العراق... أزمة الكهرباء والحلول الترقيعية

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: قرابة عشرة أعوام من عمر الحكومات الجديدة التي تلت التغيير في العراق عام 2003،  ولا يزال قطاع الكهرباء يشكو من انعدام توفير الطاقة فضلا عن انهيار البنى التحتية التي أثرت على حياة المواطنين وتعطل اعمالهم بسبب الانقطاع المستمر والذي يصل الى عشرون ساعة في اليوم، وأقدمت الحكومة مؤخرا على اتخاذ اجراء قد يسعف المواطنين في التخلص من الانقطاع لساعات طويلة، حيث اصدرت الحكومات المحلية قرارا يقضي بتشغيل المولدات الأهلية الى 12 ساعة يوميا على ان توفر الحكومة الوقود مجانا، إلا ان هذا القرار واجه مشاكل ومصاعب عدة أبرزها وجود جهات سياسية تسعى لإفشاله؛ وعدم تجهيز أصحاب المولدات بالوقود الكافي، وعدم التزامهم بالتوقيتات.

وبعد ما فات من وقت، ظهر عجز الحكومة عن توفير الطاقة الكهربائية التي  يعتمد عليها المواطنين كأحد أبرز أوجه الخلل البارز والذي أصبح  مدعاة للتذمر وأحد بواعث الإحباط المستمر لديه.

وفي غياب إمدادات مركزية للطاقة، يلجأ المواطنون إلى تشغيل المولدات الكهربائية على مدار الساعة في عموم مناطق العراق. حتى اصبحت اصوات المولدات تذكر العراقيين بالمحن والوعود الكاذبة.

واعزى خبراء فشل الوزارة في تحقيق ماهو مطلوب الى الفساد، والسياسات الإنمائية الفاشلة، وهجمات الارهاب على المنشآت، وحكومة أصابها الصراع السياسي بالشلل.

إن تجربة السنوات السبع أثبتت إخفاق بعض السياسيين في تحقيق ما هو مطلوب، فبعض القيادات الموجودة تفكر بطريقة حزبية ضيقة.  وقالت وزارة الكهرباء العراقية الجمعة إن البلاد تخسر نحو 500 ميغاواط بسبب الفساد الاداري والمالي. ويشكل الفساد معضلة كبيرة للحكومة العراقية التي تحاول بناء اقتصاد دمرته سنوات من الحروب والعقوبات، بعدما كانت منشغلة طيلة السنوات الماضية بتحسين الامن.

وقال المفتش العام في الوزارة علاء محي الدين إن المنظومة الكهربائية تخسر يوميا مايقارب 500 ميغاواط بسبب نقص الوقود المجهز لمحطات التوليد وتعادل الكمية المفقودة 600 مليار دينار وتستغرق اكثر من عامين.

كما ان الأخطار التي تواجه العملية السياسية تسبب بحدوث بعض الكوارث، وهناك قلق متنام لدى الشارع العراقي ازاء ما يحدث من عمليات فساد شكلت بالدرجة الأولى اللبنة الأساسية لما يجري من تدهور في مختلف قطاعات الدولة.

والانقسامات الموجودة بين صفوفها دمرت التجربة الديمقراطية. وانقلب الجميع على ما هو مطلوب ومتوقع. حتى يبدو أن الساسة العراقيين متحيرون من أمرهم إزاء كيفية تشكيل الحكومة لاسيما وأنهم لا يجدون مشكلة في غض البصر عن الأولويات المهمة للشعب الذي عانى الأمرين.

هنا تظهر لنا مشكلة الكهرباء وهي واحدة من بين المشاكل التي عكست فشل القادة السياسيين في المجال الخدماتي، فبعد سبع سنوات من الوعود وتفاقم أزمة الكهرباء في ظل غياب الحلول يستهلك المواطن عافيته في فصل الصيف ولا تزال مشاريع وزارة الكهرباء قيد السبات يقابلها زيادة ساعات القطع.

وقد ازداد توتر الشارع العراقي وولد عنفا أكبر وكان هذا أمرا متوقعا بالنسبة للشعب لأن دورة العنف لا تولد إلا عنفاً وقد تأتي الأمور بنتائج سلبية.

ويجد المتابع للتصريحات التي تطلقها الحكومة عند موسم كل صيف لاتجد تطبيقا على أرض الواقع فمن بين هذه التصريحات كما نقلت وكالة أصوات العراق بتاريخ 22/12/2008، نص الكلام الذي قاله وزير الكهرباء على هامش افتتاحه محطة كهرباء السماوة قال بحلول عام 2011 سيتم حسم مشكلة الكهرباء في العراق بشكل نهائي وقطعي، حيث ستكون حصة المواطن من الكهرباء 24 ساعة في اليوم. وسيكون هناك فائض في الطاقة.

إن المظاهرات التي خرجت مؤخرا الى الشارع لم تكن مسيسة كما يقول البعض وإنما كانت مطلباً جماهيرياً يحاول أن يضع حداً للمعضلة التي أرهقت المواطن الذي شعر ان ما يجري من حراك هو ضحك على الأذقان. وقد كانت مطالب الجماهير حقاً مشروعاً، ومنها:

- اللجوء إلى الاعتصام عبر الطرق السلمية واملاء تعهدات على المسئولين تضمن تحسين الكهرباء خلال فترة معينة.

- عدم انتهاء الدعوة لتحسين الخدمات إلا بإسقاط المفسدين.

- السيطرة على هدر المال العام وضمان حصة المواطنين من التيار الكهربائي.

- إعفاء المسئولين من مهامهم واستبدالهم بآخرين أكفاء ومخلصين.

- تشكيل لجان مشتركة من القطاع الخاص والعام مهمتها الإشراف على معالجة أزمة الكهرباء.

- التوزيع العادل للتيار الكهربائي بين المحافظات والمناطق.

- ان يكون لمجالس المحافظات مواقف صارمة تجاه المسئولين عن تردي التيار الكهربائي.

- تشكيل لجنة للوقوف على ملابسات قتل أو جرح المواطنين.

- تأهيل محطات التوليد وامتداداتها وتوفير محطات بديلة مؤقتة لحل الأزمة.

- توفير الكوادر العاملة الكفوءة عبر برامج التأهيل.

إن أزمة الكهرباء لم تعد أزمة الطاقة فقد أثارت استغراب الشارع العراقي، وقد امتدت هذه المشكلة لعقود طويلة مما زاد ذلك من فقدان الثقة بالمسئولين. كما أن قوائم الكهرباء التي تصل للمواطن تحمل أرقاما عالية بعد ان خصصت مادة دستورية لمعاقبة المخالفين. ومن المهازل أن نجد تصريحا لمسؤول حكومي يطالب بوضع حد للأجهزة الكهربائية التي تدخل الى العراق عبر المنافذ الحدودية دون ضوابط كونها تستهلك كميات من الطاقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/حزيران/2011 - 13/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م