أمريكا وحروبها الداخلية... الرئاسة والاقتصاد

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: لقد بدأ موعد اطلاق النار مبكراً هذه المرة، فمع بدء الترشيح للأنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الامريكية وبينما يمنى الرئيس اوباما النفس بولاية ثانية تنعش الامال وتقوي العزيمة لاكمال ما بدء به قبل قرابة اربعة سنين مضت على انتخابه كرئيس لأقوى دولة في العالم، نجد ان الشائعات والازمات حاصرت اوباما حتى قبل ان يطلق حملة الانتخابية.

ولعل قضية شهادة ميلاده واتهامه بأنه غير مولود في الولايات المتحدة اولى هذه الهجمات التي ستجلب الكثير من الصداع لرئيس مازال يشعر بنشوة النصر بعد ان اطاح بالمطلوب رقم واحد في الولايات المتحدة الامريكية (بن لادن)، الامر الذي حسن كثيراً من شعبية اوباما ورفع من اسهمه في بورصة الانتخابات الامريكية، الى جانب ذلك نجد ان مشكلة اقرار الميزانية الاتحادية والتقاطع في الروى مع الجمهوريين حول خفض النفقات والبرامج الاجتماعية التي يدعمها اوباما بشدة، بالاضافة الى القضايا العالقة منذ الازمة الاقتصادية التى عصفت بأقتصاديات العالم وخلفت انهيارات كبيرة في المصارف وجيوش من العاطلين عن العمل ومحاولة اعادة التنمية للاقتصاد الامريكي.

أوباما ينتقد رؤية الجمهوريين

فقد اتهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الجمهوريين باستخدام اقتراحاتهم بشأن خفض النفقات لدفع رؤية عن "أمريكا منكمشة" في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الديمقراطي لحشد المؤيدين وجمع التبرعات في نيويورك لحملة انتخابه لولاية ثانية، وفي مسعى لاشعال الحماس الذي أحاط بحملته لانتخابات الرئاسة عام 2008 تحدث أوباما خلال ثلاث مناسبات متلاحقة عن سياساته الاقتصادية وخطته للميزانية وحث الجمهوريين على الانخراط في "نقاش جاد" بشأن التعامل مع الديون والعجز، وعلى الرغم من محاولته التواصل من جديد مع قاعدة حزبه الديمقراطي فانه اعترف بأن الكثير من الامريكيين مازالوا محبطين بسبب الظروف الاقتصادية القاسية وقال انه لابد من بذل المزيد من الجهد، وقال أوباما "امامنا الكثير من العمل لمواصلة خفض معدل البطالة وتنمية الاقتصاد"، كما تحدث أوباما عن المعركة الدائرة في واشنطن بشأن كيفية كبح جماح العجز الاتحادي الذي يتوقع أن يصل الى 1.4 تريليون دولار في العام المالي الحالي، وقفزت هذه القضية لتحتل الصدارة في حملة انتخابات الرئاسة لعام 2012، وكان أوباما قد استهل جهوده لانتخابه لولاية جديدة بالترويج لايديولوجية خاصة بالميزانية لا تتفق مع الاراء المالية للجمهوريين الذين يتهمونه بالاسراف في الانفاق ويخططون بدورهم لحملات الانتخابات الرئاسية، ويريد الرئيس الامريكي الديمقراطي أن يجمع الضرائب من الامريكيين الاثرياء لتمويل برامج اجتماعية مع اجراء بعض التخفيضات للميزانية في الوقت نفسه وهي خطة يقول انها ستخفض العجز بمقدار أربعة تريليون دولار على مدى 12 عاما. بحسب رويترز.

وكان النائب الجمهوري بول رايان قد دعا الى اجراء تخفيضات اكبر لينخفض العجز بمقدار 4.4 تريليون دولار على مدى عشرة اعوام دون رفع الضرائب، وينطوي اقتراحه على اجراء تخفيضات حادة للانفاق بما في ذلك اصلاح برنامجي ميديكير وميديك ايد للرعاية الصحية للمسنين والفقراء ويقول الديمقراطيون ان هذا سيخرق "العقد الاجتماعي" مع الامريكيين، وقال أوباما في تجمع للمتبرعين الاثرياء بفندق والدورف استوريا "من جانب هناك من يعتقدون أننا نستطيع خفض التمويل للتعليم بنسبة 25 في المئة او التمويل للنقل بنسبة 30 في المئة او الاستثمار في الطاقة النظيفة بنسبة 70 في المئة وأننا يمكن أن نحول نظام ميديكير      (للرعاية الصحية) الى برنامج توزيع بطاقات"، وأضاف "انها رؤية لامريكا صغيرة او امريكا منكمشة" مؤكدا لمؤيديه أنه يطرح رؤية "لامريكا كبيرة" قائمة على الابقاء على الاستثمار في التعليم والعلوم والابتكار، والناخبون ليسوا في مزاج جيد بسبب تأثرهم بارتفاع أسعار البنزين وهو ما يهدد الانتعاش الامريكي الهش وهو اتجاه قد يضر بفرص أوباما في الفوز بولاية ثانية عام 2012، ويحاول الجمهوريون أن يلقوا باللائمة على أوباما في ارتفاع أسعار البنزين ويعتبرون هذه نقطة ضعف سياسية، غير ان أوباما بدأ حملته الانتخابية في حين لا يوجد فيه مرشح قوي واضح للجمهوريين، وجاءت زيارة أوباما لنيويورك بعد زيارته لشيكاكو لتسجيل حلقة من برنامج (أوبرا وينفري شو) والذي يحظى بشعبية ويتابعه قطاع عريض من الناخبات المعتدلات.

انتخابات الرئاسة الامريكية

من جهته اعلن مايك هاكابي الحاكم السابق لولاية اركنساو الامريكية انه لا يخطط لخوض سباق الترشح للانتخابات الرئاسية للعام القادم، وكان ينظر الى هاكابي بوصفه احد المنافسين الاقوياء بين مرشحي حزبه الجمهوري، وسبق له أن خسر الترشح لمصلحة جون ماكين عام 2008، بيد انه قال لجمهور برنامجه على قناة فوكس نيوز ان كل العوامل تقول لي تقدم بيد ان قلبي يقول لا ولم يتقدم عدد الشخصيات البارزة في الحزب الجمهوري إلى التنافس على الترشح للانتخابات لعام 2012، او إن بعضهم في لم يعلن ترشحه بعد، ولم تقل سارة بالين التي كانت مرشحة الحزب الجمهوري لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات السابقة ان كانت ستتقدم للترشح في هذه الانتخابات، وكان الرئيس الامريكي اوباما اعلن في ابريل/نيسان نيته للترشح لدورة رئاسية ثانية، وقد تصاعدت اسهم اوباما بعد عملية قتل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن في مطلع هذا الشهر، وكان استطلاعات الرأي توقعت حصول هاكابي على دعم كبير من اصوات الناخبين المسيحيين المحافظين، فهو يمثل شخصية اجتماعية محافظة بارزة وقس في الكنيسة المعمدانية، واذا ترشح هاكابي للرئاسة فأنه سيجبر على التخلي عن وضعه المهني الناجح كشخصية تلفزيونية واذاعية.

وقال لجمهوره انه قد حصل على دعم اسرته لفكرة الترشح وان مسألة تمويل حملته لن تكون مشكلة بالنسبة اليه، الا أنه بعد فترة من التأمل قرر ان لا يترشح، وعلى الرغم من اعلان الرئيس الامريكي الحالي اوباما رغبته بالترشح لولاية ثانية عن الحزب الديمقراطي الا ان سباق الوصول إلى مرشح الرئاسة داخل الحزب الجمهوري ما زال بطيئا ولم تتبلور صورته بوضوح، وقد اعلن مؤخراً كلا من النائب الجمهوري البارز السابق نيوت غينريتش والنائب عن ولاية تكساس رون بول رغبتهما في خوض سباق الترشيح للرئاسة الامريكية، وتضم قائمة المرشحين المحتملين حاكم ولاية ماساشوسيتس السابق ميت رومني وحاكم ولاية اتوا السابق والسفير الامريكي في الصين جون هانتسمان وحاكم مينيسوتا السابق تيم باولنتي والثري وعملاق تجارة العقارات والنجم التلفزيوني دونالد ترامب، من جهة اخرى سخر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من مليونير العقارات الطامح في الرئاسة دونالد ترامب قائلا إن البيت الأبيض قد يتحول على يده إلى كازينو، فخلال حفل العشاء السنوي للمراسلين الصحفيين المعتمدين في البيت الأبيض، عرض الرئيس أوباما صورة لحمام السباحة في البيت الأبيض وبداخله مجموعة فتيات يرتدين ملابس البحر "البكيني" ويرتشفن الخمور، كما سخر أوباما من الشائعات التي رددت أنه لم يولد في الولايات المتحدة، وكان دونالد ترامب قد أعلن عزمه على خوض سباق الترشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري، وقد نسب إليه مؤخرا أنه المسؤول عما وصفه الديموقراطيين بالمؤامرة ضد أوباما عن طريق التشكيك في أنه ولد على الأراضي الأمريكية، وقال أوباما ساخرا إنه بعد أن نشر النسخة المطولة من شهادة ميلاده لحسم تلك القضية ، ينبغي على دونالد ترامب الآن توجيه اهتمامه لقضايا أكثر جدية مثل الإجابة على سؤال هو، "هل نزل الأمريكيون على القمر؟"، وشارك الممثل الكوميدي سيث ميريرز في الحفل وكان له نصيب في السخرية من دونالد ترامب الذي تحمل السخرية بوجه صخري جامد ولم يتحدث طيلة الحفل.

اوباما ينشر شهادة ميلاده

الى ذلك نشر الرئيس الامريكي باراك اوباما في وقت سابق نسخة أكثر تفصيلا من شهادة ميلاده للرد على اتهامات من الجمهوريين بأنه ليس مولودا في الولايات المتحدة وانتقد من يرفضون السماح بانتهاء هذه المسألة، واتخذ اوباما خطوة غير معتادة باصدار بيان في غرفة المؤتمرات الصحفية بالبيت الابيض للتعليق بشأن الجدل الذي أثاره مؤخرا قطب العقارات دونالد ترامب الذي يفكر في خوض المنافسة داخل الحزب الجمهوري على الترشح للانتخابات الرئاسية في 2012، وقال اوباما في ظهور هاديء تحول الى الجدية عندما بدأ الحديث عما وصفه بالتشتيت للانتباه عن الموضوعات الحقيقية "ليس لدينا وقت لهذا السخف"، وغيرت القنوات التلفزيونية الامريكية خريطة برامجها المعتادة لبث بيان اوباما وهو ما منحه وقتا ثمينا في البث التلفزيوني بينما تستعد الحملة الانتخابية للانطلاق، وقال الرئيس مبتسما بعدما اعتلى المنصة "لا يمكن ان اجعل المحطات تقطع كل المناقشات الاخرى". بحسب رويترز.

واضطر اوباما خلال العامين اللذين قضاهما في الرئاسة للتعامل مع اتهامات بأنه لا يفي بالمطلب الدستوري الذي يوجب ان يكون الرئيس مولودا في الولايات المتحدة وقال البعض انه مسلم بينما هو في الواقع مسيحي، وتؤكد شهادة الميلاد الجديدة ما قالته نسخة اقصر نشرت عام 2008 بأنه ولد في هونولولو في هاواي في الرابع من اغسطس اب 1961 لاب من كينيا وأم من كانساس، وقال ترامب للصحفيين في نيوهامبشير انه "سعيد حقا" لان الرئيس عالج هذا الموضوع وانه مستعد لمناقشة موضوعات اخرى، وقال في تصريحات بثتها قناة سي.ان.ان الاخبارية على الهواء مباشرة "اشعر انني حققت شيئا مهما جدا ويشرفني ذلك"، وقال أوباما انه قرر معالجة القضية الان لانه خلال النقاش بشأن الميزانية مع الجمهوريين في الاسابيع الاخيرة لاحظ أن بعض وسائل الاعلام الاخبارية ركزت بدلا من ذلك على قضية ميلاده، واضاف انه واثق من أن السياسيين يمكنهم التوصل الى اتفاق بشأن خلافات خطيرة "لكننا لن نكون قادرين على فعل ذلك اذا كان انتباهنا مشتتا".

اكبر الجاليات في امريكا

في سياق متصل يُشكِّل الأميركيون اللاتين من أصل إسباني أكبر أقلية في البلاد، وذلك استناداً إلى النتائج التي نشرت مؤخراً للإحصاء السكاني في الولايات المتحدة، وهو مشروع ضخم لجمع البيانات يساعد في تحديد مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، فقد جمع مكتب الإحصاء السكاني البيانات طوال العام 2010، من خلال إرسال استمارة الاستطلاع بالبريد أو إرسال مندوب إلى كل أسرة في البلاد لإحصاء عدد الأفراد الذين يقطنون في المنزل، ولجمع معلومات ديموغرافية سكانية أخرى، وأظهرت النتائج ان العدد الإجمالي للسكان في الولايات المتحدة بلغ 308.7 مليون نسمة، وكانت نسبة 16 بالمئة منهم من أصل لاتيني، ينص الدستور الأميركي على إجراء عملية إحصاء في البلاد كل 10 سنوات من أجل تخصيص المقاعد وتوزيعها في مجلس النواب الأميركي، فخلال العقد الأخير الماضي، نمت جالية السكان اللاتين من أصول إسبانية بنسبة 43 بالمئة، وبلغ عدد أفرادها 50.5 مليون نسمة في نهاية العام 2010، والنمو الذي تجاوز 15 مليون نسمة في هذه المجموعة الإثنية شكل نسبة تزيد عن نصف النمو الإجمالي لعدد السكان في البلاد خلال العقد المنصرم، ويبقى السكان البيض من أصول غير إسبانية يشكلون أكبر مجموعة بين سكان الولايات المتحدة، وبلغ عددهم 196.8 مليون نسمة وشكلوا حوالي 64 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان، وشكّل الأميركيون الأفارقة ثالث أكبر طائفة عرقية حيث كانت نسبتهم حوالي 13 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان وبلغ عددهم 38.9 مليون نسمة. وشكّل الأميركيون من أصل آسيوي المجموعة الإثنية التالية الأكبر عدداً إذ بلغ عددهم حوالي 14.7 مليون نسمة، وشكلوا نسبة 5 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان.

وعلّق مدير مكتب الإحصاء روبرت إم غروفز في مدونة له قائلا "إننا نقترب من نقطة حاسمة جديدة من تفوق عدد المقيمين في الولايات المتحدة المولودين خارج البلاد، فلم يكن حجم السكان المولودين في الخارج أكبر مما هو اليوم منذ العشرينات من القرن العشرين"، ويعتبر الإحصاء السكاني بمثابة حجر الزاوية للديمقراطية الأميركية لكونه يوفر بيانات تُشكِّل الأساس لتحديد كيفية تخصيص مقاعد المجالس التشريعية، وذلك من أجل الحفاظ على مبدأ فرد واحد، صوت واحد، ويبقى عدد أعضاء مجلس النواب ثابتاً عند 435 بحيث يمثل كل عضو في المجلس أكثر قليلاً من 700 ألف نسمة، وسوف تحصل ثماني ولايات على تمثيل أكبر في مجلس النواب نظراً للنمو في عدد السكان فيها الذي أكدته عملية الإحصاء بالوثائق، وهناك عشر ولايات فقدت عدداً من سكانها سوف تخسر بعض مقاعدها لصالح الولايات التي ازداد عدد السكان فيه، وعمد مكتب الإحصاء منذ إعلان النتائج لأول مرة في كانون الأول/ديسمبر 2010، إلى إرسال مجموعات من البيانات إلى كل حكومة من حكومات الولايات، وسوف تدرس المجالس التشريعية في كل ولاية هذه البيانات وتقرر أين يجب رسم الخطوط التي تتشكل منها المقاطعات الممثلة في الكونغرس بحيث يكون لكل واحدة منها نفس حجم السكان تقريب، ومن المحتمل ان تكون هذه المناظرات حول رسم الخرائط من أكثر المناظرات المثيرة للخلافات التي يشارك فيها المشرعون في أي ولاية لأن الأحزاب السياسية ومجموعات المصالح تتنافس فيما بينها لإنشاء مقاطعات تمثل الحد الأقصى من قوتها التصويتية، وبذلك تزيد من تأثير نفوذها في صنع السياسة.

بدورها اوضحت ارقام صادرة عن مكتب الاحصاء الامريكي ان عدد ذوي الاصول الاسبانية تجاوز عدد السود الامريكيين في المناطق الحضرية للمرة الاولى، وتوضح الارقام من احصاء عام 2010 زيادة التنوع في المناطق الحضرية الامريكية وعددها 366 وتضم نسبة 83.7 في المئة من سكان الولايات المتحدة.وكان الاسبان شكلوا اكبر اقلية في 191 منطقة حضرية العام الماضي، ويمكن ان تؤثر تلك البيانات على التخطيط الاداري في العديد من الولايات حيث يتم رسم الخريطة السياسية على اساس التركيبة السكانية، وتعد الارقام التي نشرت مؤخراً مهمة للعملية السياسية الامريكية اذ ان عدد السكان يحدد عدد نواب الولاية في مجلس النواب، وتقوم الولايات برسم حدود الدوائر آخذة في الاعتبار كتل التصويت العرقية، وتعود الزيادة الكبيرة في اعداد الاسبان ليصبحوا اكبر اقلية في 191 منطقة حضرية مقابل في 159 منطقة في احصاء عام 2000 الى انتقال السكان السود جنوبا تاركين المدن المضطربة اقتصاديا في شمال البلاد، ومن بين المناطق الحضرية التي زاد فيها عدد السكان الاسبان شيكاغو في ولاية ايلينوي وغراند رابيدس في ولاية ميتشيغان واتلانتيك سيتي بولاية نيوجيرسي، وكلها مناطق ستخسر ممثليها في مجلس النواب في انتخابات 2012 بسبب التغيرات في التركيبة السكانية.

من جهة اخرى أظهر استطلاع في الولايات المتحدة الأميركية جديد أن الأميركيين باتوا أكثر انقساماً بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وأكثر عقائدية وإيديولوجية في وجهات نظرهم السياسية، وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن الاستطلاع الذي أجراه معهد "بيو" أن المحافظين الموالين للجمهوريين والليبراليين الموالين للديمقراطيين هم أكثر إيديولوجية ولا يتشاركون شيئاً في القضايا السياسية الأساسية، وأشارت إلى ان هذه النتيجة تظهر عمق القوطبة التي ترسم السياسات الأميركية حالي، وتبيّن أن بين العدد المتزايد للأميركيين الذين يقولون إنهم لا ينتمون لأي من الحزبين ويعتبرون أنفسهم مستقلين، يتواجد عدد اقل من المعتدلين، وظهر أن كثيراً ممن هم "في الوسط" يحملون آراء قوية وإيديولوجية، وقسمهم المعهد إلى 3 مجموعات ليس لديهم سوى القليل مما يتشاركون فيه.وقال رئيس "بيو" اندرو كوهوت "ما نراه هو وسط أكبر يزداد تنوعه، والمدهش هو انهم ليسوا معتدلين كثير، يتمتع الوسطيون ببعض وجهات النظر القوية والإيديولوجية الواضحة".

المصارف المتعثرة

من جهة اخرى أظهرت أرقام السلطات المالية الاقتصادية أنه بعد عامين ونصف من بداية الأزمة الاقتصادية وانهيار مصرف "ليمان براذرز" الشهير فإن عدد المصارف الأمريكية التي تواجه أزمات حقيقية تتراوح بين الإفلاس وطلبات الحماية قد اقترب من الألف، وأشارت أرقام مؤسسات ضمان المخاطر الرسمية الى إن مجالس إدارة 985 مصرفاً أمريكيا سجلت نفسها على قوائم الأزمات، بينها أكثر من 600 مصرف سجلت نفسها بعد عام 2009، وذكرت تقارير أعدتها مجلة "تايم" أن الغالبية الساحقة من تلك المصارف تعمل بشكل محلي ومستقل في بلدات صغيرة، ولم يسمع بها الكثير من الناس، وبينها مصارف مثل "كانتري" في بلدة أليدو، و"فيرست" في بلدة بيسيمر، أما أكبر تلك المصارف فهو "بلوماس" في بلدة كوينسي، ورغم أنه مسجل في البورصة، إلا أن كامل قيمة ودائعه وديونه لا تتجاوز 500 مليون دولار، هو مبلغ "زهيد" مقارنة بمشكلة تعثر مصرف مجموعة "سيتي" الذي يمتلك أصولاً تتجاوز ترليوني دولار، ويعود سبب تعثر المصارف الصغيرة إلى أن خطط الدعم الحكومية الأمريكية لم تشملها بالشكل المطلوب، كما أن تلك المصارف عملت في القطاع التجاري، وليس في السندات العقارية، وبالتالي لم تستفد من خطط تعويض خسائر السندات، يذكر أن أعداد هذه المصارف المتعثرة يزداد باضطراد، في الوقت الذي ترتفع فيه مكاسب البنوك الكبيرة، ورأت أن هذا الواقع يذكّر على الدوام بأن الأزمة المالية لم تنته بعد. بحسب السي ان ان.

بينما أظهر استطلاع أن من المتوقع أن ينفق الاثرياء الامريكيون 26.6 مليار دولار اضافية على الكماليات هذا العام لكنهم سيتطلعون للحصول على قيمة بينما تتعافى البلاد من الركود، وأظهر الاستطلاع السنوي السادس لامريكان اكسبرس ببلشينج ومجموعة هاريسون الذي نشرت نتائجه مؤخراً أن من المتوقع ارتفاع الانفاق على السلع الكمالية عدا السيارات والرحلات ثمانية بالمئة الى 359 مليار دولار مقارنة مع مستواه في 2010، وقال جيم تايلور نائب الرئيس في مجموعة هاريسون انه في حين ان عدد الاسر الثرية التي تعتزم زيادة الانفاق قد تضاعف الى مثليه تقريبا خلال الثلاثة أعوام الماضية فانهم يتطلعون مع خروجهم من الركود الى الحصول على قيمة وجودة وخدمة مقابل أموالهم، وقال تايلور "سيكون هناك مزيد من الانفاق لكن هذا لا يعني أنها ستنفق دون المهارات الحصيفة التي تعلمها (المستهلكون) من ركود صعب للغاية"، وشمل الاستطلاع 1458 أسرة بانفاق على السلع غير الضرورية يتجاوز 100 الف دولار وهم يمثلون أغنى عشرة بالمئة في الولايات المتحدة ونحو نصف اجمالي انفاق المستهلكين.وخلص الاستطلاع الى أن 15 بالمئة من هذه الاسر تعتزم انفاق المزيد في 2011 بزيادة 25 بالمئة عن 2010 ومثلي مستوى 2008 تقريب، وانخفض عدد الاسر التي ستقلص الانفاق الى النصف تقريبا مقارنة بالعام الماضي الى تسعة بالمئة وبنحو الثلثين عن 2008.

العنصرية في امريكا

الى ذلك تعيش إحدى بلدات ولاية أتلانتا الأمريكية أجواء متشنجة منذ مدة، على خلفية قيام صاحب ملهى بتعليق إعلان يحمل عبارات عنصرية موجهة ضد أصحاب الأصول اللاتينية، في تصرف قال عنه ناشطون إنه ليس الأول من نوعه، إذ سبقته تعليقات مثيرة للجدل من الشخص عينه ضد الرئيس باراك أوبام، ويحمل الإعلان الذي وضعه مايك نورمان، صاحب مطعم وملهى "موليغان" التعبير التالي، "الفئران مجرمون، إذا وظفت أي واحد منهم فستكون مجرماً أيضاً"، ودافع نورمان عن نفسه بالقول إنه "لا يعتقد بأن الإعلان عنصري،" مضيفاً أن ما جاء فيه "يشرح واقع الحال فقط"، على حد تعبيره، وأضاف نورمان أن موقفه هذا "لا يعبر إلا عن دعمه لمواجهة الهجرة غير الشرعية ورغبته في الحد من توظيف العمال غير الشرعيين"، وتابع قائل، "أقول لمن ينتقدني إن عليك أن تفكر جيد، ليس هناك أي طابع عنصري للإعلان، والمصطلح (فئران) إنما يتعلق بأولئك الذين يتسللون عبر الحدود دون وثائق قانونية"، بالمقابل أشار قادة الجالية اللاتينية التي تضم سكان المكسيك ودول أمريكا الجنوبية، إلى أن الإعلان "وقح" و"مهين" و"يحض على الكراهية والعنصرية"، وقال جيري غونزاليس، أحد قادة تلك الجالية، إن أصحاب الأصول اللاتينية يشعرون بالغضب حيال هذه التعابير، وأشار إلى أنه سبق وقام بتنظيم مظاهرة خارج ملهى "موليغان" في السابق بسبب قيام نورمان ببيع قمصان تحمل عبارات مثيرة للجدل حول الرئيس باراك أوباما صاحب الأصول الأفريقية، وهدد غونزاليس بأن الجالية اللاتينية في المنطقة لن تقبل استمرار رفع الإعلان، ملوحاً بتنفيذ اعتصام مفتوح أمام الملهى حتى إزالتها. بحسب السي ان ان.

وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن من غير المقبول من قبل المشرعين، ألا يتوصلوا إلى إقرار ميزانية تمول الحكومة حتى سبتمبر/ أيلول القادم، وجائت تصريحات أوباما على خلفية تقارير أشارت إلى أن الرئاسة الأمريكية والكونغرس لم يتوصلا إلى اتفاق حول الميزانية، وبدون ميزانية جديدة فإن الأنشطة الفيدرالية الأمريكية ستتوقف، ولكن زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي هاري ريد كان قد صرح بأنه اجتماعه بزعيم الأغليبة الجمهورية في المجلس جون بونر كان بناء، ولم يختلف بيان بونر، عقب الاجتماع، عن هذا التصريح، بشكل أشر إلى نبرة ايجابية في علاقة الطرفين بعد أسابيع من الاختلاف حول الميزانية، وكانت المفاوضات، حول الميزانية للأعمال اليومية للأنشطة الفيدرالية، قد علقت حتى انتهاء السنة المالية في 30 سبتمبر القادم، وكان الجمهوريون، مدفوعين بطروحات تيار الشاي المناهضة للأنشطة الحكومية، يطالبون بمزيد من تخفيض الانفاق أكثر مما يريد الديمقراطيون تخيفضه، وبالمقابل اتهم الديمقراطيون الجمهوريين بمحاول التأثير في السياسة الاجتماعية، وقالوا إن تخفيض الانفاق بالشكل اللذين يرونه سيضر بتعافي الاقتصاد الأمريكي، وكان أوباما قد التقى بونر في محاولة للاتفاق على تخفيض في الميزانية قدره 33 مليار دولار، والتأكيد على ان انشطة الحكومة لن تقف، ويطالب الجمهوريون بتخفيض 61 مليار دولار من الميزانية، وقال أوباما إن الحزبين قريبين من الاتفاق ولكن السؤال الأساسي هو عما إذا كانت السياسة والإيديولوجيا، ستقف في وجه عدم وقف نشاطات الحكومة.

وقال إن الشعب الأمريكي يريد من مجلس الشيوخ التصرف كبالغين في المفاوضات، داعياً أن يتنازل كلا الطرفين قليلاً للوصول إلى الاتفاق، يذكر ان الميزانية والانفاق العام تعد من اختصاصات السلطة التشريعية في الولايات المتحدة، والتي يمارس عبرها ضغطاً على الرئاسة، في صنع السياسة الامريكية، كما حذر الرئيس الاميركي باراك اوباما من ان شل الدولة الفدرالية من شأنه ان يشل النهوض الاقتصادي وحث اعضاء الكونغرس على ان يتحلوا ب"النضج" ويقروا قانون الميزانية، وفي حين تحدثت ادارته عن امكانية تعليق عمل حوالى 800 الف موظف في الدولة في حال لم يتفق الكونغرس على قانون الميزانية، واشار اوباما الى النتائج المباشرة التي ستترتب على تعليق الوظائف هذه على الاميركيين، وقال امام موظفين في مصنع بمنطقة فيرلس هيلز (بنسيلفانيا، شرق) "عندما توقف الحكومة عملياتها، فان اي رب عمل ينتظر قرضا من الدولة ولم يحصل عليه فهو قد لا يتمكن من ممارسة تجارته والذين ينتظر توظيفهم سيصبحون بلا عمل"، واضاف "انها اشياء تؤثر على العائلات المتوسطة الدخل يوميا وهذا الامر سيؤثر بدوره على اقتصادنا في وقت بدأ معه بالنهوض"، واوضح "لدينا افضل الارقام حول التوظيف حصلنا عليها مؤخراً بعد انتظار طويل، ولكن الشركات تفضل الاستقرار"، مضيفا ان "شل عمل الحكومة من شأنه ان يؤثر بكل وضوح على هذه التقدم"، وطالما لم يتم الاتفاق حول مشروع قانون ميزانية العام 2011، فان الكونغرس مضطر للتصويت على قوانين مالية مؤقتة لتأمين تمويل الدولة، وقال اوباما ايضا "في الوقت الذي تكابدون من اجل تسديد فواتيركم فان ابسط الاشياء التي يمكن ان نفعلها هي وضع ميزانية لانها مسؤوليتنا" في الحكومة، واضاف "تريدون من الجميع ان يتحلوا بالنضج وان يكفوا عن الالاعيب" داعيا الى ايجاد "تسوية"، واوضح "يجب ان يكون هناك تنسيق بين الديموقراطيين والجمهوريين وان يقلصوا خلافاتهم ويمكنوا الحكومة من مواصلة العمل من اجل النهوض الاقتصادي"، ومن جهته، قال مسؤول حكومي كبير فضل عدم الكشف عن هويته انه عندما توقفت خدمات الدولة في العام 1995 اصبح 800 الف موظف بدون عمل، واضاف ان تعليق الخدمات قد يؤدي الى فقدان العدد نفسه وظائفهم بصورة مؤقتة هذه المرة ايضا بسبب عدم الاتفاق على الميزانية، ومن ناحيتها، حذرت وزارة الخارجية من ان السفارات والقنصليات الاميركية ستؤمن الاعمال الطارئة مثل اصدار بدائل عن جوزات السفر المسروقة ولكن قسم اعطاء التأشيرات سوف يتأثر، ولكن رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بوينر اعرب عن "ثقته" بامكانية التوصل الى اتفاق، وذلك خلال اتصال هاتفي مع اوباما.

أمريكا بالارقام

بدوره قال مكتب المسح الأميركي ان مساحة اليابسة في الولايات المتحدة تتقلّص بشكل متواصل منذ العام 1940، وأوضح المكتب ان مساحة اليابسة الأميركية بلغت في العام 1940، 3.554.608 ميلا مربعا وفي العام 1990 تراجعت إلى 3.536.278 ميلا مربعا وفي العام 2000 تقلّصت بـ1200 ميل مربّع، ولكن منذ ذلك الوقت تقلصت مساحة اليابسة في الولايات المتحدة بـ5500 ميل مربّع أي أكبر من مساحة ولاية كونيكتيكت، لتبلغ 3.531.905 ميل مربع، غير ان علماء الجغرافيا في الولايات المتحدة دعوا إلى عدم القلق وأعادوا التراجع إلى تحسّن تكنولوجيا التقاط الصور الصناعية وتكنولوجيا وضع الخرائط والتي ساعدت في التمييز بشكل أفضل بين اليابسة والمياه، ولكن خبراء حكوميين يؤكدون ان هذا التقلص يعود أيضاً إلى تآكل اليابسة والأضرار التي تسببها الأعاصير وارتفاع مستوى البحر، وارتفعت المساحة الرسمية للمياه في الولايات المتحدة إلى 264.837 ميلا مربعا من 256.645، في ارتفاع بمساحة أكثر من مساحة بحيرة أونتاريو.ويؤكد المكتب ان مساحة اليابسة قد يكون مبالغا فيه، وإذا تم جمع مساحة اليابسة والمياه في الولايات المتحدة، فإن مساحة البلاد ازدادت لتبلغ رقماً قياسياً هو 3.796.742 ميلا مربعا من 3.794.084 ميلا مربعا عام 2000. بحسب يونايتد برس.

كما تراجعت نسبة الولادات في الولايات المتحدة 4% بين عامي 2007 و2009، وهي اكبر انخفاض في اكثر من ثلاثين عاما بسبب الازمة الاقتصادية على الارجح على ما اظهرت دراسة جديدة.وانتقل المعدل تاليا من 69،5 ولادة لكل الف امرأة في 2007 الى 66،7 في 2009 (للفئة العمرية 15-44 عاما) على ما افاد المركز الوطني الاميركي لاحصاءات الصحة.لدى النساء التي تراوح اعمارهن بين 20 و24 عاما تراجعت النسبة 9% لتصل الى 96،3 ولادة لكل الف امرأة وهو ادنى رقم يسجل في هذه الفئة العمرية، اما بالنسبة لفئة 15-19 عاما فقد تراجعت النسبة 8% لتستقر على 39 ولادة لكل الف امرأة وهو رقم قياسي ايض، وتراجعت الولادات لدى النساء في فئة 25-30 عاما بنسبة 6% ولدى فئة 30 الى 40 عاما 2%، وفي حين طال التراجع غالبية الولايات الاميركية (42 من اصل 50) وكل الفئات الاتنية فان التراجع كان اكبر لدى النساء من اصل اميركي لاتيني (-9 %) والسود (-4%) والبيض (-3%)، وقال واضعو الدراسة "من غير الممكن تحديد اسباب تراجع الولادات من خلال الارقام فقط"، لذا قارن الباحثون بين استنتاجاتهم وما ورد في استطلاع للرأي نشرت نتائجه العام الماضي مؤسسة "بيو" التي افادت ان التراجع في الولادات تزامن مع تدهور الاقتصاد الاميركي الذي بدأ العام 2007 مع ازمة الرهن العقاري والازمة المالية 2008، وشددت دراسة "بيو" على "الرابط القوي" بين التبدل في اعداد الولادات وتراجع المؤشرات الاقتصادية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/آيار/2011 - 14/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م