أحفاد رسول الله ومعركة الحسابات!!

عبدالعزيز حسن آل زايد

(كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ سَبَبِي وَنَسَبِي)،

هكذا تتكلم الشريعة الغراء.. أما في منطق ما تسمى بالراعية الرسمية للإسلام فمنطقها مختلف.. وهذا يدلل على تناقض فاضح وصريح، سلالة الرسول غير مكرمة وغير محترمة ولا حق لها حتى في الحفاظ على لقب يتكون من ثلاث حروف " سيد "، ولكن حرمة ومكانة الأسرة المالكة لها امتياز فوق امتياز النبي المصطفى (ص)، فالألقاب تتضافر وتتراقص في انتشاء لهم حتى في بطاقة الأحوال.

 يقول الخبر - في جريدة الحياة السعودية في عددها يوم الجمعة 24، حزيران، 2011: (شددت اللائحة التنفيذية الجديدة للأحوال المدنية، التي يبدأ تطبيقها في رمضان المقبل على عدم تسجيل الأسماء مضافاً إليها الألقاب كالشريف والسيد والحاج، باستثناء لقب (أمير) لمن كان والده من أفراد الأسرة المالكة، ولزوجات الأمراء.)، وتعليقاً على ذلك نقول: لاشك أن كل الأمراء سيجردون من ألقابهم في أول مقابلة صريحة مع الملك الموكل بقبض الأرواح، " مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ ".. فالذي يسمى " أميراً " هنا ولا تمحى الألقاب عنه حتى في الدوائر الحكومية والمرافعات القضائية التي يجب أن يساوى فيها الخصوم، ستجد أنه مسلوب اللقب سوى من كونه عبداً فقيراً لله، إن استحق هذا اللقب الشريف، وإلا فلربما نجد أن العبد الفقير المنزوع من أي لقب هو الأمير وهو الوزير وهو الملك لكثير من الدور والقصور والإقطاعيات والجنان - غير المسروقة - بما قدم لحياته الأخروية، (لا دار للمرء بعد الموت يسكنها.. إلا التي كان قبل الموت يبنيها)!!

فيا أمراء الإسلام.. نحييكم بتحية الإسلام ونقول: ترفعوا عن حطام الدنيا الزائل أولم يقل سيدكم ومولاكم الملك عبد الله بن عبد العزيز: " إخواني هناك كلمتان مادام المشايخ حاضرين وهي للشعب أجمع. إخواني.. يقال، ملك القلوب، أو ملك الإنسانية، أرجوكم أن تشيلوا هذا اللقب عني، الملك هو الله، ونحن عبيد لله عز وجل، أما هذه أرجوكم تعفوني منها!! " فكونوا على نهجه متواضعين، ولعل اللقب المشرق يكون حليفكم في الآخرة.. إذ كلنا في العيش سواء، لا فرق بين عبد حبشي أو سيد قرشي إلا بالتقوى..

وأين مقام بلال بن رباح رضي الله عنه، ومقام أبي لهب، الذي يلعن صباحاً ومساءً؟!.. وكلنا نتلوا قوله تعالى: " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ *سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ *..." وهو السيد القرشي ذو المقام الرفيع والمكان المرموق!!

المسلمون سواسية كأسنان المشط، فلا مقام لأمير عند الله على سواه من سائر الرعية إلا بما قدم وأنفق.. ولعل صاحب الثراء مسئول موقوف أمام الله أكثر من غيره!!

الغرور الطبقي والجنون العنصري لا يغني ولا يسمن عن الحقيقة شيئاً... إلا إذا كان ذلك النسب له موقعه عند الله، فلماذا نسلب أحفاد الرسول ألقابهم التي أقرها لهم الرسول وسارت عليه كل الأمم؟!، إذ قال (ص): (ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع , إن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي، وإن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة)، فهل هذا وصالنا مع رسول الله؟! وهل هذا أجر القربى الذي تحثنا الآيات به؟!

الله هو الذي خلق فجعل هذا من ذرية الرسول (ص)، وهذا من ذرية غيره، وثالث من ذرية آخر لنتعارف وتبقى الآية ترن في العقول: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) لا لتتفاخروا ولا لتتناكروا ولا ليعلوا بعضكم رقاب بعض!!

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/حزيران/2011 - 25/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م