تقرير (شبكة النبأ) الدوري للحريات الاعلامية في العالم العربي

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: ان كثيراً من الحكومات والزعماء والقادة وكبار الشخصيات تعتبر الاعلام والصحافة ومن يمثل هذه المهنة من "اخطر اعدائها" اللذين يضرون بمصالحها المباشرة، وذلك لدورها البارز في كشف الحقائق المتعلقة بقضايا الفساد التي يمارسها رأس السلطة والمتنفعين، وابرازها الى المواطن العادي عبر قنوات اعلانية متنوعة في محاولة منها لمنع او فضح مايجري في الخفاء وعلى يد السلطات التي تمثل القانون من قتل وتعذيب وفساد وصفقات عالمية مشبوهة ونهب للمال العام وقائمة لاتنتهي من السرقات "القانونية" المنظمة، وقد تنوعت اساليب منع الاعلام والصحافة "الحرة" عن ممارسة دورها ومصادرة حرياته، بحسب ابداعات الاجهزة القمعية المكلفة بواجب المراقبة والتضييق على هذه المهنة والعاملين فيه، فبين الترهيب والترغيب المالي (عبر رفع دعاوى قضائية للمطالبة بتعويض مالي او سحب الاعلانات الحكومية والتي تعتبر الدخل المالي الوحيد لمعظم وسائل الاعلام) والتهديد والوعيد الى الخطف والسجن والتعذيب والاغتيال، تجد ان الحرب مستعرة وكل الوسائل فيها مباحة وقافلة المغدورين من الاعلاميين في ازدياد وتقليص هامش الحريات الاعلامية مستمر مع تسخير كل امكانات الدول الضخمة امام امكانات متواضعة لاتملك سوى "صوت الحقيقة".

إسكات وسائل الإعلام

فقد قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن مسؤولي الحكومة المحلية لإقليم كردستان وقوات الأمن تصعّد من هجومهاً على حرية الصفحيين في العمل في كردستان العراق، وينبغي على المسؤولين الإقليميين وقف عمليات قمع الصحفيين من خلال دعاوي التشهير، وتعريضهم للضرب والاحتجاز والتهديد بالقتل، وقد حاولت سلطات كردستان إسكات مجلة ليفين، واحدة من منشورات كردستان العراق المستقلة، ومنافذ إعلامية أخرى، وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي على المجتمع الدولي أن ينهي صمته وأن يدين تلك الهجمات الآخذة في الاتساع، وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، "حكومة إقليم كردستان وعدت بعهد جديد من الحرية لأكراد العراق، ولكن يبدو أنها لا تحترم حقوق الأكراد في حرية التعبير بصورة أفضل من الحكومة التي سبقتها، ففي الوقت الذي تندلع في الشرق الأوسط مطالب لإنهاء القمع، تحاول السلطات الكردية خنق وتخويف الصحافة النقدية"، وفي 17 مايو/أيار 2011، رفع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه رئيس الإقليم مسعود بارزاني دعوى تشهير بحق رئيس تحرير مجلة ليفين أحمد مير، لنشره مقالاً حول مؤامرة مزعومة من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني وشريكتها في الائتلاف الحاكم، الاتحاد الوطني الكردستاني لاغتيال زعماء المعارضة، ووفقاً لوثائق المحكمة التي حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخة منها فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني طالب بتعويض بلغ إجماليه مليار دينار (864 ألف دولار)، وأمر بإغلاق المجلة وذلك بإلغاء ترخيصها.

وثائق المحكمة تقول إن الحزب يلاحق ميرا قضائياً لأن مقال ليفين "ليس فقط لا أساس له في الحقيقة، بل هو تهديد للأمن القومي وانتهاكاً للكرامة والمجد والإنجازات العظيمة" في كردستان العراق، وفي وقت سابق من شهر مايو/أيار تقدم الرئيس العراقي جلال طالباني وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني بالدعوى القضائية الخاصة به بخصوص المقالة ذاته، وقال ميرا لـ هيومن رايتس ووتش إنه نتيجة لذلك احتجزته الشرطة هو ومحرر بمجلة ليفين زهيار محمد لخمس ساعات في 5 مايو/أيار، وقال سارة ليا ويتسن "دعاوى التشهير المرفوعة من قبل المسؤولين الحكوميين في كردستان ليست أكثر من مجرد جهد مستتر لمعاقبة المنتقدين، وخلق جو من الخوف والرقابة الذاتية، وإن الهجمات التي يشنها بارزاني وزملاؤه على الصحفيين المستقلين هي التي ستساهم في تقويض "الكرامة" و"المجد" أكثر من أي شيء قد يرد في تقارير وسائل الإعلام"، وقال محرر مجلة ليفين لـ هيومن رايتس ووتش إنه عندما اتصل بوزير البشمركة (قوات الأمن الكردية) جعفر الشيخ مصطفى في 24 أبريل/نيسان، فإن مصطفى هدد محرر المجلة وميرا بالقتل، وكان المحرر عندما اتصل بمصطفى يسجل المحادثة لأنه كان يرغب في الحصول على تعليق رسمي في مسألة غير ذات صلة، وأضاف المحرر أن مصطفى كان مستاءً بسبب مقال في المجلة عقد مقارنة بين مصطفى ووزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، وقال ميرا إنه قرر أن يكتب تقريراً حول التهديد إلى رئيس وزراء الحكومة الإقليمية بدلاً من جعلها عامة أو الذهاب إلى الشرطة، الذي يعتقد أنه ستكون غير مجدية وستؤدي لتعرضه لمزيد من المخاطر.

وأضاف مير، "بعد تهديد جعفر الشيخ مصطفى مباشرة لي بالقتل أبلغت رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان الدكتور برهم صالح، وطلبت مساعدته، لدي التسجيل للتهديد ويمكنني إثبات ذلك، لكن للأسف لم يبذل أي جهود للتحقيق في تهديدات القتل من قبل عضو في مجلس وزارته"، وقال ميرا إنه نتيجة لذلك قرر نشر مقال حول التهديد بالقتل في 7 مايو/أيار، ودعت هيومن رايتس ووتش حكومة إقليم كردستان للتحقيق في تهديدات قتل ميرا، وإقالة مصطفى من منصبه ومحاكمته في وفقاً للقانون إذا أثبت الإدعاء تورطه، من جانب اخر فان مجلة ليفين وهي مجلة مستقلة أنشأت في 2002 في السليمانية وتصدر ثلاث مرات في الشهر، وانتشرت على نطاق واسع في كردستان، وكثيراً ما تنشر مقالات تنتقد فيها علناً الحزبين الحاكمين، وتعرض أيضاً عدد من كتابها للتهديد أو ألقي القبض عليهم أو فروا من البلاد، وفي عام 2008، تم اغتيال سوران مامه حمه المحرر بقسم التحقيقات في ليفين بينما كان خارجاً مع والديه في منطقة يسيطر عليها الأكراد من كركوك بعدما كتب حول تورط مسؤولين أكراد في شبكات للدعارة، ونفذت سلطات كردستان سلسلة من الهجمات على الصحفيين ومنظمي الاحتجاجات الأخرى منذ سحق احتجاجات السليمانية يوم 18 أبريل/نيسان، وأدت التهديدات بشن هجمات واعتقالات إلى اختباء البعض، في السليمانية ليلة 11 مايو/أيار، احتجزت قوات الأمن واعتدت على مراسل شبكة أخبار كردستان بريار نامق، وكسرت يده، وقال نامق لـ هيومن رايتس ووتش في 16 مايو/أيار، بعدما تم إطلاق النار بالقرب من مكتب البرلمان، ذهبت إلى هناك لتغطية الحادث، وطلبت من وردية تابعة لقوات الاتحاد الوطني الكردستاني معرفة ما حدث. فجأة ظهر ستة أشخاص يرتدون  ملابس مدنية هاجموني، وأخذوا مني هاتفي الجوال والكاميرا، وأخذوني أمام منزل مدير أمن المدينة، وكان هناك عناصر أمن كثيرين أهانوني وضربوني، وسمعت واحداً منهم يسأل الموظف إذا كان يمكنهم قتلي، وتمت تغطية رأسي ووضعت في جزء خلفي لأحد السيارات وتم إلقائي في مكان آخر من المدينة، وقال اثنين من الصحفيين طلبا عدم الإفصاح عن اسميهما خشية من الانتقام لـ هيومن رايتس ووتش في يوم 18 مايو/أيار إن ثمانية رجال يرتدون ملابس مدنية طاردوهما في أواخر أبريل/نيسان في مدينة أربيل، وظهر الرجال في سيارتين في الشارع وكان من المفترض للصحفيين أنهما سيجتمعان مع مسؤول إقليمي طلب الاجتماع مع بعض الإعلاميين، ويعتقد الصحفيان أن الرجال الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية هم من قوات الأمن الذين كانوا على علم بالاجتماع، وأنهم كانوا يحاولون خطفهم، وهناك سوران عمر، أحد منظمي الاحتجاج وصحفي حر، وهو مختبئ منذ 19 أبريل/نيسان، وقال لـ هيومن رايتس ووتش في 17 مايو/أيار "لم أنم في المنزل منذ ذلك الحين، وذنبي هو انتقادي الأفعال غير الديمقراطية من حكومة إقليم الكردستان والحزبين الحاكمين، وهذا هو كل شيء، وحاولت قوات الأمن اختطافي، واستصدروا أمراً باعتقالي، بل وحاولوا حتى اختطاف ابني".

الى ذلك فان زمانكو إسماعيل، المصور الصحفي الذي غطى بنشاط مظاهرات السليمانية، وهو أيضاً مختبئ حالياً. وقال لـ هيومن رايتس ووتش في 14 مايو/أيار "لقد تم تتبعي في عدة مرات، وأنا في خطر من التعرض للاعتقال والضرب، وهذا هو السبب الوحيد الذي دفعني للسفر في سيارة أجرة، ومع سائق أثق به، ولا يمكنني الذهاب للأماكن العامة، كما تم اختراق صفحتي على فيسبوك والبريد الإلكتروني، ولا يمكنني استخدامها، وهذا حدث لغيري من المشاركين في المظاهرات"، وقال صحفي آخر كتب مقالات انتقد القيادات الإقليمية وتلقى عدة تهديدات مجهولة المصدر لـ هيومن رايتس ووتش في أواخر أبريل/نيسان، "قال أصدقاء عديدين لي على فيسبوك إن قوات الأمن دعتهم وهددتهم وقالوا لهم إنه من الأفضل لهم أن يزيلوني من قائمة الأصدقاء"، منذ 17 فبراير/شباط، وثقت جماعة حرية الصحافة المحلية، ومركز مترو للدفاع عن الصحفيين أكثر من 200 حالة من حالات الاعتداءات والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيين الأكراد، وقد أحصت مراسلون بلا حدود 44 حالة من الاعتداءات البدنية ضد العاملين في مجال الإعلام وتم اعتقال 23 آخرين، وقالت سارة ليا ويتسن "ما هو نوع المستقبل الذي يمكن أن تعد به حكومة كردستان لشعبها، بينما هو عالق في الطرق القديمة السيئة لهذه المنطقة من الضرب والاعتداء على الصحفيين؟، إن على قادة كردستان واجب هامهو احترام حقوق وحريات شعبهم، في ضوء ما عاناه في العقود الماضية"، ودعت هيومن رايتس ووتش الرعاة الدوليون لحكومة إقليم كردستان (خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية) إلى إدانة التجاهل الصارخ لحرية الصحافة من قبل الحكومة الإقليمية، وكانت وزارة الخارجية الأمريكية التي دعمت سيادة القانون والحريات الصحفية في جميع أنحاء البلاد، والتي لا يزال لها نفوذ كبير، ما تزال صامتة إلى حد كبير في الآونة الأخيرة زاء انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد الصحفيين والمتظاهرين، وقالت هيومن رايتس ووتش إن الولايات المتحدة التي قادت قوة متعددة الجنسيات للإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين جزئياً على أساس انتهاكات ارتكبت في عهده ضد الأكراد، يظهر هنا عليها مسؤولية خاصة لضمان قيام مسؤولي إقليم كردستان باحترام حقوق مواطنيهم، وأتمت سارة ليا ويتسن "بعد ثماني سنوات من إطاحة الولايات المتحدة بصدام حسين في سبيل حماية حقوق الأكراد، فإنها تقف بصمت بينما الحكومة تساعد في تثبيت الانتهاكات في كردستان وتقمع السكان، وأشار الرئيس الأمريكي أوباما في خطابه يوم 20 مايو/أيار للديمقراطية المزدهرة في العراق، ولكن الحقيقة هي أن الخوف ترعاه الحكومة والقمع مستمر في التفاقم هناك".

مصادرة حرية الصحافة

الى ذلك يقول صحفيون بكربلاء ان حرية الإعلام قد تتراجع مستقبلا، لافتين الى وجود مؤشرات جدية تفيد بان جهات وشخصيات سياسية لم تعد تتحمل حرية التعبير عبر وسائل الإعلام، مستشهدين بما رفع من دعاوى قضائية لحد الآن ضد صحفيين ووسائل إعلامية من قبل مسؤولين وسياسيين بسبب مقالات أو تحقيقات صحفية، ويشير الصحفيون الى مطالبة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الصحفي هاشم حسن بمبلغ ملياري دينار، فيما طالب الحزب الديمقراطي الكردستاني، صحيفة محلية بدفع مليار دولار، ولم يتأخر رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي عن قافلة المطالبين بالتعويض بسبب مقالات صحفية، حين طالب صحيفة المدى بدفع 150 مليون دينار، والسبب دائما مقالات أو تحقيقات اعتبرتها الجهات المطالبة بالتعويض انتهاكا شخصيا أضر بسمعتها ومكانتها الاجتماعية والسياسية، ويقول الصحفي حسون الحفار إن الصحفي بات بين مطرقتين، موضحا أن على الصحفي أن يجامل على حساب الحقيقة، إن كان عاملاً في وسيلة إعلامية مملوكة لمسؤولين في الدولة، وأن يخشى من ملاحقة السياسيين والمتنفذين في الدولة إن كان يعمل بوسيلة إعلامية مستقلة.

ويعتقد الصحفي محمد العصفور أن رفع دعاوى قضائية ضد الصحفيين، يقيد حرية الإعلام، ويدعو لاعتماد معايير مهنية في تقييم المادة الإعلامية، وقال انه يفترض أن البرلمان والجهات السياسية تدعم حرية الإعلام، مضيفا أن تقييم المادة الإعلامية التي يعتقد أنها تمس بأشخاص أو جهات مساسا سلبيا لابد أن يخضع لضوابط مهنية، ويتخوف صحفيو كربلاء من أن التأخر في إقرار القانون الخاص بحماية الصحفيين يستبطن موقفاً برلمانياً سلبياً من حرية الإعلام، ويؤكد الصحفي عبد الأمير الكناني، أن عمل الصحفيين بلا حماية قانونية بات محفوفاً بالمخاطر، مشيرا إلى أن الدعاوى القضائية التي ترفع ضد صحفيين من وقت لآخر ليست الوسيلة الوحيدة التي تعترض حرية الإعلام في العراق، موضحا أنه يخشى من أن يعترضه أي عنصر أمن وهو يؤدي عمله في الشارع لأنه لايملك الحماية القانونية، يشار إلى أن قانون حماية الصحفيين من القوانين التي أجل التصويت عليها لعدة مرات، وكان القانون قد عرض أمام البرلمان في دورته السابقة، غير أنه مرر إلى الدورة الحالية وما زال عرضة للتأجيل من وقت لآخر دون أن تعرف الأسباب الحقيقية وراء هذا التردد النيابي بإقرار القانون.

الإعلام التونسي بعد الثورة

الى ذلك رغم مرور اكثر من أربعة أشهر على الثورة في تونس، مازال المشهد الإعلامي فيها يبدو ضابيا ويعاني من التخبط وعدم وضوح الرؤيا، بل إن البعض يرى أن الثورة التي أحدثت انقلابا على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي لم تمس الإعلام الذي تغير شكله، لكنه مازال محتفظا بمضمونه رغم تمتعه بالحرية وغياب القيود التي كانت تكبله خلال حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وكانت وزارة الداخلية التونسية قد وافقت مؤخرا على منح تراخيص لـ88 مطبوعة (صحيفة ومجلة) في البلاد، فيما أكدت مصادر أن الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال بدأت بدراسة 74 طلبا لإحداث إذاعات في البلاد، الأمر الذي يعتبره البعض بداية عهد جديد للإعلام الحر في تونس، لكن "مراقبون أعتبروا أن زيادة وسائل الإعلام لن يخدم الخطاب الإعلامي الذي لم يتحرر حتى الآن من عقلية الماضي"، الإعلامي رضا الكافي، مدير موقع كابيتاليس "kapitalis" الإلكتروني، يرى أن الإعلام التونسي تغير في المحتوى لكن الشكل مازال كما كان خلال حكم بن علي، ويضيف، "الإعلام التونسي لم يتحرر من موروث الماضي، فالمؤسسات الإعلامية مازالت على حالها، بنفس الأشخاص ونفس الفاعلين، لكن الذي تغير هو المحتوى، بمعنى أن ولاء الإعلام كان في السابق لبن علي، والآن أصبح للثورة، لكن الممارسات والأساليب والمغالطات هي نفسها"، وتابع موضح، "كان الإعلام في الماضي لشتم المعارضين، اليوم هو لشتم عائلة بن علي وأصحابه، لكن العقلية والذهنية والأسلوب نفسه"، ويؤيد الكافي مقوله "إعلام إشاعات" التي يُنعت بها الإعلام التونسي هذه الأيام، مشيرا إلى وجود "مخالفات يومية لقواعد العمل الصحفي في الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع على السواء، وخاصة بالنسبة لنشر الأخبار دون التأكد من صحتها"، ويرى أن الإعلام الذي يروج للإشاعات لن يساهم في استقرار الوضع السياسي والأمني في البلاد، "بل أن الإعلام في تونس يساهم يشكل سلبي في عملية التحول (الديمقراطي)، وهذا يطرح الكثير من التساؤلات حول مدى قابلية تغيير المشهد الإعلامي الحالي في البلاد"، ويشدد الكافي على أن "المشهد الإعلامي في تونس مازال ممسوك من طرف الأشخاص والمؤسسات التي اشتغلت لسنوات عديدة مع بن علي، وبالتالي مصالحها مرتبطة إلى حد كبير، ربما ليس فقط بشخص بن علي وأصهاره، وإنما بالمنظومة الإدارية والسياسية التي كانت قائمة في عهده، وبالتالي ليست هناك إرادة فعلية للتغيير". بحسب السي ان ان.

من جانب آخر، ثمة من يرى أن المواطن التونسي غائبا أو مغيبا عن المشهد الإعلامي في بلاده، ويعتقد أن الخطاب الحالي لا يلبي طموحاته في الحرية والديمقراطية التي أقام الثورة لأجلها، مما يجعله يلجأ لوسائل الإعلام العربية والدولية لمتابعة أخبار بلاده، الإعلامية بسمة بوذكري، الإعلامية في التلفزيون التونسي، تقول، "التونسي مازال يستقي أخباره من القنوات الإخبارية العربية والدولية لأنه حتى الآن مازال يميل إلى تصديق المعلومات التي يستقيها من الخارج، لأن ثقته مهتزة بالإعلام المحلي"، وتدعو بوزكري إلى إحداث ثورة في الإعلام تواكب الثورة السياسية والاجتماعية التي أدت لسقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي، مشيرة إلى أن الإعلام الحالي مازال يتخبط بين الوضع السابق والحالي، ولم يحدد أجندته حتى الآن، وتضيف، "الثورة لم تمس الإعلام، ربما صارت 'رجّة' في أذهان الإعلاميين لكن على مستوى هيكلة الإعلام، كمؤسسات، إدارة، رؤساء تحرير، ومشرفين على القطاع، فلم يحدث أي تغيير"، لكنها ترى أن ثورة الإعلام التونسي مرتبطة باستقرار الوضع العام في البلد، مشيرة إلى أن الإعلام التونسي "مازال يتخبط بين عقلية حكمته لعقدين وطموح لعدد من الإعلاميين الشباب أو بعض الفاعلين في القطاع لخلق إعلام جديد يواكب الواقع الحالي"، وتستدرك قائلة، "المسألة تحتاج لوقت، لأنه من غير المعقول أن نطالب بإحداث ثورة في قطاع كامل بين ليلة وضحاها"، وتؤكد أن قطاع الإعلام متشعب جدا ومرتبط أيضا بالنظام السياسي، و"إذا كان البلد مازال في مرحلة انتقالية على الصعيد السياسي فطبيعي جدا أن يمر (الإعلام) بهذه المرحلة، ولكن الخطير هو عدم وجود مؤشرات تدل على الطريق الذي سيسلكه الإعلام التونسي مستقبلا".

ورغم أن ثورة 14 كانون الثاني/يناير حررت الإعلام التونسي من القيود الكثيرة التي كانت تكبله لربع قرن تقريبا، لكن البعض يعتقد لأن فتح الباب على مصراعيه أمام وسائل الإعلام جعلها تتخبط في مستنقع من الفوضى واللامسؤولية، وتصفية حسابات سياسية أو شخصية مع خصومه في بعض الأحيان، الإعلامي التونسي المخضرم منصف المؤذن، قال إن الصحفي التونسي يتمتع الآن بحرية كبيرة ويستطيع الحديث في جميع المواضيع بدون قيود، مشيرا إلى أن "التجاوزات الحاصلة في الوقت الحالي ليست من الإعلاميين بل من ضيوف الإعلاميين، فالرأي العام لم يفهم حتى الآن الخطوط الحمراء، ولكن تجد الرجل ( الضيف) يطل على شاشة التلفزيون ويشتم الناس، وهذه ليست حرية إعلام"، ويُقر المؤذن، الذي كان أمينا عاما لجمعية الصحفيين التونسيين لفترة طويلة، ببعض الإيجابيات التي يتمتع بها الإعلام التونسي في الوقت الحالي، ويقول، "هناك تركيز الآن على الأحداث وليس الأشخاص وهذا مهم جدا، كما أنك تستطيع أن تستمع إلى جميع الأطراف، (يميني- شيوعي- إسلامي)، وهذا أمر إيجابي"، لكن المؤذن، الذي عاصر فترة حكم الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، يستبعد أن يبقى الوضع الحالي للإعلام على حاله بعد الانتخابات، ويشير إلى أن السنوات الأولى من حكم الرئيس بن علي تميزت بهامش حرية كبير للإعلام ما لبث أن تبدد لاحق، ويضيف، "نستطيع الحديث عن واقع الإعلام التونسي عندما يصبح لدينا حكومة وبرلمان منتخب، وعندها نرى إن كان سيحافظ على شكله الحالي أم ل، عموما الإرادة السياسية هي الضامن الوحيد لذلك، وإذا بقي الإعلام التونسي على هذا الخط، من حيث الحرية والانفتاح على الآخر، فتونس بخير"، على الجانب الآخر، ثمة جهود حثيثة لإصلاح الإعلام التونسي وجعله مواكبا للمرحلة الجديدة التي أفرزتها الثورة، فضلا عن إصلاح قانون الإعلام الذي يتضمن أحكاما بالسجن يصل مجموعها إلى نصف قرن إزاء مخالفات قد يرتكبها الصحفي خلال أداء عمله، الإعلامي كمال العبيدي، مدير الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال في تونس، علق على هذا الجانب بالقول، "بدأنا العمل على أساس مهمة واضحة تتمثل بالاستماع إلى الصحفيين لتحديد العقبات التي تحول دون القيام بعملهم بحرية والالتزام بميثاق شرف المهنة الصحفية، ونحاول تقديم مقترحات وتوصيات للسلطة أو النظام الديمقراطي المنتظر لإصلاح الإعلام"، ويشير العبيدي إلى أن الهيئة تحاول الاستفادة من تجارب دول عدة مرت بتجربة مشابهة لتونس، مثل البرتغال وإسبانيا وجنوب إفريقيا وأندونيسيا ودول أوروبا الشرقية "لمعرفة خطوات فك الارتباط بين الإعلام والسلطة، وكيفية تحرير الإعلام الذي كان أداة لخدمة الحزب الحاكم وتضليل الرأي العام".

ويقول العبيدي، إن اللجنة بصدد مناقشة مشروع قانون جديد للإعلام التونسي، أعدته اللجنة الفرعية التابعة للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، بإشراف مجموعة من الخبراء في القانون، مشيرا إلى سحب مشروع  القانون الذي أعدته اللجنة في منتصف شهر آذار/مارس الماضي، لأن الهيئة الوطنية للإعلام ونقابة الصحفيين رأت فيه تراجعا كبيرا لحرية الصحافة، ويضيف "هذا المشروع الذي تم سحبه من قبل اللجنة الفرعية هو أسوأ من قانون الصحافة المعمول به في تونس منذ سنوات، وأسوأ من بعض قوانين الصحافة في عدد من الدول العربية، ولهذا تم الاتفاق مجددا مع اللجنة الفرعية لصياغة مشروع جديد يتلاءم مع المعايير الدولية لحرية التعبير"، ويتابع العبيدي قائلا "لحد الآن هناك بعض البنود التي لدينا عليها تحفظ ونأمل أن يتم تعديل هذا المشروع بما يحمي الصحافة والصحفيين من انتهاكات لمعايير دولية، ويجعل الصحفي يقوم بعمله في جو من الطمأنينة ولا يعود لمرحلة الرقابة الذاتية، وهي سلاح خطير لا يخدم الإعلام ولا يخدم حق الرأي العام في إعلام منصف ونزيه يساعد المواطنين على معرفة ما يجري في بلدهم بكافة المجالات"، وشهدت تونس خروج آخر صحفي من السجن، وهو فاهم بوكدوس، بعد أربعة أيام من سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وهو ما اعتبره البعض بداية جديدة لإعلام أكثر حرية، لكن اعتداء قوات الامن التونسية بالضرب على 15 صحفيا خلال تغطيتهم لتظاهرات قبل أكثر من شهر أعاد للأذهان الحقبة السابقة من حكم الرئيس المخلوع، التي تميزت بالتضييق الكبير على الإعلام، ويقول العبيدي "لأول مرة في تاريخ تونس منذ استقلالها، شاهدنا أعوان أمن يلاحقون صحفيين ويضربونهم بالعصي،" مشيرا إلى أن أعضاء الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام التقوا برئيس الوزراء الباجي قائد السبسي، وأكدوا له أنه "لا يمكن أن يتم إصلاح الإعلام في ظل الاعتداء على الصحفيين وحرية الصحافة ولا بد من التحقيق في قضايا الاعتداء على الصحفيين"، ويضيف قائلا "حرية الصحافة لن تُهدى على طبق من فضة ، والذي يبعث على الخوف أنه مازالت هناك قوى تريد السيطرة على حرية الصحافة، فالمشرفين على المؤسسات غير مؤمنين بالتغيير، وليس هناك اجتماعات تحرير لتقييم العمل الصحفي، ومازالت العديد من المؤسسات الإعلامية تعامل الصحفي وكأنه موظف عليه تلقي التعليمات"، ويتابع "لا يمكن أن يتقدم البلد إذا ظل الإعلام مكبلا وظلت الرقابة الذاتية، وظل الخوف يقيد الصحفي ويجعله يعزف عن القيام بعمله بحرية"، ورغم ذلك، بدى العبيدي متفائلا بمستقبل الإعلام التونسي، الذي يرى أنه "سيتحرر من قيود الماضي ويصبح رائدا على المستوى المحلي والدولي"، ويضيف العبيدي قائلا "مثلما كانت تونس رائدة في مجال طي صفحة الاستبداد، لدينا ثقة بأن الصحفيين التونسيين قادرون على إعادة بناء إعلام جديد في ظل مناخ الحرية، الذي نأمل أن يستمر لنتمكن من إيجاد خطاب إعلامي جديد يواكب الواقع الحالي ويقطع مع الحقبة السابقة."

كرامة الصحافة

من جهتهم أطلق عشرات الصحفيين الجزائريين المبادرة الوطنية لـ"كرامة الصحافة" كخطوة أولى في اتجاه مطالبة السلطات العمومية بإصلاحات شاملة في قطاع الإعلام تكرس لاستقلاليته وتحسين الوضع العام الاجتماعي المتدهور للصحفي، واختار الصحفيون في وقفتهم الأولى من نوعها منذ سنوات بدار الصحافة "الطاهر جاووت"، لتنظيم إضراب وطني عن العمل في جميع وسائل الإعلام الخاصة والعمومية، وقرر الصحفيون أن يقوموا قبيل حلول ذلك الموعد بخطوات ميدانية لحركة احتجاجية، ورغم الانقسام حول ترتيب أولويات طبيعة المطالب، اتفق الصحفيون الذين يمثلون جميع وسائل الإعلام الجزائرية على مخطط تحرك جماعي يشمل التوقف عن العمل بشكل تدريجي دون استبعاد الاعتصام أمام قصر الحكومة أو أمام رئاسة الجمهورية في الفترة التي تسبق الإضراب الوطني العام للصحفيين في الثالث من أيار/مايو المقبل القادم. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

من جانبه، قال عز الدين ديدان من صحيفة "وقت الجزائر" إن "أولوية المهنيين الآن هو تحرير بنود قانون الإعلام الصادر في 1990 من دون استثناء بعد تعليق عدد من مواده بفعل تمديد حالة الطوارئ بالبلاد في عام1992"، وأضاف "الدواعي الأمنية التي ألزمت السلطات بالجزائر لتعليق العمل بقانون 1990 قد تلاشت ما يستدعي العودة اليوم إلى الوضع الطبيعي في تسيير قطاع الإعلام بما فيها إلغاء وزارة الاتصال وتنصيب المجلس الأعلى للإعلام كسلطة ضابطة مستقلة عن الإدارة تخول له مهمة إعداد القانون الأساسي للصحفيين وتحرير البطاقة المهنية"، وطالب الصحفيون "المحتجون" الحكومة بالشروع في فتح نقاش رسمي حول واقع مهنة الصحافة بمشاركة قوية للصحافيين وتشكيل لجان مطلبية تأخذ بعين الاعتبار مشاكل الصحفيين وعلى رأسها لجان تتكلف بمشكلات السكن وزيادة الرواتب.

حرية الاعلام في الاردن

الى ذلك شارك طاهر العدوان وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال في اعتصام نفذه عشرات الاعلاميين والنقابيين والناشطين تنديدا بالاعتداء على مكتب وكالة فرانس برس في عمان الذي شجبته اطراف متعددة، وشارك في الاعتصام، الذي جرى امام مبنى وكالة فرانس برس في عمان، طارق المومني نقيب الصحافيين الاردنيين، ومركز حماية وحرية الصحافيين وحزبيون ونقابيون، اضافة الى ممثلين عن "اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكريين"، ورفع هؤلاء لافتات كتب عليها "لا للبلطجة ضد الاعلام" و"حرية الاعلام قاعدة انطلاق الاصلاح والتغيير" اضافة الى "اوقفوا التدخلات بالاعلام"، وشجب العدوان الاعتداء الذي جرى "بالذات ضد وكالة الصحافة الفرنسية التي تميزت اخبارها بالدقة والمصداقية"، داعيا الى حملة للرأي العام لنبذ هذه الممارسات، وقال "على الجميع ان يقف ضد هذا الاعتداء، وعلى المجتمع المدني ان يقف ضد هذه الممارسات التي تريد ان تحرف المسار فمن يقوم بهذا العمل هم ضد الاصلاح في هذا البلد ويريدون حالات من الفوضى، هذا عمل ضد الاردن"، واضاف العدوان ان "من يمارس افكاره بالعصي والحجارة يريد خلق الفوضى ولا يريد الاصلاح، هؤلاء يجب وضع حد لهم وان يقف المجتمع كله ضدهم"، وهاجم نحو عشرة اشخاص مجهولين مؤخراً مكتب فرانس برس في عمان وحطموا اثاثه، غداة تظاهرة نددت بنشر الوكالة معلومات عن تعرض موكب للملك عبدالله الثاني لرشق بالحجارة اثناء زيارته لمحافظة الطفيلة جنوب الاردن، الامر الذي نفته السلطات.

من جانبهم، دان عدد من النواب في بيان "الاعتداء السافر"، وقالت النائب ميسر السردية "نستنكر جملة وتفصيلا ما تعرض له مكتبكم من هجوم مجهول"، واضافوا ان "رندا حبيب (مديرة مكتب الوكالة في عمان) قدمت من خلال مهنتها وسيرتها الاعلامية الذاتية الكثير لخدمة الخبر والسبق الصحفي في الأردن"، وقال زكي بني ارشيد، رئيس المكتب السياسي في حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للاخوان المسلمين في الاردن "ندين كل ما حدث من اعتداء ضد وكالة الصحافة الفرنسية وهو من ضروب الارهاب الفكري والسياسي والبلطجة"، وحمل "الحكومة مسؤولية ما حدث بغض النظر عن هوية الجهة التي تقف وراء الاعتداء"، واضاف بني ارشيد "نحن مع حرية التعبير وتقديرنا لكل اسرة وكالة الصحافة الفرنسية"، من جانبه، دان "مركز حماية وحرية الصحافيين" في بيان الاعتداء واعتبر رئيسه التنفيذي نضال منصور ان "ما حدث مع الوكالة ظاهرة خطيرة ومستنكرة لا يمكن تجاهلها اوالسكوت عنها"، وطالب "الحكومة الى المبادرة الفورية الى توقيف المعتدين وتحويلهم الى محاكم مدنية حتى لا يفلتوا من العقاب"، من جهتهم اصدر "نقابيون من اجل الاصلاح" بيانا دانوا فيه الاعتداء الذي اعتبروه "جزءا من ارهاب الصحافة وتكميم الافواه وقمع الاراء الناقدة والمخالفة"، واعتبروا ان "التحريض المستمر الذي تمارسه اجهزة السلطة وفر بيئة حاضنة لمحاولة الاعتداء المدانة اليوم، وهو جزء من توجه السلطة الغاشم لارهاب المعارضين من خلال اساليب البلطجة التي ترعاها الاجهزة الامنية ضد وسائل الاعلام" في الاردن. بحسب فرانس برس.

وطالب البيان ب"لجنة تحقيق عاجلة لردع كل من تسول له نفسه ارهاب الاعلام وخنق صوته وترويعه من اجل ترويج رواية رسمية مترددة، لا تتوافر فيها عناصر الشفافية واقناع الراي العام بالحقائق"، ورأت "اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكريين" ان "الاعتداء جاء تتويجا لحملة تهديدات قام بها بعض المأجورين بحق السيدة حبيب"، واعتبرت في بيان ان الاعتداء يشكل "إساءة لصورة وسمعة الاردن المشرقة امام الرأي العام العالمي"، وحذرت من ان "تكون هذه التصرفات مقدمة لظاهرة تفشي اعمال العصابات والبلطجة وهو ما يتنافى مع قيم واخلاق الشعب الاردني ويؤثر سلبا على امن واستقرار هذا الوطن"، يذكر ان دان ايمانويل هوغ رئيس مجلس ادارة وكالة فرانس برس ومديرها العام في رسالة بعث بها لرئيس وزراء الاردن معروف البخيت الاعتداء على مكتب الوكالة في عمان والانتقادات الرسمية "القاسية" الموجهة لموظفيه، وندد هوغ في رسالته ب"اتهام الوكالة بأنشطة تخريبية بذريعة انها نقلت كما يملي عليها واجبها الاعلامي، احداثا ونشاطات اعتبرت سلبية لصورة البلاد وقادتها"، وشجب هوغ "اعتداء مكتب وكالة فرانس برس في عمان والانتقادات القاسية التي تتعرض لها الوكالة ومديرة مكتبها في عمان رندا حبيب وطاقمه من قبل السلطات الأردنية ووسائل الاعلام الرسمية"، كما دان "تهديدات شفهية موجهة لحبيب"وقال هوغ ان "هذه التصرفات غير مفهومة ابدا في بلد يقدم نفسه على انه دولة قانون، اعمال العنف هذه الشفوية والفعلية تهدد بصورة خطيرة عمل الصحافيين ونتيجة لذلك حريات التعبير والمعلومات"، واضاف "اخذنا علما بالتدابير المتخذة لحماية الموظفين والمكاتب التابعة لوكالة فرانس برس في عمان، وبادانتكم لما حصل ونتمنى ان تنفذ التدابير بصورة فورية وملموسة"، وقال هوغ "بهذه المناسبة اشيد بشجاعة السيدة حبيب وزملائها وبالطبع اجدد دعمي المطلق لهم في ادائهم لواجبهم".

جائزة حرية الصحافة 2011

في سياق متصل أعلنت منظمة التربية والعلوم والثقافة (يونسكو) عن فوز الصحافي الإيراني السجين أحمد زيد ابادي بجائزة "يونسكو-جيرمو كانو" العالمية لحرية الصحافة لعام 2011، وقالت في بيان إنه تم اختياره على يد هيئة تحكيم دولية مكونة من 12 شخصا من مهنيي وسائل الإعلام، وقالت رئيسة هيئة التحكيم، ديانا سنغور، "تم الإختيار النهائي لأحمد زيد آبادي لشجاعته الاستثنائية ومقاومته والتزامه بحرية التعبير والديمقراطية وحقوق الإنسان والتسامح والإنسانية، ومعه، تمنح هذه الجائزة إلى العديد من الصحافيين الإيرانيين المسجونين حاليا"، وذكرت المنظمة أن آبادي تولى سابقا منصب رئيس تحرير صحيفة "آزاد"، وساهم في الجريدة اليومية "هَمشاهاري" التي مقرها في طهران، وفي مرفق البث باللغة الفارسية التابع لـ"هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي)، وفي موقع "روز" للأنباء باللغتين الفارسية والإنكليزية، وأضافت أنه عضو في رابطة الصحافيين الإيرانيين، والرئيس المنتخب لإحدى كبريات المنظمات الطلابية في إيران، رابطة قدامى الطلبة الإيرانيين كما أنه أستاذ في العلوم السياسية، ألقى محاضرات في مؤسسات جامعية عديدة، وقالت إن آبادي يقضي حاليا عقوبة بالسجن لمدة ست سنوات صدرت بحقه بعد انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في العام 2009، وأيدت المديرة العامة لـ"يونسكو" قرار هيئة التحكيم، ووجهت نداء من أجل الإفراج عن زيد آبادي، وقالت "لقد دافع أحمد زيد آبادي طيلة مساره المهني بشجاعة وبلا ملل عن حرية الصحافة وحرية التعبير، وهذه الحرية حق أساسي للإنسان، حق هو عماد سائر الحريات المدنية، والمفتاح لقيام مجتمعات متسامحة ومنفتحة، وعامل حيوي لقيام حكم القانون والحكم الديمقراطي، واعترافا بالقلق الذي أعرب عنه أعضاء هيئة التحكيم بشأن صحة زيد آبادي وراحته، أناشد السلطات الإيرانية أن تخلي سبيله"، يذكر ان أحمد زيد آبادي ولد في العام 1966، وأوقف أول مرة في العام 2000.

وكان بين عشرات الصحافيين الإيرانيين الذين اعتقلوا بعد انتخابات العام 2009، أنشئت جائزة "يونسكو - جيرمو كانو" العالمية لحرية الصحافة في العام 1997، بقرار من المجلس التنفيذي لـ"يونسكو"، وتمنح سنويا أثناء الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة وتبلغ قيمتها 25000 دولار، من جهة اخرى شنت الشرطة الايرانية حملة جديدة على اطباق الاقمار الصناعية التي ما زالت منتشرة على أسطح المباني في أنحاء الجمهورية الاسلامية رغم كونها غير قانونية، وصادرت الشرطة في طهران أكثر من ألفي طبق لاستقبال ارسال الاقمار الصناعية في يوم واحد في حملة ضد اجهزة الاستقبال التي تتيح للايرانيين مشاهدة عدد ضخم من الاعمال الترفيهية دون رقابة والاطلاع على الانباء العالمية التي تتجاهلها القنوات المملوكة للدولة، ونقلت صحيفة طهران امروز اليومية عن نائب قائد الشرطة في العاصمة احمد رضا رادان قوله "الاولوية بالنسبة للشرطة مصادرة الاقمار الظاهرة للعيان، ومواجهة مالكيها"، وحظرت ايران اطباق الاقمار الصناعية في منتصف التسعينات في اطار جهود مواجهة ما تعتبره عدوانا ثقافيا غربي، وتجاهل الرئيس السابق محمد خاتمي الحظر الى حد كبير وحاول تعزيز الحريات العامة عقب انتخابه في عام 1997، وضغط المتشددون من اجل تشديد القيود عقب تولي الرئيس محمود احمدي نجاد السلطة في عام 2005. بحسب رويترز.

وفي اطار حملة مكافحة "العدوان الثقافي" تتصدي الشرطة ايضا لمن لا يلتزمون بالزي الشرعي بشكل كامل او من يتنزهون بصحبة كلابهم او يصطحبونها معهم في سياراتهمو ورحب المتشددون بالحملة ضد اطباق الاقمار الصناعية الا ان بعض المسؤولين ابدوا قلقهم من انتهاك الشرطة الحياة الخاصة للمواطنين، ونقلت وكالة انباء الطلبة شبه الرسمية عن القاضي محمد حسين شاملو احمدي قوله انه لا يحق للشرطة قانونا دخول المنازل لمصادرة اطباق الاقمار الصناعية، وأضاف "تفتيس منزل او اصدار مذكرة تفتيش لمجرد مصادرة معدات الاقمار الصناعية يتعارض مع القانون ومن يصدر المذكرة يمكن محاكمته ومعاقبته"، وقال سلمان ذاكر عضو لجنة الشؤون القانونية بالبرلمان لصحيفة طهران امروز "ليس من الصواب القول بان الاقمار الصناعية ضارة ومن يشاهدها ينبعي التصدي له، ينبغي ان نتحدث بوضوح عن مزاياها وعيوبها"، ولكن هواة مشاهدة القنوات الاجنبية يقولون انه لا يمكن منعهم، وقالت ماهسا وهي مهندسة كمبيوتر من طهران، بعد أن طلبت عدم نشر اسم اسرتها "هذه هي المرة الثالثة التي يأتون فيها للمبنى الذي اقيم فيه ويصادرون الاطباق الصناعية ولكن مثل بقية جيراننا نطلب جهازا جديدا في كل مرة"، لا تستطيع ان تمضي وقتك تتابع برامج التلفزيون (الرسمي) التي تعاد أكثر من مرة".

احتجاجا على الرقابة

من جانبهما قالت صحيفتان للمعارضة بالسودان مؤخراً انهما قررتا الاحتجاب عن الصدور احتجاجا على الاجراءات الرقابية بعد أن صادرت قوات الامن جميع نسخ الصحيفتين، وينص دستور السودان على حرية الصحافة لكن الحكومة تستخدم عقوبات مالية ورقابة مباشرة لممارسة سيطرتها القوية على التقارير الصحفية، ويتعرض الصحفيون للاعتقال والمضايقات على نحو دائم، وقال فائز السليك نائب رئيس تحرير صحيفة اجراس الحرية انه في الوقت الذي اصبحت فيه بقية المنطقة منفتحة بسبب الاحتجاجات فان الحكومة السودانية تسير في الاتجاه الاخر، وكانت قوات الامن صادرت الصحيفة مرتين في وقت سابق، والصحيفة لها صلة بحزب الجبهة الشعبية لتحرير السودان الحاكم في منطقة الجنوب التي من المقرر ان تنفصل رسميا عن السودان في يوليو تموز، وصودرت ايضا صحيفة الميدان المعارضة التي لها صلة بالحزب الشيوعي، وقال السليك ان الصحيفتين قررتا الاحتجاب احتجاجا على تلك الاجراءات، ومصادرة الصحف هي العقوبة القصوى حيث انه يتعين على اصحاب الصحف دفع تكاليف الطبع دون ان يكون بمقدورهم بيع النسخ، وغالبا ما تهدد الشركات الحكومية بالتوقف عن نشر اعلانات في الصحف الامر الذي يشجع على فرض رقابة على الذات، وعبرت جماعات حقوق الانسان عن قلقها ازاء الحملة على الحريات في شمال السودان قبل انفصال الجنوب، وقالت الجماعات ان الشرطة سحقت احتجاجات مناهضة للحكومة وانه جرى اعتقال ناشطين وتعذيبهم.

انتقادات دولية لتركيا

بدورها انتقدت منظمات دولية وصحافية عديدة الحكومة التركية بشدة لاعتقالها عشرات الصحافيين ورفع دعاوى ضد المئات منهم، وطالبتها باحترام حريتي التعبير والصحافة فيما ردت أنقرة بعنف ورفضت أي تدخل في شؤون القضاء التركي، تشهد تركيا منذ فترة غير وجيزة نقاشا عارما حول موضوع حرية الصحافة والتعبير الحر في البلاد إثر اعتقال الصحافيين نديم شينار و أحمد شوك بعد كشفهما بعض الأمور والوقائع، ووجهت النيابة العامة إليهما تهمة الانتساب إلى المنظمة الإرهابية "إرغينيكون"، وهي منظمة قومية متطرفة سرية قيل إنها خططت لقلب حكومة رجب طيب أردوغان الذي يتزعم حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم، ويوجد بين المتهمين ضباط كبار في الجيش وصحافيون وعلماء ومثقفون، ويعتقد الخبير في الشؤون التركية غونتر زويفرت أن اعتقال الصحافيّين يختلف عن الاعتقالات السابقة لصحافيين آخرين، مضيفا أن ما يثير البلبلة في البلاد أنهما حاولا قبل غيرهما الكشف عن هذه المؤامرة بالذات، إلى ذلك تعمل الشرطة التركية على منع نشر كتاب أحمد شوك الذي أعده قبل القبض عليه واسمه "جيش الإمام" وتناول فيه الشبكات السرية التي تقودها الشرطة التركية وتضم أتباعا للداعية الإسلامي فتح الله غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة، ودهمت الشرطة هيئة تحرير الصحيفة الليبرالية "راديكال" ودار النشر "إطاكي" التي أرادت نشر الكتاب، وتفحصت الحواسيب الموجودة وألغت نسخ الكتب المخزنة فيه، لكن الشبكات الاجتماعية أفشلت محاولة منع الكتاب، وجرى لاحقا نشر النسخة الأصلية للكتاب في الانترنت على حدّ ما قيل حيث تناقلتها الشبكات الاجتماعية الالكترونية، وأكد الصحافي أيدين إنغين أن النسخة المنشورة لا تختلف عن المشروع الأصلي للكتاب، وبعد ذلك بدأت النيابة العامة التركية في ملاحقة نشر الكتاب في الانترنت. بحسب قنطرة

يذكر ان الاجتماع التاريخي الذي عقد مطلع 2010 بين رئيس الدولة التركية غول ورئيس الحكومة أردوغان ورئيس أركان الجيش لمعاجلة تداعيات مشاركة ضباط في اسقاط الحكم واتهم محامي شوك، فكرت إلكيز، السلطة التركية بممارسة ضغوط على الحرية الصحافية، مشيرا إلى أن محكمة أصدرت حكما بمصادرة الكتاب الذي يُنظر إليه على أنه دليل وإثبات، وأضاف المحامي أنه استخدم حقه في الطعن بالحكم، لكن المحكمة رفضت الطعن، مضيفا أن النقاش الدائر حول هذه المسألة يتمحور حاليا حول حرية التعبير عن الرأي، وزاد أن الصحافيّين المعتقلين يعتبران أن مصادرة الكتاب انتهاك لقانون العقوبات ومحاولة لإخافة المعارضة وإسكاته، وشدد البعض على أهمية عرض الحقائق والدوافع التي تدعو للشك، وكذلك على مطالبة منظمات دولية، مثل المفوضية الأوروبية ومنظمة التعاون والتنمية الأوروبية، بالكشف السريع عن التهم التي يسوقها الصحافيان، وتبعا لمعهد الصحافة الدولي وصل عدد الصحافيين المعتقلين في تركيا إلى 68 شخص، وأعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه وأسفه لتراجع حرية الصحافة وقمع الصحافيين في تركي، وعقب الاعتقال سار مئات الصحافيين في الشوارع احتجاجا على القبض على زميليهما، وندد العديد من المعلّقين بالاعتقالات وانتقدوا تصرفات محامي النيابة العامة التابعين للحكومة، أما الحكومة التركية فرفضت في المقابل كل التهم ضدها، وأصرَت على القول بأن القضاء عادل، رافضة تدخل السياسيين في شؤون القضاء، ووصل في هذه الأثناء عدد المعتقلين بسبب العلاقة مع منظمة "إرغينيكن" إلى 531 شخصا، بينهم صحافيون، وارتفع عدد صفحات ملفاتهم إلى 8032 صفحة.

مفتي السعودية

الى ذلك ذكرت مصادر سعودية مطلعة أن اللائحة التنفيذية الجديدة لنظام المطبوعات في المملكة تتضمن عقوبات صارمة، ونقلت صحيفة "سبق" الإلكترونية عن المصادر قولها إن اللائحة احتوت على عقوبات صارمة، وذلك "لتحقيق آداب التعامل مع العلماء في المملكة من خلال عدم المساس أو التعرض للمفتي العام للسعودية، وأعضاء هيئة كبار العلماء، بالإساءة أو النقد، حرصاً على أن يعكس الإعلام نهج الدولة المستند إلى كتاب الله وسُنّة رسوله"، وكان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز كلف هيئة مكوَّنة من كل من رئيس الديوان الملكي خالد التويجري ووزير العدل محمد العيسى ووزير الثقافة والإعلام عبد العزيز خوجة ورئيس هيئة الخبراء بمجلس الوزراء بإعادة دراسة نظام المطبوعات والنشر ولائحته التنفيذية لتتناسب العقوبة مع الفعل، وأضافت ان اللجنة وضعت اللمسات النهائية للائحة العقوبات، وسيتم إعلانها في وقت قريب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/حزيران/2011 - 25/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م