مؤسسة الامام الشيرازي العالمية في بيان الى مؤتمر امة المنعقد في كندا

 تؤكد على حق الشعوب في نيل الحرية بالأساليب المدنية السلمية

شبكة النبأ: اكد بيان لمؤسسة الامام الشيرازي العالمية على حق الشعوب في نيل الحرية والخروج على الظالم ومجابهة طغيانه كما دعا الى نبذ العنف أثناء المطالبة بالحقوق المشروعة واللجوء إلى الأساليب المدنية السلمية في التظاهر والاحتجاج وعدم التعرض إلى تخريب المال العام وإثارة الفوضى والشغب.

جاء ذلك في بيان اصدرته مؤسسة الامام الشيرازي العالمية قرأ في مؤتمر (أمة) التاسع المنعقد في كندا، واستنكر البيان التعامل الانتقائي للمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان والقنوات الاعلامية في التمييز فيما بين هذه الشعوب، خصوصا فيما يخص المجازر التي يرتكبها النظام الحاكم بدعم من درع الجزيرة ضد الشعب البحريني وبطرق وحشية، ودعا البيان المؤمنين كافة الى الدفاع عن المظلومين بمختلف الطرق السلمية وخصوصا في مجال حقوق الانسان والعدالة الدولية عبر التعاون مع منظمات حقوق الانسان المستقلة ورفع قضايا في محاكم الدول الديمقراطية ضد الانظمة المستبدة التي تقمع شعوبها بالحديد والنار، كما دعا الى تشكيل منظمات متخصصة قانونية ومدنية هدفها تجميع معلومات عن جرائم الابادة المنظمة للشيعة وتوثيقها ووضعها امام المحاكم الدولية وملاحقة المتورطين بهذه الجرائم قانونيا.

والجدير بالذكر ان مؤتمر امة ينعقد سنويا في الولايات المتحدة او كندا بحضور العديد من العلماء والشخصيات الفكرية والاجتماعية حيث يتم تداول مختلف القضايا ذات التأثير في الوسط الشيعي من الجوانب المختلفة ويعد الثاني من نوعه للشيعة في أمريكا وكندا.

وفيما يلي نص البيان:

بيان مؤسسة الامام الشيرازي العالمية الى مؤتمر امة  التاسع المنعقد في كندا

بسم الله الرحمن الرحيم

[هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)] سورة آل عمران.

جاءت نهضة الشعوب العربية والإسلامية نتيجةً للعقود المظلمة التي ظلت فيها رازحة تحت ظلم دكتاتوريات مقيتة انتجت الظلامية والفقر والفساد والفوضى والفشل، حيث فشلت هذه الانظمة بمختلف أيدولوجياتها ومسمياتها في تحقيق العدالة والتنمية والنهضة والتغيير.

وقد كانت هذه الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة السبب الرئيسي في التخلف والتبعية والعنف والطائفية، حيث أرادت السيطرة على شعوبها والبقاء في سدة الحكم أطول مدة ممكنة من خلال أربعة عوامل هي:

الأول: اتباع سياسة التجهيل وإبعاد الناس عن كل ما من شأنه رفع درجة الوعي لدى المجتمع، وذلك بالإبقاء على حالة الجهل والأمية لدى أغلب شرائح المجتمع وبالتالي من السهل السيطرة على المجتمع الجاهل.

الثاني: تشديد القيود على جميع منافذ الاتصال بالعالم الخارجي وجعل المجتمع منغلقاً ومنعزلاً عن المحيط الدولي وجعله ينظر إلى ما حوله من خلال عين الحاكم.

الثالث: إسناد تهم العمالة وإثارة النعرات الطائفية بوجه أي تحرك شعبي من شأنه المطالبة بالإصلاح والتخلص من الفساد ونيل الحرية والكرامة واحترام الحقوق والحريات المدنية.

الرابع: العمل على تغريب المجتمع والغاء هويته الاصيلة عبر ابعاده عن منهج الدين الإسلامي الحنيف ومنهج اهل البيت عليهم السلام كونهما يشكلان المصدر الرئيس لجميع الحقوق والحريات، وبالتالي يشكل الخطر الأول على الحكام الظلمة.

  وعلى إثر تلك العوامل والمعطيات شهدت البلدان العربية في الوقت الراهن انتفاضات شعبية غير مسبوقة وغير متوقعة حيث تسارعت الأحداث كالنار في الهشيم حتى وجدت الأنظمة الدكتاتورية نفسها أمام حقيقة طالما حاولت تجاهلها؛ وهي رغبة الشعوب في نيل حريتها وتحقيق ارادتها مهما اجتهدت السلطة وتفننت في أدواتها القمعية.

ونتيجة لهذا الحراك الثوري وجد الكثير من العلماء والناشطين والمثقفين والصحفيين والإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني انفسهم تحت وطأة عمليات المطاردة والإعتقال والتعذيب والتهجير والإغتيال والاعدام وذلك على خلفيات طائفية في محاولة لتفكيك وحدة الشعوب وتماسكها في المطالبة بحقوقها.

من هنا فأننا متمسكون بحق الشعوب في نيل الحرية والخروج على الظالم ومجابهة طغيانه ايمانا منا بمبادئ الدين الحنيف وما أكدت عليه شريعة السماء وتراث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وما أوصانا به المرجع الديني الراحل الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي(رضوان الله عليه)، وما يرشدنا اليه دائما المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله الوارف).

حيث قال سماحته: إن عالم اليوم هو عالم الحرية والانفتاح، وإن ممارسات الاضطهاد والكبت من قبل الحكّام تجاه شعوبهم لا طائل لهم منها سوى الفضيحة والندم... كما ان الحكومة التي تبني أساسها على الاستبداد وهضم حقوق الناس المشروعة هي حكومة زائلة وفانية لا محالة... وان استعانة الحكومات بالقمع والسلاح في تعاملها مع الناس الأبرياء والعزل ينبئ عن ضعف تلك الحكومات, وستكون العاقبة للمستضعفين. ويرى سماحته (دام ظله) إن اسلوب الحوار أولاً والمظاهرات السلمية ثانياً، هي الأجدى والأحمد عاقبة، في السعي إلى الإصلاح.

لذلك لابد نبذ للعنف أثناء المطالبة بالحقوق المشروعة واللجوء إلى الأساليب المدنية السلمية في التظاهر والاحتجاج وعدم التعرض إلى تخريب المال العام وإثارة الفوضى والشغب حتى نثبت لجميع الطغاة أن الدم أقوى من السيف كما تعلمنا ذلك من أبا الأحرار وسيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام).

واننا في الوقت الذي نقف بقوة الى جانب هذه الشعوب بأجمعها وبكل اشكالها ونستنكر كل انواع العنف الذي تستخدمه مليشيات وبلطجية الحكومات المتعفنة، فأننا نستغرب من التعامل الانتقائي للمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان والقنوات الاعلامية في التمييز فيما بين هذه الشعوب، حيث نرى مجلس الامن الدولي بقواه الكبرى خصوصا الولايات المتحدة الامريكية يمر بصمت عميق امام المجازر التي يرتكبها النظام الحاكم بدعم من درع الجزيرة ضد الشعب البحريني وبطرق وحشية واستباحة الاموال والاعراض وفصل الناس من وظائفهم وقطع ارزاقهم واعتقالهم وتغييبهم وتهديدهم بالاغتصاب ومحاكمتهم بطريقة القرون الوسطى وفي محاكم عسكرية.

ان مصداقية الدول الديمقراطية والمنظمات الدولية التي ترعى حقوق الانسان والعدالة الدولية اصبحت اليوم في مفترق طرق فعليها ان تثبت ادعاءاتها باحترامها ومدافعتها عن تلك الحقوق.

كما ندعو المؤمنين كافة الى الدفاع عن المظلومين بمختلف الطرق السلمية وخصوصا في مجال حقوق الانسان والعدالة الدولية عبر التعاون مع منظمات حقوق الانسان المستقلة ورفع قضايا في محاكم الدول الديمقراطية ضد الانظمة المستبدة التي تقمع شعوبها بالحديد والنار، والاستنجاد بالضمير العالمي لاتخاذ مواقف اكثر انسانية تجاه شيعة أهل البيت عليهم السلام وما يتعرضون له من القتل اليومي فلازال الملايين من اتباع اهل البيت الاطهار عليهم الصلاة والسلام، يعيشون اجواء الرعب والاضطهاد، كما يعانون من الحصار السياسي والثقافي والاجتماعي وحتى الاقتصادي، والتهميش المتعمد في دول عديدة.

كما ندعوكم الى تشكيل منظمات متخصصة قانونية ومدنية هدفها تجميع معلومات عن جرائم الابادة المنظمة للشيعة وتوثيقها ووضعها امام المحاكم الدولية وملاحقة المتورطين بهذه الجرائم قانونيا.

ان العالم اليوم يتحمل ونتحمل مسؤولية كبيرة اجل ايقاف القمع والتنكيل بحق المظلومين وايقاف مسلسل ابادة الشعوب وخصوصا الشيعة، فالسكوت على هذه الجرائم وعدم التحرك لايقافها سوف يجعلنا في مواجهة ضمائرنا ومحكمة التاريخ وسوف ترتد النتائج على الجميع.

ونختم البيان بكلام لسماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) حيث قال:

إن عالم اليوم وجيل اليوم يبحث عن الحقيقة والسعادة، وهذا لا يتأتى إلاّ في ظل الحرية بما في الكلمة من معنى، وفي إطار العدل بما للكلمة من شمول, والممارسات الظالمة للحكّام ليست إلاّ سدّاً أمام طموح الشعوب في نيل الحرية المشروعة التي تنتهي إلى انتصار المظلوم على الظالم.

وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ {الأنبياء/105}.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/آيار/2011 - 27/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م