الحروب بين التقديس والتدنيس

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: باتت ثقافة الحروب في بعض الدول من اهم التعاليم التي يحصل عليها خلال تنشئته، بل واصبحت من الضروريات التي لايمكن الاستغناء عنها بعد ربطها بالوطنية والقومية و...الخ، والغريب في الامر ان الكل يتفق ان الحروب من اقذر الامور التي مارستها البشرية فيما بينها على مر العصور والتي ذهب ضحيتها الملايين من البشر (50 مليون انسان خلال الحرب العالمية الثانية فقط) بشكل مباشر ام غير مباشر.

وكما هو معلوم فأن حتى من ربح الحرب بجانبها العسكري فهو خسران من الجوانب الاخرى لما يتعرض له اثناء الحرب من خسائر بشرية ومادية هائلة، فهي خسارة في جميع الاحوال، لكن مع هذا تجد ان كبار الزعماء والقاده والمستفيدين يعملون بخلاف ذلك، وكان الحرب وارواح الملايين من البشر بمثابة لعبة بين ايديهم يطلقونها متى ماارادو.

توني يلير وغزو العراق

فقد دافع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بحماسة عن صوابية الحرب التي شنتها بريطانيا في عهده الى جانب الولايات المتحدة على صدام حسين، فيما ندد ب"اذية" ايران معربا في الوقت نفسه ولاول مرة عن اسفه "للخسائر في الارواح البشرية"، في ثاني مثول له امام لجنة تحقيق في غزو العراق، وجاء التعبير عن الاسف في وقت متاخر، بعد اربع ساعات من المناقشات التقنية الشاقة التي نقلها التلفزيون في بث مباشر، وبعدما سأل رئيس اللجنة السير جون شيلكوت رئيس الوزراء العمالي بين 1997 و2007 ان كان لديه ما يود اضافته.وكان بلير اعلن ردا على السؤال نفسه في مثوله الاول امام اللجنة في كانون الثاني/يناير 2010 انه لا يشعر ب"اي اسف"، مثيرا موجة انتقادات حادة، غير انه صحح موقفه هذه المرة فرد "اود ان اقول بوضوح انني بالطبع آسف بصدق في اعماقي للخسائر في الارواح البشرية في صفوف قواتنا المسلحة وقوات دول اخرى، وفي صفوف مدنيين جاؤوا لمساعدة العراقيين والعراقيين انفسهم". بحسب فرانس برس.

وصاح على الفور العديد من ممثلي الضحايا الجالسين على المقاعد المخصصة للجمهور "فات الاوان"، وهتفت روز جنتل والدة احد الجنود البريطانيين ال179 الذين سقطوا في العراق ان "اكاذيبك قتلت ابني، آمل ان تتمكن من معايشة هذا الامر"، وقد استدعي بلير للمرة الثانية امام اللجنة "لاستيضاح" ردود ادلى بها في الجلسة الاولى، وبعد مضي عام، بدت نبرة المحققين الخمسة المكلفين القاء الضوء على الالتزام العسكري البريطاني في العراق اقل تجردا بقليل فيما لم تبد اجوبة بلير قاطعة كما كانت خلال الجلسة الاولى، غير ان رئيس الوزراء السابق بقي متمسكا بحججه، واثقا من صوابية قراره خوض الحرب، ولو انه لم يقدم اي عناصر جديدة تدعم موقفه، كما انه بقي على رفضه السماح بنشر مراسلاته "الشديدة الخصوصية" مع الرئيس الاميركي السابق جورج بوش، فيما اوضح السير شيلكوت المؤيد لرفع السرية عنها ان نشر هذه الوثائق كان سمح بتوضيح "رؤية بلير" وعلاقاته مع بوش خلال الفترة التي اتفقا فيها على "تغيير النظام" في العراق، وتغطي هذه الرسائل بصورة خاصة قمة بين بوش وبلير جرت في مزرعة الرئيس الاميركي السابق في تكساس في نيسان/ابريل 2002 قبل 11 شهرا من اجتياح العراق، وفي مذكرة وجهها الى مستشاره جوناثان باول ونشر نصها، يدعو بلير الى تبني نهج "ناري" حيال صدام حسين.

وكما في الجلسة الاولى، دارت المناقشات حول ثلاثة اسئلة اساسية، هل كانت الحرب مشروعة في غياب قرار صريح من الامم المتحدة؟ وهل تعمد بلير تضليل الراي العام بشان اسلحة الدمار الشامل التي اتهم العراق بحيازتها وشكلت ذريعة لغزو هذا البلد بدون ان يعثر عليها يوما؟ وما كانت حقيقة اصطفاف توني بلير حيال مواقف المحافظين الجدد الاميركيين؟، وكان بلير دافع قبل عام "بدون اسف" عن "صوابية قراره" اطاحة "المسخ صدام" بقوة السلاح، وان كانت حججه ضد "الديكتاتور" بقيت على تشددها، الا ان خطابه بات مضبوطا اكثر في تعابيره، وعن سبب ابقاء مراسلاته سرية، قال بلير ان "المذكرات (الموجهة) الى الرئيس بوش كانت شديدة الخصوصية، لقد كتبت في وقت كنت اسعى لاحداث تغيير او تعديل في السياسة ويفترض ان تكون سرية"، واوضح انها "متوافقة بشكل اساسي مع الكلام الذي صدر عني علنا"، وفي المقابل، صعد النبرة ضد ايران فندد ب"اذيتها" واتهمها ب"تشجيع الارهاب" وزعزعة الاستقرار في الشرق الاوسط، مشيرا الى عدم تحقيق الرئيس الاميركي باراك اوباما اي نتائج جراء انتهاجه سياسة اليد المدودة الى طهران، وقال بلير "اقضي معظم وقتي في المنطقة، وارى تاثير ايران ونفوذها في كل مكان، انها مؤذية ومزعزة للاستقرار وتدعم المجموعات الارهابية وتفعل كل ما بوسعها لعرقلة التقدم في عملية السلام في الشرق الاوسط"، وتابع "الواقع انها تتصرف على هذا النحو لانها على خلاف جوهري مع نمط عيشنا وستواصل هذا النهج ما لم تصطدم بالتصميم المناسب وان لزم الامر بالقوة".

معاناة الجنود البريطانيين

بدورها حذرت جمعيات خيرية للعناية بقدامى المحاربين في المملكة المتحدة من ان عدد الجنود البريطانيين العائدين من أفغانستان الذين خضعوا للعلاج من مشاكل في الصحة العقلية، وصل الى أعلى مستوياته منذ الغزو عام 2001، ويذكر ان نسبة كبيرة من هؤلاء الجنود لجأت الى التداوي الذاتي باستخدام الكحول أو المخدرات وأصبحت بلا مأوى أو تورطت في مشاكل جنائية وصدرت بحقهم عقوبات سجن، كما ان نحو 600 جندي بريطاني خدموا في العراق وأفغانستان طلبوا مساعدة الجمعية الخيرية للعناية بالجنود السابقين (كومبات ستريس) للعلاج من اضطرابات نفسية على الرغم من ان الحرب بدأت في البلدين منذ أقل من 10 سنوات، لكن العدد الحقيقي من المرجح ان يكون أعلى من ذلك بكثير لأن متوسط الوقت المستغرق لظهور اضطرابات ما بعد الصدمة لدى الجنود هو 14 عام، وكانت (كومبات ستريس) أعلنت ان 56 جندياً بريطانياً خدموا في أفغانستان و143 جندياً خدموا في العراق اتصلوا بها العام الماضي لطلب المساعدة، لكن عدد الجنود الذين يتلقون العلاج من اضطرابات نفسية عن طريق الجمعية الخيرية ارتفع الى 129 جندياً خدموا في أفغانستان و460 جندياً خدموا في العراق، وبحسب أرقام وزارتي العدل والدفاع البريطانيتين التي قدّرت ان هناك نحو 2500 جندي بريطاني سابق في السجون الآن، أي ما يعادل %3.5 من نزلاء السجون في انجلترا وويلز، علماً ان الجمعية الوطنية لموظفي مراقبة سلوك المحتجزين اقترحت بأن هناك 8500 جندي بريطاني من قدامى المحاربين في الحجز العسكري، و1200 آخرين تحت المراقبة أو العفو المشروط. بحسب يونايتد برس.

كما عرض جندي بريطاني سابق أوسمة شجاعة حصل عليها بعد الخدمة في العراق للبيع للمساعدة في اعالة أسرته، يذكر ان الجندي راين كوبينغ يأمل الحصول على 20 ألف جنيه استرليني، أي ما يعادل 31 ألف دولار، من وراء بيع أوسمة الشجاعة ومن بينها وسام الصليب العسكري، كما ان كوبينغ كان تلقى وسام الصليب العسكري في قصر باكنغهام، المقر الرسمي لملكة بريطانيا اليزابيث الثانية، عام 2007 تكريماً لقيامه بالمخاطرة بحياته لانقاذ زملائه في البصرة عام 2006، ونسب الى كوبينغ الذي خدم في الكتيبة الأولى من فوج أميرة ويلز الملكي قوله انه «يريد حياة أكثر سعادة ولا ينظر الى الأوسمة كقطع نقدية، لكنه اذا لم يقم ببيعها فسيلجأ فرد آخر من عائلته الى بيعها مع مرور الوقت»، واضاف «لدي ابنة من علاقة سابقة وفواتير تستحق الدفع، وأريد فقط ان أعيش حياة أكثر سعادة مع اسرتي»، وسيعرض مزاد سوذبي وسط لندن أوسمة كوبينغ للبيع في الثلاثين من نوفمبر الجاري. 

على صعيد متصل اعتذر الجيش البريطاني مؤخراً عن ابلاغه قرابة 40 جنديا خدموا فيه لفترة طويلة بقرار انتهاء خدمتهم العسكرية عن طريق البريد الالكتروني، وقالت صحيفة صن البريطانية ان 38 ضابطا معينا بينهم ضابط أرسل للخدمة في أفغانستان أبلغوا بأن عقودهم ستلغى بسبب خفض في ميزانية الدفاع، وقال جندي شارك في خمس مناطق حرب وأبلغ بقرار فصله عبر البريد الالكتروني "كان بدون مبرر ونحن مشمئزون"، وأضاف "ليس هذا بالامر الجيد، بعد خمس جولات من الخدمة وأبلغ بطردي عبر البريد الالكتروني"، وأضافت الصحيفة أن جنديا اخر يخدم حاليا في أفغانستان أبلغ بانتهاء خدمته العسكرية بنفس الطريقة، وسيتم خفض ميزانية وزارة الدفاع البريطانية التي تبلغ 36.9 مليار دولار بنسبة 8 في المئة على مدى السنوات الاربع المقبلة بينما تكافح الحكومة البريطانية لاحتواء عجز قياسي في الميزانية في وقت السلم وصل الى نحو 10 في المئة من الناتج القومي، وسيتم تقليل عدد أفراد الجيش بمقدار نحو سبعة الاف جندي ليصل عددهم الى 95 ألف جندي في اطار توفير النفقات، وذكرت وسائل اعلام بريطانية أن ما يصل الى مئة طيار مدرب سيفصلون من القوات الجوية الملكية وستبدأ أجهزة أخرى في تقليل النفقات. بحسب رويترز.

وأعطت رسائل البريد الالكتروني التي أرسلت للجنود مهلة لمدة 12 شهرا وقالت الوزارة البريطانية ان الجنود سيتلقون مساعدة لتدريبهم على الحياة المدنية، وقال متحدث باسم الجيش في رسالة بالبريد الالكتروني لمنظمات اخبارية "نعتذر عن الازعاج الذي سببه هذا الامر، "وأضاف "تحدث القادة الضباط الان مع الجنود المعنيين لضمان حصولهم على النصح والدعم الضروريين"، وقال جيم ميرفي وهو متحدث دفاعي باسم حزب العمال المعارض ان اجراءات الطرد تمت بطريقة باردة وقاسية وغير انسانية.وأضاف "ليس هذا أسلوب لمعاملة رجال ونساء خدموا بلدهم دون خوف لسنوات عديدة"، من الخطأ ابلاغ أي شخص بفصله عن طريق البريد الالكتروني، ان طرد أفراد قواتنا المسلحة بهذه الطريقة لا يمكن التسامح معه، ويعمل الجنود الذين استكمل كل منهم أكثر من 22 عاما في الخدمة العسكرية مع الجيش بنظام العقود.

الامم المتحدة وحماية المواطنيين

من جهة اخرى يقول المحللون أنه يمكن لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تحسين أدائها في حماية المدنيين إذا تم توضيح الأدوار والأولويات وزيادة الدعم السياسي وتعزيز الموارد وتطوير استراتيجية للحماية الشاملة، وفي هذا الإطار، قال هنري بوشوف، رئيس برنامج بعثات السلام في معهد الدراسات الأمنية في بريتوريا أن "بعثات الأمم المتحدة تفتقر في الكثير من الأحيان إلى القيادة والإرادة السياسية لتنفيذ ولاية الحماية الخاصة بها، كما أنها لا تحظى بتعاون الدول المضيفة وتفتقر للأساليب الجيدة لجمع المعلومات الاستخباراتية ولاستعداد البلدان المساهمة بقوات حفظ السلام لاستخدام القوة لحماية المدنيين"، وكانت دراسة نشرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وإدارة عمليات حفظ السلام في يناير 2010 تحت عنوان "حماية المدنيين في سياق عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، الإنجازات والانتكاسات والتحديات المستقبلية" قد أفادت أن بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تفتقر للتعريف والإدراك الواضحين لمفهوم حماية المدنيين فضلاً عن افتقارها لاستراتيجيات الحماية الشاملة لتنفيذ ولاياتها. بحسب شبكة ايرين.

كما يرى المحللون أن تحقيق قدر أكبر من التنسيق بين قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، والمتمثل إلى الآن بشكل رئيسي في تبادل المعلومات والخدمات اللوجستية، يشكل طريقة أخرى لضمان النجاح في حماية المدنيين، وفي هذا الإطار، قال داميان ليلي، من قسم الحماية والنزوح لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن "التنسيق على الصعيد الميداني لا يكون واضحاً دائماً، أما على صعيد المقار، فهناك فجوة كبيرة في السياسات والإرشاد لتقديم التوجيه لما أصبح جدلاً علاقة حيوية، والتي تقتصر حتى الآن بشكل رئيسي على التواجد جنباً إلى جنب بدلاً من الرغبة الحقيقية في تحقيق تنسيق أفضل"، ومن الأمثلة الناجحة على التعاون مثال بعثة الأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد (مينوركات) ومنظمات الأمم المتحدة التي تقدم العون في مجال تدريب قوات الشرطة على حماية المدنيين واللاجئين والنازحين والتي تجوب البلدات مشجعة على الإبلاغ عن حالات العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، وفي هذا السياق، قالت دلفين ماري، المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تشاد، أن "مساهمة قوات حفظ السلام في حماية المدنيين في تشاد كانت ولا تزال قيمة ونحن نثني على ما قدموه من دعم في مجال توصيل المساعدات الإنسانية"، لكن يبدو أنه غالباً ما يتم تجنب هذا الارتباط بين العاملين في المجال الإنساني وقوات حفظ السلام لأنه لا يتماشى مع المبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد والنزاهة والإنسانية.

وقال ليلي في إحدى المقالات أنه "يتم النظر إلى إلى قوات حفظ السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية على أنها أصبحت طرفاً في النزاع، وتعتقد العديد من المنظمات أن أي ارتباط معها يمكن أن يقوض حيادها في نظر الجماعات المسلحة ويعرض سلامة وأمن موظفيها للخطر ويحد من قدرتها على العمل بشكل مستقل للوصول إلى السكان المحتاجين للمساعدة"، وفي تقرير جديد تحت عنوان "الانخراط مع المجتمعات المحلية، التحدي المقبل لحفظ السلام"، قامت منظمة أوكسفام بالمملكة المتحدة، وهي منظمة غير حكومية، بدراسة البعثات في تشاد والسودان والكونغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ويقيم التقرير مبادرات محددة للحد من المخاطر مثل الخطوط الهاتفية الساخنة والدوريات التي تجوب الأسواق ومناطق جمع الحطب بالإضافة إلى القيام بعمليات مشتركة مع الوكالات المدنية والشرطة المحلية والقوات المسلحة واستخدام المترجمين للتواصل المجتمعي الذي بدأته قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في السنوات الماضية، ولاحظت منظمة أوكسفام أن خطوط الطوارئ التي تم استخدامها في تشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية كانت تستقبل رسائل مختلطة وأثبتت أنها لا تشكل نظاماً موثوقاً للإنذار المبكر، ففي الوقت الذي لاقت فيه هذه الخطوط ترحيباً عاماً، وجد المحللون أن ثقة قوات حفظ السلام في حصول الجميع على رقم الطوارئ لم تكن بمحلها، إذ لم يقم قادة المجتمعات المحلية بمشاركة الأرقام التي حصلوا عليها مع الآخرين.

بالإضافة إلى ذلك، تعاني المناطق الأكثر تعرضاً للخطر في الكثير من الأحيان من ضعف تغطية شبكة الهاتف المحمول كما لا تملك العديد من النساء هواتف خاصة بالإضافة إلى أن الهواتف هي أول ما يتم نهبه عند تعرض القرى لأي هجوم، وقال جورج أولا ديفيس، رئيس وحدة الإعلام في بعثة الأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد (مينوركات)، "أدركنا أنه بسبب حجم البلد وصعوبة الوصول إلى بعض مناطقه، فإنه في غالب الأحيان تكون الأمور قد حدثت خلال الوقت الذي نستغرقه للوصول إلى مكان حدوثه، ولذلك نحاول الآن تنفيذ إجراءات مختلفة للإنذار المبكر من شأنها أن تسمح لنا بتحسين حماية المدنيين"، ومن الجوانب الأخرى الذي قام تقرير منظمة أوكسفام بتسليط الضوء عليها أهمية الرصد المنتظم والإبلاغ عن أثر جهود الأمم المتحدة لتحسين حماية المدنيين، وفي هذا الصدد، قالت فاليري أموس، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في بيانها إلى مجلس الأمن في 22 نوفمبر 2010، "إننا بحاجة لتقييم مدى مساهمة جهودنا في جعل المدنيين أكثر أمناً وتقديم تقارير عن ذلك، كما أننا نخطط لوضع مؤشرات لرصد وتقديم تقارير منتظمة حول حماية المدنيين في الصراعات المسلحة"، وقال ليلي أن "بعثات حفظ السلام وضعت عدداً من تدابير الحماية مثل نشر قواعد مؤقتة ودوريات وخلايا إنذار مبكر وفرق حماية مشتركة عززت دور البعثات في حماية المدنيين، مع ذلك، تبقى هناك حاجة لنشر الممارسات الجيدة عبر مختلف البعثات لضمان اتباع نهج أكثر اتساقاً".

مقاتلون سابقون الى مهن اخرى

الى ذلك وفي سينكويرا، احدى القرى التي شهدت اكثر المعارك دموية في الحرب الاهلية في السلفادور بين العامين 1980 و1992، يعمل محاربون سابقون في مجال "السياحة الثورية" فيستعرضون ما خلفته الحرب مع السياح لكسب لقمة العيش، وفي المنتزه العام في هذه القرية البالغ عدد سكانها 1800 نسمة، والواقع على بعد 70 كليومترا شمال شرق العاصمة سان سلفادور، يقع الزوار على شواهد من تلك الحرب التي اسفرت عن 75 الف قتيل وسبعة الاف مفقود.ذيل مروحية للقوات الجوية السلفادورية اسقطها المتمردون في العام 1991 ما زال موجودا في المكان، تحيط به اسلحة رشاشة لم تعد صالحة للاستخدام من طراز ام-16 وأيه كي-47، وقد ابقى السكان على مثلث أعلى مدخل الكنيسة الكاثوليكية التي دمرها الجيش خلال الحرب قبل ان يعاد تشييدها في وقت لاحق، ووضعت مكان الاجراس هياكل اربع قذائف كبيرة كان قد تم تعطيله، كما ان جدران المنازل ما زالت تحتفظ برسومات تحيي ذكرى القتلى الذين سقطوا في النزاع، يقول بابلو الفارينغا "هذه الاثار العائدة للحرب تتيح للناس ان يطلعوا على المعاناة التي عشناه، الكثيرون من السياح اليوم يأتون ليشهدوا تاريخ هذا المكان، ونحن نروي لهم الاحداث، ويزورون الحديقة الثورية البيئية لأننا نحافظ على الغابة"، وقد اصبح هذا الرجل البالغ من العمر 72 عاما مؤرخ القرية، يروي احداث حرب انتزعت منه سبعة اشقاء وابناء، لكن ذلك لم يحل دون مواصلته العمل لمساندة ميليشيات جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني اليسارية، والتي هزمت نهائيا في العام 1992 بمساندة الولايات المتحدة، بعد ذلك تحولت الجبهة من العمل العسكري الى العمل السياسي، وفي اذار/مارس من العام 2009 تمكنت من ايصال مرشحها الصحافي السابق ماوريسيو فونيس الى سدة الرئاسة، ليكون بذلك اول يساري يعتلي هذا المنصب في البلاد منذ انتهاء الحرب الاهلية. بحسب فرانس برس.

وبمحاذاة القرية، تقع غابة سنكويرا، التي تعتني بها منذ العام 2001 جمعية لقدامى المحاربين في صفوف الميليشيات، حيث يقول فرانسيسكو رافايل هرنانديز (48 عاما) احد هؤلاء العاملين في الارشاد السياحي "خلال الحرب، انقذت الغابة حياتنا اذ كانت ملاذنا الآمن، واليوم نحن نرد لها هذا الجميل من خلال اعتنائنا بها"، وتلاقي الروايات التي يقصها هذا المحارب السابق نجاحا كبيرا لدى السياح الذين يجوبون معه طريقا بطول كيلومترين في هذا المنتزه البالغة مساحته خمسة الاف هكتار، ويقول "الناس يطلبون مني ان اضع كتابا اروي فيه قصصي، لكن هذا الامر يستغرق وقتا كثيرا"، يقصد هذه الحديقة سنويا عشرة آلاف سائح تقريبا، من السلفادور وخارجها، ويدفع الواحد منهم بين 25 سنتا وثلاثة دولارات للدخول اليها، وتعود هذه المبالغ لتسديد أجور المحاربين القدامى الذين باتوا اليوم مرشدين سياحيين، كما يذهب جزء من هذه المبالغ لتمويل مشاريع محلية، واضافة الى هذا المشروع، قام عدد من المقاتلين السابقين ايضا قبل اشهر بانشاء مصنع لصناعة الفاكهة المجففة بمساعدة اسبانية.

من جهة اخرى أعلن وزير التعليم البريطاني مايكل غوف عن خطط سيتم بموجبها تدريب الجنود البريطانيين السابقين ليصبحوا معلمين، بهدف نشر الانضباط في المدارس واستعادة هيبة واحترام وأهمية التعليم، وقالت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ان الحكومة تخطط الآن لتبني نظام يعرض على الجنود السابقين في القوات المسلحة البريطانية تدريبهم ليصبحوا مدرسين وتغطية نفقات الدورة، واضافت ان الحكومة ستعمل مع الجامعات البريطانية على انشاء مسار محدد في التدريس خاص بالجنود السابقين الذين يملكون الخبرة المناسبة لكنهم يفتقدون الى المؤهلات المطلوبة. 

أخطر المناطق في العالم

حيث اعتبرت أمريكا الوسطى أكثر خطرا من بعض مناطق الحرب في العالم، حسب المحللين الأمنيين، وأعلن جنرال أمريكي أن المثلث المؤلف من هندوراس وغواتيمالا والسلفادور أصبح يشكل أحد المناطق الأكثر دموية في الكوكب بسبب اعمال العنف الناجمة عن تهريب المخدرات التي تنتشر في هذه المنطقة، وقال الجنرال دوغلاس فريزر، قائد القيادة الجنوبية في الجيش الاميركي، أن هذه المنطقة بأمريكا الوسطى التي تقع في جنوب المكسيك "أصبحت الأكثر دموية في العالم اذا استثنينا مناطق الحرب مثل العراق او افغانستان"، وحسب الجنرال فرايزر، الذي استند إلى أرقام الأمم المتحدة، فقد سقط في العام 2010 ما مجموعه 14 شخصا قتلى من اصل مئة الف نسمة في العراق بسبب أعمال عنف. ويرتفع هذا العدد في هندوراس إلى 77 وفي السلفادور إلى 71 وفي غواتيمالا الى 48، وأوضح المسؤول العسكري الأمريكي قائلا، إن أمريكا الوسطى والمكسيك "محاصرتان بعصابات ومنظمات إجرامية ومهربي مخدرات يعملون في ظل افلات شبه تام من العقاب"، وأشار إلى وجود ما بين 45 الى 80 مليون قطعة سلاح في المنطقة وهو رقم "ناجم عما تبقى من حروب اهلية مختلفة ونزاعات وقعت لسنوات عدة" في المنطقة. بحسب فرانس برس.

مجزرة ستالين

من جهته وافق البرلمان الروسي مبدئيا على اعلان ينص على ان الدكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين امر شخصيا بتنفيذ مجزرة كاتين التي قتل فيها الاف الضباط البولنديين خلال الحرب العالمية الثانية، يذكر ان مجلس النواب الروسي (الدوما) وافق على نص يضع حدا لسنوات عديدة من التردد الرسمي بالاعتراف بان ستالين والقيادة السوفياتية امرت بقتل الاف الضباط البولنديين عام 1940، وقال الاعلان ان "المواد التي بقيت على مدى سنين عديدة حبيسة الارشيف السري ونشرت الان، تظهر حجم هذه الماساة الفظيعة، وليس ذلك فحسب بل انها تظهر ان جريمة كاتين ارتكبت باوامر مباشرة من ستالين وعدد من القادة السوفيات"، وجرى الاتفاق على نص الاعلان في الجلسة السنوية الصاخبة للدوما رغم المعارضة الشديدة من الحزب الشيوعي الذي يحظى باقلية في المجلس، حيث اصر العديد من اعضاؤه على ان النازيين هم من ارتكبوا تلك المجزرة. بحسب وكالة الانباء الروسية.

ونقل عن كونستانتين كوساشيف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الدوما قوله في موقع "روسيا المتحدة" الحاكم ان "الاعلان مهم تاريخيا"، وكان الاتحاد السوفياتي القى بمسؤولية مجرزة كاتين على النازيين في البداية، الا ان الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشيف اقر بالمسؤولية السوفياتية عن المجزرة قبل انهيار الاتحاد السوفياتي في 1990، ونادرا ما كانت هذه المسالة تطفو على السطح، ولم يتم تسليط الاضواء عليها الا بعد حادث تحطم طائرة الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي في العاشر من نيسان/ابريل الذي اعاد التقارب بين روسيا وبولندا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/آيار/2011 - 12/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م