لقد تطرقت في الحلقة الاولى إلى بعض المعلومات المتعلقة بالطاقة
النوويّة وإنتاج الطاقة الكهربائيّة من المحطات الكهرونوويّة، وإستعراض
لهذا الموضوع بفعل عمليّة الإنشطار النوويّ التي تحدث داخل قلب
المفاعل. وقد تطرقنا إلى اشكال التلوث النوويّ بالاضافة إلى ذلك تطرّقت
إلى الدول التي استخدمت أنواع مختلفة من المفاعلات وفق نوع الوقود
المستخدم.
وفي الحلقة الثانية تطرقت إلى الحدث الذي أذهل العالم بشكل عام
وعالم الطاقة النوويّة بشكل خاص، وهو إلقاء متفجّر يسمى بالقنبلة
النوويّة على اليابان وفي مرتين في مدينتين من مدن اليابان، وكان الحدث
عام 1945.
وتطرقت إلى الاشارة إلى التنقيب عن اليورانيوم بنظيريه المعروفين
235 و238 ووصلت النسب إلى المستوى الذي يشجّع الدول على استخدامه بشكل
اوسع. كما تطرقت إلى تأريخ البرنامج النوويّ اليابانيّ في عام 1954
وإنتاج الطاقة النوويّة ضمن البرنامج الذي يخصّص لإنتاج الطاقة
الكهربائيّة عبر هذا النوع من تحوّل الطاقة. واشرت إلى انشاء اول محطة
للطاقة النوويّة. والحاجة الملحّة للطاقة الكهرونوويّة في هذا البلد
بسبب نقص الموارد اللازمة لأشكال الطاقة الأخرى. كما أشرت إلى بعض
أنواع المفاعلات المستخدمة في اليابان. وقد تأثرت اليابان بعدد من
الحوادث الصغيرة التي أثرت وتؤثر على النشاط النوويّ في اليابان. وإلى
بعض المحطات التي الغيت.
وفي الحلقة الثالثة قد تطرّقنا إلى عمليّة إنتاج الكهرباء في
اليابان من أنواع من المفاعلات اليابانيّة، منها
مفاعل الماء الساخن أو المغلي، وأشرنا إلى مفاعل الماغنوس والتطوّر
المستمر في عمليّة إنتاج الكهرباء في هذا البلد. وإلى أهميّة
الموثوقيّة في التصميم لتلك المفاعلات. والإنتقال إلى نوع آخر من
المفاعلات هي مفاعلات الماء الساخن المطوّرة. وكذلك مفاعلات الماء
المضغوط المطوّرة، وإلى القناعة اليابانيّة في ضرورة الزيادة للنشاط
النوويّ المنتج للطاقة الكهربائيّة. وتأكيد لجنة الطاقة النوويّة
اليابانيّة على أهميّة التركيز على أنواع محدّدة من المفاعلات(في بداية
الأمر!) مثل مفاعلات تعمل بالماء الخفيف. ثمّ محاولة السعي إلى
الإنتقال إلى أو تحويلها إلى نوع آخر من المفاعلات هي مفاعلات التوليد
السريع. وقد أشرنا إلى التعاون المستمرّ بين اليابان والولايات
المتحدّة الأمريكيّة
فيما يتعلق بمفاعلات الماء الخفيف بشكل خاص، وقد تمّ التعاون مع
الشركات الأمريكيّة بعمليّة شراء المحطات النوويّة من بعض الشركات التي
تبيع هذا النشاط مثل جنيرال إلكتريك وويستنغهاوس بالتعاقد لعمليّة
الانجاز من قبل الشركات اليابانيّة. ومن المؤمّل أن تستمرّ البرامج بعد
فترة وجيزة. وقد أشرنا إلى بداية تأسيس مركز الطاقة النوويّة الهندسيّ
في معهد العلوم التطبيقية للطاقة عام 2008.
والآن إلى الحلقة الرابعة
ربّما يعذرنا القاريء الكريم على هذا الإسترسال في تقديم الفكرة
العامّة حول كلّ ما يتعلّق بالبرنامج النوويّ اليابانيّ، وذلك للأهمية
الكبيرة في فهم ما جرى ويجري هناك والتصورات التي ربّما يتوقّعها
القاريء الكريم لما سيجري حول هذا البرنامج! بعد الحدث الأخير الذي
أتوقّع أن يغيّر في بعض الخطط المهمّة حول هذا البرنامج!
لقد أشرنا إلى عدم قدرة اليابان على الحصول على اليورانيوم من
الداخل بسبب عدم وجوده في باطن الأرض اليابانيّة الثائرة! لذلك كان
توجّه اليابان إلى إستيراد كميات كبيرة من هذا الخام من إستراليا(ثلث
الحاجة تقريباً) ومن كندا وكازاخستان وغير ذلك من البلدان التي تعرض
إنتاجها من المخزون من هذا الوقود الذي مازال هو الوقود الأوّل
للمفاعلات النوويّة! وبالتالي تعرّض اليابان إلى المضاربات في سوق
تصدير اليورانيوم من البلدان الأخرى. ممّا يضطر اليابان إلى المشاركة
والمساهمة في العديد من المشاريع التي تفرض عليها من قبل تلك البلدان
المالكة لعصب إنتاج الوقود النوويّ المذكور! بل وإضطرّها إلى شراء
مناجم عديدة في تلك البلدان للقيام بكلّ ما تتطلبه عمليّات إنتاج
اليورانيوم من خلال دورة اليورانيوم من إستخراجه إلى تعدينه إلى
الحلقات الأخرى إلى أن يصبح وقوداَ للمفاعل النوويّ. وهنا ينبغي
الإشارة إلى أهمية مثل هذا العمل في عمليّة السيطرة على الكيفيّة التي
تتعامل بها التكنولوجيا اليابانيّة لهذا الغرض. لذلك قامت شركات عديدة
في اليابان منها ماروبيني وتيبكو بشراء %40 من مشروع منجم خرسان في
كازاخستان، وقد تمّ بالفعل إنتاج 2000 طنّ يورانيوم سنوياً من هذا
المنجم، وقد تمّ تطوير مصنع أولبا لتصنيع الوقود في عام 2008 من قبل
شركتي كانساي وسوميتومو لصناعة الوقود النوويّ.
وتمّ التعاقد بين شركة كانساي وشركة قازاتومبروم على معالجة
اليورانيوم لمصلحة محطات شركة كانساي. وقد قامت اليابان بالإتفاق مع
أوزبكستان كذلك في عام 2006 على تمويل تنمية اليورانيوم وتعدينه
وتجهيزه للأغراض المطلوبة! وقد تمّ بالفعل إنتاج 300 طن يورانيوم
سنوياً من منجم في هذا البلد إعتباراً من عام 2007 وقد وقّعت شركة
إيتوتشو اليابانيّة على عقد في عام 2011(عام الحدث!) على شراء
اليورانيوم من شركة
Государственное предприятие «Навоийский горно-металлургический
комбинат»)
والتي تعني ترجمة، من اللغة الروسيّة:
مؤسسة نافوي الحكوميّة لتعدين وصناعة الصلب(الأوزبكيّة).
وهي واحدة من أكبر الشركات الأوزبكية المشاركة في صناعة التعدين من
بين أكبر عشر شركات في العالم في هذا التوجّه وهو إنتاج
اليورانيوم(بالإضافة إلى إنتاجها الذهب! على مستوى العالم)، وقد تمّ
العمل على رواسب خام اليورانيوم في صحراء كوم كيزيل.
لقد أشرت أكثر من مرّة! لتوجّه العمل في البرنامج النوويّ الياباني
والذي إقتصر على إنتاج الطاقة الكهربائيّة بالدرجة الأساس لذلك نلاحظ
أنّ الإهتمام قد إقتصر على هذا التوجّه، إن من ناحية البحوث المستمرّة
أو من ناحية التطوير المستمرّ لهذا البرنامج من الناحية التقنيّة. لذلك
يجب التركيز عموما على الجانب الأمنيّ والسلامة العامّة من تأثيرات
المفاعلات وما ينتج عنها، لا أكثر!(والمقصود لا داعي للإشارة إلى
إمكانيّة أو نيّة اليابان إلى الإستخدامات العسكريّة من خلال البرنامج
النوويّ المذكور، إذا ما أضفنا إلى ذلك جوانب من الإتفاقيّات التي
وقّعتها اليابان إبان الحرب العالميّة الثانية والتي إستسلمت فيها
اليابان للحلفاء، ووقوعها تحت طائلة العقوبات الشديدة كما هو معروف!).
وقد كان ذلك بالفعل فقد تطوّرت الحلقات المهمّة لإنتاج الطاقة
الكهربائيّة بشكل ملحوظ، إلى درجة كبيرة. وقد إقتصرت عمليّة إنتاج
الطاقة الكهربائيّة بالأساس على عمليّة الإنشطار النوويّ التي تحصل
داخل المفاعل(وأقصد: لا إلى عمليّة الإندماج النوويّ!). وكان هذا الأمر
ينسحب على كلّ الشركات اليابانيّة المنتجة للطاقة الكهربائيّة.
تعتبر وكالة الطاقة الذريّة اليابانيّة JAEA هي المسؤولة عن النشاط
المتعلّق بالبرنامج النوويّ اليابانيّ. وقد تمّ إنشاء مجموعة شركات
الطاقة النوويّة التي يرمز لها بالرمز: JPAC
ومن أهم الشركات المعروفة في اليابان لإنتاج الطاقة الكهربائيّة من
التفاعل النوويّ الإنشطاريّ داخل المفاعل النوويّ هي:
The Tokyo Electric Power Company (TEPCO)
شركة طوكيو للطاقة(#) الكهربائيّة
Kyūshū Electric Power Company (Kyūshū Electric)
شركة كوشو للطاقة الكهربائيّة
Chūbu Electric Power Company (Chūbu Electric)
شركة تشوبو للطاقة الكهربائيّة
Tōhoku Electric Power Company (Tōhoku Electric)
شركة توهوكو للطاقة الكهربائيّة
Shikoku Electric Power Company (YONDEN)
شركة شيكوكو للطاقة الكهربائيّة
Kansai Electric Power Company (KEPCO)
شركة كانساي للطاقة الكهربائيّة
Hokuriku Electric Power Company (RIKUDEN)
شركة هوكوريكو للطاقة الكهربائيّة
Hokkaidō Electric Power Company (HEPCO)
شركة هوكايدو للطاقة الكهربائيّة
Chūgoku Electric Power Company (Chuden)
شركة تشوغوكو للطاقة الكهربائيّة
بالإضافة إلى شركات مساهمة أخرى تدخل فيها الدولة أو الحكومة بنسبة
مئويّة.
لقد توجّهت العديد من الشركات اليابانيّة إلى شراء خام اليورانيوم
لرفد المفاعلات اليابانيّة بالوقود اللازم (كما أشرنا!) والذي تزداد
متطلباته سنة بعد أخرى للتطوّر الهائل في توجّهات اليابان في الحصول
على الطاقة الكهربائيّة من هذا الطريق. وكما أشرنا(كذلك!) إلى العديد
من الشركات اليابانيّة المستوردة لخام اليورانيوم، منها شركة
ميتسوبيشي(حيث إشترت ما نسبته%30 من مناطق غرب إستراليا والولايات
المتحدة) وشركة شيكوكو وكيوشو(وهما شركتان لإنتاج الكهرباء). وقد
توجّهت هذه الشركات كذلك إلى السوق الإفريقيّة لشراء خام اليورانيوم،
حيث تمّ ذلك الإتّفاق مع دولة ناميبيا، من قبل شركة إيتوتشو.
لقد قامت اليابان بالعديد من فقرات إكمال البرنامج النوويّ
اليابانيّ. خاصة عمليات التخصيب(وقد إستعملت طريقة الطرد المركزي لهذا
الغرض) التي تمّت في ولاية أوكاياما.
حول البرنامج النوويّ اليابانيّ
لقد مرت أكثر من أربعة عقود على إنشاء اليابان أوّل محطة طاقة
نوويّة تجاريّة وبدأت العمليّة في مقاطعة ايباراكي عام 1966. وإلى عام
2008 تمتلك اليابان حواليّ 55 مفاعلاً منتجاً، وهذه المفاعلات النوويّة
تعمل في جميع أنحاء البلاد بناتج إجماليّ من الطاقة الكهربائيّة يصل
إلى 49467 ميغاواط. وهذه الكميّة من الطاقة تغطي ما يقرب من ثلث
إجماليّ البلاد من الطاقة الكهربائيّة. وينبغي أن نشير إلى مشكلة من
مشاكل التغطية الضروريّة لإحتياج هذا البلد لهذا الكمّ من المفاعلات
النوويّة المنتجة للطاقة الكهربائيّة في مساحة لا تتناسب مع هذا الكمّ
من المفاعلات! هذه المشكلة التي تنتبه لها الوكالة الدوليّة للطاقة
النوويّة والتي تحاول أن تشير إلى عمليّة توزيع المفاعلات في مناطق
متعددة ضمن برنامج السلامة النوويّة والبيئيّة. المشكلة في اليابان هي
مشكلة جغرافية البلد، حيث تعتبر اليابان جزيرة من الجزر التي تحتاج إلى
تقنيّة هائلة للإعتماد على جزء من الطاقة الكهربائيّة المستوردة من
الخارج من خلال خطوط نقل الطاقة الكهربائيّة أو الأنابيب اللازمة لنقل
الطاقة! حيث لا يمكن لها ذلك، فتكون مضطرّة للإعتماد على مفاعلاتها في
الإنتاج. وبالتالي، فإن الحكومة اليابانيّة تخلص إلى أنّه من المنطقيّ
مواصلة الإفادة إلى أقصى حدّ ممكن من توليد الطاقة النوويّة بإعتبارها
واحدة من الدعائم الأساسيّة لإمدادات الطاقة في البلاد، علاوة على ما
ذكرنا من ندرة الموارد اللازمة التي تتوفّر في العديد من البلدان
كالولايات المتحدة الأمريكيّة وأوربا، والتي تساعد في إنتاج الطاقة
الكهربائيّة من مصادر أخرى غير المفاعلات النوويّة. لذلك تعتمد اليابان
على %80 من الموارد المستوردة من بلدان أخرى.
لذلك نلاحظ أنّ اليابان رغم المشاكل العديدة المذكورة، تعتبر من
البلدان التي تكون نسبة إنبعاثات ثاني أوكسيد الكربون نسبة ضئيلة. ولكن
لا ينسى ما تنتجه من طاقة كهرومائيّة والتي تخطط لها البلاد للتعويض عن
النقص في الطاقة الكهربائيّة في السنوات القادمة. تعتبر اليابان من
البلدان التي تستند في تخطيطاتها على أطول زمن في مسألة الشعور
بالإطمئنان على مستقبل الطاقة في البلد الذي يسير بخطى واسعة وبثقة
كبيرة! لا كالبلدان المستهلكة التي تعتمد على ما تنتجه من نفط وغاز وهي
تسير في طريق العبث بهذا المكنون الآيل إلى النضوب كما تشير الإحصاءات
العلميّة في هذا المجال والتي تشير إلى 40 سنة قادمة لنضوب إحتياطيّ
النفط بشكل كبير و61 سنة لإحتياطي الغاز(أي أربعون سنة بعد إنعقاد دورة
الألعاب الأولمبيّة في إمارة قطر التي تلعب بالثروة لعب الصبيان!)
بينما تكون إحتياطيّات الفحم إلى 227 سنة أخرى($).
والمتوقّع لليورانيوم أن ينضب من الحقول المكتشفة كإحتياطيّ عام،
ل64 سنة قادمة! لذلك ترى الدول المتقدمة في مجال الحفاظ على إحتياطيها
تقوم بإجراءات عديدة في هذا الجانب منها الغرز المستمر للنفط في حقولها
المنشأة، والتي تستورده من دول الإنتاج النفطي والتي تعتمد على مَثَلٍ
يدلّل على الذهنيّة التي تحكم هذه البلدان(غدّيني اليوم وجوّعني
غداً!!). علماً أنّ إستهلاك دول آسيا للطاقة(بإستثناء اليابان!) حواليّ
%24(الإحصائيّة إلى منتصف التسعينيّات أي أنّ النسبة تزداد بإضطراد في
السنوات التي تلي عقد التسعينيّات ووصلت إلى قرابة %39 في عام 2010
وهذه واضحة من خلال المشاكل التي تثار في المنطقة والتي سنشير لها في
مقالات أخرى بإذنه تعإلى!)
إنّ اليابان من البلدان التي تعتبر صديقة للبيئة إلى درجة كبيرة حيث
لا إنبعاث كبيراً من غاز ثاني أوكسيد الكربون ولا أكاسيد النتروجين أو
أكاسيد الكبريت التي تساهم بالتلوّث الكبير للبيئة. وهناك العديد من
الرغبات لدى اليابان للبحث عن مصادر بديلة للطاقة رغم الإمكانية
العالية في بناء العديد من المفاعلات لإنتاج الطاقة الكهربائيّة. من
هذه المصادر البديلة، الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وهي خيارات رائعة في
أن تكون نظيفة ولا تنضب. وعلى الرغم من إستخدامها لا شكّ أنها تنمو على
مر السنين، لكن تبقى هذه الطاقة غير مستوفية كلّ الشروط لتكون بديلة عن
الطاقة النوويّة بسبب أنّ هذه البدائل تعتمد على الطقس أساساً وهو
متغيّر دائماً بسبب التقلبات العديدة التي تؤثّر على إنتاج الطاقة
الكهربائيّة التي ستكون محصلتها أن تخضع إلى هذه التقلبات الجويّة
المذكورة والتي تزداد بمرور الزمن وذلك لتعرّض البيئة للإحترار الذي
أدّى إلى هذه التقلبات العديدة في الطقس.
محطّة فوكوشيما
تعتبر فوكوشيما ولاية من الولايات اليابانيّة تقع في منطقة توهوكو
في جزيرة هونشو وعاصمتها فوكوشيما. لقد تعرّضت هذه الولاية إلى الزلزال
بتأريخ 11 مارس(آذار) من هذا العام (2011) وإلى تسونامي كان مركزه
ولاية مياجي المجاورة في منطقة الشمال. وقد كانت قوة الزلزال 8.9 على
مقياس ريختر المؤلّف من 9 درجات.
لقد تعرّضت المحافظة المذكورة لأضرار كبيرة جداً وقد سلّطت الأضواء
على هذه الأماكن بالدرجة الأساس بعد الحادثتين المترافقتين، وقد نتجت
عن هاتين الحادثتين العديد من التغييرات على مستوى الأرض والبناء ثمّ
على مستوى الدعامات التي تقف عليها المفاعلات النوويّة التي تعمل في
المحافظة المذكورة. وقد تمّ إجلاء الآلاف من السكّان الذين يعيشون
بالقرب من المفاعلات النوويّة أو المناطق التي تعمل فيها المنشآت التي
لها علاقة بذلك، كمحطّة الطاقة النوويّة رقم 1 التي تتبع إداريّاً شركة
الطاقة الكهربائيّة في طوكيو والتي تقع في مدينة أوكوما في ولاية
فوتابا. حيث حدث الإنفجار الأوّل في المحطّة المذكورة في الساعة
الثامنة والنصف بتوقيت غرينش من يوم 12 مارس وقد تأثّر من هذا الإنفجار
العديد من أجزاء المحطّة المذكورة، وقد نتج عنه تشريد أكثر من 45000 من
السكّان. لقد كان الإنفجار ضخماً في المحطّة التي تضرّرت بالزلزال
المذكور بحيث شوهدت سحب دخان ضخمة قادمة من المصنع في فوكوشيما. وكان
قد أصيب أوّل الأمر أربعة من العاملين. فيما أكّد المسؤولون اليابانيون
إلى أنّ المفاعل لم يتضرّر وأنّ مستوى الإشعاع قد كان ضعيفا إلى الدرجة
التي لا تؤثّر على الحياة، على الأقل، لحظة حصول الحادثة. لكنّ الذي
أثار الخوف هو مقتل قرابة 1000 شخص بسبب التسونامي الزاحف إلى المنطقة.
لقد خلّف المدّ البحريّ (تسونامي) دمارا كبيرا على ساحل اليابان في
شمال شرق آسيا، وقد إجتاح المدّ البحريّ المذكور الكثير من البلدات
والقرى في طريقه.
لقد أثارت حادثة فوكوشيما العديد من الأوجاع والذكريات الأليمة من
حادثة ثري مايل في الولايات المتحدة الامريكية عام 1979 إلى تشرنوبيل
في أوكرانيا عام 1986، خاصة حينما أثيرت نفس التساؤلات من قبل الجمهور
والمتخصصين معاً. هل أدّى الحادث إلى إنهيار قلب المفاعل؟! هل تسبّبت
الحرارة الزائدة في المفاعل إلى إذابة الوقود كما حصل في الحادثتين
السابقتين؟! هل تسرّبت النظائر المشعّة إلى المحيط الخارجي؟! ما نوع
هذه النظائر وما هي أعمارها النصفيّة والتي على أثرها يبقى النظير في
الجوّ أو في الأرض التي تمتصّه حين حصول هذا الإمتصاص؟! كم كانت شدّة
الإشعاع المتسرّب من المفاعل أو بمعنى أخر، هل توزّعت السحب الإشعاعيّة
على مساحة أوسع، وكم من الوقت أخذت في الجوّ؟ والعديد من الأسئلة
المشروعة والمقلقة للجمهور.
قبل أن نجيب على الأسئلة نختصر معلومة مهمّة حول ما حدث: أنّ
السلطات اليابانيّة قامت بدور جيد في إغلاق المفاعل بوقت مبكّر قبل
حدوث أيّ ذوبان وقد أدّى هذا الإغلاق إلى تقلّص خطر المواد المشعّة
والمتسرّبة إلى المحيط الخارجيّ، إلى حدّ كبير. ومع ذلك، تمّ الكشف عن
نظائر السيزيوم خارج مباني محطة توليد الكهرباء، يعني ضمنا قد تعرّض
الهواء إلى التلوّث بدرجة ما سنشير لها في حينها.
وإلى الحلقة القادمة
...........................................
(#) لقد أشرت إلى كلمة الطاقة بدل القدرة التي تعتبر
ترجمة لكلمة Power وذلك سيراً على السياق العام وليس بالمعنى الحرفيّ
لهذه الكلمة، فوجب التنويه لذلك!
($) http://www.bionomicfuel.com/fossil-fuels-reserves-will-not-last-long/
* للاطلاع على الحلقات السابقة:
http://www.annabaa.org/news/maqalat/writeres/moayedhosaini.htm |