شبكة النبأ: في يوم 26/9/2007 أقر
مجلس الشيوخ الأميركي خطة غير ملزمة لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم
للحكم الذاتي هي كردستان وسنستان وشيعستان، حسب تعبير المروجين لمشروع
التقسيم الناعم في مراكز الأبحاث والدراسات الأميركية.
وقد صوت للقرار 75 شيخًا من أصل مائة، وصوت ضده 23، وكان من الملفت
للنظر أن يصوت 26 شيخًا من الحزب الجمهوري حزب الرئيس بوش للقرار، على
الرغم من أن إدارته أبدت معارضتها العلنية له، وهو ما أظهر انقسامًا
جمهوريًّا عميقًا حول سياسة الإدارة الأميركية الراهنة في العراق كان
قد بدأ قبل ذلك بأشهر.
وعلى الرغم من أن جوزيف بايدن رشح نفسه عن الحزب الديمقراطي
لانتخابات الرئاسة الأميركية عام 2008، فقد صوتت مع مشروعه لتقسيم
العراق في مجلس الشيوخ منافسته الديمقراطية السيناتورة هيلاري كلينتون،
ولكن منافسهما السيناتور باراك أوباما لم يصوت على القرار أصلا.
أثارت تصريحات رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي عن انفصال السنة
أو تشكيلهم إقليماً مستقلاً، ردود فعل متباينة. وكان النجيفي قال في
تصريحات من واشنطن إن هناك إحباطاً سنيا في العراق، وإذا لم يعالج
سريعاً، فقد يفكر السنة بالانفصال أو على الأقل تأسيس إقليم. وأضاف أن
سنة العراق يشعرون بالتهميش وبأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
لكن محللون سياسيون قالوا بأن هناك جهات تدفع المكون السني باتجاه
إطلاق مثل هذه التصريحات. فأن الوضع في العراق غير مطمئن ولا تزال
الأجواء الطائفية تسيطر على البلاد، وهناك ضغوط حكومية كبيرة على بعض
المكونات واستمرار لسياسة الإقصاء والتهميش، في محاولة لخلق أسباب
لبقاء القوات الأميركية في البلاد بعد أن تصور لها أن الأوضاع غير
مستقرة وأن احتمال التشتت والانقسام وارد. ومن المحتمل ان تستثمر بعض
الجهات هذه التصريحات من الجانب الأميركي الذي يحاول البقاء لأطول فترة
ممكنة في العراق.
ان تهديد النجيفي من واشنطن بانفصال السنة خطير ويهدد الوحدة
الوطنية. وأن هذا التصريح يأتي مؤيداً للمشروع الأميركي. حسب رأي بعض
المحللين السياسيين.
ويعتقد محللون سياسيون أن ما صرح به رئيس مجلس النواب بعد لقائه
نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن بانفصال العرب السنة في
العراق ماهو إلا تأييد لصاحب فكرة تقسيم العراق إلى دويلة شيعية ودويلة
سنية ودويلة كردية، وهو المشروع الذي صوت عليه مجلس الشيوخ الأميركي في
أيلول 2007 بتأييد 75 عضواً من أصل مئة.
فالمشروع الذي تم الترويج له إعلامياً بصورة من السخرية، ماهو إلا
تقديم لمشروع تقسيم العراق الذي قدمته المنظمة الصهيونية العالمية في
1982 إلى دول ثلاث. مما يتطلب دعوة من قبل جميع الاطراف إلى عقد
المؤتمرات وتنظيم التظاهرات للتصدي لهذا المشروع التقسيمي الخطير.
من جهة أخرى تصريحات النجيفي قوبلت بترحيب من جهات سنية أخرى داخل
القائمة العراقية أيضاً، إذ دعا النائب عن القائمة حمزة داود إلى إقامة
إقليم المنطقة الغربية من أجل المحافظة على الجنس البشري لأبناء
الطائفة السنية واستيفاء كامل حقوقهم.
قد يستغل النجيفي ماسماه بتهميش السنة لاثارة المشاعر والدعوة الى
الانفصال لكنه يحتاج الى التاثير على رجال الدين في الطائفة السنية من
جهة وعلى شيوخ العشائر من جهة اخرى وهذان الطرفان هم اصحاب الثقل
الاكبر في تلك المحافظات .
كذلك هناك مخاوف من اطراف سنية فاعلة بان يكون الانفصال تمهيدا
للابتعاد عن الوطن والدخول في خلاف وصراعات في المناطق المتنازع عليها
.
واوضح الحميد ان هناك علامتين جديرتين بالتأمل صحبتا اطلاق النجيفي
دعوته هما انها انطلقت في اميركا وسط احتفاء اميركي عال به ، ومايعنيه
كل ذلك ، وثانيتهما انها جاءت بعد ان كان النجيفي عراب دفع 400 مليون
دولار تعويضات لأميركيين قيل ان النظام السابق عرضهم الى ضغوط نفسية.
كذلك لا تريد الإدارة الأميركية أن تفقد السيطرة فجأة على العراق،
ولا أن تستثير تركيا وإيران حول الملف الكردي، ولا السعودية ودول
الخليج حول احتمال تشكيل دولة شيعية في جنوب العراق، وهي لذلك تضع بعض
الكوابح على اندفاع اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد وشوقهم لتحقيق
هدف قديم هو تفكيك العراق، وإثارة الفوضى الهلاكة في الوطن العربي بأي
ثمن، ولو على حساب التوازن الإقليمي.
يعتقد محللون سياسيون أن آلية تفكيك العراق مرسومة على يد إدارة
بوش، والمسألة مسألة وقت بدون مشروع مقاومة حقيقي للتفكيك يتجاوز
الطوائف إلى الوطن، وما يتم الحديث عنه رسمياً اليوم من قرار غير ملزم
سيصبح غداً أمراً واقعاً يدعون فيه الواقعيون إلى التعامل معه بعقلانية
تماماً كما يدعون إلى التعاطي مع وجود إسرائيل بعقلانية!
وهناك بعض آخر مثل الباحثين ليام أندرسون وغاريث ستانسفيلد يطرح منح
حق تقرير المصير لكل من أقاليم العراق الثلاث باعتبار أن التقسيم أمر
واقع حالياً، وأن البديل هو الحرب الأهلية، ويبقى الخلاف هنا حول درجات
التفكيك التي تقود الواحدة منها إلى الأخرى، وتوقيت حدوثها، وليس حول
ديناميكية التفكيك النابعة منها بأية حال.
وكان المحلل العسكري الإسرائيلي زئيف شيف قد طرح فكرة تقسيم العراق
في هآرتس في 2/6/1982، قبل أيام من العدوان الصهيوني على لبنان، كما
طرحتها وثيقة كيفونيم التي وضعها الكاتب الصهيوني عوديد ينون ونشرتها
مجلة كيفونيم (اتجاهات) الناطقة باسم المنظمة الصهيونية العالمية في
شهر شباط/فبراير 1982.
كما كانت إستراتيجية تقسيم العراق حجر زاوية في ورقة المحافظين
الجدد لنتنياهو عام 1996، وفي المشروع الذي وضعوه في الولايات المتحدة
عام 2000 في ورقة بعنوان بداية جديدة.
وفي 25/11/2003، طرح الصهيوني ليزلي غلب فكرة تقسيم العراق رسمياً
في مقالة في صحيفة نيويورك تايمز تحمل عنوان حل الثلاث دول، وبالتعاون
معه تبني جوزيف بايدن صيغة مخففة منها (كونفدرالية ضعيفة)، بتأييد من
الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في مقالة بنيويورك تايمز في 1/5/2006
تحمل عنوان الوحدة من خلال الحكم الذاتي.
وفي 8/10/2006 ذكرت صحيفة التايمز اللندنية أن خطة بيكر هاملتون
تقوم في أحد بنودها على تقسيم العراق على أسس طائفية وعرقية.
ان مشروع التفكيك قد تبينت الجهات التي تدفه نحوه، وهذا المشروع
ينبع من اعتبارات إستراتيجية، لأن قوى الهيمنة الخارجية لن تعرف الراحة
ولا الأمن حتى:
1- يتم تفكيك دول المنطقة إلى دويلات متصارعة على أسس طائفية
وعرقية.
2- يتم شطب الهوية العربية الإسلامية. فالتفكيك للهوية قبل
الجغرافيا.
اذن السنة بين خيارين اما الانفصال او القبول بالواقع العراقي
الجديد والتعايش جنبا الى جنب مع بقية الطوائف. |