دور الإعلام في دعم الأسرة

اليوم الدولي للأسرة

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: تؤكد الوقائع أهمية الاسرة، ودورها الاساس في تطوير العادات والتقاليد والأنشطة المتعددة في مجالات الاجتماع والاقتصاد وحركة المجتمع بصورة عامة، وتمثل الاسرة اللّبنة الأهم في البناء المجتمعي، إذ يعتمد تطور المجتمع على مدى النجاح الذي تحققه الأسرة، من حيث الجانب الانتاجي أو السلوكي الثقافي، ونتيجة لهذه الاهمية الكبيرة والواضحة، خصصت الامم المتحدة يوما عالميا للاحتفال بالاسر، صدر عام 1993 للتأكيد على أهمية الاسرة كمؤسسة فاعلة تدخل في تشكيل المجتمعات، وتحدد درجة نجاحها وتطورها.

ومع أننا نتفق على أن هذه الاهمية المعطاة للأسرة، تستدعي تعاون الجميع، حكوميون وأهليون، لتحقيق الرعاية الامثل لهذه المؤسسة الاجتماعية، إلا أننا سنركّز في هذه الكلمة على دور الاعلام في تعزيز قدرات الاسرة من خلال نشر الاساليب والمهارات والافكار التي تمكن الاسر من أداء واجباتها الذاتية والمجتمعية في آن.

إن الأسرة كما نتفق تتشكل من عدة أفراد، تتوزع فئاتهم على مراحل عمرية متباينة، فمن أعضائها الأطفال والمراهقين والكهول والشيوخ أيضا، بمعنى أننا يمكن أن نجد في عائلة واحدة كل هذه الفئات العمرية، وهذا يتطلب تعاملا إعلاميا يتواءم مع مستوى الوعي وطبيعة الشخصية التي يتوجه إليها المضمون الاعلامي بأنواعه المعروفة (مرئي، مسموع، مقروء)، لكي تترك المضامين الاعلامية أثرها المناسب على الفرد وعلى الاسرة بأكملها.

إن تجربة الاعلام المجتمعي في الامم المتطورة أثبتت بأنها تنطوي على تأثير مباشر في بناء الاسرة، وفي تطوير مواهبها، وتوجيهها نحو المسارات الفاعلة، والقادرة على بناء مجتمع متطور ومنتج في آن، ولنا في التجربة الصينية مثالا معاصرا، حيث أسهمت الاسرة في بناء الاقتصاد الصيني بوضوح، ويُطلق عليها مصطلح الأسر المنتجة من خلال نشاطها الانتاجي الذي يتم في محل إقامة الاسرة أو بيتها، بمعنى أن أفراد الاسرة غير مضطرين لمغادرة البيت الى المعامل والمصانع الكبيرة من اجل الاسهام بدفع الاقتصاد الصيني خطوة الى أمام، بل يمكن لهذه الأسر أن تسهم بالعملية الانتاجية في محل إقامتها، ولم يتشكل هذا النمط الانتاجي من دون توفير العوامل المساعدة لتحقيقه، ومن بين أهم هذه العوامل دور الاعلام المساعد للاسر في نشر الانتاج الأسري.

هذه التجربة وغيرها تدفعنا، نحن المنتمون الى مجتمعات لاتزال لا تعرف قيمة الاسرة، للبحث عن وسائل وأساليب جديدة لبث روح المشاركة لدى أعضاء الاسرة، ويكون دور الاعلام في هذا المجال حيويا إن لم يكن أسياسيا أو محوريا.

إن ما تقدمه المنظمات التي تتخصص بتطوير الاسرة في مجتمعاتنا العربية والاسلامية يكاد يكون محدودا، وينسحب هذا القول على الجهات والمنظمات التابعة للدولة او الحكومة، وإذا أضفنا الى ذلك ضعف الدور الاعلامي الحكومي والاهلي في تسليط الضوء على أهمية الاسرة، وقلة طرح البرامج والخطوات الانتاجية، وعدم إشاعة أنماط سلوكية إجتماعية تسمح بزيادة الانتاج الاسري وما شابه، فإننا نستطيع أن نصل الى اسباب فشل الاسرة، في القيام بالدور المخصص لها، او الملقى على عاتقها، أو إشاعة نوع من السلوكيات التي تحوّل الاسرة من حالة السكون والحيادية، الى حالة التفاعل الحيوي المنتج على الأصعدة كافة.

إن خطورة الأسرة كمؤسسة إجتماعية إنتاجية مصغّرة، تكمن في أنها تمثل الخلية الحيوية التي تدخل في بناء المجتمع كهيكل قائم على تقارب وتفاعل وتداخل الأنشطة الأسرية المتنوعة، وكلما كان النشاط الاسري منظما وقائما على التخطيط المسبق، كلما كانت النتائج المنعكسة عن ذلك تصب في صالح المجتمع، وهذا الامر لن يتحقق بغياب الدور الاعلامي الصحيح والمطلوب في هذا المجال.

لذا لابد للاعلام الحكومي والمستقل، أن يعرف أهمية دوره في دعم الاسرة ومساعدتها على اداء دورها بنجاح، ويمكن أن يتم ذلك من خلال:

- عرض التجارب الاسرية الناجحة للمجتمعات المتطورة عبر وسائل الاعلام المختلفة، وفق برامج منتظمة تستهدف الوسط الأسري في مجتمعاتنا.

- العمل على تنبيه وحث الجهات الرسمية والاهلية المعنية، بتطوير الأسرة للقيام بدورها كما يجب.

- التركيز على نقاط الخلل، وتوضيح جوانب التقصير الحكومي والاهلي في هذا المجال.

- التحرك المباشر نحو الاسرة، وسحبها الى مضمار الانتاج الفعلي ومحاولة تمثّل تجربة الانتاج المنزلي لدى المجتمعات الاخرى.

- الحث على تقديم القروض الميسرة للمشاريع الانتاجية ذات الطابع الاسري، وفق ضوابط لا تثقل كاهل الدولة، ولا كاهل الاسرة في آن.

- نشر المفاهيم الاجتماعية والانتاجية الناجحة بين الوسط الاسري.

- دعم العلاقات الاسرية بي أفراد الاسرة نفسها، من خلال إعلام نشط يصل الى المحيط الاسري بالمعلومات والتجارب المفيدة في هذا الصدد.

- التعاون بين مؤسسات الاعلام والمسؤولين، وبين الجهات الممثلة للأسر من أجل تحقيق تعاون مثمر يساعد الاسرة على التطور اجتماعيا واقتصاديا.

بطبيعة الحال هذه الخطوات تتطلب جهودا مشتركة بين الاعلام والجهات الحكومية والاهلية المعنية، بالاضافة الى ممثلي المحيط الاسري، لكي تصبح هذه الخطوات قابلة للتطبيق والتفعيل، ثم الوصول الى نتائج مثمرة.

يُحتفل باليوم الدولي للأسر في الخامس عشر من أيار/مايو من كل عام. وقد أعلنت الأمم المتحدة هذا اليوم بموجب قرار الجمعية العامة (A/RES/47/237) الصادر عام 1993، ويراد لهذا اليوم أن يعكس الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي للأسر. ويتيح اليوم الدولي الفرصة لتعزيز الوعي بالمسائل المتعلقة بالأسر وزيادة المعرفة بالعمليات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية المؤثرة فيها.

وإذ تلاحظ أيضا أن الأحكام المتعلقة بالأسرة في نتائج المؤتمرات الرئيسية ومؤتمرات القمة التي عقدتها لأمم المتحدة في التسعينات وعمليات متابعتها لاتزال توجه السياسات المتعلقة بسبل تعزيز العناصر المركزة على الأسرة في السياسات والبرامج بوصفها جزءا من نهج شامل ومتكامل حيال التنمية.

ونظمت سلسلة من المناسبات التثقيفية احتفالا بيوم الأمم المتحدة الدولي للأسر، بما فيها الأيام الوطنية للأسرة. وأتاح الاحتفال بذلك اليوم في العديد من البلدان الفرصة لإبراز مجالات مختلفة مهمة تهم الأسرة. وشملت الأنشطة المبذولة عقد حلقات عمل ومؤتمرات وبرامج إذاعية وتلفزيونية ومقالات في الصحف وبرامج ثقافية أبرزت المواضيع ذات الصلة.

ويراد لهذا اليوم أن يعكس الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي للأسر. ويتيح اليوم الدولي الفرصة لتعزيز الوعي بالمسائل المتعلقة بالأسر وزيادة المعرفة بالعمليات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية المؤثرة فيها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 11/آيار/2011 - 7/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م