في العراق نحن نعاني تخلفاً مقيتاً في كافة مفاصل حياتنا والجميع
يستشف نتائجه يومياً وعلى مدار الساعة.. مجبرون عليه نحن عندما كنا ولا
زلنا نرزح تحت نير الحكومات المتعاقبة.. حكومات تعاقبت على إدامة زخم
هذا التخلف بطرق عدة منها المقصود ومنها غير المقصود..
ومزحة الخطوة خطوة ورحلة الميل تبدأ بخطوة واحدة لم تعد بالمنظور
العام تفيدنا على عمق ما نحن فيه من هذا التخلف الذي تلونت فيه شوارعنا
وتتخبط فيه حتى دمائنا.. ونحن اليوم لم نعد بحاجة الى أن نقوم ببناء
مصنع عن طريق نقل التكنولوجيا مثلاً.. لنبني مصنعاً من مصانع ثمانينات
القرن الماضي أو أن نبني مجمعاً سكنياً على طراز تسعينات القرن الماضي
لكوننا مضطرون الى ذلك، فحاجتنا الماسة لبناء الوحدات السكنية لإيواء
مشردينا لا تجبرنا على القبول بأقل من تصاميم حديثة جداً لا تضاهيها
تصاميم في العالم وتشارك فيها أكبر شركات العالم في مجال الأسكان..
وحاجتنا الى المصانع لتحجيم البطالة لا تدفعنا للدخول في جلب مصانع
قديمة متهالكة لمنتجات أفل نجمها منذ زمن ومصانع تهالكت مكائنها في
الخارج لنأتي ونحتفل بها كمصانع عملاقة على أرض الوطن.
وأن لا تكون حاجتنا الكبيرة الى المساحات الخضراء مبرراً لعدم وضع
تصاميم عالمية للحدائق في بغداد من قبل أكبر وأشهر المكاتب الاستشارية
في العالم لا أن نؤكلها لمكتب صغير أؤسس قبل شهر لغرض الدخول في مناقصة
ليقدم لنا أشجار الدفله وبعض الأزهار التي تهلك في يومين !! وان لا
تدفعنا الحاجة لإمتاع أطفالنا في جلب مدينة ألعاب وملاهي قديمة أستهلكت
في دول الجوار ليتم إعادة صبغها ورزمها وإرساله الى بلد النفايات..
انه ليس عدلاً بحق الوطن وليس عدلاً بحق الشرف الكبير في الانتماء
لهذا الوطن.. فلأطفالها أرقى وأحدث مدينة ألعاب في العام بحيث يمكن ان
تظهر فعالياتها في كتاب غينيس للأرقام القياسية حينما سيضم أيضا أعلى
برج في العالم وأكبر مساحة خضراء وأكبر مستشفى للسرطان في العالم وأكبر
مدينة والت دزني وأكبر وأجمل المجمعات السكنية وأكبر المتاحف في العالم
وأكبر المطارات في العالم وأطول خطوط شبكة سكك حديد وأحدث القطارات
وأجمل النافورات وأعلاها وأجمل محميات الطيور وأكبر حديقة حيوانات
وخطوط نقل برية حديثة وأقوى شبكة معلومات وأكثر شركات الاتصالات في
العالم قوة , وأشهر مصانع تعليب التمور وأرقى الفنادق على ضفاف دجلة
والفرات وأحدث مصانع تصنيع السيارات بأنواعها ومصانع حديثة لإنتاج
مفردات الحصة التموينية.. وأكبر مساحة زراعية في العالم ليصبح العراق
سلة العالم الغذائية.. وأكبر مركز دولي لعلوم الفضاء.. وأكثر مركز
البحوث العالمية في مجال الطاقة النووية.. وأول شبكة كهربائية تحت
الأرض وشبكة أنفاق عالمية للنقل البري.. وأكبر المسطحات المائية في
العالم بعد الأمازون متمثلة في الأهوار الجنوبية التي تظم آلاف الأنواع
من الطيور المهاجرة..
ويتزايد معدل أعمارنا رجالاً ونساء الى عشرين سنة عن العام الحالي..
والبلد الوحيد في العالم الذي يستفاد شعبه من الضمان الاجتماعي الكلي
وأكثر دول العالم استغلالا لطاقات شعبه الخلاّقة.. والعالم كله يفرش
البساط الأحمر للعراقيين.. وجامعاتنا من أشهر عشرة جامعات في العالم
وتخّرج اكثر الكفاءات تأثيراً وتحريكاً في العالم.
انه الوثوب الى القمة بحق وهي الحالة الحقيقية والوحيدة التي تخدم
وطناً في العراق فقمتنا هي ما يجب أن نعمل على تحقيقه من رؤى حديثة في
كافة مجالات الحياة وتلك الرؤى تحتاج الى طاقات فكرية نقية خلاقة
لوضعها ووضع أهدافها وتأشير خطط تحقيقها وغير تلك القمة لا تفيد وطننا
بشيء ولا تمثل إلا استنزافاً لمواردنا وإرهاقاً لشعبنا..
وتلك القمة سوف لن تتراءى أمامنا صورتها الحقيقية الجلية بسبب
العتامة في عيون قادتنا عن المستقبل الحقيقي المطلوب للشعب العراقي..
نعم لن تعد تفيدنا عبارات الخطوة خطوة والعالم قد عبر وخطواتنا تلك
التي تحكمها معادلة السلاحف لم تعيد تفيد بشيء بل الوثوب الى القمة بحق
هو الحل وسيبقى كذلك.
zzubaidi@gmail.com |