الانتماء والمواطنة عند أطفالنا

عدنان العلي الحسن

المواطنة (ممارسة وسلوك ): وهي منظومة من القيم والاتجاهات التي تجعل الفرد يتحمل المسؤولية بقدر قيمة العمل لخدمة المجتمع، وتمثل قيم الولاء والانتماء للمجتمع والاعتزاز به، وممارسة السلوك الديمقراطي داخل المؤسسات المعنية بتنشئة الفرد، وغرس روح التطوع والمشاركة والمغامرة المحسوبة والممارسة الفعلية التي تمكن الأفراد والجماعات في الفعل القائم على الإقناع، والاستهلاك، والعمل السياسي، والعمل التشريعي، والإدارة البيئية.

تساهم في اتخاذ قرارات مناسبة بشأن استراتيجيات الممارسة المتعلقة بقضايا معينة ومتطلبات معالجتها.

وتبرز اليوم أهمية الوطنية والمواطنة، من أجل الحفاظ على الهوية الخاصة بكل مجتمع في ظل ما يتهددها من أخطار العولمة، ومؤسساتها، وهذا لا يعني أن الحل يكمن في الانكفاء على الذات، والابتعاد عن العالم الذي أصبح قرية صغيرة، إنما إكساب المناعة لكل فرد من خلال تربيته تربية وطنية تركز على تزويده بالمعارف، والقيم، والمبادئ والمهارات التي يستطيع بها التفاعل مع العالم المعاصر دون أن يؤثر ذلك على شخصيته الوطنية.

وتعتبر مرحلة الطفولة من أهم المراحل لغرس المفاهيم والمعارف والقيم، وخاصة المتعلقة بالوطن من وطنية ومواطنة، وذلك لأن ترسيخها في مرحلة الطفولة وتنشئة الطفل عليها يجعلها عنصرا مكونا في بناء شخصيته.

وفي ظروف الانفتاح بكل أنواعه، فرض على الكثير من دول العالم تحديات كبيرة تحتاج إلى ضرورة إعادة النظر في أساليب وطرق تربية الأبناء وتوجيههم الوجهة الصحيحة حتى لا يقعوا فريسة سهلة للغير، وبالتالي تضعف وطنيتهم وتعمل على إلغاء هويتهم ويتخبطوا بعد ذلك حائرين لا يعرفون كيف يكونوا وطنيون فيعتزوا بوطنيتهم. فتربية أبنائنا التلاميذ أثناء تواجدهم في المدرسة يكون له مردودًا ملموسًا في تنمية حبهم إلى وطنهم، أرضاً وقيادة وشعباً ليكون لبنة صالحة من لبنات المجتمع حيث يعرف كل واحد منهم حدود مسؤولياته تجاه وطنه.

فالمواطنة حب المواطن لوطنه وانتمائه له، والشعور بمشكلاته والإسهام الإيجابي للتعاون مع الغير على حلها، والتفاني في خدمته، والالتزام بمبادئه وقيمه وقوانينه، والمشاركة الفعالة في الأنشطة والأعمال والبرامج التي تستهدف رقي الوطن والمحافظة على مكتسباته. فنحن كتربويين يجب أن نغرس ونعزز روح المواطنة عند أبنائنا التلاميذ في المدرسة من خلال تزويدهم بالمعارف النظرية والعملية عن كافة مكونات وطنهم الايجابية، مثل الأرض والشعب والسلطة والسياسة وتاريخ وطنهم السياسي، وترسيخ محبة الوطن، والوحدة الوطنية بالتماسك والتعاضد الاجتماعي، وتعميق الولاء والانتماء للوطن، والقدرة على تحفيز التلاميذ على خدمة الوطن والشعب بإخلاص وتفاني.

فللمدرسة دور كبير في بناء نظام قيم صالحة تقوم على بلورة قيم المواطنة الحقة من أجل تحقيق الأهداف الإستراتيجية التربوية التي تسعى إلى تحقيقها وزارة التربية من خلال العمل المكثف والجهود المتواصلة من أجل ترسيخ قيم التعاون والتضامن والمشاركة الفاعلة، كما تظهر في العلاقات التربوية بين المعلمين والتلاميذ، وبين التلاميذ أنفسهم، بحيث تجعل من المدرسة والتعليم فرصة توفر للأطفال جواً من مشاعر التعاون والتضامن والتكامل.

إنّ التربية للمواطنة لا تقتصر في تحقيقها على مقرر من المقررات الدراسية، بل يجب أن يكون موضوع تنمية وتعزيز المواطنة حاضراً في جميع المواد، وفي كل الأوقات، وكل نشاط داخل المدرسة أو خارج أوقات الدوام. كما أنّ تربية الأطفال على حب الوطن والانتماء والولاء له ترمي إلى تحقيق أهدافًا نبيلة تصبّ في مصلحة الوطن، فمنها على سبيل المثال لا الحصر تنمية الولاء والاعتزاز والانتماء لأرض الوطن هو الهدف الأسمى، والإيمان بالأخوة الإنسانية القائمة على الحق والعدل والمساواة، والتمسك بحب أرض الوطن وكل ما عليها.

ونحن كمعلمين ومرشدين اجتماعيين لنا دور في تنمية روح المواطنة وحب الوطن، من خلال:

• تفّهم طبيعة مراحل نمو الأطفال باعتبارهم خامة قابلة للإرشاد والتوجيه والصياغة والتشكيل.

• عمل لقاءات حوارية مع الأطفال، وبين الأطفال أنفسهم، وإفساح المجال للتعبير عن ما يجول في خاطرهم.

• غرس وتنمية روح الإبداع والابتكار لدى التلاميذ وتنمية قدراتهم للإسهام في صنع درجات الصعود إلى المستقبل.

• إكساب التلاميذ مهارات التفكير الإبداعي والنقد البناء.

• تفعيل برامج القيادات الواعدة والمثابرة.

• استثمار كافة المنابر المدرسية التربوية في الاصطفاف الصباحي.

• التشجيع على المشاركة في الاحتفالات والأعياد الوطنية والقومية والاجتماعية.

• تنويع أساليب التوجيه والإرشاد الوطني والقومي، بحيث تشمل البرامج التدريبية والزيارات الميدانية وندوات التوعية وورش العصف الذهني.

فلنحمي إنجازات وطننا ونحافظ على استقراره ونهتم بمشكلاته، وأن نؤكــد أن الدولة هي الراعية للمصالح العامة وتقدم المصلحة العامة على مصلحه الخاصة وإن مبدأ المواطنة كما تناولته مختلف المراجع والأدبيات السياسية والاجتماعية بأنه علاقة تبدأ بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، بما تتضمنه من العلاقة بين الحقوق والواجبات في تلك الدولة ويندرج ضمن هذا المفهوم، الحرية وما يصاحبها من مسؤوليات، فالمواطنة تسبغ أو تضفي على المواطن حقوقا سياسية وأخرى قانونية واجتماعية واقتصادية وثقافية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/آيار/2011 - 18/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م