العنوسة ظاهرة تقلق الرجال ايضا!

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: ان العنوسة في الوقت الحاضر اصبحت مصدر قلق لملايين الشابات والشبان وخصوصاً اللذين باتوا منهم على مشارف الثلاثين من العمر وهم لم يحددوا مصيرهم بعد في دخول العش الزوجية واختيار شريك العمر للاقتران به، وقد ارجعت العديد من الدراسات الاجتماعية اسباب هذا التأخر لعدة عوامل نفسية واقتصادية واجتماعية، فعزوف معظم الشباب عن الزواج سببه في كثير من الاحيان غلاء المهور وارتفاع تكاليفه مع انتشار البطالة ووجود العديد من التقاليد الاجتماعية التي تصعب من موضوعة الزواج بالاضافة الى انتشار التعليم بين الشباب مما يؤدي الى ارتفاع اعمارهم قبل اكمال الدراسة وغيرها الكثير، لكن كل هذا لم يقف عائقاً امام ابداع الشباب العديد من الطرق التي تتلائم وروح العصر والحداثة في تيسير امور الزواج والتغلب على شبح العنوسة الذي يهددهم.

وسائل عصرية

حيث ان الزواج رغم تأخر سنه ما يزال أجمل لحظات العمر بالنسبة للشبان المغاربة البحث عن شريك العمر كان يعتمد على أفراد العائلة أو الخاطبة، أما اليوم فقد تغير الوضع وأصبح التعارف يبدأ عبر العالم الافتراضي، الانترنت ووكالات اجتماعية أصبحت تلعب دور الوساطة والتعارف بين الشباب من أجل الزواج، ناهزت خديجة الثلاثينات من عمرها، وهذا يعني بالنسبة لها أنها أصبحت على أبواب مرحلة العنوسة، كما تقول، لكنها تضع شروطا معينة في البحث عن نصفها الثاني، ولا تريد التخلي عنها رغم تعليقات الأهل والأصحاب الذي ينتظرون وبفارغ الصبر يوم زفافه، وبما أن خديجة تعيش مع أسرتها فهي لا تسلم من نظرات أفراد الأسرة، كما توضح هذه الشابة التي تعمل بأحدى الشركات في مدينة الدار البيضاء، خديجة ليست وحدها تواجه مشكلة العنوسة، فالظاهرة باتت تتسع في المجتمع المغربي، لكن الخبراء يرصدون تنامي دور وسائل الإتصال الحديثة في تغيير نمط العلاقات الاجتماعية ومنها الأشكال التي تتم عبرها الخطوبة والزواج، وبعد أن تمكنت خديجة من تحقيق خطوات مهمة من مستقبلها المهني وأتمت دراستها وحصلت على الوظيفة التي كانت تحلم بها، تعترف خديجة بأن البحث عن شريك العمر يشكل أولوية بالنسبة له، وتضيف قائلة " في السنتين الأخيرتين تقدم لخطبتي 4 شبان،  لكنني لم أوافق لأنني أرفض الطريقة التقليدية في الارتباط، وذلك لإيماني بأن التوافق الفكري والتفاهم هما أساس نجاح الزواج وهذا لن يتم بتدخل الأهل في البحث عن زوج"، ولهذا تجد خديجة في الدردشة على الانترنت أو"الشات" الطريقة المثالية من أجل إيجاد نصفها الثاني، وتبرر خديجة اختيارها بأن الدردشة على الانترنت ستمكنها من التعرف أكثر على شريك حياتها المستقبلي دون أن تضطر إلى أن  تلتقي به على أرض الواقع، كما أن هذه الوسيلة تسمح لها بأن تختار شابا من بين الآلاف المتواجدين على الشبكة العنكبوتية وإذا تطورت بينهما العلاقة فسيتقدم لخطبتها رسميا. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

ويوضح الباحث الاجتماعي علي شعباني أن اتجاه الشباب إلى الانترنت أو وكالات الزواج، يدل على أن فكرة الزواج حاضرة عندهم وتلازمهم باستمرار، كما أن هؤلاء الشبان تجاوزوا مسألة الزواج من المحيط الضيق القريب منهم كالجيران وأفراد الأسرة، وذلك نتيجة غياب فكرة "الخاطبة" التي كانت تسود في وقت من الأوقات، وتشير الإحصائيات الرسمية المغربية إلى أن سن الزواج بالمغرب وصل إلى  27،2في صفوف النساء، و31،8 عند الرجال، وهذا يعني أن سن الزواج قد تأخر بأربع سنوات منذ 1987، وتشير الإحصائيات التي  أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط المغربية، إلى أن 7 ملايين امرأة تعشن العزوبة منهن مليون و26 ألف  لم يتجاوز عمرهن الثلاثين سنة، لكن الباحث الاجتماعي علي شعباني، ينظر لهذه الإحصائيات بنوع من التشكك موضحا أن سن الزواج تأخر أكثر مما تدل عليه الأرقام الرسمية، ويشرح هذا التأخر قائلا"هناك العديد من العوامل التي تتدخل في ذلك كطول المسار الدراسي ثم تأتي مرحلة الاستعداد للدخول في الحياة المهنية، لأن الانسان يحاول الاستفادة من السنوات التي قضاها في التحصيل الدراسي، وبعد كل هذه المراحل يجد الإنسان نفسه قد تجاوز الثلاثين من العمر"، ويوضح الباحث الاجتماعي أن العوامل الثقافية تتدخل كذلك في هذا الأمر، لأن الشباب حاليا اصبح يهتم بالسفر والاطلاع على حضارات أخرى، كما أن الإعلام لعب دورا مهما في هذه المسألة، بالإضافة إلى الظروف المادية التي تساعد كذلك على تأخر سن الزواج كإيجاد البيت المناسب والحصول على دخل محترم يؤمن العيش الكريم للأسرة كما يقول شعباني الذي يؤكد أن الزواج حاليا لم يعد أمرا خاضعا لإدارة العائلة، وأنه أصبح مسألة شخصية تهم المتزوجين فقط، ويبدي شعباني تحفظه على استخدام كلمة "العزوف عن الزواج" لأن هذه الكلمة تعني، برأيه، الرفض واتخاذ موقف من الزواج في حين أن الأمر يتعلق، حسب الباحث الاجتماعي، بجعل سن الزواج يتم فترة معينة يكون فيها الاستعداد النفسي والمادي أفضل. كما يوضح علي شعباني أن الوكالات التي فتحت أبوابها في المغرب صارت تلعب دور "الخاطبة" وتوفر الظروف الملائمة للبحث عن زوج عن طريق تقديم بعض المعلومات الخاصة بالشاب أو الشابة.

وكالة للبحث عن شريك العمر

من جانبها فان باسكال فورجيت رئيس وكالة اجتماعية في الرباط، تتولى تسهيل زواج الشابات المغربيات بأحد الأزقة المتواجدة بحي أكدال بمدينة الرباط يوجد مكتب صغير يرأسه باسكال فورجي، مدير فرع وكالة (unicis) العالمية للزواج بالرباط، وتهدف هذه الوكالة التي أنشئت قبل عشر سنوات إلى البحث عن شريك للحياة بالنسبة للمغربيات اللواتي يرغبن في الارتباط بأجانب من فرنسا أو بلجيكا وفي بعض الأحيان من كند، وذلك بتعاون مع ما يقارب 100 وكالة مشابهة في فرنس، وتعتبر وكالة (unicis) من أهم الوكالات الفرنسية فيما يتعلق بخدمات البحث عن النصف الثاني عبر أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ويقول مؤسس فرعها في المغرب أنه فكر في إنشائها لأنه لاحظ أن 75 في المائة  من سكان المغرب من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة، وعدد كبير منهم من النساء اللواتي يقدسن الزواج  وييحثن عن نصفهن الثاني، ويضيف باسكال أن الوكالة يتوافد عليها نساء من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، وقبل أن يفتح لهن ملفا في الوكالة يطرح عليهم الكثير من الأسئلة لمعرفة مستواهم الثقافي وميولاتهم وهواياتهم، كما يضم الملف مجموعة من الصور والمعلومات الخاصة، وما أن يجد باسكال الشخص المناسب لأي فتاة يعرض عليها ملفه، ويضيف قائلا "لدينا اطلاع على جميع الملفات الموجودة بالوكالات الأخرى، ونعمل على ربط الاتصال بين الشريكين المناسبين عبر الهاتف والانترنت، وإذا تفاهم الشخصان يزور المشترك المغرب لإتمام الزواج"، فيما يصل ثمن كل ملف إلى 1200 درهم مغربية أي ما يناهز 120 أورو، ويضيف باسكال بأن جميع الزيجات التي تعهدت بها الوكالة كللت بالنجاح ولم تصل أي حالة إلى الطلاق، ويعزي باسكال هذا الأمر إلى قدرة المغربيات على الحفاظ على الترابط الأسري لتقديسهن للزواج، على حد تعبير باسكال فورجي، الذي يضيف أن بعضا من هذه الأسر تعيش في المغرب إذا كان الزوج متقاعدا، أما إذا كان لا يزال يعمل فتنتقل زوجته إلى بلده. 

وإذا كانت وكالة (unicis) تبحث عن الشريك المناسب في أوروبا فجمعية كرامة بطنجة تجمع بين المغاربة الذين يبحثون عن نصفهم الثاني، وقد جاءت فكرة إنشاء هذه الخدمة داخل الجمعية التي تعنى بتنمية أوضاع المرأة نتيجة عزوف الشباب عن الزواج بسبب غلاء المعيشة والبطالة وسوء فهم مدونة (قانون) الأسرة، حسب ما توضحه وفاء بن عبد القادر رئيسة الجمعية، وأضافت وفاء قائلة، "نظرا للحالات المتوافدة على مركز الاستماع الأسري والتي تتذمر من عدم اختيار الشريك المناسب، ارتأينا مساعدة الراغبين في الزواج على إيجاد الشريك المناسب، كما أننا لا حظنا غياب الثقافة الأسرية وقيم التفاهم والتسامح، نظرا للانشغالات اليومية والاهتمام بالجانب المادي" كما توضح بن عبد القادر أن الجمعية تستقبل العديد من الحالات التي تجمعهم علاقة غير شرعية وتساعدهم على تأسيس أسرة ناجحة، وتبدأ عملية البحث عن الشريك المناسب بإرسال طلب إلى البريد الإلكتروني للجمعية ويتضمن المميزات التي يبحث عنها الشاب أو الشابة في شريك حياتهما، على حد قول رئيسة الجمعية، التي توضح أنه في حالة إيجاد الشخصين الملائمين تجمع الجمعية بينها في مقرها أو في أي مكان آخر يختارانه، بحضور ممثلين عن الجمعية يحاولان ترتيب التعارف بينهما، لتنتهي مهمتها عند أول لقاء، وتقدم جمعية الكرامة هذه الخدمة مجانيا للراغبين في الزواج كما أنها تقدم للمقبلين على الارتباط دورات شهرية في إطار التوعية القانونية والصحية والأسرية، وعن أهمية هذا النوع من الخدمات في تكوين أسر ناجحة داخل المجتمع أشارت بن عبد القادر الى أن أغلب الوافدين إلى الجمعية من الذكور، وهذا دليل حسب قولها على أن المرأة المغربية لازالت تعتبر التقدم بطلب للزواج عيبا، الأمر الذي ترفضه رئيسة الجمعية موضحة أن للمرأة الحق في وضع شروط معينة من أجل اختيار الشريك المناسب لحياتها.

الزواج السياحي في سوريا

الى ذلك تنتشر ظاهرة الزواج السياحي في سوريا إلى جانب زواج المسيار، هذا النوع من الزواج الذي يتم للمتعة وكسب المال ترفضه غالبية السوريين، ومن ضمنهم المؤسسة الدينية الرسمية التي تدعو إلى عدم تحليليه، سمر ع. شابة سورية في أواسط العشرينات من عمرها تستعد حاليا على عجل لزواج مؤقت من رجل أعمال سعودي ميسور الحال، تعيش سمر حالة إرباك، لأن الوقت لن يسعفها حتى تستطيع تأمين ما يلزم زفافها خلال أيام معدودة، "تحضيرات الزفاف ترهقني بسبب ضرورة الإسراع في تجهيز الملابس والحلي التي أحتاجها"، تقول وعلى وجهها ابتسامة ساخرة، سمر هذه ليست سوى واحدة من الشابات السوريات اللواتي يتزوجن من سعوديين لفترة أشهر يتفق عليها الطرفان بشكل يتناسب غالبا مع المبالغ المالية التي يقدمها العريس، وُيطلق على هذا الزواج المؤقت "الزواج السياحي"، كونه يتم غالبا في فترات العطل وقضاء الإجازات، وأدى الانتشار المتزايد لهذا الزواج إلى تزايد الأصوات التي تحذر من تبعاته، لاسيما في حالة إنجاب أطفال يدفعون ثمن غياب علاقة أسرية اعتيادية طويلة الأمد، والذي يدفع شابات إلى القبول بالزواج السياحي البطالة والفقر والعوز من جهة، وإغراء المال من جهة أخرى، فكثيرات منهن يرين في المبالغ التي يدفعها العريس كمهر أو على شكل هدايا نوعاً من التأمين لهن ولعائلاتهن، "أعرف بأنني ارتكب خطأ كوني أبيع جسدي، ولكن لا يوجد باليد حيلة" على حد تعبير رنا التي تعتبر أن وضعها المادي المزري هو سبب قبولها الزواج من رجل سعودي متزوج من ثلاث نساء"، وكذلك هو الحال بالنسبة لسامية ص، التي وجدت في الزواج من سعودي "فرصة لدفن الفقر الذي تعيشه مع عائلتها" على حد تعبيرها، وهي لا ترى أهمية لعواطفها في ظل الحرمان الذي تعيشه، ويلعب إغراء المال دورا كبيرا في إقدام الكثيرات على الزواج السياحي، دون الاكتراث بالقيم الاجتماعية، فكما تقول لميس د "أريد أن أستمتع بحياة الترف والحفلات دون أن تعنيني الطريقة التي أكسب بها المال، "ولميس لا يخالجها شعورا بالذنب إزاء قبولها بعقد "زواج سياحي مغر" حسب قولها.

على الطرف المقابل يرى سعوديون أن الزواج السياحي حلال ولا يختلف عن زواج "المسيار" المحلل لديهم أيضا ويقول ل. م، رجل أعمال سعودي، "يحق للرجل الزواج بشكل مؤقت، لاسيما إذا كانت علاقته بزوجته ليست على ما يرام" ويرى السائح السعودي صائب د، في هذا الزواج "متعة، كون المرء ينعم خلاله بعلاقة عاطفية بعيدا عن أجواء العائلة وهمومها التقليدية"، أما تفضيل الكثير من السعوديين الزواج المؤقت من سوريات، فيعود، كما يقول صائب، إلى نسبة الجمال العالية بينهن من جهة، وإلى انخفاض مهورهن مقارنة بنساء العديد من البلدان الأخرى من جهة أخرى، وعلى الرغم من أن الزواج السياحي يستوفي الشروط الشرعية من حيث الشكل، حيث يوجد شهود وموافقة ولي أمر الفتاة ومباركة أحد شيوخ الدين، إلا أنه يلقى الرفض بشكل عام في المجتمع السوري، ويعتبر الكثير من السوريين أمثال رجل الأعمال كنعان عثمان بأنه زواج تحايل على القانون،  وزنى مشروع تحث غطاء ديني، ويضيف عثمان بأن "الزانية في الملاهي وغيرها تتحمل خطيئتها بنفسها، بينما زانية الزواج السياحي يتحمل القانون والشرع خطيئتها في بيت زوجية يبدو كأنه شرعي"، وكان هذا النوع من الزواج قد منع من قبل مفتي الجمهورية في سوريا الدكتور بدر الدين حسون، حيث وجه كتابا إلى أئمة الجوامع طالبا منهم رفضه، على صعيد آخر يخاف الكثيرون من هذه الزيجات، كونها تشجع ضحاياها على ممارسة دعارة مشروعة أو يشبهها على حد تعبير ملحم العاموري، الحائز على بكالوريوس في علم النفس، وتحذر رنيم معروف، الطبيبة في علم النفس، من خطر هذا الزواج على عودة الفتاة إلى حياتها الطبيعية بعد انتهائه، لاسيما وأن الكثيرات منهن يتعرضن خلاله لأضرار جسدية بسبب تعرضهن لممارسة جنسية عنيفة، وتقول رنيم بأن هذا الأذى يجعلهن يتخذن موقفا سلبيا من الرجال ويرفضن الزواج ثانية بسبب خوفهن من تكرار التجربة ثانية.

أول إذاعة للبنات العربيات

في سياق متصل فإنها الإذاعة الحائزة على جائزة الاتحاد الأوروبي لـ "أفضل مشروع شبابي في الشرق الأوسط"، وتمنح هذه الإذاعة، التي تبث من القاهرة، الفرصة للبنت المصرية والعربية لعرض ومشاكلها وتؤازرها معنويا في اجتياز الأزمات وإعادة التأهيل، "ظل راجل ولا ظل حيطة، مقولة يرددها كثيرون في آذان البنات غير المتزوجات في مجتمعن، هدفي من تأسيس هذه الإذاعة هو مساعدة البنات المصريات والعربيات عموما على التفكير بشكل أفضل في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد، هناك أشياء كثيرة تغيب عنهن في ظل ضغوط يعانين منها أهمها أنه يجب عليهن أن يتزوجن، وبالتدريج وبدون وعي خلق المجتمع شبحا اسمه، الخوف من العنوسة"، هكذا بدأت أماني التونسي مؤسسة إذاعة بنات وبس حديثه، وتعبر التونسي عن استيائها من الأفكار النمطية في مجتمعها التي تظلم المرأة وتحصر حياتها في الزواج والعمل المنزلي، ومهما كانت المرأة ناجحة "يتم التغاضي عن كل ذلك والتركيز على موضوع واحد فقط الزواج"، وحتى لو تزوجت وحدث بعد ذلك طلاق فإن "أصابع الاتهام تتجه إليها مع أن الرجل يشاركها كل شيء في هذه الحياة"، وتروي أماني التونسي، البالغة من العمر 27 عاما، بأن فكرتها نجحت لأنها تصل إلى البنات في كل مكان في العالم وأن ما شجعها على الاستمرار هو أن "عدد مستمعي الإذاعة وصل إلى 15 ألف في الأسبوع الأول من انطلاقتها عام 2008"، وتبرز أهمية الإذاعة في النهوض بوعي البنت العربية في تكوين شخصيه ناجحة، "فلو هي رغبت في الزواج فيمكنها اختيار شخص مناسب، لأن حالات الطلاق وصلت إلى 29% وأن إحصائية أخرى تقول إن هناك حالة طلاق كل ست  دقائق في مصر".

أما عن أهم المساعدات المعنوية التي تقدمها الإذاعة للبنات لاجتياز أزماتهن فتستطرد التونسي قائلة "نؤازرهن في العلاج من أزمات مثل الإدمان؛ فنوجههن لمؤسسات علاجية ويتم ذلك في سريه تامة، أيضا لو تعرضت إحداهن للتحرش أو الاغتصاب، فإننا نساعدها بالمجان في إعادة التأهيل، لقد قمنا حتى الآن بمساعدة 28 حالة تحرش و 9 حالات إدمان"، وحازت إذاعة بنات وبس على جائزة أفضل مشروع شبابي في الشرق الأوسط أما أكبر مؤشر على نجاح الإذاعة فهو تكريمها كأفضل مشروع  في مؤتمر "شباب القادة العرب وشباب القارة الأوروبية" الذي استضافته العاصمة النمساوية فيينا مؤخر، كما توّج المؤتمر مؤسسة الإذاعة بلقب "أصغر ناشرة في الشرق الأوسط" على مشروعيه، دار نشر "شباب بوكس"، الذي يمثل المتنفس لإبداعات أقلام الشباب، التي لا ترحِّب بها دور النشر الكبرى، بالإضافة إلى إذاعة "بنات وبس"، وتكشف أماني التونسي بأنها فخورة لاختيارها من قِبل سفارة النمسا في القاهرة والاتحاد الأوروبي لتمثيل مصر وفوزها بجائزة أفضل مشروع، وتضيف "ألقيت كلمتي بعد كلمة السيد عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية سابقاً، وتحدثت فيها عن نفسي وعن بنات وشباب بلدي، وكان معي 50 شابا وفتاة من 50 دولة في العالم يديرون مشروعات ناجحة، وزادت فرحتي بعد أن اختار المؤتمر ستة مشرعات فقط للمنافسة وحصلت على إثرها  إذاعة بنات وبس على المركز الأول"، ورغم أنها موجهة للبنات فإن الإذاعة تقدم برامج للشباب أيض، ولمؤسسة دويتشه فيله نصيب من المشروعات القادمة لإذاعة بنات وبس، فقد كشفت التونسي لموقعنا بأنها بصدد توقيع اتفاقية مع مؤسسة دويتشه فيله تنص على إذاعة برامج الأخيرة في إذاعة بنات وبس، ودويتشه فيله مؤسسة إعلامية ألمانية تهتم بتوصيل الأخبار والمعلومات بلغات عديدة منها العربية، إذن فنحن مشتركون في هدف توصيل رسالاتنا إلى العالم العربي. وأتوقع أن يشكل هذا التعاون تنوعا كبيرا ومفيد للبنات وللمجتمع العربي كله". 

وبالرغم من أن اسم الإذاعة هو بنات وبس، وموجهة خصيصا للجنس الناعم، فإنها لا تتجاهل النصف الثاني من المجتمع، أي الشباب، فلهؤلاء برنامج في الإذاعة بعنوان "طب ولاد وبس" يعبرون فيه عن عالمهم و آرائهم، ويأتي على رأس السلبيات التي يمارسها الشباب تجاه البنات، والتي يدعو مذيع البرنامج محمد أحمد إلى الإقلاع عنها "ظاهرة التحرش الجنسي والعنف المعنوي الذي قد يمارسه الرجل تجاه المرأة"، ويحث المذيع مستمعيه من الشباب على "الرجوع إلى معاني الرجولة الحقيقية التي اشتهر بها المجتمع المصري في الماضي كالشهامة التي تمثلت في احترام الرجل للمرأة التي لا يعرفها في الأماكن العامة، وهو الشيء الذي اختفى من الشارع المصري"، "أما الأحكام المسبقة التي يتهم بها المجتمع البنات جزافا" فيناقشها برنامج "وجع دماغ"، فهذا البرنامج يتطرق إلى قضايا حساسة كاتهام البنت، التي تعمل حتى وقت متأخر، كأن تكون عاملة في متجر أو طبيبة أو طالبة، بسوء الخلق، إذ إن هناك العديد من الشباب الذين يرفضون الزواج من هؤلاء البنات، وفي برنامج "ما تفتكرش إنك مجنون" يتم الاستعانة بأخصائيين نفسيين في الرد على الاستشارات النفسية التي ترد من البنات، وحين تُسأل مُؤسسة الإذاعة عن الصعوبات التي تواجهها إذاعتها مع الرقابة أو مع أهالي البنات تقول بثقة لا مشاكل، فالإذاعة "لا تتطرق إلى المحاذير الثلاثة، الدين، السياسة، والجنس"، كما أن للأهل برنامجا خاصا بعنوان "أهالينا" يوفر "مساحة للحوار بين البنات والأهالي للوصول إلى حلول وسط"، وترى الكاتبة والصحافية هناء مكاوي بأن إذاعة بنات وبس "تجربة ومبادرة جيده جدا، خصوصا أن صوت البنات غير مسموع في مجتمعنا الذي يوصف بالمجتمع الذكوري، فالإذاعة تعد فرصه لهن لكي يعبرن عن آرائهن من خلال مذيعات ومذيعين جادين".

عنوسة الرجال في الاردن

من جهة اخرى انتشرت ظاهرة "العنوسة" بالمجتمع الأردني في الآونة الأخير، وليس عنوسة الفتاة فقط كما هو متعارف عليه، وانما عنوسة الرجال أيضاً، مما يهدد وجود الأسرة اذا استمرت بالازدياد كما يهدد المجتمع ومنظومة القيم المتوارثة والسائدة، حيث تنذر بعواقب وخيمة تصيب مجتمعنا وتهدد مستقبل الأجيال والحياة العامة، ولا بد من محاصرتها والحد منها وإيجاد الوسائل المناسبة لعلاجه، "العنوسة" تعني ارتفاع سن الزواج وتتنامى مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي وهي لم تعد تشمل الإناث فقط بل الذكور ايضا، لكن ثقافة مجتمعنا تركز على عنوسة الاناث كمشكلة كبيرة ومؤثرة اكثر مما تركز على عنوسة الرجال وعزوبيتهم باعتبارها خيارا حرا للذكر بينما الأنثى لا تتمتع بمثل هذا الخيار ولا ترغب فيه .ولطالما تناولت الإحصاءات والدراسات عنوسة الفتيات وجرت العادة أن يطلق لقب أو كلمة أو صفة عانس على الإناث ولكنها للرجال أيضا، فجاء في لسان العرب "العانس من الرجال والنساء هو الذي يبقى زماناً بعد أن يدرك لا يتزوج، يقال رجل عانس، وجمعه، عانسون"، فعنوسة الرجال لا تقل أهمية وتأثيرا من النواحي الاجتماعية والنفسية رغم تجاهل الكثيرين لهذه المسالة ربما للاعتقاد السائد بأن تأخر سن الزواج لا يمثل مشكلة قوية ومؤثرة بالنسبة للشاب كما هي للفتاة، ولأهمية ومخاطر عنوسة الرجال نتطرق إلى هذا الموضوع للبحث عن الأسباب الاقتصادية و الاجتماعية والدينية التي أدت لتلك الظاهرة، وفي نظرة إلى دراسة حديثة لجمعية العفاف الخيرية أعدها الخبير عادل بدارنة وأشار من خلالها إلى ارتفاع نسبة العزاب من الذكور في الأعمار من 15 سنة فأكثر من 38،3% سنة 1979 إلى %40 سنة 2004، ووصلت إلى %46 سنة 2008، في المقابل انخفضت نسبة المتزوجين لنفس الأعمار من 60،3% سنة 1979 إلى %54 سنة 2004 ووصلت إلى %53 سنة 2008، وأشارت الدراسة بحسب جريدة "الدستور" الأردنية إلى ارتفاع نسبة العزوبية في الأعمار أقل من "30" سنة بالنسبة للذكور، حيث إن نسبة غير المتزوجين في فئة الأعمار 20 - 24 ، 25 - 29 سنة قد ارتفعت من 53 %، 31،5% على التوالي سنة 1979 إلى 94،6%، 65،2% سنة 2008، وارتفع متوسط سن الزواج بالنسبة للذكور من 20 سنة عام 1961 إلى 26 سنة عام 1979 ووصل إلى 29،5 سنة عام 2008 ، وفي المقابل ارتفع متوسط العمر عند الزواج الأول بالنسبة للإناث للفترة ذاتها من 17،6سنة عام 1961 إلى 21 سنة عام 1979 ووصل إلى 26،4 سنة عام 2008، وبالنظر والبحث في هذه الدراسات نجد ان هذه ارتفاع نسبة العنوسة لم يأت من فراغ انما له العديد من الأسباب، فمن المسئول عن هذا الارتفاع، الشاب أم الفتاة أم الظروف الاقتصادية والإجتماعية.

وقال مفيد سرحان مدير جمعية العفاف الخيرية، "إن من أهم أسباب تأخر سن الزواج بالنسبة للذكور هو ارتفاع تكاليف الزواج مقارنة مع متوسط الدخل لدى الشريحة العظمى من الشباب والمتمثل في ارتفاع تكاليف حفلات الزفاف والأثاث وارتفاع أسعار الذهب والعقارات والشقق السكنية والإيجارات وغيرها من متطلبات الزواج"، وأضاف سرحان أن العادات والتقاليد السائدة ساهمت في زيادة التكاليف حيث التقليد الأعمى للآخرين والمباهاة والتبذير الذي يرافق الكثير من الحفلات، كما ساهم انتشار التعليم العالي عند الجنسين في ارتفاع العمر عند الزواج، حيث أدى هذا إلى زيادة الشروط والمواصفات التي يشترطها البعض في الفتاة كالتعليم والوظيفة والصفات الجمالية المتميزة، وبسبب الظروف الاقتصادية، فإن الكثير من الشباب يبحثون عن الفتاة العاملة لتساهم في نفقات الأسرة وفي المقابل فإن الفتاة المتعلمة والعاملة تزيد من الشروط الواجب توفرها في الشاب من حيث الوظيفة والمستوى الاجتماعي، وتشمل أسباب هذه الظاهرة بحسب الدكتور عزمي منصور رئيس قسم العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة عمان الأهلية، هي التنشئة الاجتماعية، فأشار الدكتور منصور أهمية التنشئة الإجتماعية التي تعد النشء منذ الصغر لتحمل المسئولية وتيسير أمور الزواج بعيدا عن التعقيدات ومظاهر الترف ورسوخ المفاهيم الدينية التي تحض على الزواج كحصانة للشاب وستر للانثى وسيادة الاعراف والتقاليد الاجتماعية واعتبار الزواج مصاهرة وقربى وتقوية للعلاقات الاجتماعية وعدم تعرض المجتمع للاعلام الغربي وانماط ثقافية غريبة عن ثقافته، وعن الأسباب الاقتصادية للعنوسة قال الدكتور منصور، " انها تتمثل بارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وندرة فرص العمل وانخفاض وتدني مستوى الاجور والرواتب وارتفاع اسعار المساكن واجورها وارتفاع المهور وتكاليف حفلات الزفاف ولجوء بعض الاهالي الى تاخير زواج بناتهم العاملات للاستفادة من رواتبهن"، وقال الدكتور منصور، "إن هناك اسبابا نفسية للعنوسة تتمثل بالاحباط العام واللامبالاة وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية وانخفاض التقدير للذات والعقد النفسية من الجنس الاخر وفقدان الشعور بالامن والثقة بالنفس والمستقبل والخوف المرضي من الزواج وخوف ابناء المطلقين من الارتباط والميل للانفصال وعدم الرغبة في الالتزام من خلال الزواج وتفضيل استبدال الزواج باللعب او الادمان، واكد الدكتور منصور انه لهذه الاسباب يمكن ان نفسر "العنوسة" التي باتت ظاهرة تهدد المجتمع لما لها من اثار سلبية يمكن استنتاجها من انتشار الزواج العرفي نظرا لقلة التكلفة واللجوء الى طرق بديلة غير شرعية والاغتصاب والشذوذ والازمات النفسية والادمان على المخدرات وانهيار منظومة القيم التي تشكل عامل الضبط الاجتماعي والبحث في تكنولوجيا المعلومات عن المواقع الاباحية او استغلال تكنولوجيا المعلومات لممارسة الشذوذ.

وعن دور جمعية العفاف الخيرية في التسهيل على الشباب المقبل على الزواج قال سرحان، "إن الجمعية تقوم بنشر التوعية وتثقيف المجتمع بأهمية الزواج وبناء الأسرة من خلال المحاضرات والندوات والمطبوعات كما تقوم الجمعية بإجراء الدراسات التي تبين حجم ظاهرة تأخر سن الزواج وتقدم الجمعية المساعدات النقدية والعينة للمقبلين على الزواج"، وعن تنظيم حفلات الزفاف الجماعي قال سرحان: "إن الجمعية تتكفل بجميع نفقات هذه الحفلات إضافة إلى تقديم مجموعة من الهدايا النقدية والعينة للمشاركين"، وختم مدير جمعية العفاف الخيرية القول بأن مسئولية التصدي لظاهرة تأخر سن الزواج هي مسئولية مشتركة، فالشاب مسئول والفتاة مسئولة والأسرة كذلك والمجتمع عليه مسئوليات وواجبات اتجاه أبنائه، وحول كيفية القضاء على هذه الظاهرة، اكد مساعد امين عام وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية لشؤون الدعوة والارشاد الدكتور عبد الرحمن ابداح مساعد امين عام وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية لشؤون الدعوة والارشاد الدكتور عبد الرحمن ابداح أنه لا بد من اغلاق كل منافذ الرذيلة والفساد وتعقيم القنوات الاعلامية وحمايتها من كل ما يشينها وتسهيل امر الزواج وتخفيف المهور والحذر من كل صور الزواج الذي لا يعدو ان يكون قناعا للرذيلة والفساد مثل زواج المسيار والعناية بمؤسسة الاسرة وتحصينها من كل اسباب الوهن والانهيار واقامة العلاقات الزوجية على المحبة والاحترام، وقال انه لا بد من دراسة اسباب ارتفاع نسبة الطلاق واثارة الوازع الديني في نفوس الاباء الذين يمنعون زواج بناتهم من الاكفياء رغبة في مالهن او في وظيفتهن وان يفهم المسلم بان الله سبحانه وتعالى يمقت الانسان الذي يخالف قوله فعله، كما ان للدولة اسهاما لا بد منه في حل هذه الظاهرة، كما ان هناك شباب كثيرة تعمل بوظيفة بمعدل راتب شهري مقداره 300 دينار، ومنهم الشاب سامر، حيث لا يكفيه وحده فكيف الحال كما تساءل "بوجود أسرة والتزام"،  ولفت سامر إلى أنه تقدم لطلب يد عدد من الفتيات قبل اتخاذه قرار العزوف هذا فكان الجواب بالنفي لأنه وبحسب تعبيره "لا يخضع لمواصفات العريس المناسب او الجاهز"، وفضل سامر العيش وحيدا كما قال "على العيش مع عروس وديون يسددها أبناؤه من بعده ليقيم احتفالا ويجهز منزلا بأحدث شاشات العرض"، وتحدث الثلاثيني "وائل" متزوج ولديه أطفال عن احد أصدقائه الذي لا ينفك ينصحه بالزواج قائلا "إن العامل النفسي يقف أمام إكمال صديقه لنصف دينه"، وأشار "وائل" إلى أن الجو الأسري الذي نشأ فيه هذا الصديق كان جوا مشحونا بالمشاكل الأسرية التي أدت فيما بعد الى انفصال والديه "وأضاف وائل "اعتقد ان ضحايا الطلاق لديهم خوف من الارتباط بسبب ما تشكل من صورة متعبة ومرهقة للزواج في مخيلتهم"، وأكد مجموعة من الشباب الجامعي أن عملية الإختلاط تسببت في فقد الكثير من الرجال للثقة في المرأة، كما أكدوا إيمانهم المطلق بان "العمر" لا يعيب الرجل في مسألة الارتباط وتوقيته، ومن جانبهم أكد بعض الشباب ان الغالبية لا يفكرون في الزواج قبل بلوغهم العقد الثالث، والسبب من وجهة نظرهم يعود إلى التغيرات الاجتماعية العميقة مثل اللامبالاة وعدم الرغبة في تحمل المسئولية والإحباط العام وفقدان شعورهم بالأمن والثقة بالنسبة للمستقبل، وهذه العوامل مجتمعة تأتي قبل العامل الاقتصادي الذي يتمثل في الدخل المتدني وندرة فرص العمل والبطالة المتزايدة.فيما أبدى السبعيني "محمد عبدالغني" والذي تزوج وهو في عمر الثالثة والعشرين إنزعاجه من عزوف الشباب عن الزواج وتأخيرهم لسن الزواج قائلا " لا اجمل من ان يكبر المرء ويكبر ابناؤه معه"، وأضاف "ليس من الجميل وجود فجوة عمرية بين الاب وابنائه فهذا يصعّب الامر على كليهما".

العنوسة في تونس

على صعيد اخر كشف تقرير إحصائي أعده الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بتونس، أن نسبة العنوسة بين التونسيات بلغت 60%، وأن عدد العازبات ارتفع إلى أكثر من مليوني وربع المليون امرأة من مجموع نحو أربعة ملايين و900 ألف أنثى في البلاد، مقارنة بنحو 990 ألف عازبة عام 1994، كما بينت آخر عملية مسح للسكان تأخُّر سن الزواج للرجال أيضا، حيث تبين أن نسبة غير المتزوجين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 29 سنة قد قفزت من 71 خلال عام 1994، إلى نسبة 81،1% أواخر العام الماضي، وأكد التقرير حسبما جاء بجريدة "البيان" الاماراتية أن عنوسة الفتيات بلغت أقصى معدلاتها بين الإناث في عمر الإخصاب الأقصى "25 - 34 سنة"، وهو ما يؤدي حتما إلى نتائج سلبية على الخصوبة، وأن ظاهرة تأخر سن الزواج أثرت على التركيبة العمرية للنساء المتزوجات واللاتي في سن الإنجاب، حيث إن نسبة الأقل خصوبة منهن أصبحت تتضخم على حساب الأكثر خصوبة، ففي السنة الماضية، وحسب نتائج المسح التونسي لصحة الأم والطفل بلغت نسبة المتزوجات فوق 34 سنة نحو 64%، في حين كانت هذه النسبة تساوي 50% فقط سنة 1994، و59 سنة 2001، وفي المقابل انخفضت نسبة من هن في سن الخصوبة القصوى، أي بين 25 و34 سنة من 40% إلى 31% بين الفترتين. بحسب وكالة الانباء الكويتية.

وأكدت الأبحاث أن تفاقم ظاهرة العنوسة ارتبطت بانفتاح المرأة التونسية أكثر من أي وقت مضى على المجتمعات الغربية، وسعيها للتحرر الاجتماعي وتفضيل فئة منهن العيش خارج الروابط الزوجية التقليدية، إضافة إلى ميلها لتحقيق استقلالها المادي والمعنوي، وعلى الرغم من أنها تأتي اليوم على رأس النساء العربيات من حيث تحقيقها لتحررها اجتماعيا واقتصاديا، وأيضا لنجاحها في المشاركة في الحياة العملية بكل مجالاتها، حيث تشغل نحو 20% من المقاعد في البرلمان التونسي وتحتل مراكز هامة، لكن هذه النجاحات لم تستطع أن تكون بديلا للزواج في حياة الكثيرات ممن سبق وفضلن عزوبية مقرونة بنجاح في العمل على حياة أسرية هانئة، ويفسر المهدي بن مبروك الباحث الاجتماعي التونسي هذه الظاهرة قائلا "إنه لا يمكننا حصر ظاهرة العزوف عن الزواج في تونس بتحرر المرأة فقط ورغبتها في الاستقلال، أو في تفتح الشاب التونسي، فهناك عوامل أخرى وراء تفشي هذه الظاهرة، منها الوضع الاقتصادي الذي يعتبره الباحث عاملا هاما ورئيسيا خاصة بالنسبة للرجال، لأن استكمال الدراسة الجامعية وما يعقبها من بحث عن العمل قد يمتد بضع سنوات في ظل انتشار ظاهرة بطالة أصحاب الشهادات الجامعية، أيضا غلاء المعيشة مقارنة بالرواتب الضئيلة لا تشجع على الزوج.

الزواج المختلط في لبنان

على صعيد اخر فان الزواج بين المسيحيين والمسلمين و بين السنة و الشيعة و الدروز يلاقي اعتراضا من قبل الكثير من الأسر اللبنانية، أين يتم عروسان لبنانيان من طائفتين مختلفتين زواجهما؟ بالتأكيد ليس في لبنان، حيث لا يوجد زواج مدني بعد. لذلك يضطر شريكا الحياة، سواء كان الزواج مسيحياً- مسلماً أو سنياً- شيعياً، للسفر إلى الخارج لإتمام الزواج مدني، الزواج بين المسيحيين والمسلمين ليس الزواج الوحيد الذي يلاقي اعتراضا من قبل الكثير من الأسر اللبنانية، بل أيضاً بين المسلمين السنة والشيعة أيض، ولاتعرف تشريعات لبنان الزواج المدني الذي يعقد عادةً في مكتب الأحوال الشخصية بين الجنسين، بغض النظر عن طائفة أو مذهب أحدهم، فالزواج والطلاق والإرث كلها مسائل من اختصاص المحاكم الدينية لكل طائفة فقط، وعادةً ما يكون ثمة توقع في أن يعتنق أحد الشريكين طائفة الآخر أو دينه، وتتم حفلات الزفاف التقليدية في لبنان في العادة بين شريكَي حياة من ذات الطائفة أو المذهب، فالسنة يتزوجون من السنة، والشيعة من الشيعة، والدروز من الدروز، والمسيحيون من المسيحيين، والزواج بين شريكي حياة من طائفتين مختلفين من الطوائف الــ 18 الموجودة في لبنان أمر لا يمكن تصوره بالنسبة لمعظم الأسر اللبنانية، بل إنه "وصمة عار"،  كما يقول اللبناني علي خليفة "لقد  كانت مشكلتي الأولى في أسرتي التي لم تتقبل زواجي بفتاة من طائفة أخرى"، ويحكي علي خليفة قصة زواجه وهو جالس في إحدى القاعات الأنيقة والعصرية لمقهى فاخر في قلب العاصمة بيروت، إلا أنه لا يبدو أن المجتمع اللبناني قد وصل إلى المستوى ذاته من العصرية فيما يتعلق الزواج المختلط بين الطوائف و المذاهب.

وللخروج من هذه الفجوة الاجتماعية على وجد اللبنانيون حلا، وتوضح ميشلين خوري، موظفة في إحدى وكالات السفر في بيروت، أن "اللبنانيين الذين لا يستطيعون أو لا يرغبون في الزواج عن طريق المحاكم الطائفية يسافرون إلى قبرص أو إلى اليونان مع تسهيلات وخدمات فيما يتعلق بالأوراق اللازمة للسفر وللإقامة في الفنادق"، يذكر ان الكثير من اللبنانيين يلجأون إلى السفر إلى الخارج لإتمام زواجهم المختلط مدنيا وبحسب المحامي باسل عبد الله، أحد المدافعين عن الزواج المدني في لبنان،  فإن أغلب هؤلاء العرسان يحجزون رحلاتهم ليس إلى قبرص واليونان فحسب، بل أيضاً إلى بلدان كتركيا وأوكرانيا وروسيا، ثم يعودون إلى لبنان وبحوزتهم أوراق زواجهم، وتقول ميشلين خوري "العرسان يستفيدون حتى من الشبكة الاجتماعية على الانترنت فيس بوك أثناء سفرهما"، مشيرة إلى صفحتها على الفيس بوك وتقول "لقد وصلني هذا البريد الإلكتروني من إحدى العرائس"، وتظهر في الصور جولات هذه العروس في شهر عسلها مع عريسها في أرخبيل جزر سانتوري اليونانية وغيرها من الصور، كصور أنواع الأطعمة المتوفرة هناك وكل ما له علاقة بالاحتفال بالزواج، القانون اللبناني لا يعترف بالزواج المدني إلا في الخارج، كما أن هناك مسئولين عن "السياحة الزوجية" في جزيرة قبرص، التي تستغرق الرحلة إليها من بيروت نصف ساعة فقط بالطائرة، يتم تعيينهم لتسهيل إجراءات هذا النوع من الزيجات، وفور إتمام اللبنانيين لزيجاتهم في قبرص أو في أي بلد آخر في الخارج فإن السلطات اللبنانية تعترف بهذه الزيجات فوراً دون أي اعتراض، رغم أن الأمر يتطلب بعض الإجراءات الإدارية البيروقراطية، ويقول علي خليفة "يسري مفعول عقد الزواج في قبرص فور صدور رسالة تأكيدية من السفارة اللبنانية في قبرص وتوجيهها إلى وزارة الخارجية، والتي توجهها إلى وزارة الداخلية وبالتالي يتم تسجيل الزواج رسمياً".

ويقول علي خليفة إنها فعلاً مفارقة، فالبرغم من أن حدث الزواج سعيد إلا أن هذه الإجراءات عادةً ما تثير سخط العديد من اللبنانيين المتزوجين بهذه الطريقة، لأنها طريقة مكلفة ومعقدة كما أنها غالباً ما تكون أقل رومانسية من الزواج داخل البلد، فضلاً عن أنه ليس من الجميل ألا يكون الأهل والأصدقاء متواجدين أثناء عقد القران، من جهتها حيث لا تبعد جزيرة قبرص عن لبنان سوى نصف ساعة ولا تزال "حركة المجتمع المدني" اللبنانية تكافح من أجل إقرار قانون مدني لا يجعل عقد القران في أيدي القساوسة والشيوخ فحسب، غير أن قوة الأديان في لبنان، المتعدد الطوائف، لا تزال هي المسيطرة، وترى "حركة المجتمع المدني" أن رفض الزيجات بين الأديان أو الطوائف المختلفة وعدم السماح بعقد القران داخل البلد يعتبر تعديا على الحقوق الأساسية للإنسان، و يقول المحامي باسل عبد الله ،الذي يكافح منذ سنوات لإقرار الزواج المدني "هناك عقبات صعبة، فنحن نعيش في مجتمع يلعب فيه الأهل والعشيرة دوراً مهيمناً، ويبقى الدين فوق الجميع. فمن يشذ عن خط أهله، من خلال رغبته في الزواج من شخص يعتنق اعتقاداً دينياً آخر، فإنه تلحق به كثير من المتاعب، وقد يصل الأمر إلى يتبرأ منه أهله"، وما يعقب ذلك هو شعور الأهل بالصدمة، ودخول شريكَي الحياة في عزلة اجتماعية ودائرة من الضغوطات النفسية على أيدي أفراد العائلة، لا يقدر على تحملها الكثير منهم إلا بشق الأنفس، كما أن حالات الانتحار الناتجه عن ذلك ليست بالنادرة.ولن يتمتع علي خليفة، المتزوج منذ فترة وجيزة، بجميع حقوقه المدنية كمتزوج مدنياً إلا بعد أن أن يتم سن قانون يساوي الزواج المدني بالزواج الديني.

أمل وتشكك، لقد تمكن علي خليفة، وأصدقاؤه من "حركة المجتمع المدني"، من لفت انتباه الرأي العام من خلال المظاهرات والاحتجاجات التي قاموا بها أمام البرلمان إلى هذه المشكلة الاجتماعية، ويأمل المحامي باسل عبدالله أن يكون ذلك قد حفز نواب البرلمان للبدء في مناقشة تشريعات قانونية جديدة، قد تتخذ قبل نهاية السنة الجارية، ويقول موضحاً أهداف "حركة المجتمع المدني"، "إن حركتنا تكافح من أجل تعزيز الحقوق المدنية في لبنان، ومن أهمها تسهيل الزواج غير الديني وذلك بموجب القانون. فهناك عدة لجان لدينا تعمل في هذا الموضوع، وقد بدأنا بتنظيم حملات وورش عمل، وقمنا بتوزيع الاستبيانات في الجامعات لمعرفة رأي الطلاب في الزواج المدني، وسنقدم نتائجنا في آخر السنة"، وحتى الآن باءت كل محاولات إقرار الزواج المدني بالفشل، والتي قدمت إلى رجال الدين والسياسيين مثل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والذين اعتبروا أن لبنان غير ناضج بعد لذلك، ويشك القس الألماني يوناس فايس لانغه، راعي الجماعة الإنجيلية الألمانية في بيروت، في أن يحدث أي تقدم على هذا الصعيد، ويقول القس الألماني الذي يصف نفسه بأنه على دارية بمشكلات الزيجات المختلطة بين الطوائف وذلك من خلال تجاربه اليومية، "قصة حب بين درزي ومسيحية؟ من المستحيل أن تتوج بالزواج، فالأهل يقولون لا، بكل بساطة، والطريقة الوحيدة هو سن قانون للزواج المدني حيث تكون الحقوق الشخصية مكفولة بقانون الدولة، وليس من قبل الطوائف المختلفة، إلا أنني أشك في أن هذا سيتحقق في يوم من الأيام"، وبذلك تبقى الخدمات التي تقدمها وكالات السفر، لتسهيل سفر العرسان الراغبين في الزواج المدني خارج لبنان، عملاً مربحاً، قد يستمر طويلاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/حزيران/2011 - 12/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م