التنين الصيني... إمبراطور العالم القادم

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: في السياسة حال الدولة كحال الانسان في مراحل حياته حيث يولد ويحبو ويبلغ مبالغ الشباب قبل ان يهرم ويموت، وبين تقلبات الدهر ومسيرة الحياة تنتعش الدول في مراحل عنفوانها وقوتها من خلال اقتصادها المزدهر وجيشها القوي ونظامها السياسي المستقر، بينما ينتهي دورها بعد ان تكبر ويهرم نظامها السياسي وينكمش اقتصادها حيث يمكن ان تصبح لقمة سائغة بيد الدول الفتية الاخرى، من جهة اخرى فان للدول تقسيمات اخرى من حيث الحجم في المساحة وما تشكله من موارد وثروات تتناغم مع حجم السكان وتاثيرها الخارجي، حيث توجد دول "قزمة" و"صغيرة" و"متوسطة الحجم" و"كبيرة" و"عملاقة" تشكل بمجملها الكرة الارضية.

والمغزى من هذا التقسيم ان لا فائدة تذكر "بالنسبة لمدى تأثيرها في السياسة الخارجية والمجتمع الدولي" من دولة فتية لكنها "قزمة" وان كانت ذات موارد اقتصادية جيدة وكذلك الحال بالنسبة للدول العملاقة التي وصلت مراحل الاحتضار والموت "كما اطلق على الامبراطورية العثمانية لقب الرجل المريض او المحتضر الذي يراد تقسيم املاكة خلال الحرب العالمية الاولى"، لكن التركيز كل التركيز على الدول التي تجمع بين الكبر والفتوة كحال الصين الذي تزداد قوة في كل يوم وتبعث برسائلها الى الجميع بانها قادمة.

بعد 20 عام

حيث ينظر كثير من المراقبين إلى الصين باعتبارها "قوة عظمى صاعدة"، مع تنامي الدور الخارجي للعملاق الآسيوي، سواء سياسياً أو اقتصادياً، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، إلى متى سوف تستمر هذه النظرة؟، ومتى ينظر العالم إلى الصين باعتبارها قوة عظمى حقيقية؟، فعلى صعيد القارة الآسيوية تكاد تكون الصين بالفعل هي القوة الكبرى الوحيدة، رغم بعض المنافسة التي قد تواجهها من قبل اليابان أو الهند، أما على الصعيد العالمي، فقد بدأ النفوذ الصيني يتسع إلى مناطق مختلفة من العالم، من بينها القارة الأفريقية، وأمريكا اللاتينية، بل امتد أيضاً إلى بعض المناطق في القارة الأوروبية، لا أن العديد من الخبراء والمحللين السياسيين يرون أنه حتى تصبح الصين قوة عظمى حقيقية، فإن نفوذها الخارجي لا يجب أن يقتصر فقط على القطاعات الاقتصادية، بل ينبغي أن يتضمن أيضاً وجوداً عسكرياً ملموساً يؤثر في الأحداث والتطورات السياسية الجارية، وبحسب لورنس سايز، أستاذ العلوم السياسية في مركز الدراسات الشرقية والأفريقية بالعاصمة البريطانية لندن، فإن "الصين حينما تقرر أن تضم تايوان إليها، فعند ذلك تكون قد أصبحت قوة عظمى، ولا مجال للشك أو التساؤل، فإنه سيكون هو ذلك اليوم"، وتعتبر الحكومة الصينية المركزية تايون جزءاً من أراضي "البر الرئيسي" للصين، كما تهدد بكين باستخدام القوة العسكرية لضم الجزيرة، في حالة إذا ما أقدمت على إعلان استقلالها عن "الوطن الأم". بحسب السي ان ان.

وبينما يعتقد سايز أن الصين قد تصبح القوة العسكرية الأولى في العالم بعد 20 عاماً، فإنه يشدد على أن "النقطة المحورية هي القوة العسكرية، أن تكون لديك القدرة على تهديد جيرانك، التهديد بعمل عسكري مع القدرة على مواجهة التحديات، الصين تدرك حتى اللحظة أنها ستخسر أي حرب مع الولايات المتحدة اليوم"، من جانبه، يرى ألكسندر نيل، الباحث في الشؤون الآسيوية بمعهد "رويال يونايتد سيرفسيز" في لندن، أنه "عندما يصبح بإمكانها أن تشكل تحدياً حقيقياً (عسكرياً) للولايات المتحدة، فإنه سيكون ذلك اليوم الذي تصبح فيه قوى عالمية عظمى، تكون لدى قواتها القدرة على الوصول والانتشار في أماكن مختلفة من العالم، مع القدرة على حماية مصالحها"، وعادةً ما ينفي كبار القادة العسكريين في الصين أن تكون بلادهم تسعى لأن تصبح قوة عسكرية عظمى، ومؤخراً وجه رئيس الأركان العامة للجيش الصيني، الجنرال تشن بينغ ده، رسائل واضحة إلى نظرائه في الولايات المتحدة، بأن هناك "فجوة تتسع بازدياد" بين الجيشين الأمريكي والصيني، وقال الجنرال الصيني، خلال زيارة نادرة قام بها إلى واشنطن في مايو/ أيار الماضي، إن العلاقات بين البلدين تعاني المشاكل عندما "يتم تجاهل بكين"، وقال في خطاب ألقاه في كلية الدفاع العسكري بالعاصمة الأمريكية، "من الطبيعي والضروري حصول تعاون بين الجيشين في طريق السلام والاستقرار"، وأكد أن بلاده لا يمكنها مجاراة القدرات العسكرية الهائلة للولايات المتحدة، ويبدو أن تصريحات رئيس الأركان الصيني جاءت رداً على تقارير سابقة، لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، جاء فيها أن الصين تطور قدراتها العسكرية، عبر صواريخ بالستية بعيدة المدى، وأخرى مضادة للسفن، يمكن أن "تغيير ميزان القوى في المنطقة"، وتساعد بكين على تسوية نزاعات إقليمية.

كما دعا وزير الدفاع الصيني الجنرال ليانغ غوانغلي في سنغافورة الى احلال "الديموقراطية في العلاقات الدولية" وحذر من التحالفات التي تتشكل ضد اي بلد محدد، وقال الجنرال ليانغ في مؤتمر حول الدفاع في آسيا بحضور نظرائه الاقليميين ان "وحده الدفاع عن الديموقراطية في العلاقات الدولية واحترام المصالح الحيوية والاهتمامات الكبرى لكل منا" يؤمن لمنطقة آسيا المحيط الهادىء "سلام دائما والانسجام والاستقرار"، واكد ان "الصين تساهم في السلام والاستقرار الاقليمي عبر التعاون في قطاع الامن"، والجنرال لي هو اول وزير صيني للدفاع يحضر هذا المؤتمر السنوي في سنغافورة المعروف ايضا باسم "حوار شانغري لا"، وقد اجرى وزير الدفاع الصيني مؤخراً محادثات مع نظيره الاميركي روبرت غيتس على هامش اعمال المؤتمر، في اطار جهود البلدين لتحسين العلاقات العسكرية بين بلديهم، وقال غيتس ان الولايات المتحدة "ستبقي على وجود متين" في آسيا باسلحة جديدة لحماية حلفائها وطرق التجارة البحرية، وذكر بان واشنطن تخشى حدوث مواجهات في بحر الصين الجنوبي في نزاعات على اراض بين الدول المطله عليه.

الصين تطمئن

من جانبه سعى وزير الدفاع الصيني الى طمأنة دول منطقة اسيا والمحيط الهادي بأن القوة الاقتصادية والعسكرية المتزايدة لبلاده لا تمثل خطرا مع تصاعد النزاعات البحرية في المنطقة مرة أخرى، وقال الجنرال ليانغ جوانغ ليه في مؤتمر (شانجري لا) الأمني في سنغافورة ان تحديث جيش التحرير الشعبي يتوافق مع النمو الاقتصادي للبلاد وللوفاء بالمتطلبات الامنية، وأضاف وهو يرتدي الزي العسكري الكامل "لا نعتزم تهديد أي بلد من خلال تحديث قواتنا المسلحة، أعلم أن كثيرين يعمدون الى الاعتقاد أنه مع ثروة الاقتصاد الصيني فان الصين ستصبح خطرا عسكريا"، وأضاف "أود أن أقول ان هذا ليس خيارا مقبولا بالنسبة لن، لم نسع ولا نسعى لذلك ولن نسعى للهيمنة ولن نهدد أي بلد"، وأعلنت الحكومة الصينية في مارس اذار أن بكين سترفع من ميزانيتها العسكرية 12.7 في المئة هذا العام في عودة الى الزيادات الكبيرة في النفقات التي أثارت استياء في المنطقة وكذلك في الولايات المتحدة التي لها منذ زمن طويل وجود قوي في منطقة اسيا والمحيط الهادي. بحسب رويترز.

وتزامن النفوذ العسكري المتزايد للصين مع نبرة دبلوماسية أكثر رغبة في التأكيد على الذات واتضح ذلك خلال نزاعات مع اليابان وجنوب شرق اسيا حول جزر متنازع عليها وفي خلافات مع واشنطن حول التجارة وعملة اليوان وحول امن الانترنت بعد أن قالت جوجل مؤخراً ان حسابات البريد الالكتروني تعرضت للاختراق في هجوم كان مصدره الصين فيما يبدو، لكن ليانغ قال ان الوضع في بحر الصين الجنوبي (الذي تصاعد فيه نزاع مع فيتنام والفلبين) أصبح مستقرا الان، وأردف قائلا "الصين ملتزمة بالحفاظ على السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي" مضيفا أنها تمسكت بميثاق شرف أبرم عام 2002 مع أعضاء رابطة دول جنوب شرق اسيا لحل النزاعات على المنطقة الغنية بالموارد بشكل سلمي، وكانت فيتنام والفلبين قد اعلنتا شكاوى من أنشطة الصين وأيضا من مناوشاتها في المنطقة المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي على مدى اسبوع تقريب، وتطالب الصين وفيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي وتايوان جميعا بحقها في المنطقة البحرية التي تغطي مسار ملاحة حيويا ويعتقد أن بها احتياطيات غير مستغلة من النفط والغاز.

مواقع صينية تكشف الفساد

الى ذلك يحاكي متصفحو الانترنت في الصين حملة هندية لمكافحة الفساد باطلاق مواقع يمكن للمواطنين ان يعترفوا من خلالها بالتفصيل الممل احيانا بتقديم رشى لمسؤولين، وربما يتعالى الشعب الصيني على الهند الافقر ولكن البعض يسعى لاستلهام الغضبة الرامية لمكافحة الفساد التي تجتاح الهند عن طريق الانترنت، وذكرت صحيفة "ون وي بو" في هونج كونج ان عددا من مواقع الاعتراف بدفع رشى مستلهم من موقع هندي اطلق عليه "دفعت رشوة"، وكتب موقع صيني بنفس المسمي "دفعت رشوة" في صفحته الرئيسية باللغة الصينية "توقفوا عن جني مكاسب غير مشروعة وعززوا فرصا متساوية للمنافسة واعيدوا لنا حلم الصين التي تسودها العدالة، "ارجوكم اكشفوا النقاب عن خبراتكم في دفع رشى بحيث لا يجد الاختلاس والفساد مكانا للاختباء"، وتحتل الهند مرتبة ادنى من الصين في مسح منظمة الشفافية الدولية لعام 2010 الذي يصنف الدول حسب درجة تفشي الفساد وجاءت الصين في المركز 78 من بين 178 دولة ومنطقة شملها المسح وجاءت الهند في المرتبة 87، ولكن الروايات التي نشرت على مواقع جديدة لمكافحة الرشى في الصين تشير لوجود مدعاة لشكوى المواطنين، ويتعهد الحزب الشيوعي الصيني بالقضاء على الفساد بشكل مستمر ولكن الطابور الطويل من المسؤولين المدانين يشهد ايضا بشيوع الرشى والاثراء بطرق غير مشروعة. بحسب رويترز.

واعترف رجل اعمال على موقع صيني جديد اخر يحمل اسم (اعترف بدفع رشوة) بانه دفع ثلاثة ملايين يوان ( 463 الف دولار) لمسؤولين للحصول على عقود بما في ذلك اصطحاب مسؤول تخطيط في رحلة لاوروبا لمدة عشرة ايام، وكتب رجل الاعمال "لا تظنوا انني اباهي بثرائي بهذا الاعتراف، فقط انا بلا حول ولا قوة في مواجهة المجتمع الراهن"، وتشمل روايات اخرى على المواقع دفع رشى للحصول على تصاريح بيع ادوية ودفع اموال وتقديم سجائر لاجتياز اختبارات القيادة وتقديم اموال في "اظرف حمراء" للاطباء لضمان حسن معاملة النساء الحوامل، وفي رسالة اخرى على موقع "دفعت رشوة" كتب معلم "لا خيار اخر سوى دفع رشوة" وذكر انه دفعها لمسؤولين في التعليم من اجل الحصول على مناصب وترقيات، وكتب "في كل مرة تفترض بسذاجة أن بوسعك ان تنجز امرا من خلال الاجراءات المعتادة، والنتيجة انك تجد ان لا شيء يحدث دون دفع مال لتسوية امورك معهم"، ولا يمكن التحقق من اي من هذه المزاعم مجهولة المصدر، ولا تحدد المواقع الصينية من يديرها وما اذا كانت حاصلة على موافقة رسمية وفي السابق حاولت بعض الحكومات المحلية الاستفادة من الانترنت لتشجيع المواطنين على الاعتراف بحالات الفساد، ويوجد في الصين اكبر عدد من متصفحي الانترنت في العالم ويتجاوز عددهم 450 مليونا وحتى رغم الرقابة جعلوا من الانترنت منتدى للشكوى مفعم بالحياة.

الفساد المكلف

في سياق متصل كشفت دراسة نشرها المصرف المركزي الصيني مؤخراً ان مسؤولين صينيين فاسدين اختلسوا اكثر من 87 مليار يورو في اقل من عشرين عام، وقالت الدراسة ان ما بين 16 و18 الفا من كوادر الحكومة او شركات الدولة فروا الى الخارج او اختفوا بعدما تلقوا رشاوى تقدر قيمتها الاجمالية بحوالى 800 مليار يوان (87،5 مليار يورو)، وفر المسؤولون الكبار الذين اختلسوا المبالغ الكبيرة الى دول متطورة مثل الولايات المتحدة وكندا واستراليا بينما انتقل الاقل اهمية الى دول اقرب منها مثل روسيا او تايلاند، وقد استخدم المسؤولون الفاسدون في اغلب الاحيان هونغ كونغ المنطقة الادارية الخاصة، معبرا الى دول الكومونولث بينما مر آخرون عبر دول افريقية او اميركية لاتينية للوصول الى احدى الدول الغربية، وفر بعضهم وهم يحملون مبالغ نقدية في حقائبهم، كما ذكرت الدراسة. بحسب فرانس برس.

ومن الاشكال التي طبقت لاختلاس الاموال ابرام عقود مزورة وسرقة ممتلكات تعود الى شركات صينية عامة في الخارج عن طريق طرف ثالث او انشاء شركات وهمية تتلقى اموالا تأتي من رشاوى، واوضحت الدراسة ان اسعار العقارات في احياء سكنية في نيويورك او لوس انجليس مثلا ارتفعت تحت تأثير تدفق عائلات صينية مصدر اموالها مشبوه، واكدت الدراسة التي اعدت استنادا الى ارقام جمعت في 2008 ان نقل الاموال الناجمة عن الفساد الى خارج الصين يمكن ان "يقوض اسس سلطة الحزب"، واضافت انه "لحماية دعم الشعب ووجود الحزب، يجب المعاقبة (المستفيدون من الفساد) ومنع الفساد بشكل فعال"، ولم تكف السلطة الصينية عن اتخاذ اجراءات لمكافحة الفساد منذ بدء الاصلاحات الاقتصادية قبل اكثر من ثلاثين عاما بدون ان تنجح في الحد من هذه الآفة التي تقوض شرعية الحزب الشيوعي وتغذي استياء السكان، وصرح الرئيس الصيني هو جينتاو مرات عدة ان القضاء على الفساد المستشري في صفوف الحزب امر حيوي.

80 مليون عضو

من جانب اخر تجاوز عدد اعضاء الحزب الشيوعي الصيني 80 مليونا، وفقا لما قال مسؤول كبير في الحزب، وقد بلغ العدد 80،269 مليون عضو بنهاية العام الماضي 2010، حسبما صرح به وانغ تشين فنغ، نائب رئيس دائرة التنظيم التابعة للجنة المركزية للحزب، اي بزيادة تقرب من مليوني عضو عما كان عليه في العام الذي سبقه، وهو عدد يمثل 6 في المئة من مجموع سكان الصين، واضاف وانغ ان الحزب تسلم 21 مليون طلب انتماء في عام 2010 لم تقبل منها الا 14 في المئة، ويحتاج المتقدم للانتماء للحزب الشيوعي الصيني الى تزكية من اعضاء فعليين كما يخضع لعملية تحقق دقيقة، وقال وانغ إن 24 في المئة من مجموع اعضاء الحزب في عام 2010 كانوا دون الـ 35 من اعمارهم، بينما شكلت النساء 22 في المئة من عضوية الحزب، يذكر ان الحزب الشيوعي الصيني يعد اكبر حزب سياسي في العالم، إذ يقارب عدد اعضائه عدد سكان الماني، ويحاول الحزب منذ عدة سنوات توسيع قاعدته الاجتماعية التي كانت محصورة في موظفي الدولة وضباط الجيش والعمال والفلاحين، هذا ويحتفل الحزب في يوم الاول من يوليو / تموز هذا العام بالذكرى الـ 90 لتأسيسه، وما برح الاعلام الصيني ينشر مقالات تقول إن الفضل يعود للحزب في التقدم الكبير الذي شهدته الصين في العقود الاخيرة، يذكر ان عضوية الحزب الشيوعي تعتبر في الصين وسيلة للتقدم الوظيفي والاجتماعي، مما يفسر الاقبال الكبير على الانتماء الى صفوفه. بحسب فرانس برس.

شغب في جنوب البلاد

على صعيد اخر ذكرت تقارير لوسائل اعلام صينية ان الشرطة في جنوب الصين ناضلت من اجل احتواء اعمال شغب قام بها مئات العمال النازحين على مدى عدة ايام في مدينة قرب جوانجتشو بعد تعرض بائعة متجولة حامل لمضايقات من رجال امن، وعرض تلفزيون هونج كونج حشودا غاضبة من العمال النازحين من اقليم سيشوان بجنوب غرب الصين وهم يجرون عبر شوارع مدينة تسنجتشينج ويحطمون نوافذ ويشعلون النار في مبان حكومية ويقلبون سيارات للشرطة، وعرض التلفزيون شرطة مكافحة الشغب وهي تطلق الغاز المسيل للدموع وتنشر عربات مدرعة لتفريق الحشود وتكبل محتجين. بحسب رويترز.

وقال شهود انه كان هناك اكثر من الف محتج وتمت محاصرة مكتب حكومي واحد على الاقل، وتندلع الاف من اعمال الشغب والاحتجاجات واشكال اخرى من القلاقل في شتى انحاء الصين سنويا مع تضخيم النمو الاقتصادي السريع احيانا الشكاوى من مشكلات تتراوح بين التضخم والفساد والهوة الكبيرة في الثروة والتلوث الصناعي والهدم الاجباري للمنازل وسوء استغلال السلطة، وقالت تقارير اخبارية ان الحادث الذي وقع في تسنجتشينج تفجر عندما قام رجال امن في قرية دادون القريبة بدفع بائعة متجولة حامل على الارض اثناء محاولتهم منعها من شغل الطريق، ونقلت صحيفة تشاينا ديلي عن رئيس بلدية تسنجتشينج قوله ان "القضية مجرد اشتباك عادي بين باعة متجولين ورجال الامن العام المحليين ولكن حفنة من الاشخاص الذين ارادوا اثارة قلاقل استغلوا هذا الامر".

ارتفاع أسعار الغذاء

بدورها ذكرت وسائل اعلام حكومية ان الامطار الغزيرة التي هطلت على جنوب الصين وشرقها وتسببت في مقتل اكثر من 100 شخص واجلاء نصف مليون دمرت مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية الامر الذي أدى الى ارتفاع اسعار الغذاء، وذكرت وكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) أن العواصف المطيرة التي ضربت اقليم تشيجيانغ المنكوب بدلتا نهر يانغتسي على مدى أسابيع تسببت في خسائر بلغت خمسة مليارات يوان (772 مليون دولار) وقلصت انتاج الخضر بنحو 20 في المئة ورفعت الأسعار في هانجتشو عاصمة الاقليم بنسبة 40 في المئة، وتجتاح الصين فيضانات وتعاني من موجات جفاف كل عام، ومن المتوقع ان يستمر هطول الامطار خلال اليومين المقبلين على مناطق تمتد من شنغهاي المركز المالي في الشرق الى اقليم يونان الريفي على الحدود الجنوبية الغربية للصين، وعاد القرويون على اطراف مدينة تشوجي في تشيجيانغ الى منازلهم مع بدء مياه الفيضانات في الانحسار، وغمرت المياه بلدتين وأجلي الالاف في أعقاب تصدع سدين في تشوجي مؤخراً. بحسب رويترز.

وحشدت الصين القوات في أنحاء الاقليم لانقاذ المزارعين المنكوبين ولتوزيع الطعام لكن بعض القرويين قالوا ان الحكومات المحلية كان بامكانها ان تفعل اكثر من ذلك لمنع الفيضان، وقال قروي يدعى شو تشيونجدان وعمره 22 عاما "عندما حدث للمرة الاولى لم يكن الصدع (في السد الخاص بالحماية من الفيضانات) كبيرا وكان بامكاننا اصلاحه بسهولة، "لكن الحكومة لم تفعل اي شيء، لم يحاول اي من المسؤولين المحليين انقاذ الموقف، هذا سبب تعرضنا لمثل هذه الخسائر الاقتصادية الكبيرة وتضرر هذا العدد الكبير من الاشخاص من الفيضان"، وذكرت خدمة الصين الاخبارية ان امطارا تجاوز منسوبها 200 ملليمتر هطلت على مدينة سوتشو باقليم جيانجسو المجاور، وكانت المياه في بحيرة تاي ليك قد تجاوزت بالفعل مستويات التحذير من الفيضان، وذكرت وكالة شينخوا في تقرير منفصل ان شخصين قتلا في اقليم هوبي بوسط الصين بعدما فاض نهر يانغتسي وروافده على الضفاف مما ادى الى تضرر ثلاثة ملايين شخص، وقالت خدمة الصين الاخبارية ان ثلاثة اشخاص لاقوا حتفهم ولا يزال سبعة اخرون مفقودين بعدما غمرت المياه قناة لتحويل المياه في اقليم انهوي الواقع على مسافة أبعد باتجاه مصب النهر.

بيئته متهالكة

الى ذلك قال مسؤول صيني كبير في تقييم متشائم للثمن البيئي للانتعاش الاقتصادي ان اكثر من نصف مدن الصين تتعرض للمطر الحمضي وان سدس اكبر الانهار ملوثة والمياه غير ملائمة حتى للاراضي الزراعية، وظهر التدهور البيئي الذي صاحب نمو الصين كواحد من اقوى خطوط الصدع في المجتمع الصيني وقاد احتجاجات ضد تصور عدم قدرة بكين لمعالجة المشكلة بصورة فعالة، ووعدت الصين مرارا بتنظيف بيئتها المجهدة، لكنها غالبا ما تفشل في ان تلائم هذا مع الموارد والادارة السياسية لفرض اوامر بكين الرسمية حيث يضع مسؤولون محليون النمو والايراد والوظائف قبل حماية البيئة، وقال نائب وزير البيئة لي قان جيه في مؤتمر صحفي "الموقف البيئي الاجمالي لا يزال خطيرا ويواجه صعوبات وتحديات عديدة"، وقال لي انه تم تصنيف المياه قبالة مدن شنغهاي وتيانجين وقوانغتشو التي تشهد انتعاشا على انها ملوثة على نحو خطير مع وجود امتدادات فقط حول جزيرة منتجع هاينان واجزاء من الساحل الشمالي اعتبرت خالية من التلوث، واضاف ان مراقبي التلوث وجدوا ان 16.4 بالمئة من الانهار الكبرى في الصين تم تصنيفها على انها سيئة مما يعني انها غير ملائمة حتى للمعيار الذي يحتاجه ري الزراعة، واضاف لي ان 3.6 بالمئة فقط في 471 مدينة تمت مراقبتها حصلت على تصنيفات عليا لنظافة الهواء وهناك خسارة مستمرة للتنوع الحيوي في جميع انحاء البلاد. بحسب رويترز.

من جهة اخرى دعت الصين عددا من الاقاليم التي تعاني من الجفاف منذ شهور والواقعة بوسط وجنوب البلاد الى الاستعداد لامطار غزيرة وربما سيول مما سيساعد على تخفيف اثار جفاف ألحق أضرارا بالمحاصيل وتسبب في انقطاع الكهرباء عن السدود الكهرومائية، وقال التلفزيون الصيني ان أقاليم قويتشو وهونان وهوبي وأنهوي وجيانغشي وتشجيانغ ستتعرض لامطار وعواصف رعدية ورياح عاتية، ونقلت شينخوا عن هيئة الارصاد الجوية قولها "الامطار في الاجزاء الوسطى والسفلى بنهر يانتجسي ستكون مفيدة في ملء المياه في الخزانات والبحيرات وفي تخفيف اثار الجفاف"، وتابعت أن الاقاليم يجب أن تتأهب لامطار غزيرة وامكانية وقوع انهيارات أرضية وكوارث طبيعية أخرى، وأضاف التلفزيون أن الامطار بدأت تهطل على بعض الاقاليم التي تعاني من الجفاف وعرض لقطات لشوارع وحقول غمرتها المياه.وكان مسؤولون قالوا ان أجزاء من الصين تعاني من أسوأ جفاف تتعرض له منذ 50 عاما مع انخفاض نسبة هطول الامطار ما بين 40 و60 بالمئة عن معدلاتها الطبيعية.

ارتفاع معدلات الطلاق

من جهتها أعلنت وزارة الشؤون المدنية الصينية عن تسجيل أكثر من 2.5 مليون حالة طلاق خلال عام،2010 في وقت بلغ عدد الزيجات 12.41 مليوناً في الفترة عينه، ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عن الوزارة قولها في بيان، إن نحو 2.68 مليون حالة طلاق سجلت في الصين خلال العام الماضي بزيادة 8.5٪ على عام 2009، وذكر التقرير المتعلق بتنمية الخدمة الاجتماعية في الصين لعام 2010 أن 2.01 مليون ثنائي صيني أنهوا زواجهم بالطلاق في إدارات الشؤون المدنية، فيما أنهى 668 ألف ثنائي زواجهم في المحاكم، وأظهر التقرير أن معدل الطلاق في الصين ارتفع خلال الأعوام الخمس الماضية بمعدل نمو سنوي بلغ 7٪.ولفت إلى أنه تم تسجيل 12.41 مليون زواج خلال العام 2010 بزيادة 2٪ على العام السابق، من بينها 49 ألف زواج بين مواطني الصين وأجانب وصينيين في الخارج أو من سكان هونغ كونغ وماكاو وتايوان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/تموز/2011 - 30/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م