نفط العراق... رصيد متعذر الصرف

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: يعتبر النفط في العراق قوام الاقتصاد والعمود الفقري له ومصدر دخل الدولة الرئيسي، وقد وهب الله (عز وجل) هذه النعمة لعدد من الدول دون الاخرى، والعراق في مقدمة هذه الدول حيث يتربع على عرش كبير من الذهب الاسود مع احتياطيً ضخم جعله في مصافي الدول الثلاثة الاولى التي تتصدر جميع دول العالم في هذه الثروة، ومع هذه الاغراق في النعمة تجد ان الحكومات العراقية المتعاقبة "وبدون استثناء" لم تراعي هذه الهبة العظيمة ولم تشكر هذه النعمة التي من الله بها على سكان مابين النهرين دون غيرهم، وفي نظرة بسيطة على احصاءات رسمية وعالمية حول صناعة استخراج النفط في العراق حتى تكتشف بنفسك مدى سوء الوضع الذي اصبح متخلفاً عن ابسط الدول الغارقة في التخلف، وبحجة الإرهاب تجد الموانيء المتأكلة والمصافي الخارجة عن الخدمة والانابيب التي عفى عليها الزمن مع ضياع ثروة من الغاز الطبيعي التي يتم احراقها بلا فائدة، الى جانب صفقات مالية مشبوهة ارجعت العراق الى عهود التخلف من جديد، ولو كانت هذه النعمة لدى غير العراق لما تركت على هذا الحال البائس والاهمال الشديد ومن دون وجع ضمير.

الالغام ومخلفات الحروب

فقد اكد وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي ان الالغام ومخلفات الحروب تعرقل استثمار وعمليات استخراج النفط الذي يمثل المحرك الاساسي لاقتصاد البلاد، وقال الوزير العراقي "هناك عمل كبير في حقول النفط الواقعة في المناطق الحدودية التي شهدت عمليات عسكرية بسبب المخلفات الهائلة لتلك الحروب"، واوضح ان "الامر يتطلب جهدا وتنسيقا كبيرا وهو امر لا يهم العراق فقط بل اصبح قضية دولية عنوانها ازالة الالغام" من اجل ازالة العراقيل من امام استخراج النفط العراقي واستثماره، وجاءت تصريحات لعيبي على هامش مؤتمر عقدته دائرة الدراسات والتخطيط والمتابعة في وزارة النفط وبالتعاون مع دائرة شؤون الالغام في وزارة البيئة في بغداد بعنوان "شؤون الالغام والاثار البيئية للانسكابات النفطية"، وحمل المؤتمر شعار "من اجل بيئة نظيفة وخالية من الالغام والتلوث"، وذكر ليعبي انه ليس هناك نسبة للمناطق المعنية بهذه المسالة "فاحيانا تكون في بعض مناطق الحقل الواحد مقذوفات، فيما تكون مناطق اخرى خالية مثل حقل غرب القرنة" جنوب العراق. بحسب فرانس برس.

وعن تاثير ذلك على عمل الشركات الاجنبية، اوضح لعيبي ان "عمل الشركات يتضمن خطوات من ضمن العقد تنص على اجراء فحص للحقول قبل ان يتم العمل فيها"، وخلفت الحرب الايرانية العراقية (1980-1988) وحرب الخليج في 1991 والاجتياح الاميركي للعراق في 2003 العديد من حقول الالغام في هذا البلد، واشار تقرير لوزارة البيئة العراقية الى وجود حوالى عشرين مليون لغم موزعة في 1730 مليون متر مربع من الاراضي، وتنتشر في مناطق تقع في 13 محافظة من اصل 18، وانضم العراق قبل عامين الى اتفاقية اوتاوا لحظر الالغام، الامر الذي يتطلب القيام بمسح كامل لاراضيه بحلول عام 2018، وقال وكيل وزارة البيئة ومدير عام دائرة شؤون الالغام في الوزراة كمال حسين لطيف ان "هناك مساحات كثيرة وكبيرة ملوثة بالغام"، مضيفا ان العراق يحتاج "الى ابعد من العام 2018"، ورجح القضاء خلال السنوات الست المقبلة على الالغام في "ثلاثين الى اربعين بالمئة من الاراضي الملوثة حاليا"، واشار مدير دائرة الهندسة في وزارة الدفاع اللواء المهندس هادي عذاب سلمان الى وجود "ثلاثة انواع من التلوث تتوزع في مناطق الحدود الشرقية مع ايران والجنوبية الغربية مع السعودية ومناطق اخرى ملوثة بالمستودعات ومخلفات الجيش السابق"، وشدد على خطورة "المناطق الملوثة بالقنابل العنقودية التي القيت خلال اجتياح العراق".

العشائر العراقية

الى ذلك يجلس الشيخ رشاش الامارة في منزله فيما كان يعرف من قبل بالاهوار العراقية ويحذر من مشاكل محتملة اذا ما اخرجت شركات اجنبية تنقب عن النفط افراد عشيرته الفقراء من اراضيهم، وقال الشيخ رشاش الضابط السابق في الجيش العراقي وهو حاليا احد شيوخ عشيرة الامارة بجنوب العراق "اذا كنت اتضور جوعا وحفر بئر نفط بجواري فهل تعتقد انني ساظل صامتا؟، "اقسم بالله ان اقطعهم اربا قلت لهم ان اي شيء يمكن ان يحدث، هذه أهوار"، والاهوار التي ترجع لعصور قديمة يعتقد انها موقع حدائق عدن التي ذكرت في الكتاب المقدس وتعرف محليا بانها ملاذ خطير للمهربين والعصابات والخاطفين، وتعيش القبائل هنا فوق بعض اغنى احتياطيات النفط في العالم والتفاوض معها احدث تحد للشركات الدولية التي تدير حقول النفط في البلاد في اطار بعض اضخم الصفقات التي شهدتها الصناعة، واطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 بالرئيس صدام حسين الذي اعدم لاحقا واتهم صدام العرب سكان المستنقعات من العرب بالخيانة ابان حربه مع ايران من عام 1980 الى عام1988 واقام سدودا على المستنقعات وجففها ليخرج المتمردين من مخابئهم، وتعيش عشيرة الامارة فيما يعتبر الان اطراف المستنقعات ولم يتبق من المستنقعات القديمة سوي ارض خراب تتناثر وسطها اشجار النخيل تمتد لمسافة اميال واكواخ من الطين وقنوات من المياه الراكدة وخطوط انابيب يعلوها الصد، ويقول الشيخ رشاش وهي يقاوم الحر الشديد بمروحة يدوية من اوراق النخيل "المنطقة هنا متخلفة، تحتاح مدارس ومستشفيات وطرقا ومياها وكهرباء"، والنفط هو العمود الفقري لاقتصاد العراق الذي تركته سنوات من الحرب والعقوبات الاقتصادية في حالة مزرية، ووقع العراق سلسلة من العقود مع شركات نفط لتطوير احتياطيات النفط الضخمة لرفع الانتاج المحتمل لمستواه في السعودية وتوفير مليارات من الاموال السائلة لاعادة بناء البلاد، وتواجه شركات النفط العالمية العاملة في العراق الكثير من التحديات بداية من الامن الى تداعي البنية التحتية واختناقات في الامدادات والروتين. بحسب رويترز.

وتطور شركة النفط الروسية لوك اويل وشريكتها في الكونسورتيوم شتات اويل النرويجية المرحلة الثانية من حقل غرب القرنة وتمتد وسط الاراضي الزراعية في المنطقة التي تقيم بها عشائر الامارة مما يؤجج مخاوف افرادها من ترحيلهم، والكثير من هؤلاء اميون وما من فرصة تذكر لديهم لايجاد فرص عمل خارج المزارع ويريدون تعويضا عن الاراضي التي ستستغلها شركات النفط الاجنبية او ان توظفهم هذه الشركات، وقال الشيخ رشاش انه اجتمع مع شركات لشرح مخاوف العشائر وحذر من ان البعض قد يقاضي شركة نفط الجنوب، وذكر أن بعض المزارعين منعوا بالفعل العاملين في شركات النفط من العمل في الحقل دون ذكر تفاصيل، وقال "كان يفترض مد بعض خطوط الانابيب ولكن من يعيشون على الارض منعوا (الشركات)، قالوا لهم لن ندعكم تعملون اذا لم توظفوا اولادنا"، وقال ضياء جعفر رئيس شركة نفط الجنوب ان الكونسورتيوم الذي تقوده شركة لوك اويل ارجأ بداية الانتاج في المرحلة الثانية من حقل غرب القرنة لمدة عام الى عام 2013 ويرجع ذلك في جزء منه الى مشاكل مع العشائر المقيمة هناك، وقال "لدينا مشاكل لم تحل قضية تعويض اصحاب الارض، لدى البعض عقود ملكية رسمية، بينما اخرون معهم عقود ايجار."

وخلال حكم صدام الذي دام 24 عاما سمحت الحكومة للمزارعين بالاقامة وزراعة الاراضي حول الحقول بموجب عقود ايجار سنوية، والان يقول المزارعون ان المسؤولين يسوفون حين يطلبون منهم تعويضات، وقالت وزارة النفط العراقية ان الحكومة ستقدم تعويضات سواء كانت نقدا او ارضا بديلة في بعض الحالات وان الدولة هي المالك الشرعي لحقول النفط، وقال جعفر ان وزارة النفط شكلت لجانا للتفاوض مع السكان في منطقة المرحلة الثانية من حقل غرب القرنة وحقل مجنون املا في حل الخلاف، وتطور شركة رويال داتش شل وشركة بتروناس الماليزية حقل مجنون، وفي قرية قرب الخيوط التي تقطنها عشيرة الامارة تشكو عشيرة اخرى هي بني منصور من مشاكل مشابهة اذ تقع اراضيهم الزراعية فوق المرحلة الاولى من حقل غرب القرنة وتطوره شركة النفط الكبرى اكسون موبيل الامريكية، وقال الشيخ وفي عبد الرزاق من عشيرة بني منصور وهو يقف بجوار بئر نفطية ومن خلفه يحترق الغاز المتصاعد منها "عانت منطقتنا كثير، حفرت شركة نفط الجنوب ابارا ومدت خطوط انابيب وسط مزارعنا دون تعويض"، وقال "اذا دفعوا لي لارحل بالطبع سافعل ماذا يجعلني ابقى هن، لا توجد خدمات او مستشفيات او عيادات او مياه نظيفة ولا تأتي الكهرباء سوى لمدة ساعتين كل يوم"، وفي قرية بني منصور تحولت قنوات المياه لبرك من المياه الراكدة تغطيها اكوام القمامة ويقبع على الارض خط انابيب نفط متهالك وسط مجموعة من الاكواخ، ويلعب اطفال حفاة تغطيهم الاتربة داخل الانبوب، وقال دعير عذاب من بني منصور "جميع شباننا بلا عمل وذهبت اراضينا لشركة النفط" مضيفا ان الحكومة العراقية حفرت بئرا وسط ارضه في عام 1973 ولم يتم تعويضه، وقال "نعيش على بركة من النفط ولكن لم نستفد شيئا".

شرطة النفط العراقية

الى ذلك يدرك الرائد فوزي رشيد الضابط بالشرطة العراقية انه مكلف بمهمة حيوية الا وهي حماية صناعة النفط الضخمة في بلاده وخطوط الانابيب وطرق شاحنات الوقود، ولكن الاحباط يتملكه بسبب ضعف تجهيزات وحدة شرطة النفط التي ينتمي اليه، فبعض القائمين على حماية مصافي النفط لا يحملون سلاحا ويتدرب المتطوعون على بنادق من البلاستيك ويقول ضابط ان تدريبهم على الرماية لا يتجاوز بضع طلقات، وقال رشيد الذي تحمي وحدته قوافل شاحنات الوقود في مصفاة بيجي الضخمة "كنا نأمل ان يجري تدريبنا على الاساليب والمعدات الحديثة ولكن فوجئنا ببدائية ما نتلقاه من تدريب عسكري"، وتابع "المشكلة الحقيقية التي تواجهنا اننا لا نملك اسلحة للتصدي للارهابيين والمهربين"، ويمتلك العراق بعض اضخم احتياطيات النفط في العالم وابرم صفقات مع شركات نفط اجنبية لزيادة طاقة الانتاج الى 12 مليون برميل يوميا بحلول عام 2017 ليقترب من السعودية عملاق انتاج النفط في العالم.وحماية البنية التحتية للنفط امر حيوي فيما تسعى البلاد لاعادة البناء بعد أكثر من ثمانية اعوام من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بالرئيس صدام حسين فيما تستعد واشنطن لسحب قواتها بحلول نهاية العام الحالي، ومصفاة النفط في مدينة بيجي الشمالية المعقل السابق لتنظيم القاعدة هي الهدف الاكبر والاوضح للمسلحين الذين مازالوا يشنون هجمات رغم ما اصابهم من ضعف، وفي فبراير شباط هاجم مسلحو القاعدة المصفاة وقتلوا أربعة من العاملين وفجروا قنابل اشعلت حريقا اوقف العمل لمدة يومين، وبعد ايام قليلة احبطت قوات الامن العراقية محاولة هجوم اخر بعد العثور على قنبلة داحل صهريج تخزين، وابطل مفعول القنبلة في الوقت المناسب. بحسب رويترز.

وقال المسؤولون العراقيون انهم جاهزون للاضطلاع بمسؤولية الامن في البلاد كليا حين يرحل ما تبقى من القوات الامريكية وقوامها 47 الف جندي بحلول 31 ديسمير كانون الاول، ولازالت التفجيرات والهجمات تتكرر بشكل يومي ولكن العراق يقول ان جيشه قادر على احتواء اي تهديد داخلي، وتضطلع القوات الامريكية بدور استشاري منذ انهاء واشنطن العمليات القتالية رسميا في اغسطس اب، ويقول اللواء حامد ابراهيم رئيس شرطة النفط ان بعض الوحدات مثل الوحدات الجوية والبحرية لازالت دون المستوى وحذر في مارس اذار من ان منشات النفط مهددة ما لم يكن هناك زيادة في عدد القوات ونهوض في التدريب، وتدرب الشرطة العسكرية الايطالية المعروفة باسم كارابينيري المشاركة في المهام التدريبية لحلف شمال الاطلسي في العراق شرطة النفط على حماية اربع مصاف رئيسية وتسع مصاف اقليمية وانابيب غاز ونفط تمتد لمسافة 4300 ميل، وفي معسكر دبلن في بغداد تشرف الكارابينيري على برنامج تدريب اساسي لمدة سبعة اسابيع فضلا عن دورة لاعداد مدربين تشمل 20 فرعا مختلفا من بينها التدريب على السلاح والدفاع عن النفس وعدم المساس بمسرح الجريمة، وفي زيارة للمعسكر في الاونة الاخيرة قام المدربون الايطاليون بتدريب متطوعين على لكمات على غرار حركات الكاراتيه في قاعة رياضية، وفي الفصول كان ضباط يدربون أفراد الشرطة على اساليب رفع بصمات الاصابع، ودرب الايطاليون نحو 500 من افراد شرطة النفط منذ بدء الدورات التدريبية في اكتوبر تشرين الاول الماضي، وقال الميجر جنرال كلاوديو انجليلي نائب قائد بعثة التدريب التابعة للحلف في العراق ان الدورات تهدف لاتاحة تدريب تكتيكي لشرطة النفط وتعزيز التنسيق بين الوحدات كي يتسنى لها العمل مع الفرق الاخرى، ولكنه ذكر انه ثمة حاجة لاستمرار التدريب بعد نهاية العام الحالي، وصرح انجليلي "اعتقد ان بوسعنا ان نستمر في تدريبهم خلال العام الجاري ولكن لن يمتلكوا القدرات الكافية للاعتماد على النفس"، وتابع "درسنا هذا الوضع واعتقد ان العراقيين سيحتاجون دعما لمدة عامين اضافيين"، ومن المقرر ان تنتهي مهمة التدريب التي يضطلع بها الحلف بحلول نهاية العام الا ان انجيليلي توقع ان يطلب العراق استمراره بعد عام 2011، واعترف بوجود نقص في الاسلحة والعتاد لكنه قال ان تغطية النقص أمر يرجع للحكومة العراقية، غير أن بعض المنتسبين وبعضهم من ضباط الشرطة المدربين بالفعل يطالبون الحلف بتطوير الدورات واعدادها بما يتناسب مع الوضع في العراق وبصفة خاصة كيفية صد الهجمات على منشات النفط، وقال الملازم حيدر شاكر وهو ضمن الفريق المكلف بحماية خطوط الانابيب في البصرة "ينبغي ان ينزل الحلف لارض الواقع ويرى ما نفعله ثم يدربنا بما يتناسب مع ما يواجهن، تدريبهم ليس واقعيا"، "نريد ان نتدرب على القبض على الارهابيين."

ارقام قياسية وتوقعات ايجابية

في سياق متصل اعلنت وزارة النفط العراقية ان عائدات العراق النفطية لشهر نيسان/ابريل سجلت رقما قياسيا جديدا بتجاوزها سبعة مليارات و300 مليون دولار، وبحسب الارقام التي نشرتها الوزارة على موقعها الالكتروني فان العراق صدر 66،4 مليون برميل من النفط الخام في شهر نيسان/ابريل ما حقق له عائدات بقيمة 7،342 مليار دولار بمعدل 114،36 دولارا للبرميل الواحد، وهذه العائدات الشهرية تعد الاعلى التي يتم تسجيلها منذ الغزو الاميركي للعراق في 2003، ويعود الرقم السابق الى آذار/مارس حين سجلت العائدات النفطية سبعة مليارات و167 مليون دولار، علما ان مجموع ما صدره العراق في هذا الشهر اعلى مما صدره في نيسان/ابريل، لكن ارتفاع اسعار النفط الذي يشكل 94 بالمئة من عائدات العراق، ساهم في زيادة العائدات النفطية في نيسان/ابريل، وقد وقعت الوزارة عقودا مع شركات اجنبية لتطوير عشرة حقول تامل من خلالها ان يصل الانتاج من خلالها الى حوالى 12 مليون برميل يوميا في غضون ست سنوات، ويملك العراق ثالث احتياطي من النفط في العالم يقدر بنحو 115 مليار برميل بعد السعودية وايران. بحسب فرانس برس.

الى ذلك قال رئيس شركة نفط الجنوب العراقية ان العراق يتوقع ارتفاع انتاج النفط من حقوله الجنوبية ليصل الى 2.5 مليون برميل يوميا في نهاية العام الحالي وذلك رغم البنية التحتية المتداعية، وتعمل المرافئ البحرية العراقية المتداعية بطاقتها كاملة، ويعاني خط أنابيب لتصدير النفط العراقي الى تركيا من مشاكل صيانة متكررة وهجمات، وقال ضياء جعفر ان معظم البنية التحتية لقطاع النفط قديمة ولا يمكنها العمل لفترات طويلة بطاقتها الكاملة وما لم يتحرك العراق سريعا لزيادة طاقته التصديرية فانه سيواجه مشكلة كبيرة، ويحتاج العراق لاستثمار مليارات الدولارات في صهاريج تخزين ومرافئ تصدير وخطوط أنابيب بعد أعوام من الحرب والعقوبات الاقتصادية والتراجع، ويعاني البلد بالفعل من نقص السيولة وعجز في الميزانية، ويتمثل أحد المشاكل في خط التصدير البري بين حقول النفط الجنوبية وميناء الفاو وهو ما قد يؤثر على خطة التصدير اليومية للعراق لكن ليس جدوله الشهري، وبلغ الانتاج من البصرة والرميلة وغرب القرنة 1 والزبير ومجنون (وجميعها حقول تطورها شركات أجنبية) اضافة الى حقول أصغر يطورها العراق بمفرده نحو 1.920 مليون برميل يومي، وتراجع انتاج الرميلة الذي تطوره شركة النفط البريطانية العملاقة (بي.بي) وشريكتها الصينية (سي.ان.بي.سي) قليلا هذا العام بسبب أضرار في بعض الصهاريج وخطوط الانابيب، وقال جعفر ان الانتاج بلغ 1.130 مليون برميل يومي، وأضاف أن احلال المنشات المعطوبة سيكتمل قريب، وقال ان البنية التحتية لقطاع النفط لا تعمل بالكامل بسبب نقص الصيانة والظروف التي يمر بها العراق مضيفا أن الامر لا يتعلق بمشاكل في تنفيذ خطط تطوير الحقول، وكانت (بي.بي) قالت في يناير كانون الثاني ان الانتاج زاد أكثر من عشرة بالمئة فوق المستوى الاساسي المستهدف 1.066 مليون برميل يوميا الذي اتفق عليه في ديسمبر كانون الاول 2009، وبحسب أرقام رسمية في مارس اذار بلغ انتاج الرميلة 1.29 مليون برميل يوميا في 11 يناير لكنه يتذبذب منذ ذلك الحين، وعزا جعفر تباين انتاج حقل الرميلة الى مشاكل أخرى مثل عدم استقرار التيار الكهربائي والطقس السيء الذي قد يوقف الصادرات في بعض الاحيان. بحسب رويترز.

ونفى أن تكون هناك أي مشاكل في المكامن أو حتى مشاكل تشغيلية في المنشات، وقال ان من المتوقع أن يصل انتاج الحقل الى 1.4 مليون برميل يوميا في نهاية العام الحالي، ويعتبر الرميلة باحتياطيه الذي يقدر بنحو 17 مليار برميل العمود الفقري لصناعة النفط العراقية، ويتجاوز انتاج الحقل مليون برميل يوميا بما يقرب من نصف انتاج العراق، وجاء اتفاق تطوير الرميلة ضمن سلسلة اتفاقات وقعتها بغداد مع شركات نفط عالمية قد ترفع طاقتها الانتاجية الى المستوى السعودي البالغة 12 مليون برميل يوميا بحلول 2017 لكن معظم المحللين يقولون ان ستة الى سبعة ملايين برميل يوميا هو هدف أكثر واقعية، ورغم نقاط الاختناق يرى جعفر أنه سيكون بمقدور العراق زيادة الانتاج من حقوله الجنوبية في البصرة الى 2.4-2.5 مليون برميل يوميا بنهاية 2011 وأن منشاته التصديرية ستكون جاهزة في الوقت المناسب لاستيعاب الزيادة المتوقعة.وقال ان الانتاج الحالي من غرب القرنة 1 الذي تطوره اكسون موبيل الامريكية 311 ألف برميل يوميا ومن المتوقع أن يصل الى 450 ألف برميل يوميا بنهاية العام في حين قد يتجاوز انتاج حقل نفط الزبير الذي تطوره ايني الايطالية 350 ألف برميل يوميا من 266 ألف برميل يوميا حالي، وقال ان طاقة التصدير العراقية من البصرة تبلغ حاليا 1.8 مليون برميل يومي، وأوضح أن مشروعا لاستخدام كيماويات للحد من الاحتكاك داخل خطوط الانابيب وزيادة القدرة على ضخ مزيد من الخام عبر خط الانابيب الجنوبي سيعزز طاقته من 1.6 مليون برميل يومي، ولدى العراق خطط لتطوير منشات التصدير وخطوط الانابيب في البصرة، ويشمل المشروع تركيب خطوط أنابيب بحرية وبناء أربعة مراس، وتضيف المرحلة الاولى من المشروع 900 ألف برميل يوميا الى طاقة تصدير النفط في نهاية 2011، وقال جعفر ان مشروع تحسين الطاقة التصديرية يمضي وفقا لجدوله الزمني حتى الان وان العراق سيستطيع بدء التصدير من المشروع بنهاية العام.

بغداد تدفع مع كردستان

من جانب اخلا اعلن مصدر رسمي ان الحكومة العراقية دفعت الى الشركات النفطية التي تعمل في اقليم كردستان (شمال) اولى المبالغ المالية، وقال رئيس حكومة اقليم كردستان برهم صالح في بيان الخميس ان حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حولت ما مجموعه 243 مليون دولار الى الشركات المتعاقدة مع حكومة كردستان، واوضح في البيان الذي نشره الموقع الالكتروني لحكومته ان الاموال المدفوعة "تبلغ نحو 50 في المئة من صافي الايرادات المكتسبة جراء تصدير ما يزيد عن خمسة ملايين برميل من النفط من المنطقة في الفترة الممتدة من بداية شباط/فبراير وحتى 27 اذار/مارس"، وذكر صالح ان الاموال المدفوعة للشركات المتعاقدة مع حكومة اقليم كردستان تاتي في اطار "اتفاق داخلي لتوزيع الحصص" موقع بينه وبين المالكي ووزارتي المالية والنفط، وكان المالكي اكد في شباط/فبراير موافقة الحكومة المركزية في بغداد على العقود النفطية التي وقعتها حكومة اقليم كردستان مع شركات اجنبية، وتوقف التصدير من كردستان منتصف تشرين الاول/اكتوبر 2009 اثر خلافات حادة مع بغداد التي رفضت الاعتراف بعقود وقعتها الحكومة المحلية مع شركات اجنبية، وفي ايار/مايو العام الماضي، اعلن وزير النفط السابق حسين الشهرستاني اتفاقا بين بغداد واربيل ينص على استلام شركة التسويق التابعة للوزارة (سومو) عائدات البيع من ابار كردستان مقابل ان تتولى بغداد دفع نفقات التنقيب عن النفط في هذه المنطقة، وتعمل وزارة النفط العراقية على زيادة الكميات المنتجة من النفط الى ثلاثة ملايين برميل يوميا، من حوالى مليونين ونصف مليون برميل حاليا، علما ان النفط يشكل 94 بالمئة من عائدات العراق بالعملة الصعبة، ويصدر اقليم كردستان 135 الف برميل نفط يوميا، فيما يسعى الى زيادة الانتاج لنحو 200 الف برميل بحلول نهاية العام، بحسب ما اعلنت وزارة النفط في حكومة الاقليم. بحسب فرانس برس.

العراق يمضي قدما

على صعيد اخر قال علي الخضير المدير العام لشركة غاز الجنوب العراقية الحكومية ان العراق الذي يواجه صعوبات بسبب انقطاعات الكهرباء يقوم حاليا بتركيب معدات لضغط الغاز للاستفادة من الكميات الضخمة من الغاز المصاحب التي يجري حرقها في الحقول النفطية جنوبي البلاد، وقال الخضير ان العراق يأمل في ابرام اتفاق للغاز بقيمة 12 مليار دولار مع رويال داتش شل المدرجة في بورصة لندن في أقرب وقت ممكن، ويعمل العراق لاستكمال اتفاق مشروع مشترك بين غاز الجنوب وشل وميتسوبيشي اليابانية منذ توقيع اتفاق مبدئي في 2008، ومع تزايد الغاز المصاحب للانتاج النفطي المتزايد من الحقول الجنوبية في العراق تنامت الضغوط لايجاد حل، وفي الوقت الحاضر يجري حرق الغاز المصاحب لعدم وجود بنية تحتية لتخزينه، وقد تتيح صفقة شل الاستفادة من أكثر من 700 مليون قدم مكعبة يوميا من الغاز الذي يشتد الاحتياج اليه في توليد الكهرباء، وقال الخضير ان المعدات الجديدة التي يجري تركيبها في المرحلة الاولى من حقل غرب القرنة قد يبدأ تشغيلها بحلول منتصف 2012، واضاف أنه سيتم تركيب معدات جديدة في حقل الزبير بحلول النصف الثاني من العام الجاري بينما ستبنى منشات اضافية للغاز أيضا لحقل الرميلة، وتابع "سواء مضى الاتفاق مع شل قدما أم لا فاننا لن نقف مكتوفي الايدي، ربما يتم الاتفاق وربما يتوقف عند مرحلة معينة لكن هذا لا يعني أن تتوقف شركة غاز الجنوب عن العمل"، وقال الخضير ان حقول البصرة الجنوبية تنتج 1.1 مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز المصاحب لانتاج النفط الخام ويتم الاستفادة من 40 في المئة فقط من هذه الكميات، وستعالج المعدات الجديدة بعض كميات الغاز المصاحب لانتاج النفط وستدخل في نصيب العراق في المشروع المشترك مع شل وميتسوبيشي عندما يستكمل الاتفاق، وسيملك العراق حصة 51 في المئة في المشروع المشترك الجديد، ويحتاج العراق لتحديث منشات ضغط الغاز القائمة نظرا لتقادم معظمها وبناء مصانع للمعالجة لاستخدام الغاز المصاحب وذلك في اطار خطته لزيادة انتاج الكهرباء لتلبية الطلب، ويجري تطوير المرحلة الاولى من حقل غرب القرنة على يد اكسون موبيل الامريكية بشكل رئيسي بينما تعد ايني الايطالية المشغل الرئيسي لحقل الزبير وتقوم بي.بي البريطانية مع سي.ان.بي.سي الصينية بتطوير حقل الرميلة، وقال الخضير ان معدات الغاز الجديدة في غرب القرنة لن تكون قادرة على استخدام انتاج الغاز الحالي بأكمله "لكنها ستمدنا على الاقل بالغاز المسال ومنتجات أخرى نحتاجها لتوليد الكهرباء" يتم استيرادها حاليا. بحسب رويترز.

وتابع "خطتنا في هذه المرحلة هي أن تغطي جميع المعدات التي تم شراؤها والتعاقد عليها كميات الغاز التي تحترق الان حتى يستكمل اتفاق شل"، ووقع العراق مجموعة من الاتفاقات مع شركات نفطية أجنبية تهدف الى زيادة طاقته الانتاجية الى 12 مليون برميل يوميا بحلول عام 2017 من 2.7 مليون برميل يوميا حاليا لينافس بذلك السعودية اكبر مصدر للنفط في العالم، ويرى معظم المحللين ان انتاج ستة الى سبعة ملايين برميل يوميا هدف أكثر واقعية، ومن المتوقع أن يصل انتاج الغاز المصاحب لصفقات النفط التي أرساها العراق في مزادين في 2009 الى نحو ثمانية ملايين قدم مكعبة يومي، ويتوقع العراق أن يصل انتاج النفط الى ثلاثة ملايين برميل يوميا بنهاية العام الحالي و3.3 مليون برميل يوميا في 2012 و6.5 مليون برميل يوميا في 2014، وقال الخضير "وفقا للعقود التي وقعت في جولات المزادات فان انتاج الغاز سيزيد بكميات كبيرة، نحتاج أموالا كثيرة للاستفادة منه، نحتاج محطات ضغط ومصانع للغاز ومصانع لانتاج الغاز المسال والمزيد"، اذا لم تستطع الحكومة أن توفر لنا الاموال فان علينا أن نتفق مع شركات دولية لتنمية الغاز في الجنوب"، ولا يطلب من الشركات التي تقوم بتطوير حقول النفط في الجنوب وفقا للمرحلة الاولى من المزادات في 2009 (وهي الرميلة والزبير والمرحلة رقم واحد في غرب القرنة) أن تتعامل مع الغاز المصاحب، وستجمع شل من خلال الصفقة التي توقفت في الماضي نظرا لعقبات قانونية ومعارضة سياسية الغاز من هذه الحقول الثلاثة فقط، وينبغي استكمال المسودة النهائية للاتفاق ويوافق عليها مجلس الوزراء قبل توقيعه، وسيتم استخدام الغاز بمقتضى الاتفاق بشكل رئيسي في توليد الكهرباء والاستهلاك المحلي مع خيار تصدير الفائض، ويواجه العراق صعوبات منذ سنوات نظرا لانقطاعات الكهرباء وقال الخضير انه يأمل في استكمال الاتفاق مع شل في أقرب وقت ممكن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 29/حزيران/2011 - 26/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م