|
شبكة النبأ: من مطعم صغير في المانيا
انطلق وباء خطير في معظم الدول الأوربية بات ليستهدف سكان تلك القارة
دون استثناء، بعد أن فتك خلال ليلة واحدة سبعة عشر شخصا بعد ان باءت
جهود إسعافهم بالفشل. حيث اجتاحت أوروبا مؤخرا موجة من الرعب بعد تفشي
سلالة سمية مميتة في تلك القارة، تسببت بمقتل العشرات حتى الآن، دون
توصل الأطباء الى عقار قادر على وقف مضاعفات الوباء المعدي. وتتنوع طرق
انتقال السم حسب ما كشفت الأبحاث الطبية، عبر عدة طرق سيما عن طريق
الأكل، فيما أكدت النتائج ان مصدر البكتريا القاتلة هو الخضار.
سلالة سامة
فقد قال علماء ان سلالة جديدة شديدة العدوى من بكتريا (اي. كولاي)
المعوية أدت الى تفش قاتل لتسمم غذائي في ألمانيا مع ظهور حالات في
اوروبا والولايات المتحدة مما زاد من الذعر في انحاء العالم.
وقال خبراء في الصين -وهم جزء من شبكة مختبرات عالمية تتسابق لفهم
المرض الذي قتل 17 شخصا في ليلة واحدة- انهم اكتشفوا ان الجرثومة تحمل
جينات جعلتها تقاوم عدة انواع من المضادات الحيوية.
وقالت الامم المتحدة ان السلالة لم تصب البشر من قبل وقال بعض
المستهلكين خاصة في المانيا انهم قلقون من تناول الخضراوات غير المطهية.
وفي ظل اصابة نحو 1500 شخص بالفعل في المانيا في أسوأ تفش مسجل لبكتريا
(اي. كولاي) المعوية قادت روسيا حملة ادانة دولية وحظرت استيراد
الخضراوات الطازجة من اوروبا واتهمت بروكسل باشاعة الفوضى لعدم اعطاء
معلومات كافية عن التفشي.
ولم يعرف مصدر التفشي على وجه الدقة لكن العلماء يقولون ان الدراسات
تشير حتى الان الى انه من المحتمل بقوة ان يكون منشأه خضراوات ملوثة او
سلاطة في المانيا.
وقال العلماء الصينيون في معهد بكين لعلم الجينوم بمدينة شينتشين "بكتريا
(اي. كولاي) المعوية هي سلالة جديدة شديدة العدوى والسمية." وقالت
متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية التابعة للامم المتحدة "هذه السلالة
لم تظهر من قبل في حالة تفش."
ويمكن ان تنتقل عدوى بكتريا (اي. كولاي) المعوية من شخص الى اخر لكن
عن طريق ما يعرف فقط بالطريق الفموي-الشرجي. وينصح خبراء الصحة في
المانيا باتباع انظمة صحية صارمة ويوصون بان يتجنب المستهلكون تناول
السلطة والخضراوات غير المطهية.
وتسبب التفشي في حالات عدوى خطيرة اغلبها لدى النساء البالغات وفي
عدد من الحالات تحدث مضاعفات خطيرة تؤثر على الدم والكليتين. ورصدت
مئات الحالات للاصابة بالتحلل الدموي (اتش.يو.اس) وهي مضاعفة غير
معتادة لبعض انواع البكتريا المعوية. بحسب رويترز.
وقوبل حظر روسيا كافة الخضراوات غير المطهية من الاتحاد الاوروبي
باحتجاج من حكومتي بولندا وهولندا وغضب المفوضية الاوروبية.
وكانت موسكو قد حظرت بالفعل واردات الخضراوات من المانيا واسبانيا
بسبب الاصابة والتي القى مسؤولون المان اللوم فيها بالاساس على ثمار
الخيار الملوثة المستوردة من اسبانيا قبل ان يتراجعوا عن موقفهم
ويعتذروا لمدريد.
لا يوجد حل
وفيما لا تزال الابحاث جارية على قدم وساق لكشف لغز بكتيريا
اي-كولاي قامت صحف المانية بالتحري عن الامر لكن ايا من خيوطها لم يتم
تاكيده. ولم يتسن الاتصال بالسلطات الصحية واكد اختصاصيون ان تفشي
البكتيريا يشهد استقرارا.
وذكرت صحف عدة ان البكتيريا قد تكون اسفرت عن وفاة شخص جديد في
برادنبرغ (شمال شرق) لكن المريض الذي كان في الخمسين من العمر كان
مصابا بالتهابات اخرى ما لا يسمح بالجزم بان هذه البكتيريا سببت وفاته.
وقالت منظمة الصحة العالمية ان بكتيريا اي-كولاي نسخة "0104:اتش4"،
وهي نسخة معروفة، لكنها المرة الاولى التي تتسبب فيها بتفشي وباء.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فقد سجلت اصابات بهذه البكتيريا التي
تسبب نزيفا في الجهاز الهضمي وفي الحالات الاكثر خطورة فشلا كليويا، في
12 بلدا.
الا ان سبب تفشي البكتيريا التي تصيب خصوصا النساء غير معروف.
وسرعان ما قيل ان الخضار وراء تفشي اي-كولاي لكن لا شيء مؤكدا الان.
وبحسب المختبر الاوروبي المرجعي لبكتيريا اي-كولاي، لا تسمح
التحاليل بالتأكيد ما اذا كانت الاغذية وراء هذا الوباء.
واكد المختبر في بيان ان "دق ناقوس الخطر من استهلاك الخضار غير
مبرر (...) لان التحاليل المخبرية لم تسمح بدعم فرضية تفشي البكتيريا
بسبب الخضار الملوثة".
ونصح هذا المختبر الموجود في المعهد الاعلى للصحة في روما، بعدم
استخدام المضادات الحيوية لمكافحة هذا المرض، في حين ان العلاجات حتى
الان لم تكن فعالة للقضاء عليه.
وقال المختبر "لهذا المرض تحديدا لا ينصح باستخدام المضادات الحيوية
لانها قد تأتي بنتائج عكسية تماما لاننا عندما ندمر البكتيريا نقوم
بتحرير التوكسينات (سموم) الموجودة بداخلها والمسؤولة عن تدمير خلايا
الاوعية الدموية الدقيقة". والشيء الوحيد الاكيد الان هو ان بؤرة
البكتيريا في شمال المانيا حيث سجلت معظم الوفيات. بحسب فرانس برس.
الا ان العلماء يدرسون مئات العينات وتقوم الشرطة في المنطقة
بالتحقيق لدى بائعي الجملة واصحاب المطاعم.
وذكرت مجلة "فوكس" السبت احتمال ان يكون المرض تفشى خلال حفلة في
هامبورغ ضمت من السادس الى الثامن من ايار/مايو 1,5 مليون شخص. وقد
تكون اول اصابة سجلت بعد اسبوع في المستشفى الجامعي في المدينة.
وبحسب صحيفة "ليوبكر ناخريشتن" المحلية، يدرس المحققون في الشرطة
خيط مطعم في ليوبك حيث اصيب 17 زبونا بالتسمم.
واشارت صحيفة "سودويتشي تسايتونغ" ايضا الى مطعم في هذه المدينة نظم
فيه منتدى نقابي منتصف ايار/مايو وشاركت فيه 34 امرأة اصيبت ثماني منهن
وتوفيت واحدة.
وامام هذه الشكوك، تحدثت بعض الصحف الالمانية مثل صحيفة "بيلد" عن
عمل متعمد، وهي فرضية استبعدتها وزارة الداخلية في الصحف نفسها.
وبسبب هذه الازمة التي تلحق بمنتجي الخضار خسائر مادية هائلة، سيتم
على الارجح دعوة وزراء الزراعة الاوروبيين الى اجتماع استثنائي في
لوكسمبورغ لكن ليس قبل 17 حزيران/يونيو بحسب مصادر دبلوماسية في بروكسل.
معروفة بين البشر
كما اعلنت منظمة الصحة العالمية الجمعة ان نسخة بكتيريا ايشيريكيا
كولاي التي اودت بحياة 19 شخصا في اوروبا، هي نوع معروف لدى البشر، في
حين اعلن باحثون انه نوع غير معروف. وقالت فاضلة شعيب المتحدثة باسم
المنظمة للصحافيين "النسخة التي تم التعرف عليها في المانيا نسخة نادرة،
وهي معروفة لدى البشر". ولكنها اضافت ان تسبب هذه النسخة بعدوى وبائية
يعد سابقة. وقالت "تم التعرف على هذه النسخة من البكتيريا لدى البشر من
قبل، ولكنها لم تتسبب بموجات وبائية".
وافاد فريق باحثين من هامبورغ شمال المانيا، بعد جدولة المكونات
الجينية للبكتيريا مع شركة صينية، ان النسخة جديدة وضارية ومقاومة
لسلسلة من مضادات الالتهابات. ولكن شعيب رفضت التعليق فورا على نتائج
هذه الابحاث.
وافاد 12 بلدا بتسجيل اصابات بالبكتيريا التي لا يزال مصدرها وكذلك
طريقة انتشارها غير معروفة. وعدا عن المانيا، بؤرة الوباء التي سجلت 17
وفاة، سجلت اصابات حادة بالمرض الذي يؤدي سواء الى الفشل الكلوي
وانحلال الدم او النزف المعوي، في بلدان اخرى، حسب منظمة الصحة
العالمية.
وتتوزع الاصابات الحادة على النمسا (2) وبريطانيا (7) وتشيكيا (1)
والدنمارك (17) وفرنسا (6) وهولندا (8) والنروج (1) واسبانيا (1)
والسويد (43) وسويسرا (2) والولايات المتحدة (2).
وتسبب البكتيريا نزفا في الجهاز الهضمي وفشلا كلويا في الحالات
الحادة. وقالت منظمة الصحة العالمية ان الاصابات بالنزيف المعوي بلغت
1064 حتى 2 حزيران/يونيو وان 502 اصيبوا بالفشل الكلوي الناجم عن
البكتيريا الضارية. وتفيد حصيلة ان عدد المصابين بالبكتيريا بلغ اكثر
من الفين منذ بداية تفشي المرض سواء حالات النزف المعوي او الفشل
الكلوي.
خيوط جديدة
في السياق ذاته قالت صحيفة انه في اعقاب اصابة 17 شخصا في مطعم في
بلدة لوبيك بشمال المانيا يركز العلماء الالمان جهودهم حاليا بحثا عن
قرائن تقودهم الى مصدر السلالة الفتاكة من البكتيريا المعوية (ايكولاي).
واضافت صحيفة لوبيكر ناخريتشتن ان هؤلاء الذين اصيبوا بالسلالة
البكتيرية عقب ارتيادهم المطعم منهم مسؤولون في مصلحة الضرائب
الالمانية وسائحون من الدنمرك.
وقال فيرنر زولباخ عالم الكائنات الحية الدقيقة بجامعة المركز الطبي
في ولاية شليسفيج هولشتاين "لا يمكن القاء اللوم على المطعم. الا ان
سلسلة الامداد والتموين يمكن ان تمدنا بخيوط مهمة عن كيفية تسلل الكائن
المسبب للمرض."
ولم ترصد السلطات الالمانية حتى الان مصدر هذه السلالة البكتيرية
التي اودت بحياة 19 شخصا على الاقل في اوروبا فضلا عن اصابة أكثر من
1700 شخص في 12 دولة. وترتبط الاصابات جميعها بزيارة مناطق في شمال
المانيا.
وتوفيت امرأة ألمانية - وهي احد مسؤولي الضرائب بمنطقة لوبيك - بعد
اصابتها بالسلالة البكتيرية. وظهرت على معظم المصابين اعراض تحلل
مكونات الدم وانطلاق البولينا وهي من بين الاعراض القاتلة التي تؤثر
على الكلى مباشرة.
وقال رئيس اتحاد العاملين بمصلحة الضرائب ان مجموعة مسؤولي الضرائب
كانوا يحضرون مؤتمرا ضريبيا وتناولوا الطعام بهذا المطعم في 13 مايو
ايار الماضي. وقالت صحيفة لوبيكر ناخريتشتن ان جميع المصابين تناولوا
الطعام بين يومي 12 و14 مايو ايار الماضي.
وقالت مجلة فوكوس الالمانية يوم السبت ان المسؤولين يحاولون اثبات
نظرية مفادها ان العدوى انطلقت في مطلع مايو ايار من هامبورج وظهرت
اعراض المرض على المصابين بالسلالة البكتيرية بعد اسبوع وهو ما يتفق
وفترة الحضانة الخاصة بسلالة ميكرب (ايكولاي). بحسب رويترز.
ويعتقد ان تلوث الاطعمة سببه عدم مراعاة احتياطات النظافة في
المزارع او بعد نقل منتجات هذه المزارع الى متجر او مطعم. وأصدرت
السلطات الصحية تحذيرات عديدة لتجنب تناول الخضروات الطازجة في شمال
ألمانيا وقالوا انه تم الابلاغ عن نحو 200 اصابة جديدة بالسلالة
البكتيرية الفتاكة خلال اليومين الماضيين. وحاولت المعاهد الصحية
الاوروبية طمأنة المستهلكين بانه يمكن تجنب الاصابة بغسل الخضروات
والايدي جيدا قبل الاكل.
وتعثرت جهود رصد مصدر العدوى نظرا لتنوع مصادر مكونات السلاطة من
الخيار الى الخس والطماطم (البندورة) اذ انها ترد من عدد كبير من
المنتجين من عدة دول.
وقد توصل العلماء الذين يتابعون ابحاثهم على هذه السلالة الفتاكة في
اوروبا الى انها ذات درجة سمية عالية علاوة على قدرتها على افراز مادة
صمغية نادرة تسهم في التصاقها بأمعاء المرضى.
ويخشى العلماء من ان تكون هذه السلالة من البكتيريا المعروفة علميا
باسم (اشيريكيا كولاي) هي اشرس سلالة تصيب البشر من حيث درجة سميتها.
ومعظم سلالات (ايكولاي) غير ممرضة بل انها تمد الانسان بفيتامين (ب)
الا ان هذه السلالة اللعينة التي تروع اوروبا حاليا والمعروفة باسم
(0104..اتش 4) فتعرف باسم سلالة شيجا المفرزة للسموم.
وبمقدور هذه السلالة الالتصاق بجدران امعاء المرضى ليتسنى لها افراز
سمومها مما يسبب الاسهال والقيء اما في الحالات الحادة فانها تسبب تحلل
مكونات الدم ومهاجمة الكلى مما يفضي الى الاصابة بالغيبوبة واعتلال
وظائف اعضاء الجسم وربما السكتة الدماغية.
مستشفيات المانيا
الى ذلك عمدت المستشفيات في ميناء هامبورج بشمال المانيا وهي البؤرة
الاولية لتفشي المرض منذ ثلاثة اسابيع الى صرف المصابين من ذوي الاعراض
المرضية البسيطة حتي يتسنى لها استيعاب الاعداد الهائلة من المصابين
بالمرض النادر ذي أعراض السمية العالية.
وقال وزير الصحة الالماني لصحيفة بيلد ام زونتاج "نجابه موقفا عصيبا
من اجل رعاية المرضى." واضاف انه يمكن الاستعانة بالمستشفيات الواقعة
خارج هامبورج لاستيعاب الاعداد الغفيرة من المصابين ممن لا تتسع لهم
المنشات الصحية في هامبورج ثاني اكبر مدن المانيا.
وتسابق السلطات الصحية في المانيا الزمن لرصد مصدر هذه السلالة
البكتيرية التي اصابت اشخاص في 12 دولة فيما ترتبط الاصابات جميعها
بزيارة مناطق في شمال المانيا.
وتعين وضع بعض المرضى على اجهزة الغسيل الكلوي او ايداعهم الرعاية
الحرجة واصيبت اعداد اكبر من النساء عن الرجال ومعظم المتوفين من كبار
السن.
وقال متحدث باسم عيادات ريجيو وهي مستشفيات خاصة ضخمة في ولاية
شليسفيج هولشتاين المحيطة بهامبورج ان الازمة أدت الى استنزاف موارد
المنشآت الصحية بالولاية مما يتعين معه نقل بعض المرضى الى مستشفيات
اخرى لا سيما من يحتاج منهم الى الغسيل الكلوي. وقال المتحدث انه تم
تغيير مواعيد عمليات جراحية مقررة لبعض الحالات غير الحرجة.
لبنان يحظر استيراد الخضار من اوروبا
من جانبها حظرت السلطات اللبنانية استيراد الخضار من كافة الدول
الاوروبية بسبب المخاوف من التلوث بالبكتيريا التي اودت بحياة 18 شخصا
في اوروبا، على ما افاد وزير الزراعة اللبناني. وقال الوزير حسين الحاج
حسن "قررنا حظر استيراد انواع الخضار كافة من كل اوروبا". لكنه اكد عدم
وجود خطر نفاد الخضار من الاسواق اللبنانية اذ ان "لبنان يعتمد في
الدرجة الاولى على انتاجه المحلي اضافة الى انتاج الدول المجاورة مثل
سوريا والاردن". بحسب فرانس برس.
واعلن حسين الحاج حسن في مؤتمر صحافي انه وقع على القرار الذي اصبح
ساري المفعول فور التوقيع عليه، مشيرا الى ان باخرة محملة بالخضار
مصدرها اوروبا كانت وصلت الى المرفأ قبل صدور القرار وارسلت عينة منها
الى المختبر للتحقق مما اذا كانت تحتوي على البكتيريا القاتلة. وفي
بروكسل، اعتبرت المفوضية الاوروبية ان القرار اللبناني "مبالغ فيه".
وقال المتحدث باسم المفوضية الاوروبية للشؤون الصحية فريدريك فنسان
ان "اي حظر شامل على الخضار الاوروبية مبالغ فيه". |
