شبكة النبأ: بدا العراقيون منقسمين في مواقفهم تجاه انسحاب القوات
الأمريكية من بلادهم بعد سبعة أعوام من الوجود في المنطقة. إذ جاء هذا
في وقت تزيد فيه أعمال العنف في حين لا يزال الجيش العراقي لم يستكمل
بعد تدريباته و ليس له الخبرة والكفاءة اللازمتين لحفظ الاستقرار.
من جانب آخر هناك نقطة أخرى تتعلق بالانسحاب وهي من بين أهم المشاكل
التي تعترض العراق، هناك إشكالية الانتقال الديمقراطي للسلطة في يد
الحكومة العراقية. فإلى جانب كون الحكومة الحالية لديها علاقات مع
جارتها إيران، سوف تعاني الحكومة قريباً من صعوبات مواجهة المواقف
الدولية، في الوقت الذي أصبحت فيه إمكانية الانقسام احتمالاً واردا
يوماً بعد يوم. ورغم أن نوري المالكي، الذي انتُخِب سنة 2008، تبدو
عليه علامات رجل الدولة، فإن المؤسسة السياسية للبلاد لم تنجح في خلق
دولة حقيقية منذ انتخابات 2005. ومنذ التوترات التي ظهرت سنتي 2006
و2007، أضحت النعرات الطائفية هي السائدة على المشهد العراقي.
وتفيد معلومات من ان الإدارة الأمريكية عرضت على الحكومة العراقية
رغبتها في بقاء عشرة آلاف جندي في العراق بعد نهاية العام الحالي الذي
من المقرر فيه ان تنسحب هذه القوات من العراق. لكن مايجري على الساحة
العراقية يوحي بان الكتل السياسية تريد انسحاب هذه القوات، لكن محللون
سياسيون يقولون ان الواقع لا يقول ذلك رغم معارضة الكثير من العراقيين
وحلفاء رئيسيين لأوباما في الحزب الديمقراطي للإبقاء على قوات أميركية
في العراق بعد الموعد المقرر للانسحاب. فيما أشار خبراء عسكريون بان
الانسحاب سيضعف مهمة الدفاع عن أكثر من 17000 دبلوماسي أميركي في
العراق فضلا عن حماية العراق من حرب أهلية حيث قال محللون سياسيون رغم
تولي العراق القيادة، فان بعض العراقيين يأملون بقاء القوات الخاصة
الأميركية، ويقول الكاتب لتيم أرانغو بوصف إحدى عمليات المداهمة
المشتركة بين القوات الخاصة العراقية والأميركية لاعتقال بعض المشتبه
في تورطهم بأنشطة إرهابية.
حيث يوضح ما يبعث على الدهشة هو تولي العراقيين قيادة العملية منذ
البداية تحت إشراف أميركي، وقيامهم بكل تفاصيلها الدقيقة، لافتاً الى
أن ما يثير قلق القادة الأميركيين والعراقيين على حد سواء هو احتمال
تعرض الإرث العسكري للحرب إلى بعض المخاطر مع رحيل القوات الأميركية عن
العراق هذا العام بموجب اتفاق وضع القوات بين البلدين، مشيراً الى ان
الأميركيين يقولون إن القوات الخاصة العراقية أفضل بكثير من الجيش
العراقي، وأكثر قدرة على حماية البلاد من التعرض لحرب أهلية جديدة.
الى أنه ورغم استعداد قلة من الساسة العراقيين للاعتراف علنًا
بالحاجة إلى المساعدة الأميركية، يقول جنود عراقيون بضرورة بقاء القوات
الأميركية للاستمرار في عمليات التدريب والإرشاد، وينقل تقرير عن
اللواء فاضل البرواري، القائد بالقوات الخاصة العراقية، قوله إن
الأميركيين بحاجة إلى البقاء لأننا لا نسيطر على الحدود، موضحاً أن
هناك علاقة قوية بين القوات الخاصة العراقية والأميركية، والتي ازدادت
قوة بتكرار المهام المشتركة بينهما، هذا وقد نصح بعض القوات الخاصة
العراقية رئيس الوزراء نوري المالكي بضرورة بقاء بعض القوات الأميركية،
وهو الطلب الذي لن يعترض عليه المسؤولون الأميركيون.
جدير بالذكر أنه رغم انتهاء الحرب رسميًا، لا يزال العراق يبدو في
حالة حرب بالنسبة لوحدات القوات الخاصة المنتشرة في مختلف الأرجاء، حيث
تخرج حملات من القوات الخاصة المشتركة لمداهمة منازل المشتبه بهم
واعتقالهم للحفاظ على الأمن العام.
وربما سيكون خلاف علاوي والمالكي يشل الحكومة العراقية فان شلل
الحكومة يسهم في ارتفاع وتيرة العنف ويعقّد بشدة المفاوضات في
شأن المسألة الأكثر صعوبة وإثارة للانقسامات وهي تلك المتعلقة
بالانسحاب الامريكي وما إذا كان سيُطلَب من الولايات المتحدة إبقاء
قوةٍ للطوارئ في البلاد بعد الانسحاب المقرر للقوات الأميركية نهاية
العام. وتبين تقارير ان المتضرر الوحيد من ذلك هو الشعب العراقي وكلما
استمر الجمود، كلما تصاعدت العمليات الارهابية التي يذهب ضحيتها عشرات
من المدنيين الابرياء ويشير التقرير إلى الاتفاق الذي عقده المالكي
وعلاوي وحظي بدعم الولايات المتحدة لتقاسم السلطة في كانون الأول
الماضي قائلاً إنه منذ ذلك الحين بقيت حقائب الوزارات الأمنية المهمة
كالدفاع والداخلية شاغرة فيما بدا أن واشنطن عاجزة عن وضع حد لحالة
الجمود مما يدلل على تراجعِ تأثيرِها في بغداد بحسب رأي عراقيين وبعض
المحللين.
ومع استمرار الجمود، ارتفع بشكل ملحوظ عدد الاغتيالات السياسية
والهجمات التي تستهدف قواعد أميركية. وإن الدول التي شهدت صراعات أهلية
مثل العراق تتراجع في كل وقت نحو حروب أهلية، من هنا تأتي أهمية إحراز
تقدم في النظام السياسي للخروج من مسار الحرب الأهلية.
ويعتقد محللون سياسيون إذا كانت العملية السياسية لا تعمل فإن الناس
يشعرون بالإحباط ويلجأون إلى العنف. فأنه ينبغي النظر إلى تزايد العنف
باعتباره بداية محتملة لمثل هذه العملية الخطيرة. |