![](Images/032.jpg)
شبكة النبأ: في مجتمع الطيور المشاهد
لدى الغالبية من الناس، ان الديك ينفش ريشه وهو يتجول بين الدجاجات،
وهو تجول لا يخرج عن طبيعته البيولوجية اغراءا للدجاجة ودفعها للقبول
به ملقحا لبيضاتها.. والدجاج يبيض مع الديك او بدونه.. هذا عن الطيور
وتصرفاتها.
ماذا عن البشر؟
تكثر مظاهر التباهي وتتنوع.. فالسيارة الفاخرة ترف اكثر مما هي
ضرورة.. والهاتف النقال من لزومات الفخر اذا كان بنوعية فاخرة وليس
المهم حاجته والقدرة على استعمال مميزاته..الدخول الى المطاعم الفاخرة
ليس بدافع الجوع في المقام الاول والاستمتاع بالطعام بل هي متعة
التباهي ومتعة الدفع.. شراء السلع من مناطق راقية ليس هدفه اشباع
الحاجة لهذه السلعة بل التباهي بشرائها من تلك المنطقة ومتعة الدفع
بالدولار.. نفس السلعة في اماكن اخرى اقل من ذلك السعر بدرجات كبيرة
ولكن بالعملة المحلية.
تجد الكثير من تلك المظاهر في مجتمعاتنا وهي تختفي خلفها دوافع
استهلاكية بالدرجة الاساس تدفع الى ذلك وسائل الاعلام واعلاناتها التي
تدر الملايين.
في العراق يضاف مظهر اخر من مظاهر التباهي والتفاخر، او ما يمكن
اطلاق تسمية (الكشخه والنفخه) عليه ولو ان الكشخه عرفت باطلاقها على
الهندام وما يتعلق به.. الا ان كشخه المسدسات تشبه من قريب كشخة الديك
الهراتي امام الدجاج.
هذا المظهر هو حمل المسدسات والتي ياتت حالة واضحة للعيان سواءا عبر
جانبها الرسمي الممثل برجال الشرطة والجيش او على مستوى الصعيد الشخصي
وهو اسلحة المدنيين.
نشرت جريدة العالم تحقيقا قصيرا حول ظاهرة حمل المسدسات في الشارع
العراقي والتقت بعدد من العراقيين الذين تحدثوا في الموضوع. حيث عادت
إلى العراق مؤخرا ظاهرة التفاخر بحمل المسدس، حسب ما يؤشر عدد لا بأس
به من العراقيين الذين يصفون (ثقافة المسدس) بأنها (من أتعس ما مر على
العراق من ترويع وخوف)، ويؤكدون أنها (وسيلة قمع كبرى وإن لم يطلق
المسدس النار).
احدهم يقول.. لا يمكنني نسيان تلك النظرة التي ألقاها علينا ذلك
الشاب بزيه العسكري، وهو يوقف سير المركبات في عز الظهر دون سبب وبلا
امر).
ويتابع (لم يكن ذلك الشاب العسكري جنديا في نقطة تفتيش، وانما ترجل
من سيارة عسكرية مركونة عند الرصيف، واوقف السير وابتسم منتشيا
بتعذيبنا مدة 5 دقائق).
واخر يقول وهو يضع (اللوم على الاستخدام المفرط لقانون الطوارىء
الذي جعل الجيش ينتشر بكثافة في الشوارع، الامر الذي ادى الى اندثار
الكثير من القوانين الخاصة بالمرور، وتحول الضبط الى فوضى).
احد القانونيين يصف هذه الحالة بالقول : (لقد عاش الخوف طويلا في
العراق، كبديل عن القانون والاشخاص الذين يمارسون (التخويف) اليومي، هم
في العادة من المطبقين للقانون).
ويذهب الدكتور اثير عبد الرضا، المختص بعلم النفس إلى ان (الامر
يرتبط بالشعور بالنقص؛ فالانسان ينزع الى الارتقاء والانتقال من حالة
الضعف الى القوة، ومن حالة الخنوع الى حالة السيطرة، ومن حالة
الاستسلام الى حالة التسلط، ومن حالة النقص الى حالة الاكتمال؛
فالغريزة الإنسانية لدى الإنسان هي غريزة السيطرة، وغايتها التخلص من
الشعور بالنقص).
ويضيف ان (السلاح يلعب دورا مهما في مركب النقص، كونه قوة كبرى
واحيانا سلطة مطلقة، وهنا ادعو الى الكشف النفسي على كل من يمكنه حمل
السلاح، سواء في واجب امني او لسبب احترازي يبيحه القانون"، كي يتم
تحديد "عدد المؤهلين لحمل السلاح).
وكلنا يتذكر سنوات حكم الرفاق الذين كنت تجدهم امامك في كل مكان وهم
يرتدون البدلة السفاري وهي بدلة رجالية من قطعتين ذات لون واحد وهم
يتمنطقون بمسدساتهم واقلامهم ذات الحبر الجاف متعدد الالوان.. او شرطة
الامن والمخابرات وبدلاتهم ذات اللون الزيتوني ومسدساتهم.
ثقافة القهر تعاود الظهور من جديد وهي لم تختف منذ العام 2003 بل
تمظهرت في اشكال متعددة اخرى ليس اقلها التقليد في الملابس او الحركات
من قبل اجهزة الشرطة والجيش.. تعيد الى الاذهان تلك البحوث التي كتبت
حول الميل الطاغي الذي يجده الضحية في تقليد جلاده. وهي ثقافة موروثة
ليس من بوادر سريعة للتخلص منها. |