المرأة السعودية... شجاعة تفوق ما لدى الرجال!

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: أبرزت العديد من النساء في السعودية شجاعة لم يستطع الرجال موازاتها في ذلك في تلك الدولة التي تنتهك اغلب حقوق المواطنة بالمقارنة مع مختلف دول العالم. حيث تحدى عدد كبير من النسوة وبشكل مستمر الحظر الذي تفرضه السلطات السعودية وهيئات الامر بالمنكر والنهي بالمعروف المتطرفة، القاضي بمنع المرأة من حقها في قيادة السيارات.

وفشلت الحكومة السعودية على الرغم من الدعم الا محدود من تلك الجهات الدينية المتطرفة في كبح رغبة المرأة في ممارسة القيادة، حيث شهدت بعض المدن نساء وهن يقدن سياراتهن بكل جرأة، على الرغم من اعتقال بعضهن مؤخرا.

في حين اشادت العديد من الجهات الدولية والمنظمات الحقوقية بهذا التطور، داعية في الوقت ذاته سلطات السعودية الى عدم الاستمرار بانتهاك حقوق المواطنين.

نضالهن لقيادة السيارات

فقد أشادت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون يوم الثلاثاء بالسعوديات "الشجاعات" اللاتي يناضلن من أجل حقهن في قيادة السيارات في البلاد ولكنها قالت ان المجتمع السعودي هو الذي من شأنه أن يحدد طريقة المضي قدما. وتعرضت كلينتون وهي واحدة من أشهر المدافعات عن حقوق المرأة لضغوط متزايدة كي تتبنى موقفا في هذه القضية. وقالت كلينتون في أول تصريحات علنية لها بشأن هذه القضية "ان ما تفعله هؤلاء النساء شيء شجاع وما يطالبن به حق ولكن الجهد المبذول يخصهن. وأنا تأثرت به وأؤيدهن."

وصاغت كلينتون عباراتها بعناية فيما بدا أنها محاولة للموازنة بين معتقداتها الراسخة والحاجة للابقاء على علاقات سلسة مع الرياض في توقيت يشهد تغيرات سياسية هائلة تجتاح الشرق الاوسط وفي ظل مخاوف بشأن امدادات النفط.

وتعرضت العلاقات الوثيقة بين السعودية والولايات المتحدة لضغوط في الشهور القليلة الماضية مع تفجر الاحتجاجات في عدد من الدول العربية بما في ذلك البحرين حيث استدعيت قوات أمن سعودية لاعادة الامن.

وقبل تصريحات كلينتون قالت وزارة الخارجية ان كلينتون تمارس "دبلوماسية هادئة" بشأن حظر قيادة السيارات مما دفع منظمة نسوية سعودية الى توجيه مناشدة كي تتبنى الولايات المتحدة موقفا أشد. بحسب رويترز.

وقالت جماعة سعوديات من أجل قيادة السيارات في بيان أرسل بالبريد الالكتروني للصحفيين "أيتها الوزيرة كلينتون.. الدبلوماسية الهادئة ليست ما نحتاج اليه حاليا. ما نحتاجه هو أن تتبني شخصيا تصريحا علنيا قويا وبسيطا يؤيد حقنا في القيادة."

وهذا ما فعلته كلينتون يوم غير أنها أضافت مرارا تنبيها الى أن هذه القضية شأن داخلي وحله شأن سعودي. وقالت "الامر ليس متعلقا بالولايات المتحدة.. وليس متعلقا بما يقوله أي منا في الخارج. بل هو متعلق بالنساء أنفسهن وبحقهن في اثارة مخاوفهن مع حكومتهن."

وأثارت كلينتون القضية في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل وقالت ان الولايات المتحدة مستمرة في دعم الحقوق الشاملة للنساء في مختلف أنحاء العالم. وقالت ان حرية تنقل المرأة مهمة كي تجد وظائف وتساعد في الاعتناء بأسرتها. وأضافت "سنواصل دعوة الحكومات سرا وعلانية كي تتعامل مع قضايا التمييز ولضمان أن تجد النساء فرصا متساوية للاستفادة بما أنعم الله به عليهن."

من جهتها انضمت وزيرة الشباب الايطالية جورجيا ميلوني على شبكة التواصل الاجتماعي الى حملة السعودية منال الشريف التي تحدت منع النساء من قيادة السيارة في المملكة. ونشرت ميلوني (34 عاما) العضو في حزب الشعب (يمين الوسط) الذي يقوده رئيس الحكومة سيلفيو برلوسكوني، صورتها وراء مقود سيارتها، على موقعي فيسبوك وتويتر.

امراتان تقودان سيارتيهما مجددا في الرياض

في السياق ذاته اكدت سعوديتان انهما قادتا مجددا سيارتيهما في الرياض، متحديتين بذلك الحظر المفروض على النساء لقيادة السيارة في المملكة العربية السعودية. وتاتي مبادرتهما تلبية لرسالة على موقع الكتروني عن احتمال تنظيم حملة جماعية لقيادة النساء للسيارة الاربعاء في العاصمة السعودية بعد التجربة الفردية في 17 حزيران/يونيو.

وقد وجه موقع "تشانج دوت اورغ" رسالة الكترونية تحدثت عن احتمالية القيادة الجماعية وحدد الموعد بشكل تقريبي حفاظا على سلامة السيدات كما ذكر الموقع وفي تمام الساعة الثالثة بعد ظهر الاربعاء.

واعلنت عزة الشماسي وهي سعودية في العقد الثالث من العمر، وبصحبتها المدونة السعودية ايمان النفجان، انها قادت سيارتها الاربعاء كما تفعل كل يوم منذ يوم الجمعة الماضي، مضيفة مع ذلك انها تضايقت من وجود رسالة ملصقة على زجاج سيارتها الامامي باللغة الانكليزية.

وقال شهود ان قصاصة ورق كتب على احد وجهيها بخط اليد "رجاء لا تقودي السيارة"، وعلى والوجه الآخر كتب "عاهرة".

وقالت عزة الشماسي "سيارتي عرفت بسبب الفيديو الذي صورته يوم الجمعة وهذا التهديد لن يقف عائقا". بحسب فرانس برس.

اما السيارة الاخرى فكانت تقودها سارة الخالدي برفقة والدتها الأكاديمية حيث انها تقود بشكل يومي ايضا وقد تعرضت مساء الاربعاء لمضايقة مجموعة من المراهقين وتم البلاغ عنها للجهات الأمنية وايقافها من قبل شرطة المرور.

وقالت الخالدي ان رجل الامن سالها ان كانت صورت رحلتها وابلغها بانه تلقى اكثر من ستة بلاغات عنها، ثم اطلق سراحها فورا.

واعلنت "الناس كانوا يشجعوننا عند رؤيتنا". واضافت انها ستقود "كل يوم حتى تحذو المملكة حذو قطر بالسماح لهن بالقيادة".

تتحدين حظر

الى ذلك طالبت مجموعات مثل "نساء للقيادة" و"حقوق المرأة للقيادة في المملكة" بيوم تحدي واجتذبت اكثر من 15 الف مؤيد على جماعات مختلفة على موقع فيسبوك www.facebook.com للتواصل الاجتماعي.

وكتبت مها القحطاني من الرياض على موقع تويتر www.twitter.com للتواصل الاجتماعي الى جانب صورة من مخالفة مرورية تحمل اسمها انها قادت السيارة مع زوجها واوقفها شرطي واعطاها مخالفة تقول انها كانت تقود السيارة بدون رخصة قيادة.

وقالت انها شعرت بالاحباط لانها لم تر اي امرأة اخرى تقود سيارة. واضافت انها فعلت هذا للحصول على حقوقها.

والى جانب حظر قيادة السيارات فان النساء في السعودية ينبغي ان يحصلن على موافقة كتابية من الاب او الزوج او الاخ او الابن لمغادرة البلاد والعمل او حتى الخضوع لعمليات طبية محددة. وكتبت ديما اخوان على صفحتها على تويتر يوم الجمعة انها قادت سيارة حول حيها مع ابيها لمدة 20 دقيقة.

وبثت امرأة في الرياض مقطعا مصورا على موقع يوتيوب وهي تقود بعد منتصف الليل بقليل وكانت منتقبة اثناء توجهها بالسيارة الى متجر محلي ولم تكتشفها الشرطة.

وبدى ان اعتقال الشريف الشهر الماضي بعدما بثت مقطعا مصورا على موقع يوتيوب وهي تقود سيارة ردع نساء اخريات. ونأت الشريف التي اطلق سراحها بعد اعتقالها لعشرة ايام بنفسها عن الحملة قائلة ان من الافضل ان تترك معالجة مسألة قيادة المرأة للسلطات.

وقالت مريم علوي وهي مقيمة في جدة وتحمل رخصة قيادة من الولايات المتحدة والتي اختارت عدم المشاركة في الحملة انه عندما اعتقلت الشريف شعرت النساء بالرعب لانهن لا يرغبن ان يعتقلن.

وقالت علوي انها تعتقد ان حملة تحدي حظر القيادة ستعوق عملية تقنين قيادة المرأة في السعودية لانها ستثير فقط السلطات.

وجادلت الناشطة وجيهة الحويدر بانه على الرغم من ذلك فان الحركة قد تحصل على قوة دفع مع تحدي المزيد من النساء الحظر.

وقالت ان هذا ليس شيء يتعلق بيوم واحد او تظاهرة وان هذا اليوم الاول لحركة ستستمر الى ان يرين قانونا جديدا يسمح للنساء بالقيادة. واضافت انه ربما نرى المزيد من النساء في الايام القادمة.

ثورة التحدي

وفي تحقيق لمراسلتها في العاصمة السعودية الرياض، لبنى حسين، ترصد صحيفة الإندبندنت البريطانية مظاهر وانعكاسات القرار التاريخي الذي اتخذته بعض النساء السعوديات اللواتي قدن سياراتهن في وضح النهار يوم أمس الجمعة في العديد من شوارع البلاد في واحد من أكبر مظاهر التحدي للعادات والتقاليد في المملكة المحافظة.

فتحت عنوان النساء السعوديات يخرجن إلى الشارع في مظهر تحدٍّ ، تأخذنا المراسلة في رحلة داخل سيارة مها القحطاني، وهي أم لأربعة أطفال، واحدة من عدة نساء قررن مواجهة عرف قديم يجعل من السعودية ربما البلد الوحيد في العالم الذي لا يُسمح فيه حتى الآن للمرأة بقيادة السيارات.

تقول المراسلة إن مها بادرتها بالقول إنها ستذهب إلى السوق لتشتري بعض الهدايا لإحدى صديقات ابنتها . وتضيف المراسلة قائلة إنها فوجئت عندما رأت نفسها مدعوة لتجلس في المقعد الخلفي لسيارة عائلة القحطاني، حيث احتلت الزوجة مها مقعد السائق هذه المرة، بينما جلس زوجها محمد في مقعد الركاب إلى جانبها. كل ذلك كان في غضون لحظات، وقبل أن تخبرنا مها ما هي الهدية التي ستذهب لشرائها .

بعدها تنقلنا الصحيفة إلى المشهد الثاني من الحدث الدرامي، إذ تقول: بينما كنا نغادر الكراج، شاهدنا بعض العمال المغتربين إلى جانب الطريق وقد راحوا يحدقون بالسائقة التي لم تبدِ كثير ارتباك أو انزعاج للأمر .

أمَّا الزوج، محمد القحطاني، وهو أستاذ جامعي في العاصمة الرياض، فكان باستمرار يوجهها ويخبرها كيف تواجه حركة السير وتتعامل معها، إذا كان يعطيها تعليمات من قبيل: ابقِ في هذه الحارة ، و خفِّفي السرعة، فأنت تسرعين جدا!

تقول الصحيفة إن مها وغيرها من النساء السعوديات اللواتي تحدين الأعراف والتقاليد الجمعة لم يثرن على حظر قيادة المرأة للسيارات فحسب، بل كانت خطوتهن التاريخية أيضا احتجاجا على حرمانهن من حقوق أساسية أخرى، كحق الاقتراع وحق السفر خارج البلاد بدون مُحرَم .

تقول مها: أعتقد انني كنت أتوقع أن يخرج عدد أكبر من النساء اليوم، وليس مجرََّد أن يبقين جالسات في بيوتهن يرسلن الرسائل عبر تويتر. ربما يكون لديهن أسبابهن، لكنني أشعر اليوم أنه واجبي أن أقول إن هذا حق وعلينا اقتناصه .

وعن استعداداتها للأسوأ، تحدثنا مها قائلة إنها أعدَّت حقيبتها استعدادا لإمضاء ليلتها في السجن في حال أُلقي القبض عليها. وتضيف: تعلمين، لقد أحضرت بعض الثياب المريحة لارتدائها أثناء الليل، بالإضافة إلى مزيل الرائحة وسجادة صغيرة لكي أستخدمها للصلاة وللنوم، وذلك لأنني أسمع أن السجن ليس نظيفا جدا . تُرى، هل كانت مها خائفة. هل فكَّرت بالعواقب التي قد تنطوي عليها فعلتها تلك؟

أسئلة تنبري مها للإجابة عنها فورا، قائلة: كما تعلمين، لقد سألت بعض صديقاتي عن ذلك، إلاَّ أنَّهن كنَّ مذعورات لاحتمال أن أذهب للسجن. لكن إن لم تقدِّم واحدة منِّا تضحيات، فلن تحصل أيُّ واحدة منا على حقوقها . وتضيف: بالنسبة لي، هذه هي الخطوة الأولى، أي عندما ننتزع حقوقنا بقيادة السيارات. نعم هذه هي البداية، ليست لنا نحن النساء فحسب، بل بالنسبة للرجال أيضا.

ومن الحديث عن الخوف، إلى مواجهته بالفعل عندما بدأت سيارات الشرطة الواحدة تلو الأخرى تلاحق سيارتها، حتى أصبحت تلك السيارات التي تلاحقها ست سيارات بالتمام والكمال!

يبدأ ضابط الشرطة بالطرق على نافذة سيارتها، ويطلب منها أن تنزل الزجاج. يبدأ زوجها محمد يهدِّئ من روعها قائلا لها: لا تتوتَّري!

وسرعان ما يتحول الحديث بين الشرطة والزوجة إلى حديث غاضب بينهم وبين الزوج الذي طُلب منه إبراز بطاقة هويته على الفور.

وعندما يتلكَّا الزوج بإخراج بطاقته، يأتيه صوت الضابط مزمجرا قائلا له: أسرع! أسرع! قلت لك أسرع!

ومن لغة الخطاب الغاضب، إلى لغة الفعل الآمر، إذ تحكي لنا المراسلة كيف أنها رأت الزوج محمد يصعد في نهاية المطاف إلى داخل سيارة الشرطة، وإن علت ثغره ابتسامة عريضة تنمُّ عن عدم خوف أو مهابة بما أقدم عليه، أو قل بما أقدمت عليه زوجته مها هذه المرة.

ومن دورية شرطة إلى أخرى، ولكن هذه المرة لنسمع الضابط يطلب من السائقة إطفاء محرك سيارتها وسط الصحراء المحرقة.

يسألها الضابط: وهل زوجك عاجز عن قيادة السيارة؟

تجيب مها ببرودة: لا .

وتضيف: هو يعرف كيف يقود السيارة. هو يستطيع القيادة، لكن هذا حقي .

يرتبك الضابط لإجابة مها الصادمة، فيبادرها بابتسامة خجولة بدا من خلالها وكأنه لم يكن لديه ما يواجه فيه موقف التحدي الذي لم يكن مستعدا له.

ورغم الصعوبات الجمَّة التي واجهت مها خلال رحلتها القصيرة، فقد شعرت أنها حققت لنفسها ولبنات جلدتها من السعوديات الأخريات الكثير الكثير.

تقول مها: أعتقد أنني قلت كلمتي بوضوح. أعتقد أن صوتي أصبح مسموعا .

أمَّا زوجها محمد، فقد انتابه إحساس مشابه، إذ خاطبها قائلا في أعقاب عودته من رحلته القصيرة في سيارة الشرطة: لقد كان ذلك نصرا هائلا. أنا شعرت بالشفقة على ضباط الشرطة، إذ أُحرجوا أيَّما إحراج، لم يعرفوا كيف يتصرفون !

وتختم المراسلة قصتها مع مها بما عرضته عليها السائقة السعودية الجديدة عندما سألتها في نهاية الرحلة هل تحتاجين أن أوصلك؟

سعودية تقود سيارتها في جدة من دون أن يعترضها أحد

كما قالت امرأة سعودية انها قادت سيارتها في محافظة جدة، بصحبة والديها إلى أحد المطاعم ظهراً، وعادت بها إلى منزلها من دون أن يعترضها أحد. ونقلت صحيفة "الحياة" السعودية عن نجلاء حريري (ربة منزل) قولها أنها اصطحبت والديها بسيارتها الخاصة وتجولت بهما "لنحو ساعة دون أن تجد مضايقات من المواطنين أو تستوقفها أجهزة الأمن".

وقالت سيدة الأعمال غادة غزاوي "إن مواقع التواصل الاجتماعي تحوي نموذجاً غير رسمي لطلب استصدار رخصة قيادة وطنية، يدعو مصمموه إلى تعبئته من جانب المؤيدين لقيادة المرأة السيارة، وكنت أول من عبأ النموذج عن قناعة".

وقال أحد أفراد مجموعة حملة سأقود سيارتي بنفسي (فضل عدم ذكر اسمه)، أن عدد النساء اللائي ملأن الاستمارة وصل إلى حوالي 1759 مواطنة، فيما شارف عدد الرجال على 400 شخص.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 26/حزيران/2011 - 23/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م