الفساد... وباء بأجنحة دولية

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: قد تكون للفساد اوجه عديدة لكن النتيجة واحدة، تدمير البلد ونهب خيراته وهروب الفاسد الى الخارج مع الغنيمة، مسلسل يكاد يتكرر في كل يوم عشرات المرات حيث تجده وانت تقلب صحف النهار والمساء او على شاشات الفضائيات العربية وكذلك حين تتجاذب اطراف الحديث مع ابناء جلدتك، وفي الوقت ذاته، ينبري المسؤولون لعقد المؤتمرات الصحفية للتأكيد على ملاحقة الجناة والقبض عليهم والضرب بيد من حديد على المتعاونين مع الفاسدين، وتستمر حلقات الفساد وتزداد الاثارة كلما كان الفاسد متنفذاً وكلما كبرت الغنيمة حتى وصل الامر الى ان تتحول انظمة برمتها الى انظمة فاسدة تحتكر كل الخيرات في الخارج، وحتى بعد ان انكشفت معظمها وسقطت ورقة التوت عن فسادها بقيت تلك الاموال محفوظة في خزانات من الفولاذ من دون ان يتمكن احد من ارجاعها الى اصحابها الحقيقيين.

أنظمة الفساد

حيث لعب الفساد في العالم العربي دوراً مفصلياً في التحفيز على الربيع العربي، وواجه الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي وعائلته المحاكمة غيابياً عن الجرائم التي ارتكبوها، وكذلك تقوم المحاكم المصرية بمحاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك وعائلته، وحُكم على وزير المالية السابق يوسف بطرس غالي، غيابياً بالسجن لمدة 30 عاماً، بسبب تلاعبه بالمال العام، ويعتبر الاحباط من الفساد والمحاباة من المظالم الاساسية التي أدت الى التظاهرات في الشوارع العربية، وعمد هؤلاء القادة الفاسدون إلى إبعاد الاموال التي جمعوها عن طريق الفساد الى خارج البلاد، على الرغم من الالتزامات الدولية التي تمنع مثل اعمال النهب هذه، لكن الربيع العربي سلّط الضوء على ان الجهود الدولية الحالية ضد الفساد غير كافية، وإذا كان قادة العالم جادين بشأن تعزيز الجهود التي تهدف الى مكافحة الفساد، رداً على الربيع العربي، فيتعين عليهم أن يستندوا الى الاصلاحات الاخيرة التي تمت في مكان غير محتمل، ألا وهو سويسرا، وكان هذا البلد قد ادخل تغييرات في قانون استعادة أموال الفساد، ما ادى الى تجميد اموال العديد من القادة، من ضمنهم بن علي ومبارك ورئيس ساحل العاج السابق لورينت غباغبو، واتخذت سويسرا هذه الاجـراءات لأنها تخشى على سمعتها من ناحـية كونها ملاذاً آمناً للاموال غير الشرعية، التي يمكن أن تفقدها القدرة على جـذب الاعمال الشـرعية. بحسب رويترز.

وباتت المصارف السويسرية الخيار الامثل بالنسبة للدكتاتوريين الفاسدين، إذ يحتفظون بحسابات بملايين الدولارات فيها، امثال حاكم نيجيريا السابق اني اباشان، ورئيس الفلبين السابق فرديناند ماركوس، ورئيس هايتي السابق جين كلود دوفالير، وبناءً عليه فإنه ربما من المفاجئ أن تبنت سويسرا في شهر أكتوبر الماضي قانوناً اعتبر الأكثر صرامة من نوعه في العالم بالنسبة إلى استعادة الاموال من قبل السياسيين الفاسدين، لأنه أصبح من السهل على الدولة ان تستعيد اموالها التي سرقها الحاكم الفاسد، ومع ذلك فإن الربيع العربي سلّط الضوء على عدم كفاية الجهود الدولية ضد الفساد، ومن الصعب جداً إعادة اموال الفساد الى الدولة التي صدرت منها، لأسباب عدة، منها أن النظام الفاسد يظل في الحكم طوال حياته، وحتى عندما يتم العثور على الاموال فثمة عقبات قضائية تمنع عودتها، ويمكن ان تكون القيادة الجديد للدولة غير مستقلة تماما عن القيادة الفاسدة التي سبقتها، أو انها غير قادرة على تقديم ما يكفي من الادلة على ان الاموال المطلوبة ترجع إلى الدولة، وبناء عليه، فإن جزءاً صغيراً فقط من اموال الفساد يمكن ارجاعه الى الدولة المطلوبة، وتشير تقديرات البنك الدولي الى أن انظمة الفساد تسرق ما بين 20 الى 40 مليار دولار من الدول النامية سنوياً، وتم ارجاع خمسة مليارات منها فقط خلال السنوات الخمس عشرة السابقة.

ووافقت 140 دولة على التوقيع على اتفاقية تابعة للامم المتحدة ضد الفساد (يونكاك) عام ،2005 وهي رؤية شاملة لمكافحة الفساد، وتلتزم الدول الموقعة على تبني إجراءات لمنع الفساد، مثل تشكيل هيئات لمكافحة الفساد، والحفاظ على هيئات قضائية مستقلة وتأسيس أنظمة تحصيل شفافة وتجريم الرشى والاختلاس من المال العام، والتعاون مع الدول الاخرى لتجميد ومصادرة أموال هذه الجرائم، وإعادة الاموال المنهوبة الى الدول التي سرقت منه، لكن لسوء الطالع، ليس هناك آلية تتمتع بالصدقية لضمان تنفيذ الدول لاتفاقية «يونكاك»، إذ إن زيارة المفتشين عن الفساد المالي لاي دولة لا تتم الا بموافقتها، كما ان التحقيقات المتعلقة بأي دولة تظل سرية الا إذا وافقت الدولة المعنية على نشره، واضافة الى كل ذلك، واستنادا الى وتيرة العمل الحالية، فإن الدورة الاولى من التقييم تستغرق 15 عاماً حتى تكتمل، وعلى الرغم من أن تنفيذ الاجراءات المضادة للفساد يظل مسكوناً بتحديات سياسية، إلا أن هناك نموذجا ناجحا منها وهو الجهد الدولي لمكافحة غسل الاموال وتمويل الاعمال الارهابية عن طريق «القوات الخاصة للمهام المالية»، وعن طريق نشر معايير يضعها الخبراء لمحاربة الاموال المحرمة التي يتم فرضها عن طريق تقييمات مشتركة بين الاعضاء المشاركين في القوات الخاصة للمهام المالية، وبدأت هذه القوات في دول مجموعة السبع الصناعية عام ،1989 لكن الآن هناك 180 دولة تخضع لتقييماتها، وتعتبر جهودها غير سياسية، لذلك فهي تحظى بالاحترام، وتنشر تقاريرها عن نتائج تقييماتها، وتتحدث عن الدول التي تشكل خطراً على النظام المالي.

الأموال المنهوبة

من جهتها أكدت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن استعادة الأموال التي تنهبها الأنظمة الفاسدة في بلدان العالم الثالث مهمة شاقة ومعقدة بسبب القوانين والحاجة إلى الإثبات وتقديم الأدلة، وقد قدَّر البنك الدولي أن الأنظمة الفاسدة تسرق ما بين عشرين إلى أربعين مليار دولار من الدول النامية سنوياً بينما لا يعود منها إلا 5% فقط على مدى 15 عام، وأضافت أنه من تونس وحتى اليمن، لعب فساد الأنظمة في الشرق الأوسط دوراً كبيراً في حدوث الربيع العربي، وأضافت مجلة فورين أفيرز أن الرئيسين "بن علي ومبارك" قد نجحا في إخفاء ثرواتهما في الخارج رغم القيود الدولية المفروضة لمنع هذا النهب، لكن الربيع العربي قد أوضح ضعف هذه القيود الدولية، واستطردت أنه لو أن القادة العالميين جادون في تقوية مساعي مكافحة الفساد استجابة للربيع العربي، فإنه ينبغي أن يبنوا على هذه التطورات الأخيرة الجيدة، فقد غيرت سويسرا مؤخراً قانونها لإعادة أموال الفاسدين، وقد صار قانون سويسرا الجديد واسمه قانون إعادة الأصول المحرمة معمولاً به في فبراير، ويعالج القانون هذه المشكلة بمنح الحكومة السويسرية المزيد من حرية الفعل لإعادة هذا النوع من الأموال، بل إن هذا القانون قد أزال عبء إثبات كون هذه الأموال منهوبة من على كتف الدول المستحقة لهذه الأموال، وإذا ثارت شكوك حول سياسي معين عليه هو أن يثبت أنه كسب المال من الحلال، وقد نقلت فورين أفيرز عن الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية السويسرية قوله، "من مصلحة سويسرا جوهرياً ألا يتم استثمار هذه الأموال المنهوبة في قطاعاتنا المالية مطلقاً وذلك حفاظاً على مصداقيتنا".

وقالت المجلة إنه رغم أن كلام سويسرا يثير الضحك والسخرية، نظراً لتاريخها المعروف في حماية وحفظ هذه الأموال وهي تعلم أنها منهوبة، إلا أنها فرصة ينبغي ألا تضيعها الدول المنهوبة، وقد وقعت 145 دولة على ميثاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وهو الميثاق الذي ينص على ضرورة وجود هيئات لمكافحة الفساد، ووجود هيئات قضائية مستقلة وتجريم الرشوة واختلاس المال العام وسرعة محاكمة المذنبين ومصادرة وتجميد ما ينتج عن هذه الجرائم من أموال وأصول والتعاون بين كل الدول لتحقيق الشفافية، لكن المشكلة كما تقول المجلة هو عدم وجود آلية مضمونة للتأكد من أن الدول تطبق هذا الميثاق بالفعل على غرار الجهد العالمي الناجح لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال وهو فريق العمل المالي (FATF)، الذي كان يتكون من 16 دولة في أول إنشائه من جانب الدول الصناعية السبع في عام 1989، واليوم يضم في عضويته أكثر من 180 دولة وتقييماته محل احترام من كل المؤسسات المالية حول العالم نظراً لأنها غير سياسية ولأنها تعمل بطريقة احترافية في المقام الأول.

يهدد بكشف الاسماء

الى ذلك أعلنت مفوضية الاتحاد الاوروبي عن خطط لمحاربة الفساد مهددة بأنها ستكشف النقاب عن اسماء الدول التي تفشل في التعامل مع الفساد الذي يكلف دافعي الضرائب بالاتحاد ما قدره 120 مليار يورو سنوي، واتهمت المفوضية بعض الحكومات الاوروبية بالتقاعس عن التعامل بجدية مع الفساد واضافت انها تنتظر اتخاذ هذه الحكومات اجراءات مع صدور تقرير يقيم كيفية تعامل كل بلد على حدة مع الكسب غير المشروع، واضافت سيسيليا مالمستروم رئيسة الشؤون الداخلية بالمفوضية "من الواضح أنه لا يوجد تصميم كاف بين الساسة وصانعي القرار لمكافحة هذه الجريمة، بكشف الاسماء وفضحها يمكننا تحقيق الكثير"، وتعد الكثير من دول الاتحاد الاوربي بين الاقل فسادا في العالم حيث تحتل الدنمرك قائمة التصنيفات الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية، بيد أن دولا اخرى تحتل مراتب متدنية وجلبت فضائح الفساد غضبا شعبيا بشأن اجراءات التقشف المالي التي اتخذتها بلدان اوروبية عديدة لخفض الدين ومواجهة ازمة اقتصادية. بحسب رويترز.

وهزت جرائم فساد فرنسا وايطاليا في السنوات الاخيرة حيث يواجه رئيس الوزراء الايطالي الحالي محاكمات في اتهامات احتيال وفساد وكذا اتهامات بدفع اموال لاقامة علاقة جنسية مع عاهرة دون السن القانونية، وتحاول رومانيا وبلغاريا الانضمام لمنطقة شينجن بعد اربع سنوات من انضمامهما للاتحاد الاوربي لكن فرنسا والمانيا عارضت دخولهما شينجن بسبب الفساد في الدولتين الشيوعيتين السابقتين، وفي اليونان يحمل الالاف الفساد في الادارة العامة المسؤولية عن اقتراب الاقتصاد من حافة الانهيار، وخفضت الشفافية الدولية على نحو حاد من ترتيب اثينا العام الماضي الى ما بعد الصين وكوبا وكولومبي، وتشير تقديرات المفوضية الاوروبية الى أن عقود المشتروات العامة في الاتحاد الاوروبي في المتوسط تنتهي بتكلفة تزيد بين 20 الى 25 في المئة على ما يجب ان تكون عليه بسبب حصول صانعي القرار على رش، وستصدر المفوضية بموجب اقتراح تقارير كل عامين اعتبارا من 2013 استنادا الى معلومات من الهيئات الرقابية الدولية وخبراء مستقلين، لكنها لم تقترح فرض اجراءات عقابية على الدول التي تتكاسل عن مكافحة الكسب غير المشروع.

كشف الفساد في الصين

في سياق متصل يحاكي متصفحو الانترنت في الصين حملة هندية لمكافحة الفساد باطلاق مواقع يمكن للمواطنين ان يعترفوا من خلالها بالتفصيل الممل احيانا بتقديم رشى لمسؤولين، وربما يتعالى الشعب الصيني على الهند الافقر ولكن البعض يسعى لاستلهام الغضبة الرامية لمكافحة الفساد التي تجتاح الهند عن طريق الانترنت، وذكرت صحيفة ون وي بو في هونج كونج ان عددا من مواقع الاعتراف بدفع رشى مستلهم من موقع هندي اطلق عليه (دفعت رشوة) وكتب موقع صيني بنفس المسمي (دفعت رشوة) في صفحته الرئيسية باللغة الصينية "توقفوا عن جني مكاسب غير مشروعة وعززوا فرصا متساوية للمنافسة واعيدوا لنا حلم الصين التي تسودها العدالة"، ارجوكم اكشفوا النقاب عن خبراتكم في دفع رشى بحيث لا يجد الاختلاس والفساد مكانا للاختباء"، وتحتل الهند مرتبة ادنى من الصين في مسح منظمة الشفافية الدولية لعام 2010 الذي يصنف الدول حسب درجة تفشي الفساد وجاءت الصين في المركز 78 من بين 178 دولة ومنطقة شملها المسح وجاءت الهند في المرتبة 87، ولكن الروايات التي نشرت على مواقع جديدة لمكافحة الرشى في الصين تشير لوجود مدعاة لشكوى المواطنين، ويتعهد الحزب الشيوعي الصيني بالقضاء على الفساد بشكل مستمر ولكن الطابور الطويل من المسؤولين المدانين يشهد ايضا بشيوع الرشى والاثراء بطرق غير مشروعة. بحسب رويترز.

واعترف رجل اعمال على موقع صيني جديد اخر يحمل اسم (اعترف بدفع رشوة) بانه دفع ثلاثة ملايين يوان ( 463 الف دولار) لمسؤولين للحصول على عقود بما في ذلك اصطحاب مسؤول تخطيط في رحلة لاوروبا لمدة عشرة ايام، وكتب رجل الاعمال "لا تظنوا انني اباهي بثرائي بهذا الاعتراف، فقط انا بلا حول ولا قوة في مواجهة المجتمع الراهن"، وتشمل روايات اخرى على المواقع دفع رشى للحصول على تصاريح بيع ادوية ودفع اموال وتقديم سجائر لاجتياز اختبارات القيادة وتقديم اموال في "اظرف حمراء" للاطباء لضمان حسن معاملة النساء الحوامل، وفي رسالة اخرى على موقع "دفعت رشوة" كتب معلم "لا خيار اخر سوى دفع رشوة" وذكر انه دفعها لمسؤولين في التعليم من اجل الحصول على مناصب وترقيات، وكتب "في كل مرة تفترض بسذاجة أن بوسعك ان تنجز امرا من خلال الاجراءات المعتادة، والنتيجة انك تجد ان لا شيء يحدث دون دفع مال لتسوية امورك معهم"، ولا يمكن التحقق من اي من هذه المزاعم مجهولة المصدر، ولا تحدد المواقع الصينية من يديرها وما اذا كانت حاصلة على موافقة رسمية وفي السابق حاولت بعض الحكومات المحلية الاستفادة من الانترنت لتشجيع المواطنين على الاعتراف بحالات الفساد، ويوجد في الصين اكبر عدد من متصفحي الانترنت في العالم ويتجاوز عددهم 450 مليونا وحتى رغم الرقابة جعلوا من الانترنت منتدى للشكوى مفعم بالحياة.

وقد كشفت دراسة نشرها المصرف المركزي الصيني مؤخراً ان مسؤولين صينيين فاسدين اختلسوا اكثر من 87 مليار يورو في اقل من عشرين عاماو وقالت الدراسة ان ما بين 16 و18 الفا من كوادر الحكومة او شركات الدولة فروا الى الخارج او اختفوا بعدما تلقوا رشاوى تقدر قيمتها الاجمالية بحوالى 800 مليار يوان (87،5 مليار يورو)، وفر المسؤولون الكبار الذين اختلسوا المبالغ الكبيرة الى دول متطورة مثل الولايات المتحدة وكندا واستراليا بينما انتقل الاقل اهمية الى دول اقرب منها مثل روسيا او تايلاند، وقد استخدم المسؤولون الفاسدون في اغلب الاحيان هونغ كونغ المنطقة الادارية الخاصة، معبرا الى دول الكومونولث بينما مر آخرون عبر دول افريقية او اميركية لاتينية للوصول الى احدى الدول الغربية، وفر بعضهم وهم يحملون مبالغ نقدية في حقائبهم، كما ذكرت الدراسة، ومن الاشكال التي طبقت لاختلاس الاموال ابرام عقود مزورة وسرقة ممتلكات تعود الى شركات صينية عامة في الخارج عن طريق طرف ثالث او انشاء شركات وهمية تتلقى اموالا تأتي من رشاوى. بحسب فرانس برس.

واوضحت الدراسة ان اسعار العقارات في احياء سكنية في نيويورك او لوس انجليس مثلا ارتفعت تحت تأثير تدفق عائلات صينية مصدر اموالها مشبوه، واكدت الدراسة التي اعدت استنادا الى ارقام جمعت في 2008 ان نقل الاموال الناجمة عن الفساد الى خارج الصين يمكن ان "يقوض اسس سلطة الحزب"و واضافت انه "لحماية دعم الشعب ووجود الحزب، يجب المعاقبة (المستفيدون من الفساد) ومنع الفساد بشكل فعال"، ولم تكف السلطة الصينية عن اتخاذ اجراءات لمكافحة الفساد منذ بدء الاصلاحات الاقتصادية قبل اكثر من ثلاثين عاما بدون ان تنجح في الحد من هذه الآفة التي تقوض شرعية الحزب الشيوعي وتغذي استياء السكان، وصرح الرئيس الصيني هو جينتاو مرات عدة ان القضاء على الفساد المستشري في صفوف الحزب امر حيوي.

رشوة بعشرة ملايين يورو

بدورها قالت وسائل اعلام في كرواتيا ان زغرب تحقق في مزاعم عن أن رئيس الوزراء السابق ايفو ساندر تلقى رشوة بلغت قيمتها عشرة ملايين يورو (14 مليون دولار) من مجموعة ام.او.ال المجرية مقابل حقوق ادارة مجموعة اي.ان.ايه الكرواتية للطاقة، كما ذكرت التقارير نقلا عن مصادر في وحدة مكافحة الكسب غير المشروع التابعة للشرطة أن التحقيقات تشمل تسولت هرنادي المدير التنفيذي لمجموعة ام.او.ال ودمير بولانسيتش النائب السابق لرئيس الوزراء، وقالت متحدثة باسم الادعاء "لا يمكننا التعقيب بأي صورة على التقارير الاعلامية أو على هذه القضية بالتحديد"، وقال دوموكوس سولار المتحدث باسم ام.او.ال ان الشركة ترفض تماما كل هذه المزاعم وقال انه لم يحدث "دفع أي مبالغ أو اتفاق على دفع أي مبلغ مع أي طرف أو صانع للقرار في السياسة الكرواتية."وام.او.ال هي المساهم الاكبر في اي.ان.ايه اذ تبلغ حصتها 47.46 في المئة من اسهم الشركة ولديها امكانية شراء 1.6 في المئة اخرى.

وتمتلك دولة كرواتيا 84 ر44 في المئة، وتوترت العلاقات بين أكبر مساهمين في الفترة الاخيرة بسبب حقوق الادارة في اي.ان.ايه، واقترحت الحكومة هذا الشهر اجراء محادثات جديدة مع ام.او.ال على اتفاق حيازة الاسهم، وتنحى ساندر بشكل مفاجيء في صيف عام 2009 وهو حاليا رهن الاحتجاز في النمسا الى حين تسليمه لاوكرانيا فيما يتعلق بعدد من التحقيقات في مجال الكسب غير المشروع، ومطلوب القبض على ساندر (57 عاما) في كرواتيا بسبب مزاعم عن اساءة استغلال منصبه والفساد بما في ذلك اتهامات بأنه وراء خطة لانشاء صناديق وهمية لحزبه المحافظ أثناء فترة توليه رئاسة الوزراء في الفترة من 2004 الى 2009 .ونفى ساندر ارتكاب أي مخالفات، وتخلى ساندر عن استئنافه لقرار تسليمه الى كرواتيا ومن المتوقع تسليمه خلال الاسابيع القليلة القادمة.

حاكم البنك المركزي الأفغاني

على صعيد اخر استقال عبد القادر فِطرت حاكم البنك المركزي في افغانستان بسبب منعه من التحقيق في اختلاس ما يقرب من نصف مليار دولار على حد قوله، وقال فطرت لبي بي سي اثناء وجوده في واشنطن إنه يعتقد ان حياته فى خطر بسبب التحقيق فى فضيحة فساد ضخمة على حد تعبيره والتي أدت إلى انهيار بنك كابول الخاص العام الماضي، و أعرب عن اعتقاده بأن المسؤولين عن هذه الفضيحة من اقارب وشركاء الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، يأتى هذا في حين قال مسؤولون حكوميون في كابول إن فطرت نفسه محل تحقيق في قضية انهيار بنك كابول، وكان فطرت قد أعلن أن عددا من الأعضاء البارزين في البرلمان الأفغاني متورطون في الفضيحة، وأظهر تقرير لمكتب مكافحة الفساد في أفغانستان في مايو/آيار الماضي أن بنك كابول قدم قرضوا بقيمة 476 مليون دولار دون الحصول على الوثائق الضرورية أو الضمانات الكافية للسداد، وأرجع الرئيس كرزاي حينها الأمر إلى نقص خبرة الأفغان في أمور المعاملات البنكية وأنحى باللائمة على المستشارين الأجانب، ووعد كرزاي بفتح تحقيق جنائي مع المسؤولين عن هذه المخالفات.يشار إلى أن عبد القادر فِطرت لديه إقامة دائمة في الولايات المتحدة وهو ما يعطيه الحق في عدم العودة لأفغانستان.

من جهتها اكدت وزارة الخارجية الاميركية ان حاكم المصرف المركزي الافغاني موجود في واشنطن فيما تتحدث معلومات صحافية عن فرار هذا المسؤول الذي يقول ان حياته في خطر، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند "نعلم انه في واشنطن، واذا كان ينبغي حصول تغيير على رأس البنك المركزي الافغاني فاننا سنستمر في دعوة الحكومة (في كابول) لاتخاذ كافة التدابير لاصلاح وتدعيم القطاع المالي"، واضافت المتحدثة انها لم تتبلغ باي طلب لجوء من جانب عبد القادر فطرت، وذكرت صحيفة نيويورك تايمز ان المصرفي اعلن استقالته في احاديث الى وسائل اعلام افغانية مختلفة، واشارت الى انه تحدث من واشنطن واشار الى مخاوف على حياته، مرتبطة بادعاءات بالفساد وانهيار اول مصرف خاص في البلاد، كابول بنك، وقال "ان حياتي حقا في خطر وهذه هي الحال بعد ان تحدثت في البرلمان واعطيت اسماء بعض الاشخاص المسؤولين عن ازمة كابول بنك". بحسب البي بي سي.

وكان فطرت اعطى في نيسان/ابريل اسماء شخصيات افغانية متورطة بحسب قوله في فضيحة كابول بنك، وقد اسس المصرف في 2004 شرخان فرنود لاعب البوكر الدولي، وفي عداد مالكي المصرف محمود كرزاي شقيق الرئيس حميد كرزاي وكذلك شقيق نائب الرئيس محمد قاسم فهيم.وكانت المؤسسة الخاصة وضعت تحت مراقبة المصرف المركزي الافغاني اواخر 2010 بعد عمليات اختلاس كثيفة من قبل قادته ما دفعه الى حافة الافلاس، وهذه الفضيحة سلطت الاضواء على الفوضى والفساد المستشري في النظام المالي الافغاني فيما تستعد القوات الاميركية للانسحاب بصورة تدريجية منا لبلاد بعد عشر سنوات على طرد طالبان من الحكم، وحذر صندوق النقد الدولي من ان منح برنامج مساعدة مالية لافغانستان مشروط باتفاق مع كابول لحل هذه الازمة، واوصى صندوق النقد الدولي ببيع المؤسسة او تصفيته، وقال المتحدث باسم صندوق النقد رفاييل انسباتش بحسب وول ستريت جورنال "نأخذ علما باستقالة الحاكم فطرت"، مشيرا الى الرغبة "في مواصلة النقاش مع خلفه بشأن سبل تحسين النظام المصرفي الافغاني"، وتشير معلومات صحافية الى ان الحاكم السابق موجود في احد الفنادق بضاحية واشنطن ويرفض العودة الى افغانستان.

ادانة حاكم ايلينوي

الى ذلك أدانت هيئة محلفين في شيكاجو رود بلاجوفيتش حاكم ايلينوي السابق في 17 تهمة من 20 تهمة في محاكمة فساد تضمنت اتهاما بأنه حاول مبادلة مقعد باراك أوباما السابق في مجلس الشيوخ مقابل الحصول على مكسب شخصي، وكان بلاجوفيتش عزل من منصبه في عام 2009 . وأدانته هيئة المحلفين في كل التهم المنسوبة اليه ماعدا ثلاثة بمحاولة الحصول على منفعة شخصية وأموال حملة انتخابية في مقابل تعيين سناتور أمريكي لشغل المقعد الذي شغر بانتخاب أوباما رئيسا في عام 2008، وكانت هذه المحاكمة الثانية لبلاجوفيتش، وكان قد أدين بتهمة الكذب على مسؤولين اتحاديين في محاكمته الاولى في اغسطس اب الماضي لكن هيئة المحلفين لم تتوصل الى قرار في التهم الاخرى وقرر المدعون اعادة محاكمته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 4/تموز/2011 - 2/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م