قراءة في كتاب: بحوث في العقيدة والسلوك

 

 

 

 

الكتاب: بحوث في العقيدة والسلوك

الكاتب: آية الله السيد مرتضى الحسيني الشيرازي

الناشر: دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع

عدد الصفحات: 425 من القطع الكبير

الطبعة: الطبعة الاولى/1431 هـ /2010 م

قراءة: عباس عبد الرزاق الصباغ

 

 

 

شبكة النبأ: يوحي هذا الكتاب الشيق والموسوم بـ (بحوث في العقيدة والسلوك) من عنوانه انه مجموعة من المحاضرات الهادفة التي تتوخى الاسترشاد بالقرآن الكريم كان قد ألقاها سماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي على جمع من علماء وفضلاء الحوزة العلمية الزينبية في ليالي الخميس للعام الدراسي1429هـ فجاء مجموع هذه الدروس تسعة وعشرين درسا دارت حول المباحث القرآنية للوصول الى السعادة في الدارين والكتاب الذي نحن بصدد قراءته هو المجلد الاول وتضمن أربع عشرة محاضرة فضلا عن المدخل الموطئ للكتاب بمحاضرة لوحده لأهميته أما بقية المحاضرات فستأتي تحت طيات المجلد الثاني إن شاء الله.

امتازت المحاضرات بالأسلوب العلمي الشيق والرصين والبعيد عن الكلفة والنهج التحليلي والموضوعي المبسط مع التضمين للشواهد المتيسرة والقصص الهادفة التي تعطي للدرس أبعاده الفكرية والمعرفية وأهدافه السلوكية والتربوية ومراعاة لمستوى الطلبة والمتلقين والناهلين من علوم سماحته كما أفردت كل محاضرة بعنوان لهى دلالة عامة وجامعة لمحور معين فقد أفردت كل منها بدرس او مبحث من مباحث العقيدة والسلوك ونلفت عناية القارئ الكريم الى ان هذه المحاضرات قام بعض الإخوة بإنزالها على الورق وتحريرها وتنقيحها وتشذيبها فخرجت بشكلها اللائق الرائق.

المدخل الموطئ وهو محاضرة برأسها افتتح باستمطار الرحمة الإلهية بالإنصات الى القرآن الكريم وهي استعارة ذكية بتشبيه الرحمة الإلهية بالغيث في تتبع الأثر ذاته الذي يتركه الإنصات للقرآن وفي التفاتة بديعة تدل على سعة تبحر السيد في العلوم القرآنية حيث يعطينا الفرق بين لفظتي "فاستمعوا" و"أنصتوا" مبينا الفرق بينهما وينتقل الى مبحث آخر من الاستمطار وهو استمطار رحمة الله بقراءة القرآن اثناء المرض ومن شروط الاستمطار الإلهي التمسك بولاية أهل البيت بالترادف مع التمسك بالقرآن من خلال الإنصات والاستماع له واثر ذلك على سلوك الفرد وبعث الطمأنينة في قلبه وإطالة عمره.

(الهدف من الخلقة) تحت هذا العنوان تطرق سماحته في المحاضرة الاولى الى ثلاثة أسئلة إستراتيجية الاول ما هو الهدف من الخلقة والثاني لماذا يجب ان نسال لماذا خلقنا الله ؟ واخيرا من هو الذي علينا ان نسأله ثم يتساءل من هو الذي يملك صلاحية تحديد الهدف من الخلقة فيكون الجواب هو الله سبحانه ويحدد تلك الأهداف: الهدف الاول هو العبادة والثاني الرحمة والثالث هو العلم ويغوص في اعماق القران الكريم ليشرح دلالة "وليعبدون" ليشير الى إنها تحدد الهدف من الخلقة " العبادة" ويستشهد بقصة تدل على فحوى المحاضرة.

وفي المحاضرة الثانية التي عنونت بـ "العبادة تشريف لا تكليف" يقدم سماحته دروسا وايضاءات من خلال (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون) منها تحديد الهدف والثاني الوضوح في الهدف والثالث سمو الهدف مستطردا بتحليل هذه الإشارات المتوخاة من الآية الكريمة وما تضمنته من مغزى حقيقي لعملية الخلق.

 وفي المحاضرة الثالثة ينتقل بنا سماحة السيد الى مراتب التوحيد في الصمد وهو العنوان الذي تصدر المحاضرة الثالثة مشيرا الى إن مراتب التوحيد اربع من خلال (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون) وهي توحيد الافعال والتوحيد في العبادة والثالثة توحيد الذات والرابعة توحيد الصفات ثم يعرج الى توضيح السر في استخدام الضمير المفرد في (وماخلقت) كون هذه المراتب قد جمعت في قوله تعالى (وماخلقت).. ويتطرق سماحته الى معنى "الصمد" ويجمل له اثنا عشر معنى.

وفي المحاضرة الرابعة (آية المودة واجر الرسالة) يكشف سماحته عن عمق الترابط ما بين آية المودة (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) وما بين رواية الإمام الصادق (عليه السلام): من زار الحسين محتسبا....محصت عنه ذنوبه فلا يبقى عليه دنس) مستشهدا بذلك بكتب من أهل السنة في المعنى ذاته ويغوص في علم أسباب النزول لبيان قصة نزول هذه الآية لافتا الى إن البخاري في (صحيحه) يعمد الى ترك الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) لكنه يروي عن الفسقة واضرابهم.

وفي المحاضرة الخامسة التي يتكلم فيها عن اجر الرسالة الخاتمة فيتساءل سماحته هل العابد بغير محبة الرسول وآله في النار ويجيء برواية عن النبي (صلى الله عليه وآله) تؤكد خلود ذلك العابد في حال عدم تلك المحبة وهو من مصاديق آية المودة التي اشترطت صحة العبادة بمودة اهل البيت ويتطرق الى الحكمة من (القلاقل الأربع) وهي السور التي تبدأ ب(قل) ومنها آية المودة والهدف هو (ان الله سبحانه يريد ان يؤكد ويرسخ وساطة النبي (صلى الله عليه وآله) بينه سبحانه وبين الخلق).

 وفي السادسة يستطرد في اجر الرسالة الخاتمة من خلال مبحثي "الأجر" و"المودة" منبها الى استخدام مصطلحات التجار في القرآن الكريم (لعل السبب يعود الى مجموعة من النقاط منها الأدب التصويري أوقع في النفس والثاني انها أتم للحجة وادعى للعقوبة والثالث ان ترتبط الفكرة بحياتنا اليومية وفي المحطة التالية يقف سماحته متحيرا من استخدام الله سبحانه حرف الجر في ولم يستخدم اللام في (في القربى) ويبدد تلك الحيرة بان التعبير القرآني جاء دقيقا جدا وذلك إن الله تعالى يريد المودة بشكل خاص جدا والمقصود من المودة هم أهل البيت خاصة سيما امير المؤمنين فيخرج من هذه الدائرة جميع من سواهم كما تؤكد آية المودة أفضلية اهل البيت على الخلائق ودليل عصمتهم كما إن المودة لا تتأتى إلا بالفطرة السليمة.

ويقف سماحة السيد متسائلا في المحاضرة السابعة عن الولاية العظمى لمن هي؟ فيتفضل بالإجابة هي للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وفي سياق الآية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) فالمقصود بالإجماع هو أمير المؤمنين ويقصد معد ايضا بقية الأئمة ويستمر في المحاضرة الثامنة حديثه عن الولاية وحقيقتها ولوازمها وفلسفتها من ناحية كونها الولاية العظمى المطلقة جعلها الله لرسوله كما جعلها للإمام علي (عليه السلام) من بعد الرسول وهي من المراتب الطولية لولايته جل اسمه ثم قدم لنا استدلالين على عصمة الرسول والأئمة الاول بكلمة (إنما) والثاني بكلمة(وليكم) التي هي دليل العصمة ومن غير المعقول او المنطقي أن تجعل لغير المعصوم.

ماهي المعادلة التي ينبغي أن تحكم العلاقة ما بين الحضارات والأديان والأمم وذلك لمعرفة الخط الفاصل مابينها بين طيات المحاضرة التاسعة وهل ان المعادلة هي صراع ام تعايش ام اندماج ام هناك مسارا آخر. سورة "الكافرون" تلقي الضوء على هذه المعادلة التي ينبغي ان تتحكم في العلاقة ما بين الأديان والحضارات المختلفة ويخلص سماحته الى إن وجود خط فاصل ما بين الأديان بقرينة (لا اعبد ما تعبدون).

 وتأتي المحاضرة العاشرة لتوضح لنا فلسفة الثواب العظيم لقراءة السور القرآنية مستفتحا المبحث بفضل قراءة "الكافرون" عن المعصومين (عليهم السلام) مشيرا في مبحث آخر الى قاعدة الإلزام المستفادة من (قل يا أيها الكافرون) ويعدها من مفاخر الاسلام ويعقد مقارنة بين الاسلام والغرب على ضوء هذه القاعدة فالغرب لا يعمل بقاعدة الإلزام في الكثير من الموارد منها الزواج دون السن القانونية والزواج بأكثر من واحدة وزواج المجوسي بالمحارم وفرض المرأة إماما للجماعة والخلاصة ان (الكافرون) تحدد المعادلة التي تتحكم ما بين الإسلام والأديان الاخرى التي خلاصتها (لكم ديني ولكم دينكم).

 وفي المحاضرة الحادية عشرة يحدد سماحته المسافة بيننا (نحن) وبين الآخرين على ضوء قاعدتي الإلزام والإمضاء وقاعدة (ولي دين) مشيرا الى ان تلك القاعدتين تستفادا كلتاهما من الآية الشريفة اعلاه ويتساءل سماحته في مبحث مهم هل ان الاسلام فرض نوعا من التمييز المبني على العقيدة كالمسلم له حقوق والكافر محروم من بعضها وينبه الى إن الحدود فيها الكثير من الأنماط كالحد الجغرافي والقومي... منبها الى إن التمييز الحقيقي وقع في الحضارة الغربية كالتمييز بين الشمال والجنوب وضد مسلمي اوروبا.

أما المحاضرة الثانية عشرة فيتطرق سماحته الى فلسفة التبري في الآية الشريفة(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهرن على الدين كله) موضحا المعنى الصحيح من (ليظهره على الدين كله) حيث ارجع الضمير في (ليظهره) الى الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) وقد استنبط من الآية الكريمة عدة حقائق منها ان وحدة نفس الرسول مع نفس الإمام الحجة (عليه السلام) والثانية التأكيد على ركني إظهار الدين والتولي والتبري وشارحا كيفية إظهار الدين الى أسباب غيبية وطبيعية.

 ويستمر في المحاضرة الثالثة عشرة بذات النسق حول من سيظهر دين الله ومتى وكيف وماهي مسؤولياته ويخلص الى الغرض من بعثة الرسول ومن إرساله وهو (ليظهره على الدين كله) فهل إن الله تعالى اظهر الدين كله في زمنه (صلى الله عليه وآله) والجواب كلا كون النبي (صلى الله عليه وآله) ما كان مسيطرا على جميع العالم أما مسؤولياتنا في زمن الغيبة والتي تقع في طريق (ليظهره) فتتمثل بالصبر على المصائب والمصابرة على الفرائض والمرابطة بالاقتداء بالأئمة (عليهم السلام).

وجاءت المحاضرة الأخيرة تحت عنوان (لله تعالى الدين الحق) تناول سماحته فيها المعاني الدقيقة لكلمة الرسول مشيرا الى ان جذر مادة الرسول (ر.س.ل) تتضمن معاني الرفق والليونة واليسر وان رسالته عجنت بالرحمة واليسر لكن في مواجهة الرسالة كان موقفان واحد للكفر والثاني للشرك.

لقراءة الكتاب:

http://www.m-alshirazi.com/html/pdf/books/bohooth.pdf

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/تموز/2011 - 7/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م