نوافذ الألم والأمل

في أبيات الآل والأهل

د. نضير الخزرجي

حفل القرن التاسع عشر الميلادي بالكثير من الصدمات السياسية والصدامات العسكرية والنكسات الإقتصادية، كان الشرق بخاصة والعالم العربي والإسلامي بخاصة في قلب هذه الحوادث، لأنها المنطقة الأغنى إقتصاديا في العالم والأضعف استراتيجيا على حد سواء، ناهيك عن العقيدة، ولهذا كانت قد سحبت آثارها على مساحة زمانية ومكانية في القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين، وكان لتلاطم تيارات القرن التاسع عشر الهجري أذياله في حوادث هامة ولاسيما "حركة المشروطة" في إيران و"الحركة الدستورية" في تركيا، الدولتان اللتان كانتا تمثلان العالم الإسلامي بشقيه الشيعي والسني، وتلت ذلك الهجمة الإحتلالية للعالم الغربي للعالم الشرقي ونشوب حربين عالميتين مدمرتين.

ولأن التيار السياسي في هذا البلد أو ذاك هو نتيجة حتمية، مباشرة أو غير مباشرة، لتدافعات ثقافية ومخاضات أدبية، فإن الأدب التحرري الداعي إلى تلمس طريق الحرية ولفظ رموز الإستبداد كان حاضرا بقوة في التحولات السياسية، ولاسيما وأن دوره في كل الحوادث الكبيرة والصغيرة دور خطير، وهو أشبه بملح الطعام، فالأمة تتذوق طعم الحرية بتذوق الأدب وتفاعلاته، وبخاصة الأدب المنظوم الذي يمثل أفضل وسيلة دفاعية وهجومية على حد سواء في تحشيد الأمة وتأليبها على عدوها.

وإذا كان الأدب المنظوم نابع من واقعة تحررية تتمثل في حركتها خلاص الأمة، فإن حركة الأدب ستكون ذات إتجاهات متنوعة يصعب على الآخر مواجهتها أو تهيئة العدة لها، ولا أوضح من النهضة الحسينية حركة تحررية حيث برز في كربلاء المقدسة عام 61 للهجرة جيش العبودية كله إلى جيش التحرر كله، فانتصر التحرر وخابت جيوش الظلم وإن بدا أن الثاني غلب الأول جسداً، لكن القيم ومثل الخير والتحرر والخلاص بقيت كشجرة علياء أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين.

ولأن الأدب الحسيني على الدوام هو مصدر قلق للحكومات الظالمة، ولاسيما الأدب المنظوم منه، ففي السياق نفسه هو مصدر سهام الظالم، فيحارب الأديب جسديا بعلج حالم أو معنويا بشاعر هائم، فيعمد الشاعر من أجل تجنب حراب السلطة إلى الاستغراق في واقعة كربلاء مجليا حوادثها وجزئياتها، لكن الصورة التي يقدمها والمشاهد التي يستعرضها وهو يسلط بقعة ضوء هنا وهناك، تحمل معها لقاحات التحرر، فالنفس البشرية مطبوعة على حب الحرية وكره الظلم، لأن التحرر لا هوية له كما هو الظلم لا دين له، فيتأثر الإنسان من أي دين أو مذهب أو ملة لمأساة تقع هنا أو حادثة مؤلمة تقع هناك، فكيف وأن حدث استشهاد سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين(ع) بكت له السماء والأرض، فإنها لاشك موضع تقدير كل أبناء البشر أبيضهم وأسود عالمهم وجاهلهم شرقيهم وغربيهم.

فلا غرو أن تجد الشعراء الَّذين وثَّقهم المحقق الكرباسي في الجزء الثاني من كتاب "ديوان القرن الثالث عشر" الهجري الصادر حديثا (2011م) عن المركز الحسيني للدراسات في 433 صفحة من القطع الوزيري، قد تسالموا على تناول النهضة الحسينية من زوايا مختلفة  تتحد في ظاهرة وباطنة في محور الإلتحاق بقوافل الأحرار والتنكب عن درب الأشرار.

كوّة الفرج

ولا خلاف أن القصائد وبخاصة ذات الجنبة الإجتماعية والسياسية تحكي عن واقع الحال عن قريب أو بعيد، ولهذا تعتبر القصيدة مصدر إلهام لرجال التاريخ يحطون من خلالها على وقائع غائمة احتفظت بها كتب السير والتاريخ، ولما كان الشاعر يعيش المرحلة ومحكوما بظروف اجتماعية وسياسية قد تحكم عليه بعدم البوح عن كل ما يجيش في صدره، فإنه في بعض الظروف العصيبة يتوجه بشعره إلى مخاطبة المهدي المخلص ومحادثته في محاولة غير معلنة للتخلص من قيود السلطة الحاكمة، وهذه المناجاة تحمل معها في الوقت نفسه فكرة الخلاص من الواقع السيئ، كون الاستنجاد بالمهدي المنتظر المولود في سامراء بالعراق سنة 255هـ عملية فطرية لا تختص بالمسلم دون غيره، فالكل يبحث عن المخلِّص من مؤمنهم أو ملحدهم وإن اختلفت الأسماء والمسميات، ولكن المؤدى واحد بلحاظ عالمية الظلم الذي لا يميز بين بني البشر.

من هنا فإن القصائد التي يتناولها الجزء الثاني من ديوان القرن الثالث عشر الهجري الواقع في الفترة الميلادية (1786- 1883م) فيها مؤشرات غير قليلة تؤرخ لمراحل زمانية نفهم من خلال نوافذ أبياتها من صدورها أو أعجازها الظرف العصيب الذي تعيشه الأمة في بلد الناظم أو الشاعر، صحيح أن الشاعر يستنهض المخلِّص للأخذ بثارات الإمام الحسين(ع) الذي قُتل مظلوما، ولكن الصحيح أيضا أن الشاعر على لسان الأمة يستنجد بالمخلِّص للظهور والإنتصار للأمة، لأن عملية الثأر في المدلول الإسلامي هو إقامة الحق والإنتصاف للمظلوم والأخذ على يد الظالم، فالثأر في ثقافة المهدي المنتظر هو ملء الأرض قسطاً وعدلاً وهو مطلب الإنسانية جمعاء.

وفي هذا المقام يقول الشاعر أحمد بن حسن القفطان المتوفى سنة 1293هـ:

فدَيتُكَ عجِّلْ بالظهورِ فإنَّنا *** بذُلٍّ من الأعدا نُقاسي الشَّدائدا

برايات نصرٍ في جنودٍ تَقَلَّدتْ *** بِشُهبٍ رَمَتْ مهما تطرَّق ماردا

والبيتان من قصيدة في 48 بيتا بعنوان "الطلول الهوامدُ" من بحر الطويل ومطلعها:

أتسألُ عَنْ مَيّ طُلولاً هوامدا *** ألمْ تَعلَمِ الأطلالُ صُمًّا جلامدا

أو قول الشاعر عبد الله بن علي الوايل المتوفى عام 1300هـ:

يا غائباً حكمَ الزمانُ بِحَجْبِهِ *** عنَّا أفِدنا من لقائكَ عِيدا

عَظُمَ البَلا بَرِحَ الخَفا كُشِفَ الغِطا *** ضاقَ الفَضا مَلَكَ الشَّقيُّ سعيدا

وإليكَ يا فرَجَ الإله المُشتكى *** فلقَدْ أطَلْنا في الهوانِ قُعُودا

والأبيات من قصيدة في 32 بيتا بعنوان "ويكتسي الإسلامُ عزًّا"" من بحر الكامل ومطلعها:

ما بالُ شخصِكَ لمْ يَزَلْ مفقودا *** ناءٍ وتُشْمِتُ مُبغِضاً وَحَسودا

وضمّن الشاعر في قصيدته فحوى "دعاء الفرج" المشهور الذي يُقرأ للتفريج عن الهم والغم والكربات، جاء في أوله: (اِلهي عَظُمَ الْبَلاءُ وَبَرِحَ الْخَفاءُ وَانْكَشَفَ الْغِطاءُ وَانْقَطَعَ الرَّجاءُ وَضاقَتِ الاْرْضُ وَمُنِعَتِ السَّماءُ واَنْتَ الْمُسْتَعانُ وَاِلَيْكَ الْمُشْتَكى وَعَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ فِى الشِّدَّةِ وَالرَّخاَّءِ ..) مفاتيح الجنان: 131.

فالإنتصار للحق وأخذ الثأر يكون بنشر مبادئ الخير والمحبة وإشاعة السلام بين الأمم لا التغني بالدم، كما أن الإنتصار للنبي محمد(ص) ومودة أهل بيته(ع) هو مدعاة لسلوك الطريق القويم الذي فيه رضى الرب وصلاح الناس، وكما يقول الشاعر المصري الشافعي شهاب الدين محمد بن إسماعيل المصري (1210- 1274هـ) من بحر الطويل:

مودَّتُهُم فرضٌ علينا وحُبُّهمْ *** يُقامُ به ما كان من ديننا اعوَجَّا

وناهيك بالسبط الشهيدِ الذي غدا *** لمقتله عرشُ البسيطةِ مُرتجَّا

حسينُ ابنُ بنتِ الهاشميِّ محمدٍ *** نبيِّ الهدى مَنْ شرَّع العجَّ والشَّجًا

شآبيب الشيب

ولأن المصاب أعظم من أن تتحمله الجبال الرواسي، فإنَّه طالما ضرب بالشيب مثلا على عظم المصاب الذي حلّ بالفرد أو المجتمع، فصار الولدان من عصره شيبا والشباب شيوخا، مع أن الشيب دلالة على الخير كما في الأمثال (الشيب شعلة تشع منها لآلئ الحكمة) كتاب الحكمة العربية للعاملي: 161، فالشيب بصورة عامة دال على الحكمة والوقار، وفي ذلك قال الخليفة العباسي أبو المظفر المستنجد بالله يوسف بن محمد المقتفي (512- 566هـ) من بحر الخفيف كما جاء في سير أعلام النبلاء: 20/413:

عيَّرَتني بالشيب وهْوَ وَقَارُ *** ليتها عيَّرَت بما هُوَ عَارُ

إن تكن شابت الذَّوائبَ منِّي *** فالليالي تزيُّنها الأقمارُ

وقد أبدع الأديب العراقي الحاج محمد حسن الشيخ علي الكتبي (1912- 1978م) في كتابه "الشيبُ والشباب في الأدب العربي" الصادر عام 1972م في تناول الشيب والشباب في القرآن والسنة والأدب العربي، حيث وضعنا في جو الشيب والمشيب في صورها المختلفة، ولعل أبلغ الصور كما جاء في قصائد الشعراء في ديوان القرن الثالث عشر الهجري للعلامة الكرباسي هي صور المأساة والمعاناة وتقلب الزمان وغدر اللئام، وفي ذلك يقول الشاعر هاشم بن حردان الكعبي المتوفى عام 1231هـ في رثاء الإمام الحسين(ع):

فكمْ للقلب من وَجدٍ وحُزنٍ *** وكَمْ للطرَّف من دمعٍ سكوبِ

ونفسٌ حشوُ أحشاها همومٌ *** يَشيبُ لها الفتى قبلَ المشيبِ

والبيتان من قصيدة في 55 بيتا من بحر الوافر بعنوان "خطيب بالأسنَّة والمواضي" ومطلعها:

أهاجَ حشاكَ للشادي الطروبِ *** قريرِ العينِ في الغُصنِ الرَّطيبِ

وإذا كان الفتى يشيب من هول المصاب، فإن بعض المصاب يشيب منه الطفل، وهذا ما يصوره لنا الشاعر عبد الله بن علي الوايل المتوفى عام 1300هـ وهو يحاكي مشهد مجيء جواد الإمام الحسين(ع) إلى النساء والأطفال خالٍ من فارسه:

ولَمْ أنسَ الفواطمَ مُذْ أُبينَتْ *** منَ الفسطاط والهةَ القلوبِ

عشيَّةَ جاءهُنَّ المُهرُ ينعى *** إليها خيرَ مفقودٍ حبيبِ

فأمَّتْ نحوهُ فرأيْنَ خَطْباً *** لرأسِ الطفلِ يقضي بالمشيبِ

والأبيات من قصيدة في 104 أبيات من بحر الوافر بعنوان "أغثنا بالقيام" ومطلعها:

إلامَ تُطيلُ في هبةِ الوُثُوبِ *** بغابكَ مُستجنًّا في المغيبِ

تقلبات الدهر

ليس من الحكمة أن يثق المرء بالزمان فهو متقلب مع تقلب الوقائع والحوادث، فالحكمة أن يقف المرء على الحياة ومفرداتها وإنسانها، لأن: "العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس" كما يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع)، تحف العقول: 356، ثم أن مَنْ نام عن الدنيا ومقالبها لم تنم عليه، فالأيام دول، وليس من واجه الحياة كمن تقمص النعامة في دسّها لرأسها في التراب.

فالدنيا هي الدنيا ولكن الرجال يختلفون من زمان ومكان وهم محط الغدر أو الوفاء، وحينما نرمي الزمان أو الدهر بالغدر فإنما هو من باب: (وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) سورة يوسف: 82، أو: (وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ) سورة الأعراف: 163، فالحق ورجاله يتمثلون في كل زمان ومكان وكذا الأمر مع الباطل ورجاله، يبقى الصواب في معرفة الحق والباطل وتجنب الوقوع في الشبهات حتى نتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الحقيقة، وقد كانت واقعة كربلاء عام 61هـ وما حلَّ بإمام البشرية الحسين بن علي(ع) أظهر الصور في تقلبات الدهر، من هنا يقول الشاعر أحمد بن محمد العطار المتوفى عام 1215هـ من بحر البسيط في ذمِّ الزمان والتحذير من الحياة الفانية وهو يتعرض لواقعة كربلاء:

لا تأمَنِ الدَّهرَ إنَّ الغدْرَ شيمتُهُ *** وخَفْضَ قدْرِ أولي العَلْياءِ هِمَّتُهُ

ولأن المصائب تأتي دون استئذان، فإن الشاعر والكاتب العباسي أبو عثمان سعيد بن حُميد الكاتب البغدادي المتوفى سنة 250هـ يقول من مجزوء الكامل مؤكدا على الصبر، لأن الصبر خاتمته الفلاح:

لا تعتبنَّ على النوائبْ *** فالدهر يُرغم كل عاتبْ

واصبرْ على حَدَثانه *** إنَّ الأسودَ لها عواقبْ

كَمْ نعمةٍ مطويَّةٍ *** لكَ بين أثناء النَّوائبْ

ومسرَّة قد أقبلتْ *** من حيث تنتظرُ المصائبْ

(شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1/320)

وحيث لا يوم كيوم الحسين(ع) في كربلاء حيث قتل مذبوحا بين أبنائه وإخوانه وأبناء عمومته وأصحابه المجدَّلين على الأرض، ونساء الرسول(ص) تعرَّضن للسبي بأيدي دعاة الإسلام، فإن الشاعر مهدي محمد بن الحسن القزويني المتوفى سنة 1300هـ لا يرى بُداً من القول من الطويل:

مُصابٌ يُعيد الحزنَ غَضًّا كما بدَا *** قضى أن يكونَ النَّوْحُ للناسِ سَرْمَدَا

وما أنتجَتْ أُمُّ الرزايا بفادحٍ *** بمثل الذي في كربلا قد تَوَلَّدَا

فالمصاب عنده متجدد، ولم يقفز على دائرة الصواب فيما أنشأ وأنشد، لأن حلبة الصراع بين جنود الخير والشر لازالت قائمة، وتدور ما دارت الأفلاك.

خير الزاد

من ميزات أجزاء دائرة المعارف الحسينية ذات القيمة المعرفية هي مجموعة الفهارس المتنوعة التي تختلف عدد أبوابها وعناوينها حسب نوعية الباب الذي يبحث فيه الجزء من أدب أو تاريخ أو عمارة أو سيرة وغير ذلك، والدكتور الكرباسي في الفهارس المختلفة إنما يؤسس لمنهاج معرفي يسهل للباحث والقارئ على حد سواء عملية الوقوف على المعلومة المطلوبة، لأن الفهارس في واقعها معاجم في أكثر من ثلاثين بابا.

وضم الجزء الثاني من ديوان القرن الثالث عشر الهجري العشرات من الشعراء الذين نظموا في النهضة الحسينية وهم على التوالي مع سنوات وفياتهم:

إبراهيم يحيى الطيبي (1214هـ) (لبنان)، أحمد حسن الدمستاني (1240هـ) (البحرين)، أحمد حسن القفطان (1293هـ) (العراق)، أحمد صادق الفحام (1274هـ) (العراق)، أحمد كاظم الرشتي (1295هـ) (العراق)، أحمد محمد الصفار (ق 13هـ) (العراق)، أحمد محمد العطار (1215هـ) (العراق)، جعفر مهدي القزويني (1298هـ) (العراق)، حسين الحاج نجف (1251هـ) (العراق)، حسين محمد آل عصفور (1216هـ) (البحرين)، حمّادي مهدي الكواز (1283هـ) (العراق)، سالم محمد علي الطريحي (1293هـ) (العراق)، سليمان (الكبير) بن داود المزيدي (1211هـ) (العراق)، شريف فلاح الكاظمي (1220هـ) (العراق)، صالح مهدي الكواز (1290هـ) (العراق)، عبد الباقي سليمان العمري (1278هـ) (العراق)، عبد الحسين أحمد شكر (1285هـ) (العراق)، عبد الحسين محمد علي الأعسم (1247هـ) (العراق)، عبد الرحمن عبد الله الآلوسي (1284هـ) (العراق)، عبد الله بن علي الوايل (1300هـ) (المنطقة الشرقية)، علي بن أبي الحسن الرضا ( قبل1297هـ) (العراق)، قاسم محمد علي الهر (1276هـ) (العراق)، لطف الله علي الجدحفصي (1201هـ) (البحرين)، محمد (شهاب الدين) بن إسماعيل المصري (1274هـ) (مصر)، محمد إدريس مطر الحلي (1247هـ) (العراق)، محمد بن مال الله (إبن معصوم) القطيفي (1269هـ) (المنطقة الشرقية)، محمد علي بن محمد آل كمونه (1282هـ) (العراق)، مهدي داود الحلي (1289هـ) (العراق)، مهدي محمد بن الحسن القزويني (1300هـ) (العراق)، مهدي مرتضى بحر العلوم (1212هـ) (العراق)، موسى جعفر الطالقاني (1298هـ) (العراق)، موسى شريف محيي الدين (1281هـ) (العراق)، وهاشم حردان الكعبي (1231هـ) (إيران).

ومن مجموع 66 قصيدة ومقطوعة وبيت استأثر الشاعر الجزيري عبد الله بن علي الوايل- المولود في مدينة الهفوف بالأحساء والمتوفي في مدينة سيهات بالقطيف- بالعدد الأكبر حيث له 8 قصائد، يليه الشاعر العراقي عبد الحسين بن محمد علي الأعسم المتوفى في النجف الأشرف وله 6 قصائد، ويليهما الشاعران محمد بن مال الله (ابن معصوم) القطيفي المتوفى في كربلاء المقدسة والشاعر محمد علي بن محمد آل كمونة المتوفى في كربلاء المقدسة ولكل منهما 4 قصائد.

في الواقع أن القصائد وإن قيلت في القرن التاسع عشر الميلادي لكنها حيّة بمضامينها المتجددة في كل عصر ومصر، ولذلك فإن رئيس دائرة اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب بجامعة القدس في مدينة القدس الشريف الدكتور مشهور عبد الرحمن الحبازي الذي قدّم قراءة أدبية لهذا الديوان، يرى بضرورة الإهتمام بسيرة الأحرار وعظماء الأمة: (وتقديمها للنشء العربي والإسلامي، وبخاصة في هذه الأيام العصيبة التي يعيشها العرب والمسلمون حيث تتكالب عليهم الأمم)، ومن هؤلاء العظماء: (سيرة الإمام الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن أبيه) وهي: (سيرة وثيقة الصلة بسيرة رسولنا الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه –وآله- وسلم)، وهذه السيرة كما يؤكد الدكتور الحبازي: (جديرة بأن تُدوَّن كل لحظة من لحظاتها لتقدّم إلى الجيل الناشئ هذه الأيام، فتكون خير زاد ومورد يرده ويتزوده منه بما يعينه على أن يعيش الحياة التي عاشها الحسين، رضي الله عنه، حياة الإيمان والثبات والدعوة بالتي هي أحسن إلى الصراط المستقيم).

ويعتقد الجامعي الفلسطيني الدكتور مشهور الحبازي أن الموسوعة الحسينية التي: (يتولى كتابتها وتدوينها الدكتور العلامة الشيخ محمد صادق الكرباسي المتعمق في مناحي المعرفة والعلوم والفنون التي أبدعها الحسين بن علي رضي الله عنه ... قدّمت للباحث والكتاب وطلبة العلوم مادّة علمية أكاديمية دقيقة ومحقَّقة).

 ولا مشاحة أن هذا الديوان يأتي كجزء من إفرازات النهضة الحسينية في جانبها الأدبي الذي ينشد تذوق الأدب الرفيع والتأدب بأخلاق أرباب الإصلاح الداعين إلى القيم الفطرية والمثل الإنسانية.

* باحث وجامعي عراقي- الرأي الآخر للدراسات بلندن

alrayalakhar@hotmail.co.uk

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/آيار/2011 - 13/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م