"لطينتي الممتلئة بنقشك السماوي قصة
سكبتها أيدي الغيب بنكهة حبك الأبدي حد أزلية الموت والحياة فمن أين
أبتدأ المعنى وسرك يا علي هذي الجهات"
غنت: فأذن شاعر ولهان= وجداول وتر لها الجريان
غنت ومتسع الفؤاد ملامح= تطفو وموسقة هو التحنان
وبيادر الأنغام وحي لهاتها= كم تستريحُ ببوحها
الأغصان
وأنا اشتهاء الناي أشعل رعشتي= من رشفة سكرت بها
الألحان
وتفجر الينبوع من نبضي الذي= نهمَ الضفافَ تطوفه
الشطآن
ليذيبني المعني على خفقانه= نوتية يحلو بها الخفقان
وعلى امتداد مسائل الغيب انتشت= حورية حيث الغناء
رهان
ماست بعينيها الحياة وأثملت= بالحلم يطلق بوحها
الهيمان
فتقاطرت تستاف من تحنانها= مقل النجوم وثغرها الفتان
وعلى الخيال مما يشكل همسها= فاق الضياء واسكر
اللّمعان
قم نصطلي النار التي في روحها= فلطالما بردت بنا
النيران
ولنختلس من وشي لحظها =لوحة قدسية فالريشة الفانان
فلربما أمّ الصباح شعاعه =ولربما هزّ السنا الهيجان
ولربما تبتلّ نافحة اللّظى =فيزمّ ينبوعا لها
الوجدان
يا للفناجين التي عاقرتها= فنسيتها والواله الفنجان
حارت بأقبية السؤال تضمني =فتلاطمت حبلى بي الأذهان
وبنشوة اللهب الحبيس تهيأت =للحب صبّ لهيبها اطمئنان
وأنا ابتكار الناي أورق صوته= في داخلي فترفه الآذان
فاستدرجيني حيث شوطك قمة =ومدى القوافي دائنٌ ومدان
فتسلّمي قِطع اللّحون فنبضتي =كالحلم يشرب عزفها
الشرْيان
فتكاثري غرر المحبة وانتشي =لهباً يسيلُ مذاقه
الريحان
وتعملقي مما تعشّق غصنها =ولهاً يغازل سحره الغفران
فصداكِ أودية السماء تفصلتْ =في الأرض مذ رقّت لكِ
الوديان
يا روعة الكونين هذي طقوسنا =الثملاتُ يضفي كأسَها
الدفقان
وقياثر الضلع المعتق بيننا =لحن القلوب والعاشق
الرّنان
مزدانة الخفقان فيها تلاوة= قدسية وخميلها الألوان
حتى اذا رقصَ الميول تفتحت= مدن الغناء وأغلق
الحرمان
وأنا ابتهال المّوج بين مرافئي= لغة الهوى والموعد
الوسنان
مدني انسكاب الوقتِ تخصب ضفتي= ومناسكي قلق به
الهذيان
وزوارق الآمال رحلة عاشقٍ =سكبته فيا لآلئٌ وجمان
يا أيها النبوي كيف عرفتني =وأنا الضئيل وحجمك
الميزان
وعليك من منح السماء قداسة= كونية في تاجها الغليان
لأراكَ يهزمني السؤال على فمي= ويخونني في كنهك
العرفان
حتى اذا ظمأ النهار بحيرتي =كشفتك معنىً هاهنا
الأشجان
يا أيها النبأ العظيم يكفيك من =زغب السماء يصوغك
القرآن
فتعطرت قمم أقلّ أريجها =من وحيّها يتورد الفرقان
يا سيد البلغاء حيث قصائدي =غنتك لو بلاحظها تزدان
الآن ينفتق النشيد ويرتوي =البيت ويكسي ثوبه اطمئنان
ويشيدُ ركنٌ طالما أودت به =أيدي الخداع وعاثت
الأوثان
فتطهّرت تلك الرخامة مذ هوى= هام يضيئُ جبينه الرحمن
وتنزلت "بالقدر" سورة قدرة =شُق الفنار فضمّك
الذوبان
وتنفّست في الأرض سورة "هلْ أتى"= حيث الجدار تضمه
الجدران
يا يوم مولدك الشريف وهذه =غردُ الملائك رشفة ودنان
وغداة شوق جاء في ملكوتها =نهر الصلاة تؤمه الأركان
فاهتزّ ميلاد الشموس ولم يعد =من بعدِ يومك مولد
فتان
هذي ابتداؤك ثورة علْوية =من حولها يتهدهد البرهان
مذ أنت كنتَ وأنت وجه عقيدة= بيضاء يذكي أريجها
العدنان
غناك صبحا للولاء تقيمه =وحسامك لما انضوى نشوان
فببعضه حلمٌ يريق عدالة= وببعضه تتقاذف النيران
ومحمد لبس الحقيقة كلّها =وعصاك سيف هداية وجنان
حتى اذا التحم البقاء تدافعت =مهج الردى وحسامك
الطوفان
ورآك ترتجل البطولة طامحا =يقظ الجنان وفي يديك أمان
فشمخت نابضة الفؤاد يقلّها =صوت العدالة هادرٌ رنّان
أيهٍ أمير المؤمنين فما اشتكى =درب لديك يميله
الميلان
الا استقام على اعوجاج سراطه =ومشى أليك يجره
الإذعان
وسراطك الأوفى سنابك عصمة =في كفتيه يراوح الميزان
حتى اذا أرتعت الخطوب تدافعت =مهجُ الظلام يسوقها
الغثيان
وتزاحمت فزعا يفرّ بغيّها =أوضحتَ ما قد زيّف
الشيطان
ومضيت تغسل بالمثقف ضجّة= حتى كأنك والسماء بيان
يا نغمة الطهر التى في كنهه= حار الكمال واغلق
العرفان
حسدوك مجدا خطّ من تاريخه= عليائه فتناسل الطغيان
حقدا ينابزك الرفيف وتارة =غدرا يسنّ شفاره العصيان
وتقاذفوك بمكرهم وتسلقوا =ملء الجهات تفحّك الأظغان
وقدوا لنار البغض بعض تراثهم =حتى استحتْ من ذئبها
القمصان
فتشابهوا بقعا فليس معاند =الا وشدّ بخصره الغثيان
وأثاروا تاريخا يسود بحقدهم =في صدره يتشدّق النكران
حامت عليه المغريات فافرغت =منه القلوبُ وحُكّم
الجثمان
وتصاغروا وكبرت طودا شامخا =من عشقة تتفقهُ الأديان
وصنعت تاريخا أنار معرافا =كالفجر ملء سماته الأيمان
وتدور دالية الحقوق فلم ترى= اللاّك فيه ينتهي
الدوران
وسكبت آيات الرؤى منسابة =فتهاوى من سرب اللظى
الدخّان
يا أيّها النجف المشرف =هاهنا تتوقف الآمال والأشجان
أيعينني الرّمل المنضّددُ بالهدى= ويخيفني التبر
والمرجان
ظمأت هنا للعشق ألف قصيدة =فتبعثرت خجلا لك الأوزان
قم واسقها فنمير قلبك مفعم =أي- يا علي ونبضك
الرّيان
وأنا القطيف حضارة علوية =وسنابل تشذو بها الأوطان
ما شذّ عن سبل المودة قلبها= كلا وما أغفى بها
الرّبان
لا لم تملْ قيد الغناء.. فلحنها= نسكٌ إليك يخيطه
التحنان
ملء الهوى راحت تمدّ ولائها =للماء حيث نخيلها
القربان
وبنت على الدرب الجسور مبادئا =ما افتض فيه للهدى
عنوان
عبثا يساومها الرماد بظله =ويسوسها من غيضه البهتانُ
فتخضّرت ومدى الصحاري جمّة =وتمدنت حيث المنى
الإنسان
لا لم تخن للطين نخلة ظلّها =إنّ الجفاف بطبعه..
الخوّانُ
فنمت وغرسك يا علي حكاية =للحبّ ذاب بفيئها الغفران
ومدينة هي للتسامح لم تزل= بولائها يتأنق البستانُ
تبقى بحبك يا عليّ فكلّما =غنّى النخيلُ تسبّحُ
الشطآنُ |