الفوبيا أو الرهاب أو الخوف الغير طبيعي بأعمق صوره يتخذ لدينا، دول
العالم الثالث وما تحتها، أنواع شتى وفي العراق لدينا أنواع كثيرة منها
من لم يألفه العالم حتى.. بل قد نكون قد أبدعنا في إضافة أنواع جديدة
منه للإنسانية مثلما أضافت حضارتنا العريقة الكثير الى تأريخ
الإنسانية..
وفي تلك الأيام وفي مرحلة الامتحانات العامة (البكالوريا) كما أصطلح
على تسميتها منذ فترة طويلة.. نرى أن اباءاً وامهات متعلقين بقضبان
أبواب المدارس تذروا الأتربة وجههم وتلفحها شمس الانتظار بقسوة بانتظار
أبناءهم ان يخرجوا مبتسمين من تلك الامتحانات التي أخذت بعداً جديداً
منذ سنوات.. فلم تعد هناك أي حكمة في وضع الأسئلة لطلاب السادس
الإعدادي وكأنهم بذلك يحاربون البطالة في التقليل من عدد الطلاب
الداخلين الى الجامعات وبالتالي التقليل من عدد الخريجين من الكليات
لحين تشغيل من هم مرميين اليوم على عتبة الطرقات من شبابنا تلفح وجههم
شمس البطالة..
لقد أزفت لغاية اليوم ثلاثة امتحانات من الامتحانات العامة عُمِل
بها الطالب العراقي كما يعامل الطالب في أي دولة من دول الجوار.. مع
العلم أن اللجنة الامتحانية على علم تام أن المدارس والتدريس ليس على
مستوى علمي واحد باستثناء بعض المدارس الأهلية والتي من الظاهر أن تلك
اللجنة تدفع الطلاب باتجاهها وتدفع كذلك بأكثر طرق التدريس خسة وهو
التدريس الخصوصي فيوماً بعد يوما تتراكم فوبيا البكالوريا في قلوب
ابناءنا، المظلومون، في كل شيء..
فلا مكان خاص للدراسة ولا جو مناسب للمذاكرة والحر على الأبواب يطرق
فوق الرؤوس والتدريس أضحى في أتعس حالاته والوضع الأمني الهش.. وكأن
الأسئلة قد وضعتها لجنة ليست من العراقيين.
أنه اليوم الثالث الذي يخرج شبابنا من الامتحانات وعلامات الاستفهام
ترتسم على وجوههم.. ما ذنبنا ونحن نعاني قسوة الحياة لتأتي تلك اللجنة
وتبعثر كل ما تمت قراءته خلال أشهر من خلال وضعها لأسئلة انتقامية تعمق
جراحنا النفسية يوماً بعد يوماً ؟..
الحمد لله أننا أقوياء وما هي تلك الامتحانات إلا " كفخة" من "
الكفخات " التي نتلقاها بين الحين والآخر فظروف الطالب العراقي ليست
كظروف ابسط طالب في دول الجوار على الرغم من كل الإمكانات المتوفرة...
أذكر أن في ثمانينات القرن الماضي وإبان النظام البائد كانت هناك
ظروف صعبة لمدينة البصرة بسبب تعرضها للقصف أثناء الحرب العراقية
الإيرانية وكيف صدرت توجيهات في حينها بأن تكون هناك اسئلة خاصة لطلاب
مدينة البصرة تتناسب وحجم معاناة طلابها.. لعن الله النظام المباد..
كيف يفكر.. ونظامنا الحالي كيف يفكر وهو الخارج من رحم الانتخابات
المدنس..
لماذا لا تنتبهوا لشبابكم وتضعوا مصائرهم بيد لجنة لتبدأ بذبح ربع
مليون شاب وشابة عانوا ما عانوا منذ أحد عشر سنة منها ثمان تحت نير
الاحتلال ذبّح من ذبّح من أهاليهم وشاهدوا مآس الوطن وأداة القتل تموج
في جسده الشريف وحملت عقولهم ملايين الصور المأساوية ناهيك عن أنواع
الكبت الذي يعانوه مع محدودية ظروف السفر والمتعة لديهم لأن أغلبهم من
أبناء الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة وهم أبناء أولئك السبعة ملايين
فقير الذي لم تسعفهم مداخيلهم المالية للدخول في المدارس الأهلية أو
الدخول في حصص التدريس الخصوصي..
فبربكم هل هناك من يستطيع أن يصور حجم معاناة العراقيين منذ ثمان
سنوات.. فلو أن طالباً من دول الخليج أو من دول الشرق أو الغرب قد عاش
في العراق لهلك قبل أن يصل الى الامتحانات العامة لكون ما يعانيه
الطلبة العراقيين لا يصبر عليه إلا الأبطال وهم أبطال حقاً مع كل طرق
الموت الحرمان التي يسيرون.. وأنتم أهنتموهم بذلك وسوف لن تنجو من ذلك
من الله.
zzubaidi@gmail.com |