان الصور تتحدث عن نفسها الا انه تم اختيار جملة من القصص التي كتبها الاطفال عن هذه الصور وتمت كتابتها باللغتين العربية والانجليزية".

وعود ناقصة

من جانبه فان كتاب "مندوب الشيطان" للكاتب وائل رداد هو من "الروايات" التي تبدأ بوعد ربما بدا كبيرا لتنتهي بخيبة في مستواه او اكبر، ووضع كلمة روايات بين اقواس يقصد منه هنا وبكل صراحة اظهار الشك في كون الكتاب رواية بكل ما في المصطلح من معان، انه مجموعة افكار ونظريات واساطير وقصص ديني وخرافات تحار احيانا في ما ترمي اليه، ورد الكتاب في 188 صفحة صقيلة متوسطة القطع وصدر عن دار "بلا تينوم بوك" في الكويت، ويصح القول ان الكاتب وائل رداد اعتمد على ثقافته لينطلق من رائعة جوته الشهيرة "فاوست" عن الدكتور فاوستوس الذي باع روحه للشيطان مقابل تزويده بالمعرفة اللامحدودة، وللشيطان الحق في ان "يقبض" روحه عند الاخلال بشروط التعاقد، المحتوى يظهر ذلك كما تؤكده اشارات وائل رداد المباشرة الى جوته وعمله الشهير، تبدأ الرواية من هذا المنطلق. في البداية قد يجد القارىء نفسه في اجواء تشبه اجواء رواية الدوس هكسلي "عالم جديد شجاع" او بعض اجواء "1984" عمل اريك بلير المعروف باسم جورج اورويل وذلك من حيث وصول الانسان الى حال من العلم تجري فيها السيطرة عليه من خلال امور كان يتصور انها تشكل نقاط تقدمه وقوته وانها تعمل من اجل سعادته لكن الاحلام تنقلب الى كوابيس، وهنا في عمل وائل رداد يزول قدر كبير من "النظام" او فلنقل يتغير ليتحول الى سلسلة من المندوبين ذوي الصلاحيات الكبيرة التي احيانا كثيرة تتجاوز الشرطي بل القاضي، انه اشبه بعمل "" الكوميسير" في بعض الانظمة الكلية لكنه اكثر منه هشاشة، فالمندوب على قوته ورغد حياته يجري التحكم به عبر قيود صارمة تنزله من القمة الى حضيض يندر ان يكون بعده حضيض اخر، كل ذلك يجري بارادة قوى خفية في اجواء هذا النوع من الحياة، شيء كبير من اجواء "الكابوس"، الا ان الكاتب وبعد استناده الى "فاوست" ذهب اشواطا في البعد عن العمق الفكري والانسجام الروائي، لا بالنسبة الى فاوست فحسب بل بالنسبة الى الوعد الذي قدمه في البداية.وبدا انه اضاع طريقه واضاع القارىء احيانا في شعاب لا مبرر لها ولا تبدو مقنعة او تحمل رسائل فكرية بل تضرب في عالم القصص الخرافي بينما تدعي العمق الفكري. بحسب رويترز.

وفي حالات كثيرة ربما فتش القارىء عن ترابط بين الكلام وما يفترض ان يدل عليه، ففي الامر ايهام بقول ما هو مهم لكن القارىء لا يجني شيئا او لا يجني ما يكفي من هذا المهم، احيانا تتذكر القاص اللبناني المهجري سعيد تقي الدين حيث يقول عن مثل هذه الحال "كلمات التقت على غير موعد فترافقت الى لا مكان"، وتبدأ الرواية بقصة "مندوب" عزل لمخالفة لم نعرف كنهه، فرمي بعد العز الكبير في وهدة فقر جعله يضطر الى كسب معيشته بجلي الصحون في مطاعم فقيرة، المكان غير واضح في الرواية وكل مانعرف عنه تكهنا انه بلد اسلامي لكن فيه من يتبعون الديانات الاخرى، اما الشخصيات فهي شخصيات "ميتة " لا تشبه الناس الا في بعض النواحي غير الكافية، لا الناس مقنعون في الرواية ولا الشياطين ايض، وبعد الفقر الذي عاش فيه المندوب سياف سرخس اثر طرده من عمله ارسل رئيسه في طلبه للعودة الى العمل لان زبونا كبيرا ثريا نافذا طلبه بالاسم و اصر على استخدامه، وهنا تبدو لك المؤسسة كأنها الدولة ولكنها في الوقت نفسه تتعامل بما يمكن وصفه بالاعمال الخاصة، النافذ الكبير هو "جاد الجرجوع" الذي يمثل قوة شيطانية تسير الناس وتغير مصائرهم، في البداية "وعد" كما قلن، فجاد الجرجوع يسلط الضوء على تافهين و تافهات في مجال الفنون والاعمال وغيرها فيصير هؤلاء نجوما ويتحول الاخرون الى ظلال تختفي، انه قوة محركة تقف وراء امور عديدة، من هنا نتوهم اننا امام انطلاقة قصصية رمزية عن مجتمع يتحكم به امثال الجرجوع، لكنها انطلاقة لم تكتمل بل دخلت في الخرافي وهو هنا خرافي تماما اي انه مجرد من الرمزي و المجازي، يعود سياف ليعمل لحساب جاد الجرجوع لكنه بعد فترة قصيرة ولاسباب فيها خوف من الشيطاني اكثر مما فيها من عذاب الضمير يرفض الاستمرار في خدمة الجرجوع فيعود الى حياته الفقيرة باختياره رافضا الارتهان لما بدا له امرا شيطاني، انه موقف تحريضي للقيام بالخير دون شك لكنه لم يأت كافي، وهنا بدأت مشكلات سياف وبدأ الكاتب يعرض علينا مشكلات الاخرين ايضا دون ترابط واقناع، كلام فيه الكثير من القصص الشعبي الخرافي الذي سعى الكاتب عبثا الى ان يعطيه شأنا عميق، في الرواية تأثر جلي بكثير من الافلام الاجنبية التي تتحدث عن عالم الشياطين وطرده، لكن على خلاف ما نراه في تلك الافلام من كهنة تطرد الشياطين بالصلاة والكتاب المقدس والصليب وصور القديسين، فالامام الشيخ صالح يشترط ازالة كل الصلبان وما يسميه التماثيل وصور القديسين والا فان عملية الطرد لن تنجح، بعد البداية الجيدة والموحية يمر القارىء في كثير من فصول الرواية بحالات ملل واجبار للنفس على المتابعة وبتساؤل عن الجدوى الفنية والفكرية لهذا الكلام، باختصار لا تبدو في الرواية اي وجهة نظر متميزة في هذا المجال ويتحول الامر الى جمع و"لملمة" لقصص واقاويل وخرافات لا مهرب امام القارىء من القول انها تبدو مستهلكة.

شبههن بالرجال

من جاب اخر أثار انتقاد شاعر موريتاني معروف لشعر المرأة وقدرتها على إنتاج الشعر جدلاً واسعاً في الوسط الثقافي بموريتانيا، وأعاد اللغط حول دور المرأة المثقفة وتأثيرها على الإنتاج الأدبي، فقد اعتبر الشاعر الموريتاني الشيخ أبوشجة، وهو من أهم شعراء موريتانيا المجددين، أن الشعر صنيعة رجالية خالصة وسيظل كذلك، مؤكداً انه لم يعثر في القديم على أي نص شعري للمرأة، واعتبر أن المرأة التي تقرض الشعر لم تعد امرأة بل إنها تتحول الى رجل، مستشهداً بما وصف به الشاعر بشار بن برد الشاعرة العربية المعروفة الخنساء في حضرة الخليفة العباسي المهدي، وفاجأ الشاعر أبوشجة النخبة المثقفة بهذه الآراء والافكار، وأضاف أن "حضور المرأة في الشعر العربي والعالمي عبر التاريخ لا يضاهي حضور الرجل، وليس الأمر محصوراً على موريتانيا أو العرب بصورة عامة إذ لو تصفحنا الشعر الفرنسي والانجليزي أو كافة الشعر العالمي لوجدنا أن حضور المرأة في الشعر عبر التاريخ لا يضاهي حضور الرجل، وذلك لا ينقص من عبقرية المرأة إذ لديها من المواهب والتميزات في كافة مناحي الحياة الفكرية والفنية ما يعوضها عن التفوق في مجال الشعر"، وتكشف هذه الواقعة أن بعض الأدباء مازالوا ينكرون على المرأة مكانتها الأدبية وقدرتها على مجاراة تطور الأدب ومنافسة أشهر الشعراء والكتاب، ويفسرون ضآلة إنتاجها الأدبي مقارنة بأدب الرجل على هواهم، متناسين أن جزءاً كبيراً مما كتبت المرأة وما نظمت ضاع بسبب عدم توثيقه والظلم الذي تعرضت له المرأة طيلة العصور الماضية، ما منعها من الابداع ووقف حاجزاً منيعاً أمام ظهور وتداول ما سطرت اناملها.

ويتأسف بعض النقاد على مواقف هؤلاء الكتاب ومنهم مثقفون مرموقون وشعراء معروفون لأن آراءهم وأفكارهم تصل الى القراء وعامة الناس أسرع من البرق، فهي آراء صادرة عمن يعتبرون من أهل الاختصاص فإن الناس تصدقهم ومع مرور الوقت تسري هذه الأفكار في النفوس والعقول كما تسري النار في الهشيم، خاصة ان النقاد لا يتوقفون عندها بما تستحق من الدراسة والاهتمام، ولا يقدمون تفسيرات للأسباب التي تمنع المرأة من حقها في قرض الشعر والكشف عن الجرح الأنثوي الذي يسكن الكتابة النسائية، والشعر ذكوري بحت وأنثوي نادر وحاولت بعض الأديبات الدفاع عن أدب المرأة وتبرير تواضع حضورها في الشعر العربي باهتمامها بالأدب السردي وتأثير ما كانت تعانيه من كبت من طرف الرجل حتى ظن الناس أن الشعر صنعة رجالية، كما قالت الباحثة تربه بنت عمار، وأضافت أن تواضع حضور المرأة في الشعر العربي الموريتاني إنما يرجع إلى ما كانت تعانيه من كبت من طرف أخيها الرجل، وقالت انه على الرغم من ذلك فإن بعض الشاعرات تحدين القوانين الاجتماعية من أجل إنتاج الشعر وحاولن كسر قيد السلطان الاجتماعي فجاء الشعر النسائي المشهور في موريتانيا "التبراع" الذي تحول الى ملحمة وجدانية بكاملها انبثقت من التلال الشنقيطية وتحت الخيام المضروبة، واعتبرت الباحثة آمنة منت أعلي سالم أن المجتمع العربي القديم لم يترك للمرأة المبدعة المجال كي تعبر عن نفسها فغلب الرثاء على إنتاجها، كما هو الحال بالنسبة للشاعرة تماضر بنت عمر بن الحارث المعروفة بالخنساء، وأضافت أن المجتمع الذكوري لم يدع الإبداع يذهب إلا حيث أراد هو، فكان الرثاء الوعاء الحافظ لتلك التجربة، إلا أنه كان رثاء مؤثراً. بحسب وكالة الانباء الاماراتية.

وبينما انتقد بعض المثقفين تجنيس الأدب والاستخفاف بإبداع المرأة المثقفة، هاجم آخرون الجهات الرسمية وانتقدوا تقاعسها عن دعم الشاعرات لاسيما في السنوات الأخيرة حين تولت الوزيرة سيسه بنت الشيخ ولد بيده منصب وزير الثقافة وكان الأحرى بها الاهتمام بهذه الفئة ودعمه، وإذا كان المثقفون المنصفون لا ينكرون العطاء الأدبي للمرأة وتواجدها الفعال في الساحة الثقافية رغم الإكراهات الاجتماعية، فإن ظهور هذه المواقف المنتقدة لندرة الشعر النسائي علناً لأول مرة في بلاد المليون شاعر، دفع المهتمين الى حصر الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة ومن بينها الاختفاء القسري أو الطوعي للشاعرات بسبب الظروف الاجتماعية وابتعادهن عن الإعلام والتضييق عليهن، وكثرة الشعراء وهيمنتهم على الساحة الثقافية، وتفاقم أزمة النشر وعدم اهتمام المجتمع بشعر المرأة بسبب ارتباط الذاكرة الشعرية بالرجل، ومحاولة البعض تهميش المرأة والتشكيك في قدرتها لصالح العقلية الرجالية المهيمنة، وشعرها من دون غزل ولا هجاء يعتبر الناقد أحمدو ولد محمد الحافظ أنه من غير المعقول عدم بروز شاعرات في بلد المليون شاعر لاسيما في هذا العصر، حيث المرأة أكثر تحرراً اضافة الى ظهور نساء ذات مستوى ثقافي عال وبروز جيل من خريجات الجامعات، ويؤكد أن المجتمع الموريتاني لا يشجع المرأة على قرض الشعر بسبب المحاذير الاجتماعية وعدم الاهتمام بالشعر النسائي، وقال إن المرأة الموريتانية لا تنقصها الكفاءة لكنها مترددة بسبب تأثير قرون وعقود من احتكار الرجال للشعر، ويرى أن السعي لإبراز قوة العطاء الأدبي النسوي وتميزه عند الشاعرات وإظهار الجذور التاريخية البعيدة للشعر النسائي يجب أن يكون مبتغى كل باحث حقيقي لأن العطاءات والمساهمات الكبرى للمرأة في الحقل الأدبي موجودة ينقصها فقط من يكشف اللثام عنها، ويقدم دراسات نقدية وتاريخية لتطور شعر النساء والأسباب التي منعت من وصوله إلين، ويعتبر الباحث أن تاريخ الأدب العربي تجاهل تجارب الشاعرات، كما أن خجل المرأة وخوفها لم يسمحا لشعرها بالخروج عن الإطار المسموح لها به وهو الرثاء، ما منعها من التعبير عن مشاعرها فغابت الرومانسية عن شعرها، وبسبب خوفهن من الرقيب الاجتماعي تجاهلت الشاعرات التعبير عن أهم الأغراض الشعرية وأكثرها مثاراً للإعجاب كالغزل والمدح والهجاء.

جائزة السلام

بدوره حصل الكاتب الجزائري بوعلام صنصال على جائزة السلام التي تمنحها الجمعية الألمانية لتجارة الكتب، وذكر رئيس الجمعية، جوتفريد هونيفلدر، في برلين خلال انطلاق فعاليات "أيام الكتاب" إن الجمعية قررت منح صنصال جائزتها هذا العام لدعم الحركة الديمقراطية في شمال أفريقي، تجدر الإشارة إلى أن الجمعية الألمانية لتجارة الكتب تمنح هذه الجائزة الثقافية المرموقة، التي تبلغ قيمتها 25 ألف يورو، منذ عام 1950، من المقرر أن يتسلم صنصال الجائزة في ختام معرض فرانكفورت الدولي للكتاب في 16 تشرين أول/أكتوبر المقبل، وجاء في بيان الجمعية أنه تقرر منح الجائزة لصنصال لدعمه جهود التقاء الحضارات باحترام وتفاهم متبادل حيث انه قاص متحمس وكاتب مبدع مفعم بالمشاعر، وأضاف البيان أن صنصال (61 عاما)، المحظورة كتبه في الجزائر، يعتبر من المثقفين القلائل المقيمين في الجزائر الذين ينتقدون بشكل صريح الأوضاع السياسية والاقتصادية في بلادهم، وذكرت الجمعية في البيان إن صنصال يعارض كافة أشكال التضليل والإرهاب والتعسف السياسي بدفاعه العنيد عن الكلمة الحرة والحوار العلني في مجتمع ديمقراطي، يذكر أن صنصال كان يشغل منصبا رياديا في الحكومة الجزائرية في مجال الاقتصاد، ونشر صنصال في فرنسا أولى رواياته المتأثرة بالحرب الأهلية في بلاده عام 1999 تحت عنوان "قسم البرابرة"، والتي ترجمت إلى اللغة الألمانية عام 2003، تم إيقاف صنصال عن العمل في إحدى الوزارات الجزائرية عقب هذه الرواية، ثم فصل لاحقا. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

كتابة التاريخ

الى ذلك صدر العدد الجديد من مجلة "الكلمة" الالكترونية الشهرية التي يرأس تحريرها الدكتور صبري حافظ، وتتابع من خلالها الإنصات لزخم اللحظة التاريخية التي تمر منها الدول العربية، زخم التغيير والتحرر، وتهتم "الكلمة" كعادتها بزخم هذا الواقع ومتغيراته، تتابعه وتسجل نبضه في عدد جديد تنشر فيه بالإضافة إلى المقالات التي تتابع هذا الحراك المزيد من القصائد والقصص المستوحاة من تلك المتغيرات، هذا فضلا عن رواية كاملة وديوان شعر وأبواب "الكلمة" المعهودة، وتعي مجلة الكلمة أن هذا الرهان هو ديدن اختياراتها منذ إصدار العدد الأول، ولعله ما يزعج البعض، لذلك تؤكد "الكلمة" انتصارها لقيم ما تحمله هذه الثورات وما تعلنه من أفق سياسي ومجتمعي وفكري، تفتتح الناقدة المصرية المرموقة سيزا قاسم باب دراسات حيث ترد للبحث في مجال تحليل الترجمة، وتعقب دلالات النص الأصلى في انتقالاتها إلى لغة أخرى وانزياحاتها عن أيحاءاتها الأصلية، أما الباحث المصري حازم خيري فيحاول تمحيص قضايا واقعه الجوهرية من خلال منهجه الإنسني في "أي دم قد أعاد كتابة التاريخ العربي، ويتناول هنا الثورة المصرية خاصة، بطريقة تموضعها في سياق مشاكل واقعنا المعرفية والمهجية المزمنة من ناحية، ومتغيرات الواقع الدولي ومؤامراته من ناحية أخرى، وتأخذنا الفنانة والأكاديمية المصرية أمل نصر في "ليه لأ؟"، حوار حول مأزق الفن" في رحلة تقرأ فيها دلالات وتفاصيل الواقع الفني في أعمال معرض "ليه لأ"، وترى أنه واقع يطرح تساؤلاً تجريبياً ولكنه يتركه بلا إجابات حاسمة، ويكشف الباحث المغربي حمودان عبدالواحد، عن المضمر في صلاة الجنازة الأمريكية على جثة بن لادن، وما تنطوي عليه تصرفات الإدارة الأمريكية من طابع سياسي وأيديولوجي، ومن جدل خصب بن الاحترام الظاهري للإسلام، واللعب بالمعاني الدينية التي تُشكل الرصيدَ الأكبر من ثقافة المسلمين، والإلتفاف عليها استخفافا بالعقل الاسلامي.

وفي دراسته حول "السيرة النظرية" يتابع الناقد العراقي عباس خلف علي استقصاءات الكاتب العراقي المرموق محمد خضير حول سيرة الكتابة، أو المضمرات النظرية فيها في أحدث أعمال الكاتب، الباحثة السودانية خديجة صفوت تعرفنا "كيف فبركت رأسمالية العصابات الثورات المخملية" كي نتعلم من التاريخ ومن دروس الغير، وكي نتعامل بحذر ما يحاك ضد ربيع الثورات العربية من الخارج في لحظتنا التاريخية الراهنة، ويسعى الباحث السعودي فهد ابراهيم البكر في "الكتابة والرسالة في الأدب القديم" تقديم فنٍّ من فنون الإنشاء في أزهى عصور الرسالة وأكملها نضجاً، وأعلاها مكاناً، وأسماها بياناً، ألا وهو فن الكتابة والرسالة في الأدب العربي القديم، وفي فترة زاهية من تاريخ هذا الفن وهي القرن الرابع الهجري، في باب شعر، تقترح "الكلمة" في عددها الجديد، مختارات شعرية لإليزابيت بيشوب موسومة ب"شجرة خارج نافذتي، نحن أقارب"، للشاعرة وللكاتبة وللمحررة وللمترجمة الأمريكية، القصائد المختارة قام بترجمتها الشاعر الفلسطيني محمد حلمي الريشة من مجلد صدر فِي سَنَةِ "2008" وضم أعمالها المتنوعة من قصائد، ونثر ورسائل، من هذا المجلد ترجم هذه القصائد التي تقدم صورة مصغرة على المشهد الشعري في الضفة الأخرى، وحفل العدد بقصائد الشعراء، رشيد المومني، ظبية خميس، حكيم نديم الداوودي، أحمد محسن العمودي، نور سليمان أحمد، أنس الفيلالي.

في باب مواجهات، تنشر "الكلمة"الحلقة الثالثة والأخيرة من حديث استفاض به المستعرب الاسباني المرموق، بدرو مارتينث مونتابث، لمجلة "الكلمة" طوال العددين السابقين، وفيه يتجاور الشخصي مع الأكاديمي، والتاريخي مع هموم اليوم في كلٍ نصيّ يميز اللقاء الذي أجرته محررة المجلة، أثير محمد علي، معه بالأسبانية وترجمته للعربية، كما تقدم "الكلمة" حوارا شيقا مع الفيلسوف السلوفيني الأشهر سلافوك جيجيك أجرته سميرة المنسي مع أحد أعلام الفلسفة الغربية المعاصرة، رؤية غربية جديدة للثورات العربية، ولمأزق المثقف الغربي إزاءها من ناحية، وإزاء الصراع العربي الصهيوني من ناحية أخرى، وهو حوار يكشف فيه جيجيك "أو زيزيك" عن كيف حكم الخوف الثقافة الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، أما باب السرد فيقدم كالعادة رواية جديدة موسومة بـ"زوج امرأة الرصاص وابنته الجميلة" للروائي السوداني عبدالعزيز بركة ساكن في الجزء الثالث من ثلاثيته، الأوجه المتعددة للصراع بين شمال وطنه وجنوبه، وكيف تصير مسألة الهوية إشكالية تواجهها شخصيات روايته التي تدور في فلك جعفر مختار الذي يرى تلك الحرب ببصيرة الصوفي العارف أن السلاح سيرتد نحو من يطلقه، وتمثل مليكة وزوجها إمكانية تجاوز هذا الصراع، لكنها إمكانية معاقة بإشكاليات اجتماعية وثقافية ودينية، الى جانب نصوص للمبدعين، لؤي حمزة عباس، محمد عبدالمنعم زهران، عبدالواحد الزفري، نبيل عودة، قادري عبدالخالق، وفي باب النقد، يكتب المفكر السوري صادق جلال العظم عن "الربيع العربي، لماذا في هذا الوقت بالذات؟" ويتناول المفكر السوري ذهنيّة يقين المؤامرة، الذي تلجأ إليه السلطة أمام الحراك الثوري.

ويرى أن حركة إحياء المجتمع المدني المعروفة باسم ربيع دمشق "2000" تشكل "المقدمة النظرية" السلمية لما ستتفجر عنه الانتفاضات من شعارات وتطلعات وتضحيات من تونس إلى اليمن مروراً بليبي، وتشير الكاتبة نهلة الشهال في "اليمن الذي أفحمنا" إلى أن الانتفاضة اليمنية بلورت تجربة سياسية ناضجة خلال الأشهر الأربعة الماضية بما يجعلها تمتلك عناصر النجاح، وذلك من خلال سعيها إلى إسقاط النظام سلمياً، وتوظيف معرفتها بمجتمعها، واستنفار قواه وتجسيد آماله في يومياتها وهي تصنع تاريخاً آخر لليمن السعيد، أما مقالة الكاتبة هويدا طه "لماذا تحتاج مصر الى ثورة الغضب؟" فتبدأ الكاتبة بمساءلة واقع الحال السياسي والاقتصادي والأمني في مصر بعد ثورة الغضب، وتحاجج في ضرورة خوض شوط غضب ثوري جديد، وتنطلق مساءلة الباحث المغربي الحبيب ناصري في "العرب وضرورة الانتقال من "الديموحرامية" الى الديمقراطية" من امتداد خريطة للوطن العربي علقها لأولاده على جدار بيته، يقول بتقاسم فساد النظم العربية المشترك، رغم خصوصية السياقات الثقافية، ويرى أن المخرج من الجهل والتخويف لن يكون إلا بالمعايير العلمية والفكرية وتوفير الإمكانات المادية ودولة القانون، ويقدم جورج أورويل في الحرية والسعادة قراءة لرواية "نحن" للكاتب الروسي يفغيني إيفانوفيتش زامياتين، فيها يستبين ظرف واقع كتبتها التوتاليتاري، ويعقد صلة مقارنة بينها وبين رواية "عالم طريف وشجاع"، لآلدوس هكسلي، وفي "غواية الكتابة في الشعر الشرقي" تتبدى رؤية الكاتب العراقي علي حسن الفواز النقدية في تناوله لأعمال الماجدي الموسومة بـ"الشعر الشرقي"، فيؤكد على أن شعرية الشرق هي مرجعية هذا الشعر، بينما يقارب الباحث المغربي سعيد بوخليط في "أفلاطون، جنس بدون حب الى حب بدون جنس"، معنى الشبقيّة بمختلف أشكال الممارسة، وبتعدد الميول الجنسية لدى فلاسفة الاغريق عامة، وتسلط بقعة الضوء على جدل أفلاطون حول الشبق، ويبحث الكاتب آشيل وينبرغ في آليات البلاغة منذ المسيحية القديمة إلى يومنا هذ، يحلل كيفية فعل الخطاب البلاغي ودلالات النص في آراء باحثين تناولوا قنوات إرسال الظاهرة البلاغية، حتى على المستوى، وأثرها على المتلقي.

وتقترح علينا الكلمة في باب علامات مقالة المفكر التقدمي السوري كامل عياد المنشورة في مجلة الطليعة سنة 1936، وفيها يقارب السياسة كمهنة متعالقة مع اليومي، ليصل إلى قدرتها الكفاحية على حمل رسالة للحق والتاريخ. وبذلك يتلمس القارئ واحدة من جذور مفهوم "الرسالة" في ثقافتنا العربية، ويفتتح الناقد الأدبي المغربي محمد معتصم باب كتب بـ"الرواية التربوية/ التعليمية" حيث يستقصي رواية صدرت حديثا، تهتم بالواقع وما يمور فيه من صراع بين قوى التحديث وبين قوى التخلف، بينما يرصد الناقد اللبناني حسن عجمي كتابا يعالج قضايا اللغة حيث يمضي في رحلة نحو اكتشاف معنى النثرية و دلالاته، ونكتشف مع الشاعر الفلسطيني نمر سعدي، في قراءته العاشقة، جدلية العشق والتمرد في شعر يوسف أبولوز، والتي يرتكز صاحبها على موروث الفلسفة العربية القديمة وجماليات النص الصوفي، في "تشكيل الرؤيا وإنتاج التأويل" يسعفنا الباحث المغربي عبدالسلام دخان في تلمس الأثر الثقافي للفكر الإسلامي ارتباطا بموضوعات يتداخل فيها التاريخي والديني والفكري على نحو مخصوص، ويعود الكاتب الفلسطيني زياد جيوسي الى رواية موضوعها الاعتقال السياسي، مهداة الى روح "البوعزيزي مفجر الثورات العربية"، وتقدم لنا الكاتبة اللبنانية منى فياض كتابا مثيرا للجدل، يقدم صورة أكثر جدل، صورة العرب في عين يابانية بتفاصيلها القاسية، وينتهي باب كتب بسلسلة الكاتب المغربي عبدالرحيم مؤذن حول القصة القصيرة في المغرب، وفي هذا الحلقة يتوقف عند تجربة رائد من رواد القصة وأحد مناضليها الذين كرسوا وقعدوا لتجربتهم القصصية وساهموا بشكل لافت في "ربيع القصة المغربي" القاص أحمد بوزفور، بالإضافة إلى ذلك تقدم المجلة رسائل وتقارير و"أنشطة ثقافية"، تغطيان راهن الوضع الثقافي في الوطن العربي.

ربيع العرب

على صعيد اخر احتلت المناقشات عن دور وطبيعة الديمقراطية في العالم العربي موقع الصدارة خلال دورة العام الحالي للمهرجان الدولي للموسيقى العالمية العربية بمدينة فاس المغربية، ويقام المهرجان السنوي الذي اختتمت دورته السابعة عشر يوم الأحد "12 يونيو" في مدينة فاس بشمال المغرب منذ عام 1994، الموسيقى الصوفية عي الخيط الرئيسي الذي يربط بين حفلات المهرجان في أيامه العشرة، لكن الثورات والانتفاضات الشعبية التي شهدتها دول عديدة في العالم العربي ألقت بظلالها على دورة العام الحالي، شارك في المهرجان المغني الستغالي يوسو ندور بإحياء حفل أمام جمهور غفير بساحة الماكينة في البلدة القديمة في فاس، وتحدث ندور إلى الصحفيين قبل الحفل عن حركة 20 فبراير شباط التي تطالب بإصلاخات ديمقراطية في المغرب، وقال ندور "انهم يستخدمون الرابطة التي يصنعها الانترنت بينهم ويحاولون المشاركة في السلطة، هذا في غاية الأهمية، وهذا البلد شديد الخصوصية، أول شيء ان الملك له رؤية، لديه رؤية، انه شاب ولديه رؤية، يستشرف، لكي تحكم شعبا يتعين ان تستشرف، أن تشعر بأن ما حدث في فبر اير "شباط"، هو فكرة تحقيق مزيد من الديمقراطية"، وكان العاهل المغربي محمد السادس قد شكل لجنة في مارس/ آذار الماضي لتعمل مع الأحزاب السياسية واتحادات العمال ومنظمات المجتمع المدني على صياغة اقتراحات بتعديلات دستورية، ومن أنشطة المهرجان التي دار خلالها أكبر قدر من الحديث عن الديمقراطية والإصلاحات السياسية منتدى فاس الذي تجري خلاله في العادة مناقشات بخصوص الشرق الأوسط، وجرت مناقشات المنتدى هذا العام تحت عنوان "صعود وهبوط الديمقراطية"، الأمريكية كاثرين مارشال عملت أكثر من 30 عاما في مجال التنمية الدولية، وساهمت مارشال هذا العام في إدارة المناقشات خلال منتدى فاس. بحسب رويترز.

وقالت مارشال "هناك شعور بأن المغرب متميز للغاية، مختلف، بأن المغرب أكثر استقرارا والأرجح ان يشهد مسارا من التطور لا مسارا ثوري، لكن هناك أيضا في إعتقادي وعي واضح جدا لمسناه في الأسئلة والمناقشات سواء داخل أو خارج المناقشات الرسمية للمنتدى بأن هذا وقت تحديات، لحظة دقيقة، وبان المغرب أمامه فرصة حقيقية للتحرك في اتجاه ايجابي جدا لكن المخاطر كبيرة"، الشاب المغربي جواد جواني شارك عذا العام في مناقشات منتدى فاس ذكر أن نقطة الضعف الرئيسية في رأيه في حركة 20 فبراير شباط هي أن التيار الإسلامي وغيره ركبوا موجة الحركة من أجل تحقيق أهداف أخرى، وقال جواني إن الحكومة المغربية تعاملت بأسلوب ديمقراطي ومتحضر في معظم الأحيان مع مظاهرات حركة 20 فبراير شباط ومع مطالبه، لكنه ذكر أن بعض العناصر مثل الإسلاميين والأحزاب اليمينية استغلوا حركة 20 فبراير شباط لتحقيق أهدافهم السياسية، وكان اختلاف الآراء موضع ترحيب خلال مناقشات المنتدى الذي أطلق عليه القائمون على تنظيم المهرجان وصف "دافوس الروحي" على غرار منتدى دافوس الاقتصادي، وكانت الأمم المتحدة ذكرت عام 2001 أن المهرجان الدولي للموسيقى العالمية العريقة في فاس من أهم المحافل التي تساهم في الحوار بين الحضارات في العالم، ورغم المخاوف من الاضطرابات في المنطقة ومظاهرات حركة 20 فبراير شباط في المدن المغربية أكد المنظمون أن الحضور الجماهيري كان قويا في حفلات المهرجان، وقالت زيبة رحمن مديرة شؤون آسيا وأمريكا الشمالية في المهرجان "مطالعة عناوين الأخبار والاضطرابات الاقليمية جعلتنا غير متأكدين بما قد يريده الجمهور هذا العام لكننا "في الحقيقة" واجهنا مفاجأة سعيدة لأنه في أماكن العروض الأكبر التي تتسع لنحو 3500 فرد أو الأكبر التي تتسع لما يصل الى 30 أو 40 ألفا حضر حفلاتنا جميعها نحو 75 أو 80 ألفا"، وأضافت زيبة رحمن أن الباقة المتنوعة من الفنانين الذين شاركوا في المهرجان ساهمت في الإقبال الجماهيري على حفلاته خصوصا المجانية منها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 10/تموز/2011 - 8/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م