كثير منا تثيره تلك المشاهد التي تعرضها القنوات الفضائية العربية
عن احتفاليات التخرج لطلبة جامعاتها لهذا العام الذي شهد قفزات علمية
كبيرة أدخلت الكثير من الجامعات العربية مراتب قياسية عالية ودخولها في
التصنيف الجامعات العالمية في التقييم الدولي ومنها الجامعات السعودية
التي دخلت الى المراتب العليا وستأتي بعدها الجامعات الإماراتية
والمصرية التي تدخل في نواد الجامعات العالمية فبعدما أغنت المسيرة
العلمية لبلدانها ومن يجاورها..
أبدعت تلك الجامعات أكثر الأعمال تأثير في حياة مجتمعاتها وساهمت
بشكل بنّاء وكبير في تطورها.
من الملاحظ أيضاً فخامة العمران الذي يبعث في نفوسنا الدهشة والغبطة
وأحياناً كثيرة الفخر بتلك الإنجازات العربية على كبر تلك الأبنية
والمختبرات العلمية وقاعات الاحتفالات وأساليب مخططاتها العمرانية وطرق
تأثيثها فهي لوحدها قادرة على أن تبعث الأمل والإرادة في نفوس طلبتها
وتحثهم على إغناء عقولهم ومنها إغناء الوطن بهم فتلك ثروة من ثروات
الوطن تديم التنمية البشرية في خططه الاستثمارية وبنيته فلماذا هذا
البون الشاسع بين جامعاتنا والجامعات العربية وماهو الأختلاف بين
طلابنا وطلاب الجامعات الأخرى وهل هم يستحقون أن تقدم لهم كل هذه
الصروح المعمارية وطلابنا لا ؟
السنا أول من بنى للعالم أول جامعة ؟ على الرغم من أنها تغرق الآن
في الأوحال والفطريات الخضراء وتحف بها النفايات من كل جانب، السنا من
علم العالم بأسره الكتابة.. ألسنا أول من بنى داراً للحكمة.. واليوم
نحن غير قادرين على كتابة رؤيا جديدة لعالمنا المثقف العلمي فتلك أحدى
الجامعات العربية التي تختص بالعلوم والتقنية، مساحة 36 مليون متر مربع،
كلفت بلدها مايقارب الثلاثة مليارات دولار.. تحتوي مختبراتها العملية
على معدات تفوق تلك التي احتوت عليها الجامعات الأمريكية وبنيت في
سنتان تقريباً تستوعب آلاف الطلبة الذين بإمكانهم إكمال الدراسة
الأولية والعليا فيها ولها شراكات مع جامعات عالمية وشركات إنتاجية
كبيرة وستساهم الجامعة في تطوير تقنيات جديدة في مجال تحلية المياه
المالحة، وتحويل رمل الصحراء وأشعة الشمس إلى تقنيات مستخدمة وطاقة
جديدة للحياة وتواجه تحديات القرن الحادي والعشرين بجد وقوة، لقد خطت
رؤيا قيام دار حكمة العصر الحديث..
أين نحن اليوم من تلك الرؤى التي تنشر بذار التقدم العلمي والتطور
العمراني منذ سنين ونحن تشتد حروبنا على البعثات ؟؟ وأين نحن من تلك
الصروح العلمية والعمرانية من الجامعات التي تشيد اليوم في العراق
وكأننا نشيد مولات تجارية متواضعة لا صروح علمية يراد منها هدف أسمى في
نشر المعرفة واستهداف الشباب بنهضة علمية مستدامة.. أو أن يتم شراء
البنايات القديمة بسعر بخس لإقامة الجامعات الأهلية كتجارة أفقدت
الجامعات المعنى الأسمى للحقوق المعرفية.
نحن بحاجة الى رؤية مستقبلية شاملة لجامعاتنا من حيث البناء
العمراني والتجهيزات العلمية ومقدار الاستيعاب ومستوى المشاركة
العالمية.. رؤية واضحة الملامح مبنية على الأسس العلمية تبدأ تلك
الرؤيا بإعادة النظر بالخارطة العلمية لجامعات العراق وبحجم التخصيصات
التي توفرها الحكومة العراقية لأغراض البحث العلمي فنظرة بسيطة على حجم
ذلك التخصيص المحدود الذي يدل بشكل جلي على أننا غير آبهين مطلقاً
بأهمية البحث العلمي في كافة الحقول الإنسانية والعلمية في تطوير
واقعنا الصناعي والزراعي والعلمي وكيف أننا لانحفل مطلقاً بهذا الجانب
المهم من جوانب التطور الأممي..
فلماذا نلاحظ ان كل الدول المتطورة يتناسب تطورها طردياً مع حجم
التخصيصات البحثية التي ترصدها حكوماتها لبحوثها العلمية. فالسويد
مثلاً تنفق مانسبته 9.2% من ميزانيتها الكلية، بينما لم نخصص نحن سوى
0,016 % من الموازنة الكلية فأي علم و تطور نبغيه من جامعتنا.
zzubaidi@gmail.com |