ليس لدينا شيعة

عبد الواحد ناصر البحراني

خلال زيارته لأبوظبي يوم الأحد (15-5-2011) للتباحث في الدعوة الخليجية الموجهة للمغرب للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، أجاب الطيب الفاسي الفهري على سؤال حول العلاقات مع إيران فأجاب بما يلي: " قطعنا العلاقات مع إيران منذ سنتين تقريبا بعد محاولاتها للتدخل في شؤوننا، فالمغرب بلد موحد دينيا وشعبيا، وليس لدينا شيعة ".

في الحقيقة فإننا نفهم رغبة المغرب في عدم تدخل أي دولة في شؤونه أياً كانت هذه الدولة، لكن أن يقحم الوزير المغربي الموضوع الطائفي في تصريحه السياسي فهذا ينمّ عن أزمة حقيقية يعيشها العقل العربي.

فوزير الخارجية المغربي والذي يفترض فيه الدبلوماسية والعقلانية في الطرح لا يعرف أن مئات الآلاف من الشيعة يعيشون في منطقة الخليج العربي الذي سوف تنضم إليه المغرب. ولم نسمع يوماً أن السعودية أو الكويت أو الإمارات وحتى البحرين التي تعيش حالة من الانتفاضة الشعبية هي دول مهددة بالانقسام لمجرد وجود الشيعة فيها.

وإذا كان هذا الوزير لم يقرأ التاريخ جيداً فنحن نحيله إلى التاريخ القريب حيث حمى شيعة الكويت على سبيل المثال أرضها من الغزو الصدامي وضحوا بأرواحهم في سبيل تحريرها وشكلوا نواة المقاومة الكويتية أما في البحرين التي يؤيد الوزير موقف حكومتها ضدّ شعبها فإن المواطنين الشيعة وهم الأغلبية كانوا قد رفضوا الانضمام لدولة شاه إيران في الاستفتاء الذي قامت به بريطانيا أيام احتلالها للبحرين وطالبوا بالاستقلال (وليس الانفصال).

وأنا أسأل سعادة الوزير الفهري عن دولة الأدارسة التي يفتخر بها أهل المغرب العربي هل كانوا من الشيعة أم من السنة؟ ألا تعدّ هذه الدولة أول دولة شيعية في التاريخ وتعود نسبتها إلى مؤسسها إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الذي هرب مع مولاه راشد إلى مصر ثم إلى المغرب الأقصى بعيدًا عن أيدي العباسيين؛ وذلك بعدما تمكّن العباسيون من القضاء على ثورة الحسين بن علي بن الحسن في معركة فخ؟

 وبعد التفكير مليّاً في سبب هذا التصريح فأنا لا أجد تفسيراً إلا أنه كان محاولة من الفهري لمغازلة بعض الجهات الطائفية في دول أخرى لإثبات أن انضمام المغرب لمجلس التعاون هو الخيار السليم. أو قد يكون هذا الوزير قد فهم أن مجلس التعاون الخليجي هو فقط للسنة؟ فإذا كان هذا تفكير من يعتبرون أنفسهم ساسة ومفكرين فماذا تركنا للجهلة؟

وإذا افترضنا خلو المغرب من الشيعة فأنا أتمنى من السيد الوزير الإجابة عن التفجير الإرهابي الذي استهدف مراكش مؤخراً؟ ألم يكن هذا العمل الإجرامي من فعل التيار السلفي (السني) كما صرّحت الحكومة المغربية ذاتها؟

إننا ندعو الفهري إلى تغيير نظارته الطائفية واستبدالها بأخرى تتيح له رؤية الحقيقة. فليس كل الشيعة إيرانيين. ونرجو أن ينتبه الوزير إلى حدود بلده الجنوبية ويعالج مشكلته في الصحراء مع (البوليساريو) وأن يجد فرصاً للعمل لشباب المغرب قبل أن يتغنى بوحدة المغرب الشعبية ويتهجم على طائفة من المسلمين فهذا ليس من الحكمة ولا من الإنصاف.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/آيار/2011 - 14/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م