البحرين... فضيحة إنسانية ضحاياه الأطباء

اعترافات منزوعة بالقوة وغياب التمثيل الحقوقي

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: في فضيحة تعد الأبرز في سياق الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في البحرين، يمثل العديد من الأطباء والممرضين الى محاكم عسكرية بعد سيقت لهم التهم اثر الاحتجاجات الشعبية الأخيرة المطالبة بالإصلاح.

وقد تعرض اغلب المعتقلين من الأطباء الى انتزاع اعترافات مفبركة بالقوة، أثناء فترة الاعتقال، بالإضافة الى سوء معاملة وتهديد مستمر بحسب إعلان البعض منهم، فيما حولت المستشفيات الى ثكنات عسكرية و بؤر للقوات الأمنية حيث تشرف على جميع من يدخل اليها لغرض العلاج.

تعرضوا للتعذيب

فقد اعلن 47 طبيبا وممرضة متهمين بدعم حركة الاحتجاج في منتصف شباط/فبراير في البحرين، في مستهل محاكمتهم ان الاعترافات التي ادلوا بها انما اخذت منهم تحت التعذيب، بحسب ما قال افراد من عائلاتهم. وقال احد هؤلاء مفضلا عدم كشف هويته انهم تعرضوا للتعذيب "لتوقيع اعترافات تتضمن اتهامات كاذبة".

ومثل هؤلاء الاطباء والممرضات الاثنين امام محكمة شكلت بموجب قانون الطوارىء الذي اعلنه العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة في منتصف اذار/مارس الماضي عشية قمع حركة الاحتجاجات التي قادتها الغالبية الشيعية ضد الاسرة السنية التي تحكم هذه المملكة الخليجية.

واوقعت اعمال العنف في البحرين بحسب السلطات 24 قتيلا بينهم اربعة شرطيين. وقضى اربعة متظاهرين في السجن. وفي ايار/مايو الماضي، وجهت الى ما مجموعه 24 طبيبا و23 ممرضة يعملون في مستشفى السلمانية، اكبر مستشفى في المنامة، تهمة "التحريض على قلب النظام بالقوة". بحسب فرانس برس.

وذكرت وكالة الانباء البحرينية الاثنين ان المحكمة وجهت الى 20 من الاطباء والممرضات ال47 ومن بينهم اربع نساء، تهمة حيازة اسلحة بشكل غير شرعي واحتلال المستشفى والاستيلاء على تجهيزات طبية وتوجيه نداءات لتغيير النظام. واتهم الباقون ومن بينهم خمس نساء باطلاق شائعات خاطئة عن عدد ضحايا القمع والمشاركة في "تجمعات". ورفعت الجلسة الى 13 حزيران/يونيو.

محرومون من المشورة القانونية

في السياق ذاته قال محامون ان بعض البحرينيين العاملين في المجال الطبي المتهمين بالتورط في الاضطرابات التي هزت المملكة في وقت سابق من العام لم يسمح لهم بالحصول على المشورة القانونية من محاميهم.

وكل المتهمين من الاغلبية الشيعية في البحرين ويقول ناشطون معارضون ان الاتهامات تجيء في اطار الحملة التي تشنها السلطت على المهنيين الذين شاركوا في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في المملكة التي تحكمها اسرة سنية.

ويواجه العاملون في المجال الطبي اتهامات تتراوح بين التحريض ضد الحكومة وتخزين اسلحة والسيطرة على مستشفى رئيسي خلال الاحتجاجات البحرينية التي جاءت في اطار سلسلة احتجاجات شعبية تشهدها دول شمال أفريقيا ودول خليجية هذا العام.

وأبلغ بعض المحامين انهم لم يتمكنوا من رؤية موكليهم المحتجزين قبل جلسة اجرائية يوم الاثنين في المحكمة العسكرية وطالبوا بالافراج عن المحتجزين الى حين محاكمتهم. وصرح مسؤول حكومي بأنه سيسمح للمحامين بمقابلة موكليهم قبل الجلسة التي ستتلى فيها الاتهامات. بحسب رويترز.

وقال "سيسمح لهم (المحتجزون) بلقاء محاميهم بعد ان تتاح للدفاع فرصة النظر في ملفاتهم ويحدد مسار قضيتهم للجلسة القادمة." ووجهت اتهامات لما يصل الى 48 طبيبا وممرضا جميعهم في الحجز باستثناء عشرة.

وأغضبت محاكمتهم الكثيرين من شيعة البحرين مع تنامي التوتر في المملكة بعد اقل من اسبوع من الغاء السلطات قانون الطواريء الذي اخمد احتجاجات استمرت اسابيع. وقال عضو بجمعية الوفاق الوطني الاسلامية الشيعية المعارضة "لا تستطيع فهم هذه الاتهامات انهم (المسؤولون) يستخدمونها لمحاولة اخفاء اخطائهم خلال الحملة القمعية." وقال بعض اقارب المتهمين المحتجزين الذين سمح لهم بالزيارة بعد الجلسة ان المحتجزين شكوا لهم من التعذيب.

وقال قريب أحد المحتجزين "لقد قال انهم جعلوه واقفا طوال أيام وقيدوا يديه وقدميه وضربوه وهم يقولون له عبارات مهينة."

وعبر متهمون وأقاربهم عن اعتقادهم بأن هذه القضايا ستعتمد على ما يتوصل اليه الحوار الوطني المنتظر في يوليو تموز الذي عرضه ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة وقبلته الوفاق واحزاب سياسية اخرى. وقال أحد المتهمين الذي أفرج عنه الشهر الماضي "كلنا نعتقد ان الحل سياسي اننا ورقة للضغط على المعارضة لتقديم تنازلات."

ومن المنتظر صدور الاحكام على المتهمين في جلسة يتقرر موعدها في وقت لاحق من الشهر. ولم يتضح الحكم الذي يمكن ان يواجهوه لكن بعض المتهمين قالوا ان محاميهم يتوقعون أحكاما بالسجن تتراوح بين 10 و 20 عاما. وقال احد المتهمين "اذا كان هناك حل نتوقع الافراج عنا. لكن اذا تعثر الحوار الوطني سنظل في السجن."

ولم يسمح سوى لصحفيين مختارين بتغطية المحاكمات الأخيرة من داخل قاعة المحكمة المؤلفة من قضاة عسكريين ومدنيين.

وعبرت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في شهر أبريل/نيسان الماضي عن قلقها بسبب الهجمات على الأطباء والمرضى والمدنيين العزل منذ بدأت الاحتجاجات في شهر فبراير/شباط الماضي. وأضافت المنظمة أن عشرات الأطقم الطبية تعرضت للاعتقال، وبعضهم من قبل رجال ملثمين في وسط الليل.

ونفت الحكومة البحرينية استهداف الأطقم الطبية، قائلة إن بعض المنشآت الطبية في البحرين طغت عليها أنشطة سياسية وأمنية.

وخرجت مظاهرات صغيرة في البحرين بعد رفع حالة الطوارئ في بعض القرى الشيعية لكن قوات الأمن فرقتها بسرعة باستخدام الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي وقنابل الصوت وكريات معدنية صغيرة.

وقال مسؤول بحريني ان اجمالي من أقيلوا من وظائفهم يبلغ نحو 1200 شخص لكن أعيد تعيين مئات منهم بعد أن قدموا شكاوى لوزارة العمل. وأضاف أن 23 طبيبا و24 ممرضة سيمثلون امام محكمة عسكرية.

وقال عبد العزيز بن مبارك ال خليفة المستشار البارز في هيئة شؤون الاعلام ان الاطباء والممرضات أساءوا لمهنتهم ومنعوا بعض الناس من دخول مستشفى السلمانية. وأضاف أنهم تعاونوا مع المحتجين لتنظيم مؤتمرات سياسية ودينية في ساحات المستشفى وأمدوا وسائل الاعلام بمعلومات مضللة.

ولكن مسؤولة من بين أكبر خمسة مسؤولين عن المناطق الطبية الخمس في البحرين التي تدير 22 مركزا صحيا في أرجاء البلاد قالت انها أقيلت لانها شيعية.

وقالت المسؤولة الطبية "تلقيت مكالمة من كبير مسؤولي الرعاية الصحية الاولية" ليبلغني الشكر على ما بذلته من جهود وعلى العمل الجيد الذي قمت بأدائه وبأنهم استغنوا عن خدماتي.

وأضافت الطبيبة التي طلبت عدم ذكر اسمها "أقيل ثلاثة من بين المسؤولين الخمسة. اثنان منهم شيعة والثالثة متزوجة من رجل دين شيعي."

وقالت ثلاث طبيبات أخريات انهن فصلن من وظائفهن الحكومية. وقالت طبيبة لديها عيادة خاصة ان الشرطة أجبرتها على اغلاق عيادتها. وأقيلت أخرى من منصبها كرئيس لمركز صحي حكومي وقالت ان مركزين فقط من بين 22 مركزا صحيا مازالا يديرهما شيعة. وقالت الطبيبة انها الان ممارس عام في مركز صحي حكومي بعد عزلها عن أداء مهام ادارية.

وقالت الطبيبة التي تحدثت بشرط عدم الكشف عن شخصيتها "لا يهمني ذلك في النهاية انني طبيبة ولكن من يتهموننا بالطائفية هم الطائفيون. لا يريدون أن يشغل الشيعة أي مناصب ادارية."

وقالت انها ساعدت أحيانا في توزيع الدواء في مستشفى ميداني أقيم في دوار اللؤلؤة الذي كان مركزا لحركة الاحتجاج. ومضت تقول "شاركت في وقت راحتي في المستشفى الميداني ولم يتعارض ذلك قط مع عملي." وتراوح سلوك الحكومة ازاء الاحتجاجات في فبراير شباط ومارس اذار بين التسامح والتشدد.

وأقيل وزير الصحة بعد محاولة قوات الامن فض الاعتصام في دوار اللؤلؤة واتهم بمنع سيارات الاسعاف من نقل المحتجين الجرحى. ولكن المسعفين باتوا مستهدفين بعد سحق الاحتجاجات في 16 مارس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/حزيران/2011 - 6/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م