مؤشرات صحية تنعش الآمال بحياة أفضل

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: بحسب التقارير الجديدة التي صدرت مؤخراً من منظمة الصحة العالمية وتناولت العديد من الموضوعات التي لها علاقة مباشرة بحياة الانسان كالوفيات ومتوسط نسب الاعمار العالمي والامراض والاوبئة الشائعة، حيث اكدت هذه التقارير على ارتفاع مؤشر الصحة العالمية من خلال انخفاض نسب وفيات الاطفال، يقابله ارتفاع في مستوى متوسط الاعمار (خصوصاً في اوربا) مع الجهود المبذولة في تحسين مستوى الضمان الصحي والرعاية الاجتماعية على مستوى العالم، الامر الذي انعش الامال في تحقيق حياة صحية افضل.

لكن مع هذه المؤشرات الايجابية يلاحظ انه مازال هناك الكثير ليقدم الى الصحة العالمية، فهناك مخاوف اطلقتها منظمة الصحة العالمية حول احتمال حدوث انفلونزا جديدة تشابة انفلونزا الخنازيز مع ارتفاع بعض الامراض في اوربا كالحصبة والبدانة وغيره، وبين المخاوف والتفائل يبقى الامل معقود في النهوض بالمستوى الصحي الى درجات اعلى قد تحقق الغاية المنشودة التي يحلم بها كل البشر.   

تقرير منظمة الصحة العالمية

حيث قالت منظمة الصحة العالمية ان نسب وفيات الاطفال تراجعت عبر أنحاء العالم خلال العقد الاول من القرن الحالي بواقع ضعف معدلات انخفاضها في التسعينيات مرجعة ذلك لارتفاع الانفاق على الرعاية الصحية، وقالت المنظمة انه تم تسجيل معدل انخفاض مشابه مثير للاعجاب في عدد السيدات اللائي يتوفين من مضاعفات الحمل او الولادة وزيادة في معدل متوسط العمر المتوقع الى 68 عاما في عام 2009 عن 64 عاما في عام 1990، ولكنها أضافت في تقرير احصائيات الصحة العالمية السنوي ان الخدمات الصحية حول العالم لا تزال مثقلة بأعباء "مضاعفة" جراء الامراض المعدية وأمراض العصر مثل أمراض القلب، وأبلغ تايز بيورما مدير الاحصاءات في المنظمة الصحفيين " لقد انجز الكثير بعد عام 2000 ولقد تكلل بالنجاح"، وربط التقدم بالانفاق الكبير على الرعاية الصحية وبرامج التحصين والتعليم وغيرها من العوامل، وأضاف "انها مجموعة من التدخل الصحي والتطوير الاجتماعي والاقتصادي"، كما دعا التقرير لضخ المزيد من الاموال على الخدمات الصحية خاصة في البلدان الفقيرة، وقدر التقرير الانفاق الصحي على الفرد في البلدان ذات الدخول المنخفضة بمبلغ 32 دولارا او نحو 5.4 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي مقابل 4590 دولارا او 11 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في البلدان ذات الدخول المرتفعة. بحسب رويترز.

ورصد التقرير تراجع وفيات الاطفال بنسبة 2.7 في المئة في العام منذ عام 2000 وهو ضعف معدل التراجع في التسعينيات، وتراجعت وفيات الاطفال تحت سن خمسة اعوام الى 8.1 مليون في عام 2009 مقابل 12.4 مليون في عام 1990، وتراجع عدد السيدات اللائي يتوفين من مضاعفات الحمل والولادة بنسبة 3.3 في المئة في العام منذ عام 2000 مقارنة بتراجع بنسبة اثنين في المئة خلال التسعينيات، وقالت المنظمة ان الامراض المزمنة مثل السرطان وأمراض القلب والسكري وصلت لنسب وبائية عالمية وانها تسبب المزيد من الوفيات عن كل الامراض الاخرى مجتمعة، وقال التقرير ان الظروف المهيئة للاصابة للامراض تتفاقم بسبب التدخين والبدانة وغيرها من العوامل، ووفقا لبيانات التقرير المقرر عرضه على وزراء الصحة في الدول الاعضاء التي يصل عددها الى 193 دولة خلال اجتماعاتهم ان اربعة من كل عشرة رجال وان سيدة بين كل 11 سيدة يدخنون.

متوسط العمر والبدانة

الى ذلك كشفت دراسة أن متوسط العمر المتوقع في أوروبا لا يزال في زيادة رغم تفشي وباء البدانة حيث يزيد متوسط العمر في بريطانيا عنه في الولايات المتحدة، وفي تقرير في الدورية الدولية لعلم الاوبئة قال ديفيد ليون الباحث بمدرسة لندن لعلم الصحة والامراض الاستوائية ان نتائج الدراسة التي اجريت على مدار 40 عاما تدحض المخاوف التي تحذر من أن الاتجاه الصعودي لمتوسط العمر المتوقع في البلدان الغنية قد يصل للنهاية امام مشاكل صحية سببها مستويات متزايدة من البدانة، وأظهرت الدراسة أيضا ان عوامل بسيطة مثل مستوى غنى البلد وحجم الاموال التي تنفقها على الرعاية الصحية لا ترتبط بالضرورة بمتوسط العمر المتوقع لمواطنيه، ورغم انفاقها على الرعاية الصحية عن اي دولة أخرى في العالم فان متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة لا يزال عند مستواه كأقل من اي دولة أوروبية غربية ويزداد معدل النساء بمعدل اقل كثيرا عن اوروبا الغربية، وقال ليون ان متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة سجل 78 عاما في عام 2007 مقارنة بثمانين عاما في بريطاني، وكتب في دراسته قائلا "هذه الملاحظة البسيطة تبين مجددا ان الناتج الاجمالي المحلي ونصيب الفرد من الانفاق على الرعاية الصحية ليسا عاملين جيدين في التنبؤ بمستوى الرعاية الصحية بين السكان في البلدان ذات الدخول العالية". بحسب رويترز.

وذكر التقرير ان احد العوامل المهمة المساهمة في الاتجاه الصعودي العام والمتواصل لمتوسط العمر المتوقع هو تراجع الوفيات الناجمة عن الاصابة بأمراض قلبية، وتعد الامراض المرتبطة بالقلب والتي يمكن ان تؤدي الى الاصابة بازمات قلبية وسكتات دماغية وغيرها من الحالات الفتاكة هي السبب الرئيسي للوفيات حول العالم حيث تقتل نحو 17.1 مليون شخص سنويا وفقا لمنظمة الصحة العالمية، وقال تقرير ليون ان الوفيات الناجمة عن امراض قلبية في بريطانيا شهدت واحدا من اكبر واسرع التراجعات عن اي بلد اوروبي غربي اخر" ويرجع ذلك بشكل جزئي للتحسينات التي شهدها العلاج وايضا تراجع مستويات التدخين وغيرها من العوامل المهددة"، وفي اوروبا اشار ليون الى تناقض حاد في متوسط العمر المتوقع بين الشرق والغرب حيث ان التكتل الشيوعي السابق يكافح للحاق بجيرانه الذين يمتازون باعمار اطول، وقال ليون انه منذ انهيار جدار برلين في عام 1989 يشهد متوسط العمر المتوقع زيادة في بلدان وسط اوروبا مثل المجر وبولندا والتشيك، وأضاف ان الاتجاهات في روسيا وغيرها من بلدان الاتحاد السوفيتي السابق اقل ايجابية حيث زاد متوسط العمر المتوقع ويقل بشكل كبير خلال الاعوام الخمس والعشرين الماضية ويرجع ذلك الى الافراط في شرب الكحوليات وخاصة بين الرجال، وبالمقارنة ببريطانيا التي سجل متوسط العمر المتوقع فيها في عام 2008 77.9 عام للرجال و82 عاما للسيدات فان المتوسط في روسيا يسجل 61.8 بين الرجال و47.2 بين السيدات وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية ومنظمة هيومان مورتالتي داتابيز.

إنفلونزا جديدة تهدّد البشر

من جهة اخرى قالت منظمة الصحة العالمية إنه يجب الاستعداد لاحتمال انتشار موجة من وباء إنفلونزا جديدة تهدد حياة البشر بعد هدوء عاصفة إنفلونزا الخنازير، مبينةً أن الدول الأعضاء فيها توصلت إلى اتفاق لتبادل عينات من الفيروس، وأعلنت المنظمة أنه بناءً على الاتفاق المبرم، يترتب على الشركات المصنعة للدواء أن تتشارك تركيبات اللقاحات الجديدة التي تنتجها أو تخصص جزءاً من إنتاجها للدول الفقيرة، ورفضت عدة دول نامية تقديم عينات من فيروسات الإنفلونزا للأبحاث، بسبب مخاوف هذه الدول من أن شركات الأدوية ستتكسب من إنتاج اللقاحات، في حين لن يستطيع مواطنو هذه الدول شراءه، ورحب الاتحاد الدولي للشركات المصنعة للأدوية في بيان أصدره بالاتفاق الذي وصف بالتاريخي، ويهدف الاتفاق بصفة خاصة إلى تحسين قدرات مكافحة الانتشار الوبائي لأحد فيروسات الإنفلونز، ويتوقع أن يقر وزراء الصحة المشروع الذي أقر بالإجماع في اجتماع منظمة الصحة العالمية الذي يعقد بين 16و 24 مايو/أيار القادم. بحسب رويترز.

وستضع جميع الدول عينات الفيروسات المتاحة لها تحت تصرف مختبرات منظمة الصحة العالمية مقابل الحصول على لقاحات بسعر معقول، بينما تمد شركات الأدوية الدول الفقيرة بالأدوية والخبرة بنصف قيمة المبلغ الذي ينفق على تعزيز المناعة وهو 58 مليون دولار، حسب مسؤولين رفيعي المستوى، وكانت المفاوضات قد بدأت قبل أربع سنوات عقب انتشار فيروس إنفلونزا الطيور القاتل في جنوب شرق آسي، وقد توقفت إندونيسيا عن إمداد منظمة الصحة العالمية بعينات الفيروسات بعد ذلك بسنة، مطالبة بحصتها من اللقاحات، وقد وافقت على مشروع الاتفاقية الأخيرة، يشار إلى أنه حين انتشر فيروس إنفلونزا الخنازير عامي 2009 و 2010 في أنحاء العالم اشتكت معظم الدول النامية من نقص اللقاحات والمضادات الحيوية اللازمة لمكافحة المرض، وساهمت منظمة الصحة في توزيع 78 مليون عبوة لقاح على 77 دولة، وقدمت هذه اللقاحات الدول الغنية وشركات الأدوية الكبرى.

الحصبة في أوروبا

بدورها تتابع الحصبة انتشارها الذي بدأته في أوائل العام الجاري في أوروبا حيث أصابت 6500 شخصا منذ كانون الثاني/يناير، غالبيتهم في فرنسا بحسب ما أعلنت منظمة الصحة العالمية، وفي بيان أوضحت المنظمة التابعة للأمم المتحدة أن "ثلاثين بلدا من المنطقة الأوروبية في منظمة الصحة العالمية، أبلغت عن ارتفاع في عدد الإصابات بالحصبة مع 6500 حالة موثقة للعام 2011" مقابل مجموع بلغ 5090 مريضا مسجلا خلال العام 2010، وفرنسا هي الأكثر تضررا جراء هذا المرض المعدي جدا الذي يتميز بارتفاع حاد في حرارة الجسم وبطفح جلدي على شكل بثور حمراء، ويقضي هذا المرض على شخص واحد من أصل ألف مصاب، وقد تم إحصاء 4937 حالة بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس، وينتشر المرض أيضا في بلجيكا، حتى ولو كانت الإصابات أقل من فرنسا بكثير مع مئة حالة منذ بداية هذا العام، وكذلك في صربيا وأسبانيا (الأندلس) وتركيا ومقدونيا، بحسب ما تفيد منظمة الصحة العالمية، وتتوقع المنظمة أن يتابع المرض الذي قد يشكل خطرا على الأطفال والنساء الحوامل، انتشاره طالما لم تتحصن المجتمعات جيدا في وجهه، وتحذر منظمة الصحة العالمية من أن "زيادة التنقلات بمناسبة أعياد الفصح سوف تزيد من مخاطر استيراد الحصبة وتصديرها"، وهي تتحضر لإطلاق حملة بهدف الترويج للقاحات، وفي حين يبدو بعض الأهالي مشككين في ما يتعلق باللقاحات، تذكر منظمة الصحة العالمية أن الحصبة هي من أمراض الأطفال الأكثر فتكا "على الرغم من توفر لقاح جدير بالثقة ومضمون". بحسب رويترز.

بينما أكدت دراسة جديدة نشرت مؤخراً أن مرض الملاريا يكلف قارة أفريقيا 12 مليار دولار سنويا في شكل إنتاجية مفقود، وأوضحت دراسة حملة مقاومة الملاريا أن إنفاق كل عامل 34 دولار سنويا على آلية المكافحة على مدى 10 سنوات أسفر عن إنخفاض 94 بالمئة في أيام العمل الضائعة المتعلقة بالملاري، وبالنسبة للشركات التي أستثمرت في وسائل مكافحة الملاريا، أشار البحث إلى أنهم يمكنهم توقع معدل عائد تقديري نسبته 28 بالمئة من استثماراتهم، واعتمدت الدراسة على بحث أجري في زامبيا وغينيا الإستوائية وغانا وموزمبيق، وقالت أوا ماري كول سيك التي تعمل ببرنامج مكافحة الملاريا " إن نتائج هذا التقرير تبين بشكل واضح أن القطاع الخاص هو شريك جاد في الحرب على الملاريا".وتعتبر الملاريا مرضا يمكن تجنبه ويمكن علاجه، لكن في كل عام يقتل هذا المرض ما يقرب من 800 ألف شخص ، 90 بالمئة منهم فى أفريقي، وفي القارة يعد المرض هو المسئول عن حوالي 20 بالمئة من وفيات الأطفال.

الروس يبالغون

في سياق متصل اظهر تقرير نشر ان اغلب الروس يبالغون في تقدير ما يتمتعون به من صحة وان الكثيرين منهم يتعرضون لمخاطر صحية بالغة بسبب التدخين او ادمان الخمر او البدانة او عدم ممارسة قدر كاف من التمارين البدنية، وتوصل مسح اجرته الجمعية الدولية لمصنعي الادوية والاتحاد الدولي لجمعيات ومصنعي الادوية الى ان حوالي 95 بالمئة من الروس يعتقدون انهم يتمتعون بصحة جيدة او طبيعية فيما قام 44 بالمئة فقط بزيارة الطبيب في العام الماضي، وقال الاطباء ان هذا ربما يكون أحد الاسباب الرئيسية في تراجع تشخيص الامراض المزمنة مثل أمراض القلب والسرطان والسكري، وهذه الامراض التي تعرف ايضا باسم الامراض التي لا يمكن ان تنتقل من شخص لاخر هي سبب معظم حالات الوفاة في انحاء العالم، وقال فلاديمير شيبكوف الرئيس التنفيذي للجمعية الدولية لمصنعي الادوية "امراض القلب والجلطات والسكري والسرطان وامراض الجهاز التنفسي المزمنة مجتمعة مسؤولة عن 80 بالمئة من حالات الوفاة في روسيا"، واضاف قائلا "هناك فجوة كبيرة بين ما يعتقده الناس بشان حالتهم الصحية والتأثير السلبي لسلوكهم الفعلي". بحسب رويترز.

ووجد المسح ايضا ان أغلب الروس على علم بالصلات بين احتمال الاصابة بالامراض المزمنة وعوامل الخطر مثل التدخين والافراط في تعاطي الخمر والعادات الغذائية غير الصحية والمستويات المنخفضة للنشاط البدني، لكن الباحثين قالوا ان المشاركين في المسح كانوا يميلون الى ادراك ان هذه المخاطر هي جزء من نظام حياتهم الطبيعي، وتوصل المسح الى ان هناك ما بين عامل واحد وثلاثة عوامل خطر رئيسية تظهر في الحياة اليومية لدى 82 بالمئة من المشاركين وان تسعة بالمئة فقط يستطيعون القول انهم ليس لديهم عوامل خطر، ووجد المسح ايضا ان الاطباء يمكن ان يكونوا عاملا هاما في تغيير هذه العادات غير الصحية اذ قال أكثر من 50 بالمئة من المشاركين انهم مستعدون للاقلاع عن عوامل الخطر اذا قال لهم طبيب ان صحتهم عرضة للخطر.

عقار جديد للملاريا

على صعيد اخر أوصت منظمة الصحة العالمية بتغيير في خط العلاج الأول لمرض الملاريا وهو ما من شأنه أن ينقذ ما يقرب من 200،000 شخص سنوي، غير أن الناشطين في مجال الصحة في إفريقيا يستعدون لخوض معركة محتملة وطويلة من أجل تنفيذ المبادئ التوجيهية الجديدة، ومعظم حالات الملاريا غير معقدة وغير مميتة، خاصة عند المرضى الذين تعرضوا للطفيلي المسبب للمرض وطوروا استجابة مناعية تجاهه، لكن يوجد نحو ثمانية ملايين حالة سنوية تتطور إلى ملاريا "حادة" وقد نجم عنها وفاة 781،000 شخص في عام 2009، وقد حدث ما يقرب من 90 بالمائة من الوفيات في إفريقيا حيث تعتبر الملاريا سبباً رئيسياً في وفاة الأطفال، وقد ظل "الكينين" الدواء المختار لعلاج الملاريا الحادة لسنوات، ولكن من الصعب إعطاؤه للمريض كما يمكن أن يكون له آثار جانبية خطيرة، وقالت فيرونيك دي كليرك، المنسقة الطبية لمنظمة "أطباء بلا حدود" غير الحكومية في مقاطعة كابونج شمال أوغندا أن "الأمر يتطلب حسابات كثيرة، فأنت بحاجة إلى تخفيف الدواء في حقن، ويجب أن تعطى هذه الحقن من خلال الوريد لمدة أربع ساعات (كل 8 ساعات)، ومن ثم هناك حاجة لمراقبة ذلك، ولذلك يجب أن يكون الموظفون مؤهلين تأهيلاً جيداً"، وقالت دي كليرك أنه في المناطق الريفية بإفريقيا التي تشهد نقصاً في العاملين في مجال الصحة، من الشائع للمرضى الحصول على الكثير أو القليل من الكينين على الرغم من أن النتائج قد أن تكون قاتلة، وأضافت قائلة، "أظهرت دراسات حديثة من أوغندا أنه من بين كل أربع مرات يُعطى فيها عقار الكينين للمرضى، يعطى فيها مرة واحدة بطريقة غير صحيحة".

ومنذ عام 2006، أوصت منظمة الصحة العالمية باستخدام الأرتيسونات في علاج الملاريا الحادة لدى البالغين، لكنها قامت بمراجعة مبادئها التوجيهية لتشمل الأطفال بناءً على نتائج تجربة أجريت في تسع دول في إفريقيا في عام 2010 والتي وجدت أنه من بين كل 41 طفل تم علاجه باستخدام الأرتيسونات بدلاً من الكينين، أمكن إنقاذ حياة طفل آخر، وقد علق ناثان فورد، المنسق الطبي لحملة أطباء بلا حدود للحصول على الأدوية الأساسية، قائل، "أنها حالة نادرة أن يكون لديك فائدة واضحة لدواء دون آخر خاصة في الأمراض المهملة مثل الملاريا"، وقد أظهرت تجارب طبية عديدة في العقد الماضي أن الأرتيسونات أكثر أماناً وسهولة في الاستخدام وأكثر فاعلية من الكينين، إذ يمكن إعطاؤها على مدار ثلاثة أيام إما عن طريق الحقن الوريدي أو عن طريق الحقن العضلي اليومي، مما يعنى أنه يمكن تدريب أفراد من غير العاملين في المجال الطبي على إعطاء الدواء، وتقريب العلاج المنقذ للحياة إلى المجتمعات الريفية والنائية.

وقد أصدرت منظمة أطباء بلا حدود تقريراً بعنوان "إجراء التبديل" والذي يسرد فوائد العلاج بالأرتيسونات بدلاً من الكينين، كما يوضح التحديات في ترجمة هذا الدليل إلى سياسات وممارسات، ويبقى العائق الأكبر هو أن تكلفة الأرتيسونات تقدر بضعف أو ثلاثة أضعاف تكلفة الكينين، فتكلفة علاج طفل بالأرتيسونات تبلغ 3.30 دولار مقارنة بـ 1.3 دولار لعلاجه بالكينين هذا بالإضافة إلى النفقات الإضافية المتمثلة في تدريب موظفي الصحة على إعطاء الدواء، ''أنها حالة نادرة أن يكون لديك فائدة واضحة لدواء دون آخر خاصة في الأمراض المهملة مثل الملاريا''وقال فورد أن "أي تغيير في البروتوكول ينتج عنه زيادة في التكلفة وبذلك سيكون بمثابة تحد للبلاد التي تكون فيها موازنات الصحة مثقلة، وقد قدرت منظمة أطباء بلا حدود التكلفة السنوية الإضافية لعلاج الملاريا الحادة بواسطة الأرتيسونات على الصعيد العالمي بـ 31 مليون دولار، وقال فورد أنه يمكن للجهات المانحة الدولية أن تستوعب هذا المبلغ بسهولة إلى حد ما، لكنها لم تدعم بصورة تقليدية تكاليف علاج الملاريا الحادة. بحسب ايرين.

ومن غير المحتمل أن تقدم الجهات المانحة الدعم إلا إذا قامت الحكومات بأخذ زمام المبادرة من خلال تغيير مبادئها التوجيهية الوطنية، وقال فورد أن "المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية هي فقط الخطوة الأولى، لأنها بحاجة إلى أن تُترجم إلى مبادئ توجيهية وبروتوكولات وطنية ومحلية، هذا بجانب إجراء التدريب المناسب"، وسبق أن أوصت منظمة الصحة العالمية منذ عقد من الزمان بالتخلي عن استخدام الكلوروكين كعلاج موحد للملاريا، إلا أن بعض العاملين في المجال الصحي ببعض البلدان الإفريقية ما زالوا يصفون هذا العلاج، وقال فورد معلقاً على ذلك، "إنها مسألة تغيير عادات وممارسات دامت لفترة طويلة".وأشارت دي كليرك إلى أنه على الرغم من أن المبادئ التوجيهية الوطنية لأوغندا أدرجت الأرتيسونات كبديل عن الكينين في علاج الملاريا، إلا أن الدواء لم يكن متوفراً في حقيقة الأمر، وأضافت قائلة، "يعتبر السعر أمراً مهماً بالنسبة للحكومة وللكينين عمر افتراضي طويل الأمد لذلك أرادوا التخلص من المخزون أولاً"، وقد اختارت منظمة الصحة العالمية مصنعاً واحداً فقط لإنتاج الأرتيسونات، لكن منظمة أطباء بلا حدود تأمل في أن يشجع الطلب المتزايد الشركات المصنعة على دخول السوق وتحسين الإمداد وبالتالي خفض السعر، مما يجعل الدعم الطويل الأجل من الجهات المانحة غير ضروري، وفي الوقت نفسه، قال فورد، "ما نريده هو رسالة واضحة من الجهات المانحة تقول أن أي دولة تتحول إلى استخدام الأرتيسونات في علاج الملاريا ستحظى بدعمنا لتغطية زيادة التكاليف على المدى القصير".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/آيار/2011 - 17/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م